![](Images/138.jpg)
الكتاب: الشيعة وفنون الاسلام
الكاتب: السيد حسن الصدر
قراءة: محمد الصفار
شبكة النبأ: المذهب الشيعي ينبوع
العلوم الثر والعطاء فهو مدرسة الوحي التي أنشأها النبي الأكرم (ص)
وأرسى قواعدها أمير المؤمنين (ع) وشيدها من بعده الأئمة المعصومين، وقد
تخرج من هذه المدرسة النبوية خيرة المفكرين وفحول العلماء وكبار
العباقرة الذين يفخر بهم العالم الاسلامي على مدى تاريخه الطويل.
ورغم ما تعرض له هذا المذهب من ظلم وأضطهاد وتنكيل من قبل السلطات
الجائرة التي تعاقبت على الحكم وخاصة الاموية والعباسية إلا انه بقي
مصدر أشعاع ومنهل غدق للعلوم والفنون فلا تجد علم من العلوم أو فن من
الفنون إلا ورجال الشيعة الافذاذ من علماء مدرسة أهل البيت (ع) هم أول
من وضع قواعده وأسسه وحازوا فضل السبق فيه في كل العصور، والألمام
بتاريخ هذه العلوم والفنون ونشأت مؤسسيها يحتاج الى جهد جبار، لا يتأتى
إلا لمفكر عظيم وعبقرية فذة خاض قباب بحور العلو وشق أمواجها بفكر فذ
وذهن متوقد وهذا ما أجتمع لسيدنا الأجل حسن الصدر صاحب الكتاب القيم (الشيعة
وفنون الاسلام).
هذا الاثر الخالد الذي عرض فيه مؤلفه سائر العلوم الاسلامية
والعربية ووقف عليها موقف المحيط بها وبأسرارها العارف بعوامل نشأتها
ومراحل نموها وهو جهد عظيم يتطلب مجموعة كبيرة من الباحثين والمتخصصين
في هذه العلوم والفنون ليتابع كل متخصص مادة تخصصه لكنه سيدنا الجليل
كان متكامل الجوانب في كل هذه العلوم واسع الاطلاع موسوعي المعارف
فأستطاع أن يثبت بالأدلة القاطعة والبراهين الساطعة تأسيس الشيعة لسائر
فنون الاسلام وسبقهم أليها مستوفياً البحث عن مؤسسيها ممعناً في
التنقيب عن طبقات المصنفين فيها وهو كتاب لا نظير له في بابه.
ومما لم يسبق اليه مثله ولو لم يكن لعالمنا الجليل سوى هذا الكتاب
لكفاه فخراً ففيه من الادلة ما يفوق مطلب الباحث على ان الشيعة هم مصدر
الاسلام ومنبعه ومورد علومه وفنونه وقد دل الكتاب على سمو فكر مؤلفه
وتوقد ذهنه فضلاً عن نتاجه الغزير الثر الذي شهد على ملكة خصبة وعلمية
قل نظيرها ويدور الكتاب الذي دل عنوانه عليه حول سبق الشيعة في العلوم
والفنون الاسلامية.
وقد استعرض المؤلف فيه اوائل المؤسسين والمصنفين في كل علم مفصلاً
أبوابه ونشأتها وأبرز من برع فيها ويقع الكتاب في خمسة عشر فصلاً ضمنت
(42) باباً في سائر العلوم والفنون ففي الفصل الاول أستعرض المؤلف تقدم
الشيعة في سائر علوم القرآن وريادتهم لها وتفوقهم فيها وقد ضم هذا
الفصل سبعة أبواب شرعها سيدنا المؤلف في الاشارة الى سند وثيق من عدة
طرق يؤكد بأن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) هو أسبق الناس في
تقسيم انواع علوم القرآن وأنه أملى ستين نوعاً من أنواع علوم القرآن
وذكر لكل نوع مثالاَ يخصه وهو الاصل لكل من كتب في أنواع علوم القرآن
وأن أول مصحف جمع فيه القرآن على ترتيب النزول بعد موت النبي الاكرم
(ص) هو مصحف أمير المؤمنين (ع) والروايات في ذلك مستفيضة متواترة من
طرق أهل البيت وطرق أهل السنة.
