الانسان وخفايا التكوين

 

شبكة النبأ: بعد ان بحث العديد من العلماء والباحثين في علم الانسان والمنحوتات في عديد من الاماكن حول العالم عن اسباب شكل  الانسان او من اين اتى وهل كان كذلك منذ بدء الخليقة ام هل تغير او تطور؟

هذه الاسئلة وجدت الاجابات عنها في رحلات المنقبين والباحثين لاسيما عندما كشفوا عن انواع واشكال جديدة للإنسان كانت تسكن الارض قبل هذه الاجيال حتى انهم استطاعوا ان يكتشفوا طبيعة الحياة التي كانوا يزاولوها وكيفية الاكل والشرب كما وانهم وجدوا ان احجام البناء الجسماني للإنسان كانت اضخم وتختلف كثيرا عن ما هو الان.

من جانب اخر فهناك دراسات حديثة كشفت عن تأثير الحالة النفسية للإنسان على شكله بالإضافة الى حجمه وحجم العقل او المخ والتي تم مقارنتها مع الشكل القديم للإنسان حيث وجد ان هناك تغييرات في الشكلين نحو الاصغر ولكن هذا لا يعني ان هناك تأثيرا بطبيعة تعامل الانسان الحديث مع الحياة عنما كان يفعله الانسان القديم بل هناك تأثير كبير من قبل الحياة وما وصلت اليه من امور معقدة على الانسان وشكله.

أنواع مجهولة من البشر

فقد قال علماء الأنثروبولوجيا إن الأبحاث على خنصر أنثى عثر عليه قبل نحو عامين في كهف في سيبيريا، تشير إلى وجود أنواع غير معروفة من الجنس البشري في فترة ما قبل التاريخ.

ويضيف الباحثون أن أنسابا تنحدر من تلك الأنواع ربما تكون بقيت على قيد الحياة اليوم في بعض الأجيال من الناس في بابوا غينيا الجديدة والجزر القريبة منه، وفقا لتقرير نشر على موقع "نبتشر دوت كوم،".

ويقول علماء الأنثروبولوجيا إن الإصبع يبلغ عمره بين 30 إلى 50 ألف عام، وهو دليل على مجموعة جديدة من كائنات شبيهة بالإنسان تسمى "دينسوفانز،" وهو اسم مشتق من كهف في جنوب سيبيريا حيث تم العثور على عظام الخنصر.

وفي حين تشير أبحاث الجينات إلى أن الإصبع يعود لفتاة في السادسة أو السابعة من العمر، تقول كارليس لالويزا فوكس خبيرة الحفريات الإسبانية إن "القصة كلها (اكتشاف الخنصر) أمر مدهش.. إنها أشبه بهدية عيد ميلاد للباحثين." بحسب وكالة انباء السي ان ان.

ويظهر الجين الذي استخلص من إصبع الطفلة أن تنوع السكان في العصر الجليدي أكبر بكثير مما كان يعتقد سابقا، ومقارنة بجين للإنسان الحديث، يظهر أن الميلانيزي من سكان بابوا غينيا الجديدة وجزر جنوب المحيط الهادئ ورثوا نحو 5 في المائة من صفات إنسان الـ"دينسوفانز." وقد أجريت أبحاث الجينات في معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية في لايبزيغ، بألمانيا، حيث قال العلماء إن إنسان الـ"دينسوفانز،" كانت أكثر ارتباطا بالبشر البدائيين.

ويشير الاكتشاف في سيبيريا إلى أن ذلك النوع من البشر قد عاش عبر رقعة واسعة من آسيا، ويرجح أن يكون اختلط مع أسلاف البشر المعاصرين الذين هاجروا شرقا من أفريقيا.

الإنسان المعاصر خرج من أفريقيا

كما قال باحثون دوليون بعد اكتشافهم أدوات قديمة مثل الفأس والمخرز في الامارات العربية شبيهة بتلك التي استخدمها الانسان القديم في شرق افريقيا، ان الانسان المعاصر خرج من افريقيا أول مرة قبل 40 ألف سنة مما كان يعتقد.

وذكر موقع «لايف ساينس» العلمي الأمريكي ان الباحثين عثروا على أدوات تعود الى ما قبل 100 ألف سنة على الأقل في الصحراء العربية، قد تكون دليلاً على أول خطوة للانسان للانتقال حول العالم. بحسب وكالة انباء الشرق الاوسط.

