القارة السمراء... مارد هرم يكابر للبقاء

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: تعتبر افريقيا احدى اروع القارات التي تشكل الكرة الارضية، بسهولها وهضابها ومحيطها وطبيعتها الخلابة وتنوعها البيئي والنباتي والحيواني الجذاب، لتكون قارة خضراء الملامح بسكان غالبيتهم الساحقة من ذوي البشرة السمراء، تجمعهم مع اختلاف ثقافاتهم ودياناتهم وعاداتهم وتقاليدهم حولها ومنذ ان وجد الانسان على سطح البسيطة.

والمشكلة الكبرى التي تعانى منها هذه القارة المظلومة تتجلى في الفقر والتخلف المزمن الذي تعاني منه افريقي، حتى اصبحت المعاناة والحرمان والجوع والمرض، صفات لاتفارقها على مر العصور والدهور، والغريب ان هذه القارة تمتلك من الموارد الطبيعية والبشرية مايؤهلها ان تكون من القارات المتقدمة وتصبح دولها في مصافي الدول المنعمة اقتصادياً والمتقدمة صناعياً وخدمياً بدلاً من ان تكون على رأس الدول التي تعاني الجوع والازمات.

بعد ان نالت دول افريقيا حريتها من نير الاستعمار وتخلصت نهائياً من الاستعباد والتبعية، مازالت تعاني عدم استقرار سياسي في اغلب الانظمة الحاكمة في دول افريقي، اضف الى ذلك كثرة التمرد والانقلابات العسكرية التي تحدث في بعض الدول مرة او مرتين خلال العام الواحد، ويرجع السبب في عدم الاستقرار السياسي والتدهور الاقتصادي الذي تعاني منه افريقيا الى عدة عوامل، يذكر منها عدم وضع خطة محكمة لاستثمار الموارد بالشكل الصحيح والأستئثار بالسلطة والفساد الاداري والمالي في مؤسساتها وغيرها العديد من العوامل.   

الغذاء والانتخابات يهددان افريقيا

فقد قالت مسؤولة من البنك الدولي ان ارتفاع أسعار الغذاء يضر بسكان المدن في افريقيا الان بدرجة أكبر مما كان عليه الحال في عام 2008 ويشكل تحديا خطيرا لبعض زعماء المنطقة الذين يواجهون انتخابات هذا العام، ويفيد مؤشر البنك الدولي لاسعار الغذاء ان صناع القرار على مستوى العالم يكافحون ارتفاع أسعار الغذاء التي زادت حاليا 36 بالمئة عن مستواها في مثل هذا الوقت من العام الماضي واقتربت من ذروتها المسجلة في 2008، وقالت كارين بروكس مديرة القطاع الزراعي بافريقيا في البنك الدولي مشيرة الى تزايد الضغوط على تكاليف القمح والذرة "هذه المرة لان ارتفاع الاسعار على نطاق أوسع ولانه يشمل أسعار الوقود كذلك فان الاثر يتعلق بدرجة أكبر بسكان الحضر". بحسب رويترز.

واضافت "كما يأتي في وقت تشهد فيه عدة دول افريقية انتخابات لذلك يأتي هذا في سياق سياسي ما يجعله تحديا كبيرا تواجهه الحكومات"، وأدى ارتفاع أسعار الغذاء في 2008 الى احتجاجات عنيفة في أغلب أرجاء افريقي، وعاد المحتجون الى شوارع بعض العواصم في حين من المنتظر اجراء انتخابات تتسم بالتوترات في وقت لاحق هذا العام في الكاميرون وليبيريا والكونجو الديمقراطية ودول أخرى، وقالت بروكس ان البنك قلق بشكل خاص بشأن الوضع في أوغندا حيث انتقد معارضون ارتفاع الاسعار ونظموا مظاهرات بعضها تحول الى العنف، وأضافت "ليس على النطاق الذي نراه في شمال افريقيا لكن هناك مخاوف كبيرة للغاية".

