ابحاث علمية تعيد صياغة بعض المفاهيم البشرية

باسم حسين الزيدي

شبكة النبأ: ان القرن الماضي شهد قفزة علمية واسعة في مختلف المجالات ادت الى تغير الكثير من المفاهيم التي كان الانسان يعيش من خلاله، حتى ان طريقة الحياة نفسها اختلفت كثيراً عن السابق بفضل التطور العلمي الكبير الذي وفر الرفاهية والمعيشة الافضل لشعوب العالم بعد ان كان المرض والجوع والجهل يفتك بهم.

لقد اهتمت العديد من الدول من جهتها بالبحوث العلمية والعلماء وانشاء مراكز علمية خاصة لهم من اجل اعداد الدراسات والتجارب العلمية التي تعتبر النواة الاساسية في تقدم العلوم وازدهارها مما يعود بالنفع للبشرية جمعاء، وقد نجحت العديد من الابحاث العلمية في حل معضلات كان في الماضي من المستحيل حلها امثال الطاعون وانتشار الاوبئة وبعض الامراض المستعصية لكنها الان اصبحت من الماضي واصبح علاجها في متناول الجميع. ولم يقتصر الامر على الناحية الطبية بل تعدى الامر كل المجالات وعلى الصعيد الصناعي والزراعي والاقتصادي وغيرها الكثير.   

الكائنات الغريبة والسرطان

فقد أظهر استطلاع للرأي أجراه أحد اعرق المعاهد العلمية في العالم أن نحو نصف البريطانيين يعتقدون بوجود كائنات غريبة وأن 80 بالمئة تقريبا يقولون ان المرض الاكثر احتياجا لايجاد لقاح يقي منه هو السرطان، ووجدت الجمعية الملكية البريطانية أن 66 بالمئة من المشاركين في استطلاع بمناسبة مرور 350 عاما على تأسيسها قالوا ان مكافحة الامراض والقضاء عليها يجب أن تكون في مقدمة أولويات العلم، وقال نحو 53 بالمئة انهم يتمنون لو أن العلم مكنهم من اطالة أعمارهم، وقال مارتن ريس رئيس الجمعية الملكية ان حياة الانسان المعاصر اختلفت اختلافا كبيرا عن حياة أسلافنا وذلك بسبب التطورات العلمية التي تحققت منذ تأسيس الجمعية في عام 1660 عندما كان العلم في مهده.

وقال في بيان "العلم هو بحث لا ينتهي من أجل الفهم وخلال الثلاثمائة وخمسين عاما القادمة قد يؤدي شغفنا بالاكتشاف الى ابتكار علاج ناجع للسرطان والتوصل لحل لتغير المناخ وربما اكتشاف حياة خارج الارض"، وفي مجال التوصل الى لقاحات جديدة بعد السرطان كانت ضرورة ايجاد لقاح مضاد لفيروس ومرض الايدز هو رأي 60 بالمئة من اجمالي المشاركين في الاستطلاع وعددهم 2000 شخص بينما رأى 37 بالمئة ضرورة التوصل للقاح للملاري، وقال ريس "ليست هناك طريقة للاحتفال بالعيد 350 للجمعية الملكية أفضل من البحث في مستقبل العلم والبناء على اسس تطور البحث الذي وصلنا اليه حتى اليوم. بحسب رويترز.

وأظهر الاستطلاع أن نصف سكان بريطانيا تقريبا (44 بالمئة) يعتقدون في وجود كائنات غريبة، ويعتقد أكثر من ثلث البريطانيين انه يجب على العلماء أن يبحثوا بنشاط ويحاولوا اجراء اتصال مع الكائنات الغريبة وهي النسبة التي ارتفعت الى 46 بالمئة بين الذكور من المشاركين في الاستطلاع، ورغم ذلك فان أقل من واحد من بين كل عشرة اشخاص يعتقد أن استكشاف الفضاء يجب أن يكون في مقدمة اولويات المجتمع العلمي، وبعد القضايا الصحية كان التغير المناخي هو الاولوية التالية في نظر المواطنين والذي يراه ثلث المشاركين في الاستطلاع مهم، وترتفع هذه النسبة الى 44 بالمئة بين الشباب الذين تتراوح اعمارهم بين 18 عاما و24 عاما مما يرجح أن الاجيال الصغيرة أكثر وعيا بالخطر الذي ينطوي عليه الاحتباس الحراري.

