العراق... انتفاضة على الفساد

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: من صبر ظفر، كان يظن العراقيين ان جميع الحكم يمكن ان تتحقق فعلا في الحياة الواقعية ولكن الحكومة العراقية (التي جاءت ما بعد السقوط للنظام الدكتاتوري السابق بوعود تطير العقل ورسمت العراق بألوان اوربية لتصنع منه لوحات عالمية) قضت على هذه الظنون بعدما خلفت بوعودها للشعب العراقي الذي لطاما كان يطالب بحقوقه الاساسية الواجب توافرها في اي بلد مهما كانت ميزانيته او مستواه الاقتصادي وهي الماء والكهرباء والخدمات البسيطة في حياة الفرد.

وبعد ان عرف الشعب العراقي ان السياسيين كانوا يتحججون بأن اعمار العراق يحتاج وقت ليس بالقصير لرفع مستواه وتوفير الحقوق للشعب كان صبر العراقيين قد نفذ واستفاقت العقول من المخدر الذي اصابها خلال السنين الاخيرة لاسيما وانها كافية لعمل اي شيء ولكن الاوضاع تزداد سوءا يوم بعد يوم بدون وجود اي تغيير ولو قليل ليطمئن الشارع العراقي ان هناك تطورات والقادم افضل، ولكن ما حصلوا عليه خلال السنين الثمانية الاخير عكس ذلك فهم وجدوا الجوع والفقر وشحة المياه وعدم وجود فرص العمل بل وزاد ذلك هو النقص الذي بدأ تدريجيا في مواد الحصة التموينية التي كانت تعتبر لدى العراقيين المنقذ الوحيد لهم من الاوضاع الاقتصادية التي تصيبهم بل كانت في بعض الاحيان هي المعين الوحيد لكثير من العوائل على مستواهم المعيشي المتدني جدا.

هذا كله جعل من الواجب ان يثور العراقيين يبحثون عن حريتهم الحقيقية واذا لم يجلب لهم احدا حقوقهم فهم مستعدون ان ينتزعوها من اي شخص حرمهم منها ومهما كانت الطريقة او العواقب لذلك بدأ العراقيين ينظمون المظاهرات والاحتجاجات في مدنهم علما ان مطالبهم بسيطة جدا فهي لا تتعدى المطالبة بالكهرباء والماء والتي حذر المحللون السياسيون ان الاشهر القادمة التي تكون فيها درجات الحرارة مرتفعة وهي سترفع من غضب الشعب لكونها تحتاج الى الماء والكهرباء، في الوقت ذاته قال المحللون ان ما يفعله السياسيون من بعض الاساليب في ارضاء الشعب لا تنفع لأنها ليست ما يريدونه حقا لذلك لا بد ان يحذروا من ان تنقلب الموازين ويحدث ما حدث لأمثالهم في مصر وتونس.

احتجاجات مطالبة بوظائف

حيث احتج عراقيون على الفساد والبطالة في أنحاء البلاد في الوقت الذي شهد فيه عدد من الدولة العربية احتجاجات مناهضة للحكومات.

وكثيرا ما احتج العراقيون على تدني الخدمات الاساسية ونقص المواد الغذائية لكنهم أشاروا بشكل مباشر في احتجاجاتهم خلال هذه الايام الى الاضطرابات التي هزت أجزاء أخرى من المنطقة. وفي بلدة الفلوجة التي تسكنها أغلبية سنية بغرب العراق تجمع نحو ألف محتج قرب مكتب رئيس البلدية لمطالبة المسؤولين بتحسين الخدمات وبذل جهد أكبر لمحاربة الفساد.

وفي مدينة كركوك الغنية بالنفط في شمال البلاد تظاهر نحو مئة شخص قرب مبنى مجلس المحافظة. كما تجمع نحو 200 محتج في مدينة البصرة الجنوبية المنتجة للنفط. وفي الفلوجة حاول رجل أن يضرم النار في نفسه مستلهما بذلك ما قام به محتجون في مصر وتونس حيث أدت ثورتان الى الاطاحة برئيسي البلدين لكن متظاهرين اخرين منعوه.