ويذكر انه في أعقاب أزمة عام 2008 تعهد زعماء العالم في 2009 بتقديم نحو 20 مليار دولار لدعم الاستثمارات الزراعية في الدول الفقيرة ومحاربة الفقر، وقالت بروكس ان المستثمرين متحمسون بشأن الزراعة في افريقيا لكن القارة مازالت تتخلف في ذلك نتيجة مخاوف تتعلق بحقوق الارض والضرائب والاستقرار في حين تتدفق الاموال الخاصة على أمريكا اللاتينية ووسط أسي، وتعهد زعماء افريقيا بتخصيص عشرة بالمئة من ميزانيات الزراعة في اطار جهودهم لسد النقص في الاستثمارات، لكن بروكس قالت ان النتائج كانت متباينة، واضافت "قطعت التزامات كبيرة لكن كان من الصعب للغاية على المانحين تنفيذ هذه التعهدات في ظل الازمة المالية".

فائدة النفط في تشاد

من جهتها لم تستفد تشاد، التي تعتبر من اكثر بلدان افريقيا فقرا والتي تنخرها النزاعات الداخلية، بشكل كاف من الثروة النفطية التي اكتشفت في جنوب البلاد ويتم استغلالها منذ 2003، وقد وعدت الدولة باستثمار (70%) من مواردها النفطية للحد من الفقر مقابل تمويل شركات دولية انبوبا لنقل النفط المستخرج من منطقة دوبا (450 كلم جنوب شرق نجامينا) على مسافة الف كلم عبر الكاميرون حتى خليج غيني، لكن في 2008 الغى البنك العالمي مساعداته التي كانت مقررة لانجاز بنى تحتية نفطية تشادية آخذا على نجامينا انها لم تحترم ما ابرمته معه من اتفاقيات، ومما يدل على شدة الفقر في البلاد، صنف مؤشر التنمية البشرية (اي.دي.اتش) تشاد سنة 2010 في المرتبة 163 من مجموع 169 بلدا، بينما اكد المعهد الدولي للابحاث حول التغذية (ايفبري) "مؤشر الجوع في العالم" في تقريره ان "مستوى الجوع" في البلاد "مثير جدا للقلق".

وقال وزير البنى التحتية عظوم يونوسومي ان "تشاد بدات تتلقى موارد (النفط) اعتبارا من 2004" مؤكدا ان عائدات البلاد التي تنتج معدل 120 الف برميل يوميا بلغت حتى الان ثلاثة الاف مليار فرنك افريقي (4،6 مليار يورو)، واكد الوزير ان بفضل هذه الموارد وسعت تشاد شبكتها من الطرقات من 300 كلم الى اكثر من الفين، كما زادت طرق مدنها بمقدار 300 كلم اضافية، وبعد ان كانت في البلاد "جامعة واحدة" اصبح لها خمس جامعات وستة معاهد تاهيل مع بناء "الفي فصل دراسي في السنة" ومستشفيات ومراكز صحية، ووعد الوزير ان تكون سنة 2012 سنة "انتهاء معاناة التشاديين" في مجال الكهرباء حيث يفترض ان تؤدي محطة جديدة الى وضع حد للانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي مؤكدا ان "النفط وفر لنا النمو"، وبفضل طرقها الجديدة تحسنت صورة العاصمة بلا شك غير ان "اسعار المواد الغذائية تضاعفت واحيانا ارتفعت ثلاثة اضعاف"، كما قال نقابي في القطاع النفطي مؤكدا ان "الاسعار ارتفعت كثيرا"، كما اعتبرت المحامية دلفين جيرايبي التي تعد من الشخصيات المرموقة في المجتمع المدني ان "شيئا لم يتغير في حياة التشاديين". بحسب فرانس برس.

