مصر والسياسة الخارجية... استعادة الثقل الإقليمي

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: مع الإطاحة بنظام مبارك أثيرت الكثير من التساؤلات حول دور مصر الإقليمي القادم في المنطقة والعالم، خصوصا بعد التحول الديمقراطي المفاجئ الذي أذهل الجميع، وفيما شكك البعض بأي تغيير قد يحدث نظرا لكون الجيش لا يزال هو من يقود الدفة السياسية، الا ان بعض ذهب في رأيه إلى لعب تلك الدولة دورا سياسيا على الصعيد الخارجي مهما ومؤثرا يعيد لها وزنها الطبيعي بعد سنوات من الانزواء بعيدا.

الأمر الذي قد يثير العديد من المخاوف خصوصا لدى حلفاء مبارك السابقين، في إسرائيل وأمريكا بالإضافة الدول العربية المنخرطة بما يسمى محول الاعتدال السابق، التي راهنت طويلا على كبت مشاعر شعوبها واستياءهم ازاء المواقف الرسمية العربية من بعض القضايا الحساسة والمهمه.

حكام الخليج

فخلال مؤتمر عقد في الاونة الاخيرة بابو ظبي عبر أحد مساعدي ولي عهد دولة الامارات العربية المتحدة عن خيبة أمله لسقوط حليف رئيسي اعتقد حكام دول الخليج ذات يوم أن أقدامه راسخة في الحكم بقدر رسوخ أقدامهم.

وقال المساعد في اشارة للاطاحة بالرئيس المصري السابق حسني مبارك "كيف يفعلون هذا به.. كان الاب الروحي للشرق الاوسط. كان رجلا حكيما قاد المنطقة دوما... لم نكن نريد أن نراه يخرج بهذه الطريقة. نعم الشعب يريد الديمقراطية لكن ليس بهذه الطريقة. هذا أمر مهين." لكن حاكم الامس القوي أصبح دكتاتور اليوم الساقط.

وتمت الاطاحة بمبارك بعد احتجاجات شعبية استمرت ثلاثة أسابيع وفاجأت حلفاءه. ويواجه مبارك الان المحاكمة بتهم اساءة استغلال النفوذ لتحقيق ثروات واصدار أوامر للشرطة بفتح النار على المحتجين الذين أطاحوا به قبل 76 يوما.

وعلى مدى ايام حملت الصحف الخليجية تعليقات قلقة عن سقوط مبارك وكتب خلف الحبتور وهو عميد عائلة تجارية كبيرة في دبي في مقال بصحيفة جلف نيوز الاسبوع "هناك خطر حقيقي جدا من أن يدمر حكم الغوغاء سمعة مصر واستقرارها واقتصادها."

ولم يكن مبارك صديقا لحكام دول الخليج وحسب بل لعب ايضا دورا حيويا في صياغة السياسة العربية خلال العقود الثلاثة التي قضاها في الحكم ووضع المعايير لنهج الدول العربية تجاه الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وقدم للسعودية ودول الخليج دعما قويا في حربها الباردة مع ايران.

وقال شادي حامد المحلل بمركز بروكينجز في قطر "لا شك أن السعوديين قلقون جدا بشأن التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية المصرية. مصر غيرت بالفعل سياستها الخارجية خلال فترة قصيرة من الزمن."

وسمح المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يحكم مصر بعبور سفينتين حربيتين ايرانيتين قناة السويس في فبراير شباط على الرغم من اعتراضات صريحة من اسرائيل واستياء واشنطن في مؤشر على أن مصر الجديدة تريد أن تلعب بمجموعة مختلفة من القواعد.

وقال وزير الخارجية المصري الجديد نبيل العربي ان مصر مستعدة لاعادة العلاقات الدبلوماسية مع ايران والتي قطعت بعد قيام الجمهورية الاسلامية بقليل في وقت كانت فيه مصر تمضي قدما في ابرام معاهدة سلام مع اسرائيل.