وقال جمال عبد الله وهو طالب جامعي (21 عاما) وهو من محتجي الفلوجة "ان مصير حكامنا الفاسدين سيكون نفس المصير الذي لقيه حسني مبارك وزين العابدين بن علي." وأضاف "الان جاء دور الشباب. لن نبقى صامتين أمام الفساد والانتهاكات."

وكانت وتيرة تحسين الخدمات بطيئة في العراق بعد نحو ثماني سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة. فالبنية الاساسية قديمة ويكثر انقطاع الكهرباء كما أن مشاعر الاحباط تتزايد لدى المواطنين. لكن على نقيض دول أخرى في المنطقة فان النظام السابق الشمولي قد تمت الاطاحة به بالفعل خلال الغزو الامريكي وتعهد الحكام الجدد بإعادة بناء البلاد. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي -الذي حصل على فترة ثانية في منصبه في نوفمبر تشرين الثاني الماضي والتي تولت حكومته القيادة قبل أقل من شهرين- ان الاحتجاجات موضع ترحيب. وقال المالكي خلال اجتماع مع شيوخ العشائر "نحن نقر بأن هناك نقصا في الخدمات. ولا نريد أن نقدم أعذارا لهذا النقص. نريد أن نوضح ما هي الاسباب وهي عدم كفاية موارد الدولة."

ومضى يقول "ان الازمة المالية هي لهذه السنة فقط وسوف تنتهي في السنة القادمة لان انتاجنا النفطي سوف يتضاعف وسيغطي العديد من احتياجاتنا في مجالات البناء واعادة البناء و الاستثمار."

والعراق من بين الدول التي تضم أكبر احتياطي للنفط في العالم والذي من الممكن أن يجعلها دولة رئيسية منتجة للنفط لكن تدني البنية الاساسية أعاق الانتاج وتطوير الحقول النفطية. والمحتجون في العراق حتى الان ليسوا بالعدد الكبير كما أنهم يفتقرون فيما يبدو الى الزخم الذي شهدته احتجاجات دول عربية أخرى.

وتدعو مجموعات عراقية على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي الى احتجاج منسق يوم 25 فبراير شباط. وطلبت مجموعة اسمها "ثورة العراق" التي أصبح لها ستة الاف مؤيد تنسيق مظاهرة حاشدة. وقال عضو في المجموعة على الموقع ان العراقيين جزء من العالم الذي يتأثر بما يحدث. وأضاف أن ثورة كل من تونس ومصر حافز كبير لهم للبدء في هذا "المشروع العظيم".

المتظاهرون يعتصمون أمام مبنى محافظة واسط

فقد افاد مراسل (شبكة النبأ المعلوماتية) في محافظة واسط علي الشمري، الى اعتصام المئات من المتظاهرين أمام مبنى مجلس محافظة واسط للمطالبة بتنفيذ مطالبهم الشرعية ونصب المتظاهرون الخيم والسرادق وهم يطالبون بإقالة المحافظ ورئيس مجلس المحافظة ونواب المجلس وإطلاق سراح المعتقلين من المتظاهرين وتعويض الشهداء والجرحى اثناء التظاهرة والاستبيان عن اموال المنفذ الحدودي واخراج مدراء الدوائر الفاسدين وتعيين العاطلين عن العمل وتوفير كافة المشتقات النفطية للمواطنين الذين حرموا منها وتوزيع الكهرباء بصورة عادلة وقطع خط الطوارئ عن المسؤولين وتبليط الشوارع الرئيسية وبيع جميع سيارات مجلس المحافظة المستوردة حديثا وتوفير السيارات الخدمية بدلا عنها ورفع الرسوم والضرائب العالية من قبل الحكومة من خلال حصوله على إجازة البناء وبناء المدارس حسب الكثافة السكانية وتوزيع مفردات البطاقة التموينية  كاملة والتعاقد مع شركات ذات اختصاص وكفاءة عالية وتشكيل لجنة لتنفيذ هذة المطالب وتم تشكيل لجنة للتفاوض مع المسؤولين هم علاوي سلطان ومهدي محمد تالي ومناضل جاسم ورحمن شلاكة واسعد محمود وحميد عطية وخالد هاشم من جهتهم شكل عدد من المسؤولين لجنة للنظر بمطالب المتظاهرين وهم من اعضاء مجلس النواب هادي نعمة الياسري جبار الفرهود وكاظم الصيادي وايمان جلال وانتصار الغرباوي وإيمان عبد الرزاق ومحمود طلال رئيس مجلس المحافظة ومحسن طعمة النائب الأول للمحافظ

