الالغام... عدو صامت يتسلل الى الاقدام

شبكة النبأ: هناك العديد من المعوقات التي تواجه المجتمعات والدول في طريق التقدم والرقي ولعل من اخطرها ظاهرة الالغام التي فتكت بارواح الملايين من البشر في مختلف نواحي العالم خصوصاً التي شهدت منها الحروب والصراعات.

ان العالم في سنواته الاخيرة شهد اقبال كبير ورعاية خاصة من اجل مكافحة هذه الظاهرة والقضاء عليها نهائيأ من خلال عقد المؤتمرات الدولية الداعية الى حضر استخدام الالغام الارضية المحرمة وكذلك ابتكار وسائل جديدة تسهم في اكتشاف الالغام وتدريب الكوادر القادرة على ذلك وتوقيع مذكرات تعاون بين البلدان المتجاوره من اجل تنضيف الحدود من هذا العدو النائم.

الألغام في العراق

فخلال الثلاثين سنة الماضية، لم يشهد العراق ثورة عمرانية كتلك الموجودة هذه الأيام، فالحكومة العراقية تسعى لتحويل بغداد التي دمرتها الحرب إلى مدينة عالمية للأحلام, إلا أن إطلاق مثل هذه المشاريع وغيرها يتطلب مجابهة عدو صامت وخفي هو الألغام الأرضية، فالعراق يعتبر واحدا من أكثر الدول التي تنتشر فيها الألغام، إذ أنها تكثر على الحدود مع إيران، وقرب حقول النفط بالجنوب, فقبل عدة سنوات، لم تسمح العائلات العراقية لأطفالها باللعب في الشوارع التي تشهد الآن ثورة عمرانية واسعة، بسبب كثرة هذه الألغام الأرضية.

ويتذكر أحمد كامل الوقت الذي كان يلعب فيه كرة القدم وقذفها أحد أصدقائه بعيدا ثم ذهب لجلبها، لينفجر فيه لغم أرضي ويصاب بجروح خطيرة.

من جانبه علي الدباغ، المتحدث باسم الحكومة العراقية، والمشارك في إطلاق مبادرة وطنية لتخليص البلاد من الألغام، يؤكد بأن هذه الأجسام هي عدو نائم, ويضيف بالقول: "نتوقع وجود نحو عشرين مليون لغم في أنحاء العراق، وهذه مشكلة كبيرة على المجتمع الدولي مساعدتنا حتى نتغلب عليها." بحسب السي ان ان.

فوفقا لتقرير أصدرته الأمم المتحدة، يتطلب البحث عن هذه الألغام نحو 19 ألف عامل، وهو رقم أعلى بستين مرة من عدد العمال المتوفر حاليا، كما أن هذه المهمة تستلزم عشر سنوات للتخلص من جميع الألغام, وتقول الأمم المتحدة إن التخلص من التلوث الذي تشهده معظم المحافظات العراقية يعتبر واحدا من أهم الأهداف التي تسبق عمليات التطوير والإنماء الداخلي.

يقول الدباغ: "تبين لنا أن عددا من منفذي العمليات الانتحارية يستخدمون الألغام في عملياتهم، فهي قنابل رخيصة ومتوافرة بكثرة في أيدي هؤلاء", فقبل أن ينظر العراقيون بجدية نحو المستقبل، عليهم التخلص من بقايا حروب الماضي.

بين الاردن وسوريا

من جانبه قال المدير العام للهيئة الوطنية الاردنية لازالة الالغام واعادة التأهيل محمد بريكات انه "تمت ازالة اكثر من 83 الف لغم" من مشروع ازالة الالغام على الحدود الاردنية السورية الذي بدأ العمل فيه في الاول من نيسان/ابريل 2008 باشراف الهيئة وتنفذه جمعية المساعدات النروجية, واضاف ان "حقول الالغام تمتد على طول 104 كلم على طول الحدود مع سوريا، وتحتوي على 136 الف لغم مختلفة الانواع، منها مضاد للافراد وآخر للدبابات".

