هل ايقظت الثورات العربية خلايا القاعدة؟

الديمقراطيات الصاعدة وحتمية مواجهة الارهاب

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يجهد تنظيم القاعدة في الدول العربية والاسلامية استغلال اي ثغرة في سبيل تعزيز صفوفه وتنظيم قياداته، خصوصا في المناطق التي تنشط على اراضيها الاضطرابات مع غياب يد العدالة، على امل بسط هيمنتها وفرض هيبتها على المجتمعات المنكوبة والمدن المنهكة، كما حدث سابقا في العراق وافغانستان.

ويستعين في اغلب الاحيان هذا التنظيم الارهابي ببعض التشكيلات السلفية المتطرفة، التي غالبا ما تصبح بؤرة داعمة ومؤثرة في حراك افراد خلايا التنظيم النائمة، سيما انها قادرة على التحرك في العلن والخفاء في وقت واحد، كونها تعتقد بأفكار القاعدة وتناصره، في الوقت الذي تخفي ما تضمره من عداء وتكفير لمختلف الطوائف والاديان الاخرى المحيطة.

وما حدث مؤخرا في مصر على سبيل من هدم وحرق الاضرحة المقدسة لدى سائر المسلمين، الى جانب هجماتها على الجيش اليمني بالتزامن مع الاحتجاجات الشعبية، فضلا عن وجود دلائل ومؤشرات على نشاطها الحثيث في ليبيا، كل ذلك يصب في خانة قلق المجتمعات العربية من بروز تنظيم القاعدة وارتكابه للجرائم في المستقبل قريب مع الفراغ الامني السائد.

بقفزة عظيمة الى الامام!

فقد قال أنور العولقي أبرز دعاة تنظيم القاعدة المتحدثين بالانجليزية ان الانتفاضات الشعبية التي تجتاح العالم العربي ستدعم التنظيم أكثر مما تضره باعطاء الاسلاميين الذين تحرروا من الطغيان مجالا أوسع لعرض أفكارهم.

ويقول مسؤولون غربيون وعرب ان المثال الذي أرساه الشبان العرب الساعين الى تغيير سياسي سلمي هو قوة مقابلة لسعي تنظيم القاعدة الى العنف ويضعف زعمها بأن الديمقراطية لا تتفق مع مباديء الشريعة الاسلامية.

لكن العولقي كتب في مقال وضع على الانترنت يقول ان الاطاحة بالدكتاتوريات المناهضة للاسلام يعني أن "المجاهدين" والعلماء الاسلاميين أصبح بامكانهم الان أن يناقشوا وينظموا.

وكتب يقول "اخواننا المجاهدون في تونس ومصر وليبيا وبقية العالم الاسلامي ستتاح لهم الفرصة للتنفس مرة أخرى بعد ثلاثة عقود من الاختناق."

واضاف العولقي وهو أمريكي من أصل يمني يعتقد أنه مختبيء في جنوب اليمن "أن يتمكن العلماء والنشطاء في مصر من الحديث بحرية مرة أخرى يمثل قفزة عظيمة الى الامام للمجاهدين." وتابع انه لا يهم أي نوع من الحكم سيأتي بعد سقوط الدكتاتوريات العربية اذ انه أيا كان فمن المستبعد أن يكون أكثر قمعا. وقال ان التصور بأن حكم على غرار حكم حركة طالبان سيخدم تنظيم القاعدة يعد "قصر نظر شديدا" في رؤية الاحداث. بحسب رويترز.

وتابع "لا نعرف بعد ما ستكون عليه النتائج (في أي دولة بعينها) ولا يجب علينا ذلك. النتيجة لا ينبغي ان تكون بالضرورة حكومة اسلامية لنعتبر ما حدث خطوة في الاتجاه الصحيح."

ومضى يقول "في ليبيا أيا كان ما سيصل اليه الوضع من سوء وبصرف النظر عما اذا كانت الحكومة التالية ستكون موالية للغرب وقمعية فاننا لا نرى من الممكن أن ينتج العالم مجنونا اخر من نوعية العقيد (معمر القذافي)."

وقال العولقي ان الانتفاضات كسرت "حاجز الخوف" لدى المسلمين الذين تعمقت "انهزاميتهم" في عهد الدكتاتوريات بعد أن سحقت الجزائر انتفاضة اسلامية في تسعينات القرن الماضي.

وأدلى العولقي بتعليقاته في الطبعة الخامسة من مجلة (انسباير) الالكترونية التابعة للقاعدة والتي تستهدف المسلمين في الغرب.

ويصدر المجلة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وهو ذراع لتنظيم القاعدة والمسؤول عن أهم محاولات للتنظيم لشن هجمات في السنوات القليلة الماضية.