كما رفع المتظاهرون "نحن باقون إلى ان تلبوا مطالبنا و الجماهير أقوى من الطغاة ، ولن نتنازل عن حقوقنا "

فيما أعلن النائب كاظم الصيادي عن محافظة واسط  تم أطلاق المعتقلين 35 من اصل 46 كما صرح الصيادي ان الجهة التي حرقت العقود هي جهة امنية تابعة لجهة سياسية على حد قوله.

مجلس واسط يعلق عمله

من جانبه عقد مؤتمر صحفيا في دار الضيافة في الكوت من قبل رئيس واعضاء مجلس محافظة واسط وصدر البيان الاتي " تعليق اعمال مجلس المحافظة لحين مغادرة المحافظ من منصبة وبالتالي يمكن للمجلس انتخاب محافظ جديد قادر على تغيير الواقع الخدمي المتردي في المحافظة واطلاق سراح كل المعتقلين واعتبارهم مغرر بهم والتسامح والتشديد على ضرورة اعادة الممتلكات الى الدولة وتشكيل لجنة تحقيقية لمعرفة ملابسات الاحداث التي جرت في المحافظة وتوجية دوائر الدولة كافة بتقديم افضل الخدمات والتشديد على عدم تسييس المظاهرات ضد الحكومة المركزية والاشادة بالقوات الامنية "

واشار البيان ان قانون مجلس المحافظات رقم 21 لسنة 2008 محدود بابواب التشريع والرقابة والتخطيط والموازنة وصلاحية اقالة وانتخاب المحافظ ورسم السياسة العامة للمحافظة وهذه الصلاحيات معطلة حاليا بسبب التدخلات المركزية والمحافظ مسؤول امام المجلس باعداد الخطط وتنفيذها.

وطالب البيان مجلس النواب والحكومة المركزية بسماع مطالب المتظاهرين بخصوص تعديل واطلاق الصلاحيات الواسعة في موضوع تحويل مبالغ البطاقة التموينية والوقود والبلديات وشبكة الحماية الاجتماعية  في المحافظات الاقرب لحل مشاكل المواطنين.

مذكرة اعتقال بحق ماجد الامارة

الى ذلك صدرت مذكرة اعتقال بحق ماجد الامارة من قبل رئيس الوزراء نوري المالكي عن طريق قائد القوة البرية الموجود حاليا في واسط متهما اياه بالتحريض على التظاهر على حد قول الامارة

في سياق متصل اعتصم الاعلاميون والصحفيين امام مجلس محافظة واسط بعد منعهم من تغطية ممثل رئيس الوزراء نوري المالكي علي غيدان قائد القوة البرية حيث افاد احمد النجار مراسل قناة الرشيد " هذه ليست المرة الاولى التي يتم التصرف بها مع الاعلاميين من قبل الفريق علي غيدان قائد القوات البرية وقام بالفاظ غير مسؤول من خلال طرد وسائل الاعلام من قاعة المؤتمر في الادارة المحلية"