ثم يذكر المؤلف البواكير لاولى للتصنيف في تفسير القرآن وأول من صنف
في ذلك هو سعيد بن جبير التابعي وهو من خلص الشيعة وأعلم التابعين
بالقرآن ويستدل على ذلك بعدد وافر من مصادر الفريقين ثم يذكر عدة رجال
من الشيعة صنفوا في تفسير القرآن بعد سعيد منهم السدي الكبير أبو محمد
أسماعيل بن عبد الرحمن الكوفي القرشي ومحمد بن السائب بن بشر الكلبي
وجابر بن يزيد الجعفي وغير وفي الباب الثاني يتناول المؤلف أول من صنف
في القراءة ودون علمها وأول من جمع القراءات ورائد هذا الباب هو أبو
سعيد أبان بن تغلب الربعي صاحب الامام الصادق ويقاسمه في الريادة أبو
اميمة الكوفي وهو من كبار علماء الشيعة ثم يأتي بعدهما حمزة بن حبيب
الذي قرأ على الامام الصادق (ع) وقرأ عليه الكسائي وفي هذا الباب دحض
سيدنا المؤلف رواية الذهبي وغيره ممن كتب في طبقات القراء الذين نصوا
على ان اول من صنف في ذلك القاسم بن سلام وأثبت بطلان هذا القول
بالادلة القاطعة وتقدم أبان عليه.
ثم ذكر من اتى بعد أبان في القراءات كأبي جعفر الرواسي ومحمد بن
سعدان الضرير وزيد الشهيد وعمربن موسى الرجهي وهم من الشيعة وكلهم
تقدموا في التصنيف في القراءة على القاسم بن سلام وبذلك تحقق تقد
الشيعة في تدوين علم القراءة أما اول من سبق في التصنيف في احكام
القرآن والذي جعله المؤلف محتوى الباب الثالث من الفصل الاول فقد كان
محمد بن السائب الكلبي وهو من اصحاب الامام الباقر (ع) وفيه أيضاً دحض
المؤلف قول السيوطي في أن أول من صنف في هذا الباب الشافعي وفي الباب
الخامس فقد ذكر المؤلف أول من صنف في غريب القرآن وكان ذلك لأبان بن
تغلب أولاً، ثم أبو جعفر الرواسي وأبو عثمان المازني والفراء وأبن دريد
وعلي بن محمد الشمشاطي وهم من الشيعة كما كان ابان بن تغلب هو الرائد
الاول في التصنيف في معانً شتى من القرأن أيضاُ نصت على ذلك الكثير من
الروايات والمسانيد المعتبرة ذكرها المؤلف في الباب الخامس.
أما أول من صنف في الناسخ والمنسوخ فهو عبد الله بن عبد الرحمن
المسمعي البصري من اصحاب الامام الصادق (ع) ويأتي بعده دارم بن قبيصة
بن نهشل بن مجمع الدارمي من شيوخ الشيعة والحسن بن علي بن فضال صاحب
الامام الرضا (ع) والشيخ الاعظم أحمد بن محمد بن عيسى الاشعري القمي
صاحب الامام الرضا أيضاً وعاش حتى ادرك الامام أبا محمد الحسن العسكري
(ع) أما في نوادر القرآن فأن أول من صنف فيه علي بن الحسين بن فضال من
اصحاب الامام الهادي (ع) والعسكري (ع) وأحمد بن محمد السياري البصري
ومحمد بن احمد بن محمد الحارثي وكلهم من الشيعة ويسترسل المؤلف في ذكر
أول من صنف في متشابه القرآن ومقطوعة وموصولة وأول من نقط المصحف
وأعربه وحفظه عن التحريف وأول من صنف في مجاز القرآن وأمثاله وحدود
آياته وأسباعه وكلهم من علماء الشيعة من اصحاب الائمة (ع) وخريجي مدرسة
أهل البيت (ع) وفي الباب السادس يستعرض المؤلف أئمة علوم القرآن وهم من
كبار الصحابة والتابعين الشيعة كجابر بن عبد الله الانصاري وأبي بن كعب
سيد القراء ويحيى بن يعمر وطاووس اليماني وغيرهم ويختم سيدنا المؤلف
هذا الفصل بالباب السابع وقد ضمنه أوائل التفاسير الجامعة لكل علوم
القرآن حيث ذكر أولى التفاسير للقرآن وهي لرجال الشيعة الافذاذ مثل (الرغيب
في علوم القرآن) للواقدي (والتبيان الجامع لكل علوم القرآن) للطوسي
و(حقائق التنزيل ودقائق التأويل) للسيد الشريف الرضي وغيرهما من
التفاسير التي جاءت بعدها أما الفصل الثاني فقد خصه المؤلف لعلوم
الحديث وبوبه على عشرة ابواب وأشار في بدايته الى اختلاف الصحابة
والتابعين حول كتابة الحديث.