واضافت مؤكدةً "وما زال الناس يموتون من الجوع وحمى المستنقعات والاسهال لان مياه الشرب غير متوفرة"، وعلقت بقولها "ان الطرق بنيت لمن يملكون سيارات" وان الكثير من اموال النفط انفقت في شراء "الاسلحة لضمان الامن" ومواجهة هجمات حركات التمرد، واكدت المحامية ان الرئيس ادريس ديبي الذي يحكم البلاد منذ 1990 ويتطلع الى ولاية رابعة اعتمد على الثروة النفطية لتجديد جيشه ومواجهة المتمردين الذي وصلوا في 2008 حتى بوابة قصره الرئاسي، وقال استاذ القانون العام جيلبير ماوندونوجي وهو ايضا من شخصيات المجتمع المدني المرموقة ان "انجاز بنى تحتية مدرسية ومراكز دراسية امر واضح، لكننا نفتقر الى من يشغلها"، وفعلا هناك عدة مباني جديدة لكنها خالية او غير مستعملة، وتساءلت جيرايبي "هل ما يتم انجازه مخصص للتشاديين او لنظهر للمجتمع الدولي اننا نحسن استعمال اموال النفط؟" آخذة على البنك الدولي انه "انتظر حتى فات الاوان" ودعت الى تنمية "ذات وجه انساني".

مبادرة باريس نيروبي

في سياق متصل تشكل القارة الافريقية خزانا لموارد الطاقة المتجددة، من رياح وشمس وانهار وطاقة حرارية ارضية، لكنها رغم ذلك تفتقر الى المشاريع اللازمة لاستغلال هذه الموارد، وقد اطلقت (70) دولة مؤخراً في باريس "مبادرة" لرصد مبالغ لهذا القطاع الأساسي في عملية التنمية، وهذه المبادرة من اقتراح من وزير البيئة الفرنسي السابق جان لوي بورلو ورئيس وزراء كينيا رايلا اودينغا، وأقرت رسميا بحضور وزراء ومسؤولين كبار من اكثر من ثلاثين بلدا افريقي، ونشأت الفكرة قبل عامين، بعدما اظهرت صور من الاقمار الصناعية القارة الاوروبية مشعة بالانوار، والقارة السمراء غارقة في بحر من الظلام، حيث هذا ما قاله اودينغا في افتتاح الاجتماع، ويذكر انه في افريقيا، تصل الكهرباء في المتوسط الى 30% من السكان، لا سيما على السواحل الشمالية وفي اقصى الجنوب.

وأشارت وزيرة البيئة الفرنسية ناتالي كوشيوسكو موريزيه الى ضرورة امداد القارة الافريقية "بالطاقة الحديثة والآمنة والنظيفة"، وقالت "ان ذلك شرط لبلوغ كل اهداف الالفية" التي حددتها الامم المتحدة في اطار مكافحة الفقر، وترمي "مبادرة باريس نيروبي" الى مساعدة الدول على اقامة مشاريع للطاقة النظيفة تكون قادرة على جذب الاستثمارات، ورأت الوزيرة الفرنسية ان افريقيا عالقة في حلقة مفرغة في الوقت الحالي اذ "لا توجد مشاريع كافية بسبب نقص التمويل، وطلبات التمويل ترفض لأن الممولين لا يثقون بنوعية هذه المشاريع"، واضافت "مبادرة باريس نيروبي تهدف الى كسر هذه الحلقة المفرغة"، وكانت الدول الغنية تعهدت خلال قمة كوبنهاغن حول المناخ في آخر العام 2009 برصد مبالغ تصل الى 100 مليار دولار سنويا بحلول العام 2020 لمساعدة الدول الأشد تأثرا على التكيف مع التغير المناخي واعتماد الطاقة النظيفة، وبحسب الوكالة الدولية للطاقة، ينبغي رصد 36 مليار دولار سنويا لتأمين حصول العالم على "الطاقة الحديثة" بحلول العام 2030، لكن أقل من 1% من مجموع الاستثمارات في مجال التكنولوجيا النظيفة في العالم يخصص لافريقيا. بحسب فرانس برس.

