الكوارث الطبيعية... ظواهر قهرت غرور الانسان

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: لقد شهد العالم في الآونة الاخيرة العديد من الكوارث العنيفة التي حصدت اروح الملايين من الناس ودمرت مئات المدن والاف القرى، بعد ان تركت اثارها المرعبة لتذكر البشرية لسنين طويلة بمدى قسوتها وشدته، وقد تنوعت هذه الكوارث بطبيعة الحال الى طبيعية تكون بين الزلازل والفيضانات والاعاصير والحرائق وغيره، والنوع الثاني هي الكوارث البشرية التي تكون من صنع الانسان او سبب من اسبابها.

ان الكوارث تكلف البشرية الكثير من الخسائر في الارواح والممتلكات، وتحتاج الى جهد دولي في كثير من الاحيان لكي تتم عمليات الانقاذ واجلاء الضحاي، اما الاعمار فيحتاج في بعض الكوارث الى عقد من الزمن لتجاوزه، مما يدلل على اهمية معرفة الطريقة الصحيحة للتعامل مع هكذا كوارث من اجل الخروج بأقل الخسائر وتجاوز الازمة بالشكل الصحيح.

وفي هذا السياق قدم العديد من الخبراء والفنيين العاملين في مجال الانقاذ والتدريب خلاصة تجربتهم وخبراتهم وامكاناتهم على شكل دليل ارشادي وبرنامج تدريبي يؤهل الجميع للتعامل الصحيح مع هذه الكوارث لانقاذ اكبر عدد ممكن من الارواح.

كلفة الكوارث وأهمية الانقاذ

حيث اعلنت شركة سويس ري السويسرية لاعادة التأمين ان كلفة الكوارث البشرية او الطبيعية ارتفعت ثلاث مرات في 2010، خصوصا بسبب الهزات الارضية الكثيرة، وقد ترفع هذه الهزات التكلفة في 2011 بسبب زلزالي اليابان ونيوزيلندا، كما اوضحت الشركة، وبلغ اجمالي الخسائر العام الماضي 218 مليار دولار (154،4 مليار يورو)، مقابل 86 مليارا فقط في 2009، كما اكدت ثاني شركة تأمين عالمية في بيان، ومن اجمالي التكاليف في العام الماضي، اضطرت شركات التأمين الى دفع 43 مليار دولار، اي بزيادة فاقت 60%، كما اضافت، وافادت دراسة "سيغما" السنوية لسويس ري، ان الكوارث ادت في 2010 الى مقتل 304 الاف شخص، وهو اعلى رقم منذ 1976.

وكانت الهزة الارضية التي وقعت في هايتي في كانون الثاني/يناير 2010، الاكثر دموية اذ اسفرت عن مقتل 222 الف شخص، وادت موجة الحر التي اجتاحت روسيا في حزيران/يونيو الماضي الى مصرع 55 الفا و630 شخص، وكانت تكلفة الهزة التي ضربت تشيلي في شباط/فبراير في 2010، الاعلى وبلغت ثمانية مليارات دولار، تلتها الهزة الارضية في نيوزيلندا في ايلول/سبتمبر التي بلغت تكلفة اضرارها 4،5 مليارات دولار، اما عن كيفية إنقاذ الناس من الفيضانات فقد اكدت مؤسسة قارب النجاة الوطنية الملكية ان عملية إنقاذ الناس من الفيضانات ليس بسيطاً كإرسال قارب أو مروحية، فالأمر يتطلب مستويات عالية من التدريب والتنسيق لفرق الإنقاذ التي تنقل الناجين إلى بر الأمان دون تعريض أنفسهم للخطر.

