المرجع الشيرازي يؤكد على دور الحوزة العلمية في حماية المجتمع

 

شبكة النبأ: اكد المرجع الديني سماحة آية الله العظمى السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله على الدور الهام الذي تلعبه المؤسسات الثقافية والحوزات العليمة في المجتمعات وعلى وأهمية التعاون المشترك بين الجانبين.

جاء ذلك بحضور جمع من المدراء والناشطين في المؤسسات الثقافية وذلك في بيته المكرّم بمدينة قم المقدّسة، يوم الأربعاء الموافق للخامس والعشرين من شهر ربيع الثاني 1432 للهجرة، حيث دعا سماحته المثقفين والمدراء والعاملين في المجال الثقافي إلى ضرورة الاقتداء بمولانا الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، وبذل الإمكانات لمساندة الحوزة العلمية وللحفاظ عليها، لأن الحوزة هي السند العلمي والفكري للدين والمذهب، والحوزة العلمية هي التي تخرّج العلماء والفقهاء الكبار أمثال السيد أبي الحسن الأصفهاني رضوان الله تعالى عليه، كما دعا سماحته الى تعلم كيفية اتقاء الازمات والفتن عبر الحكمة والتعقل والهدوء، وقراءة الامور من خلال الرؤية الاستراتيجية المتمثلة بالرؤية البعيدة المدى التي تنظر الى عواقب الامور لا آنيتها.

وقال المرجع الشيرازي: كان الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه بعيد المدى، وكانت كل أعماله صلوات الله عليه وتصرّفاته مبنية على هذا الأساس.

وأشار سماحته إلى بعض خصائص مولانا الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه عبر استشهاده بالروايات الشريفة، وقال: سئل الإمام الصادق صلوات الله عليه: لماذا لم يقوم الإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه بأسر الرجال واستعباد النساء في الحروب التي فرضت عليه، ولماذا كان يأمر بإطلاق سراحهم، وبعدم مصادرة أموال من حاربه؟ قال الإمام صلوات الله عليه: لأنه كان بعيد المدى، ومع كل ذلك فإن الأعداء قابلوا ذلك التعامل الرحيم من الإمام بأسوء ما يكون، ومنها أنهم حاربوا ابنه الإمام الحسين صلوات الله عليه وقالوا له: نقاتلك بغضاً منّا لأبيك، وقتلوه بأبشع صورة.

وفي سياق حديثه أشار سماحته إلى سيرة كبار العلماء والفقهاء الشيعة واقتدائهم وتأسيهم بالإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقال: كان السيد أبو الحسن الأصفهاني رضوان الله تعالى عليه من العلماء الذين ذاع صيتهم في الآفاق. فقد قال أحد كبار العلماء عن هذا العالم الجليل الذي قلّ نظيره في تاريخ علماء الإسلام: إن السيد أبو الحسن الأصفهاني بتعامله أنسى الناس من كان قبله من العلماء، وأتعب العلماء الذين أتوا من بعده. ومن خصوصيات هذا العالم الربّاني بُعد نظره ورؤيته الثاقبة وحزمه. فقد نقلوا عنه أنه عندما كان في النجف الأشرف كان يكن احتراماً لأحد الأشخاص وهو السيد باقر الذي كان من رجال بلاط الملك ذلك الزمان ومن المقرّبين إليه، مما أدّى إلى اعتراض بعض الطلاب على هذا التعامل من السيد. فبيّن السيد لهم سبب ذلك وقال: إن الملك والحكومة على خلاف وعداء مع الحوزة العلمية، ويسيعان إلى خلق المشاكل لها وللطلاب، والسيد باقر هو من المقرّبين إلى الملك والحكومة، وإن سبب احترامي له هو كي يستطيع أن يقوم بالدور المؤثّر إذا صمّم الملك يوماً ما على فعل شيء معاد للحوزة العلمية وأن يردعه عن ذلك. وفي الحقيقة إن احترامي له هو احترام للحوزة. فهذا الملك قد أمر بنفي العديد من العلماء الأجلاّء من النجف الأشرف ومن كربلاء المقدّسة، كالميرزا النائيني، والسيد الشهرستاني، والسيد حجّت، وأنا شخصياً، لذلك من الضروري عليّ أن اُخطّط لمستقبل الحوزة، وأن يكون تعاملي تعاملاً بعيد المدى.

وأضاف سماحته: في زمن السيد أبو الحسن الأصفهاني لم تقع أية مشاكل للحوزة، لكن من بعده ابتليت الحوزة بمشاكل عديدة، لأن الذين أتوا من بعد السيد أبو الحسن لم تكن لهم نظرة ثاقبة وبعيدة المدى، وكانوا يفتقدون إلى سند لهم في جهاز الحكومة، فحدثت للحوزة مشاكل كثيرة وعديدة.

وأردف سماحته: ومن مصاديق بُعد النظر الذي كان يتحلّى به السيد أبو الحسن الأصفهاني أنه في زمن مرجعيته لم يقع الخلاف بين العلماء حول رؤية هلال شهر شوال وحلول عيد الفطر، وكان العلماء كلهم يتّفقون على رأي واحد، ولكن في السنة التي توفي فيها السيد وقع الخلاف بين العلماء حول الأمر المذكور.

كما نقلوا عنه أيضاً: أن أحد عملاء العامة كتب كتاباً ضد التشيّع، ووصل خبر ذلك إلى السيد أبو الحسن الأصفهاني، فبعث السيد إلى أحد الكسبة ـ وكان من أصدقاء السيد ـ وأمره بأن يأتيه بصاحب الكتاب، فعندما جيء به رحّب السيد به ودعاه إلى مأدبة، وقال له: سمعت بأنك قد ألّفت كتاباً حول الشيعة؟ قال: نعم. وأعطى الكتاب للسيد، فقرأ السيد عدد من صفحاته، وقال له: أحسنت. وطلب السيد منه أن يدع الكتاب عنده كي يطالعه كلّه. وعندما همّ صاحب الكتاب بالخروج أعطاه السيد مقداراً من المال. وبعدها كان صاحب الكتاب يسأل السيد عن كتابه، وكان السيد يقول له بأنه لم تسنح له فرصة قراءته. وهكذا ظل صاحب الكتاب يسأل عن كتابه والسيد يقول له الجواب نفسه، حتى مرّت الأيام والاسابيع والأشهر ولم يطبع ذلك الكتاب الذي لو كان قد طبع في وقته لألّفت الكثير من الكتب ضدّه، ولأوقع خلافاً كثيراً. ولكن السيد أبو الحسن لبعد نظره ودرايته قتل الفتنة في رحمها.

واضاف المرجع الشيرازي حديثه بقول للإمام أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ليس العاقل من يعرف الخير من الشر ولكن العاقل من يعرف خير الشرين.

وأكّد المرجع الشيرازي دام ظله: حبذا لو تبذل قليلاً من الإمكانات لمساندة الحوزة العلمية وللحفاظ عليها، لأن الحوزة هي السند العلمي والفكري للدين والمذهب، والحوزة العلمية هي التي تخرّج العلماء والفقهاء الكبار أمثال السيد أبي الحسن الأصفهاني رضوان الله تعالى عليه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 5/نيسان/2011 - 30/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م