مهاجرون يقتحمون حصون اوروبا

فرارا من لظى الحرب وبطش الجوع

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: يرتبط ملف الهجرة البشرية بعدة عوامل سلبية وايجابية، فالهجرة التي يقوم بها الانسان ويترك فيها بلاده واقربائه ليطلب اللجوء في بلد يختلف في كل شيء تعود عليه في بلده الام، ليس بالأمر الهين، خصوصا وانه يعرف مدى المعاناة والصعوبات التي يمر بها حتى يصل الى البلد المضيف، هذا ان تمكن الوصول اليه سالماً.

ان من العوامل السلبية التي تشجع على الهجرة والنزوح الجماعي هي التقلبات السياسية التي يمر بها البلد، وتتجلى في الانقلابات السياسية او الثورات وحتى الاقتتال بين ابناء البلد الواحد، ولعل ما حدث مؤخراً في تونس وليبيا مثال حي عن واقع الحال، طبعاً بالإضافة لعوامل اخرى من قبيل الحالة الاقتصادية المتردية والبطالة والملاحقة السياسية والتمييز العنصري والطائفي والارهاب وغيره.

اما ما يؤثر ايجاباً على الهجرة ويحث عليها فهو رغبة الشباب في حياة افضل من خلال طلب اللجوء الى الدول المتقدمة، بحثاً عن فرص للعمل وتكوين الذات والسعادة والديمقراطية والحرية بعيداً عن الملاحقة والاضطهاد التي يعانيها الشبان في بلادهم على يد الحكومات الرجعية التي تضيق الخناق عليهم.

اعداد النازحين يرتفع

فقد قالت وكالة للاجئين ان عدد النازحين داخل بلادهم في انحاء العالم بلغ 27.5 مليون في العام الماضي وهو أعلى رقم سجل منذ منتصف التسعينات رغم ان الوضع في القارة الافريقية تحسن، وبينما يكتسب اللاجئون الذين يعبرون الحدود خارج بلادهم حقوقا وفق القانون الدولي فان النازحين الذين اجبروا على الانتقال من مكان لاخر داخل نفس الدولة بسبب صراع او مجاعة ليست لديهم مثل هذه الحقوق في الكثير من الدول، وذكر التقرير السنوي لمركز مراقبة النزوح الداخلي التابع للمجلس النرويجي لشؤون اللاجئين ان عدد النازحين داخل بلدانهم في افريقيا انخفض بنسبة اربعة بالمئة ليصل الى 11.1 مليون شخص بينما اظهرت كافة المناطق الاخرى زيادة في العدد.

وقال التقرير انه بالمقارنة مع هذا العدد فان هناك نحو 15 مليون لاجئ في انحاء العالم، وقال التقرير "هذا الاتجاه الايجابي (في أفريقيا) يعطينا أمل، لكن القارة الافريقية تبقى في مقدمة سياسة التنمية التي تدعم حقوق النازحين داخليا"، وقال التقرير ان السودان لا تزال هي الدولة التي تشهد اكبر نزوح داخلي وبها ما بين 4.5 مليون نازح و5.2 مليون او نازح واحد من بين كل ثمانية من السكان، وهناك نحو 490 الف شخص في السودان نزحوا في 2010 وهو أكبر عدد في العالم، وقال التقرير ان كولومبيا جاءت في المركز الثاني وبها ما بين 3.6 مليون نازح و5.2 مليون تليها العراق وبها 2.8 مليون وجمهورية الكونجو الديمقراطية 1.7 مليون والصومال 1.5 مليون ثم باكستان 980 الفا. بحسب رويترز.

من جهة اخرى أظهرت دراسة إيطالية حاجة إيطاليا البلاد إلى ما يقرب مليوني مهاجر خلال العشر سنوات المقبلة لتغطية احتياجات سوق العمل، ونقل عن الدراسة التي أجرتها وزارة العمل تحت عنوان "الهجرة من أجل العمل فى إيطاليا" ان "انخفاض العرض بسبب نقص السكان مع ارتفاع الطلب على العمالة سيؤدي إلى زيادة الطلب على المهاجرين الذين تحتاج البلاد منهم لحوالي المليوني شخص حتى نهاية 2020"، وذكرت الدراسة أن إيطاليا تحتاج مهاجرين بواقع 100 ألف شخص حتى العام 2015 وبعدها ستحتاج حتى العام 2020 سنوياً إلى 260 ألفاً" اي مليون و800 الف مهاجر في عشر سنوات.