وتعتزم مصر محاكمة سبعة مسؤولين بينهم وزير سابق للبترول بشأن مبيعات الغاز بأسعار منخفضة لاسرائيل والتي أثارت جدلا واسعا. وسهلت مصر بعد مبارك تحرك الفلسطينيين من قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) عبر حدودها مع غزة. وكل هذه مؤشرات تحيد عن السياسة التي تناغمت بشدة مع الروح الموالية للغرب التي ميزت السياسة الخارجية في معظم العواصم الخليجية لعشرات السنين.

وقال تيد كاراسيك المحلل في شؤون الدفاع المقيم في دبي "صناع السياسة في الخليج يشعرون بالقلق من تسلل ايران الى مصر." وأضاف "السعودية تسعى الى استعادة ثقلها في المنطقة وتقوم بهذا بأسلوب حازم جدا. انها لا تريد أن ترى مصر تمحو اي مكاسب سعودية."

وتستضيف السعودية الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي بعد أن أطاحت به انتفاضة شعبية في يناير كانون الثاني وتبنت نهجا قويا في مواجهة التهديدات المحتملة من جراء الاضطرابات في الخليج.

وأرسلت السعودية والامارات قوات الى البحرين الشهر الماضي للمساعدة في اخماد حركة الاحتجاجات الداعية للديمقراطية التي قادتها الاغلبية الشيعية والتي تعتبرها النخبة السنية الحاكمة عرضة للتأثر بالنفوذ الايراني. وساعدت الرياض ايضا في جمع مساعدات قدرها 20 مليار دولار من كبار منتجي النفط بالخليج لمساعدة البحرين وسلطنة عمان في اخماد الاحتجاجات.

وأكدت ايران البالغ عدد سكانها اكثر من 70 مليون نسمة فيما يبدو مخاوف حكام الخليج حين اشتكت للامم المتحدة من "الغزو" السعودي للبحرين الدولة الصغيرة التي زعمت السيادة عليها يوما.

وخلال جولة خليجية تبنى رئيس الوزراء المصري عصام شرف نهجا تصالحيا بشأن أمن الخليج الذي وصفه بانه "حائط أحمر" لكنه دافع عما وصفها بأنها "صفحة جديدة." وقال شرف عقب لقائه بالعاهل السعودي الملك عبد الله الذي أغدق 130 مليار دولار على السعوديين لتشجيعهم على عدم اثارة المطالب الداعية للديمقراطية "نحن بدأنا صفحة جديدة تخلو من أي شيء كان مبنيا على أساس شخصنة الامور. ايران مثلها مثل غيرها من الدول لكن عندما يتعلق الامر بأمن الخليج فان أمن الخليج جزء من الامن القومي المصري." وأضاف "أمن الخليج ليس فقط خطا أحمر بل هو حائط أحمر ناهيك عن العلاقات التاريخية والدينية والانسانية بيننا وبين دول الخليج." بحسب رويترز.

لكنه ايضا دافع عن الديمقراطية وعن محاكمة مبارك قائلا "بدأنا طريقا ذا اتجاه واحد للديمقراطية ولا رجوع عنه... نحن نحاول طلوع السلمة الاولى في دولة القانون ولا أحد فوق القانون أيا كان."

وتشمل جولة شرف الخليجية الامارات وقطر والتي ينظر اليها على نطاق واسع على أنها حجبت النفوذ المصري من خلال قناة الجزيرة الفضائية وعن طريق فتح قنوات مع حركة حماس وحزب الله اللبناني وايران وكلهم حلفاء مناهضون للميل للولايات المتحدة في المنطقة. وقد يوفر احتياج مصر للمساعدات المالية فرصة لدول الخليج للتأثير على اتجاه سياساتها.