وقال كاتب اخر هو يحيى ابراهيم ان القاعدة لا تعارض تغيير الانظمة عن طريق الاحتجاجات لكنها كانت ضد فكرة أن التغيير يجب الا يأتي الا بالاساليب السلمية وأن يستبعد استخدام القوة تماما. واحتوت المجلة كذلك على حديث مع قاسم الريمي المسؤول العسكري بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب وهو أحد أبرز المطلوبين الاسلاميين في العالم.

ودعا المسلمين المقيمين في الغرب الى قتل مجموعات من "اليهود والمسيحيين" كلما سمعوا عن غارات بطائرات أمريكية بدون طيار على باكستان أو قتل اسرائيل للفلسطينيين. وقال ان مثل هذه الهجمات "ستوقف الغارات والقتل والاحتلال والاهانة والذل لاماكننا المقدسة على يد أمريكا والغرب."

وأصبح اليمن محور مخاوف أمنية غربية بعد أن قام تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بمحاولة فاشلة لتفجير طائرة شحن في اكتوبر تشرين الاول عام 2010 وتدمير طائرة ركاب متجهة الى الولايات المتحدة في ديسمبر كانون الاول عام 2009 .

مصدر قلق

في سياق متصل قال مركز أبحاث بريطاني ان المعارضين المسلحين في ليبيا ليسوا متشددين معادين للغرب كما يقول الزعيم الليبي معمر القذافي لكن احتدام الاضطرابات وقتل مدنيين على أيدي القوات الغربية قد يساعد تنظيم القاعدة على أن يكون له موطيء.

وقالت جماعة كويليام المتخصصة في دراسات الاسلاميين في تقرير انه بينما توجد في ليبيا جماعات جهادية الا "أنها ليست بأي حال قوية أو منتشرة كما يزعم نظام القذافي."

وأضافت قائلة "من الواضح كما يقال أن انهيار سيطرة الحكومة الليبية في مناطق كثيرة من ليبيا مصحوبا بالقتال المستمر في مناطق عديدة يعطي الجهاديين والاسلاميين المتطرفين مجالا أكبر من أي وقت مضى للعمل في ليبيا." وقالت الجماعة ان كمية الاسلحة التي أصبحت متاحة في ليبيا نتيجة للحرب أصبحت سببا حقيقيا للقلق.

ولا يأخذ أي مسؤول غربي مأخذ الجد زعم القذافي بأن القاعدة أطلقت الانتفاضة الليبية لكن هناك مؤشرات متزايدة الي قلق بين الحكومات الغربية من أن المقاتلين الاسلاميين ربما يعملون مع قوى المعارضة.

وقالت كويليام انه في حين ان صورة نشاط الاسلاميين في الانتفاضة الليبية غير كاملة الا أنه من المعتقد أن معظم مجتمع الجماعات الاسلامية المسلحة السابقة في ليبيا تدعم قيادة المجلس الوطني المعارض الذي يطلب مساعدة من الغرب.

وأحد المشاركين في اعداد التقرير هو نعمان بن عثمان وهو زعيم سابق في الجماعة الليبية المقاتلة التي شنت تمردا مسلحا فاشلا ضد حكم القذافي في التسعينات. بحسب رويترز.

ويقدم التقرير قائمة بعدة جماعات اسلامية متشددة وتفاصيل عن قدرتها على كسب اتباع في ليبيا. ولا يوجد لكبار زعماء القاعدة سوى القليل من الاعضاء العاملين في ليبيا اذا كان لديهم أعضاء على الاطلاق. وللتغلب على هذه المشكلة أصدرت القاعدة بيانات بشأن ليبيا في محاولة لدفع الليبيين الى انشاء تنظيم محلي لهم يكون جناحا للقاعدة.

وأحد المتحدثين هو عطية الله وهو ليبي وعضو في القاعدة منذ 1989 ومقيم في منطقة الحدود الافغانية الباكستانية. ويرى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي -ذراع القاعدة في منطقة شمال أفريقيا- في عدم الاستقرار في ليبيا فرصة لنقل عناصر نشطة اليها. وانضم نحو 40 ليبيا الى القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي خارج ليبيا في السنوات القليلة الماضية رغم ان قيادة الجماعة ما زال يهيمن عليها اشخاص غير ليبيين.

وقالت كويليام ان القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي أرسلت في أوائل يناير كانون الثاني عضوين ليبيين الى ليبيا من شمال مالي عن طريق جنوب الجزائر.