وأوضحت الدراسة ان سبب هذا التقدير يعود الى ارتباط الطلب على العمالة بعملية العرض والطلب في سوق العمل، ومن ناحية العرض من المنتظر ان ينخفض عدد السكان فى سن العمل من 5% الى 7.5% او من 24 مليون و950 الف نسمة الى 23 مليون بنهاية العقد الحالي، ومن ناحية الطلب، ينتظر أن يرتفع خلال العشر سنوات المقبلة بواقع 0.2% ثم يزيد حتى 0.9% ليصل إلى 24902 الفاً عام 2020. بحسب يونايتد برس.

ايطاليا تستعد لهجرة جماعية

الى ذلك قال وزير بالحكومة الايطالية ان بلاده تتهيأ لنزوح جماعي محتمل للمهاجرين الفارين من الاضطرابات السياسية في شمال افريقيا بعدما تزايدت تدفقات المهاجرين غير الشرعيين من تونس، وعاودت موجات من مئات المهاجرين الفارين الى ايطاليا هربا من انعدام الاستقرار تدفقها في الاونة الاخيرة بعدما انحسرت موجة الطقس العاصف التي أعاقت القوارب، وقال وزير الداخلية الايطالي روبرتو ماروني ان فريق مساعدات معني بتقديم العون الغذائي والطبي يهدف الى التعامل مع وضع اللاجئين في شمال افريقيا لكنه كان بالفعل يقوم بالتحضير لارتفاع محتمل في عدد المهاجرين لايطاليا.

وقال ماروني في مؤتمر صحفي "لدينا الخطة البديلة جاهزة والسلطات تضع خطة للتعامل مع المهاجرين حال وصولهم"، ووصلت ثلاثة زوارق الى سواحل جزيرة لامبيدوسا في صقلية وعلى متنها 160 مهاجرا بعد وصول 500 مهاجر، ووصل الى ايطاليا ما يزيد على 6000 مهاجر منذ الاطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي في منتصف يناير كانون الثاني الماضي، وفر عشرات الالاف من العنف في ليبيا وعبروا الحدود الى تونس منذ الانتفاضة في ليبيا ضد  القذافي والتي تحولت الى حرب بين الثوار والكتائب الامنية للقذافي، ووقفت امكانات تونس في مجال المساعدات عاجزة عن مجابهة العدد الهائل من النازحين من ليبي، وكانت ايطاليا واحدة من دول اوروبية عديدة وافقت على المساعدة في اجلاء العمال المصريين الفارين من ليبيا واعادتهم الى مصر. بحسب رويترز.

وابدت حكومة رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني التي جعلت تضييق الخناق على المهاجرين غير الشرعيين أولوية لها قلقها من احتمال وصول موجة جديدة من المهاجرين بالقوارب الى ايطاليا بسبب الاضطرابات في شمال افريقي، وأعلنت روما أنها تعتبر الموجة الاخيرة من المهاجرين أزمة أنسانية طارئة وحذرت من أن مئات الالاف قد يفرون الى ايطالي، وحثت روما شركائها في الاتحاد الاوروبي على توفير أموال للمساعدة في توفير المأوى لكن بعض الحكومات الاوروبية قالت انها لا يزال من السابق لاوانه التنبؤ بعدد من يسعون للجوء في أوروبا هربا من الاضطرابات في شمال افريقيا.

يذكر ان ايطاليا نقلت المزيد من المهاجرين غير الشرعيين من جزيرة صغيرة تعاني بسبب تدفق الاف الشبان التونسيين عليها عقب الاضطرابات التي تجتاح شمال افريقي، وتتحمل (لامبيدوزا) في اقصى الطرف الجنوبي الاوروبي عبء الوافدين من تونس منذ بداية العام مما دفع السكان الى الشكوى من ان الحكومة تهملهم، وتقول ايطاليا التي انضمت الى تحالف يقوم بعمليات جوية فوق ليبيا وفتحت سبعاً مع قواعدها الجوية أمامها انها تخشى من احتمال توافد مئات الالاف من اللاجئين بسبب القتال في ليبيا.