من جهة اخرى أظهرت دراسة أمريكية جديدة ان حوالي 800 بحث سحبت من قبل المجلات العلمية على مدى العقد الماضي بسب أخطاء خطيرة أو بيانات مزيّفة، معظم مؤلفيها من الأمريكيين، وذكر موقع «هلث دي نيوز» الأمريكي ان الدراسة التي قادها رئيس استشاريي الاتصالات الطبية في شابيل هيل، غرانت ستين، وجدت ان العلماء الأمريكيين مسؤولون عن 169 بحثاً سحبت على ما يبدو بسبب أخطاء خطيرة غير مقصودة، و84 بحثاً آخر سحبت بسبب تزييف كامل في البيانات، وقال ستين ان هذا لا يعني ان الباحثين الأمريكيين هم أكثر ميلا للخداع، لكن قد يعكس ان الباحثين المتمركزين في الولايات المتحدة ينشرون حجماً أكبر من الدراسات الطبية باللغة الانجليزية مقارنة بعلماء الدول الأخرى، وبحث ستين في قاعدة بيانات الأبحاث العلمية المسحوبة بين عامي 2000 و2010، ووجد ان سبب سحب 545 بحثاً أو ثلاثة أرباع الأبحاث المسحوبة كان أخطاء خطيرة، أما الأبحاث الباقية وهي 197 بحثاً فقد سحبت بسبب تلفيق في البيانات أو تزييف فيها، أي التغاضي عن النتائج التي لا تؤكد الهدف المرجو. 

علوم الوراثة في القمة

في سياق متصل وبعد عشر سنوات من الانتهاء من الخريطة الجينية للانسان لاتزال علوم الوراثة تمثل أبرز مجالات البحث العلمي رغم التقدم البطيء في ترجمة هذه الاكتشافات الى علاجات طبية ناجعة، وتوصلت نتائج دراسة مسحية اجراها مركز تومسون رويترز لمتابعة الابحاث العلمية (تومسون رويترز ساينس ووتش) الى ان سبعة باحثين من بين 13 من فطاحل العلماء ركزوا ابحاثهم خلال عام 2010 على العلوم الوراثية، وفي طليعة هؤلاء العلماء الافذاذ ايريك لاندر الذي يعمل في معهد برود في هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجي، وتناولت ابحاث لاندر الخرائط الجينية وامراض البشر بما في ذلك سرطان الرئة.

وتم اصدار التقرير السنوي لمركز تومسون رويترز لمتابعة الابحاث العلمية ويختص التقرير بالابحاث التي صدرت في مختلف ميادين البحث العلمي بالاستعانة بقواعد البيانات العلمية على الشبكة العنكبوتية، وبعد مرور عقد من الزمن على نشر اول تسلسل جيني للطاقم الوراثي البشري اتضح ان توقعات باحراز تقدم هائل وسريع في حقل مكافحة الامراض لم تكن في محله، غير ان الشغف العلمي لم يفتر وابقى العلماء على طموحاتهم بان الفيض الهائل من المعلومات التي توافرت في ابحاث التسلسل الجيني او الجينوميات سيؤتي ثماره عما قريب.

ومن بين النجاحات المبكرة التي تحققت في الواقع ما حدث حين صدقت الولايات المتحدة على عقار (بنليستا) الذي تنتجه مؤسسة هيومان جينوم ساينسز لعلاج مرض الذئبة الحمراء وهو اول دواء مشتق من اليات الجينوميات يحظي بموافقة لتسويقه عالمي، اما بالنسبة لبعض الشركات الاخرى المتخصصة في انتاج المستحضرات الدوائية فقد ظل التقدم بطيئا. بحسب رويترز.

