تطور الاحداث في مصر غطت على كثير من الاخبار التي كانت منتظرة او
متوقعة الحدوث بل انها ربما قد وقعت والاهم من بينها اخبار ملك
السعودية الذي يعاني من مرض خبيث في فقراته مع كبر سنه.
تناقلت وكالات الانباء قبل يومين وفاته وسرعان ما كذبت ذلك السعودية
ولكن تكذيبهم جاء عبر كلمات يسهل قولها لانها تفتقر الى ادلة ويبقى
السؤال هل مات ام لا ؟
واقعا مهما يكن الحال فهو اشبه بالميت طالما انه لم يمارس اعماله
وكذلك ولي عهده المصاب بنفس المرض في مكان اخر من جسده ولكن لو تمعنا
جيدا حول خبر الوفاة والتكذيب ارى الكفة تميل الى وفاته والذي يدعم هذا
الراي ما جرى في مصر.
المعلوم ان مصر والسعودية على المستوى السياسي والاقتصادي هما جناحا
امريكا في المنطقة، وما حدث في مصر فانه بعثر الاوراق الامريكية والتي
تعمل على اعادة ترتيبها وقد تتمكن من ذلك الا ان الفترة الزمنية
لبعثرتها ومن ثم اعادتها لا تسمح بان تتبعثر اوراق مائدة اخرى المتمثلة
بالمائدة السعودية، ويذكر من يتابع الشأن السعودي بان الصراعات داخل
العائلة على اوجها فان القلاقل كانت حاضرة في البيت السعودي منذ ان
اعلن مرض مليكهم فإن أحاديث وراثة العرش تتزايد، في ظل صراعات خفيّة
بين الجناحين الرئيسيين، أي جناح الملك والجناح السديري، والفروع
المشتقّة من الأخير (آل سلطان، آل نايف، آل سلمان).
قد تكون قرارات الملك العاجلة قبل سفره بأيام قليلة بإقالة الأمير
بدر بن عبد العزيز، الإبن العشرين من أبناء الملك عبد العزيز، من منصب
نائب رئيس الحرس الوطني، وتعيين إبنه الأمير متعب، الإبن الأكبر للملك،
رئيساً للحرس الوطني بمرتبة وزير دولة في مجلس الوزراء، ومدّد فترة
خدمة السفير عادل الجبير، المقرّب من الملك، والتمديد أيضاً للمفتي
العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ لأربع سنوات أيضاً، مؤشرات
لافتة على أن الصراع على السلطة قد دخل مرحلة حرجة.
هذه الصراعات داخل العائلة المالكة مع تملق اطرافها لكسب الود
الامريكي لا زال قيد التأرجح ولو اعلن وفاة الملك في هذه الفترة التي
رحل بها مبارك فان الاوراق السعودية قد تختلط مع المصرية قبل ترتيبها
وعندها تكون النتائج المترتبة على خبر وفاة ملك السعودية في غير صالح
امريكا، وتاكيدا لما ذكرناها فقد اذاعت الوكالات الخبرية خبر اعتقد انه
مفبرك مفاده ان اوباما هاتف ملك عبد الله لمناقشة وضع مصر وهذا الخبر
لم يعلنه الا من له علاقة في هذه الازمة ليؤكد الخبر وفاته اكثر من
حياته، وكما ذكرت ان خبر تكذيب وفاته لم ياتي بمصداق لذلك لانهم اعلم
بان الامور سوف تسير الى اسوء في حالة وفاته.
الحقيقة ان الامور سارت الى اسوء داخل العائلة المالكة لان الملك
حتى وان كان على قيد الحياة فهو اشبه بالجسد المغمى عليه وحركته بقدر
الشهيق والزفير، ولكنهم يحاولون تدارك الموقف واظهار صورة الطبيعية على
مجريات الامور وهذا بعيد كل البعد عن الحقيقة.
في موقع الحجاز المعارض ذكر بان `التنافس بين الأجنحة الرئيسية أخذ
وتيرة تصاعدية، حيث بدأت عمليات تعزيز المواقع، والتأهب لاستغلال الفرص
مع أي طارىء جديد. من وجهة نظر البعض، أن الملك هو من أسس لانتقال
السلطة الى الجيل الثالث بعد تعيينه إبنه متعب رئيساً للحرس الوطني
خلفاً لوالده، وهي المرة الأولى في تاريخ العائلة المالكة التي يتنازل
فيها أحد الشخصيات الكبيرة والقوية عن منصبه لإبنه، وهي خطوة يتوقّع أن
يقدم عليها الأمير سلطان والأمير نايف في حال ضمنا انتقال السلطة
بسلاسة إليهما، وخصوصاً الأمير نايف الذي لن يتخلى عن منصبه كوزير
للداخلية مالم يطمئن إلى حسم منصب ولي العهد.
وبالرغم من أن الأمير نايف ترأس اجتماع مجلس الوزراء أكثر من مرة
منذ غياب الملك، كما مثّل المملكة في قمة مجلس التعاون الخليجي، وبعث
برسائل متوالية للأميركيين عبر الإعلان عن القبض على شبكات من عناصر
القاعدة، واكتشاف مخطّطات لقتل الدبلوماسيين الأجانب، وتفجير المنشآت
الحيوية، واغتيال الاعلاميين والمسؤولين، بأنه الأقدر على ضبط الأمن
والحفاظ على المصالح الحيوية للغرب في البلاد، إلا أن الأميركيين
أبلغوا الأمير نايف صراحة بأنهم لن يتدخلوا في موضوع التعيين مالم يحظى
الأمير نايف على اجماع داخل العائلة المالكة.
السعودية فشلت فشلا ذريعا في سياستها الخارجية وتلقت ثلاث ضربات
قاصمة الاولى في العراق بعد ان ضخت الاموال لغرض ان يفوز مرشحها ولكنها
فوجئت بتجديد ولاية المالكي والامر نفسه في لبنان بعد ان ظنت ان الامر
حسم لحليفها الحريري جاءت الصفعة الثانية وسحب البساط من تحت قدم
حليفهم وقبل الصفعتين كانت صفعة الحوثيين الذين لقنوا السعودية درس
عسكري تأديبي، هذه الانتكاسات هي من جعلت امريكا ومن يهمه وضع العائلة
السعودية من ال سعود اعادة ترتيب اوراقهم والنظر الى المتوقع في القريب
والبعيد المدى حيث انها لاتحتمل صفعة اخرى لهذا نجد ان الحراك الساخن
داخل اروقة القصر الملكي في ذروته اذا ما اعلن وفاة الملك او على اقل
تقدير اذا ما تمكن احد الطامعين بالملوكية من استخدام ما يملك من قوة
عسكرية وتحالفية في المنطقة وخارج المنطقة بان يتربع على العرش.
السعودية مقبلة على متغيرات كبيرة وسريعة، أمر لا ريب فيه، بحكم
قانون الطبيعة قبل أي قوانين أخرى سماوية وأرضية، فغياب الكبار عن
الحياة السياسية سيكون خبراً متوقّعاً في أية لحظة، ولا يفوتنا ان نذكر
ان هنالك لاعب اساسي في هذه اللعبة هو بندر بن ولي العهد العليل سلطان
الذي عاد اثر عفو ملكي عنه صاحب فضيحة رشاوى صفقة اليمامة، ولعل عودته
جاءت للحيلولة دون استحواذ نايف السديري على ولاية العهد او حتى العرش. |