 وقال بيار رادان، احد واضعي "الكتاب الابيض" الذي قدم لجذب الاستثمارات "ان القارة الافريقية لديها أكبر الامكانيات في ما يتعلق بالطاقة المتجددة"، واضاف "الاولويات تكمن في الطاقة المائية ولديها موارد مهمة جدا، وطاقة الرياح على السواحل المطلة على الاطلسي، والطاقة الحرارية الارضية في الشرق، والطاقة الشمسية"، وتابع "لكن بالنسبة للمانحين، فإن استثمار الاموال في افريقيا لن يفيد في شيء، لأنهم يظنون أن كل هذه المشاريع ستفشل، يجب العمل على بناء الثقة" من خلال "تعزيز قدرات المجتمعات المحلية، والوزارات ومراكز البحوث، التي ما زالت ضعيفة بالمقارنة مع الحاجات"، غير ان مونيك باربو، رئيسة الصندوق العالمي للبيئة ومقره واشنطن، ترى ان بطء عملية إنماء الطاقة النظيفة في افريقيا مرده ايضا الى ان افريقيا "اكثر القارات انفاقا في دعم النفط"، وخاطبت باربو ممثلي الدول الافريقية قائلة "ينبغي مساعدتنا من خلال اجراءات ضريبية محفزة".ومن المقرر ان يعقد الاجتماع المقبل حول المبادرة في نيروبي في شباط/فبراير 2012.

خطة البنك الدولي في افريقيا

الى ذلك تركز خطة جديدة للبنك الدولي في افريقيا على خلق الوظائف وجعل الاقتصادات أكثر تنافسية والتصدي لمشكلات التغير المناخي والامراض ونقص الغذاء والصراعات، وقال البنك الذي يعمل على مكافحة الفقر ان استراتيجيته الجديدة يحركها الدور المتزايد للصين والهند والبرازيل في افريقيا ونمو الاستثمارات في القطاع الخاص في المنطقة، وأضاف البنك أن خطته الجديدة تشكل تحولا عن التركيز العام على الاستقرار الاقتصادي والعوامل الاساسية في الفترة السابقة، وقال ان الثورات في شمال افريقيا أظهرت الحاجة لمواجهة معدلات البطالة المرتفعة بين الشباب وبصفة خاصة لما بين سبعة وعشرة ملايين شاب يدخلون سوق العمل سنويا في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في افريقي، وقال البنك محذرا "من الواضح أن بطالة الشباب يمكن أن تزيد مخاطر الاضطرابات وربما مخاطر العنف اذا لم تعالج". بحسب رويترز.

وتبدو الاستراتيجية الجديدة للبنك متفائلة بشأن الافاق الاقتصادية لافريقيا والامكانات غير المستغلة للطبقة الوسطى الصاعدة، وقال البنك "نخلص الى أن افريقيا يمكن أن تكون مقبلة على انطلاقة اقتصادية مثلما كان الحال في الصين قبل 30 عاما والهند قبل 20 عاما"، وأشار البنك الى أن العائد على الاستثمار في أفريقيا من أعلى المعدلات في العالم وهناك زيادة في تدفق رؤوس الاموال الخاصة على البلدان الافريقية، لكنه قال ان العقبات الكبيرة التي تعترض زيادة الاستثمار تتمثل في الافتقار الى البنية التحتية الملائمة والعمالة الماهرة والظروف المواتية للاعمال، وقال البنك ان أولوياته تتمثل في الاصلاحات والاستثمارات العامة في المناطق ذات امكانات النمو الاعلى وتنمية العمالة الماهرة وتمكين المرأة ودعم البرامج التي تزيد التكامل بين الاقاليم، وأضاف أن أفريقيا لديها "فرصة غير مسبوقة للتحول والنمو المستدام" في 2011 لاربعة أسباب:

1.يبلغ النمو في 22 دولة على الاقل من الدول غير المصدرة للنفط أكثر من أربعة في المئة سنويا منذ 1998 ومن بينها موزامبيق وسيراليون وليبيريا وأوغندا التي تضررت اقتصاداتها في فترات سابقة من الحرب.

2.ساعدت السياسات الاقتصادية القوية المنطقة على التعافي سريعا من الركود الاقتصادي العالمي والازمة المالية.

3.يجتذب القطاع الخاص في أفريقيا مزيدا من الاستثمارات ويأتي معظم التمويل من البنوك المحلية والمستثمرين والباقي من الولايات المتحدة وأوروبا. ويخلق القطاع الخاص طبقة وسطى ناشئة من مئات الملايين من المستهلكين في أفريقيا.

4.استمرت الاصلاحات الداعمة للسوق والسياسات الاقتصادية الحصيفة رغم الازمة الاقتصادية العالمية والسياسات المتعارضة في مواطن أخرى.