واوضح بريكات، حسبما نقلت عنه وكالة الانباء الاردنية الرسمية (بترا) ان المشروع الذي يعمل فيه اكثر من مئتي اردني "يهدف الى تطهير اكثر من عشرة ملايين متر مربع من الاراضي الصالحة للزراعة والاستثمار وازالة 93 حقل الغام"و وجاءت تصريحات بريكات خلال تسلم الهيئة لمنحة مالية من الحكومة اليابانة بقيمة 357 الف دولار. , والالغام التي تعود معظمها الى فترة النزاعات العربية الاسرائيلية، تؤثر بصورة سلبية على حياة الناس الذين يقطنون تلك المناطق الزراعية الشاسعة والتي ترفد المملكة بانواع مختلفة من الحبوب وغيرها من المزروعات. ويمول المشروع النروج وكندا واليابان والمانيا والاتحاد الاوروبي. بحسب فرانس برس.

وانتهت الجمعية النروجية خلال السنتين الماضيتين من ازالة اكثر من ستين الف لغم ارضي في وادي عربة بين البحر الميت والبحر الاحمر على مساحة 14 مليون متر مربع, وكان الاردن بدأ عمليات ازالة الالغام من اراضيه العام 1993، اي قبل عام واحد من توقيعه معاهدة السلام مع اسرائيل, وبحسب الهيئة، كان هناك نحو 305 الاف لغم على الاراضي الاردنية، بينها 73 الف لغم اسرائيلي و232 الف لغم اردني معظمها في وادي الاردن على الحدود مع اسرائيل.

القنابل العنقودية

في سياق متصل وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي تم إحرازه لحظر الذخائر العنقودية، إلا أنه ينبغي القيام بالمزيد من الجهود في هذا المجال، حسب تصريح نشطاء في مؤتمر عالمي حول اتفاقية الذخائر العنقودية عقد مؤخراً في سانتياغو في تشيلي.

وفي هذا السياق، قال توماس ناش، منسق الائتلاف المناهض للقنابل العنقودية، "إنه لشيء عظيم أن نحظى بمشاركة أكثر من 100 حكومة في هذا المؤتمر بما في ذلك الدول غير الموقعة على الاتفاقية مثل الأرجنتين وفيتنام. كما سعدنا أيضاً بمدى حيوية المحادثات", وقد تم اعتماد اتفاقية الذخائر العنقودية التي "تحظر كل استعمال أو تخزين أو إنتاج أو نقل للذخائر العنقودية" من قبل 107 دولة في 30 مايو 2008 في دبلن وتم التوقيع عليها في 3 ديسمبر من العام نفسه في أوسلو واصبحت قانوناً دولياً ملزماً في الأول من أغسطس 2010.

حيث سعى المؤتمر، إلى وضع خطة عمل لتنفيذ الاتفاقية ووضع الأساس للاجتماع الأول للدول الأطراف في لاوس في نوفمبر من هذا العام.

من جهته، يرى برانيسلاف كابيتانوفيتش، وهو مزيل ألغام سابق من صربيا فقد يديه وقدميه أثناء حادث لإزالة الألغام في يوغوسلافيا، أنه "لا تزال هناك حاجة لبذل المزيد من الجهود، فهناك دول لم توقع على الاتفاقية حتى الآن بالإضافة إلى الكثير من الدول الأخرى التي وقعت ولكنها لم تصادق عليها بعد".

وحتى الآن، وقعت 106 دولة على هذه الاتفاقية وصادقت عليها 36 دولة. وبموجب اتفاقية فينا حول قانون المعاهدات، تلتزم الدول الموقعة التي لم تصادق بعد على الاتفاقية بضمان عدم تصرفها ضد فحوى الاتفاقية وهدفها بالرغم من أنها غير ملزمة بتنفيذ مضمونها بحذافيره، بحسب ناش.

