النجف الاشرف... عاصمة الشيعة تستعيد بريقها

شبكة النبأ: يتدفق ملايين الزوار الشيعة على شوارع مدينة النجف العراقية كل عام منبهرين بقدرتها على الصمود في وجه عقود من القمع وبزوغها كمركز ديني وأيضا للسلطة.

وأعيد احياء النجف كمركز للمذهب الشيعي اذ يوجد بها القبة الذهبية المدفون تحتها الامام علي والحوزة العلمية الشريفة فضلا عن رجال الدين البارزين الموجودين هناك لتكتسب مكانة احتلتها لسنوات منافستها مدينة قم الايرانية.

ويمثل تزايد نفوذ النجف كمركز شيعي تهديدا لرجال الدين الايرانيين الذين تمتعوا بتأثير لا يضارعه تأثير على السياسة الايرانية والجماعات الشيعية الاخرى بالمنطقة لسنوات حين كان الرئيس السني الراحل صدام حسين يفرض قيودا على مدينة النجف. بحسب رويترز.

ويستعرض العراق ببطء عضلاته في الدبلوماسية الاقليمية من خلال الدعوة الى استضافة قمة لجامعة الدول العربية في مايو ايار ومطالبته الولايات المتحدة بالتوسط في اضطرابات البحرين بعد احتجاجات داعية للديمقراطية نظمتها الاغلبية الشيعية ضد الاسرة السنية الحاكمة هناك.

وقالت جالا رياني المحللة بمؤسسة (اي.اتش.اس) جلوبال انسايت "منذ سقوط صدام بدأ شيعة العراق يستعيدون دورهم التاريخي كزعماء للعالم الشيعي."

وأضافت "برزت قم منذ قيام الثورة الاسلامية (في ايران) ويرجع هذا جزئيا الى عزلة العراق التدريجية منذ ذلك الحين وايضا الى المذهب الديني للجمهورية الاسلامية... غير أن السكان الشيعة والقيادة الدينية في العراق أخذوا في هدوء نصيبهم" من النفوذ.

وتصدرت الاغلبية الشيعية بالعراق الساحة السياسية بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأسقط صدام وأدى الى تشكيل حكومة يهيمن عليها الشيعة. ومنذ ذلك الحين تستقطب النجف ملايين الشيعة على مستوى العالم.

واشتكى شيعة العراق لسنوات من العيش تحت قبضة صدام. وكانت ممارسة الشعائر الدينية الشيعية محظورة واضطهدت قواته الاف الشيعة.

والان تريد بغداد أن تظهر لطهران أن بوسعها أن تكون لاعبة مؤثرة في سياسات الشرق الاوسط ووجود النجف كمركز للسلطة الدينية الشيعية يمكن أن يعزز هذا الوضع.

ويقول كليف كوبتشان المحلل بمجموعة يوراسيا لاستشارات المخاطر "العراق الذي يقوده الشيعة قوة اقليمية صاعدة. الان فقط بدأ يعثر على قوته. لعب تاريخيا دورا في الجغرافيا السياسية والامن بالخليج. الحرب خلفت فراغا ملاته ايران لكن العراق الان عاد لملء الفراغ الذي خلفه."

وخرج الالاف من شيعة العراق الى الشوارع الشهر الماضي للاحتجاج على دخول قوات من السعودية ودول خليجية أخرى الى البحرين.

وندد الائتلاف الشيعي الحاكم بالعراق وكبار رجال الدين بانتشار القوات السعودية في البحرين حيث طلبت الاسرة السنية الحاكمة المساعدة في اخماد احتجاجات قادها الشيعة.

ودعا اية الله العظمى علي السيستاني الزعيم الشيعي الكبير بالعراق والذي نادرا ما يتدخل في السياسة البحرين علنا الى وقف استخدام العنف ضد المتظاهرين المسالمين.

وقال سفير الولايات المتحدة في العراق جيمس جيفري ان الحكومة العراقية طلبت من بلاده ولاعبين اخرين التدخل في البحرين لمحاولة حل الصراع مضيفا أن واشنطن تعمل من أجل هذا الهدف.

والعراق والبحرين ولبنان هي الدول العربية الوحيدة التي يفوق فيها عدد الشيعة عدد السنة. والعراق على غرار البحرين به أغلبية شيعية اشتكت من القمع في ظل حكم السنة.

وقال كوبتشان "رد فعل العراق على التدخل السعودي في البحرين أحد أوضح الامثلة على صعود العراق البطيء والمطرد في نفس الوقت على الساحة الاقليمية...رد فعل شيعة العراق على الاحداث في البحرين كان الاقوى بالمنطقة." وعلى مدى تاريخ امتد لالف عام صمدت النجف في وجه الحروب وقمع الزعماء السنة والمنافسة مع ايران.

لكن قيام الثورة الاسلامية الايرانية عام 1979 وصعود صدام الذي اضطهد وأعدم رجال دين وزعماء سياسيين شيعة ساعد قم على أن تطغى على النجف.

وقال رجل الدين الشيعي السيد محمد بحر العلوم الذي فر من العراق عام 1969 بعد أن أصدر حزب البعث الذي كان مهيمنا في عهد صدام حكما باعدامه ان صدام حاول اطفاء شمعة النجف وحارب علماء ورجال الدين بها وطردهم.

الان تستقطب النجف ملايين الشيعة من العراق وايران والبحرين والكويت والهند وغيرها. وتتوافد أعداد كبيرة من الزوار على المدينة خلال المناسبات الشيعية المهمة. وأنشئت الحوزة العلمية الشريفة بعد سقوط صدام واستقطبت الاف الطلبة الجدد. وتمتليء الشوارع بالايرانيين الذين كان يحظر دخولهم في عهد صدام وينشدون أغاني بالفارسية للامام علي ويجلبون الاطفال حديثي الولادة الى ضريحه للتبرك. وتكتسب النجف قدسيتها عند الشيعة لكونها مقر مرقد الامام علي.

والنجف هي مقر المرجعية الشيعية في العراق في اشارة الى كبار رجال الدين الشيعة وهي تشير عادة الى رجل الدين السيستاني (83 عاما) الايراني المولد والذي ينظر اليه كقوة للوحدة بين معظم شيعة العراق منذ عام 2003 .

ويقول السيستاني انه لا ينوي التدخل في السياسة وعلى النقيض من ميول رجال الدين في ايران تدافع تعاليمه عن الفصل بين الدين والدولة.

وتقول رياني ان السيستاني "لا شك اكثر قوة وشعبية ويحظى باجلال أوسع نطاقا" من الزعيم الاعلى الايراني اية الله علي خامنئي. وأضافت رياني "وضع السيستاني داخل ايران قوي جدا ومن المحتمل أن يمثل تحديا لا يستهان به للسلطة الدينية لخامنئي."

ويقول محللون ان من شأن الصفقات التي أبرمتها بغداد مع شركات نفط دولية والتي قد تضمها الى نادي كبار المنتجين العالميين أن تغير ميزان القوى في الشرق الاوسط لتعطي العراق المزيد من النفوذ السياسي وفي نهاية المطاف تهدد سلطة ايران في العالم الشيعي التي لم ينافسها فيها أحد لسنوات.

وقال كوبتشان "العراق في صعود من ناحية القوة الناعمة والجاذبية السياسية والثقافية. على المدى القصير ستظل ايران القوة الشيعية الاقليمية المهيمنة... على المدى الطويل العراق واعد جدا وقد يبزغ مجددا كثقل يوازن منافسته التقليدية بالمنطقة ايران."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 19/نيسان/2011 - 15/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م