عام على الانتخابات... ماذا انجز برلمانيو العراق؟

تحقيق: عصام حاكم

 

شبكة النبأ: نكاد أن نطفئ بعد ايام قليلة الشمعة الاولى لذكرى الانتخابات التشريعية الثانية التي جرت في الشهر الثالث للعام 2010 حيث شهدت تلك الانتخابات جدلا كبيرا وتنافسا ملحوظا ما بين الاحزاب والتشكيلات العراقية وقد جاءت نتائج ذلك الانتخاب بالتتابع وهي تشير الى تقدم القائمة العراقية ب 91 مقاعدا وتلتها قائمة دولة القانون ب89 مقاعدا ومن ثمة جاء الائتلاف الوطني العراقي ب 58 مقاعدا والقائمة الرابعة هي القائمة الكردستانية، ولسنا هنا بصدد تعداد المقاعد التي حصلت عليها الاحزاب السياسية العراقية أو رصد الساعة التي انطلقت فيها الانتخابات ولكن السؤال المطروح اليوم هو ما قدمه العضو البرلماني للناخب العراقي طيلة هذا العام بعيدا عن ما أورده المتحدث بلسان القائمة العراقية حينما قال وبالحرف الواحد بأن راتب العضو البرلماني العراقي يساوي28 الف دولار أمريكي شهريا.

عباس المالكي/أعلامي كان اول المتحدثين الينا بهذا الموضوع فقال من الخطر أن يشعر المواطنون في أي بلد أن من يمثلونهم سياسيا وإداريا، يعيشون في أبراج عاجية فلا يقاسمونهم الهم والألم، وأجد أن في العراق، اليوم طبقة سياسية تختلف عن عامة الناس، فهي مترفة ومرفهة وتتمتع بكامل الامتيازات دون سائر المواطنين، وفضلا عن ذلك فإن هذه الطبقة التي تتراوح مرتباتها بين 40 و100 مليون دينار شهريا.

ويضيف عباس قائلا لـ(شبكة النبأ المعلوماتية): وتلاحق فقراء الشعب فتهدم منازلهم بحجة التجاوز، أو تجفف منابع رزقهم الشحيحة بحجة أو بأخرى، وهذا الوضع هو بداية الطلاق بين الشعب وحكومته في أي مكان بالعالم، فضلا عن العراق الذي يمتاز شعبه بالعاطفة ويرفض الاستغلال والاستغفال.
لذا اعتقد أننا أمام معطيات تشير الى بداية تحولات جذرية في قناعات الشارع العراقي، وهي ستؤدي الى أحداث قد لا نتصورها، حيث بات غضب الشارع العراقي ينصب على جهات متعددة محلية وحكومية وحتى دينية، وهو ما يعكس حجم الألم الذي يعانيه العراقيون.
ويتابع: وإذا ارادت الطبقة السياسية أن تكون مقنعة في أدائها فعليها أتخاذ خطوات جادة بهذا الاتجاه، بعكس ما تفعله اليوم حين تدعي ان الميزانية لا تسمح بمنح المواطنين اكثر من 15 الف دينار تعويضا عن نقص البطاقة في وقت تزيد مرتبات ونثريات المسؤولين الى عشرات الملايين وبعضهم المئات من الملايين.

ينتظر العراقيون من الحكومة ان تخصص جزءا من عائدات النفط للفقراء، وان توفر غذاء يليق بالمواطنيين ضمن مفردات البطاقة التموينية، كما ينتظرون من المرجعية الدينية ان تخرج من صمتها لتقف الى جانب الشعب، لأن الشعب العراقي الذي يكن كل الاحترام للمرجعية الدينية قد يغير رأيه في لحظة ما حين لا يسمع صوتا منها يناصره.

أما بالنسبة للشيخ كريم عبد الحسين الشبلي،  فهو يرى بأن نعطى لأعضاء البرلمان فرصة أكبر كي يتضح عملهم لان الحكومة لم تتشكل لحد الان ولم يأخذ أعضاء البرلمان دورهم الحقيقي أما من حيث ما يتردد في وسائل الاعلام عن ما يتقاضاه العضو البرلماني من مكافآت ومخصصات ومنافع اجتماعية فأعتقد بأنها تكاد أن تلبي مطالب العضو الاجتماعي والسياسية والحياتية والامنية وأناشد أعضاء ذلك البرلمان الى عدم أطلاق التصريحات الرنانة كما حصل مع موضوعة البطاقة التموينية وتخدير الشعب بتلك الشعارات التي لا نستطيع تحقيقها.