لكن البنك الدولي قال ان أفريقيا لا تزال تواجه الفقر وتحديات تنموية أخرى، وأشار الى أن خمسة في المئة فقط من السكان المؤهلين التحقوا بجامعات ولا يزال الفساد مستشريا مع وجود تسعة دول افريقية من بين أكثر 17 دولة فسادا في العالم وفق أحد المؤشرات، ولم تستطع معظم الدول المصدرة للمعادن تحويل هذه الثروة الى نمو مستدام، وأعرب البنك عن قلقه من أن النمو والتوظيف ربما لن يكفيا احتياجات الناس الاشد فقرا الذين يعانون من ندرة الغذاء وسوء التغذية، كما أعرب عن قلقه من أن سياسات التقشف في الدول الغنية ربما تعني تراجع مستويات المساعدات رغم تعهدات الدول المانحة بأنها لا تنوي القيام بذلك، وقال البنك انه حتى قبل اندلاع الازمة المالية العالمية كانت تعهدات الدول الغنية بزيادة المساعدات المقدمة لافريقيا الى مثليها ينقصها نحو 20 مليار دولار بينما لم تحقق تعهدات دعم الاستثمارات الزراعية في الدول الاشد فقرا سوى جزء يسير من المبلغ المطلوب.

مطالب منظمة الفرنكفونية

من جهة اخرى دعا قادة ورؤساء حكومات الدول الفرنكفونية المجتمعون في مونترو (سويسرا) الى منح افريقيا مكانة اكبر في المحافل الدولية وخصوصا في مجلس الامن الدولي، وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لدى افتتاح القمة "هل يعقل انه لا يوجد اي عضو دائم في مجلس الامن من افريقي، مليار ساكن، وفي غضون 30 عاما ملياري ساكن بدون تمثيل دائم، هذه فضيحة"، ويوجد العديد من الافارقة بين قادة الدول والحكومات ال 38 المشاركين في القمة 13 للمنظمة الدولية للفرنكفونية، وقد جعل الرئيس الفرنسي من اصلاح الحوكمة العالمية احدى اولويات رئاسة بلاده لمجموعة الـ(20) ومجموعة الثماني على التوالي، ودعا الامين العام لمنظمة الفرنكفونية القادة الى جعل المنظمة اكثر من "مجرد منتدى لاطلاق الافكار النيرة".

كما دعا الى "مزيد من الديمقراطية في العلاقات الدولية والى علاقات متعددة الاطراف متوازنة وهو ما لم يعد متلائما مع تمثيل دوني لافريقيا في الهيئات التي تتخذ القرارات التي تعنيها مباشرة"، ولا تملك افريقيا التي تمثل دولها 27 بالمئة من اعضاء الامم المتحدة الا ثلاثة مقاعد غير دائمة في مجلس الامن الدولي، وفي 2005 تبنت البلدان الافريقية موقفا مشتركا يقوم على المطالبة بمقعدين دائمين في مجلس الامن، من جانبها، تطالب فرنسا بتوسيع تدريجي يبدأ بمنح البلدان الافريقية مقعدا واحد، وقال الرئيس السنغالي عبدالله واد خلال مؤتمر صحافي "يجب تصحيح خطأ تاريخي" ومنح "مقعد مع حق النقض" لافريقيا، مضيفا "يبدو لي هذا الامر اوليا تماما".وتطرقت رئيسة الاتحاد السويسري دوريس لوتار في خطابها الافتتاحي الى الامن الغذائي والتنوع البيولوجي والسلام. بحسب رويترز.