وأشار الباحثون الى ان دراستهم الجديدة التي اعتمدت على الأدوات مثل الفؤوس والمخارز التي عثر عليها في الامارات العربية والشبيهة بتلك التي استخدمها الانسان القديم في شرق افريقيا، تشكل دليلاً على ان الانسان المعاصر غادر أول مرة أفريقيا قبل 40 الف سنة مما كان يعتقد سابقاً.

وكانت دراسات سابقة اعتقدت بأن ذلك حصل قبل 60 ألف سنة. وتوقع العلماء أن يكون الانسان وصل الى شبه الجزيرة العربية مباشرة من افريقيا بدلاً من المرور في النيل أو الشرق الأدنى كما كان يعتقد سابقاً. 

بقايا "شبه بشرية"

وربما يكون العلماء قد اكتشفوا فرعاً جديداً من فروع شجرة عائلة الإنسان، عاش قبل مليوني عام في جنوب إفريقيا، في اكتشاف قد يلقي مزيداً من الضوء على التطور.

فقد تمكن العلماء من العثور في كهف بمجمع كهوف ملابا Malapa بجنوب إفريقيا، على ما يعتقدون أنها بقايا أنواع أو فصيلة غير معروفة من البشر سبقت الإنسان الحديث.

فخلال أعمال التنقيب والحفر، اكتشف العلماء بقايا هيكلين عظميين لامرأة بالغة وشاب مراهق عاشا قبل نحو مليوني عام، ويعتقد أنهما كانا أطول وأقوى من "لوسي" التي يقدر العلماء أنها عاشت قبل 3 ملايين عام، واكتشفت في إثيوبيا عام 1974.

ويعتقد العلماء أن الهيكلين العظميين الجزئيين المكتشفين ينتميان إلى فصيلة "أسترالوبثيكوس سيديبا" Australopithecus sediba، ما يفتح المجال للفترة المجهولة التي سبقت تطور الإنسان. وكلمة "أسترالوبثيكوس" تعني "القرد الجنوبي"، بينما أوضح العلماء أن "سيديبا" تعني "النبع الطبيعي" بلغة سوتو الجنوب إفريقية المحلية.

وقال الدكتور لي بيرغر، الأستاذ بجامعة ويتوترسراند بجوهانسبيرغ، إن اكتشاف هذه البقايا أشبه بركوب آلة الزمن، فهو يوفر "نظر خاصة فعلاً في تطور الهومينيد أو (الكائن الشبيه بالإنسان) Hominid في تلك الفترة." يشار إلى أن الهومينيد هو الكائن الشبيه بالإنسان ويشمل الإنسان والغوريلا والشمبانزي. بحسب وكالة انباء السي ان ان.

وإلى جانب الهيكلين العظميين، تم العثور على بقايا هياكل أخرى، في أحد الكهوف المنهارة بجنوب إفريقيا. ويعتقد بيرغر وعلماء آخرون، بينهم بول ديركس، الأستاذ بجامعة جيمس كوك الأسترالية، أن المرأة والشاب ربما يكونا قد سقطا في الكهف بينما كانا يبحثان عن الماء داخله.

ويعتقد أن عمر الشاب عند موته كان يتراوح بين 10 و13 عاماً، أما المرأة فكانت في العشرينيات أو الثلاثينيات من عمرها، وعاشا بين قبل 1.78 و1.95 مليون سنة.

وأوضح بيرغر أنهما كانا يمشيان بقامتين منتصبتين ويشتركان بخصائص جسدية عديدة مع أوائل الكائنات من فصيلة الكائن الشبيه بالإنسان (الهومينيد). ومن الأمور الأخرى فقد كانا الهيكلان يتمتعان بأظافر قصيرة، ولكن الأذرع كانت طويلة بصورة كبيرة، وكذلك ساقيهما.

إنسان نياندرتال

بينما لم يكن إنسان نياندرتال الذي انقرض قبل 30 ألف عام يتغذى حصرا بواسطة اللحوم وإنما كان يستهلك النبات ويطهو طعامه كما نسيبه الإنسان الحديث، بحسب ما كشفت دراسة مؤخرا. وكانت دراسات سابقة قد أشارت إلى أن إنسان نياندرتال كان صيادا من أكلة اللحوم، الأمر الذي سرع انقراضه.

والإنسان الحديث الأول الذي تعايش معه إنسان نياندرتال على مدى حوالى 10 آلاف عام، نجا بحسب إحدى النظريات إذ تأقلم بشكل أفضل مع مصادر أخرى للغذاء غير اللحوم. فاستهلك أطعمة ترتكز على النبات وكذلك على الأسماك وثمار البحر وفقا للمكان الذي كان يعيش فيه.