ووصل العضوان الى بلدة الغات في جنوب غرب ليبيا في 15 يناير كانون الثاني وشاركا في تبادل لاطلاق النار مع قوات الامن المحلية وقتلا شرطيا قبل مقتلهما في أول عملية مسلحة معروفة في ليبيا.

وزادت القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي من مشاركتها بعد الانتقاضة التي اندلعت في منتصف فبراير شباط وبثت تسجيلا مصورا دعائيا يظهر ارسال التنظيم أربع سيارات جيب محملة بالاسلحة الى ليبيا.

وترفض الجماعة الليبية المقاتلة التي كانت أكبر الجماعات الجهادية في العالم العربي مفهوم الجهاد العالمي الذي تتبناه القاعدة وتركز بشكل أساسي على اقامة دولة اسلامية في ليبيا.

لكن الحركة جرى سحقها الى حد كبير في الاعوام الاولى من الالفية الجديدة. وأعلنت القاعدة اندماجا معها في أواخر 2007 لكن الجماعة الليبية رفضت الخطوة وشرعت في عملية مصالحة مع الحكومة الليبية والتي انتهت بحل الجماعة الليبية نفسها في منتصف 2009 .

وقالت كويليام ان اعضاء سابقين بالجماعة الليبية المقاتلة يشاركون سياسيا في الانتفاضة وان بعضهم يقاتلون ضد القذافي.

ومن المحتمل ان يدفع استخدام المجتمع الدولي الهجمات الجوية بعض أعضاء الجماعة الليبية المقاتلة السابقين الى أن يتبنوا من جديد أيديولوجية متشددة خصوصا اذا احتضنتهم القاعدة.

وقالت كويليام ان ليبيا موطن لعدد كبير من المتشددين الذين تبنوا العنف بشكل مستقل عن أي جماعة اسلامية معروفة. ومدينة درنة في شرق ليبيا الذي تسيطر عليه المعارضة هي مركز لمن يطلق عليهم المتشددون الذين يبدأون نشاطهم بأنفسهم.

ووفق "سجلات سنجار" وهي قائمة للقاعدة بالمقاتلين الاجانب في العراق ان عدد الجهاديين الاجانب الذين سافروا الى العراق من درنة يفوق أي جهاديين من أي مدينة أخرى في العالم.

واعتقل كثيرون ممن حاربوا في العراق لدى عودتهم ثم أطلق سراحهم في وقت لاحق بشرط أن ينبذوا العنف. ولا يعرف عدد الاخرين الذين عادوا ولم تكتشف الحكومة الليبية عودتهم. وتعد مخابئهم وأنشطتهم أحد العوامل الرئيسية غير المعروفة في الحرب الليبية.

معلومات ودلائل

من جهته قال الاميرال جيمس ستافريدس القائد الاعلى لقوات حلف شمال الاطلسي في اوروبا وقائد القيادة الاوروبية للقوات الامريكية ان معلومات المخابرات الواردة من داخل المعارضة المسلحة التي تقاتل قوات الزعيم الليبي معمر القذافي اظهرت "دلائل" على وجود تنظيم القاعدة او جماعة حزب الله الا انه لم تتضح بعد صورة تفصيلية للمعارضة الليبية الناشئة.

وقال ستافريدس في افادة امام مجلس الشيوخ الامريكي "ندرس بعناية بالغة المحتوى والبنية والشخصيات من قادة هذه القوات المعارضة."

وتصدت قوات القذافي لتقدم المعارضة المسلحة غربا بينما اجتمعت القوى العالمية في لندن بعد اكثر من اسبوع على بدء الولايات المتحدة ودول اخرى حملة عسكرية في ليبيا.

وقال ستافريدس انه بينما قيادة المعارضة المسلحة يبدو انها مؤلفة من "رجال ونساء يتحلون بالمسؤولية" يقاتلون القذافي "قد رأينا دلائل في معلومات المخابرات على احتمال وجود القاعدة او حزب الله. رأينا اشياء مختلفة." واضاف "لكن ليس لدي في هذه المرحلة اي تفاصيل كافية تدفعني للقول ان هناك وجودا ملموسا للقاعدة."

صواريخ "سام 7"

من جهة اخرى تفاوتت تقديرات عدد من خبراء مكافحة الإرهاب حول صدقية ما جاء على لسان الرئيس التشادي، إدريس ديبي، حول استفادة "تنظيم القاعدة في دول المغرب الإسلامي" من الأحداث في ليبيا ليحصل على كميات كبيرة من السلاح من مخازن الجيش الليبي، بينها صواريخ مضادة للطائرات، فقد شكك البعض في صحة المعلومات، بينما دعا آخرون إلى عدم التقليل من شأنها.

