مسلمو فرنسا... استهداف واحد بعناوين متعددة

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: ان مسألة الاديان والاعتقاد والايمان من الامور الحساسة والمهمة لدى كل البشرية والتي لا يجب المساس بها باعتبارها من الخصوصيات التي يتمتع بها الفرد في حرية اعتناق الديانة او المذهب الذي يؤمن بها وهي من الامور التي كفلها له حتى ميثاق حقوق الانسان العالمي.

لكن بعد الاحداث المؤلمة التي مرت بها الانسانية عقب احداث الحادي عشر من ايلول وما تبعته من احداث ارهابية ادت الى تنامى مشاعر الكراهية والحقد تجاه الاديان وبالأخص تجاه الاسلام باعتبار ان القاعدة مرتبطة بالإسلام، مما ادى بالنتيجة الى العديد من المضايقات والتشدد على الاسلام والمسلمين اللذين يعيشون في اوروبا.

لقد شرعت العديد من القوانين التي من شانها ان تسبب المزيد من الاحراج والتحدي للمسلم في بلاد الغرب، مثل قانون حضر الرموز الدينية الذي طبق في معظم دول اوروب، وكذلك التضييق على المسلمين والتفتيش في المطارات وغيره، كما تحول الاسلام الى قضية دعائية تستخدم في الانتخابات من خلال مداعبة مشاعر المسلمين (التي تقدر اصواتهم بالملايين في معظم الدول الاوربية) وتمنيهم باعطائهم مزيداً من الحرية ورفع القيود عنهم والتي تذهب ادراج الرياح بمجرد انتهاء الحملات وحصول الناخب على الاصوات.

نقاش عن الإسلام في فرنسا

حيث اجرى المحافظون الذين يتولون الحكم في فرنسا نقاش عام بخصوص الاسلام والعلمانية رغم انتقادات وصفته بأنه ذريعة للتقرب للناخبين الذين ينتمون الى اليمين المتطرف قبل انتخابات عامة ستجرى العام المقبل، وكان حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الذي ينتمي اليه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ذكر أنه سيستضيف منتدى عاما لمناقشة بواعث قلق بخصوص دور الاسلام في المجتمع الفرنسي في أعقاب جدل بخصوص النقاب وصلاة المسلمين في الشوارع والمطاعم التي لا تقدم سوى أطعمة تتفق مع الشريعة الاسلامية، لكن عاصفة انتقادات من زعماء دينيين وبعض أعضاء الحزب اجبرته على تقليص حجم الحدث واتخاذ موقف الدفاع أمام اتهامات بأن التركيز على الاسلام سيفسح المجال أمام الفرنسيين لابداء أفكار مسبقة مناهضة للمسلمين.

وقال جان فرنسوا دوريدو المحلل بوكالة ابسوس لاستطلاعات الرأي "انه نوع من الفخاخ يضيق حول حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية وهم يحاولون الفكاك منه بوسيلة أو بأخرى"، واحتدم الجدل بين المسؤولين في الحزب بخصوص الحاجة لاجراء نقاش وسط انتقادات حادة من زعماء دينيين، وأعلنت أكبر جماعة للمسلمين في فرنسا مقاطعة النقاش واعتذر رئيس الوزراء فرنسوا فيون عن تلبية الدعوة التي وجهت اليه للحضور، بينما حضر وزير الداخلية كلود جيان وكذلك فرانسوا كوب المتحدث باسم الحزب، وتعرض جيان لانتقادات شديدة في الاونة الاخيرة بعد أن قال ان الفرنسيين لم يعودوا يشعرون أنهم في بلدهم، ومع بدء تطبيق الحظر الذي فرضته فرنسا على النقاب دافع جيان عن النقاش قائلا ان بعض ممارسات المسلمين تسبب مشاكل وتحتاج لمناقشتها.