نشرت الدراسة الجديدة التي تظهر نسيب الإنسان المنقرض بطريقة مختلفة، في حوليات الأكاديمية الأميركية للعلوم "بناس" في عددها الأخير وقد ارتكزت هذه الدراسة على تحاليل لجزيئات طعام محتجزة في شرائح من القلح أو الجير على أسنان متحجرة لإنسان نياندرتال كانت قد اكتشفت في مواقع أثرية في العراق وبلجيكا. بحسب وكالة انباء فرانس برس.

والباحثون بقيادة دولوريس بيبيرنو من قسم الأنتروبولوجيا في متحف "سميثونيان" الأميركي للتاريخ الطبيعي، اكتشفوا حبوب نشاء تعود إلى عدد من النباتات إحداها برية، بالإضافة إلى آثار لخضار مختلفة وجذور وأجزاء من سيقان نباتية.

وكان عدد كبير من هذه المواد قد تعرض لتعديلات نتيجة عملية طهوها، لا سيما حبوب النشاء. الأمر الذي يدفع إلى التفكير بأن إنسان نياندرتال كان يحسن استخدام النار كما حال الإنسان الحديث الأول.

وتلك الأسنان المكتشفة كانت تحتوي أيضا على آثار جزيئات تمر ونشاء يعود إلى أنواع أخرى من النباتات التي ما زال الباحثون يعملون عليها بهدف تحديدها. لكن الأدوات الحجرية المكتشفة لا تدل على أن إنسان نياندرتال كان يستخدم أدوات معينة لطحن الحبوب. وهذا أمر يدفعنا إلى التفكير بأنه لم يكن يلجأ إلى الزراعة، على الأرجح.

تقلص الدماغ البشري

فيما يبدو ان حجم الدماغ البشري تقلص منذ 30 الف عام، وهي ظاهرة تحير علماء الانتروبولوجيا الذين يجمعون على انها من دلائل التقدم نحو مجتمعات اكثر تعقيدا وليست دليل تخلف.

فخلال تلك الفترة، تقلص حجم دماغ الانسان العاقل بنسبة 10% تقريبا، من 1500 الى 1359 سنتمترا مكعبا، اي ما يوازي حجم كرة تنس. كذلك تقلص دماغ النساء، وهو اصغر من دماغ الرجال، بالنسبة نفسها.

وقد اجريت هذه القياسات على جماجم عثر عليها في اوروبا والشرق الاوسط وآسيا، حسبما يشير عالم الانتروبولوجيا جون هوكس من جامعة ميشيغن (شمال الولايات المتحدة). وقال في مقابلة حديثة مع مجلة ديسكوفر "هذا ما اسميه بالتقلص الكبير في طرفة عين من عملية التطور (البشري)". لكن علماء الانتروبولوجيا لا يستغربون هذا التقلص، لأنه كلما كنا اقوى واضخم، احتجنا الى المزيد من المادة السنجابية للتحكم بهذه الكتلة الكبيرة.

فالانسان النياندرتالي، وهو نسيب الانسان المعاصر الذي اختفى قبل 30 الف عام لأسباب لا تزال غامضة، كان اضخم ويتمتع بدماغ اكبر. وانسان كرومنيون الذي رسم على جدران كهف لاسكو قبل نحو 17 الف عام كان الانسان العاقل ذا الدماغ الاكبر، وكان ايضا اقوى من ذريته اليوم.

هذه السمات كانت ضرورية للعيش في بيئة قاسية، حسبما يقول ديفيد غيري استاذ علم النفس في جامعة ميسوري والمشرف على هذه الدراسة التي تتناول نمو الدماغ البشري على مر العصور. وقد درس هذا الباحث تطور حجم الجمجمة بين ما قبل 1,9 مليون سنة و10 آلاف سنة، فيما راح اسلافنا وانسباؤنا يعيشون في بيئات اجتماعية اكثر تعقيدا.

وانطلق من المبدأ القائل انه كلما كانت الكثافة البشرية اكبر، كان هناك تواصل اكبر بين المجموعات وتقسيم اكبر للأعمال وتفاعلات اكبر واكثر تنوعا بين الافراد. ولاحظ ايضا ان حجم الدماغ كان يتقلص مع ازدياد الكثافة السكانية. بحسب وكالة انباء فرانس برس.

وقد شرح ديفيد غيري انه "مع نشوء مجتمعات اكثر تعقيدا، اصبح الدماغ البشري اصغر لأن الافراد لم يعودوا بحاجة الى ان يكونوا اذكياء بالقدر نفسه للبقاء، بل اصبحوا يحظون بمساعدة الآخرين".