واضاف بهاء زهير مراسل قناة المسار" الاعلام ينقل الصورة لجميع العالم ونتسائل لماذا تم طردنا وهناك تغطية للتظاهرة منذ البداية والى حد الان ورغبنا بالجواب على مطالبات المتظاهرين "

رياض العكليلي مراسل الفرات "اعتقد هذه بداية لقمع التظاهرات من خلال قمع الاعلام الذي كان العين التي تنقل مطالبات المتظاهرين "

حسين النجار اعلامي ورئيس اتحاد الاعلاميين في واسط " المفاوض الذي ارسله رئيس الوزراء نوري المالكي كان شخصية عسكرية كبيرة وتحدث بنفس اللغة العسكرية مع شيوخ العشائر وممثلي محافظة واسط وزاد الطين بله عندما امر الاعلاميين بمغادرة القاعة ، السؤال هنا الى من سيتحدث اذا ما غاب الاعلام "

ناشط في حقوق الانسان في واسط جميل القريشي قال " هناك مادة دستورية تكفل حق الاعلام في  نقل الحقيقة ويضمن للاعلامي بصدق هذه الاحداث.

من جهته صرح النائب قاسم الاعرجي حول المظاهرات التي حدثت في واسط ولازالت مستمرة حيث قال " عتبي على القيادة السياسية في العراق يصدرون بيانات تاييدا للشعب البحراني والتونسي والمصري وهذا شئ جيد ولم يصدروا بيانا تايدا للشعب العراقي وهي مطالب خدمية وليست سياسية ولايوجد فيهاى مطالب لتغيير لنظام السياسي "

وأضاف الاعرجي " مع الأسف الشديد نسمع من البعض يتهم المتظاهرين بالمشاغبين وهناك جهة سياسية وأجندات تدفع المتظاهرين  ويصفونهم بالمشاغبين

" ونقول ياسادة ياكرام لا تحاسبوا الناس على نتائج انتم السبب فابحثوا عن الاسباب الحقيقية في تردي الخدمات والفساد الاداري ماذا نقول للناس هذه نهاية شهر شباط ولم يستلموا حصة النفط الابيض ولا كهرباء ولاخدمات ولابطاقة تموينية واختتم الاعرجي اني اضم صوتي للمتظاهرين الحقة والمشروعة واقول اخواني واعزائي حافظوا على ممتلكات الدولة لانها مؤسسات الشعب ونحن نريد بناء البلد وليس التخريب ومع الاسف الشديد المتظاهرين نصبوا خيم وسرادق للاعتصام وتم رفعها بحجة عدم وجود اجازة لنصب الخيم هذا الوضع المضحك والمؤسف هل توجد في الدستور فقرة ترفض الاعتصام ونصب الخيم والسرادق إلا بأجازة " ويذكر ان هناك قوة عسكرية مكثفة في شوارع المدينة تحسبا من تازم الوضع.

مئات العراقيين يتظاهرون في عيد الحب

فيما تظاهر مئات العراقيين جمعهم موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك للمرة الاولى يوم عيد الحب في وسط بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات ومكافحة الفساد واجراء اصلاحات في البلاد.

وتجمع المتظاهرون واغلبهم من الشباب وبينهم عدد محدود من الفتيات تحت نصب الحرية وسط بغداد رافعين صور قلوب حمراء وباليد الاخرى ورود حمراء فيما ارتدى عدد كبير منهم ملابس حمراء زاهية.

وكانت ثلاثة مجموعات على شبكة التواصل هي "بلا صمت" و"بغداد لن تكون قندهار" و"مجموعة الثورة الزرقاء" نسقت فيما بينها ودعت الى المشاركة في التظاهرة. والقى احد المنظمين بيانا امام التجمع طالب فيه بإقالة امين بغداد (صابر العيساوي) فورا".