الاستاذ عبد الكريم العامري باحث اجتماعي، وهو يود التعليق على ما أوردة الشيخ كريم ويعتبر ان تأخير تشكيل الحكومة وعدم ممارسة البرلمان لدوره لهو سبب كافي وحجة دامغه على عدم احقية ذلك البرلمان للمبالغ التي أستحصل عليها طيلة الاشهر الماضية كرواتب ومخصصات ومنافع اجتماعية.

ويتذرع الاستاذ عبد الكريم: بأنها ليس لها وجه حق والحكومة يجب عليها ان تفكر في كيفية استعادة تلك المبالغ لان المبالغ صرفت وفق قرار والقرار كان يعتبر هؤلاء الاعضاء موظفين في الدولة الا ان المواطن العراقي ينظر الى هذه المبالغ بانها لقاء عمل والعضو البرلماني لم يعمل طيلة الثمان اشهر فكيف يعطى الانسان اجرا مما لم يقدم خدمه ما وهنا الاشكالية وعلى المؤسسات القانونية ان تجد تخريجه مقنعه كي لا تحسب في خانة الاختلاسات والهدر في المال العام.

في حين يقول السيد عقيل الموسوي بادئ ذي بدء أتمنى ان يمنحني القارئ العزيز بعض الصبر كي أحيط بموضوعة ذكرى الانتخابات التشريعية الثانية وما قدمه أعضاء ذلك البرلمان خلال الفترة الماضية، ومن الاشياء المهمة التي أود قولها في هذا المقام هو ضرورة احاطة المسئولين علما بان المواطن العراقي البسيط هو شريك مع أي مسؤول في هرم السلطة.

ويصف الاستاذ عقيل خلا حديثه لـ(شبكة النبأ المعلوماتية): ان ذلك المواطن او الناخب أن صح التعبير هو من فوض المسؤول على أدارة شؤون البلاد والعباد، وان العمل السياسي أيه الاخوة النواب ليس مجموعة اكسسوارات وملابس فاخرة وجيش جرار من الحمايات ومن السيارات المصفحة والمدرعة، العمل السياسي بالتأكيد ليس خطابا تنظيريا أو ايجاد مصطلحات بلاغية ونحوية، فعندما نتابع أخبار ذلك البرلمان من على شاشات التلفزة المحلية نصاب بالغثيان وبالامتعاض مما يطرح في الجلسات العلنية وكأني بهم يثيرون سخرية القريب والبعيد وليس فقط المتعلم العراقي حينما يتحدثون بإسهاب وبدون كللا او ملل عن تشكيل اللجنة الفلانية التابعة الى اللجنة الفلانية وان اللجنة الفلانية يرأسها فلان وان فلان عضو في اللجنة الفلانية وهكذا دواليك على طول الجلسات التي حققها البرلماني العراقي غير المكتمل نصابه على الدوام بسبب اقامت الكثير الكثير من اعضاء ذلك البرلمان خارج العراق وهذه طامة كبرى لم تحدث حتى في دولة فلسطين غير المشكلة لحد الان.

ويتابع عقيل حديثه: والمهم اننا ومنذ عام تقريبا ولا يوجد حديث لدينا سوى عن تشكيل تلك اللجان التي لم نعرف طبيعة عملها وما قدمته لحد الان، ومن بين الاشياء الغريب التي اود ذكرها الان هو أن اغلب أعضاء البرلماني العراقي كانوا والى وقت قريب جدا ممتعضين من تصرفات الدكتاتور صدام ضد أبناء شعبنا العراقي وتلك الاسباب هي التي أعطت المشروعية لوجودهم اليوم في قبة البرلمان وسنحت في الوقت ذاته لتدخل القوات الاممية في الشأن العراقي والاطاحة بصدام، الا أن السادة اعضاء ذلك البرلمان يعيدوا نفس السيناريو على طريقتهم الخاصة حيث اعتبروا انفسهم أسياد وملوك على هذا الشعب وليس خدما له من اجل تحقيق مطالبه وحقوقه المشروعة، وهناك ثمة ادلة على ذلك القول فان البرلمان العراقي وخلال عام كامل تقريبا الا ايام معدودات فهو لم يصدر قرارا واحدا لصالح هذا الشعب في الوقت الذي حرص اعضاء المؤسسة البرلمانية على تحقيق جميع مطالبهم ومطالب جيرانهم واقربائهم واصدقائهم المادية والمعنوية.