ووصل نحو 15 الف مهاجر غير شرعي منذ الاطاحة بالرئيس التونسي السابق وبقوا فوق الجزيرة لايام او ربما لاسابيع في بعض الاحيان قبل نقلهم الى مراكز خاصة للتعامل معهم في أماكن أخرى في ايطالي، واكتظت شوارع البلدة الساحلية الهادئة التي تعتمد على الصيد والسياحة بمئات الشبان من شمال افريقيا الذين يتجولون بلا هدف أو يجلسون في مجموعات يتحدثون ويمضون الوقت، وقال مراد البالغ من العمر 24 عاما "هذا وضع رهيب بالنسبة لنا وللسكان المحليين، الناس هنا في غاية اللطف وقدموا الغذاء ولم يكن هناك عنصرية او أي شيء من هذا القبيل لكنني اشعر ان الامر سيء."

واضاف وهو يشير الى مخيم عشوائي من الاغطية البلاستيكية على جانب تل يطل على جانب من الميناء "ملابسي متسخة، لم استحم منذ اسبوع ونحن ننام في خيمة هناك"، ومثل اخرين يحاول مراد الذي رفض الكشف عن اسمه بالكامل خشية ان يقع في مشاكل مع السلطات قد تمنعه من الوصول الى فرنسا وردد دون أن يدري نقطة اثارها سياسيون ايطاليون وقال "لا اريد ان ابقى هن، اريد اللحاق بوالدي واخي في باريس"، وطالبت حكومة يمين الوسط بزعامة سيلفيو برلسكوني بمزيد من المساعدة من شركائها الاوروبيين قائلة انه يتم ترك ايطاليا ودول أخرى في جنوب اوروبا مثل مالطا واليونان للتعامل مع مشكلة اقليمية بمفردها. بحسب رويترز.

وفي لامبيدوزا التي بها مركز استقبال مكتظ عن اخره وحيث بدأت المياه تنفد تحاول الحكومة تخفيف الضغط متعهدة بتوزيع العبء على مناطق مختلفة في ايطالي، وقال متحدث باسم سلطة ميناء لامبيدوزا ان الحكومة ارسلت هذا الاسبوع سفينة نقل تابعة للبحرية لنقل بعض المهاجرين الى صقلية وعادت السفينة للقيام برحلة ثانية اليوم الجمعة لنقل نحو 500 مهاجر.

التصدي للهجرة غير الشرعية

في سياق متصل اعلن وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني من تونس ان الحكومة الايطالية قررت منح تونس قرضا بقيمة 80 مليون يورو لمساعدتها في التصدي للهجرة غير الشرعية، واوضح فراتيني في مؤتمر صحافي في مطار تونس قرطاج الدولي قبيل مغادرته ان هذا المبلغ "يهدف الى وضع التجهيزات الملائمة في تصرف الحكومة التونسية للتصدي لموجات الهجرة ولتدريب خفر السواحل" التونسيين، واضاف "نحن على استعداد لمساعدة المهاجرين التونسيين على العودة طوعا الى بلدهم" مؤكدا ضرورة "وضع حد لتجارة تهريب البشر".

ومنذ الاطاحة بزين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني/يناير الماضي ، وصل الاف المهاجرين التونسيين الى ايطاليا وخصوصا الى جزيرة لامبيدوزا الصغيرة جنوب صقلية، وتؤوي هذه الجزيرة في ظروف سيئة حوالى ستة آلاف مهاجر بينهم 2200 في مركز لاستقبال مهاجرين غير شرعيين مخصص في الاصل لاستقبال 850 شخص، وقد اجرى فراتيني زيارة رسمية لتونس برفقة وزير الداخلية الايطالي روبرتو ماروني، عقد خلالها مباحثات مع رئيس الوزراء التونسي الموقت الباجي قائد السبسي ووزيري الخارجية المولدي الكافي والداخلية فرحات الراجحي.