وقال ان "العيساوي تجاوز (في منصبه) اكثر من خمس سنين ولم يقدم لبغداد شيء يذكر بل ازدادت اوساخا وضعف الخدمات رغم صرف مليارات الدولارات". وطالب البيان الحكومة "بالعمل الجاد في معالجة ملف الخدمات". وقال ان "خروجكم من بروجكم العاجية الى حي التنك (احياء عشوائية في محيط العاصمة) يقلل من غضب الجماهير".

ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "لا نطالب ببناء بروج، نريد اصلاح المجاري" و"اصلاح وتغيير لا تأخير" واخرى "نطالب برحيل مجلس محافظة بغداد". وكتب على لافتات صغيرة اخرى رسم عليها القلوب "نريد حقوقنا من نفط الشعب فنحن نسمع به فقط" و"خريجون في الشوارع واميون في المناصب" و"بصوت الحق تسقط حكومات و"لا للرواتب والمخصصات الضخمة للبرلمانيين وكلا لمهزلة راتب تقاعدي للبرلماني".

يا حيتان حسو بالجوعان

كما اكد البيان ان "اليوم هو الانذار الاول من قبل عراقيون تجمعوا من اجل حب العراق بلا دافع سياسي وبلا عناصر مدسوسة وبلا اجندة خارجية". وختم البيان بعبارة "نعلن اليوم استقالة صمتنا". ووضعت منشورات بجانب رجل مريض افترش الارض ويحمل تقارير طبية تؤكد حاجته لإجراء عملية جراحية خارج البلاد.

كما هتف المتظاهرون "بالروح بالحب نفديك يا عراق" و"ياحيتان حسو (اشعروا) بالجوعان". وقالت منار عز الدين التي شاركت في تنسيق التظاهرة على موقع فيسبوك "نحن ثلاثة تجمعات شبابية تجمعنا عن طريق الانترنت لنعلن المطالبة بحقوقنا المغصوبة والمنهوبة من حكومة صامتة".

واضافت "لماذا هذا الفارق الكبير بين الشعب والمسؤول"، في اشارة لرواتب كبيرة يتقاضاها المسؤولين. وتابعت عز الدين وهي طالبة جامعية تدرس العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية ببغداد "تجمعنا من اجل العراق عراق الحب الخير والسلام".

وعن اختيارهم لهذا اليوم قالت "اختيارنا نابع من كون اليوم يوم الحب. قررنا ان يكون حبنا اليوم مخصص للعراق لأننا مجروحون. نريد ان نعيش هذا الحب لكن حبنا اليوم حزين لأننا نفتقر للكثير". واكدت منار وكانت تحمل وردة حمراء وهي في العشرين من العمر "مواصلة التظاهر والتحضير لتظاهرات اخرى في حال لم تستجب الحكومة للمطالب المشروعة". بحسب وكالة انباء فرانس برس.

بدورها، قالت بلقيس كاووش احدى المنظمات ايضا "اليوم عيد الحب لا نريد حصره بين العشاق. نحب بغداد ونريد ان نؤكد اننا نحبها ونتمنى لها ان تكون جميلة". واضافت كاووش وهي اعلامية "كفى للسرقة والاهمال، وكفى للنوم. المسؤولون ناموا بما فيه الكفاية". وتابعت وهي ترتدي كنزة حمراء وتحمل يافطة كتب عليها "نفط الشعب للشعب ليس للحرامية" و" لا اعتقد اننا سنصبر اكثر لا نريد تغيير الحكم نطالب بالتعديل والوفاء بالوعود".

من جانبه، قال زياد العجيلي مدير مرصد الحريات الصحفية الذي شارك في المظاهرة "تجمع اليوم رسالة تدعو الى اصلاح الوضع الخدمي والامني". واضاف باستياء ان "كل مرافق الحياة في العراق سيئة والبعض في مجالس المحافظات يسعى لكبت الحريات والسيطرة على المجتمعات لتحويلها الى مجتمعات اسلامية متطرفة". واكد ان "الشباب العراقي اصبح اليوم اكثر وعيا ويرفضون هذه التوجهات".