وقال جيان للصحفيين خلال رحلة لغرب فرنسا "في عام 1905 كان المسلمون قليلون جدا في فرنس، اليوم يتراوح عددهم بين خمسة وستة ملايين، هذه الزيادة في عدد المسلمين وبعض السلوكيات تمثل مشكلة، من الواضح أن الصلاة في الشارع تصيب عددا من مواطنينا بصدمة"، وقلص وقت النقاش الى ساعتين بدلا من أربع ساعات كان مقررا أن يستمر خلالها في الاصل وجرى في فندق متوسط المستوى في باريس، وتناول مقترحات تشمل "قواعد للعلمانية" في الحياة العامة وخطوطا ارشادية لمقاصف المدارس التي تخدم تلاميذ متدينين وخططا لبناء المزيد من المساجد، لكن لا توجد خطط لتغيير القانون الصادر عام 1905 بخصوص الفصل بين الدولة والكنيسة وهو أمر كان من شأنه أن يسمح للدولة بدعم بناء مساجد، وأضاف دوريدو "الواضح أنها عملية سياسية". بحسب رويترز.

وينظر الى ساركوزي على أنه أثار نقاشا بخصوص الاسلام في محاولة لخطب ود الناخبين اليمينيين الذين يتزايد ميلهم نحو مارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية التي تمثل اليمين المتطرف، لكن هزيمة في انتخابات محلية مؤخراً أمام حزب الجبهة الوطنية المتطرف أفقدت الخطة مصداقيتها الى حد بعيد، وقال دوريدو ان الهزيمة ألقت بظلال من الشك على جدوى النقاش ، واضاف المحلل "كان الهدف هو اجتذاب ناخبين لديهم حساسية لتلك القضايا لمساعدته (ساركوزي) في توسيع قاعدته"، ويواجه حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية انتقادات واتهامات بمحاولة استرضاء المتطرفين، وأعاد الحزب صياغة اطار النقاش ووصفه بأنه مناقشة أكثر صراحة للقيم العلمانية وكيفية الدفاع عنه، لكن ذلك لم يقنع زعماء أكبر ست جماعات دينية في فرنسا الذين حذروا من وصم أي دين، وتوعدت جماعات بالاعتصام أمام مكان النقاش، وقالت نجمة بوتليليس التي تراس جماعة نظمت احتجاجا في الشوارع على النقاش "لا ارى مغزى لاجراء نقاش لمجرد اغراء اليمين المتطرف".

اليمين المتطرف

الى ذلك وبعد ان افتتح الحزب الحاكم في فرنسا نقاشا مثيرا للجدل بشأن ممارسة شعائر الاسلام، رفض اتهامات بالتعصب قائلا ان النقاش قد يساعد في تحجيم الشعبية المتنامية لليمين المتطرف، وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي دعا الى عقد نقاش بشأن الاسلام والعلمانية لبحث مخاوف من أن بعض الممارسات العلنية للمسلمين كالصلاة في الشوارع وارتداء النقاب تقوض الطابع العلماني لفرنس، ويواجه ساركوزي اتهاما بالسعي لاستمالة الناخبين من اليمين المتطرف مجددا بعدما زاد ميلهم نحو حزب الجبهة الوطنية بزعامة قائدته الجديدة مارين لوبان وتدني شعبية حزبه الى أدنى مستوى له قبل عام الانتخابات الرئاسية.

وكانت الحلقة النقاشية قد فقدت بريقها حتى قبل ان تبدأ في ضوء انتقادات من قبل قادة دينيين ومقاطعة من الطائفة المسلمة اكبر الاقليات في فرنسا وغياب رئيس الوزراء فرانسوا فيون، وقال جان فرانسوا كوب الامين العام لحزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية الحاكم في فرنسا "تم عمل كل شيء ممكن لمنع انعقاد هذا الاجتماع، لكننا لم نرضخ لتلك الضغوط، لان الشعب الفرنسي هو من طلب منا ذلك"، وأضاف "كل مشكلة نتغلب عليها تحرم مارين لوبان من حجة للتفوق علينا في الانتخابات"، وحضر النقاش عدد من الوزراء وكبير الحاخامين جيل برنايم وممثلون عن ديانات اخرى ليس من بينهم قيادات دينية اسلامية.