التحفيز الكهربائي للمخ

الى ذلك قال علماء بريطانيون في مجال الاعصاب ان تحفيز المخ بتيار كهربائي منخفض جدا يمكن أن يزيد قدرات الانسان في مجال الرياضيات لفترة تصل الى ستة أشهر، وأجرى باحثون بجامعة أكسفورد البريطانية دراسة على 15 متطوعا وأثبتوا للمرة الاولى أن التحفيز الكهربائي للمخ قد حسن الاداء في سلسلة من عمليات التقييم الرياضية واستمر ذلك لفترة نصف عام بعد ذلك، وقال كوهين كادوش من جامعة أكسفورد الذي قاد فريق البحث "اننا لا ننصح الناس بتعريض أنفسهم لصدمات كهربائية لكننا نشعر باثارة بالغة للامكانات التي تتيحها النتائج التي توصلنا اليها ونحن ننظر الان في التغيرات الكامنة في المخ"، واضاف قائلاً "من غير المرجح ان يحول التحفيز الكهربائي المرء الى أينشتاين جديد لكن اذا صادفنا التوفيق فربما يساعد ذلك بعض الناس في التعامل مع الرياضيات على نحو أفضل."

وذكر علماء في الشهر الماضي انهم اكتشفوا أن استخدام الاقطاب الكهربائية لتحفيز مناطق في عمق المخ ربما يساعد مرضى الوسواس القهري الشديد الذين لا يستجيبون لانواع أخرى من العلاج، وشملت هذه الدراسة الجديدة 15 طالبا متطوعا تراوحت أعمارهم بين 20 و21 عاما تم تلقينهم رموزا تمثل قيما رقمية مختلفة ثم أخضعوا لاختبارات لقياس سرعتهم ودقتهم في اكمال مجموعة ألغاز رياضية أساسها تلك الرموز، وجرت عملية التلقين على مدى ستة أيام وفي كل يوم كان المتطوعون يحصلون اما على عينة ضابطة أو على تحفيز كهربائي بقوة ملي أمبير واحد من اليمين الى اليسار أو بالعكس عبر الفص الجداري للمخ وهو منطقة مهمة لمعالجة الرياضيات. بحسب رويترز.

وأشارت النتائج التي نشرت في دورية (كارانت بايولوجي Current Biology) الى أن المتطوعين الذين أخضعوا للتحفيز الكهربائي من يمين الى يسار الفص الجداري حققوا أفضل أداء، وأعيد اختبار هذه المجموعة بعد ستة أشهر من التدريب واكتشف الباحثون أنهم حافظوا على مستوى مرتفع من الاداء.

دراسة الزجاج المهشم

على صعيد اخر أظهرت دراسة نشرت أن بحث الطريقة التي يتهشم بها الزجاج أو أي مادة هشة أخرى يمكن أن يساعد العلماء على جعل تنبؤاتهم للطقس أو المناخ أكثر دقة، ووجدت الدراسة أن الجزيئات الصغيرة للغبار الذي يتسرب للهواء عندما يتفتت التراب تتبع أنماطا مماثلة للطريقة التي يتفتت بها الزجاج، ويقوم الغبار بدور حيوي في المناخ لانه يمكن أن يؤثر على كمية الطاقة الشمسية التي يمتصها الغلاف الجوي، كما أن الغبار يمكن أن يساعد في تشكيل السحب وتوزيع العناصر الغذائية مثل الحديد الذي له أهمية بالغة للنباتات.

وتعكس بعض الجزيئات الطاقة الشمسية وتقوم بدور العنصر المبرد في حين أن بعضها يحتفظ بحرارة زائدة، فعلى سبيل المثال فان جزيئات الطين متناهية الصغر تبقى في الغلاف الجوي لمدة نحو أسبوع وتساعد على تبريد الغلاف الجوي من خلال عكس الحرارة من الشمس الى الفضاء بينما تسقط جزيئات أكبر من الغبار الى الارض بشكل أسرع وفي العادة يكون لها أثر يؤدي الى رفع الحرارة، والمهم هنا هو اكتشاف الكمية الموجودة من كل نوع في الغلاف الجوي وكلما كان التقدير أفضل كلما كانت التنبؤات الجوية أدق.