ويقول نشطاء حقوق الإنسان أن طبيعة الذخائر العنقودية، التي تعرف أيضاً باسم القنابل العنقودية، تعرض المدنيين للخطر. ويتم إسقاط هذه الأسلحة من الجو أو زرعها عن طريق أنظمة أرضية توزع في كثير من الأحيان مئات القنابل أو الذخائر الصغيرة التي يمكن أن تغطي منطقة تعادل مساحة عدد من ملاعب كرة القدم. بحسب شبكة ايرين الانسانية.

وعادة ما تبقى العديد من هذه القنابل الصغيرة غير منفجرة، سواء عمداً أو عن طريق الخطأ، وتظل تشكل خطراً على الأرواح وسبل العيش لسنوات عديدة بعد انتهاء الصراع. وفي بعض الحالات، مثلما هو الشأن في لبنان في أعقاب حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله، يصل معدل عدم الانفجار إلى 40 بالمائة، وفقاً للأمم المتحدة.

وإلى حد ما، كان لرد الفعل العالمي على استخدام الذخائر العنقودية في لبنان دور كبير في تضافر الجهود لحظر هذه الأسلحة بالكامل. وتشمل البلدان التي عانى شعبها لفترة طويلة من آثار القنابل العنقودية أنغولا وكوسوفو والعراق ولاوس.

وعلق كابيتانوفيتش على هذه الجهود قائلاً: "لقد حدث التغيير بالفعل، حيث توصلت الكثير من البلدان إلى أن الذخائر العنقودية سلاح لا يميز أهدافه، كما فهم السكان الخطر الذي تشكله هذه الأسلحة".

من جهتها قالت منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بحقوق الانسان يوم الاثنين ان الولايات المتحدة وروسيا والصين تعارض الاتفاقية الخاصة بحظر الذخائر العنقودية التي وقعت عليها 108 دول, وقالت المنظمة ومقرها نيويورك ان الدول الثلاث اضافة الى دول أخرى مثل الهند وباكستان واسرائيل وكوريا الجنوبية ما زالت تسعى الى التوصل الى معاهدة أضعف في إطار الأمم المتحدة رغم ان الاتفاقية أصبحت سارية بالفعل.

وأضافت في تقرير يتألف من 224 صفحة "بعد أكثر من عامين من اعتماد الاتفاقية الخاصة بالذخائر العنقودية تواصل الولايات المتحدة وقوى عسكرية كبرى أخرى مقاومة الاتفاقية بنشاط."

وقدمت المنظمة تقريرها وعنوانه (مواجهة التحدي.. حماية المدنيين من خلال الاتفاقية الخاصة بالذخائر العنقودية) في المقر الاوروبي للامم المتحدة في جنيف حيث مقر مؤتمر نزع السلاح الذي ترعاه المنظمة الدولية.

وتم التفاوض على الاتفاقية خارج اطار مؤتمر الامم المتحدة لنزع السلاح من جانب الدول المحبطة من عرقلة المحادثات في المنظمة الدولية وهي تحظر انتاج ونقل وتخزين الذخائر العنقودية التي يتم اسقاطها جوا أو تطلق باستخدام المدفعية.

ويقول نشطاء ان هذه الاسلحة قتلت الاف المدنيين مع عدم احصاء الكثير من الوفيات في المناطق الريفية بالدول الفقيرة التي استخدمت فيها منذ أول استخدام واسع النطاق لها على يدي الولايات المتحدة في فيتنام في الستينات.بحسب ايرين.

ويؤدي انفجار الذخائر العنقودية التي انتجت أثناء الحرب الباردة لمهاجمة الدبابات وقوات الدعم في ميادين القتال المفتوحة الى تناثر قنابل صغيرة على مساحة واسعة. ولا تنفجر القنابل الصغيرة في كثير من الحالات وتظل مبعث خطر لانها يمكن أن تنفجر في أي وقت بعد سنوات من انتهاء القتال.