ثم يذكر ان علي بن أبي طالب هو أول من كتب الحديث بأملاء رسول الله
وهو أول كتاب جمع فيه العلم على عهد رسول الله برواية الامام الباقر
(ع) وتدريب الراوي للسيوطي أما اول من جمع الحديث فهو أبو رافع القبطي
مولى رسول الله وهو من خيار الشيعة أما الباب الثاني والثالث فقد
استعرض فيه المؤلف الاوائل في جمع الحديث الى المائة الثانية وكلهم من
الشيعة كما أستعرض الاوائل في نصنيف الآثار وأئمة علم الحديث وأرباب
الجوامع الحديثية والاوائل في تأسيس علم دراية الحديث وتنويعه الى
الانواع المعروفة والاوائل في تدوين علم رجال الحديث واحوال الرواة
وأخبارهم والاوائل في تصنيف الرواة وأثبت بالروايات المسندة والادلة
القاطعة على أن مؤسسي كل هذه العلوم وأربابها وأساتذتها هم من رجال
الشيعة أما الفصل الثالث فقد خصصه المؤلف لعلم الفقه وقد ذكر فيه اول
من صنف في علم الفقه ودونه ورتبه على الابواب ثم يذكر مشاهير الفقهاء
من الشيعة في الصدر الاول ثم ينتقل الى كثرة المصنفين على مذهب الامام
جعفر الصادق (ع) والجوامع الكبار في الفقه لأصحاب الأئمة (ع) من ابناء
التابعين وقد اثبت المؤلف أن الشيعة كانوا الاوائل في كل اصول الفقه
وفروعه أما علم الكلام الذي خص الفصل الرابع به فقد كان الشيعة هم
رواده أيضاً ومؤسسوه وأربابه فأن اول من صنف فيه ودون هو عيسى بن روضة
التابعي من اصحاب الامام الصادق (ع) ومن اتى بعده كان من الشيعة أيضاً
أما رائد المناظرات وأقامة الحجج فهو الشاعر الكميت بن زيد الاسدي الذي
يقول فيه الجاحظ : (ولولاه _ أي الكميت _ لما عرفوا وجوه الاحتجاج عليه).
وبرز من الشيعة مشاهير علم الكلام الذين تقدموا في الاحتجاج من
اصحاب الامام الصادق كجابر بن يزيد الجعفي وقيس الماصر ومحمد بن علي بن
النعمان المعروف (مؤ من الطاق) وغيرهم من ابطال المناظرات والاحتجاجات
الذين افحموا خصومهم بالادلة القاطعة والآيات الباهرة على احقية مذهب
أهل البيت (ع) ويتوسع المؤلف في ذكر اسماء ائمة علم الكلام وتراجمهم من
الشيعة فيذكر طائفة كبيرة من الاعلام حتى يصل الى القرن الرابع الهجري.
