ثورة الشعب البحريني

حتمية إنتصار إرادة الشعب

أحمد عبدالأمير الأنباري

ان قراءة سريعة للثورات التي حصلت في التاريخ ومثلها لما حصل مؤخراً من ثورات عربية في تونس ومصر تفيد بما لايقبل الشك ان الشعب ـ أغلبية الشعب ـ اذا طالب الحاكم بالتخلي عن الحكم فانه يتوجب عليه التخلي عن الحكم اذا كان لديه شيء من الحكمة، لانه سوف لن يبقى في الحكم سواء كان بارادته ــ وهو ما لم يتحقق في ثورتي تونس ومصر ــ أم باجباره على ذلك، كما حصل في تونس ومصر، وسيحصل في ليبيا واليمن والبحرين.

 فالشعب عندما يتخذ قراره بتغيير الحاكم فانه لن يتراجع عن قراره مهما كان الثمن الذي يدفعه. فهذا الأمر محسوم بالنسبة للشعب، ويبقى على الحاكم ان يقرر اما ان يتخلى ويترك للشعب حرية تقرير مستقبله والنهوض بواقه بما يحقق اهدافه التي يتطلع لها، واما يتمسك بالحكم لاطول فترة ممكنة على حساب سفك دماء الابرياء من الشعب.  

والشعوب التي خرجت ولازالت بتظاهرات تطالب فيها بتغيير الأنظمة الحاكمة في تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين، خرجت بسبب من:

1- عدم قدرتهم على ادارة الحكم وبما يحقق أهداف الشعب المشروعة.

2- الظلم الذي مارسوه بحق شعوبهم.

3- التصرف بثروات البلاد والاستحواذ عليها لصالحهم ولصالح المقربين منهم.

4- عدم السماح بحرية الرأي.

5- عدم السماح بوجود معارضة.

6- التمييز الطائفي كما في البحرين.

 وقد أخطأ النظام الحاكم في البحرين باستخدامه القوة العسكرية ضد المتظاهرين من شعب البحرين، فبدلاً من السماع لمطالبهم والاستجابة لها، استخدم القوة العسكرية المفرطة، مما أدى الى سقوط العديد من الشهداء والجرحى من المتظاهرين ن الذين خرجوا بمظاهرات سلمية حاملين العلم البحريني في يد وفي الأخرى حملوا الزهور، وهو ما يدل على وطنية المظاهرات وسلميتها.

 وهذا العمل من قبل النظام الحاكم في البحرين له دلالات عديدة منها:

1- انه بهذا العمل قد خالف المنطق في قراءة التاريخ، والأحداث التي حصلت في تونس ومصر مؤخراً.

2- انه أبعد ما يكون عن الاسترشاد بالحكمة وتحكيم العقل في التعامل مع مطالب المتظاهرين.

3- انه كمن سبقه من طواغيت الشعوب يضعون المعادلة ذاتها أما ان نحكم، وأما ان نقتل الشعب، ويعم الدمار والخراب في البلاد.

 ان قرار النظام الحاكم في البحرين بدعوة قوات ما يسمى بـ " درع الجزيرة " للتدخل في الشأن الداخلي البحريني، هو أبعد ما يكون عن الصواب، وان دل على شيء انما يدل على الرغبة التي تتملك هذا النظام الظالم لشعبه في استعباد شعب البحرين، والسيطرة على ثروات البلاد والتصرف بها لتحقيق مصالح الأسرة الحاكمة، وبطانتها.

 هذا القرار ـ دعوة قوات ما يسمى درع الجزيرة ـ له انعكاسات عديدة، وأثار يمكن ان تؤثر سلباً على دول المنطقة وشعوبها. ومن هذه الانعكاسات والأثار هي:

1- انه يؤسس لاستقطاب طائفي في عموم دول المنطقة العربية والاسلامية، وفي ثلاث مستويات:

أ‌- استقطاب طائفي داخل الدولة الواحدة.

ب‌- استقطاب طائفي دولة في مقابل دولة اخرى.

ت‌- استقطاب طائفي لطائفة معينة في جميع الدول في مقابل استقطاب الطائفة الاخرى في الدول نفسها.

 ان دخول قوات ما يسمى درع الجزيرة الى البحرين من شأنه ان يدفع بالمنطقة والدول العربية الى نوع جديد من التقسيم يقوم على تقسيم الدولة الواحدة على اساس الطوائف الدينية، وكل طائفة ستتخذ مواقف متوافقة بين اتباعها في جميع الدول. وهذا واحد من أخطر أنواع التقسيم.

 وفقاً لما تقدم فانه يتعين على النظام الحاكم في البحرين العمل على:

1- اخراج قوات درع الجزيرة من البحرين.

2- البدء بعملية الحوار مع المتظاهرين.

3- الاستجابة الايجابية لمطالب الشعب البحريني.

 ان على هؤلاء الحكام ان يفهموا انهم سقطوا عن عروشهم الخاوية في اللحظة التي قرر فيها الشعب ان يخرج بمظاهرات للمطالبة بتخليهم عن الحكم، سواء كان ذلك سريعاً كما حصل في تونس ومصر، أم طال الوقت قليلاً كما يحصل الآن في ليبيا واليمن والبحرين.

 يجب ان يفهموا ان ارادة الشعوب أقوى من الطغاة، وأقوى من بطشهم وظلمهم، وانها ـ ارادة الشعوب ـ لمنتصرة مهما كان الثمن.

* باحث في العلاقات الدولية-جامعة بغداد

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 28/آذار/2011 - 22/ربيع الثاني/1432

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م