النفط... مصدر قلق اساس في اضطرابات الشرق الاوسط

شبكة النبأ: مع تطور الاحداث المتسارع في الشرق الاوسط بات العالم اكثر قلقا على امدادات الطاقة من تلك المنطقة الغنية بالنفط، خصوصا مع سريان حمى الاحتجاجات من دولة الى اخرى.

فيما قفزت اسعار النفط الى معدلات قياسية هذا العام، مما قد يشكل حلة ضغط شديدة على اقتصاديات الدول المستوردة التي لم تتعافى اغلبها من اثار ازمة المال العالمية حتى الان.

وقد اعربت العديد من تلك الدول عن مخاوفها من اشتداد الاضطرابات في دول المنطقة العربية خلال الفترة القادمة، غير مستبعدة في تقديراتها سعود اسعار النفط الى مستويات تعجيزية.

النفط قد يصل الي 220 دولارا

فقد قال بنك نومورا الياباني يوم الاربعاء ان أسعار النفط قد تصل الي ذروة فوق 220 دولارا للبرميل اذا أوقفت ليبيا والجزائر انتاجهما من الخام نتيجة لاتساع العنف في الشرق الاوسط وشمال افريقيا.

وقارن محللون بين الوضع الحالي والوضع اثناء ازمة الخليج 1990-1991 عندما قفزت الاسعار بنسبة 130 بالمئة في سبعة أشهر مع انخفاض الطاقة الانتاجية الفائضة لدى اوبك الي 1.8 مليون برميل يوميا.

وقال البنك الياباني في مذكرة "اذا اضطرت ليبيا والجزائر الي وقف انتاجهما النفطي معا فان الاسعار قد تصل الي ذروة فوق 220 دولارا للبرميل وستنخفض الطاقة الفائضة لدى اوبك الي 2.1 مليون برميل يوميا وهو ما يماثل المستويات التي كانت عندها اثناء حرب الخليج وعندما بلغت الاسعار 147 دولارا للبرميل في 2008 ."

نقطة تحول للنمو العالمي

من جهته قال دويتشه بنك إن تجاوز أسعار النفط لمستوى 120 دولارا للبرميل سيكون نقطة تحول للنمو الاقتصادي العالمي.

وقال دويتشه في مذكرته البحثية الصباحية عن سوق السندات ان النفط "يقترب بالتأكيد من مستوى يعتبره زملاؤنا خطرا على النمو العالمي."

وأضاف "سعر 120 دولارا للبرميل هو المستوى الذي تبدأ عنده مساهمة النفط في الناتج الاجمالي العالمي تتحرك متجاوزة 5.5 بالمئة من الناتج وهي اجواء يتعرض النمو العالمي عندها تاريخيا لضغوط."

لكنه قال ان النفط لن يتجاوز 120 دولارا للبرميل الا اذا تعطلت الامدادات بشكل حاد من السعودية أو لسبب مستقل اخر مضيفا أن هذا المستوى "سيكون نقطة تحول بالنسبة للنمو العالمي".

التعافي الاقتصادي

فيما قال البيت الابيض انه يجب متابعة ارتفاع أسعار النفط الناجم عن الاضطرابات في الشرق الاوسط لكنه استبعد أن يضر هذا الارتفاع بالتعافي الامريكي بينما جدد تحذيراته من عواقب الاختلالات في الاقتصاد العالمي.

وذكر أوستان جولسبي كبير الاقتصاديين في البيت الابيض "حتى الان الاسعار مرتفعة لكننا لا نتوقع ... أنها عند هذه المستويات ستعوق الانتعاش."

وسجل سعر الخام الامريكي أعلى مستوى في 28 شهرا عند 100 دولار للبرميل يوم الاربعاء بينما تسببت أعمال العنف في ليبيا العضو بمنظمة أوبك في تقليص الانتاج ويتوقع المستثمرون أن تؤدي التوترات في مناطق أخرى بالمنطقة الى المزيد من التعطيل للامدادات.

وكان جولسبي يتحدث في مؤتمر صحفي للتعليق على التقرير الاقتصادي الرئاسي السنوي الذي يقدم نظرة واسعة عن افاق الاقتصاد الامريكي والعالمي.

وأضاف "نواصل متابعة الاحداث في الشرق الاوسط وأسواق الوقود لان لها تأثير سلبي. يؤثر ارتفاع تكاليف الوقود سلبا على الاقتصاد."