وفي الفصل الخامس أثبت المؤلف أن الشيعة هم المتقدمون في علم اصول
الفقه وأول من فتح بابه وشرح مسائل الامام الباقر (ع) وبعده أبنه
الامام الصادق (ع) وقد أمليا على تلامذتهما قواعده ومسائله أما أول من
افرد مباحثه بالتصنيف فهو شيخ المتكلمين هشام بن الحكم تلميذ الامام
الصادق (ع) ثم يونس بن عبد الرحمن تلميذ الامام الكاظم (ع) ثم الشريف
المرتضى والمفيد وفي الفصل السادس يتحدث المؤلف عن تقدم الشيعة في
الاسلام في علم الفرق وأول من دونه وصنف فيه هشام بن محمد الكلبي في
كتابه (اديان العرب) ثم الف الحسن بن موسى النوبختي كتاب (الآراء
والديانات) و(الفرق) ثم يسترسل في اسماء من الفوا في هذا الباب من
الشيعة.
وقد احتل الشيعة مركز الصدارة في علم مكارم الاخلاق الذي افرد له
المؤلف الفصل السابع وكان اول من صنف فيه هو أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب (ع) واستدل على ذلك بالكتاب الذي كتبه أمير المؤمنين وارسله الى
ولده الحسن (ع) وهو كتاب طويل جمع فيه (ع) أبواب هذا العلم وطرق سلوكه
ومكارم الملكات وكل المنجيات والمهلكات وطرق التخلص من تلك المهلكات.
وقد روي خبر هذا الكتاب علماء الفريقين وتلى امير المؤمنين في ذلك
اسماعيل ين مهران السكوني من اصحاب الامام الصادق (ع) والحسن بن علي بن
شعبة الحراني صاحب كتاب تحف العقول أما علم السير فكان قصب السبق فيه
للشيعة أيضاً وأول من كتب سيرة النبي (ص) محمد بن أسحق المطلبي وابن
اسحق وهما من الشيعة وفي الفصل التاسع الذي خصه المؤلف للتاريخ
الاسلامي.
فقد بوبه على خمسة ابواب فأول من صنف في التاريخ الاسلامي هو أبان
بن عثمان الاحمر البصري من اصحاب الامام الصادق (ع) أما أول من الف في
جميع انواع التاريخ فهو هشام بن محمد الكلبي الذي ألف في الاحلاف
والمآثر والبيوتات والمنافرات والمودات واخبار الاوائل وما قارب
الاسلام من امر الجاهلية وأخبار الاسلام وتاريخ اخبار البلدان واخبار
الشعر وأيام العرب وتاريخ الاخبار والسمار ما يزيد على مائة وخمسين
كتاباً لم يصنف مثلهما في بابها فكانت مصدراً مهماً لمن جاء بعده من
المؤرخين وفي الجغرافيا فقد الف هشام كتاب والاقاليم والبلدان الكبير
والبلدان الصغير وتسمية الارضين والانهار والحيرة ومنازل اليمن وغيرها
الكثير ويأتي بعده محمد بن خالد البرقي من اصحاب الامام الكاظم (ع) ثم
قدامة بن جعفر الكاتب ولم يكن الشيعة هم أول من اسس هذه العلوم ووضع
لبناتها الاولى فحسب بل كان لهم الصدارة فيها من حيث الألمام والاحاطة
والاستيفاء بجوانبها.
فكانت مصدر اعتماد اهل السنة في النقل منها وهذا ما أوضحه المؤلف في
الباب الرابع حيث ذكر اول أوائل المؤرخين الشيعة ومؤلفاتهم وأعتماد أهل
السنة عليها أما في الفصل العاشر فيتحدث المؤلف عن سبق الشيعة في علم
اللغة وأول من جمع كلام العرب وحصره وزم جميعه وبين قيام الابنية من
حروف المعجم وتعاقبت الحروف لها وكان رائد هذه العلوم الخليل بن أحمد
الفراهيدي وهو من الشيعة بلا خلاف أما ابرز أئمة اللغة فهم ابن السكيت
والمبرد وابن دريد وأبو عمر الزاهد التنوخي وأحمد بن فارس اللغوي
والصاحب بن عباد وأبن خالوية وكلهم من الشيعة.
أما في الانشاء فيتصدر هذا الباب أحمد بن فارس الذي أقتبس منه
تلميذه بديع الزمان الهمزاني ووضع المقامات المشهورة وله فضل السبق في
ذلك ويأتي بعده ابن العميد الخوارزمي وكلهم من الشيعة وكان للشيعة
أيضاً التقدم في علم الكتابة في دولة الاسلام وكان أول من كتب لرسول
الله (ص) خالد بن سعيد بن العاص وهو من اجلاء الصحابة الشيعة ونجيب بني
أمية ومن السابقين الاولين المتمسكين بولاية أمير المؤمنين (ع).