اما عن كيفية عمل ذلك فقد اكدت هناك نوعان أساسيان من الفيضانات، تلك التي تحدث تدريجياً، مثل الفيضانات الأخيرة في أستراليا، مما يمنح المجتمعات الوقت الكافي للانتقال إلى مناطق مرتفعة، والفيضانات السريعة التي قد تحدث بعد تحذير ضئيل أو معدوم، مثل تلك التي تسببت في خسارة كبيرة في الأرواح في البرازيل في منتصف يناير. والفيضانات السريعة هي التي تتسبب عادة في أشد المخاطر والتحديات التي تواجه رجال الإنقاذ، ويجب على أي شخص يشارك في عمليات الإنقاذ في الفيضانات الحصول على تدريب في مجال الإسعافات الأولية وكيفية تشغيل الراديو، ولكن الكثير منهم يعتمدون أيضاً على طريقة سويفت ووتر Swiftwater للإنقاذ.

وأوضح هيو فوغارتي، الذي يرأس فريق الإنقاذ من الفيضانات التابع للجمعية الخيرية البريطانية المسماة مؤسسة قارب النجاة الوطنية الملكية RNLI، أن أول شيء يتعلمه الأفراد أثناء التدريب على طريقة سويفت ووتر للإنقاذ هو الهيدرولوجيا، أو "كيف تتصرف المياه عندما تتحرك بسرعة كبيرة من خلال قناة محكمة" وهو ما يشمل تعلم قراءة سطح الماء بحثاً عن أدلة عن مكان وجود عقبات خفية مثل السيارات والأعمدة الخرسانية التي يمكن أن تقلب القارب الخاص بك، بعد ذلك، يتعلم المتدربون كيفية الحفاظ على أنفسهم من خلال مهارات مثل "السباحة الدفاعية" واحتياطات مثل استخدام عصا طويلة للبحث عن فتحات عند الخوض في مياه الفيضان، كما يمكن للعمل كفريق أن يقلل المخاطر، إذ يمكن وضع أحد أعضاء الفريق عند المنبع لتحذير باقي الأعضاء من قطع الحطام الكبيرة المتجهة نحوهم، بينما يتمركز اثنان آخران يحملان الحبال عند المصب لاستخدامها في حالة سقوط شخص في الماء.

ورجال الإنقاذ بحاجة أيضاً إلى معرفة كيفية التعامل مع قارب في مياه سريعة الحركة، فوفقاً لجولي ريان، وهي متطوعة في منظمة غير حكومية بريطانية تسمى هيئة الإنقاذ الدولية، هناك طرق لتوجيه القارب حتى لا يتحرك ضد التيار، وتشمل معدات التأهب التي تصرف لمتطوعي الصليب الأحمر الذين يقومون بعمليات الإنقاذ من الفيضانات في موزامبيق الصافرات ومكبرات الصوت للاتصال بالناجين، بالإضافة إلى حبال لسحبهم إلى مكان آمن وسترات نجاة إضافية ومعدات المطر التي تحافظ على سلامتهم وجفاف ملابسهم. وتشمل هذه المعدات أيضاً الفوانيس والمشاعل، وأجهزة الراديو للبقاء على اتصال مع المقر الرئيسي، وقبل إرسال فرق الإنقاذ، عليك أن تعرف إلى أين ترسلهم، إذ يمكن لكميات كبيرة من مياه الفيضان أن تخفي معالم الطرق وتجعل رجال الإنقاذ غير المستعدين مشوشين وغير قادرين على تحديد مواقع الناجين.

 كما يمكن للاستطلاع الجوي أن يكون مفيداً لتكوين صورة لما يحدث على أرض الواقع، ولكنه ليس متاحاً دائم، كما يتدرب رجال الإنقاذ على كيفية قراءة ملامح الخرائط لتحديد المناطق التي غمرتها المياه، ولكنهم يعتمدون أيضاً على المعرفة المحلية لتوجيه البحث، وتملك منظمات مثل الصليب الأحمر وهيئة الإنقاذ الدولية شبكات من المتطوعين المحليين الذين قد يعرفون عدد الأشخاص الذين تقطعت بهم السبل في قرية أو مزرعة أو شارع م، وحيثما تكون تكنولوجيا الهواتف النقالة متوفرة، قد يرشد الناجون أنفسهم خدمات الطوارئ إلى موقعهم، وقالت ريان من هيئة الإنقاذ الدولية "إننا لا نأخذ مجرد جولة للبحث عن الناس، بل نعرف إلى أين نحن ذاهبون، وعن ماذا نبحث"، كما يعد توافر معلومات حول مخاطر معينة مرتبطة بالفيضان أمراً مفيداً. فقد ذكرت ريان أنه خلال بعثة في نوفمبر 2009 لإنقاذ أشخاص من بلدة كوكرماوث التي غمرتها الفيضانات في شمال غرب انجلترا، أبلغتهم الشرطة أن المياه المتدفقة بسرعة قد أفرغت ساحة سقالات وأن عليهم الاحتراس من انجراف أعمدة معدنية ثقيلة، إننا لا نأخذ مجرد جولة للبحث عن الناس، بل نعرف إلى أين نحن ذاهبون، وعن ماذا نبحث. 