وتابع "لا يمكن ان يصمد اي نظام سيء ولا حكومات بوليسية ومتجبرة. الشباب لديهم اساليبهم لمواجهة اي قمع". بدوره، قال منظم موقع "بلا صمت" كارناس علي ان "الهدف الرئيسي من التظاهرة هو اقالة امين بغداد صابر العيساوي نظرا لأدائه البطيء السيء خلال السنوات الخمس الماضية من تاريخ استلامه لهذا المنصب".

وقال ان هذه "التظاهرة الاولى نظمناها في يوم الحب ليكون عيدا للحرية والديمقراطية". وتابع ان "مطالبنا لرئيس الوزراء (نوري المالكي) تتلخص بمحاسبة كل مسؤول فاسد لا يعمل بإخلاص للعراق، وهدفنا ليس تغيير الحكومة بل هدفنا الاصلاح فقط". ورفض المتظاهرون رفع اي شعارات سياسية تمس باي شخصية.

على الصعيد ذاته، اكد الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر في بيان اعلنه مكتبه في النجف تأييده لخروج العراقيين بتظاهرات مليونيه سلمية تطالب بتحسين الخدمات.  واكد الصدر "لا بأس من جعل موعد محدد لتلك التظاهرات التي يجب ان تكون مليونيه ولو لفترة يعتد بها حتى تكون حافزا للحكومة على تقديم الخدمات، اذا اجمعتم على ذلك وشأتم التظاهر" واضاف ان "مثل هذه التظاهرة لا بد منها لأنها رد فعل المظلوم ضد الظالم". وتابع "اسعوا لكسب عدد كبير لتكون مظاهراتكم نافعة غير ضارة".

وباتت التظاهرات يومية في عدد كبير من المدن العراقية للمطالبة بتحسين الخدمات ومعالجة البطالة واعادة العمل بنظام البطاقة التموينية. وقال رئيس الوزراء نوري المالكي خلال لقائه وفدا من محافظة بابل ان "هذه التظاهرات مرحب بها".

واضاف "وجهنا الوزراء اليوم بأن يقوم كل وزير بمتابعة هذه المشاكل والشكاوى والعمل على حلها"، مشيرا الى ان "بعضها يتعلق بعمل المجالس البلدية أو مجالس المحافظات والمشاريع".

وتابع ان "التظاهرات حق محمي ومكفول دستوريا وقد وجهنا الأجهزة الامنية بحمايتها وفتح الطرق لها".

الا ان المالكي حذر من ان "البلد لا يزال فيه بعض العناصر الإرهابية لذلك على من يقوم بالمظاهرة القيام بإبلاغ الجهات المعنية بها ليتم اتخاذ اللازم". وقال المالكي ان العراق اصبح نموذجا للأنظمة الحاكمة.

ضعف الخدمات الاساسية

من جانب اخر خرج مئات العراقيين الى الشوارع احتجاجا على ضعف الخدمات الاساسية في مظاهرة هي الاحدث ضمن سلسلة احتجاجات تجتاح البلاد في الوقت الذي تضرب فيه الاضطرابات دولا عربية أخرى.

ويعود العراق ببطء للوقوف على قدميه بعد حوالي ثماني سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة له ويحاول التعامل مع نقص حاد في المياه وانقطاع متكرر للكهرباء. ولا تزال البنية التحتية تعاني من اضرار جسيمة.

وقال أحمد عبد الحسين نائب رئيس تحرير صحيفة الصباح الحكومية وأحد منظمي الاحتجاج ان المظاهرة تحذير للحكومة التي يجب عليها أن تنصت الى الشعب وتقضي على الفساد المتفشي في المكاتب الحكومية. ودعا الحكومة الى تلبية الاحتياجات الاساسية للمواطنين.