وتتهم المنظمات الاسلامية الحزب الحاكم بتشويه الاسلام والذي تظهر البيانات الحكومية انه ثاني أكبر الديانات في فرنسا بعد الكاثوليكية ويوجد في فرنسا ما بين خمسة ملايين مسلم وستة ملايين، وقال حسن بن مبارك من جماعة تعتزم توزيع نجمات خماسية خضراء للاحتجاج على ما تراه تمييزا يستهدف الاسلام "النقاش له هدف واحد هو ابقاء حزب الاتحاد من اجل الحركة الشعبية في بؤرة اهتمام وسائل الاعلام في العام السابق للانتخابات، هذا سيغذي الخوف من الاسلام"، وكانت حكومات الحزب الحاكم حظرت بالفعل ارتداء المسلمات للحجاب في المدارس وكذا ارتداء النقاب في الاماكن العامة. بحسب رويترز.

ونشر حزب ساركوزي قائمة من 26 فكرة من بينها توزيع "ميثاق علماني" يستعرض كافة التشريعات القائمة والقواعد الحكومية وقوانين الشرطة السارية المتعلقة بالعلمانية، ويقترح الحزب الحاكم حظر المواطنين من الاستناد الى الدين في عصيان القوانين مثل الوضع في حمامات السباحة العامة عندما تطلب نساء مسلمات السباحة بملابسهن او بمنأى عن الرجال، وقال كوب "لا تستهدف اي من هذه المقترحات عقيدة أحد او جماعة ما بشكل خاص"، ومن بين القضايا الاخرى التي اثارتها لوبان أداء المسلمين للصلاة في الشارع في كثير من المدن بسبب ضيق مساحات المساجد أو قاعات الصلاة الاخرى، ويقترح الحزب الحاكم منح الجماعات الدينية التي تريد بناء دور عبادة جديدة عقود تأجير طويلة الاجل على أن يتاح لها خيار الشراء.

واستخدمت الكنيسة الكاثوليكية مثل هذا التسهيل لسنوات طويلة بالاضافة الى دعم مالي للحفاظ على مواقع العبادة باعتبارها أماكن ذات أهمية تاريخية، وكانت الحكومة رفضت تغييرا في قانون يعود لعام 1905 بشأن فصل الكنيسة عن الدولة ويمنع استخدام الاموال العامة في تمويل بناء دور العبادة وهي المشكلة التي تؤرق الطائفة المسلمة لقلة مواردها المالية.وقال المتحدث باسم الحكومة فرانسوا باروان في كلمة افتتاحية في الاجتماع "جئنا للاتفاق وليس لفتح باب الجدل المتعلق بقانون رر1905.الامر يتعلق بما يسمح للدولة بالاحتفاظ بنفس المسافة مع كل الديانات."

القيادات الدينية

من جهتها حذرت قيادات الاديان الستة الرئيسية في فرنسا الحكومة من تداعيات نقاش مزمع عن الاسلام يقولون انه قد يؤدي الى وصم المسلمين واذكاء الانحياز ضدهم مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في البلاد العام القادم، وفي معرض تقييمه للقضية التي تثير الانقسام في صفوف حزب الاتحاد من اجل الحركة الشعبية الذي يتزعمه الرئيس نيكولا ساركوزي قال مؤتمر القيادات الدينية في فرنسا ان النقاش بشأن احترام النظام العلماني في فرنسا لا يمكن الا أن يؤدي لزيادة الغموض في وقت مضطرب، يذكر ان منتقدي النقاش نددوا به واعتبروه محاولة لكسب أصوات ناخبين تركوا الحزب واتجهوا لتأييد حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف طبقا لاستطلاعات الرأي التي أجريت الاسبوع الماضي مما قد يجهض امال ساركوزي في الفوز بفترة رئاسية ثانية عام 2012.