وقال جاسبر كوك من المركز الوطني الامريكي لابحاث الغلاف الجوي في بولدر بولاية كولورادو ان عمله يشير الى أنه ربما تكون كمية جزيئات الغبار الموجودة في الغلاف الجوي أكبر بعدة أمثال من التقديرات السابقة، ويرجع هذا الى أن التراب المتفتت ينتج فيما يبدو عددا أكبر من جزيئات الغبار وهو اكتشاف يشكك في افتراضات تستخدم في برامج كمبيوتر للتنبؤ بالطقس والمناخ في المستقبل، وهذا ينطبق بالتحديد على مناطق صحراوية مثل شمال افريقيا وأجزاء من استراليا وجنوب غرب الولايات المتحدة حيث يمكن أن تثير الرياح كميات كبيرة من الغبار المحمل بالعناصر الغذائية في الهواء والى البحر، وقال كوك في بيان مع صدور دراسته في أحدث عدد من دورية (بروسيدينجز أوف ذا ناشيونال أكاديمي أوف ساينس) "مع صغر تجمعات جزئيات الغبار في التربة فانها تتصرف بنفس الطريقة لدى التصادم مثل سقوط الزجاج على أرضية مطبخ". بحسب رويترز.

وذكر في الدراسة أنه يمكن استخدام المعادلات الرياضية لاظهار كيف أن الاجسام الهشة تتشقق وتنكسر بطريقة يمكن توقعه، وباستخدام تلك المعادلات قدر كوك حجم جزيئات الغبار التي تنطلق في الهواء مع تطابق المعادلات بقياسات أحجام الجزيئات بشكل شبه كامل، وقال كوك في بيان "في الحقيقة فكرة تهشم كل تلك الاشياء بطريقة واحدة أمر جميل، انها وسيلة الطبيعة لتحقيق النظام وسط الفوضى."

استنساخ ماموث

من جهتهم يعمل فريق من العلماء على استنساخ ماموث، وهو حيوان ثديي كان رمزا للعصر الجليدي على الأرض، الذي انحسر قبل 12 ألف عام، ونقلت الصحيف اليابانية أن علماء من روسيا والولايات المتحدة واليابان يشاركون في المشروع، ويأملون منه إنتاج ماموث، وهو فيل ما قبل التاريخ، خلال ستة أعوام، وسيقوم العلماء باستخراج حمض الريب النووي DNA من بقايا ماموث محفوظة في مختبر روسي، ومن ثم حقنه في خلايا بويضات فيل أفريقي، على أمل إنتاج جنين لهذا الحيوان الثدي الضخم الذي عاش إبان حقبة العصر الجليدي.

ويعمل أكيرا إيرتاني، وهو بروفيسور من جامعة كيوتو باليابان، ويقود فريق العمل الدولي، لتطوير تقنية لاستخراج نواة البويضة دون تعريضها للتلف، استناداً لأبحاث قام بها بروفيسور تيروهيكو واكاياما، من مركز علم الأحياء التطويري"، واستنسخ من خلالها فاراً من بويضة مجمدة منذ 16 عام، وذكرت الصحف في تقريرها أن مجموعة علماء مكونة من خبراء أمريكيين في الإخصاب بالأنابيب، إلى جانب بروفيسور مينورو مياشيتا من جامعة كينكي، ستكون مسؤولة عن زرع الجنين في الفيل الأفريقي، وعقب إيرتاني على المشروع قائلاً "إن أمكن إنتاج جنين مستنسخ، سنكون بحاجة لمناقشة كيفية تنشئته وإذا ما كان علينا عرضه للجمهور، وذلك قبل زرعه في الرحم"، وتابع "بعد ولادة الماموث سنقوم بدراسة علوم بيئته وجيناته للوقوف على أسباب انقراض فصيلته وغيرها من الوقائع". بحسب السي ان ان.

ويذكر أن العلماء عثروا عام 2007، في إحدى الغابات المتجمدة بمقاطعة سيبيريا الروسية النائية، على جيفة تعود لحيوان ماموث حديث الولادة، محفوظة بصورة جيدة، وقد أثار الاكتشاف اهتمام عدد من الباحثين الذين طرحوا إجراء دراسات تحليلية خاصة على البقايا لمعرفة المزيد حول تأثير التغييرات المناخية، ويأتي الكشف عن المشروع بعد أشهر قليلة من إعلان فريق من العلماء في جامعة "بين" الحكومية أنهم باتوا على بعد خطوة واحدة من إعادة الحيوانات المنقرضة إلى الحياة من جديد، فباستخدام معدات وأدوات متطورة للغاية، ووسائل قراءة مخططات الحمض النووي DNA الأكثر تطوراً، كشف العلماء عن جزء كبير من المخططات الجينية لحيوان الماموث.