ويعتبر نقل الناجين من الأراضي الجافة إلى قارب عملية بسيطة نسبياً، ولكن إنقاذهم من الطابق الثاني من مبنى تطوقه المياه المتسارعة يمثل تحدياً أكبر، وفي مثل هذه الحالات، قد يتم إرسال قارب ثانٍ تجاه المنبع ليلاً لخلق تيار يثبت القارب الأول في مكان ملاصق للمبنى ريثما يتم تحميل الناس، ولا تستطيع معظم قوارب الإنقاذ استيعاب سوى ثلاثة أو أربعة أشخاص في وقت واحد، لذا يعطي رجال الإنقاذ الأولوية للمصابين والصغار وكبار السن وغالباً ما يتحتم عليهم القيام بعدة رحلات لنقل الجميع إلى بر الأمان، وإذا وقع شخص في الماء، على الرغم من أخذ جميع الاحتياطات، فإن مراقباً على متن الزورق يحاول مراقبته لأطول فترة ممكنة، وقالت ريان أن "أسوأ سيناريو هو أن يختفوا تماماً، وتكون غير قادر على العثور عليهم، ولكنك تأمل أنهم سيتمكنون من إيجاد مكان للانتظار حتى تلحق بهم"، وبمجرد وصول الجميع إلى الأرض الجافة، تسلمهم فرق الإنقاذ إلى وكالات الإغاثة لإطعامهم وإيوائهم والبدء في عملية طويلة لإحياء المناطق التي يغطيها الطين والأنقاض. بحسب ايرين.

دليل إرشادي بأسم ايما

الى ذلك أعد الخبراء دليلاً إرشادياً وبرنامجاً تدريبياً تحت مسمى تحليل وتخطيط الأسواق في حالات الطوارئ "إيما" بغرض تحسين قدرة المجتمع الإنساني على الاستجابة لحالات الطوارئ السريعة، وقال مايك ألبو، مستشار تطوير الأسواق، ومطور إيما، أن "الأسواق عنصر أساسي في قدرة الناس على البقاء على قيد الحياة وإدارة حياتهم، فأهم شيء بالنسبة للناس هو أن يكونوا قادرين على كسب لقمة العيش وتوفير الطعام على المائدة" مضيفاً أنه "في نهاية المطاف، بمجرد انتهاء حالة الطوارئ، يصبح الناس بحاجة إلى الأسواق العاملة من أجل مواصلة حياتهم"، ومنذ عام 2007، يتعاون مكتب مساعدة الكوارث الخارجية التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مع خبراء من منظمة أوكسفام ومنظمة إنقاذ الطفولة ولجنة الإنقاذ الدولية في هذا المجال، حيث تم إنفاق ما يقرب من مليون دولار لتطوير دليل يتكون من 10 خطوات، وتدريب العاملين الإنسانيين ليكونوا قادرين على إجراء تحليل للسوق في حالات الطوارئ السريعة.