من جهتها تواجه السلطات التونسية اول ازمة دبلوماسية مع ايطاليا القلقة من تدفق المهاجرين بطريقة غير مشروعة على سواحلها بعد اشهر من سقوط بن علي، وذكرت وكالة الانباء التونسية ان فراتيني عرض على تونس "تعاونا عملانيا" لمساعدتها على التصدي لتدفق المهاجرين غير الشرعيين الى ايطالي، واثر القاء مع المسؤولين في الحكومة التونسية، قال فراتيني انه عرض عليهم "تعاونا برغماتيا وعملانيا في اطار احترام سيادة الدولة التونسية" للتصدي للمهاجرين غير الشرعيين، واوضحت الوكالة انه عرض تجهيزات مثل رادارات وسفن "توضع بتصرف الجيش التونسي للتصدي لتدفق المهاجرين غير الشرعيين". بحسب فرانس برس.

كما فرضت القضية نفسها على برنامج وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون التي اجرت زيارة خاطفة لتونس وكانت تهدف اساسا الى تقديم دعم من الاتحاد الاوروبي الى الاصلاحات السياسية وانعاش الاقتصاد الاساسي لحسن سير العملية الانتقالية، واكتفت اشتون بالقول خلال مؤتمر صحافي ان "المفوضية في بروكسل على اتصال مع تونس وايطاليا لمعالجة قضية المهاجرين غير الشرعيين"، وذلك بعدما دعت ايطاليا الاتحاد الاوروبي الى "تدخل عاجل".

وفي مواجهة مشكلة الهجرة غير المشروعة، اعلنت الحكومة الانتقالية  انها ترفض بشكل قاطع "اي تدخل في شؤونها الداخلية" او "مساس بسيادتها"، على حد قول مسؤول في وزارة الخارجية التونسية، وتصاعدت اللهجة بين تونس وروما بعد وصول حوالى خمسة آلاف مهاجر الى جزيرة لامبيدوزا الايطالية الصغيرة خلال مدة قصيرة، معظمهم من التونسيين الباحثين عن عمل في اوروب، وقال وزير الداخلية الايطالي روبرتو ماروني "ساطلب من وزير الخارجية التونسي ان يسمح لقواتنا بالتدخل في تونس لوقف تدفق اللاجئين فالتدابير التونسية (لمنع الهجرة) على وشك الانهيار"، غير ان المتحدث باسم الحكومة التونسية اعلن ان هذه الفكرة "مرفوضة".

وفي وقت لاحق افادت منظمة الهجرة الدولية عن توقف وصول المهاجرين التونسيين الى جزيرة لامبيدوزا الايطالية، وسير الجيش التونسي دوريات في شوارع جرجيس في الجنوب التي انطلق منها المهاجرون بالمئات، الى ايطالي، ومن جهتها اعلن السلطات التونسية انها افشلت عدة محاولات لمهاجرين غير شرعيين انطلاقا من سواحل قابس (جنوب)، كما اقام الجيش المدعوم من خفر السواحل مركزا للمراقبة في مرفأ المدينة واغلقت عدة ممرات تسكلها زوارق المهاجرين عادة، كما ورد في وكالة الانباء الرسمية، وقال عبد الحميد بطيب (18 عاما) الذي يحمل شهادة جامعية في الميكانيك انه "يريد الرحيل بحثا عن عمل"، واضاف "بسبب الاضطرابات الوضع صعب واردت ان اجرب حظي في اوروبا".

واتهم ثمانية مهاجرين تونسيين حاولوا الوصول بشكل غير مشروع الى ايطاليا في 11 شباط/فبراير الماضي خفر السواحل التونسيين باغراق سفينتهم عمدا ما ادى الى سقوط خمسة قتلى وفقدان 30 شخصا في المياه الدولية، وقال احد هؤلاء الناجين وهو زياد بن عبد الله     (23 عاما) ان "السفنية ابحرت من منطقة سياحية بالقرب من جرجيس وعلى متنها 120 راكبا" مضيفا انه "تم انقاذ 85 شخصا وقتل خمسة ولا يزال 30 اخرون في عداد المفقودين"، واكد سبعة ناجين اخرين هذا الاتهام، وفي جزيرة لامبيدوزا، قال مسؤول في المرفأ ان المهاجرين التونسيين الذين وصلوا الى الجزيرة سيعودون بعد تحسن الاحوال الجوية، وقال هذا المسؤول الذي فضل عدم كشف هويته سيبدأ الوافدون على الارجح بالعودة لان البحر سيكون اكثر هدوءا".