اليابان قلقة

الى ذلك دعا رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان الثلاثاء الى اجتماع طارىء لابرز وزرائه من اجل درس عواقب الاضطرابات في الشرق الاوسط على امدادات اليابان من النفط.

وقال كان في مستهل الاجتماع كما نقلت وكالة الانباء كيودو "من الممكن ان تؤثر الاحداث في الشرق الاوسط على اليابان بعدة طرق".

وعبرت الحكومة عن قلقها ازاء ارتفاع اسعار النفط التي بلغت اعلى مستوياتها منذ عامين والتي يمكن ان تؤثر سلبا على انتعاش ثالث اقتصاد في العالم والذي يعتمد بنسبة 90% على الشرق الاوسط لتلبية احتياجاته من النفط.

وقال وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة بانري كايدا "الخطر الاكبر على النمو الاقتصادي في اليابان سيكون ارتفاع اسعار النفط بسبب عدم الاستقرار السياسي في الشرق الاوسط". لكنه اضاف ان اليابان "شكلت احتياطيا وقامت بتنويع مصادر امدادها من النفط".

ولفت الوزير المكلف السياسة الاقتصادية والموازنة كاورو يوسانو من جهته الى ان قوة الين حاليا الذي بلغ تقريبا في هذه الفترة اعلى مستوى له منذ 15 عاما ازاء الدولار، ستمنع ارتفاع اسعار النفط بشكل مباشر.

وتستورد اليابان نفطها بشكل اساسي من السعودية والامارات وايران وقطر والكويت لكنها لم تعد تستورده من ليبيا منذ عدة سنوات.

ومن جانب اخر، نصحت الحكومة اليابانية رعاياها بارجاء رحلاتهم الى ليبيا حيث تجري مواجهات عنيفة بين قوات الامن ومتظاهرين.

ونتيجة عدم الاستقرار في ليبيا الدولة العضو في اوبك ورابع منتج للنفط في افريقيا، تجاوز سعر برميل نفط برنت مرجعية بحر الشمال 107 دولارات الثلاثاء في آسيا، في اعلى مستوى يسجله منذ ايلول/سبتمبر 2008.

قدرة "أوبك" على تعويض النقص

في سياق متصل سعى وزير النفط السعودي، علي النعيمي، إلى طمأنة الأسواق العالمية بشأن تأثير "القلاقل السياسية" التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، على إمدادات النفط، قائلاً إن السعودية والدول الأعضاء بمنظمة الأقطار المصدرة للبترول "أوبك"، قادرة على تعويض أي نقص محتمل في الإنتاج.

وبعد يوم من قيام المملكة العربية السعودية بزيادة إنتاجها من النفط بواقع 4 ملايين برميل يومياً، أكد النعيمي، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس" الأربعاء، أن العرض والطلب في الأسواق العالمية يشهدان توازناً في الوقت الحالي، مشيراً إلى أنه ليس هناك ما يدعو إلى القلق أو الخوف من نقص إمدادات النفط.

جاءت تصريحات وزير النفط السعودي في ختام اجتماع استثنائي شارك فيه وزراء ومسؤولين من قرابة 87 دولة منتجة ومستهلكة للنفط، للمصادقة على ميثاق "منتدى الطاقة الدولي"، والذي يهدف إلى تعزيز التعاون والتنسيق والحوار بين الدول المنتجة والمستهلكة وصناعة الطاقة، بما يعمل على استقرار أسعار النفط.

يأتي هذا الاجتماع في أعقاب القفزات التي سجلتها أسعار النفط خلال الأيام الماضية، بنسبة تصل إلى 6 في المائة، لتتجاوز 98 دولار للبرميل، على خلفية الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وخاصةً في ليبيا، التي تُعد واحدة من كبريات الدول المنتجة للنفط في العالم.

واعتبر الوزير السعودي أن هناك اختلاف جذري بين ما تشهده أسواق النفط في الوقت الراهن، وبين ما جرى خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008، عندما قفزت أسعار النفط إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، مؤكداً قدرة الدول المنتجة للنفط على سد احتياجات الأسواق العالمية.

وقال النعيمي: "الجميع يعرفون أن الأوضاع الآن تعتبر مريحة، وإمكانيات الدول المنتجة ستستهدف سد حاجة الأسواق العالمية، والبترول ليس ورقة نضارب بها في الأسواق العالمية، ولذلك نبحث جميعاً عن السعر العادل"، والذي تقدره المملكة بما يتراوح بين 70 و80 دولار للبرميل.

