من يمثل سنة العراق؟

مهند حبيب السماوي

تصريحان مختلفان في مصدرهما متشابهان في دلالاتهما ومعناهما لا يفصل بينهما سوى يوم واحد، كشفا عن مشكلة، يجب النظر فيها وحلها، في العراق " الجديد "، الأول هو تصريح القيادي في الحزب الإسلامي المنضوي تحت تحالف الوسط في البرلمان الدكتور وليد عبود المحمدي يوم السبت 16-4-2011 يتعلق بمن يتولى منصب الوقف السني بعد رئيسه الحالي احمد عبد الغفور السامرائي.

حيث نفى المحمدي، وفي معرض امتعاضه مما تردد عن إعطاء هذا المنصب للقائمة العراقية وبالخصوص لجبهة الحوار، "أي علاقة للقائمة العراقية بديوان الوقف السني لا من قريب ولا من بعيد" معللا ذلك بأنه من " مسؤولية المكون السني" في إشارة إلى تحالف الوسط أو الحزب الإسلامي الذي هو احد قياديه، محذرا من إقحامه في" الصفقات السياسية بين الكتل".

أما التصريح الثاني فقد جاء بعد يوم واحد من هذا التصريح أي يوم الأحد 17-4-2011 على لسان أحدى قيادات القائمة العراقية البيضاء السيدة عالية نصيف، إذ قالت إن "القائمة العراقية البيضاء لا تدعم مرشح العراقية ورئيس قائمة تجديد طارق الهاشمي لمنصب رئيس الجمهورية" لأنها " تطالب أن يكون المنصب لها ولمرشحها النائب قتيبة الجبوري" ثم بررت ذلك، وعلى نفس إيقاع المحمدي، بان الجبوري " من الطائفة السنية ".

إذن كلا التصريحين يكشفان، بالنسبة لي على الأقل، وعلى نحو جلي، مشكلة التمثيل السياسي لمكونات الشعب العراقي المذهبية والدينية والقومية، ويمكن، بالتالي، إثارتها في ذهن المراقب ورجل الشارع على حد سواء وطرحها والنظر في مدى مصداقية ادعاء كل كتلة فيما تمثله وما تعكسه من إرادات للشعب العراقي.

المحمدي يرى أن القائمة العراقية لا علاقة لها بالوقف السني " لا من قريب ولا من بعيد" ويعني أنها لا تمثل هذا المكون....ونصيف لا تدعم الهاشمي لمنصب النائب لأنه، على ما يدل من كلامها الواضح، ليس سنياً، وكلاهما، أي المحمدي ونصيف، ينفيان الهوية الطائفية لكتلة أو شخصية سياسية ما من اجل إثباتها لكتلة أو شخصية أخرى، منضوي صاحب التصريح بالطبع تحت لوائها، من اجل استلام منصب معين محسوم للطائفة السنية بحسب نظام التوافق السياسي الطائفي" البائس" في العراق.

أن هذين التصريحين يكشفان لنا عن المشكلة التي قلت في بداية مقالتي انه " يجب حلها" والتي تحاصر العراق ونخبه السياسية والمجتمعية في نفس الوقت، وهي مشكلة من يمثل مكونات المجتمع العراقي المختلفة دينيا وقوميا وطائفيا وفكريا!

من يمثل سنة العراق ؟ هذا هو السؤال الذي حفزتنا على طرحه تصريحات المحمدي ونصيف ! والذي من الممكن أيضاً أن يمتد إلى سؤال آخر وهو من يمثل الشيعة في العراق؟.

لا يمكن، ولا يحق، لأي كتلة سياسية أن تزعم أنها ممثلة وحيدة لأي طيف من أطياف الشعب العراقي، وكل حديث عن اختزال كتلة سياسية لهذا الطيف أو ذاك فهو حديث غير دقيق وبعيد عن الصواب. فلا يمكن، والحال هكذا، القول بأن هذه الكتلة تمثل سنة العراق أو أن الجبوري يمثل السنة أكثر من تمثيل الهاشمي لهم، وذلك لان هذا الأمر لا يعود للكتلة أو للشخص وإنما للناخب العراقي الذي صوت لهؤلاء دون غيرهم، فإذا كانت العراقية ليس لها علاقة بالوقف السني أي كأنها بعيدة عن أهل السنة، فمن حقنا وضع التساؤل التالي :

هل سنة العراق ممثلون فقط في تحالف الوسط (التوافق ووحدة العراق) الذي ينتمي إليه المحمدي صاحب التصريح أعلاه ؟

وإذا كان الأمر كذلك والجواب ايجابي...فهل من المعقول أن يكون السنة في العراق ممثلون فقط في أعضاء تحالف الوسط في البرلمان العراق ؟ أو فقط في الحزب الإسلامي العراقي الذي لديه ستة مقاعد في البرلمان العراقي ؟

هل يمكن لعاقل أن يصدق أن أهل السنة في العراق لديهم تمثيل برلماني يقتصر على ستة أعضاء ؟ أو يصدق، مثلاً، أن شيعة العراق ممثلون فقط في دولة القانون أو المجلس الأعلى أو التيار الصدري ؟

نعم الحزب الإسلامي يمثل بعض السنة في العراق مثلما تمثل العراقية أيضاً بعض السنة والحال ينطبق، على نحو مماثل، على الشيعة وكتلها وتياراتها السياسية الممثلة في البرلمان الذي وصلوا إليه بتصويت فئات مختلفة وطبقات متنوعة من فئات وطبقات الشعب العراقي.

ولذا على الكتل السياسية أن تتحدث، إذا أرادت استخدام الدقة وابتغاء الحقيقة وليس التعكز على الألاعيب اللغوي، عليها أن تتحدث عمن انتخبهم وأوصلهم إلى مقاعد البرلمان وليس عن مكون طائفي أو قومي معين يصرحون ويدعون أنهم ممثليه في الحكومة العراقية.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 20/نيسان/2011 - 16/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م