وتذكر مطالب المهاجرين الحكومة بحجم التحرك الاجتماعي الذي يجب ان يقدم الى المهاجرين الذين طالبوا في بداية حركتهم الاحتجاجية التي ادت الى سقوط النظام السابق بالخبز والعمل، وتونس التي تعتمد الى حد كبير على الدعم الاقتصادي للاسرة الدولية نظمت في اذار/مارس المنصرم في قرطاج مؤتمرا دوليا حول الاصلاحات السياسية والاقتصادية بمساعدة الاتحاد الاوروبي، وفق ما اعلنت اشتون، واوضحت ان الاتحاد "قدم فورا 17 مليون يورو لمساعدة الحكومة" لافتة الى تقديم 258 مليون يورو بحلول العام 2013، وعبرت اشتون ايضا عن املها في ان تتم المصادقة على "وضع متقدم" لتونس لدى الاتحاد الاوروبي بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية المرتقبة بعد ستة اشهر. بحسب رويترز.

وقال وزير الداخلية الايطالي روبرتو ماروني للصحفيين "كما كنت أخشى تسبب الازمة السياسية والاجتماعية في دول المغرب فرارا جماعيا باتجاه ايطاليا وبخاصة من تونس"، وأضاف "هناك خطر حدوث أزمة انسانية حقيقية، ويصل المئات الى الساحل الايطالي بعد الفرار من تلك الدول"، وألقى باللائمة في ذلك على عدم تطبيق السلطات التونسية اتفاقات ثنائية للحد من الهجرة غير المشروعة بعد أسابيع من الاحتجاجات التي أرغمت الرئيس زين العابدين بن علي على الفرار من تونس الشهر الماضي، واكد وزير الخارجية الايطالي ان المهاجرين التونسيين غير الشرعيين سيتلقون مساعدة "لكن لا يمكنهم البقاء على الاراضي الايطالية" مضيفا انه سيتم ترحيلهم، وبالرغم من الجسر الجوي الذي اقامته السلطات الايطالية فما زال هناك اكثر من الفي مهاجر سري في الجزيرة بحسب تقدير الشرطة، جميعهم تقريبا من التونسيين.

تدخل الشرطة لوقف الهجرة

من جهة اخرى اعلن وزير الداخلية الايطالي روبرتو ماروني انه سيطالب بانتشار عناصر من الشرطة الايطالية في تونس لوقف تدفق المهاجرين السريين من هذا البلد، وقال الوزير "سأطلب من وزير الخارجية التونسي السماح لقواتنا بالتدخل في تونس لوقف عمليات تدفق (المهاجرين). ان النظام التونسي بصدد الانهيار"، وانتقد ماروني العضو في حزب رابطة الشمال المعادية للمهاجرين والشعبوية ايضا غياب اي تحرك اوروبي منسق، مؤكدا ان الاتحاد الاوروبي "ترك ايطاليا وحيدة كالعادة"، واضاف "ان اوروبا لا تفعل شيئ، اني قلق جدا وطالبت بالتدخل العاجل من الاتحاد الاوروبي، وكالعادة تركونا وحدن، اننا ندير الحالة الطارئة الانسانية مع الحماية المدنية فقط، ان تدخل اوروبا امر ضروري". بحسب فرانس برس.

يذكر ان ايطاليا تواجه تدفق المهاجرين التونسيين السريين بشكل متواصل وما يشجع على ذلك تحسن الطقس وهدوء البحر، وقد وصل الاف الى جزيرة لامبيدوزا التي تبعد اقل من 150 كلم عن السواحل التونسية، من جهته قال فراتيني قبل ان يغادر روما ليقوم بجولة سريعة في الشرق الاوسط "اعتقد ان لايطاليا وتونس مصلحة مشتركة في وقف هذه الحركة وايطاليا يمكنها تقديم الكثير لتونس"، وتحدث الوزير الايطالي عن "مساعدة لوجستية في معدات قوات الشرطة ووضع وسائل مهمة برية وبحرية لمراقبة السواحل التونسية" بتصرف تونس، وقال فراتيني عند وصوله الى دمشق "حتى الآن كانت الدوريات على سواحل شمال افريقيا فعالة ونريد استئناف هذه الدوريات التي خفضت قبل شهر واحد الهجرة السرية الى الصفر".