وقال المحلل النفطي لدى شركة "كاميرون هانوفر" لإدارة مخاطر الطاقة، بيتر بيوتل: "الوضع الحالي أصبح ينذر بأن المنطقة بأكملها قد اشتعلت فيها الاضطرابات، ومن المحتمل بشكل كبير أن تمتد إلى مناطق أخرى من المنطقة."

وتابع المحلل النفطي قائلاً لـCNN: "الأمور تزداد سوءاً أكثر وأكثر وأكثر، ومن المحتمل أن تمتد (الاضطرابات) إلى المملكة العربية السعودية، وهنا تكمن أكبر المخاوف الحقيقية."

وتشهد كل من ليبيا والبحرين والكويت واليمن والمغرب والأردن احتجاجات ومواجهات دامية للمطالبة بإسقاط الأنظمة أو لإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية، وذلك بعد الاحتجاجات الغاضبة التي شهدتها كل من تونس ومصر، والتي أجبرت رئيسي البلدين، زين العابدين بن علي، وحسني مبارك، إلى التخلي عن السلطة.

يُشار إلى أن ليبيا تنتج ما يقرب من 1.6 مليون برميل يومياً.، في حين أن الاحتياجات العالمية اليومية من المادة الخام تصل إلى 87.5 مليون برميل، ما يعني أن حصة ليبيا مهمة لسوق الطاقة العالمي.

الاضطرابات في ليبيا

في الصدد ذاته أظهرت حسابات رويترز أن انتاج النفط الليبي انخفض بنحو 25 في المئة بعدما دفعت الاضطرابات التي تشهدها البلاد شركات النفط الى القول انها قد تخفض انتاجها في ثالث أكبر بلد منتج للنفط في افريقيا.

وقالت مجموعة أو.ام.في النمساوية يوم الاربعاء انها قد تضطر الى وقف انتاجها بالكامل في ليبيا. وقالت توتال وريبسول وايني وبي.ايه.اس.اف إنها خفضت معدل الانتاج أو أوقفته.

وتشير أحدث التصريحات الى تداعيات كبيرة على انتاج النفط في ليبيا التي تنتج 1.6 مليون برميل يوميا من النفط عالي الجودة أي نحو اثنين بالمئة من الانتاج العالمي. ويجري تصدير نحو 1.3 مليون برميل يوميا الى أوروبا في المقام الأول.

وقال فولفجانج روتنشتورفر الرئيس التنفيذي لمجموعة أو.ام.في خلال مؤتمر صحفي "نقيم الوضع. لا يمكننا أن نحدد الان تطور الانتاج على وجه الدقة." وأضاف أن الانتاج "يتراجع بشدة. لا نستبعد احتمال وقف انشطتنا بالكامل لبعض الوقت."

وتشير الارقام التي ذكرتها شركات نفط ومصادر في الصناعة حتى الان الى توقف ما بين 300 ألف و400 ألف برميل يوميا من الانتاج الليبي أي نحو 25 بالمئة من الانتاج الاجمالي وفقا لحسابات رويترز.

وقد تتضارب المعلومات بشأن انتاج النفط الليبي لان الشركات النفطية تتحدث غالبا عن حصتها من الانتاج ولا تذكر حجم الانتاج الاجمالي في الحقول التي تشغلها أو تشارك فيها.

وقالت متحدثة باسم توتال يوم الاربعاء "بدأنا تعليق انتاجنا. مازال من السابق لاوانه تقدير الاثار التي لحقت بانتاجنا." وتحصل توتال على 55 ألف برميل يوميا من ليبيا.

وهوت أسهم أو.ام.في خمسة بالمئة بسبب الاحداث في ليبيا. وبلغ انتاج الشركة من ليبيا نحو 33 ألف برميل من المكافيء النفطي يوميا في 2010 أي نحو عشر الانتاج الاجمالي للمجموعة. وقالت ريبسول الاسبانية وايني الايطالية يوم الثلاثاء انهما علقتا انتاجهما في ليبيا.

انتاج ليبيا النفطي وصادراتها وزبائنها

من جهة اخرى تعيد شركات النفط الاجنبية تقييم أنشطتها في ليبيا وشهدت بعض حقول النفط تعطلا في الانتاج. وفيما يلي أهم الحقائق المتعلقة بصناعة النفط في ليبيا:

- الانتاج

تنتج ليبيا عضو منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) 1.6 مليون برميل يوميا وتحتل المركز 17 بين أكبر منتجي النفط في العالم وهي ثالث أكبر بلد منتج في أفريقيا وتحوز أكبر احتياطيات من النفط الخام في القارة الافريقية. وتوقف انتاج 100 ألف برميل يوميا على الاقل أي ستة في المئة من اجمالي انتاج ليبيا جراء الاضطرابات.

