زينب (ع) في يوم المرأة العالمي

محمد علي جواد تقي

عجبي؛ لماذا نهرول لنطفئ ظمئنا بالحصول على القدوة الصالحة، في طريق مغاير لطريق العين الزلال فنصل الى الارض الجدب والسبخة...؟! نعم؛ ربما نجد السراب يداعب عيوننا من بعيد، فنتخيّله ماءً لكنه بالحقيقة لاشيء على الارض، والاصطدام بحقيقة السراب يبعث على الأسى والأسف لاسيما اذا كان المصطدوم من بنات حواء، فان المرارة تكون أشدّ وأمضّ، حيث تجد أمامها القدوة أو النموذج الذي يزيدها هماً وبؤساً على ما تعانيه.

مع كل التقدير للجهود المبذولة في العراق خلال الايام الماضية لإحياء يوم المرأة العالمي، نرجو انطلاقاً من مبدأ السرعة، والوصول الى أحسن النتائج في أقصر فترة ممكنة، العودة الى النماذج القريبة والنابضة التي تُعد معاصرة قياساً بالنماذج المتعلقة بالأزمنة الغابرة، من رموز الجاهلية والظلامية والتنكّر للانسانية.

 ولا اعتقد ان ثمة امرأة في عالم اليوم لها مأخذ على سلوك معين أو فقرة في منهج وسيرة زينب بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، وطبعاً قبلها أمها الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام. والجميع يعلم جيداً أن لا حديث ولا دعوة من أحد بالمرة لأن تضع امرأة اليوم نفسها في نفس الظروف التي كانت تعيشها زينب وأمها قبل أربعة عشر قرناً، إنما المسألة في الدروس والعبر وهي خدمات دون مقابل و(التجربة خير برهان).  

نعم؛ قد يقال في بعض الاوساط ان الشخصيات التاريخية مع عظمتها وقدسيتها ليس من شأنها توفير الراحة والعيش الرغيد لأنثى اليوم. ليكن أنهنّ تحملن من الصعاب والمشاق في ظروف معينة، فما ذنبنا نحن...؟! نقول: إن السطر الاول من الفكرة واضحة ومفهومة، لكن علينا الاستمرار في القراءة لمزيد من المعرفة والوعي، فهذه الآلام التي جاءت في ظروف التحدي والمواجهة، كانت عاملاً في خلق ثقافة جديدة في المجتمع الاسلامي لم يعهده لدى تشكيله على يد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، وهي ان تواجه المرأة والفتاة انطلاقاً من البيت الصغير، جدار الظلم والانحراف الكبير في المجتمع والدولة، سواءً كان ذلك متمثلاً بمدير او مسؤول او وزير او رئيس.

هذه المكانة المرموقة هي التي تجلب للمرأة والفتاة العزّة والكرامة وجعلتها مصونة ومكرمة من قبل الرجال والمجتمع بشكل عام. لنلاحظ اليوم قدوات المرأة العربية – شريحة منهنّ طبعاً- ممن يحملن صفة (الفن) وكيف يهرلون بفزع خلف الجماهير المنتفضة على الظلم والتعسف والانحراف، بعد ان كُنّ يقدمن عبر وسائل الاعلام آخر موديلات الملابس وأحدث قصّات الشعر وأفضل طرق الرشاقة و... ولا نتحدث عن اشياء اخرى باتت اليوم محل اشمئزاز وتقزز الجميع. لقد انقلبن من وجوه معروفة ومشهورة على أغلفة المجلات وعلى الشاشة الصغيرة والكبيرة، الى متهمات بالتضليل والخيانة والتلاعب بمشاعر الناس.

في الخامس من جمادي الأول الموافق للتاسع من نيسان الجاري ندرك الأهمية القصوى للوعي والثقافة الأصيلة للمرأة المسلمة، ففي هذا اليوم من السنة الخامسة للهجرة النبوية الشريفة ولدت لعلي وفاطمة سلام الله عليهما فتاة قدر الله تعالى أن تكون نموذجاً للمرأة الصالحة والناجحة في آن واحد.

في سجل هذه المرأة العظيمة التي عاشت 57 عاماً، لا يجد الباحثون والمؤرخون شطحة في سلوك ولا موقف مناقض للقيم الاخلاقية والانسانية والدينية. فلا فتن اجتماعية ولا تأجيج لحروب ولا تلويث للاذهان ولا خداع للعواطف والمشاعر، إنما كانت الصورة المغايرة تماماً لكل هذه الحالات التي طالما نجدها في نساء يملأن صفحات التاريخ.

من هنا أجد أن (زينب) ليست ملكاً للشيعة وإن كانت تُعد من مفاخرنا ورمز عزتنا، بل هي جديرة بالعطاء لكل بنات حواء في العالم، ولنكن نحن من يبدأ بإحياء هذه الشخصية من خلال مؤتمرات وندوات حول المرأة، على الاقل لنوفر لها عناء البحث عن القدوة الحسنة التي تُطمئن القلوب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 7/نيسان/2011 - 3/جمادى الاولى/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م