ويناسب الإجراء المسمى "إيما" فرق الإغاثة التي تتكون من 5 إلى 10 أفراد، ويوفر وسيلة سريعة وصورة تقريبية وجاهزة للسلع والخدمات الأكثر أهمية لنجاة الاقتصاد المحلي في غضون أسابيع، كما يمكن الممارسين، حتى الذين يفتقرون إلى خبرة تحليل السوق، من تقييم الأماكن التي يمكن توجيه المساعدات إليها لتقديم أفضل دعم لسبل العيش المحلية وجعل المساعدات أكثر كفاءة وفعالية، وقد تم بالفعل تطبيق إيما في 10 بلدان مختلفة حول العالم، من بينها هايتي التي ضربها زلزال في 2010 وميانمار التي تأثرت بإعصار نرجس المدمر في 2008. وبحلول نهاية 2011، سيكون ما يقرب من 200 عامل إغاثة قد تدربوا على استخدام مجموعة الأدوات وتدريب آخرين على استخدامها وقيادة بعثة إيما في سيناريو طوارئ سريع الحدوث.

وتكون استجابة المجتمع الإنساني غير المحسوبة لكارثة طبيعية أو حالة طوارئ مفاجئة في كثير من الأحيان عبارة عن شحن السلع الأساسية مثل الغذاء والملبس والمأوى أو نقلها جواً، وفقاً لتوني ستيت، المدير الإقليمي لمكتب مساعدة الكوارث الخارجية، ولكن هذه الاستجابة تتجاهل القدرات المحلية ويمكن أن تؤدي إلى زيادة تكلفة المساعدات وتدني فعاليته، وأضاف ستيت، الذي أجرى تحليل السوق في ميانمار في أعقاب إعصار نرجس "بعد إعصار نرجس في ميانمار، كلف شحن غطاء واحد مصنوع من البلاستيك من الخارج نحو 35 دولاراً، بينما كانت تكلفة صنع بيت من القش محلياً 60 دولار، لقد كشف تحليلنا أن مواد بناء المساكن كانت متاحة بسهولة، وكان الناس بحاجة فقط إلى النقود لشرائها". بحسب ايرين.

ويمكن أن يشير برنامج إيما إلى الوقت الذي يمكن أن تصبح فيه المبادرة على أساس نقدي "منح قروض أو قسائم لشراء السلع المحلية" أكثر فعالية، مما يسمح لمنظمات الإغاثة بإنفاق أموال أقل في نهاية المطاف، وإعطاء خيار أكبر للسكان المحليين بشأن كيفية إعادة البناء، ويضمن تحسين فهم السوق المحلية أيضاً أن المعونة لا تؤدي إلى فقدان مقدمي الخدمات المحليين أعمالهم، وضمان الانتعاش الاقتصادي على المدى الطويل، وأفادت إيميلي هندرسون، المتخصصة في برنامج إيما والمنسقة الإقليمية لأعمال أوكسفام التي قادت بعثة إيما في هايتي في أعقاب زلزال 2010، أن "فهم السوق يساعدنا على الوصول إلى استجابة ليست فقط أكثر فعالية وملائمة من حيث التكلفة ولكنها أيضاً توفر لنا استراتيجية خروج أفضل".

وأضافت أنه "عن طريق تقديم المساعدات من خلال موردي الغذاء والمأوى المحليين، بدلاً من استبدالهم ببساطة، يمكنك تقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية على المدى الطويل"، وفي المستقبل، يمكن أن تصبح تقارير إيما عن الكوارث السابقة مفيدة في التأهب للكوارث، قال ألبو أن "وجود تحليل خط الأساس للأسواق الهامة، وخاصة في أماكن تتكرر فيها حالات الطوارئ مثل هايتي وفيتنام، سوف يجعلنا أفضل حالاً في حالة حدوث نفس الكارثة مرة أخرى"، ومع أخذ ذلك في الاعتبار، أسس المطورون موقعاً على شبكة الإنترنت سيتم من خلاله نشر جميع تقارير إيما من أجل الوصول إليها بسهولة.