وتحتاج مصر الى قروض تصل قيمتها الى عشرة مليارات دولار لانها تتوقع أن يصل العجز في ميزانيتها الى تسعة في المئة في العام المالي الحالي. وقال شرف يوم الثلاثاء انه يأمل أن تقدم الكويت أو دول خليجية أخرى المزيد من المساعدات السنوية.

وقال للصحفيين ان الحصول على المال من الاصدقاء افضل من الحصول عليه من صندوق النقد الدولي. ونفى شرف ايضا توتر العلاقات مع الامارات بشأن التأشيرات للمغتربين المصريين الذين يعمل الملايين منهم في الخليج.

وبدأت البحرين تطرد اللبنانيين ثأرا فيما يبدو لانتقاد حزب الله للحملة التي شنتها على الشيعة. وقال حامد من مركز بروكينجز في قطر "مصر لا تريد أن تبعد دول الخليج كثيرا. تستطيع الاستفادة بشدة من المساعدة المالية في وقت عصيب."

اتفاق المصالحة الفلسطيني

الى ذلك يعني اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي توسطت فيه مصر الكثير بالنسبة لها مثلما يعني للفصيلين الفلسطينيين اللذين نجحت القاهرة في التوحيد بينهما لانه مؤشر واضح على التحول الذي حدث في سياستها في الشرق الاوسط بعد انتهاء حقبة الرئيس المصري السابق حسني مبارك. فبعد ان تمكن المجلس العسكري الاعلى الحاكم في مصر من دفع حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) الى انهاء خلافاتهما يسعى المجلس الى كسب نقاط من اسرائيل والاقتراب بحذر من ايران المنافسة الاقليمية القوية وأيضا كسب مصداقية بين المواطنين المصريين الذين يؤيدون بدرجة كبيرة الفلسطينيين.

ويقول محللون أيضا ان لمصر حدودا مع قطاع غزة الساحلي الصغير الذي تحكمه حماس والتوصل الى اتفاق لانهاء الاقتتال الفلسطيني يعني ضمان جبهة أكثر أمانا.

وقال كامران بخاري المحلل المتخصص في الشرق الاوسط في مؤسسة ستراتفور جلوبال انتيليجانس لاستشارات المخاطر السياسية "القاهرة لديها مصالح كثيرة في هذا الاتفاق ولعب المجلس العسكري الانتقالي دورا قياديا في التوصل لاتفاق بين الفلسطينيين."

واستطرد "مصر لا تريد حدوث اضطرابات في غزة في الوقت الذي تمر فيه بمرحلة انتقالية في الداخل. كما يبدو ان مصر تريد ان تؤكد على مكانتها في مواجهة اسرائيل."

ومصر هي أكبر دولة عربية من حيث تعداد السكان لكن مكانتها الاقليمية تراجعت خلال 30 عاما من حكم مبارك ظلت طوالها السياسة الخارجية المصرية متحالفة بقوة مع الولايات المتحدة مما أبعدها كثيرا عن المزاج الشعبي.

ووقعت مصر أول معاهدة سلام مع اسرائيل عام 1979 لكن غالبية الشعب المصري يكن عداء لاسرائيل لاستمرارها في احتلال أراض عربية منذ الحرب العربية الاسرائيلية عام 1967 .

وشعرت اسرائيل بالقلق من ان اطاحة نشطاء مطالبين بالديمقراطية بمبارك قد يعني نهاية للسلام لكن المجلس العسكري الاعلى كان حريصا على ان يؤكد في واحد من أول بياناته التزامه بمعاهدة السلام.

وبعد فترة قصيرة مدت الحكومة المصرية التي عينها المجلس العسكري الاعلى يدها لايران عدوة اسرائيل اللدودة والداعمة الرئيسية لحماس قائلة انه حان الوقت لتحسين العلاقات.