ووقعت الاتفاقية في أوسلو في ديسمبر كانون الاول 2008 وأصبحت سارية في أول أغسطس اب هذا العام بعد تصديق 46 دولة عليها ولا تزال تنتظر تصديق الدول الاخرى.

ودمرت عدة دول من البلدان الموقعة على الاتفاقية مخزوناتها بالفعل وهناك دول أخرى مثل بريطانيا وفرنسا في طريقها لتنفيذ ذلك. لكن الدول التي تطلق عليها هيومان رايتس ووتش "المقاومة" تتعامل بتعال وتقول انها تفضل اجراءات أكثر تدرجا.

وقالت بوني دوهارتي كبيرة الباحثين في قسم الاسلحة في هيومن رايتس ووتش وواضعة التقرير في افادة أمام مفاوضين وصحفيين " المطلوب هو حظر تام بأسرع ما يمكن."

واضافت "الحقائق على الارض لا تدع مجالا للشك بأن الذخائر العنقودية تقتل وتشوه كثيرا من المدنيين. البلدان الجادة في وقف هذه المعاناة عليها أن تنضم الى الاتفاقية الخاصة بحظر الذخائر العنقودية وألا تكتفي بالحلول الوسط المتمثلة في الاجراءات البديلة غير الفعالة".

وتقول الولايات المتحدة التي أعلنت العام الماضي ان لديها مخزونا بضم 800 مليون وحدة من الذخائر العنقودية الصغيرة انها ستحظر استخدامها بحلول عام 2018 لكنها ما زالت في حاجة اليها في بعض المواقف القتالية كما انها اتخذت اجراءات لضمان ان تنفجر كلها لحظة اصطدامها بالهدف.

ويقول تقرير هيومان رايتس ووتش ان من المحتمل أن يكون لدى كل من روسيا والصين اللتين لم تعلنا مخزونهما قدرا مماثلا لمخزون الولايات المتحدة تقريبا. ولم تعلن اي منهما عن موعد متوقع للتخلص من هذه الاسلحة.

جرذان أفريقيا تكافح الألغام

من جهة اخرى، هل هي مصادفة أن تكون الفئران والجرذان التي تسبب بمقتل ملايين البشر بسبب الطاعون أو "الموت الأسود" هي منقذتهم من الالغام الأرضية المضادة للأفراد في القرن الحادي والعشرين؟

كغيره من الناس العاديين، كان نيكو موشي يكره الفئران والجرذان، لكنه ظل كذلك إلى أن عرف أن للجرذان أنوف يمكنها أن تشم الألغام الأرضية، رغم أنه كان في البداية يعتقد أن الأمر ينطوي على خدعة.

خلال السنوات القليلة الماضية، كان موشي (32 عاماً) يعمل مع القوارض الأفريقية العملاقة، إلى حد بات معه يستمتع برفقتها، بل وأصبحت من "الأصدقاء المقربين" كما يقول.

خلال تجربته الأولى مع الجرذان، شعر موشي، الذي كان يعلم اللغة السواحيلية بأحد الأديرة اللوثرية، بالذعر عندما اصطحب ذلك الحيوان ذي الذيل الطويل إلى حقل ألغام موزمبيقي، كان من مخلفات الحرب الأهلية التي انتهت في موزمبيق عام 1992.

الذعر لم يكن بسبب الجرذ ولا الهياكل العظمية لعدد من الأشخاص في قل الألغام، بل لأن جرذه عثر على 16 لغماً أرضياً، كانت كفيلة بإزهاق أرواح العديد من الناس الأبرياء.