واعتبرت انه "ازاء هذه التحديات فان للفرنكفونية دورا تقوم به باعتبارها وعاء للحوار شمال جنوب بهدف تجاوز منطق المجموعات الاقليمية او السياسية"، وذكر رئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري ان "افريقيا تمثل اكثر من 50 بالمئة من المتكلمين باللغة الفرنسية" مضيفا ان "هذا يدعو الى منح مكانة اهم لافريقيا"، وكانت قضية الحوكمة العالمية مدار مشاورات مغلقة بين القادة، وجرت محادثات ثنائية وخصوصا بين الرئيس الفرنسي ورؤساء لبنان وجمهورية الكونغو الديموقراطية  وبوركينا فاسو ومالي، كما سيتم التطرق الى الامن في منطقة الساحل والصحراء والتصدي لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي الذي يحتجز منذ منتصف ايلول/سبتمبر سبعة رهائن (خمسة فرنسيين وملغاشي وتوغولي) في شمال مالي، وسيبحث القادة ايضا قضايا الامن الغذائي والتبدل المناخي والتعدد البيئي، اضافة الى اعادة اعمار هايتي وقضية اللغة الفرنسية التي يتحدثها 220 مليون شخص في العالم ولكنها تشهد تراجعا في الاستخدام في الهيئات الدولية، والمنظمة الدولية للفرنكفونية التي تحتفل هذا العام بمرور 40 عاما على قيامها، تضم 56 دولة وحكومة عضوا اضافة الى 14 بلدا بصفة مراقب، وتبلغ ميزانية المنظمة نحو 80 مليون يورو توفر فرنسا اكبر مساهمة فيها (نحو 40 بالمئة)، علماً ان هذه المنظمة يتم تنظم اجتماعاتها كل سنتين.

الصين في افريقياً

الى ذلك قالت مسؤولة صينية ان الصين، التي ينتقدها الغرب لتغاضيها عن انتهاكات حقوق الانسان في علاقاتها التجارية مع افريقيا الفقيرة، ستشجع البنوك التجارية على تقديم مزيد من القروض الى القارة، وكانت بكين تعهدت بقروض "تفضيلية" قيمتها عشرة مليارات دولار الى افريقيا في 2009 لكن تشونغ مان ينغ المسؤولة بوزارة التجارة قالت ان هذا لا يكفي، وأبلغت مؤتمرا صحفيا "في ضوء احتياج افريقيا للاموال فان العشرة مليارات دولار قليلة جدا"، وأظهرت دراسة حديثة للبنك الدولي أن افريقيا تحتاج الى انفاق 93 مليار دولار سنويا على البنية التحتية منها 45 مليار دولار على الاقل ستتطلب تمويلا خارجي، واستبعدت تشونغ أن تتسبب زيادة القروض الصينية في تفاقم مشاكل الديون، وقالت "ما هو أهم شيء بالنسبة لافريقي، انه البقاء والتنمية". بحسب فرانس برس.

وبدأت بنوك صينية بالفعل ضخ الاموال في افريقي، ففي العام الماضي قالت غانا انها وقعت اتفاقات قروض بنحو 13 مليار دولار مع بنكين حكوميين صينيين هما بنك التنمية الصيني وبنك الصادرات والواردات الصيني، وفي عام 2009 تقلص حجم اتفاق قرض صيني الى جمهورية الكونجو الديمقراطية الى ستة مليارات دولار من تسعة مليارات بعدما أثار صندوق النقد الدولي مخاوف من أن العقد الذي استخدم موارد معدنية كضمان لمشاريع بنية تحتية قد يتسبب في تفاقم مشكال ديون البلد الواقع في وسط افريقي، وقالت وزارة التجارة الصينية ان استثمارات الصين في افريقيا بلغت 32.3 مليار دولار بحلول أغسطس اب 2010 مدعومة بنموذج تعاوني "للموارد في مقابل المشاريع والائتمان، "وبحسب الوزارة من المتوقع أن يتجاوز حجم تجارة الصين مع افريقيا 100 مليار دولار في 2010 من 91.1 مليار دولار في 2009.

وكان وزير التجارة الصيني تشن ده مينغ قد قال، ان الصين تنتهج مسارا مختلفا في تقديم المساعدة الى الدول النامية متجنبة الشروط الصارمة التي يشترطها المانحون الغربيون، وقال "بعض الاصدقاء من دول غربية يسألونني لماذا تواصل الصين تقديم المساعدة الاجنبية الى بعض الدول ذات السجل السيء في مجال حقوق الانسان أو الانظمة السياسية غير المستقرة، "أقول لهم ان الانظمة الاجتماعية والثقافية تختلف وان مسارات التنمية والانظمة السياسية متنوعة وليست هناك طريقة واحدة."