فقد سبق للتنظيم المتشدد أن أظهر نواياه العدوانية ضد حركة الطيران الدولية في أفريقيا، ووقع ذلك في نوفمبر/تشرين الثاني2002، عندما أطلق مسلحون يعتقد أنهم على صلة بالقاعدة صاروخين من طراز "سام 7" باتجاه طائرة مدنية فوق مطار مومباسا الكيني.

ونجت الطائرة بعد فشل الصاروخين بإصابة هدفهما، وأخفق عناصر التنظيم في قتل عشرات السياح على متنها، في عملية مزدوجة شهدت أيضاً تفجير سيارة مفخخة في فندق تعود ملكيته لشخص إسرائيلي.

وكان ديبي قد تحدث لمجلة "الشباب الأفريقي،" حيث أعرب عن خشيته من استفادة التنظيم من مخازن السلاح التي فتحت على مصراعيها في شرقي وغربي ليبيا، لتكوين ترسانة متقدمة، خاصة على صعيد صواريخ "سام 7" التي يكمن خطرها في إمكانية إطلاقها من الكتف.

وبينما قال ديبي إنه متأكد من معلوماته بنسبة مائة في المائة، بدا الأميرال جيمس ستافيردس، أعلى ضباط الولايات المتحدة ضمن حلف شمال الأطلسي في أوروبا، أكثر تردداً حيال المسألة، ولدى إثارتها معه في جلسة استجواب للكونغرس طلب الرد على القضية خلف أبواب مغلقة.

وقال عدد من الخبراء في الشأن الأمني أن معلومات ديبي تبقى دون سند قوي، خاصة وأنها قد تكون نابعة من التحالف الذي يجمع ديبي والزعيم الليبي، معمر القذافي، الذي سبق له أن اتهم تنظيم القاعدة بتدبير الأحداث الجارية في بلاده. بحسب السي ان ان.

وذكر أن الخبراء أن "تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي" يمكنه ببساطة اللجوء إلى سوق السلاح السوداء النشطة جداً في أفريقيا، والحصول على ما يشاء من عتاد، وفقاً لما قاله أندرو ليبوفيتش، المحلل المتخصص في شؤون التنظيم لدى مركز "أمريكا الجديدة للأبحاث،" والذي قال إن لدى القاعدة الكثير من الأموال جرى الفدى التي جمعتها من عمليات اختطاف الأجانب بالمنطقة.

وأضاف ليبوفيتش، "إذا تمكن التنظيم من الحصول على هذه الصواريخ فلا شك أن أولوياته ستتمثل في نقلها إلى منطقة النيجر لاستخدامها لحماية قواعده وعناصره من الغارات التي تقوم بها المروحيات الفرنسية."

أما جيف بورتر، المحلل الأمني المتخصص بشؤون القاعدة، فقال إن التنظيم في أفريقيا مهتم منذ فترة بالحصول على صواريخ مضادة للطائرات، وقد سبق له أن استخدم السوق السوداء لشراء أسلحة دفاع أرضي ضد الطائرات، بينها مدافع دوشكا ومضادات من أعيرة مختلفة.

يشار إلى أن صاروخ "استريلا" المعروف باسم "سام 7" هو صغير الحجم وسهل النقل، ويتم إطلاقه من على الكتف، ورغم أن تصميمه يعود للعقد السادس من القرن الماضي، إلا أنه ما زال فعالاً ضد الكثير من الطائرات المروحية والنفاثة، وقد سبق أن قدمت الولايات المتحدة كميات منه إلى المقاتلين الأفغان خلال حربهم مع الاتحاد السوفيتي.

تكرار النموذج العراقي

من جانبه حذر النظام الليبي كرر مراراً، وعلى لسان العقيد معمر القذافي، ونجله سيف الإسلام أن القاعدة مسؤولة عن الاحتجاجات في شرق البلاد. ولكن هذه التصريحات لم تؤخذ بمحمل الجد.

والجماعات السلفية-الجهادية المرتبطة بها، غابت فعلاً، عن مشهد الحراك الشعبي في العواصم العربية المختلفة، وباتت تحاول إستدراك غيابها عبر تبني خطاب جديد أقل مواجهة، كما تبدى في المنتديات الجهادية وخطابات قيادتها كالرجل الثاني في القاعدة أيمن الظواهري.

التعبير الأساسي عن جهاديي ليبيا كان "الجماعة الإسلامية المقاتلة في ليبيا"، والتي تأسست مطلع التسعينيات في أفغانستان على يد مجموعة من الليبيين اللذين شاركوا فيما يعرف بـ "الجهاد الأفغاني" ضد الاتحاد السوفيتي.