ثم يستعرض المؤلف طبقات الكتاب من الشيعة الذين تصدروا هذا الفن في
التاريخ الاسلامي فيذكر اسماء لامعة كان لها الاثر الاكبر في تطور هذا
الفن وكلها من الشيعة وفي مجال علم المعاني والبيان والفصاحة والبلاغة
الذي تكلم فيه المؤلف في فصله الحادي عشر فقد اعده على ثلاثة ابواب هي
اول من وضعه وأسسه وصنف فيه وهو الامام أبو عبد الله بن عمران
المرزباني وكتابه هو (المفصل في علم البيان والفصاحة)، ويأتي بعده
الوزير أبو سعيد محمد بن أحمد العميدي صاحب كتاب (تنقيح البلاغة) وفي
هذا الباب يرد المؤلف قول السيوطي في كتابه (الوسائل في مسامرة الاوائل)
الذي يدعى فيه أن أول من صنف في هذا الباب عبد القاهر الجرجاني ويثبت
له سبقهما وتقدمهما عليه.
ثم يخصص المؤلف الباب الثاني لذكر الكتب التي صنفتها الشيعة في علم
المعاني والبيان بعد المؤسس الاول المرزباني أما في البديع فأن اول من
فتح هذا الباب هو ابراهيم بن علي المعروف ب (أبن هرم) شاعر أهل البيت
(ع) أما في العروض فلا يختلف أثنان في ان مؤسسة وواضعه هو الخليل بن
احمد الفراهيدي حتى صار يعرف به (العروضي) وفي هذا الباب أبطل المؤلف
دعوى الصاحبي في ان علم العروض كان قديماً وقد انفرد بهذا القول دون
اعتماده على ما يثبت ذلك وكان الشيعة هم اساتذة هذا الفن بلا منازع فمن
صنف في علم العروض بعد الخليل أبو عثمان المازني امام المتكلمين في
الشيعة والصاحب بن عباد والحسين بن محمد الرافعي والشريف أبو الحسن
محمد بن احمد الطبطبائي والرواندي والانوري وملك النحاة والحسن بن داود
الحلي تلميذ السيد بن طاووس وغيرهم وكلهم صنفوا وألفوا في علم العروض.
وكان تقدم الشيعة في فنون الشعر في الاسلام ايضاً وكانت الريادة
لشعرائهم في كل العصور وأول النابغين في هذا الفن النابغة الجعدي
والفرزدق وكعب بن زهير ولبيد بن ربيعة وعامر بن واثلة وابو الاسود
الرؤلي ثم يأتي بعدهم أبو تمام والبحتري ثم ابن الرومي وأبو الشيص
الخزاعي ودعبل وديك الجن وكل هؤلاء كانوا في طليعة شعراء عصرهم ثم يفصل
المؤلف أمتيازات كل واحد منهم على غيره من الشعراء وريادته لفن من فنون
الشعر مار عليه من جاء بعده ويسترسل برؤية الناقد الحصيف في ذكر
الشعراء الشيعة وتفوقهم على غيرهم بأعتراف المؤرخين والنقاد القدامى
والمحدثين. فالكميت أشعر الاولين والآخريين ولولاه لم يكن للبيان لسان
ولا للغة ترجمان وكثير أول من اطال المدح والسيد الحميري أول من اكثر
في معنى واحد وصفي الدين الحلي أول من أخترع الموشح المضمن والشريف
الرضي اول مكثر مجيد ومهيار الديلمي أحد افراد الدهر وابو فراس ملك
الشعر وابن هانىء الاندلسي اشعر المغاربة على الاطلاق وكشاجم مجيد
للاوصاف كلها ولا عديل له في عصره والناشىء فضله بعضهم على المتنبي
والزاهي زهى في جميع فنون الشعر والخبر ارزي أوتي المعجز في شعره
والتعاويذي لم يوجد قبلة من يضاهيه بمائتي سنة ومثله الشريف الحماني
الذي كان اشعر شعراء عصره وغيرهم الكثير ممن شهد لهم معاصروهم من
الشعراء والمؤرخين على تفوقهم وريادتهم الشعرية ومثلما كان الشيعة هم
أرباب الشعر فقد حازوا الصدارة في نقد الشعر.