البحث عن المفقودين

في سياق متصل يرجع تاريخ جهود اللجنة الدولية للصليب الأحمر في البحث عن المفقودين إلى الحرب العالمية الأولى والثانية، وعادة ما تخلف النزاعات العنيفة والزلازل وموجات التسونامي وراءها فوضى وأشياء لا يمكن التنبؤ به، وغالباً ما تؤدي عمليات الإجلاء السريعة للمواطنين وإيداع المصابين في المستشفيات وحالات الوفيات المفاجئة إلى فصل الأطفال عن آبائهم وقد يصبح العديد من الأشخاص في عداد المفقودين ويظل ذووهم في ترقب دائم للأخبار، وفي مثل تلك المواقف يصبح البحث عن المفقودين أمراً حيوياً لجمع شمل الأسرة، لقد مثلت الكارثة الثلاثية التي ضربت اليابان في الحادي عشر من مارس والتي شملت زلزالاً بقوة 9 درجات على مقياس ريختر أعقبه تسونامي مدمر وتسرب إشعاعي تحدياً كبيراً لعمليات البحث والإنقاذ.

ففي أعقاب الكارثة قامت الحكومة اليابانية بنشر 100 ألف جندي، ما زال 20 ألف منهم محصورين في مناطق البحث، لقيادة جهود الإغاثة. وقد تم إنقاذ 22،184 شخص حتى الخامس عشر من مارس بمساعدة 9،500 من رجال الإطفاء و920 من رجال الشرطة، ولكن تقارير وسائل الإعلام الحكومي ذكرت أن 15 ألف شخص على الأقل مازالوا في عداد المفقودين في الوقت الذي تعوق فيه التوابع المستمرة للزلزل عمال الإغاثة وأكثر من 800 متخصص في البحث والإنقاذ أتوا من 15 دولة حيث تم تسجيل 290 هزة أرضية حتى يوم 16 مارس، إضافة للتحذيرات المتكررة من التسونامي وتزايد منطقة الإشعاع النووي المحظورة وانتشار الحرائق وصعوبة اختراق المنطقة الساحلية.

وقد قدرت منظمة إنقاذ الطفولة غير الحكومية ومقرها المملكة المتحدة عدد الأطفال المشردين بما يصل إلى 100 ألف طفل، وعلى خلفية هذه الكارثة متشعبة الجوانب اكد بعض الخبراء عن أفضل الممارسات لجمع شمل الأسر في هذه الظروف، وقالت كورينا تشاسكي مستشارة حماية الأطفال في هيئة إنقاذ الطفولة أن أول مرحلة للعثور على الأطفال المنفصلين عن ذويهم هو تسجيلهم في جمعية الصليب الأحمر المحلية وإيداعهم لدى أسر مؤقتة في الوقت الذي يتم فيه تتبع خيوط المعلومات التي يمكن أن توصل إلى أماكن آبائهم، وقد قامت الشرطة بإنشاء مراكز اتصال خاصة يتم من خلالها تقديم الدعم والإرشاد للعثور على أفراد الأسر المفقودين، كما أطلقت شركة نيبون للهاتف والتلغراف خدمة للرسائل الطارئة حيث يمكن للناس أن يتصلوا ويتركوا رسائلهم، ويمكن تنبيه أفراد المجتمع للبحث عن الأطفال المفقودين من خلال الإذاعة أو الصحف.

وأضافت تشاسكي "يمكن استخدام المعلومات والدلائل التي تساعد في عملية البحث من المذكرات الخاصة بالأطفال، هذا بالإضافة إلى النشرات والملصقات والأقوال ونشر الرسائل من خلال المجتمع المحلي وشبكات الشرطة في الأماكن التي تكون فيها نظم الاتصال مقطوعة بسبب الكارثة"، وعندما يتم العثور على أطفال يجوبون الشوارع بمفردهم يمكن البحث عن ذويهم بإعادة المشي في المنطقة ورسم خريطة للمواقع المحتملة، وقالت أنيتا ليث المتخصصة في حماية الأطفال في حالات الطوارئ في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن "عملية البحث عن المفقودين تبدأ فوراً في المنطقة التي تم فيها العثور على الطفل ثم تمتد عملية البحث إلى المناطق المحيطة"، وفي حالة الأطفال دون سن الخامسة الذين لا يمكنهم تقديم معلومات عن عنوانيهم بسبب صغر سنهم يمكن وضع صورهم على لوحات إعلانية مع رسائل تحدد أماكن القائمين على رعايتهم.