ويبدو ان مصر نسقت جهودها أيضا مع ايران لتحقيق مصالحة بين فتح وحماس في علامة أخرى على التقارب. وقال بخاري "امتداح وزير الخارجية الايراني للاتفاق يشير الى دعم ايران للمصالحة. "وبعد موافقة ايران ومع وجود مقر قيادة حماس في دمشق يعني هذا ان سوريا أيضا سمحت بحدوث المصالحة."

وظلت السياسة الخارجية المصرية على مدى العقود الثلاثة الماضية حكرا على مبارك الموالي لامريكا بشدة. وحاول مبارك المعارض بشدة للجماعات الاسلامية قمع الاخوان المسلمين وقضى على انتفاضة اسلامية مسلحة في التسعينات. ونجا مبارك من محاولة اغتيال في اديس ابابا عاصمة اثيوبيا عام 1995 .

وقال مسؤول مصري رفيع مشارك في وضع السياسات "السياسة المعادية لحماس والتحالف الوثيق مع الولايات المتحدة واسرائيل نبعا من حرص حكومة مبارك على تقديم المصالح الشخصية على المصالح القومية."

واستطرد "مبارك كان مشغولا بالشؤون الداخلية مثل ترتيب الخلافة لمجيء ابنه جمال. هذا حدد سمات سياسة حكومته." ومنذ تنحي مبارك في 11 فبراير شباط وجه المجلس العسكري الاعلى السياسة الخارجية مبتعدا عن ارث مبارك ليثبت ان مصر تريد ببطء لكن بثقة توسيع نطاق تحالفاتها لاستعادة مكانتها كقوة اقليمية.

وأشرفت المخابرات العسكرية المصرية على اتفاق المصالحة بين فتح وحماس وأعلنت مصر انها سترسل فريقا أمنيا الى غزة قريبا لتنفيذ الاتفاق. وسمح المجلس العسكري الاعلى لسفينتين حربيتين ايرانيتين بالمرور من قناة السويس في فبراير شباط رغم معارضة شديدة معلنة من جانب اسرائيل وعدم موافقة واشنطن.

وعمل وزير الخارجية المصري الجديد نبيل العربي في وقت سابق من الشهر على تحسين العلاقات الدبلوماسية مع ايران التي قطعت بعد فترة قصيرة من قيام الثورة الاسلامية عام 1979 حين مضت مصر قدما في معاهدة السلام مع اسرائيل. كما قامت المخابرات المصرية بتسهيل حركة مرور الفلسطينيين في غزة عبر حدودها مع القطاع المكتظ الذي يعيش فيه 1.5 مليون نسمة.

وقال صفوت الزيات المحلل العسكري "الجيش يعتقد بضرورة وجود سياسة خارجية أكثر اتزانا وان على مصر ان تلعب دورا اقليميا بارزا خسرته من قبل لكن يمكنها ان تستعيده."

تعكس رأى الشعب

من جهتهم صرح خبراء فى شئون الشرق الأوسط بأن لسياسة الخارجية المصرية الجديدة تغيرت بشكل كبير لتعبر عن رأى الشعب فى العديد من القضايا مثل فتح الحدود مع غزة وهو الأمر الذى سيلقى بظلاله على العلاقات المصرية الإسرائيلية فى الفترة المقبلة.

ونقلت قناة "فرانس 24" الإخبارية الفرنسية عن الخبراء قولهم أن اتجاه السياسة المصرية تغير بشكل دراماتيكى منذ تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك ، مشيرين الى أن تغير النهج المصرى سيؤثر حتما على علاقة مصر مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ، خاصة حول اتفاقية المصالحة الفلسطينية.

وصرح سكوت ماكليود الاستاذ فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة وأحد المحللين السياسيين بأن مصر تؤكد دورها القيادى فى العالم العربى ، مؤكدا على أن السياسة الخارجية المصرية الجديدة ستكون من الآن فصاعدا "أكثر حرجا" مع إسرائيل.