تقلص الدماغ هذا لا يعني ان الانسان الحديث اقل ذكاء من اسلافه، بل انه طور اشكال ذكاء اخرى اكثر تعقيدا، كما يصر براين هاري الاستاذ المساعد المختص بعلم الانتروبولوجيا في جامعة دوك (كارولينا الشمالية).

هذا ينطبق ايضا على الحيوانات الداجنة والحيوانات البرية، كما يشير. فكلاب الراعي الألماني تتمتع بأدمغة اصغر من ادمغة الذئاب لكنها اكثر ذكاء وحنكة لأنها تفهم اشارات التواصل بين البشر.

هذا يظهر انه "لا يوجد رابط وثيق بين حجم الدماغ وحاصل الذكاء" الذي تحدده القدرة على الاستنتاج والابتكار، وفقا لبراين هاري. ويذكر ايضا على سبيل المثال قردة الشمبانزي العدائية والمسيطرة التي تتمتع بأدمغة اكبر من قردة بونوبو الاكثر "تمدنا" التي تحاول حل النزاعات من خلال محاكاة الاتصال الجنسي. ويقول الباحث ان "البشر هم في الوقت نفسه قردة شمبانزي وبونوبو" اقرب انسبائنا، آملا ان "يطغى البونوبو في عملية التطور لصالح الجميع".

استجابت الانسان لساعته الداخلية

في حين أكدت دراسة ألمانية أن قدرة الإنسان على العطاء في وظيفته مرهونة بشكل كبير بمدى انسجامه مع ساعته الداخلية.

وخلص البروفيسور الألماني تيل رونيبورج، الأستاذ بجامعة ميونيخ، من خلال الدراسة التي مولتها مؤسسة دايملر بينز وحملت عنوان "كلوك ورك" أي عمل الساعة )الداخلية( إلى أن "من يستطيع العيش وفقا لساعته الداخلية ينام أفضل ويتمتع بصحة أفضل ويعمل بشكل أكثر فعالية وبنجاح شخصي أكبر.. ومع ذلك يتبقى لديه المزيد من أوقات الفراغ أيضا".

ودعا معدو الدراسة إلى وضع القدرات الفردية الخاصة للعمال في الاعتبار مستقبلا لدى تحديد فترات عملهم. وأعلن رونيبورج في برلين عن نتائج هذه الدراسة التي استمرت خمس سنوات. وأكد يوأخيم هيرمسدورفر الذي راقب خلال الدراسة تذبذب أداء عمال أثناء عملهم على مدار اليوم أن حقيقة أن كل إنسان له طبيعته الجينية الخاصة التي تجعله أكثر ميلا للاستيقاظ مبكرا مثل الطائر أو يفضل العمل ليلا مثل البومة يمكن أن تساعد الشركات التي لديها فترة عمل ليلية لاختيار العمال الأنسب لهذه الفترة مضيفا: الأشخاص الأكثر استعدادا للاستيقاظ مبكرا يؤدون عملا أفضل في فترة العمل الصباحية ويكونون أكثر رضا بهذه الفترة". بحسب وكالة الانباء البريطانية.

كما أكدت كاترين بوش، أستاذة اللغويات بجامعة هومبولد في برلين أن هناك أيضا تفاوتا واضحا بين الأشخاص الذين يفضلون الاستيقاظ مبكرا والأشخاص الذين يفضلون السهر في فهم المواد اللغوية وأن الأشخاص الذين يفضلون الاستيقاظ متأخرا والسهر ساعات طويلة يمكن أن يستفيدوا من هذه القدرة في التواصل اللغوي الصحيح فيما بينهم من أجل منع وقوع حوادث أثناء العمل الليلي.

وحسب الدراسة فإن ساعة الإنسان الداخلية التي "تعمل بضوء النهار تدق داخل جميع المخلوقات وتشكل الوقت داخل الإنسان، ذلك الوقت الذي يحدد مسار جميع العمليات الداخلية بالجسم". وتعتبر منطقة خاصة بالمخ هي المسئولة عن توجيه وتيرة النوم والاستيقاظ تبعا للوقت سواء نهارا أو ليلا وهي المنطقة التي يضطرب عملها غالبا لدى العاملين في فترات ليلية و رجال الأعمال كثيري السفر بين البلدان التي يتفاوت التوقيت بينها بشكل واضح.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 17/شباط/2011 - 13/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م