وفي بغداد شارك المئات في مسيرة سلمية تحت مراقبة الجيش العراقي الى المنطقة الخضراء شديدة التحصين والتي تضم مبان حكومية وسفارات. ودعوا الى تحسين الخدمات الاساسية. وتساءلت لافتة رفعها المحتجون عن الوعود الانتخابية وحصص الغذاء والخدمات الاساسية. وكتب على لافتة ثانية "ميدان التحرير اثنين" في اشارة الى ميدان التحرير بوسط القاهرة الذي مثل مركزا للاحتجاجات المطالبة بتنحي الرئيس المصري حسني مبارك.

وتظاهر مئات اخرون قرب حي مدينة الصدر بينما نظمت احتجاجات أصغر في كل من الموصل وكربلاء. وفي البصرة في جنوب العراق تظاهرت مجموعة صغيرة من الحزب الشيوعي دعما للمحتجين في مصر. وقال الموظف الحكومي نسيم عابد "أي حكومة تلك التي لا تقدر بميزانية قدرها 82 مليار دولار على توفير السكر لحصص الغذاء." بحسب وكالة الانباء البريطانية.

واضاف "نحن لا نطالب بمشروعات ضخمة أو طاقة نووية. العراق بلد غني بالنفط ولا نملك حتى الان وقودا للتدفئة. نحن مختلفون عن مصر. بلدنا غني." والعراق احد أكبر مستوردي القمح والارز في العالم وتتجه أغلب الواردات لبرنامج للحصص الغذائية يزود 60 في المئة من العراقيين بالإمدادات.

ويشكو العراقيون دائما من نقص الحصص الغذائية الشهري. والانقطاع المتكرر للكهرباء أحد الشكاوى الرئيسية أيضا. وتوفر الشبكة الوطنية 60 في المئة فقط من الطلب وتسبب النقص في العام الماضي في احتجاجات في مدن جنوبية. وقال حمد عبد المنعم أحد سكان بغداد "مطالبنا واضحة. نريد تحسين الخدمات وحصص الغذاء ووظائف للعاطلين. سيكون هناك مزيد من المظاهرات .. سنواصل الاحتجاج."

15 ألف دينار لكل مواطن تعويضا

في حين خصص مجلس الوزراء مبلغا قدره 500 مليار دينار (الدولار 1180 دينار) لتوزيعها على المواطنين تعويضاً لهم عن النقص في مفردات البطاقة التموينية، بواقع خمسة عشر ألف دينار لكل مواطن، بحسب بيان أصدره وزيـر الدولـة الناطـق الرسمـي باسـم الحكومـة العراقيـة.

وقال علـي الدبـاغ، في البيان إن مجلـس الـوزراء "وافق في جلسته الأولى الاستثنائية على تخصيص مبلغ قدره 500 مليار دينار لتوزيع مبلغ قدره خمسة عشر ألف دينار لكل مواطن تعويضاً له عن النقص في مفردات البطاقة التموينية المجهزة له".

وكانت مناطق عدة من البلاد، شهدت احتجاجات من جراء عدم توزيع مواد البطاقة التموينية، أو عدم انتظامها. وأضاف أن المجلس "وافق على مشروع قانون الموازنة الاتحادية لجمهورية العراق للسنة المالية2011 بصيغته النهائية المعدلة على أن يتم تعديل المادة واحد أولاً الفقرة ب والمادة 14 رابعاً وفقاً لاتفاق وزارة النفط الاتحادية مع وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كردستان بتاريخ 18/1/2011 من قبل لجنة برئاسة رئيس الوزراء وعضوية نواب رئيس الوزراء ووزيري المالية والنفط مع الأخذ بالملاحظات المطروحة التي أتفق عليها في اجتماع مجلس الوزراء آنفاً وأحالته إلى مجلس النواب استنادا إلى أحكام المواد 61/ البند أولا  و 80/ البند ثانيا من الدستور". بحسب وكالة انباء اصوات العراق.