وأرجع ماكليود هذه التكهنات كنتيجة لاعلان نبيل العربى وزير الخارجية المصرى ، إعادة فتح معبر رفح مع غزة ، مؤكدا على وجود خطوات ايجابية ومؤثرة سيتم اتخاذها الأيام المقبلة لتخفيف الحصار عن غزة.

وأشار الى أن مصر باتت فى الوقت الراهن بين شقى الرحى ، حيث تأكيد بعض المسئولين الفلسطينيين على لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وخالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة المقاومة الإسلامية حماس فى القاهرة الأسبوع القادم لتوقيع اتفاقية المصالحة،من جانب،ورفض الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل التفاوض مع حكومة وحدة وطنية تتضمن حركة حماس من جانب أخر.

وأكد المحلل السياسى على أن إسرائيل تعتريها الآن مخاوف عدة ، جراء تغير السياسة المصرية بعد الثورة ، وانحيازها إلى الشعب الفلسطينى. وقال كريم بيطار باحث فى معهد باريس للعلاقات الدولية والإستراتيجية أن مصر كانت فى عهد الرئيس السابق تنحاز إلى شبكة إستراتيجية ، تتضمن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والمملكة العربية السعودية.

وأضاف بيطار "أن الرأى العام المصرى ساخط على الحصار المفروض على قطاع غزة ، ويشعر الآن أن عصر مبارك قد ولى ".. مشيرا إلى أن سياسة مبارك تجاه الفلسطينيين كانت تثير العديد من التساؤلات بين المصريين، حيث يرونها غير أخلاقية ، نظرا لكونه خاضع للضغوط الأمريكية مما افقد مصر وضعها التاريخى فى المنطقة".

ونفى بيطار أن يكون معنى ذلك انهاء السلام بين الدولتين ، مشيرا إلى أن الجيش المصرى يحتفظ بعلاقة جيدة مع الولايات المتحدة، وبالرغم من أن معاهدة السلام لا تحظى بالقبول الكامل لدى الشعب المصرى، إلا أنها لن تنتهى ولكن قد يتم الاستفسار بشأنها فى المستقبل القريب.

قلب النظام فى الشرق الأوسط

في سياق متصل علقت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية على دور الوساطة المصرية فى التوصل إلى اتفاق المصالحة بين فتح وحماس، وقالت الصحيفة إن هذا الدور يلقى الضوء على السياسة الخارجية لمصر التى أصبحت أكثر استقلالا وربما تمثل تحديات أمام الولايات المتحدة والأهداف الإسرائيلية فى الشرق الأوسط.

وأضافت الصحيفة أنه مع إعداد القادة الفلسطينيين لقضية دولتهم المستقلة مع الأمم المتحدة فى سبتمبر المقبل، فإن ثقة مصر الحديثة تضعها بين العديد من دول الشرق الأوسط التى أعادت ترتيب سياستها الخاصة بالافتراضات القديمة بشأن تأييد إسرائيل والولايات المتحدة فى المنطقة. وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل على وجه الخصوص تراقب التحركات الدبلوماسية لمصر فى الأسابيع الأخيرة.

ومضت الصحيفة فى القول إنه إذا اعترفت مصر وحكومات أخرى فى الشرق الأوسط بدولة فلسطينية موحدة ذات حكومة موحدة، فهذا قد يعنى اعترافا بحماس ككيان سياسى شرعى بجانب حركة فتح الأكثر اعتدالاً، وهذا الاعتراف من شأنه أن يحدث انقساما فيما أسمته الصحيفة التحالف المصرى الإسرائيلى ضد حماس التى لا تعترف بالدولة العبرية.