وخرجت إلى العلن في اكتوبر/ تشرين الأول 1995. إلا أن السلطات الليبية "سحقت" الجماعة الى حد كبير مطلع الألفية الجديدة. وأعلنت القاعدة اندماجا معها في أواخر 2007 لكن الجماعة الليبية رفضت الخطوة وشرعت في عملية مصالحة مع الحكومة الليبية والتي انتهت بحل الجماعة الليبية نفسها في منتصف 2009.

ومنذ ذلك الحين فقد تبنى الجهاديون الليبيون خطاباً سياسياً رافضاً للعنف، وتبدى في تشكيل ما يعرف بـ "الحركة الإسلامية للتغيير في ليبيا"، والتي تنشط من لندن، وينضوي فيها الأعضاء السابقون للحركة الجهادية.

تغلغل القاعدة اصرار الحركة على العمل السلمي في معارضة نظام القذافي، كما يظهر من بياناتها على الموقع الكتروني، يؤشر على غياب "القاعدة المحلية".

ولكن تساؤلات تثار الآن عما اذا كان العنف المسلح المتصاعد في ليبيا، فرصة للقاعدة للتغلغل في البلاد؟

"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، والذي يمثل التيار السلفي-الجهادي في منطقة شمال افريقيا، ومؤخراً توسع في دول الساحل جنوب الصحراء، اصدر بيانات تأييد مرئية لكل من المحتجين في تونس وليبيا. ولكنها مؤخراً أشارت ايضاً إلى دعم المسلحين في ليبيا بالسلاح. ويبدو أن التنظيم يرى في استمرار العنف في ليبيا فرصة للتغلغل.

يلاحظ أن مناطق التوترات، والمناطق التي تغيب فيها الدولة المركزية جاذبة للقاعدة كحالة العراق، بعد الغزو الامريكي عام 2003، وأيضاً الصومال، واليمن، والمنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان حالياً. ويعد السلفيون-الجهاديون وجودهم في تلك المناطق مرتبط بمواجهة العدو الخارجي، الولايات المتحدة الأميركية، والغرب، وبالطبع الأنظمة الحاكمة التي يعدونها "طاغوتية".

وفي هذا السياق أصدرت مجموعة من المنتديات الجهادية، ولأول مرة مجتمعة، بياناً تحذر فيه مما وصفته بمخططات الغرب لمرحلة "ما بعد القذافي" معتبرة أن التدخل الغربي بفرض حظر طيران، هو للسيطرة على النفط في البلاد. وحذر البيان من أن الغرب يسعى اعادة انتاج دولة في ليبيا تحكم من قبل اشخاص لن يهددوا المصالح الغربية على غرار السعودية وباكستان.

منظرو القاعدة الليبيون أيضاً اصدر احد منظري القاعدة "عطية الله الليبي"، بياناً يحذر فيه من "التدخل الغربي"، محذراً إياهم من اعادة تكرار تجربة العراق، ومذكراً بأبي مصعب الزرقاوي، زعيم القاعدة في العراق، الذي قتلته القوات الامريكية عام 2006.

اعتبر الليبي ان التدخل الغربي سيضع الغرب في مواجهة القاعدة مرة اخرى كما حدث في العراق، ابان الاحتلال الأمريكي.

ويذكر أنه وفيما يعد الشرق الليبي معقلاً لمعارضة نظام القذافي تاريخياً، فإن مدينة كـ "درنة"، مثلاً تطوع منها لوحدها 52 شخص لمقاتلة الأميركيين في العراق من أصل 112 ليبي شاركوا في القتال هناك وفقاً لسجلات كشفت عنها وزارة الدفاع الأمريكية، ونشرها موقع مركز مكافحة الارهاب في وست بوينت في نيويورك.

وقد كشف الليبي مؤخراً أنه من مدينة مصراتة، وان اسمه "جمال إبراهيم شتيوي المصراتي"، ويعتقد أنه يقيم في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان.

ويمثل اللليبي واحداً من القيادات الليبية المرتبطة بالقاعدة الأم الموجودة في المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان، مثل أبي يحيى الليبي (حسن محمد قائد) الذي يعد من المنظريين الاستراتجيين لتنظيم القاعدة، ومن الصف الأول من قيادات التنظيم.

وعلى ذلك فإن رغم غياب المؤشرات عن وجود للقاعدة لبيية، إن جاز التعبير، فإن احتمال تغلغل القاعدة إليها، إذا ما استمر العنف تصاعداً في البلاد يعد احتمالاً قائماً أيضاً.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 9/نيسان/2011 - 5/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م