الكثير من التصريحات التي تطلقها المؤسسات الحكومية الرقابية بين
الحين والآخر والتي تبين فيها عن أن 70% من الأطعمة والأغذية المتوفرة
في الأسواق العراقية فاسدة وأن اللحوم ذات النكهة الطائفية، فكل طائفة
لدينا لها لحومها، وهي جميعها لحوم هندية تحتوي على مواد مسرطنة كما
أعلنت ذلك مركز حماية المستهلك وبحوث السوق في جامعة بغداد بعد أخذه
لعينات عشوائية من تلك اللحوم..
وأن الماء والعلب البلاستيكية تتأثر بمرور الوقت لتصبح من المواد
المسرطنة وأن %40 من المياه المعبئة غير مطابقة مواصفاتها للمقاييس
العالمية بما في ذلك المصنعة محلياً مع أن 20% من المياه المستوردة غير
صالحة أيضاً للاستهلاك لاحتوائها على أنواع كثيرة من البكتيريا كما
أكدته الباحثة العراقية ريام ناجي عجمي الحائزة على جائزة منظمة
اليونسكو في علوم الحياة والتلوث البيئي.
والكثير من التصريحات التي أطلقها الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة
النوعية.. ولكن الغريب أنه الى الأن لم يخرج علينا بَطلٌ ما ليعلن عن
قائمة بالأنواع والشركات المنتجة والواقف وراءها ليكون أبناء الشعب على
بينة من أمرهم ويجتنبوا شراء تلك المسميات التي ملئت أسواقنا على
أنواعها الكثيرة.. ولغاية لم يخرج بَطلٌ، بما فيها الحكومة، ليعلن
اعتقال عصابة من التجارة التي ارتضوا على أنفسهم الكسب الحرام
بالمتاجرة بدمائنا وأرواحنا.. ألا يكفي مئات الألاف من الأطنان من
المواد المشعة التي ألقتها القوات الأمريكية كقذائف اليورانيوم المنشط
في سماء العراق منذ بدأ الاحتلال له..
ألا يكفي التلوث الإشعاعي الذي حصل منذ حوسمة منطقة التويثة
النووية ألا يكفي ما تم دفنه في الأراضي العراقية من ألاف الأطنان من
النفايات السامة للجيش الأمريكي في العراق.
فجميع حالات التلوث تلك دفعنا مقابلها أرواحنا وارواح عوائلنا
واليوم نقوم بشراء الملوثات بعرق يومنا وبدون علم منا لنطعمه أطفالنا..
اين ذلك البطل الذي سيخرج يوماً ليحرر السوق العراقية من تلك
المسرطنات التي تملئ الرفوف وتغري الكثير من أبناء الشعب العراقي..
والعراقي يحق أن يقدم له ما يقدم لأي مواطن حر في العالم وأن ننشط دور
الرقابة والسيطرة النوعية ونهيئ قائمتنا السوداء لمنع كل من يتاجر بتلك
الأعمال السوداء من العمل مدى الحياة فلا مكان في العراق لأولئك الذي
تلوثت أموالهم بدمائنا بعد اليوم.
علينا أن لا ندخل منتجات الدول المجاورة مضى على صنعها أيام حتى لا
أسابيع أو أشهر أو سنين وهذا ما مضى عليه أغلب التجار العراقيين في
استيراد مخلفات أسواق دول الجوار لكونها توفَر لهم بسعر أرخص من قبل
أصحاب المعامل في تلك الدول وحتى الأدوية نرى أن أغلب الأدوية مصنعة في
عام 2008 وتنتهي صلاحياتها في الشهر السادس من عام 2011.. على الرغم من
استيرادها قد تم في هذا العام.. ولكنه الطمع والجشع الذي طال حتى ذوي
المهن الإنسانية التي لا ينفع معها الجشع.. والذي أضحى إرهابا.. بل أشد
وطأة ووحشية من الإرهاب بعينه.
وعلينا أن لا نسمح بدخول المواد الغذائية للأسواق العراقية مالم تكن
تلك المواد تباع بأسواق ذات الدول المصنعة ونتحرى عن ذلك بسرية تامة
وأن تكون تلك المصانع حاصلة على شهادة الآيزو العالمية بأحدث إصدارتها
وأن يتم التأكد من ذلك فالجميع على علم بأن هناك مصانع أنشأت في دول
الجوار لأجل العراق ولإغراقه بالبضائع الرديئة الرخيصة.. لكوننا شعب
أنهكه الجوع وذبحته الفاقة غير قادراً على تجاوز خط فقره المحتوم.
.. أما لماذا نحن بحاجة الى بطل.. فذلك لكوننا فاسدون والعالم يُجمع
على أننا فاسدون وبما أننا فاسدون فكل شيء يقع تحت أيدينا سيفسد..
فالفساد ينتقل بيننا كالوباء.. وعلى الأطلاق أصبح الكل فاسد وزيراً كان
أم عامل خدمة في الشارع.. والفساد هو جرثومة العصر التي انتقلت الينا
عبر الحروب والتحولات الديمقراطية والفقر وقلة الايمان وانعدام الضمير
الحي الذي يعيش الآن في إجازة إجبارية لحين ملء البطون بالمال
الحرام... وبانتظار البطل.. سنبقى فاسدون وطعامنا فاسد ومائنا فاسد
وهواءنا فاسد و......... فاسد !
zzubaidi@gmail.com |