وحلفاء ساركوزي منقسمون تجاه استراتيجية ترمي لكسب الشعبية للحزب حيث يعارض المعتدلون مثل رئيس الوزراء فرانسوا فيون علنا ما يرونه انحرافا لحزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية ناحية اليمين المتطرف.وفي محاولة من جانبهم للتأكيد ان العقيدة يجب أن تعزز التناغم الاجتماعي قالت القيادات الدينية ان النقاش يمكن أن "يلقي بظلال على هذا المنظور ويذكي الغموض الذي لن يؤدي الا الى الانحياز"، وتساءلت هذه القيادات في بيان مشترك نادر الحدوث "هل يمكن أن يكون حزب سياسي هو المنبر الصحيح لقيادة هذا الامر حتى لو كان حزب الاغلبية؟"، ووقع على هذا البيان قادة الديانات الاسلامية والكاثوليكية واليهودية والبروتستانتية والارثوذكسية والبوذية، وشكلت القيادات هذا التجمع العام الماضي لتنسيق نهجها تجاه القضايا الدينية في النقاش الوطني.

ورفض جان فرانسوا كوب الامين العام لحزب الاتحاد من اجل الحركة الشعبية الاتهامات باشاعة الخوف قائلا ان هذا النقاش بشأن كيفية احترام النظام العلماني سيضمن المساواة لكل الاديان.وفي تأييد نادر قال ريشار براسكييه وهو زعيم جماعة يهودية علمانية ان النقاش مهم ويرد على بواعث قلق لدى السكان الفرنسيين، واضاف براسكييه "هذا النقاش له شرعيته، انه نقاش طبيعي، هذا الموضوع (العلمانية) يهم الشعب الفرنسي وانا لا اشعر انه أمر غير طبيعي، "ما نشهده بشيء من الدهشة أن الجبهة الوطنية التي تمثل اليمين المتطرف في فرنسا حاولت اختطاف هذا النقاش وأن تجعل العلمانية جزءا رئيسيا من جدول أعماله، يجب الا نترك هذا الامر لليمين المتطرف"، لكن كثيرا من المنتقدين يقولون ان القضايا التي يركز عليها حزب الاتحاد من اجل الحركة الشعبية مثل حجاب المرأة والطعام الحلال في مقاصف المدارس وصلاة المسلمين في الشوارع خارج المساجد كلها تستهدف الاسلام.

وقالت القيادات الدينية ان فرنسا عقدت الكثير من النقاشات الجادة والمطولة بشأن نظامها العلماني الذي تبنته عام 1905 لفصل الكنيسة عن الدولة وتساءلوا عن جدوى عقد نقاش اخر، وقال هؤلاء القادة "نحن نعمل من أجل علمانية الفطرة السليمة"، واضافوا "العلمانية لا يمكن فصلها عن قيمنا الاساسية وبشكل خاص كرامة واحترام الانسان"، وعبرت قيادات دينية عن دعمها للمسلمين الذي يبلغ عددهم نحو خمسة ملايين نسمة مما يجعلهم ثاني أكبر طائفة في فرنسا بعد الكاثوليك، وقال الحاخام جيل برنهايم زعيم الطائفة اليهودية في فرنسا "من الصعب في الغالب أن تكون مسلما في فرنس، "وأضاف برنهايم في حديث "هذه الصعوبة تزداد سوءا اليوم في هذا المناخ غير الصحي والذي تفاقم بالحديث الذي يقسم أكثر مما يوحد"، وانضم رئيس اتحاد البروتستانت في فرنسا القس كلود باتي الى رجال الدين المسلمين واعلن عن انه قد يقاطع مناقشات المائدة المستديرة التي يعتزم حزب الاتحاد من اجل الحركة الشعبية اجراؤها في الخامس من ابريل نيسان.ومن المقرر أن تضع هذه المناقشات التي ستجري في فندق بباريس الثلاثاء القادم قائمة من الاقتراحات يمكن أن تطبق سريعا لمواجهة ما يعتبره الحزب الحاكم انتهاكات للنظام العلماني. بحسب رويترز.

وزير جزائري ينتقد النقاش

في سياق متصل استنكر وزير الشؤون الدينية والأوقاف الجزائري أبو عبد الله غلام الله النقاش الدائر بشأن الإسلام في فرنسا باقتراح من حزب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وقال غلام الله في تصريح للصحافيين على هامش زيارته لولاية معسكر غرب الجزائر 'إننا لا نملك إلا أن نستنكر النقاش الموجه من قبل الحزب الحاكم حول الإسلام وفرضه على الجالية الإسلامية المقيمة بفرنسا''. ويعيش في فرنسا نحو 6 ملايين مسلم 45 بالمائة منهم جزائريون، واعتبر الوزير الجزائري أن 'التفات عدد كبير من المثقفين الأوروبيين والفرنسيين نحو الثقافة الإسلامية التي أنقذت أوروبا من تخلف القرون الوسطى.

