الازدواجية الانفعالية في تركيبة الشخصية العراقية

تقرير: زهير الفتلاوي

 

شبكة النبأ: قدم الباحث د.سعد مطر عبود بحثا عن المجتمع العراقي واشكالية التغيير الثقافي وذلك في ندوة اقيمت بمنتدى د. آمال كاشف الغطاء. واكد المطر في بحثه على عدة محاور اساسية في هذه الاشكالية منها ان الشخصية العراقية وقعت اسيرة لعوامل الاحباط الذي سببته صورة البطل المقدس المتناقضة بين الاقوال والافعال اما الاشكالية الثانية فهي تتمثل بأن هذه الشخصية فقدت القدرة على تحقيق التوازن بين الشكل والمضمون في سلوكها فوقعت بالازدواجية بين عاداتها وتقاليدها وظروف الحروب والازمات والحصار الاقتصادي فمثلا اكرام الضيف اخذ هذا المعيار يشكل عبئا سيكولوجيا وكذلك انقطاع صلة الرحم وغيرها من المعايير والقيم التي ادت بالنتجية الى اتسام هذه الشخصية برغبة التملك واشباع الذات والتي ادت الى اختلاق تبريرات لتطبيع الحدث والحقيقة .

ويؤكد المطر ببحثه على المنظومة التربوية قائلا " من العوامل التي ادت الى تخلخل البناء الاجتماعي للشخصية العراقية هو انهيار المنظومة التربوية بسبب تحول المنظومة عن مسارها فبدلا ان يكون دورها ثقافيا في تشكيل الوعي لدى الفرد واجتماعيا في تنمية القيم لديه واقتصاديا في تنمية قدراته ،اصبحت قناة تعبوية للسلطة البائدة للولاء للفرد الحاكم فقط "

ويشير المطر الى انشاء منظومة قيم جديدة تتجاوز الاطر المحلية والقومية الى المستوى الكوني بحيث ينشأ حق انساني عام يتيح للفرد العراقي التدخل مع الاخرين بالمسائلة والمنلقشة والمداولة في افكارهم واعمالهم ومن هذه وضع في بحثه عدة قواعد لتحقيق ذلك منها مبدأ التعايش السلمي التي اقره الاسلام والتفاهم مع الاخرومها يمكن انزياح ثيمة الازدواجية من ذات الشخصية العراقية واستبدالها بثيمة المواطنة والاعتدال السيكولوجي في تفاعله وعمله داخل المجتمع فلايمكن بناء مجتمع جديد بدون الافادة من الاخرين على اسس تبادل الخبرات والمعلومات ذات التوازن السيكولوجي بين الشعب ومن وضعهم في السلطة عن طريق الانتخابات وعدم اللجوء الى شخصية تضخيم ذات العصبوي الانفعالي ومن خلالها اقصاء الاخر والتي بالتالي تنهي التوجهات المعلنة لتأسيس الديمفراطية في البلد "

وقد تطرق الباحث الى عدة معوقات تواجه التغيير في المجتمع العراقي ومنها قضية الفساد الاداري المستشري في البلد وما له من تأثير بالغ الاهمية على التركيب السيكولوجي للشخصية النفعية والوصولية التي باتت من سماتها

كما ابدى استغرابه من الهوه التي تفصل الجمهور عن شريحة المثقفين من جانب والسياسيين من جانب وبالتالي فقدان الثقة بهم كون بعضهم مثل توجهات ايدلوجية سابقة في النظام البائد وموقفهم السلبي من القضايا المصيرية للشعب "

ومن الجدير بالذكر ان من يشير اليهم الباحث هم الان يتبأون مناصب مهمه في الدوائر الثقافية والفنية وحتى الاعلامية في البلد!

وبعد ان انهى الباحث قراءاته تداخل معه الشاعر مثنى محمد نوري الذي قال " ان الصعوبات التي طرحتها هي حقيقية لكن يجب ان نسعى الى ايجاد كل السبل للنهوض بالشخصية العراقية التي عانت الكثير من الضغوطات والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية ولحد الان وهذا امر ليس بخارج عن سيطرتنا نحن كمثقفين لكن المشكلة هي في وسائل الاعلام المرئية وليست المقروءة فمعظم الوسائل المرئية يقودها اناس يبحثون عن تكريس الطائفية في البلد وطرح بدائل جاهزة لنموذج شخصية للعراقي والتي تجعله في حالة ارتباك واحباط بمقارنته مابين وضعه الحالي وما يراه من نماذج حضارية متطورة حتى في البلدان المجاورة رغم ان بعضها انظمة غير ديمقراطية ومع عزوف العراقي عن قراءة الصحف والتي تمثل خيرة الكتاب والادباء والمثقفين الجادين والذين هم دائما يدفعون بهذه الشخصية الى الاتزان واقصاء الازدواجية منها فالكثير من الصحف تركز بأستمرار على التخلف في المجتمع وانتشار الامية التي اشرت لها وسبل معالجتها وكذلك قضايا الفساد والبحوث التي تعنى بتغيير الشخصية العراقية وجعلها بمكان متوازن مع النهج الديمقراطي "

اما د.امال كشف الغطاء فقالت معلقة "ان النهج الاسلامي يدفع باتجاه شخصية صادقة مع نفسها واثقة من قرارتها وقادرة على اتخاذ مواقف ثابته وحقيقية من قضايا الفساد المالي والاداري فهو يحرم الرشوة التي اصبحت بحكم الظروف مقبولة من معظم العراقيين وكذلك الغش والاحتيال والربى وكل هذه المساوىء نجدها شائعة في الشخصية العراقية الحالية وهذا كله يجب ان يتغير فلايمكن القضاء على الفساد بالدولة بدون انشاء منظومة تعليمية قادرة على خلق اجيال متوازنه سيكولوجيا تتمتع بصفات الشخصية الاسلامية الملتزمة بالقيم والمعايير الاخلاقية الحضارية وفق رؤية عصرية لما يحدث من تطور وتقدم علمي وحضاري في العالم".

فيما اشارت الباحثة والتربوية نبراس السعدون الى قضية مهمه حيث قالت " من ملاحظاتي للصغار في المدارس انهم يتجاهلون مجلتي والمزمار رغم انها مجانية فقد اصبحت لاتستهويهم مع تزاحم وسائل اللعب الحديثة مثل "البلي ستيشن والحاسوب" بالاضافة الى القنوات الكارتونية والتي جميعها تعرض العنف والقتل حتى كارتون "توم وجيري" فيه نسبة عالية من الصراع والقتال لهذا يجب ان نولي اهمية خاصة للنشاط المدرسي والرياضي لتحقيق الهدوء والتوازن لشخصية الطفل العراقي والتي نحن بحاجة لها لبناء مجتمع يتفاعل مع الحضارة والانسانية من الاجوه التي نشكلها نحن التربيون والذي هو في صالح بناء دولة مؤسسات مدنية قوية تقوم على مبدأ الديمقراطية".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/نيسان/2011 - 25/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م