وكان الدباغ، قال في وقت سابق إن مجلـس الوزراء أقـر الموازنـة العامـة الاتحاديـة لعام 2011 بمبلغ إجمالي قدره 96.6 تريليون دينـار، مبينا أن الموازنة التشغيلية تبلغ 66.6 تريليون دينار، في حين تبلغ قيمة الموازنة الاستثمارية 30 تريليون دينار. وأورد الوزير في بيانه، أن المجلس "وافق أيضا على إضافة 21.5 مليار دينار إلى قرار مجلس  الوزراء المرقم 296 في 2010 وبحسب توجيه اللجنة الاقتصادية المرقم س/ل 31 في 2/2/2011"، دون توضيح مضمونه.

الواقع العراقي الجديد والحكومة الاتحادية مهددة

من جانبه قال عضو في مجلس محافظة النجف إن الحكومة الاتحادية والنظام الديمقراطي الجديد في العراق "مهدد" بشكل جدي ما لم يتم الاستجابة لمطالب المواطنين بتوفير الكهرباء والخدمات والبطاقة التموينية بعد تصاعد حمى التغيير في تونس ومصر، فيما رأى نائب ان الشعب العراقي مارس دوره في تقرير مصيره بنفسه والمواطن في العراق بدرجة من الوعي الكافي لانتظار ما سيقدمه له نوابه الذين اختارهم بمحض إرادته.

واوضح عضو مجلس النجف خالد الجشعمي ان "الحكومة الاتحادية والنظام الديمقراطي الجديد في العراق مهدد بشكل جدي ما لم تستجيب الحكومة لمطالب المواطنين المشروعة ازاء معاناتهم بتزايد ساعات القطع المبرمج للكهرباء ونقص مفردات البطاقة التموينية وتردي الواقع الخدمي".

واشار الجشعمي الى ان "حمى التغيير في تونس ومصر ستصل عدواها حتما الى العراقيين المعروفين بالصبر دون غيرهم من الشعوب الاخرى"، واضاف مستدركا "الا انه عندما ينفجر سوف لن يرحم الناس الذين لم يستمعوا لمعاناته ولم يلبوا طموحاته ". بحسب وكالة انباء اصوات العراق.

وحذر الجشعمي الحكومة من "عدم الاستجابة لمطالب الناس الذين تظاهروا واحتجوا على نقص البطاقة التموينية وزيادة ساعات القطع المبرمج التي وصلت الى 19 ساعة في اليوم وزيادة تسعيرة الكهرباء المجحفة"، مشيرا الى ان "الحكومات المحلية طالبت الحكومة الاتحادية ولأكثر من مرة بإيقاف التسعيرة الجديدة للكهرباء".

وناشد في الوقت نفسه الحكومة "توفير الطاقة الكهربائية، فمنذ تسلم الحكومة لمقاليد الحكم قبل 5 سنوات لم تستطع إضافة أي طاقة إضافية من الكهرباء في فصل الشتاء هذا، ولا نعلم كيف سيكون فصل الصيف المقبل".

وتابع عضو مجلس محافظة النجف خالد الجشعمي، وهو من تيار شهيد المحراب، ان "البطاقة التموينية أصبحت 3 مواد، فيما كانت بعيد سقوط النظام السابق 8 مفردات"، مضيفا "هذا غير مقبول أبدا في ظل المطالبات المتكررة للحكومات المحلية بوضع حلول ومعالجات حقيقية لما يعانيه المواطن".

وتابع "لم يستمع أي شخص من الحكومة الاتحادية لمطالب الشعب وفق النظام الديمقراطي الجديد في العراق الذي يحتم على المسؤول الاستماع للشعب وتنفيذ مطالبه التي هي أكثر من مشروعة".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 19/شباط/2011 - 15/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م