أما الشخصية التي تقف وراء هذا المشروع، أي تربية الجرذان على كشف ومكافحة الألغام، فهو البلجيكي بارت فيتينز، الذي أشار إلى ثقافة كراهية الجرذان المتجذرة في الثقافات الشعبية منذ قرون عديدة، وخصوصاً أنها كانت تقف وراء الطاعون أو "الموت الأسود" الذي أودى بحياة الملايين من البشر.

وكان العلماء قد انطلقوا في البداية من فكرة تدريب الحيوانات الجرابية على استكشاف مواقع الألغام الأرضية، لكنهم كانوا يستخدمون نظاماً يشمل على "الأقطاب الكهربائية" للدماغ، وهو ما اعتبره فيتينز أمراً غير مستقر أو متوازن، وبدأ في البحث عن حلول محلية يمكنها أن تعمل على تفعيل طاقات المجتمعات المحلية, وقال إن الفئران والجرذان يمكنها ذلك، مشيراً إلى صعوبة الدفاع عن الجرذان في فكرته, يشار إلى أن دول أفريقيا تنتشر فيها الملايين من حقول الألغام الأرضية المضادة للأفراد والمركبات، وإلى سقوط ما يزيد على 73 ألف شخص ضحايا للألغام في الفترة بين عامي 1999 و2009، فيما سجلت 5426 حالة في العام 2007، وقع خمسها في 24 دولة أفريقية.

وأشار الخبير هافارد باخ، العضو السابق في مركز جنيف الدولي لنزع الألغام المضاد للأفراد، إلى مدى حساسية أنف الفأر والجرذ، معتبراً أن وزنها الخفيف يعتبر عاملاً مساعداً إضافياً في مشروع "الجرذ البطل" HeroRats, وتقدر تكلفة تدريب جرذ على كشف مواقع الألغام الأرضية بحوالي 7700 دولار، وهي تكلفة لا تزيد على ثلث تكلفة تدريب كلب على ذلك، كما أن الجرذ لا يحتاج لأكثر من 7 شهور للتدريب على اكتشاف الألغام الأرضية، والفترة الزمنية قد تزيد أو تقل بناء على "ذكاء الفأر"، بحسب ما ذكر موشي، الذي تمكن من تدريب 14 جرذاً, ويتم تدريب تلك الجرذان على شم رائحة مادة "التي أن تي"، والتي من خلالها يتم الوصول إلى الألغام الأرضية. بحسب فرانس برس.

وكشف باخ أن 30 جرذاً تمكنت من تمشيط ما مساحته مليون متر مربع في موزمبيق ونجحت في اكتشاف 400 لغم أرضي، وتجهيزات أخرى, وتقول الأمم المتحدة إنه مازال هناك ما مساحته 9.6 مليون متر مربع في موزمبيق بحاجة إلى تمشيطها من الألغام الأرضية.

تحت خط النار

في سياق متصل قال مكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان أن مسلحي طالبان والمجموعات المسلحة الأخرى والعصابات الإجرامية في البلاد يستهدفون على نحو متعمد المنظمات غير الحكومية التي تعمل في مجال إزالة الألغام وخاصة في الأقاليم الجنوبية المضطربة, واضاف مكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان أن 10 من عمال إزالة الألغام على الأقل قتلوا وأصيب 23 آخرون بينما جرى اختطاف 12 منهم في عام 2010.

وتختلف أرقام مكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان عن الأرقام التي حصلت عليها شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) من مركز تنسيق الإجراءات المتعلقة بالألغام في أفغانستان التابع للأمم المتحدة الذي قال أن 17 من عمال إزالة الألغام لقوا حتفهم وأصيب 35 آخرون بينما تم اختطاف 73 منهم في عام 2010.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال نيك لي مدير مكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان أن "[المعارضة المسلحة لأنشطة إزالة الألغام] غالباً ما تكون ضد أنشطة تطهير المناطق التي تريد إمارة أفغانستان الإسلامية أن تتركها دون المساس بها ربما لأنها الجهة التي قامت بزرع تلك الألغام أو لأنها تستفيد من كون تلك المناطق غير مستخدمة من قبل القوات الأخرى".