وأول من صنف في ذلك قدامة بن جعفر وكتابه اشهر من نار على علم
المعروف بنقد الشعر أو نقد قدامة كما كان للشيعة أيضاً التقدم في علم
الصرف وقد اجمع المؤرخون على أن أول من علم الصرف هو ابو مسلم معاذ
الهراء بن مسلم الكوفي الذي لم يستطع السيوطي _ رغم انحيازه لغير
الشيعة _ إلا ان يدين له ويعترف بريادته في هذا الفن فقال في كتابه
الوسائل في مسامرة الاوائل ص 106 : (أول من وضع التصريف معاذ الهراء)
ومعاذ من تلاميذ الامام الصادق (ع) أما أول من صنف في الصرف فهو أبو
عثمان المازني وابن خالوية والوزير المغربي والماهابادي والاسترابادي
وكلهم من الشيعة وكانت كتبهم الاسس التي اعتمدت في هذا الفن ويختم
المؤلف كتابه بالفصل الخامس عشر الذي خصصه في تقدم الشيعة في علم النحو
العربي وانشأه ووضع اسسه وأملى جوامعه واصوله هو امير المؤمنين علي بن
أبي طالب (ع) وقد ارسلوا ذلك ارسال المسلمات وقد لقنه تلميذه ابا
الاسود الدؤلي الذي اخذ عنه أئمة النحو مثل يحيى بن يعمر وعبد الرحمن
بن هرمز وميمون الاقرن.
وكان اول من بسط النحو وسبب علله وأوضح معانية الخليل بن احمد
الفراهيدي وقد ذكر المؤرخون أن سيبوية يروي عن الخليل الف ورقة في
النحو كما نص عليه السيوطي أما في الكوفة فكان ابو جعفر الرواسي وهو
أستاذ الكسائي والفراء وكلهم من الشيعة اما اشهر من برعوا في هذا العلم
على مدى التاريخ الاسلامي فهم عطاء بن ابي الاسود الدؤلي ويحيى بن يعمر
البصري والرواسي والفراء ويحيى بن زياد الاقطع الكوفي قطعت يد ابيه في
وقعة فخ فسمي بالاقطع وأبو عثمان المازني وابن حمدون والمبرد وثعلبة بن
ميمون وابو القاسم الجرجي ويعقوب بن سفيان وقتيبة النحوي والسياري
والصولي وأبو جعفر اليشكري وابو جعفر النحوي الديلمي وابو علي الفارسي
والارجاني وأبن الكحوفي علي بن محمد الاسدي والاخفش الاول احمد بن
عمران بن سلامة الالهاني وزيد بن الموصل وابن أبي الازهري ومحمد بن عبد
الله الكاتب المعروف ب (المفجع) والمراغي وغيرهم الكثير من ائمة النحو
من الشيعة.
لقد اثبت المؤلف في هذا الكتاب العظيم الذي يعد آية من آيات التأليف
ان الشيعة هم اصل كل علوم الاسلام وفنونه ومصدرها ومنبعها وبين ذلك
بالدلائل والشواهد والبراهين وهو جهد عظيم يستحق ان نطأطئ له اجلالاً
وأحتراماً كما يعد كتابه القيم مفخرة من مفاخر الشيعة ومصدراً
لأعتزازهم بما توصل اليه سيدنا المؤلف من نتائج باهرة وبأدلة قاطعة لا
تقبل الشك على ان الشيعة هم منبع الاسلام واصله.
وفي النهاية لا ننسى أن نستدرك على ما جاء في هذا الكتاب القيم حول
الاوائل في علوم الاسلام وفنونه الى ان سيدنا المؤلف الجليل كان اول من
ألف في هذا المجال وكتابه لا نظير له في بابه ولم يسبقه أليه احد. |