ويمكن للإنجاز الجديد أن يساعد العلماء على دراسة الأسباب الكامنة وراء انقراض بعض الحيوانات، وعدم انقراض أخرى، كما يمكن أن يكون مفيداً في حماية أنواع أخرى من الحيوانات المهددة بالانقراض، بالإضافة إلى ذلك، يثير الإنجاز إمكانية استخدام التسلسل الجيني في إعادة حيوانات منقرضة إلى الحياة.

آلية انتحار الخلية

من جهة اخرى اكتشف علماء ألمان آلية غير معروفة حتى الآن لانتحار الخلية مما يمهد الطريق حسب قولهم لتطوير مضادات حيوية جديدة أكثر تأثير، حيث قام الباحث الألماني أنطون ماينهارت و زملاؤه في معهد ماكس بلانك لأبحاث الطب بمدينة هايدلبرج بمعرفة اللغز وراء طريقة تأثير ما يعرف بـ"سموم زيتا" الحيوية الموجودة في الكثير من أنواع البكتريا المسببة للأمراض، وأوضح الباحثون أن "سموم زيتا هي أول إنزيمات معروفة تسمم البكتريا من داخلها من خلال إنتاج"مضاد حيوي سمي" وأن هذه السموم جزء من نظام السموم والسموم المضادة المعقد والذي يعتبر من العناصر الجينية المتحركة التي تنتقل من بكتريا لأخرى ويمكن أن تحول البكتريا وحيدة الخلية غير الضارة إلى جرثومة ضارة.

وأشار الباحثون إلى أن دور هذا النظام هو الحيلولة دون استبعاد المعلومات الجينية المسببة للمرض من الجين البكتيري أثناء انقسام الخلية "ويعمل السم أثناء ذلك على تدمير الخلية في حين يجعل المضاد السمي هذا البروتين السام غير ضار، إنه إذن تداخل معقد له القدرة على قتل البكتريا من ناحية ويعمل على استقرار العناصر المقاومة الخطيرة في الجرثومة من ناحية أخرى"، كما قام الباحثون الألمان بدراسة أحد سموم زيتا في بكتريا ايشرشيا كولي المعروفة وقاموا خلال ذلك بالكشف عن "آلية الانتحار" التي تحدث داخل الجزيئات فتبين لهم أن سموم زيتا تحول أهم بنية سكر داخل الخلية وهي البنية التي يرمز لها المتخصصون بـ "يو ان ايه جي" المسئولة عن بناء جدار الخلية في جميع البكتريا المعروفة، إلى بروتين سام وهو بروتين "يو اني ايه جي-3 بي"، وعندما قام الباحثون بتنشيط سم زيتا داخل البكتريا بشكل مصطنع انفض جدار الخلية أثناء مرحلة الانقسام مما أدى إلى موت الخلية، ويرى الباحثون أن هذه الحقيقية تجعل من بروتين "يو ان ايه جي-بي3" مادة قيمة لتطوير مضادات حيوية واسعة المجال، خاصة في مكافحة الجراثيم المتحورة.

الى ذلك فأن العلماء تمكنوا من تنشئة حيوانات منوية في ظروف مختبرية ضمن بحث مميز قد يساعد مرضى السرطان في استعادة قدرتهم على الانجاب، كما يلقي الضوء على مشكلات الخصوبة لدى الرجال، ويقول خبراء الخصوبة انه "تقدم تجريبي مهم" نحو استخدام الحيوانات المنوية التي تنمو في المختبرات في العيادات الطبية وخطوة تقرب من سياق لتخليق الحيامن لمن لا يستطيعون تكوين هذه الخلايا بشكل طبيعي، وعلى الرغم من ان هذا الاجراء لن يكون قانونيا في بريطانيا ضمن تشريعاتها الحالية الا ان الحيوانات المنوية التي تنمو في المختبر أثبتت انها آمنة ويمكن استخدامها لمساعدة الرجال الذين لا خصوبة لديهم للحصول على اطفال عبر المعالجة الطبية لامراض الخصوبة (IVF).