التقنيات وعمليات الانقاذ

من جهة اخرى تعد الرسائل النصية وسيلة سريعة لنشر المعلومات وإعادة الاتصال بين أفراد الأسرة، ويمكن استخدام الهواتف التي تعمل بالأقمار الصناعية في المناطق التي تنقطع فيها شبكات الاتصال الهاتفي المعتادة مثلما حدث في بداية هذا العام في جنوب شرق البرازيل حيث خلفت الفيضانات والانهيارات الأرضية أسراً منكوبة دون أي وسيلة للاتصال مع أقاربهم في الأجزاء الأخرى من البلاد، وطبقا لما ذكرته الوكالة المركزية للبحث عن المفقودين التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر فإن "التقدم في التقنيات كان له تأثيراً كبيراً على عملية البحث عن المفقودين وبصورة رئيسية عن طريق الإسراع في نقل المعلومات إلى أعداد كبيرة من الناس"، وقد قامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالبدء في عملية البحث عن المفقودين في أواخر القرن الثامن عشر من أجل إعلام الأسر بأماكن وسلامة أقاربهم المحتجزين.

ويقوم الصليب الأحمر حالياً بنقل مئات الآلاف من الرسائل لجمع شمل الأسر ووضع نهاية لحالة الانتظار وتوفير راحة البال التي غالبا ما تغيب أوقات الأزمات، وفي عام 2009 وحده تم جمع وتسليم أكثر من 253 ألف رسالة، وقد ساعد البحث عن المفقودين في عودة أسرى الحرب الكونغولية إلى وطنهم ومكن من إجراء ما يقرب من 200 مكالمة فيديو بين المحتجزين وعائلاتهم في أفغانستان، وفي أعقاب زلزال هايتي في يناير 2010 قامت جوجل بتطوير تطبيق مفتوح المصدر على شبكة الانترنت للعثور على الأشخاص وهو عبارة عن سجل ولوحة إعلانات للرسائل يستخدمها الناجون والأسر والأصدقاء للنشر والبحث عن معلومات تدل على أماكن تواجد الأشخاص بعد حدوث كارثة طبيعية، وحتى الآن وبعد حدوث خمس كوارث طبيعية جمع السجل أكثر من 200 ألف اسم. بحسب ايرين.

يذكر انه خلال أسبوعين من الزلزال الذي ضرب هايتي في يناير 2010 تم تحديد مكان أكثر من 26 ألف شخص باستخدام موقع الروابط العائلية للجنة الدولية للصليب الأحمر الذي يمكن الناس من البحث عن الأشخاص المفقودين وتقديم معلومات عن أماكن الناجين، ومنذ عام 2009 تم إدخال أكثر من 83 ألف شخص- ممن يرغبون في الاتصال بأقاربهم أو الذين لديهم معلومات عن أقارب مفقودين- إلى نظام قواعد البيانات، وطبقا لما ذكره تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر لعام 2009 فإن "الموقع يمكن الناس من الاتصال ببعضهم البعض ويسعى جاهدا إلى جمع شمل أفراد الأسر الذين تفرقت بهم السبل وإلى تحديد أماكن الأقارب المفقودين واستعادة والتعرف على الرفات البشرية"، علماً ان الموقع حاليا موجود على شبكة الانترنت وجاري استخدامه للعثور على الأشخاص المفقودين بسبب التسونامي الذي ضرب اليابان بعد زلزال 11 مارس، وبالأضافة إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي يشكل البحث عن المفقودين جزءً لا يتجزأ من أنشطتها لما يزيد عن 100 عام، تقوم منظمات أخرى حالياً بتنفيذ أنشطة البحث عن المفقودين مثل منظمة إنقاذ الطفولة واليونيسف ومنظمة بلان الدولية واللاجئين المتحدين، وقالت تشاسكي من هيئة إنقاذ الطفولة أن "منع انفصال اعضاء الأسرة عن بعضهم هو أفضل أشكال الحماية الاجتماعية".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 21/نيسان/2011 - 17/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م