![](Images/057.jpg)
الكتاب: دور الميديا في ادارة الازمات
والحروب
الكاتب: رفيق نصرالله
الناشر: دار "بيسان" للنشر والتوزيع والاعلام
عدد الصفحات: 160 صفحة متوسطة القطع
عرض: جورج جحا
شبكة النبأ: تقرأ كتاب "دور الميديا
في ادارة الازمات والحروب" لرفيق نصرالله فتنازعك حالتان.. متعة باسلوب
الكاتب ورهبة مما قد لا يمرّ في بال كثيرين عن مدى ما يمكن ان يكون
عليه الامر من الخطورة.
وتشعر احيانا بان الكاتب يضعك في اجواء معارك قد لا تكون المعارك
الاخرى في رهبتها وتأثيراتها. وسائل الاعلام الحديثة التي يفضّل رفيق
نصرالله ان يستعمل لها تعبير "الميديا" "المعرّب"" حديثا تبدو لك عنده
حينا اقرب الى مدفعية رهيبة تنطلق قبل بدء المعارك ""على الارض"" كما
تبدو ايضا وسيلة لتفريغ الارض من المقاومة اذ تكون قد فعلت فعلها.
الا انها عنده اذا احسن العالم العربي استعمالها واستغلالها قد تكون
وسيلة لتحقيق انتصارات.
كتاب رفيق نصرالله الذي صدر عن دار "بيسان" للنشر والتوزيع والاعلام
في بيروت جاءفي 160 صفحة متوسطة القطع وبغلاف من تصميم خليل رفيق
نصرالله .
رفيق نصرالله اعلامي وكاتب سياسي وباحث يعمل مديرا للمركز الدولي
للاعلام و الدراسات في بيروت ومديرا لمكتب التدريب و التأهيل الاعلامي
وهو ايضا شاعر وقومي عربي انتماء وممارسة فكرية واجتماعية و ايضا شديد
الايمان بفكرة المقاومة في مختلف اشكالها والاعلامي العلمي منها بشكل
خاص سبيلا للحفاظ على الذات القومية والاستمرار. بحسب رويترز.
اما اسلوبه فشيّق ويشكل مزيجا من هذه الامور كلها من الاحصاءات
والارقام و التاريخ والجغرافيا والحاضر والماضي والمستقبل من برودة
الباحث الهادىء وثورة القومي القلق و""الجنوبي اللبناني القلق"" الذي
ورث فجيعة وقعت عام 1948 قبل ان يولد بسنتين اذ ارتكبت اسرائيل التي
انشئت كدولة في تلك السنة ما يطلق عليه في التاريخ اللبناني
الحديث"مجزرة حولا" اي مجزرة بلدته. وهو الى كل ذلك يجمع رهافة الشاعر
وسلاسة الصحافي الجيد.
ومن هنا فقراءة كتابه حتى حيث تخالفه الرأي تقدم المتعة والقلق لكن
الكاتب لايتخلى عن الامل.
ويقول في الخاتمة" قد نكون خسرنا زمام المبادرة ولكن علينا ان ندرك
اننا في حرب اعلامية مفتوحة لها وقائعها وامكاناتها وعلى القوى
التغييرية ان تملك زمام المواجهة. لا بد من التمسك بهويتنا وشخصيتنا
الوطنية والقومية وان نمسك بخطنا الممانع عبر الدفاع عن امننا الاعلامي
لكي نكون شركاء في خارطة الميديا ..وخسارة مبادرة لا تعني خسارة
الارادة بامكانية استعادتها وهذا ما يحتاج منا لامتلاك القدرات."
وفي تقديم الكتاب قال المؤلف" هل نحن امام سلطة جديدة صارت هي
المكوّن للقناعات والصانع للقرارات والتحولات الجذرية.. سلطة هي اقرب
الى السطوة التي تعيد تشكيل وصناعة الرأي العام باتجاه رسم خرائط
وتبرير حروب وفرض معطيات. ما هي الوسائل القادرة على محو الذاكرة
واعادة تشكيلها ....."
اضاف اننا " امام اعلام جديد يسعى لايجاد المبررات لتمزيق خرائطنا
امام اعيننا واحيانا بايدينا وبخطابنا المتداول امام اعلام يجنح نحو
تعميم نوع من ثقافة الاقليات والعرقيات ..وامام اعلام أخذنا الى تطبيع
قناعاتنا مع هزائمنا ..ونحن ندرك اننا لانملك القدرة على الرد لان
ادواتنا تمّ تعطيلها "
وعناوين فصل الكتاب ذات دلالات واضحة ومنها" لعبة المشهد..."و"صناعة
القناعات" و"الاعلام اللبناني نموذجا" و" الميديا وصناعة الوهم"و" صورة
لحرب افتراضية "و"نحو ميديا ..مواجهة "/و "دور الفضائيات الاجنبية
الناطقة بالعربية" و" الميديا وتجديد الفكر القومي العربي" و"دور
الميديا في نشر ثقافة التنمية او اعاقتها ( لبنان مثالا")
وتحدث عن خلق المشهد التلفزيوني للتأثير في الذهن والسيطرة عليه
مستشهدا باحداث من اجتياح العراق في شكل خاص.
