من هيفاء وهبي... إلى أسامة بن لادن!

مهند حبيب السماوي

مُقلق، إلى حد كبير، أمر تلك الشريحة من العرب المسلمين المستغرقين في حياة تافهة سطحية مغموسة بفشل علمي صارخ يتَجسد ويتمثل، بشكل جلي وواضح، في سلوكياته وتصرفاته التي تصدر منه، بصورة متعمدة، حينما يتخذ موقفاً من الإحداث التي تتدفق متسارعة في عالمنا اليوم.

فإزاء الحدث " العالمي بامتياز" الذي حصل يوم الاثنين 2-5-2011 حينما أعلن الرئيس اوباما مقتل زعيم تنظيم القاعدة الهارب منذ سنوات عديدة أسامة بن لادن، لم يخرج سلوك هذه الشريحة من الشباب العربي من السمة الغرائبية التي تحيط افقه وتتحكم في مقدرات تفكيره واليات عمل الأسلوب الذي يسير عليه.

حيث لاحظت، وبشكل دقيق، كيف قام بعض الشباب، في مواقع الشبكة العنكبوتية وعلى حسابتهم أو مواقعهم الخاصة على شبكاتها المتنوعة مثل الفيسبوك والمنتديات، بتغيير صورة " بروفايل " موقعه من صورة هيفاء وهبي أو نانسي عجرم أو عمر ذياب إلى صورة أسامة بن لادن!.

وقام نموذج أخر من الشباب أو الشابات في المنتديات على الشبكة العنكبوتية برثاء بن لادن والترحم عليه ومنحه أوصاف" أسطورية وخيالية"، وفي أثناء هذا الفعل كان هذا الشاب يضع صورة بن لادن مع الصورة الأساسية لصاحب التعليق التي هي صورة مطرب أو مطربة عربية بشكل مثير للسخرية والاستغراب أيضاً.

تحويل صورة موقع شاب عربي من صورة مطرب إلى صورة أسامة بن لادن فعل لايجب أن نتغافل عنه ولا بأس أن نقف ولو قليلاً عنده، خصوصاً ونحن أمام سلوك يعيش صاحبه حالة ارتباك عقلي واضح يعكس الوضع الذي آل إليه حال هذا الجيل المأزوم الذي يمثل ظاهرة موجودة في العالم العربي.

من هنا نجد أن الصورة لم تتحول من صورة مطرب في موقع شخص ما إلى صورة بن لادن على نحو الخطأ والسهو، بل قام هذا الشاب بتغييرها وهو على وعي كامل، وان كان مزيف، بان " بن لادن " بطل وشهيد وشخصية رائعة يمكن أن تكون، وفقاً للاستنتاج المنطقي، مثال أعلى له في حياته.

مأزق هذا الشاب يتجسد، لكل أسف، في عدم معرفته بحقيقة وقوعه فريسة لحالة يكون فيها الإنسان جامعاً للتناقضات والأضداد المختلفة. وهذا واضح حينما يجمع هذا الشاب بين صورة " هيفاء وهبي" و" أسامة بن لادن" في سياق واحد غير مُدرك أن " هيفاء " في قوانين بن لادن وطغمته المتوحشة " فاسقة وفاجرة وكافرة وتستحق القتل"... ومن جهة مقابلة نرى أن بن لادن "إرهابي وقاتل ووحشي" من وجهة نظر هيفاء وهبي وأمثالها.

بل الأمر أنكى من ذلك.. أن هذا الشاب مُصنف كــ" كافر وفاسق وملعون" في فكر أسامة بن لادن ويستحق القتل، بل لعله كان من المرجح أن يُقتل أو يُذبح وتذهب حياته بـصورة " عشوائية ولا معقولية" في إحدى تفجيرات جماعة وإتباع بن لادن الذين يعيثون فسادا ودمارا وإحراقا في أماكن مختلفة في العالم العربي والإسلامي الذي ابتلي بهم وبأمثالهم.

هل يُدرك الشاب العربي هذا التناقض في السلوك ويعي ما يقوم به من تصرف يُعد ضربا من اللامعقول؟

وكيف أضحى ها التناقض سمة وصفة بارزة لتفكيره؟

وأخيراً... أي أزمة يعيشها هذا الشاب وأي محددات وشروط وعوامل أفضت إلى هكذا نوع من التفكير؟

هذا التفكير الذي يؤدي الى رثاء شخص مسؤول عن قتل الاف الارواح فضلا عن تدمير سمعة امة ودين كامل!

هذه الأسئلة المركبة نطرحها على طاولة المختصين والباحثين الذي يهمهم مستقبل شباب هذه الأمة المظلم... وعليهم أن يجيبوا عليها ويضعون الحلول لمشكلاتها قبل أن يأتي زمن لا يكون هنالك أي فرصة ولا مجال للتغيير!.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 10/آيار/2011 - 6/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م