افريقيا ورهان مجنون 

على صعيد اخر كيف تروى احداث قرن من الزمن في قارة برمتها؟ هذا هو "الرهان المجنون" الذي نتج عنه انجاز سلسلة الافلام الوثائقية "افريقيا" التي عرضت في ليبرفيل، على ما اكد مخرجها الفرنسي الان فيراري، والعنوان الكامل لهذا العمل المؤلف من اربعة افلام من 90 دقيقة هو "افريقيا تاريخ اخر للقرن العشرين" وقد شارك في كتابته المؤرخ الكونغولي اليكيا مبوكولو والصحافي الفرنسي فيليب ساتيني، وعرضت الافلام في ليبرفيل للمرة الاولى امام الجمهور في اطار المهرجان الخامس "محطات وثائقية في ليبرفيل"، ويذكر ان فيراري الذي انجز اكثر من 40 وثائقيا فضلا عن مسلسلات وافلام متخيلة، ومن جهته يقول فيراري ان فكرة هذه المجموعة "اتت من رهان مجنون لرواية التاريخ السياسي على مدى القرن العشرين برمته ليس على مستوى بلد او بلدين او ثلاثة بلدان بل 53 بلدا تؤلف القارة الافريقية".

ويضيف الرجل "انه رهان مجنون لكنه تحد رائع لمخرج في مثل سني لان ذلك لم يكن سهلا" رافضا الكشف عن عمره، ويضيف "كان ينبغي في البداية القيام بمجهود لتلخيص الخطوط الرئيسية لهذا التاريخ السياسي من دون الدخول في تفاصيل الدول الـ(53)، واظهار الخطوط الكبرى وكل ما يضيف في كل مرة، اختلافا او تفصيلا مهما"، واحتاج انجاز العمل الى اربع سنوات تقريبا فضلا عن ميزانية عمل هوليوودي، الا ان فيراري يرفض الكشف عن ميزانية العمل، لكنه يقول فقط "المنتج (تانكريك رمونيه) لديه دين هائل لكني لا اجرؤ على البوح كم من مئات الاف اليورو، لكنه راض عن ذلك قائل، "كنا نحتاج الى اناس مستعدين لخوض هذه المغامرة". بحسب فرانس برس.

وتروي السلسلة الوثائقية تاريخا تطغى عليه فظائع الحروب وحملات القمع مع مشاهد لا تحتمل عن مقابر جماعية وجثث مشوهة مقطعة اربا محروقة وهي من المآخذ التي اثارها بعض المحاضرين خلال النقاش الذي اتى بعد عرض الافلام، وقد رد فيليب سانتيني قائلا "هذه المشاهد تأتي فقط للتشديد على نقطة ما وردت في الفيلم، وما من تلذذ خاص بعرضها"، لكن هذه الافلام تتضمن محطات سعيدة ايضا مثل حماسة كواميه نكروماه لاستقلال بلاده غانا او كما يقول الشاعر ايميه سيزير في احد الافلام "مثل قرع كل الاجراس عند الافراج عن نلسون مانديلا رمز مكافحة الفصل العنصري"، واعتبر الموقع الالكتروني ومجلة "افروكولتور" المتخصصان في الثقافات الافريقية "ما يرد ويروى (في هذه الافلام) استثنائي، والابحاث التي اجريت واسعة جدا"، الا ان فيراري المعروف بانه خبير في العمل على الارشيف والمعتاد على الافلام التاريخية يوضح "كان لدينا ارشيف من امكنة كثيرة، تقريبا كل مؤسسات الارشفة في العالم"، ويوضح "جزء كبير منها يأتي من المعهد الوطني للبصري والسمعي (اينا) الا انه لا يملك كل شيء، وواجهنا مشكلة رئيسية وهي المحافظة على الارشيف اذ كان بعضه في حالة يرثى لها"، وتتضمن السلسلة لقاءات مع "نحو ثلاثين من كبار الشهود" بينهم الرؤساء السابقون كينيث كوندا (زامبيا) والفا عمر كوناري (مالي) والكاتب النيجيري ولي سويينكا والمدافعة الكينية عن البيئة وانغاري ماثاي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 4/آيار/2011 - 1/جمادى الآخرة/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م