يوم عالمي ومعرض عراقي وكتب مستنسخة

تقرير: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: كل عام يحتفل الكتاب بيومه العالمي.. وهو يوم اختارته اليونسكو للاحتفاء بالكتاب كقيمة مادية ومعنوية.. (كتاب + حقوق). هذا العام جاءت المناسبة متزامنة مع اعادة انعقاد معرض بغداد للكتاب والذي غاب سنوات طويلة بسبب سياسات الحصار والحروب.

رغم تراجع معدلات القراءة عالميا وظهور منافسين اقوياء لازال الكتاب المطبوع يقاوم تلك المنافسة.. على الاقل لازال محتفظا بالحميمية المباشرة مع القارئ... تلك الحميمية التي تفتقد لها بقية وسائل التوصيل الاخرى.

اليوم العالمي للكتاب هذا العام يتخذ من بوينس ايرس العاصمة الارجنتينية منبرا لاطلاق فعالياته وللتذكير باهمية الكتابة والثقافة التي يحملها في بناء المجتمعات.. وكانت السنوات السابقة قد توزعت على اكثر من عاصمة هي على التوالي:

مدريد (2001)، الإسكندرية (2002)، نيودلهي (2003)، آنفرس (2004) مونتريال (2005)، تورينو (2006)، بوغوتا (2007)، امستردام (2008) بيروت (2009)، لوبيانا (2010)، بوينس أيرس (2011).

الاحتفال بالكتاب لا ينسجم مع واقعه في بلداننا العربية التي تتردى فيها معدلات القراءة الى مستويات ذريعة تكشف عن حجم الهوة بيننا وبين الشعوب الاخرى تاليفا للكتاب او ترجمة او قراءة.

حسب احصائيات حديثة تبين ان المواطن الأوروبي يقرأ بمعدل 35 كتاباً في السنة، والإسرائيلي 40 كتاباً في السنة، أما في البلدان العربية فإنّ 80 شخصاً يقرؤون كتاباً واحداً في السنة.

وبمعادلة رياضية بسيطة:

لكي يتم قراءة 35 كتاباً باللغة العربية، فإننا نحتاج الى (2800 عربي) ولكي يتم قراءة 40 كتاباً، فإننا نحتاج إلى (3200 عربي) .

وتكون الحصيلة حسب تلك المعادلة:

ثقافة أوروبي واحد = ثقافة 2800 عربي

ثقافة إسرائيلي واحد = ثقافة 3200 عربي

وبالنسبة للأرقام التي تصدر عن دور النشر فانها تشير إلى واقع أسوأ من ذلك بكثير. وفي تقرير التنمية البشرية لعام 2003 يتضح الاتي:

الدول العربية أنتجت 6.500 كتاب عام 1991

أمريكا الشمالية أنتجت 102.000 كتاب

أمريكا اللاتينية والكاريبي أنتجت 42.000 كتاب

 اما فيما يتعلق بالترجمة وبالعودة لتقرير التنمية البشرية حول ذلك الموضوع يتبين بأن:

اليابان تترجم 30 مليون صفحة سنوياً. في حين أن ما يُترجم سنوياً في العالم العربي، هو حوالي خُمس ما يترجم في اليابان. مع العلم بان ما ترجم إلى العربية منذ عصر المأمون إلى العصر الحالي 10.000 كتاب؛ وهي تساوي ما تترجمه اسبانيا في سنة واحدة.

وتبين مقارنة أعداد الكتب المترجمة إلى اللغة العربية مع لغات أخرى سعةَ الهوة بين دول العالم والعالم العربي بمجمله وبين أية دولة في العالم.

ففي النصف الأول من ثمانينات القرن العشرين، كان متوسط الكتب المترجمة إلى اللغة العربية أقل من كتاب لكل مليون عربي في السنة مقابل 13 كتاب لكل مليون في هنغاريا و184 كتاب لكل مليون في اسبانيا.

عدد النسخ المطبوعة للعنوان هي ألف نسخة، وعندما يكون المؤلف ذائع الصيت، فقد يبلغ عدد النسخ رقم 5.000 ـ بينما طبعة الكتاب في الغرب تتجاوز الخمسين ألف نسخة. وإن كل 300 ألف عربي يقرءون كتاباً واحداً، ونصيب كل مليون عربي هو 30 كتاباً.

بمعني آخر ثقافة غربي واحد = ثقافة مليون عربي.