واعتبرت الصحيفة أن اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية، سيكون أول انتكاسة كبيرة للولايات المتحدة وإسرائيل اللتين تريان حماس جماعة إرهابية، ونقلت وول ستريت جورنال عن السفير الإسرائيلى السابق فى القاهرة إيلى شاكيد قوله "إنه فى ظل وجود وزير جديد للخارجية فى مصر يتولى الملف الفلسطينى- الإسرائيلى، فيبدو أن حماس تتصرف بطريقة مختلفة. ووصف الطريق الجديد الذى تسلكه الخارجية المصرية بالخطير والمحفوف بالمخاطر.

أما عماد جاد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فيقول إن إسرائيل ومعها دول الخليج اعتادت على التعامل مع مصر كدولة صغيرة، لكن السياسة الخارجية الجديدة لمصر تقوم على رعاية المصالح المصرية فقط وليس الاستماع إلى الإسرائيليين أو الأمريكيين.

تل أبيب تحذر

فيما حذرت إسرائيل الإدارة المصرية من الاهتمام بقطاع غزة على حساب أمنها القومى، لتأتى هذه الخطوة التصعيدية رداً على تصريحات وزير الخارجية، نبيل العربى، التى أكد فيها اعتزام مصر فتح معبر رفح بشكل كامل خلال الأيام المقبلة، بهدف تخفيف الحصار على قطاع غزة الذى تحاصره إسرائيل منذ أكثر من 4 سنوات.

ونقلت إذاعة صوت إسرائيل، الإذاعة الرسمية للدولة، تصريحات مسئول إسرائيلى كبير، حذر فيها من اعتزام مصر الاهتمام بقطاع غزة وتحسين علاقاتها مع حركة حماس على حساب إسرائيل وأمنها، مؤكداً أن ما تقوم به القاهرة خلال الفترة الأخيرة تجاه الفلسطينيين وتبنيها لاتفاق المصالحة بينهم، قد يؤدى إلى تداعيات إستراتيجية على أمن إسرائيل القومى.

كما أعرب المسئول الإسرائيلى عن قلقه البالغ إزاء قرار مصر بفتح معبر رفح أمام الفلسطينيين فى قطاع غزة خلال الأيام القليلة القادمة لتخفيف الحصار على القطاع المحاصر، وانتقد ما قامت به الخارجية المصرية خلال الأيام الماضية، لموافقتها على إدخال مواد غذائية ومستلزمات طبية ومواد البناء للفلسطينيين فى قطاع غزة.

من جانب آخر، أكد الكاتب والمحلل الإسرائيلى تسيفى بارئيل، فى صحيفة 'هاآرتس'، أن مصادر أبلغته أن ما تقوم به مصر فى الوقت الحالى، من تبنى المصالحة بين حركتى فتح وحماس، واهتمامها بفتح معبر رفح أمام الفلسطينيين، ما هو إلا خطوات تسبق ما تسعى إليه الإدارة المصرية من انتزاع اعتراف الدول الغربية والإدارة الأمريكية بدولة فلسطينية يتم إعلانها والاعتراف بها.

لهذا يحضر وزير الخارجية المصرى، نبيل العربى، لعقد مؤتمر دولى برعاية القاهرة وهيئة الأمم المتحدة، يهدف إلى رفض السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، ويعمل على انتزاع اعتراف الدول الأجنبية بدولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، لهذا يحضر وزير الخارجية نبيل العربى الأيام المقبلة إلى زيارة رام الله للقاء المسئولين الفلسطينيين فى الضفة الغربية.

الجدير بالذكر أن إسرائيل هاجمت إعلان القاهرة عن إتمام المصالحة الفلسطينية بين حركتى فتح وحماس، وتلها انتقاد إسرائيل لقرار مصر بفتح معبر رفح أمام الفلسطينيين، وفى المقابل انتقدت القيادة الجديدة فى مصر، تدخل إسرائيل مؤخراً فى الشأن المصرى والعربى، وطالبتها بضرورة ضبط النفس، وعدم تهديد السلطة الفلسطينية بعد إعلانها قبول المصالحة الفلسطينية التى ترعاها القاهرة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 2/آيار/2011 - 29/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م