واضاف الوزير الايطالي "انني واثق من ان التعاون بين تونس وايطاليا سيستأنف بقوة اكبر مما كان عليه"، وكانت وزارة الخارجية التونسية ان السلطات الانتقالية في تونس "مستعدة للتعاون" مع الدول الاخرى لوقف تدفق مهاجرين تونسيين غير شرعيين الى اوروبا لكنها ترفض بشكل "قاطع اي تدخل في شؤونها الداخلية او مساس بسيادتها"، وجاء تعليق الخارجية التونسية ردا على تصريح وزير الداخلية الايطالي روبرتو ماروني الذي عبر عن نيته طلب الموافقة على نشر شرطيين ايطاليين في تونس، واشار ماروني ان "فرار المجرمين من السجون التونسية يقلقنا كثيرا، بسبب خطر تسلل ارهابيين بين التونسيين الذين يريدون المجيء الى اوروبا، بحجة انهم لاجئون سياسيون".

وفي اطار العلاقات المشتركة بين البلدين بخصوص مكافحة الهجرة غير الشرعية قال "المشكلة ان الاتفاق الثنائي الذي وقعناه مع تونس والذي كان يسمح حتى الان بادارة الهجرة غير الشرعية بفعالية لا يطبق بسبب الوضع المتازم" الذي يشهده هذا البلد، من جهته قال وزير الخارجية فرانكو فراتيني "علينا مواجهة ازمة هجرة حقيقية ولا يمكننا تصور ان تكون ايطاليا المكان الذي يصل العالم اجمع اليه ويبقى فيه".

اللجوء الى المملكة المتحدة

من جهة اخرى أضافت أوكسفام صوتها إلى عدد متزايد من الأصوات القلقة بشأن النظام البريطاني في البت في طلبات اللجوء والمعاناة التي يتسبب بها، وذلك في تقرير عن طالبي اللجوء المعدمين الذين يمنعون من العمل ولا يحق لهم المطالبة بمساعدة مالية من الدولة، ان الرجال والنساء الذين تحدثوا عن قصصهم دون ذكر أسمائهم في تقرير بعنوان "مواجهة الفقر المدقع، استراتيجيات البقاء على قيد الحياة لطالبي اللجوء في المملكة المتحدة"، يعيشون في الظل، وهم مفلسون ويعتمدون على إحسان الآخرين.

وقال أحد طالبي اللجوء لباحث من أوكسفام خلال إحدى المقابلات "إنهم لا يعاملونك باحترام، ويستغلونك ليصبح غذاؤك مقابل العمل في تنظيف المنزل وغسل الملابس، كما أن الإقامة مع الأصدقاء أمر صعب، فهم يسأمون من رعايتك إذا لم يكن لديك أي دخل"، وقال آخر مبيناً صعوبات الحياة اليومية "قد تستخدم بطاقة الحافلات، وتظل تتنقل طوال الليل على متن الحافلة، إنها مخاطرة كبيرة لأنك تذهب إلى أماكن لا تعرفها وتقضي الوقت في محطة الحافلات خلال الليل، وقد يتم القبض عليك،  وقد يكون لديك مكان تذهب إليه ولكنك تشعر بأن صديقك يحتاج إلى الخصوصية، أو لا تشعر بالراحة عندما تقيم هناك".

ونقل التقرير عن أحد طالبي اللجوء قوله "كنت أعرف رجلاً عمل لمدة ثلاثة أشهر، وتلقى وعداً بأجر يومي قدره 35 جنيهاً استرلينياً (56 دولاراً)، وعندما سأل عن الأجر بعد ثلاثة أشهر، قال المدير أنه سيعطيه 50 جنيهاً فقط (80 دولاراً) عن ثلاثة أشهر، فقال له "ولكني استحق 3،000 جنيه" (4،800 دولار) فهدد المدير بإبلاغ إدارة الهجرة عنه، فماذا يمكنه أن يفعل، ويعاني بعض طالبي اللجوء الذين لم يتقرر بعد البت في حالاتهم، من مشاكل إدارية ويجدون أنفسهم ممنوعين من العمل، ومن المطالبة بأي نوع من أنواع الدعم الحكومي، وقد تم رفض طلبات لجوء معظم ممن يعانون من الفقر المدقع، ولكن هؤلاء يفضلون العيش مفلسين في المملكة المتحدة على العودة إلى بلدانهم الأصلية، وفي عام 2005، قدر المكتب الوطني لمراجعة الحسابات التابع للحكومة البريطانية أن هناك نحو 155،000 إلى 283،500 لاجئ في هذا الموقف وليس لدى هؤلاء مصدر قانوني للحصول على الدخل. بحسب ايرين.