وأضاف لي أنه في بعض الحالات كان يسبق الهجوم على عمال إزالة الألغام إطلاق تحذيرات وأحياناً كان يتم استهداف ومهاجمة مركبات دعم عمليات إزالة الألغام ظناً من المهاجمين أنها تابعة للأمن, وينصح مكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان المنظمات غير الحكومية بأن تنشد الأمن من خلال الحوار الشفاف مع جميع الأطراف المتحاربة وتجنب الاشتراك في أنشطة مكافحة أعمال العنف المسلح.بحسب ايرين.

وقال لي: "لم نقم بتوجيه أية توصيات إضافية لهم [عمال إزالة الألغام] على وجه الخصوص سوى توضيح أن الهجمات ضدهم تشكل نسبة كبيرة من الهجمات ضد المنظمات غير الحكومية، مضيفاً أن منظمات إزالة الألغام تعمل بمهنية وتتفهم المخاطر التي تواجهها. 

وقد انخفضت الهجمات على المنظمات غير الحكومية في عام 2010 بنسبة 27 بالمائة عنها في عام 2009 ولكن الوفيات ارتفعت بنسبة 42 بالمائة، ونسبة كبيرة من تلك الوفيات كانت بين عمال إزالة الألغام. وطبقاً لما ذكره مكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان فإن من بين أعضاء المنظمة الـ 28 الذين قتلوا، كان هناك ثمانية أجانب ونصف الباقين من عمال إزالة الألغام الأفغان.

وقال تقرير مكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان الذي يغطي الربع الرابع من عام 2010 والمقرر نشره قريباً على الموقع الإلكتروني للمكتب أن "الهدف من بعض الهجمات دون شك هو بالضبط ما يبدو أنه قتل أو جرح موظفي المنظمة غير الحكومية". وأضاف التقرير الذي أطلعت عليه شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "يشير تقييمنا إلى أنه من بين 51 حالة تحت الدراسة تقع ثماني حالات (14 بالمائة) ضمن أسوأ الفئات، ولكن ما ينذر بالخطر هو أن سبعاً من تلك الهجمات استهدفت منظمات إزالة الألغام. وهذا يعكس المعارضة الواضحة والمباشرة لعمل منظمات إزالة الألغام".

وقد أوضح تقرير الربع الثالث لمكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان المخاطر التي يواجهها عمال إزالة الألغام، حيث قال: "تشير البيانات إلى أن أكبر خطر للهجوم الحركي يظل موجهاً نحو المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال إزالة الألغام الذين قد يتعرضون للهجوم لدورهم الواضح في تطهير أرض المعركة وللتشابه الظاهري لقوافل مركباتهم بقوافل القوات الأمنية، في حين أن الآخرين معرضين لخطر:

1. الاستهداف العرضي وخاصة بالعبوات الناسفة

2. المواجهات الظرفية مع مجموعات المعارضة المسلحة في نقاط التفتيش

3. القتل بواسطة مجموعات المعارضة المسلحة في منطقة ينعدم فيها القانون

وتوضح البيانات أن موظفي المنظمات غير الحكومية الوحيدين الذين تم استهدافهم عن عمد من قبل إمارة أفغانستان الإسلامية هذا العام هم عمال إزالة الألغام".

وقال مكتب سلامة المنظمات غير الحكومية في أفغانستان أن العنف المسلح قد وصل إلى مستويات غير مسبوقة في أنحاء البلاد في عام 2010 بمعدل 800 حادث أمني في الشهر ولا يوجد أية مؤشرات على تراجعه في عام 2011.

وقد قامت منظمات إزالة الألغام باكتشاف وتدمير ملايين الألغام الأرضية ومخلفات الحرب من المتفجرات الأخرى في أفغانستان خلال العقود الثلاثة الماضية ولكن في بعض أجزاء البلاد لا تزال الألغام الأرضية ومخلفات الحرب من المتفجرات تقتل وتشوه عشرات الناس كل شهر.

وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال حيدر رضا مدير مركز تنسيق الإجراءات المتعلقة بالألغام في أفغانستان التابع للأمم المتحدة أن ما يزيد عن 14,000 شخص يعملون في منظمات إزالة الألغام في أفغانستان، مضيفاً أن اللوم الأكبر في سقوط الضحايا بين عمال إزالة الألغام يقع على البيئة العامة لغياب الأمن والإجرام.

الى ذلك قال رضا أن "عمال إزالة الألغام يلقون الاحترام بصورة واسعة في أفغانستان كعاملين محايدين في المجال الإنساني"، مضيفاً أن "القائد الأعلى" لطالبان الملا محمد عمر قد أصدر قراراً بدعم أنشطة إزالة الألغام في عام 1996.

وقال فريد هومايون، مدير منظمة "هالو تراست الدولية" غير الحكومية لإزالة الألغام لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن منظمته متفهمة لحساسية المطالب المحلية وقامت بالتركيز على ألغام ما قبل عام 2001: "لقد عملنا بصورة وثيقة مع المجتمعات المحلية وقمنا فقط بتطهير المناطق التي يريد الأهالي منا تطهيرها...نحن نطهر الألغام الأرضية التي تركها الروس (1979-1989) وألغام الحروب الأهلية (1992-2001) فقط".

وقال هومايون: "لا نعتقد أن مهاجمتنا تتم عن قصد...فنحن لسنا مستهدفين"، مضيفاً أن أحد عمال إزالة الألغام في منظمة هالو تراست قد قتل العام الماضي وتم اختطاف العديد من العمال الآخرين ولكن تم إطلاق سراحهم لاحقاً, ولم يكن أي متحدث رسمي باسم طالبان متاحاً على الفور للتعليق على موقف الحركة من منظمات إزالة الألغام على الرغم من أن أنشطة إزالة الألغام كانت مسموحة تحت نظام طالبان في الفترة من 1995 إلى 2001.بحسب ايرين.

وطبقاً لما ذكرته الأمم المتحدة ومجموعات حقوق الإنسان الأخرى، من المعروف أن المسلحين قاموا باستخدام العبوات الناسفة والألغام الأرضية في قتالهم ضد القوات الموالية للحكومة التي تسببت في إيذاء المدنين على نحو غير متناسب.

وتعد أفغانستان من الدول الموقعة على اتفاقية أوتاوا لحظر الألغام الأرضية وتقول الحكومة أنها دمرت بالفعل جميع مخزوناتها من الألغام الأرضية وتوقفت عن استيراد واستخدام تلك الألغام.

وقد وضعت منظمات إزالة الألغام عام 2013 كموعد نهائي للتخلص من جميع الألغام الأرضية في أفغانستان. ويقول الخبراء أنه نظراً للعنف المتنامي، فإننا لا نملك سوى الانتظار لنرى ما إذا كان بالإمكان تحقيق هذا الهدف.

الالغام تهدد الصومال

 على صعيد متصل يواجه إقليم أرض الصومال، الذي أعلن استقلاله الذاتي، زيادة في حوادث انفجار الذخائر غير المنفجرة والألغام الأرضية وسط دعوات المسؤولين لتوعية الأطفال حول الألغام في المدارس، بعد أن باتوا الضحايا الرئيسيين لهذه الحوادث.

وقال أحمد علي، مدير مركز الأعمال المتعلقة بالألغام في أرض الصومال لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "عدد الأطفال ضحايا الألغام الأرضية قد ارتفع في أرض الصومال خلال الشهرين الماضيين. وقد قتل حوالي 93 طفلاً جراء الألغام الأرضية خلال السنوات الثلاث الماضية".