- الاطراف المحلية

تدير المؤسسة الوطنية للنفط المملوكة للدولة صناعة النفط في ليبيا وهي مسؤولة عن تنفيذ اتفاقات التنقيب والمشاركة في الانتاج مع شركات النفط الدولية. وهي مسؤولة مع مجموعة من الشركات التابعة عن نحو نصف انتاج البلاد من النفط.

- الاطراف الاجنبية

تتضمن شركات النفط العالمية الكبرى العاملة في ليبيا ايني وشتات أويل هايدرو وأوكسيدنتال بتروليوم وأو.ام.في وكونوكو فيليبس وهيس كورب وماراثون وشل وبي.بي واكسون موبيل ووينترشال التابعة لباسف للكيماويات.

- الصادرات

تصدر ليبيا كميات من النفط تفوق ما تستورده. ويقدر استهلاكها المحلي بنحو 270 ألف برميل يوميا فقط.

ويتجه أكثر من 85 في المئة من صادرات النفط الخام الليبية الى أوروبا بينما يتجه نحو 13 في المئة شرقا عبر قناة السويس الى اسيا. ويتجه حوالي 32 في المئة من النفط الليبي لايطاليا و14 في المئة لالمانيا وعشرة في المئة للصين وفرنسا وخمسة في المئة للولايات المتحدة.

- الموانئ

قالت مصادر تجارية ومصادر بالحكومة الايطالية يوم الثلاثاء ان تدفقات النفط من الموانئ الليبية تعطلت بسبب انقطاع الاتصالات.

وتصدر ليبيا أنواعا متنوعة من الخام الخفيف من ستة مرافئ رئيسية منها خمسة مرافئ في الجزء الشرقي من البلاد حيث اندلعت الاحتجاجات بالقرب من بنغازي ثاني أكبر مدن ليبيا.

وصدرت المرافئ الخمسة الشرقية السدرة ومرسى البريقة وراس لانوف وطبرق والزويتية 825 ألف برميل يوميا من النفط الخام في المتوسط في الاربعة أشهر الاخيرة. وصدر مرفأ الزاوية الغربي بالقرب من العاصمة طرابلس 251 ألف برميل يوميا في المتوسط خلال الفترة نفسها.

- حقول النفط

تقع معظم حقول النفط الليبية داخل وحول حوض سرت الذي يحوز نحو 80 في المئة من الاحتياطيات المؤكدة للبلاد. وذكرت قناة الجزيرة الفضائية ان الانتاج توقف في حقل النافورة في حوض سرت لكن لا تتوافر تفاصيل.

وهناك مناطق أخرى هامة من بينها غدامس وبرقة. وقال متحدث باسم ريبسول الاسبانية يوم الاثنين ان حقل مرزوق في الصحراء بجنوب البلاد مستمر في انتاجه المعتاد.

- المصافي

توجد لدى ليبيا خمس مصاف تبلغ طاقتها الاجمالية 378 ألف برميل يوميا وهي الزاوية والسرير وسرت وطبرق وراس لانوف.

وقالت صحيفة قورينا الليبية على موقعها الالكتروني يوم الاثنين ان احتجاجات مناهضة للحكومة اندلعت في مدينة راس لانوف في وسط البلاد بالقرب من مجمع للتكرير والبتروكيماويات تبلغ طاقته 220 ألف برميل يوميا.

- احتمال انتشار الاضطرابات

رغم أن ليبيا لا تنتج كميات من النفط تهدد بحدوث اضطراب كبير في الامدادات العالمية فقد تنامت المخاوف من امتداد الاضطرابات السياسية الى دول أخرى وبصفة خاصة السعودية التي تضخ نحو عشرة في المئة من الامدادات العالمية ولديها أيضا معظم الطاقة الانتاجية الفائضة التي تتراوح بين ثلاثة وأربعة ملايين برميل يوميا. والسعودية هي المنتج الوحيد الذي لديه القدرة على الرد السريع وضخ كميات كبيرة من النفط لتعويض أي نقص خطير في الامدادات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 27/شباط/2011 - 23/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م