وقد انخفضت المساعدة المتاحة للأشخاص الذين يطلبون اللجوء في بريطانيا بشكل مطرد على مدى السنوات العشر الماضية، ففي وقت سابق كان باستطاعة هؤلاء الحصول على إعانات الرعاية الاجتماعية العادية وطلب الحصول على تصريح عمل إذا اضطروا للانتظار أكثر من ستة أشهر لاتخاذ قرار بشأن طلباتهم، أما الآن فالمنفعتان الوحيدتان اللتان يمكنهم المطالبة بهما هما السكن وبدل المعيشة المخفض إلى 35 جنيهاً استرلينياً (حوالي 55 دولاراً) في الأسبوع من الخدمة الوطنية لدعم طالبي اللجوء (ناس)، وبمجرد رفض الطلب والاستئناف، يتوقف الدعم ويفترض أن يغادر مقدم الطلب البلاد في غضون ثلاثة أسابيع، وفي هذه المرحلة، يحاول العديد من طالبي اللجوء البقاء دون أية وسيلة دعم.

وحتى في الحالات التي يصعب أو يستحيل فيها الرحيل لعدم امتلاكهم الأوراق اللازمة أو بسبب الظروف شديدة الخطورة في أوطانهم، يختار العديد منهم الاختفاء بدلاً من البقاء في مكان الإقامة الذي توفره الخدمة الوطنية لدعم طالبي اللجوء، حيث يمكن بسهولة العثور عليهم وترحيلهم، وأشارت أوكسفام إلى أن قطع المساعدات لإجبار طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم على العودة إلى ديارهم قد "فشل بوضوح في تحقيق أهدافه، فطالبو اللجوء المعدمون، الذين تعتبرهم السلطات في نهاية عملية اللجوء، لا يعودون ببساطة إلى بلدانهم الأصلية، بغض النظر عن مدى سوء الأحوال في المملكة المتحدة".

وتقول المنظمات التي تعمل مع طالبي اللجوء أن سوء القرارات المتعلقة بطلبات اللجوء هو السبب الجذري للعديد من المشاكل، لأن القرارات التي ينظر إليها على أنها تعسفية وغير عادلة تشجع المطالبين على البقاء وتجربة حظهم مع دعاوى الاستئناف أو من خلال تقديم طلبات أخرى، وأفادت ديبورا سينغر، من منظمة أسايلم إيد Asylum Aid، التي تقدم المساعدة القانونية لطالبي اللجوء، في تصريح لها "أن نصف النساء اللواتي عملت معهن، واللواتي رُفضت طلبات اللجوء الخاصة بهن في البداية، قُبل استئنافهن وصدر بحقهن قرار معاكس، إننا لسنا بحاجة أبداً لإجبار أي شخص على الاختيار بين العوز والاضطهاد، فالكثير من الناس الذين لجأوا إلينا بحثاً عن ملاذ لم يحظوا بمحاكمة عادلة"، وأضافت أن "هذا يشير إلى أن هناك خطأ كبير في المرحلة الأولية، فمسؤولو وكالة الحدود، الذين يتخذون القرار الأول، يعاملون طالبي اللجوء على أساس ثقافة التكذيب، أما دعاوى الطعن فينظر بها قضاة الهجرة الذين يتبعون معايير مختلفة للإثبات وموقفاً مختلفاً تجاه المصداقية".