ظلام الجهل الذي يعم العالم العربي لا يشمل ميدان عالم الكتاب فحسب (تأليفاً وترجمةً وقراءةً)، بل يشمل حتى القدرة على القراءة والكتابة، ففي الوقت الذي صار فيه تعلم اللغات الأجنبية واتقان التعامل مع الحواسيب معياراً جديــداً للتعليم، فإن عدد الأميين في العالــم العربي، وحسب ما صدر عن اليونسكو يبلغ (60) مليون من أصل (300) مليون.

وقد لاحظ هذا الإعلان عن الأمية في العالم العربي أن التعليم الأساسي يحتاج إلى ست مليارات سنوياً، وهذا رقم صغير بالمقارنة مع 1.100 مليار تذهب إلى الإنفاق العسكري، و300 مليار إلى الإعلانات، و500 مليار ينفقها العرب على التبغ كل عامٍ.

في العراق تنتشر ظاهرة الكتاب المستنسخ التي افرزتها ظروف قاهرة تغيرت الان ولم تنحسر تلك الظاهرة، وقد اختلفت اراء الكثير من المثقفين العراقيين ازاءها. الكاتبة والاعلامية ابتسام عبد لله قالت (أنا مع الكتاب المستنسخ لان الكتاب الاصل أصبح غالي الثمن في هذه الأيام وقد تصل أسعار بعض الكتب البسيطة إلى أكثر من 25 ألف دينار ولا يستطيع المتلقي أو الطالب تبعاً لإمكاناته المادية اقتناء مثل هذه الكتب الثمينة).

وأضافت (لا اعتقد أن المؤلف يبحث عن حقه فيما إذا كان يستنسخ كتابه أو لا لأنه ربما يُنشر كتابه على الانترنيت بكل بساطة فجامعة أكسفورد وضعت في الانترنيت أكثر من 50 ألف كتاب كلها من الروايات الكلاسيكية التقليدية التي ندرسها في الأدب الانكليزي وكانت هذه الخدمة مجانية).

صاحب مكتبة عدنان التي تتعامل مع الكتب المستوردة الأصلية كان رايه (استنساخ الكتب اليوم بات ظاهرة سلبية وغير حضارية لأنها لا تحفظ حقوق وضمان المؤلف ودار النشر وأنا اعتبرها عملية قرصنة).

وأشار إلى أن (القارئ الحقيقي و المتخصص والذواق في الكتب دائماً يبتعد عن الكتب المستنسخة ويبحث عن الأصل حتى لو كان بأسعار غالية)، مبيناً أن (هذه الكتب تكون مشاكلها كثيرة منها أوراقها وحبرها، فضلاً عن ذلك فان الكتب المستنسخة تكون قصيرة العمر ،وغالباً ما نراها تفقد الكثير من خواصها بعد نحو سنة من اقتنائها حيث تبدو كتابتها غير واضحة بالإضافة إلى رداءة ونوعية الورق المستخدم).

وترى مديرة عام مؤسسة المدى غادة العاملي ان(هناك مكتبات تقوم بهذه العملية وتبيع الكتب بدون مراعاة موافقة وحقوق الناشر أو المؤلف حيث أنها سوف تضر الثاني وربما تخدم الأول اعني القارئ ولو لمدة محدودة).

وتابعت ان (عدداً كثيرا من القضايا ترحلت إلى القضاء بسبب التجاوز على حق الملكية الفكرية للمؤلف والناشر حيث أصبحت هذه الظاهرة سلبية ومزعجة للمؤلفين والناشرين على حد سواء).

من جهته اعتبر المسرحي ميمون الخالدي ان (الاستنساخ لا يلغي الأصل إنما هو تأكيد لجودة الأصل وإذا دل على شيء فأنه يدل على تزايد الطلب عليه)،مشيراً الى ان (الاستنساخ سوف يضمن عملية الانتشار للكتاب بصورة أوسع). وأضاف أن (قوانين الملكية الفكرية لا توجد في العراق لا في السابق ولا في الحاضر وأتمنى أن يصدر مجلس النواب العراقي مثل هكذا قوانين).

وأكد الخالدي على أن (ثقافة الاستنساخ كما يطلق عليها كانت شائعة في التسعينيات حيث منعت الكتب وحتى أذا حجبت كانت لها طرق عديدة يمكن أن تصل للناس بينما الآن هناك حرية واسعة للقراءة).

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 22/نيسان/2011 - 19/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م