كما ان اعتناق عدد منهم الإسلام، جعل المتعصبين من الأوروبيين يوجهون سهامهم إلى الدين الإسلامي باعتباره يهدد المسيحية الأوروبية، وهو أمر غير صحيح ويوجه النقاش نحو مواضيع هامشية، وتأتي تصريحات الوزير الجزائري ردا على اعتزام حكومة ساركوزي اتخاذ إجراءات تحد من الحرية الدينية للمسلمين في فرنس، فقد أعلن الأمين العام للحزب الفرنسي الحاكم (الحركة من أجل غالبية شعبية) جان فرانسوا كوبي أن الحكومة الفرنسية ستعلن الأسبوع المقبل عن عدد من الإجراءات تتعلق خصوصا بأداء المسلمين الصلاة في الشوارع''، فيما صرّح وزير الداخلية الفرنسي كلود غيان أن المواطنين الفرنسيين 'يصدمون' عندما يرون الناس يصلون في الشوارع، وأن 'تزايد عدد المسلمين في فرنسا أصبح مشكلة''. بحسب رويترز.

وقال أيضا ''إن القانون الذي أرسى العلمانية ومبدأ فصل الدين عن الدولة يعود إلى العام 1905، وفي تلك الفترة كان هناك عدد قليل من المسلمين في فرنسا، واليوم يقدر عددهم بحوالي خمسة أو ستة ملايين مسلم''، وقد طرح كوبي ما أسماه بـ''وثيقة عمل'' من 26 مقترحا بخصوص المظاهر الدينية، مشيرا إلى أن بعض من المقترحات سينفذ سريعا بينما تحتاج أخرى إلى مسار قانوني سيتم قبل حلول عام 2012، من جهته رفض عميد مسجد باريس، الجزائري دليل أبو بكر أي إجراء يتعارض مع مصلحة الجالية المسلمة في فرنسا، قائلا ''نرفض أن يهان المسلمون''.

قضية دعائية

من جهة اخرى برز الاسلام كقضية محورية في الحملة الدعائية للانتخابات المحلية التي شهدتها فرنسا مؤخراً والتي خسر فيها حزب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي  بانتهاج خط صارم بشأن اندماج الاقلية الفرنسية المسلمة الكبيرة، وكان ساركوزي وضع اللبنات الاولى لذلك بطمس الخط الفاصل بين حزب الاتحاد من اجل الحركة الشعبية بزعامته وحزب الجبهة الوطنية المعادي للمهاجرين والذي تعرض لانتقادات حادة وقتا ما ولكنه تفوق على حزب الاتحاد في استطلاعات للرأي مؤخرا. بحسب رويترز.

وكان وزير الداخلية الفرنسي كلود جيون الذي كان حتى وقت قريب يشغل منصب كبير موظفي ساركوزي بقصر الاليزيه قد بادر بتفعيل ذلك من خلال سلسلة من التصريحات التي تغازل الخطاب المعادي للمسلمين والذي جعل زعيمة الجبهة الشعبية ماري لوبن تحظي بتلك الشعبية، وقال جيون هذا الشهر في رسالة شفهية موحية للناخبين المنزعجين من الاعداد الكبيرة للمسلمين في البلاد "هم يريدون لفرنسا أن تظل فرنسا"، ووصف الوزير الغارات الجوية التي يقودها الغرب ضد ليبيا بأنها "حرب صليبية" مستحضرا صراعا مسيحيا اسلاميا واقترح تجنب ارتداء المرضى في المستشفيات العامة لرموز دينية وهي قضية اخرى تثير قلق كثير من المسلمين.