ويستدرك الاستاذ عقيل: ليس هذا فحسب بل حتى اعضاء الحكومات المحلية شملتهم تلك العطايا السخرية وان الانباء تتحدث عن ان احد الحكومات المحلية فضلت ان تستلم بيوت مبنية وجاهزة للسكن وان قطع الاراضي ذات المواقع المهمة والاسعار الخيالية هي من حصة السادة اعضاء البرلمان العراقي شريطة ان تكون تلك القطع على ضفاف دجلة الخير ومساحتها 600 متر كي تتجول العائلة والاطفال على راحتها، غير انهم بالمقابل كانوا في غاية الجدية والحزم في تهديد المواطن العراقي بالشفلات حينما كان ينوي استغلال 50 متر ليسكن فيها هو وعائلته على الرغم من ان تلك المساحات الصغيرة غير صالحة للسكن الحيواني أساسا.

ومن هنا تكاد أن تأخذنا ذاكرة التاريخ الى الثائر جيفارا حينما سخر من اشغال منصب الوزير وفضل ان يكون مع المحرومين والمظلومين وهو القائل: أينما يوجد مظلوم فهذا وطني، ولنا الحق ان نستشهد بالزعيم غاندي محرر الهند عندما ابدى ان يستلم راتبه الشهري من الدولة الهندي كرئيس وفضله حياكة الملابس بيده ليعتاش منها وقد حياه الشاعر ببيت من الشعر حينما قال: لقد صام هنديا فجوع دولة وما ضر علجا صوم مليون مسلمي، والعلج للتنويه فقط هو الرجل المخنث.

واذا ما اتينا الى ذكر خليفة رسول الله محمد(ص) الامام علي ابن ابي طالب يوم كان خليفة للمسلمين فقد غادر قصر الامارة وبنى له بيت من سعف النخيل ليسكن فيه ويقتات على اقراص الشعير اليابسة وعندما سئل عن تصرفه هذا وهو خليفة المسلمين وبيده خزائن الدولة الاسلامية فأجاب اخشى الله سبحانه وتعالى من ان يحاسبني يوم الفزع الكبير فيما لو كان هناك فقير في الحجاز او اليمامة وانى لا علم لي به.

وفي نهاية ذلك القاء قال الاستاذ عقيل: وما اريد قوله في ختام هذا القاء المطول يجب أن يعطى المتقدم لشغل المناصب الحكومية راتبا هامشيا ورمزيا كي نضمن ساعتها بان المتقدم جاء ليخدم لا لكي يسرق قوت الناس وقوت عيالهم وانى متيقن تماما بان اعداد المتقدمين لشغل المنصب الحكومي سوف تتراجع الى ادنى مستوى وليس كما يحصل الان حيث يتدافع المرشحين كالجراد بل اكثر على شغل المناصب الحكومية.

علي حسين/ قاص حدثنا قائلا: لا يكفي أن نقول بأننا نمر في طور التكوين البرلماني لكي نبرر الاخطاء التي وقع فيها البرلمان العراقي عبر دوراته المتعاقبة بعد التغيير وصولا الى الدورة الحالية، إذ يبدو واضحا للمتابع وجود رغبة قوية لدى الكثير من اعضاء البرلمان للاستئثار بمنصبهم الحالي، واستخدامه للمنفعة الفردية والعائلية اكثر من كون النائب ممثلا للشعب ومدافعا عن حقوقهم ومشرعا للقوانين التي تحسّن حياتهم ومراقبا امينا وقويا على الاداء الحكومي اذا كان مترديا.

ويصف الاستاذ علي حسين عبيد الذي يعمل محررا في شبكة النبأ المعلوماتية: إن تجربة العراقيين مع مجلس نوابهم لم تكن كما ينبغي ان تكون، وما كان الشعب يتمنى أن يكون ممثليه على هذه الدرجة من التفضيل الذاتي، فقد حصلوا على رواتب ضخمة وامتيازات كثيرة ناهيك عن رواتب الحماية وما شابه، وكذلك الحال مع الرئاسات، إن نسبة تصل الى 20% من ميزانية الدولة للنواب والرئاسات تعد كارثة في المقاييس الاقتصادية، ولا ادري كيف ينام النائب ملء عينيه وهو يرى ويعرف بأن مئات بل آلاف العوائل تنام في بيوت الصفيح يقهرها البرد ويدمرها الجوع.

واخر ما ذكره على حسين: إن مجلس النواب العراقي مطالب أن يصحح مسيرته بسرعة، وعليه ان يوافق ويصوت فورا على تخفيض رواتبه ومخصصاته الى النصف وعليه ان يفضل الشعب على نفسه لكي يرقى لتطلعات العراقيين وآمالهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 17/شباط/2011 - 13/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م