تربية الطفل.. صياغات جديدة وأساليب معاصرة

إطلالة على فكر الفقيه الشيرازي

اعداد: مؤسسة الفقيه الشيرازي الثقافية

 

شبكة النبأ: هذه الأيام تحل علينا الذكرى الثالثة لرحيل الفقيه الفقيد آية الله السيد محمد رضا الشيرازي (اعلى الله درجاته)، هذا الرحيل الذي خلف فجوة كبيرة في النفوس واثر حزن لاينقضي ولا يندثر، فقد كان تأثير الفقيه الشيرازي كبيرا على الكثير من الناس مما احدث تغييرا عميقا في سلوكيات فئات كثيرة في المجتمع خصوصا في القضايا التربوية والاجتماعية، فالفقيه المقدس ارسى منهجا تربويا واخلاقيا مزج بين التوجيه الاخلاقي والرؤية العلمية المعاصرة، مستندا على اساليب التسامح والعفو واللاعنف، وهو منهج فريد متميز ومبدع تثبت الايام مدى حاجة المجتمعات المتأزمة اليه.

هذه الموضوع الذي اعدته مؤسسة الفقيه الشيرازي الثقافية يلقي الضوء على احد الجوانب المهمة في منهج تربية الطفل:

من المزايا التي تتحلى بها طروحات ومؤلفات الفقيه المقدس، آية الله السيد محمد رضا الشيرازي (أعلى الله درجاته)، هي حالة التنوع والتعامل مع كل ما يتعلق بحياة الانسان، بشقيها المادي والروحي معا.

لهذا نلاحظ تعدد البحوث في ميادين متنوعة، تخص الكبار والصغار، النساء والرجال، الشيوخ والشباب، وهكذا نجد هذه الثنائية تتوافر في معظم الافكار، التي يطرحها الفقيه الشيرازي في مؤلفاته، ناهيك عن تعدد وتنوع وتباين المواضيع، التي يناقشها بإسلوب رصين، تحكمه الأدلة والاسانيد والحجج الداعمة، بالاضافة الى بساطة التركيب اللغوي الذي لا يصعب فهمه من قبل الكثير.

وعندما نتحدث عن الأفكار التي يطرحها الفقيه الشيرازي بخصوص الاطفال، وأساليب التربية المعاصرة لهم، فإننا سنعثر على ضالتنا في هذا الميدان، حيث يقدم لنا الفقيه الشيرازي مجموعة متكاملة ومتعاضدة من الافكار التي تسند بعضها البعض، وكلها تصب في السبل والاساليب السليمة التي ينبغي أن يتعامل بها المجتمع مع الاطفال.

وتبدأ هذه الطروحات الفكرية من المحيط الاجتماعي الاول، الذي ينشأ فيه الطفل وهو المحيط العائلي، الأب والأم وأفراد العائلة، ومع تنامي مدارك الطفولة، وازدياد الوعي واتساع المحيط، يقدم الفقيه الشيرازي رؤيته بصدد التعامل مع الطفل، وقد أكد في معظم بحوثه ومحاضراته الخاصة بتربية الاطفال، على فشل إسلوب القسر والجبرية في التعامل العائلي مع الطفل، وأكد على ضرورة تجنب العنف بصورة قطعية، في تربية الطفل، وأعطى الفقيه الشيرازي أمثلة حية على النتائج الكارثية التي ستحل بالطفل، في حالة اعتماد العنف كطريقة في تنشئة الاطفال، وبيّن المساوئ الكبيرة التي ينطوي عليها مثل هذا النهج الخاطئ.

ومن المرتكزات الاساسية التي اعتمدها الفقيه الشيرازي، في طروحاته بشأن تربية الاطفال، هو ضرورة منحهم حرية التفكير، وفتح الآفاق الواسعة أمام مداركهم، ومحاولة فهمهم من لدن أبويهم ومحيطهم العائلي، بل أكد الفقيه الشيرازي على ضرورة أن يتنبّه الأب والام الى الجوانب التي يتميز بها طفلهما عن أقرانه، ويجب فهمها وتنميتها بالاتجاه الصحيح، لأنها تمثل نقطة التميّز للطفل عن غيره.

وأشار الفقيه الشيرازي في معظم طروحاته، بهذا الشأن، الى الخطر الكبير الذي يتولد عن الاسلوب التربوي الخاطئ للطفل، فهو قد يؤدي الى قتل روح المبادرة في أعماقه، وربما يغير مسار حياته، الى ماهو أسوأ من أقرانه بكثير، وهنا تكمن مسؤولية المحيط الاول حيال الطفل.

 وشبّه الفقيه الشيرازي هذا الامر، بالنبتة التي تُزرع في ساعاتها وأيامها الاولى، وطبيعة المراعاة التي تتلقاها في السقي والتربة وما شابه، هكذا هو الطفل، نبتة صغيرة قد تعيش معافاة مثمرة، وقد تموت، أو قد تعيش جدباء لاتثمر، ولا تفيد الحياة بأي شيء.

وفي مجال آخر أكد الفقيه الشيرازي، على الخطورة الكبرى التي تنطوي عليها أساليب العنف، وأورد أمثلة أكدت على أن استخدام العنف الأهوج والمفرط مع الاطفال، لايمكن أن يؤدي الى نتائج تريح الأب أو الام، أو المجتمع عموما، فإذا لم ينكسر الطفل أو يموت، فإنه سوف يفقد مواهبه كافة، في خدمة المجتمع، وسوف يتحول الى عبء كبير على العائلة والمجتمع، كما أن خطر الانحراف سوف يداهمه في كل حين، الامر الذي قد يجعل منه مجرما قاتلا ومؤذيا لمحيطه ومجتمع.

لهذا السبب، فإن الحكمة والتخطيط التربوي السليم، هو الذي ينبغي أن يتصدر الطرائق التربوية المعتمدة في تنشئة الطفل، ما عدا ذلك وكما يقول الفقيه الشيرازي، علينا أن لا نتوقع من العنف والقوة، ما يصب في الصالح الفردي أو العام.

 وهناك ضوابط ينبغي أن يفهمها الابوان في التعامل مع أطفالهما، وأهمها بل وفي صدارتها عدم اللجوء الى العنف في أي حال من الاحوال، لأن الطفل صفحة بيضاء نستطيع أن نخط فيها ما نشاء، وينبغي أن نراعي براءة الطفولة، ونحمي مواهب اطفالنا ونطورها، كونها رصيدنا المستقبلي في بناء المجتمع الاسلامي الأمثل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 5/آيار/2011 - 2/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م