وجاء التصعيد الخطابي تزامناً مع جولة الاعادة في انتخابات المجالس المحلية. وتقدم حزب الجبهة الوطنية بزعامة لوبن ليفوز بنسبة 15 في المئة من الاصوات ليبعد نقطتين فقط عن حزب الاتحاد من اجل الحركة الشعبية.وتعلن حكومة يمين الوسط ولوبن أن هدفهم هو حماية "اللايسيت" وهي النسخة المتطرفة من العلمانية الفرنسية التي تكافح من أجل ابقاء الدين بعيدا عن الحياة العامة وصارت كلمة اللايسيت تشكل اطارا لمشكلات تحاول فرنسا تكييف طائفتها المسلمة البالغ تعدادها خمسة ملايين نسمة عليها.

ضياع العلمانية

فيما اثار وزير الداخلية الفرنسي كلود غيان الجدل مجددا باعتباره ان تزايد عدد المسلمين في فرنسا يخلق "مشكلة" وذلك عشية نقاش حول العلمانية ينظمه حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية، وقال غيان خلال زيارة لنانت (غرب) "في فرنسا، يعود القانون الذي ارسى العلمانية ومبدأ فصل الدين عن الدولة الى العام 1905"، واضاف "في تلك الفترة كان هناك عدد قليل من المسلمين في فرنس، اليوم يقدر عددهم بحوالى خمسة او ستة ملايين مسلم"، واضاف "صحيح ان زيادة عدد المسلمين وبعض التصرفات يخلق مشكلة".

واوضح ان "الحكومة سوف تأخذ حسب ما اظن، عددا من القرارات من شأنها ان تضمن بشكل افضل مبادىء العلمانية"، واثار غيان مجددا جدلا مع المنظمات المناهضة للعنصرية والاحزاب اليسارية، وقال فرنسوا هولاند، مرشح داخل الحزب الاشتراكي للانتخابات الرئاسية عام 2012 "في كل مرة يدلي كلود غيان بتصريح منذ تعيينه وزيرا للداخلية يحصل جدل"، واضاف "ان التحدث عن المسلمين هو شغله الشاغل"، وجاء تصريح غيان الجديد عشية نقاش ينظمه حزب التجمع من اجل حركة شعبية الذي يثير بحد ذاته جدلا.

من جهة اخرى طلبت النيابة العامة الفرنسية السجن مع وقف التنفيذ لزعيم اليمين المتطرف في فرنسا جان ماري لوبن، بسبب قيام حزبه بتوزيع لافتات دعائية انتخابية تحض على كره المسلمين والاشخاص من اصل جزائري، وتركت النائبة العامة في محكمة نانتير (في ضواحي باريس) ايفون تالك للقضاة مهمة تحديد فترة السجن والغرامة اللتين ستطلبان للوبن، واللافتة موضع الخلاف تظهر فيها امرأة منقبة تقف الى جانب خريطة لفرنسا يغطيها تماما العلم الجزائري وتخرج منها مآذن على شكل صواريخ مع عنوان "لا للاسلمة"، وقامت شبيبة حزب الجبهة الوطنية بتوزيع هذه اللافتات خلال الانتخابات الاقليمية التي جرت في شباط/فبراير 2010 ما اثار العديد من الاحتجاجات خصوصا من قبل الجزائر، وما دفع القضاء الى اصدار امر بازالتها. بحسب فرانس برس.

وتقدمت الحركة المناهضة للعنصرية ومن اجل الصداقة بين الشعوب بشكوى الى القضاء الفرنسي بسبب هذه اللافتة.وحرص محامي لوبن والجبهة الوطنية فالران دي سان جوست على الايضاح بان اللافتة تقول "لا للاسلمة" وليس لا للاسلام، مضيفا "يحق لرجل سياسي ان يقول ان الاسلمة تشكل خطرا على فرنسا"، وكان اليمين السويسري المتطرف اثار جدلا مشابها في تشرين الاول/اكتوبر 2009 عندما وزع لافتة تظهر فيها امراة محجبة امام علم سويسري مغطى بالمآذن، وذلك في اطار الحملة الانتخابية استعدادا للاستفتاء حول حظر بناء المآذن في سويسرا.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 22/نيسان/2011 - 19/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م