وتحدث عن امثلة منها الاجتماع الاول الذي عقدته كونداليزا رايس
وزيرة الخارجية الامريكية السابقة" وجمعت فيه مدراء اجهزة الامن لاربع
دول عربية كان واضحا ان هذا الاجتماع ...يراد له ان يأخذ ابعادا اخرى
تتجاوز البعد القومي "وقال انه تبين لاحقاان قرارات هامة اتخذت "باتجاه
ضرورة قيام جبهة اعلامية موحدة لما تم الاتفاق على تسميته بدول
الاعتدال العربي ضد ""محور الشرّ"
وقال انه جرى "وضع امكانيات مالية كبيرة لدعم الوسائل الاعلامية
المختلفة التي تملكها دول الاعتدال سواء الرسمي منها او الخاص وهو ماتم
فعلا حيث نشرت احصاءات دقيقة على ان ما يزيد على مليار دولار وضعت لدعم
مؤسسات اعلامية وحملات منظمة على مدى الفترة الممتدة من عام 2007 الى
عام 2009 تحديدا." وتحدث عن خبراء امريكيين خصصوا لمتابعة ذلك. واشار
الى تسجيل "تحولات كبيرة في قناعات بعض شرائح المجتمع اللبناني او
العربي..."
ورأى انه "بعد عام 2000 صرنا امام معادلة جديدة .. ففي الحرب لم تعد
القوى الكبرى تذهب الى الحرب هكذا بمجرد قرار بل تأتي هذه الحرب في
سياق منظومة معدة من القرار السياسي الى استخدام الاعلام ليشكل المقدمة
التي تمهد لمبررات الحرب."
وتحدث عن الحرب ودور " غرفة الترويج الاعلامي " فقال ان من عملها
الاجابة عن اسئلة منها "كيف اوهم الاخر بنتائج قد لا تكون وقعت.. كيف
امهد لنتائج اريدها ان تقع.. كيف اتحدث عن حرب في الشاشة لو تقع ولن
تقع على الارض.. كيف انقل صورة غير واقعية واملك القدرة على اقناع
المتلقي بواقعيتها.. كيف اصنع متحدثين عسكريين لديهم القدرة على
الاقناع.. كيف استخدم وسائل الاقناع ..... كيف اظهر الموقف السياسي
المتصاعد لا يجاد مبررات التدخل العسكري . كيف احضر خطاب الصورة للرأي
العام المحيط بالحدث... كيف افرض حصارا على وسائلي الاعلامية ..متى
امنع وسائل اعلام اخرى من التحرك../نموذج لما فعلته اسرائيل في حرب
غزة"/.
وفي فصل اخر قال "اريد لنا كما على مستوى انهيار امننا القومي
وامننا الاقتصادي و ان ينهار امننا الاعلامي و الثقافي ...وتحت هذا
المبرر ذهبت قنوات عربية عديدة الى مااسمته موقع ومنطق الحيادية...
بحيث تساوى الاسرائيلي مع الفلسطيني بل على العكس اظهرت هذه القنوات
الاسرائيلي النظيف و المبرمج ...فيما سعت لاظهار الفلسطيني في غير هذه
الصورة هنا الحيادية تأخذ شكل الموقف ...ليصل الى مستوى المؤامرة."
واعتمد رفيق نصرالله احصائيات وارقاما ووقائع كثيرة يصعب اختصارها
ودعا الى ان نمتلك قدرة اعلامية عربية وقال "علينا ان نتملك هذه
الميديا ..ان نكون حاضرين في الفضاء العربي وان كنا غير قادرين على ذلك
في الفضاء العالمي .. لكن لا بد من الاستمرار."
عمل نصرالله غني ومحرك وقد جمع فيه معلومات كثيرة وأراء عديدة. لكن
لاهمية ما قدمه حبذا لو عمل على ""ضبطه"" اكثر مما فعل بمعنى ان يكون
تنظيم المواد وتبويبها اكثر صرامة فلا تتكرر امور او اراء في اكثر من
مجال. في الخلاصة ..انه عمل ممتع ومقلق ..وتثقيفي مهم. |