ويمكن للتجربة أن تساعد الصبيان المصابين بالسرطان الذين ما زالوا اصغر سنا من يتمكنوا من انتاج حيامن وثمة خطر كبير في فقدانهم الخصوبة بسبب العلاج الكيماوي او الاشعاعي، واذ يمكن للرجال أن يحتفظوا بحيامن مجمدة قبل خضوعهم لعلاج السرطان، اشار البحث الاخير إلى انه يمكن اخذ جزء من نسيج الخصية والاحتفاظ به في مكان خزن مبرد لاستخدامه لاحق، وقام باحثون يابانيون بانماء قطع صغيرة من نسيج من خصيتي فأر صغير على مادة هلامية مشعبة بمادة مغذية، وبعد عدة أسابيع تمكنوا من جمع حيوانات منوية قابلة للنمو والحياة من النسيج. وبدت بصحة جيدة واستخدمت عبر معالجات الخصوبة لانتاج 12 من صغار الفئران وهؤلاء بدورهم انتجوا صغارهم بعد أن كبروا.ولد سبعة من هذه الفئران من حيوانات منوية نقلت إلى 23 بويضة باستخدام تقنية (Round Spematid injection) اما الخمسة الباقية فولدت بعد تلقيح 35 بويضة باستخدام طريقة (Intracytopalsmic sperm injection) السائدة في معالجات الخصوبة.

والشيء المهم في هذه التجربة هو تمكن العلماء من استخلاص سائل منوي سليم من النسيج المزروع بعد ان كان مجمدا لحوالي 25 يوما الامر الذي يشير الى ان الخزن المبرد لا يؤذي الخلاي، وعد هذا البحث الذي نشر مؤخراً أنجح محاولة حتى الان لتخليق الحيوانات المنوية للثدييات من نسيج خصية في المختبر.

خصائص مادة سيروتنين

على صعيد متصل توصل علماء في الصين إلى وجود مادة في مخ الفئران تتحكم في جاذبية الحيوان للذكر أو الأنثى.ووجد هؤلاء أن ذكر الفأر الذي يفتقر مخه إلى مادة "سيروتنين" يفقد القدرة على تفضيل الأنثى، ويقول باحثون إن هذه هي المرة الأولى التي يتبين فيها أن المادة الموصلة للأعصاب تلعب دورا في تفضيل الجنس في الثدييات، وقام فريق العلماء في البداية بتربية مجموعة من ذكور الفئران لا يستجيب مخها للسيروتنين، وبعد سلسلة من التجارب تبين أن هذه الفئران فقدت خاصية تفضيل الإناث الموجودة في الذكور، فحين ترك لهم اختيار شريك لم يظهروا تفضيلا واضحا للإناث.

وتم الحصول على نفس النتيجة مع مجموعة أخرى من الفئران ينقصها العامل المورث "تريبتونفان هايدروكسيليز 2" اللازم لإنتاج مادة "سيروتنين"، غير أنه أمكن استعادة صفة تفضيل الإناث بحقن الفئران بمادة السيروتنين، ويعتقد أن خاصية تفضيل الأنثى في الفئران تتحكم فيها حاسة الشم، ويقول البروفيسور كيث كيندريك خبير الأعصاب في معهد ابراهام بمدينة كامبردج البريطانية "بالنسبة لأهمية هذا البحث في فهم خاصة التوجه أو التفضيل الجنسي لدى الإنسان فنحن بالطبع أقل تأثرا بالرائحة من هذه الناحية عن الفئران"، وأضاف "نحن نتناول أدوية تزيد أو تقلل السيروتينين في الدماغ منذ فترة طويلة، وقد لا حظنا تأثير ذلك في مناح عدة من سلوك الإنسان، لكن لم يكن منها التأثير على التوجه أو التفضيل الجنسي. وبالتالي فمحاولة ربط صلة بين السيروتنين والتفضيل الجنسي لدى الإنسان لا بد من اعتبارها واهية".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 29/آذار/2011 - 23/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م