بدوره، قال فرحان عبدي، مسؤول حماية الأطفال في منظمة التأهيل الشامل للمجتمع في أرض الصومال، وهي منظمة غير حكومية محلية، أن ثلاثة أطفال لقوا مصرعهم وجرح خمسة آخرون بواسطة ألغام الأرضية في يناير، كما جرح طفلان آخران في ديسمبر 2010.

وأضاف أن "الوفيات والإصابات الناجمة عن انفجار الذخائر غير المنفجرة والألغام الأرضية قد زادت مؤخراً في البلاد" وأن "هناك نسبة مرتفعة من الضحايا من الأطفال طبقاً للمعلومات والبيانات المسجلة خلال الشهرين الماضيين" موضحاً أن هناك حاجة لتدخلات استراتيجية تشمل التوعية المستمرة بمخاطر الألغام وإعادة التأهيل النفسي للضحايا.

وكان الحادث الأخير قد وقع في 27 يناير في مستوطنة شيداها في منطقة كودبور في هرجيسا وأدى إلى مقتل طفل واحد وجرح اثنين آخرين عند انفجار لغم أرضي في ملعب.

وقال إبراهيم أحمد، وهو أب لخمسة أطفال أصيب أحدهم في صدره خلال الحادث: "ذهب ابني للعب الكرة في المساء كالمعتاد. وفجأة استقبلت مكالمة تليفونية تخبرني أنه قد جرح بعد الانفجار".

وطبقاً لمركز الأعمال المتعلقة بالألغام في أرض الصومال، زرعت الألغام الأرضية في أرض الصومال خلال عقدين من الزمن وأثناء النزاعات الثلاثة المختلفة التي شهدتها المنطقة. وقد وقع النزاعان، الأول (1964) والثاني (1977-1978) بين جمهورية الصومال الديمقراطية وإثيوبيا حول ما يسمى الآن بالمنطقة الصومالية لإثيوبيا. أما النزاع الثالث (1981-1991) فوقع عندما شنت الحركة الوطنية الصومالية صراعاً مسلحاً ضد الجيش الوطني الصومالي في عهد الرئيس تم تحديد ما لا يقل عن 24 نوعاً من الألغام المضادة للأفراد من 10 دول مختلفة في أرض الصومال.بحسب ايرين.

ويوجد ما بين 400,000 و800,000 لغم أرضي مزروع في أرض الصومال في الفترة بين عامي 1988 و1991 وحدها، طبقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

كما تم تحديد ما لا يقل عن 24 نوعاً من الألغام المضادة للأفراد من 10 دول مختلفة في أرض الصومال ونصف الألغام الأرضية المزروعة في الإقليم على الأقل مصنوعة من البلاستيك.

ولكن لم يتم الاحتفاظ بسجلات لحقول الألغام وهو ما ساهم في المشكلة حيث تبقى المواقع غير معروفة على وجه التحديد.

في 20 يناير، تسبب انفجار لغم أرضي بجرح طفل من بين خمسة أطفال كانوا يرعون الماشية في إحدى المناطق. وعن ذلك، قالت سيدة محمد، وهي أم لسبعة أطفال من جنوب وسط الصومال: "كنت مع ابنتي وكنا نرعى أغنامنا عندما وقع انفجار ضخم بالقرب من ابنتي. ركضت باتجاهها ولكن بعد فوات الأوان، فقد تسبب الانفجار في قطع قدميها ويدها وكانت تنزف بغزارة".

وقد دعت منظمات المجتمع المدني ووكالة إزالة الألغام الوطنية إلى برامج لرفع التوعية بالألغام وخاصة في المدارس. وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال مجاهد عبد القادر، مسؤول التوعية بالألغام بمركز الأعمال المتعلقة بالألغام في أرض الصومال أن برامج التوعية بالألغام ينبغي تندرج في المناهج التعليمية الوطنية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 2/آذار/2011 - 26/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م