الى ذلك فأن النساء اللائي يطلبن اللجوء معرضات للخطر بوجه خاص، حيث قالت سينغر "لقد حضرت اجتماعات حيث كانت الغرفة بأكملها تعج بنساء يعانين من فقر مدقع"، وتعرف سينغر امرأة حامل تعاني من التشرد ظلت تنام لثلاثة أشهر في إحدى محطات السكك الحديدية في لندن، كما وجد الباحثون في أوكسفام نساءً لجأن إلى ممارسة الدعارة لإعالة أنفسهن، بينما ارتبطت أخريات بعلاقات مع رجال للحصول على الغذاء ومكان للإقامة، وقد يكون البؤس في بعض الأحيان ساحقاً، فقد ابلغ الاتحاد الدولي للاجئين العراقيين أن أحد أعضائه انتحر في بريطانيا مؤخراً بدافع اليأس من وضعه، ففي عام 2010، قفز عثمان رسول، وهو كردي عراقي من الطابق السابع لمبنى سكني في نوتنغهام فمات على الفور، كان طلب رسول للحصول على اللجوء قد رُفض وتوقفت المعونة المقدمة له، لذا كان ينام في الشوارع ويعيش على الطرود الغذائية والتبرعات من المؤسسات الخيرية المحلية في انتظار الإعداد لدعوى جديدة.

غير أن وكالة الحدود البريطانية تدافع عن سرعتها ودقتها قائلة أن النسبة المئوية لقراراتها التي ينقضها الاستئناف تعادل مثيلاتها في أي مكان آخر في أوروب، وقال هيو إند، المدير الإقليمي للوكالة، في بيان "نحن نوفر الدعم المالي أثناء دراسة الطلبات، وليس هناك سبب لأن يصبح طالب لجوء معوزاً طالما أن لديه سبباً وجيهاً لوجوده هن، ولكننا نعتقد بقوة أن توفير المال لأولئك الذين يتبين أنهم ليسوا بحاجة إلى حماية سيعمل كحافز لإحباط النظام والبقاء في المملكة المتحدة"، ويعتبر دعم طالبي اللجوء داخل المملكة المتحدة موضوعاً صعباً من الناحية السياسية، فالصحافة البريطانية الشعبية اليمينية تشوه صورة طالبي اللجوء، كما يبدو حشد الدعم للخدمات التي تقدمها الدولة للأشخاص الذين تم رفض طلباتهم مثيراً للجدل.

وفي سؤال لهيلين لونغورث، مديرة قسم سياسات مكافحة الفقر في أوكسفام بالمملكة المتحدة، هل يمكن لمنظمة مثل أوكسفام الدعوة إلى منح طالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم دعماً حكومياً، في الوقت الذي لا يجب عليهم حتى البقاء داخل البلد؟ فأجابت "إننا لسنا بحاجة أبداً لإجبار أي شخص على الاختيار بين العوز والاضطهاد، فالكثير من الناس الذين لجأوا إلينا بحثاً عن ملاذ لم يحظوا بمحاكمة عادلة"، وأضافت لونغورث "إذا رُفضت طلبات اللجوء هنا، فإنهم يضطرون إلى اللجوء إلى النوم على الأريكة لدى أصدقائهم، والعيش على المساعدات من الجمعيات الخيرية، والدخول في علاقات نفعية علانية والعمل بطريقة غير قانونية في بعض الأحيان، بما في ذلك العمل في مجال الجنس، باختصار إنهم يضطرون للعيش في فقر مدقع بسبب سياسة الحكومة نفسه، لا يوجد أي سبب على الإطلاق يجعل حكومتنا تفعل ذلك بأي شخص، بغض النظر عن وضعه، لاسيما الشخص الذي طلب منا المساعدة". بحسب ايرين.

اما بالنسبة الولايات المتحدة الامريكية فحوالى 11 مليون مهاجر غير شرعي يعيشون فيها وفقا لآخر الاحصاءات التي نشرتها وزارة الامن الداخلي الاميركية في كانون الثاني/يناير 2010، وهذا الرقم يوازي الرقم المسجل قبل سنة، وهو ادنى من الرقم المسجل في كانون الثاني/يناير من العام 2007 عندما كان 11،8 مليون مهاجر غير شرعي يعيشون على الاراضي الاميركية، وهو عدد قياسي، ووفقا لتقرير الوزارة فقد ارتفع عدد المهاجرين غير الشرعيين بنسبة 27% بين العامين 2000 و2010، ومعظم هؤلاء المهاجرين أتوا من المكسيك واميركا الجنوبية، وتظهر احصاءات اخرى نشرها مركز بيو اللاتيني ان 48 مليون لاتيني كانوا يعيشون في الولايات المتحدة في العام 2009، اي ما يشكل 15% من مجموع سكانها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 11/نيسان/2011 - 7/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م