الجمعة 11 فبراير 2011 مؤتمر القمة الإسلامية الذي عُقِد في ماليزيا
عام 2003 تبنى «مشروع رؤية العالم الإسلامي للعلوم والتكنولوجيا»؛ بهدف
تنشيط حركة البحث العلمي والابتكارات في العالم الإسلامي.
وجاء مؤتمر مكة عام 2005 ليدعم نفس الرؤية، فتبنى الخطة العشرية،
وشكّل لهذا الغرض لجنة خاصة سُمِّيت باللجنة التنفيذية للتعاون العلمي
والتكنولوجي (كومستيك). وبعد سلسلة اجتماعات، تبنت اللجنة في اجتماعها
الرابع عشر الذي عُقِد في إسلام آباد مشروع «الأطلس للابتكارات
العلمية».
الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي (أكمل الدين أوغلو) صرّح
قبيل الاجتماع أن «حجم الإنفاق على البحث العلمي في العالم الإسلامي قد
تضاعف». تصريح أوغلو يبشر بخير، إلا أن الأرقام تشير إلى أن قطار البحث
العلمي في عالمنا العربي والإسلامي يسير ببطء شديد في ظل التنافسية،
وتسابق الكثير من الدول على الإنفاق في هذا المجال الحيوي الذي يحدد
مستقبل الدول والشعوب، وخاصة في هذا العصر الذي لا يعرف إلا لغة البحث
والابتكار وسرعة الإنتاج.
الأرقام تشير إلى أن معدل الإنفاق الحكومي على مشاريع البحث العلمي
في دول العالم الإسلامي قد تضاعف ووصل إلى 0.41 في المائة بعد أن كانت
نحو 0.2 في المائة. وكان المفترض من كل دولة تخصيص 1 في المائة من
إجمالي دخلها القومي لأغراض البحث العلمي، وهذا ما لم يتحقق لحد الآن.
الدراسات تشير إلى ارتفاع عدد العلماء والباحثين خلال السنتين
الماضيتين إلى 700 باحث لكل مليون فرد، مقابل 250 لكل مليون عام 2003.
علماً بأن العدد المتوسط عالمياً هو 1081 باحثًا لكل مليون فرد.
الدول العربية مجتمعة لم تستطع أن تخرج سوى 373 باحثًا لكل مليون
فرد، بينما ماليزيا وحدها استطاعت أن تخرج 470 باحثًا، ونفس العدد
تقريباً نجده في كل من إيران وتركيا.
من جانب آخر تزايدت هجرة العلماء والباحثين المسلمين إلى الغرب، وتم
اغتيال العشرات منهم من قبل جهاز الاستخبارات الصهيوني (الموساد).
العالم النووي الإيراني (مسعود علي محمدي) الذي اُغتيل قبل شهر كان آخر
ضحايا (الموساد)، وفي العراق تم اغتيال العشرات من العلماء وأساتذة
الجامعات بطرق مختلفة. كل هذه الجرائم تؤكد أن العالم الإسلامي كان
ومازال مستهدفًا، وأن أعداء الأمة يتربصون بها من كل جانب .. إما من
خلال استنزاف مواردها وطاقاتها وأرصدتها المالية عبر صفقات شراء
الأسلحة، أو من خلال تشجيع علمائها على الهجرة إلى الغرب، أو تصفيتهم
بطريقة ما إذا بقوا في بلدانهم.
في ديسمبر الماضي كشفت مصر عن شبكة تابعة لجهاز الاستخبارات
الإسرائيلي (الموساد) تمتد أذرعها لتطال مصر وسوريا ولبنان. استطاعت
هذه الشبكة أن تجنّد ضابطًا سوريًا زوّد العميل المصري بمعلومات عن
المنشأة النووية السورية التي قصفتها الطائرات الإسرائيلية في 2007.
وفي مصر أيضًا تم اعتقال عميل يعمل لصالح إسرائيل منذ 20 عامًا، واعترف
بأن (الموساد) كان وراء قطع كابل بحري لشبكة الإنترنت قبل عدة أشهر.
وفي سبتمبر 2010 شنت جهة استخباراتية - من المرجّح أن تكون الموساد -
هجومًا إلكترونيًا على محطة (بوشهر) النووية مستخدمة الفيروس «ستوكس
نت». وقبل ذلك، وتحديداً عام 1981 قصفت الطائرات الإسرائيلية المفاعل
النووي العراقي.
الغرض من ذكر كل هذه المعلومات الخطيرة هو تحريك ضمائر أصحاب
القرار في دولنا، وتذكيرهم بأن الأمة بكل طاقاتها ومقدراتها مستهدفة،
والمتربصون بها يسعون للحيلولة دون تطوير حركة العلوم والابتكارات
وحدوث نهضة علمية وصناعية واقتصادية في العالم الإسلامي.
ونحن بدورنا نتساءل: أليس من المعيب أن تنفق الدول العربية 92 مليار
دولار في عام 2009 على الإنفاق العسكري بينما لم تصرف 1% من دخلها
القومي على البحث العلمي؟! في مصر، أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان
وعدد الجامعات، يصدر المجلس القومي للبحث العلمي تقريراً يؤكد فيه «أن
البحث العلمي يعاني من الإحباط وسوء الإدارة ومن عدم توافر الآليات
المناسبة لتسويق إنتاج المراكز البحثية ونقلها إلى مرحلة التطبيق؛ مما
يزيد من عزلتها».
ووفق تقرير اليونسكو للعلوم لعام 2010 وصل الإنفاق على البحث
العلمي في الدول العربية الآسيوية إلى 0.1 في المائة خلال السنوات ما
بين 2002 و2007، بينما وصل في إسرائيل إلى 4.8 في المائة خلال عام
2006. الصناديق والمجالس الوطنية للعلوم والتكنولوجيا التي تأسست
مؤخرًا في كل من مصر والأردن والإمارات والسعودية تعتبر في حد ذاتها
خطوات مشجعة وإن جاءت متأخرة.
ولا يسعنا إلا أن ندعو إلى التنسيق واستحداث خطط مشتركة بين منظمة
المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية، اللتين بادرتا إلى وضع
إستراتيجيات للنهوض بالعلوم والابتكارات في العالمين العربي والإسلامي.
وباعتقادي، فإن المشوار الصعب المحفوف بالتحدي يبدأ من أول خطوة. |