منابع النفط وهواجس الدول الصناعية

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: قد يظن البعض ان من يمتلك الذهب الأسود فهو بذلك يكون مرتاحا وتحل جميع مشاكله وقد يكون هذا صحيحا ولكن ليس دائما حيث انه أحيانا يعود على البلد الذي يمتلكه بمشاكل أخرى لكونه يتحكم بمسار الاقتصاد لهذه الدولة وعند رفع مستويات الإنتاج بدون ان تتم الاستفادة منه عن طريق الصفقات والاستثمارات له فأنه سيؤدي ذلك الى إضعاف الوضع الاقتصاد بالإضافة إلى هبوط قيمة العملة التي تعمل بها الدول جميعها وهي الدولار.

كما وان هذه الاختلافات والتقلبات في مستويات الاقتصاد من ناحية السوق النفطي تؤثر على الذهب العالمي الذي تتأثر بقيمته الأسواق العالمية جميعها.

6 مكامن نفطية غير مستغلة حول العالم

حيث حدد تقرير اقتصادي مجموعة من المناطق التي قال إنها قد تكون الوحيدة في العالم التي ما يزال فيها حقول نفط يمكن اكتشافها واستغلالها بعوائد مادية مجزية، وذلك في دراسة تأتي بوقت يناقش فيه الكثير من المحللين الاقتصاديين العالميين مسألة ندرة المواد الأولية والارتفاع المرتقب لأسعار النفط.

وبحسب التقرير، فإن المكسيك تقع على رأس تلك المناطق، مع احتياطيات مقدرة بأكثر من عشرة مليارات برميل، تقع نسبة كبيرة منها في خليج المكسيك، ولكن في الجانب المكسيكي منه.

وذكر التقرير أن شركة النفط الوطنية المكسيكية هي صاحبة الحق الوحيد بالوصول إلى تلك الحقول التي يقع بعض منها في شمالي البلاد أيضاً، وهي تمنع أي شركة أخرى من العمل في المكسيك، وتتمسك بقانون طرد الشركات الأجنبية الذي أقرته البلاد عام 1938.

أما المنطقة الثانية فهي "حزام أورينوكو" في فنزويلا، وفيها حقول يعتقد أنها تحتوي على أكثر من 513 مليار برميل من النفط موزعة في منطقة تتجاوز مساحتها 20 ألف ميل مربع، على ضفاف نهر أورينوكو.

وتشير الأرقام الرسمية الفنزويلية إلى أن البلاد تعتقد بأن الاستثمار في هذه الحقول سيزيد الإنتاج اليومي لكاراكاس بواقع 400 ألف برميل، بحلول عام 2016. وتقع المنطقة الثالثة في البرازيل، وتحديداً في حوضي "سانتوس وكامبوس" حيث تتواجد حقول يعتقد أن فيها كميات تعادل 123 مليار برميل من النفط غير المستخرج حتى الآن.

وتقع هذه الاحتياطيات تحت طبقة ملحية وصخرية موجودة على بعد ميل واحد من قاع المحيط الأطلسي، ورغم أن التقديرات الأولية للكميات الموجودة لا يتجاوز 50 مليار برميل، لكن الخبراء على ثقة بأنها تقديرات متحفظة. ويعتبر العراق رابع الأماكن المثالية للعثور على حقول غير مكتشفة بعد، إذ يعتقد أن الحقل العملاق الجنوبي الذي تجري دراسته في جنوبي البلاد يضم ما بين 45 و100 مليار برميل. بحسب وكالة انباء السي ان ان.

ويبرز بعد العراق حقل كاشاغان الكازاخستاني، والذي يعتقد أنه يضم أكثر من 11 مليار برميل، ما يجعله ضمن أكبر خمسة حقول نفط عالمية، ولدى البلاد أيضاً حقول موجودة تحت بحر قزوين، ولكن المخزونات التي فيها من النوع الثقيل المشبّع بالكبريت، رغم أن الكميات المقدرة قد تصل إلى 14 مليار برميل في هذه الحقول. أما المنطقة الأخيرة على صعيد الثروات النفطية الممكنة فتقع في السواحل الغربية لأفريقيا، وتحديداً قبالة شواطئ غانا، حيث حقل "جيبيلي" الذي يعتقد أنه يضم 1.8 مليار برميل.

نضوب النفط

ونبقى مع الصحيفة ذاتها ولكن مع خبر اقتصادي. ففي الصفحة الاقتصادية للجارديان تورد الصحيفة خبراً عن احتمال نضوب النفط السعودي. ويتحدث الموضوع عن برقية من السفارة الامريكية في الرياض تسربت عبر موقع ويكيليكس تتخوف فيها الولايات المتحدة من ان تكون تقديرات احتياطي النفط السعودي قد ضخمت بنسبة 40 في المئة مما عليه في واقع الامر.

وتقول الصحيفة إن العديد من المحللين الاقتصاديين يتوقعون ان تقوم السعودية والدول الاخرى فى الاوبيك بضخ كميات كبيرة من النفط في حال ارتفعت اسعار. الا ان الصحيفة تورد نقلاً عن تسريبات ويكيليكس حديثاً لسداد الحسيني و هو مدير سابق لقسم التنقيب فى شركة ارامكو السعودية مع القنصل الامريكي فى الرياض في نوفمبر/تشرين الثاني 2007 قال فيه الحسيني إن حجم انتاج النفط المطلوب من ارامكو و البالغ 12 مليون و نصف المليون برميل فى اليوم كي يتم التحكم فى اسعار النفط لا يمكن تحقيقه.

شراكات وطنية ودولية

فيما أشار خبراء في قطاع النفط العالمي إلى أن هذا النشاط يشهد تبدلات كبيرة خلال الفترة الراهنة، تبرز من خلال الظهور الجديد لشركات مبنية على الاندماج بين مؤسسات نفطية دولية وأخرى مملوكة للدولة، الأمر الذي سيكون له على المدى البعيد تأثيرات لا يمكن توقعها.

فقد كان هناك زمن تسيطر فيه الحكومات على مخزونات النفط، عندما بدأت منظمة الدول المنتجة للنفط "أوبك" بالظهور انتبه العالم إلى أهمية شركات النفط الوطنية التي تمتلك اليوم معظم مخزونات العالم.

وقد تمكنت الشركات الوطنية من الاستفادة من قدرات الشركات العالمية بفعل فرض شروطها، ودفع ذلك تلك الشركات إلى التطور مع الوقت بحيث باتت تمتلك خدمات متكاملة، وبرز بالتالي دورها كما في روسيا والصين.

ولكن أيان أرمسترونغ من شركة بريون دولفين الاستشارية المالية لفت إلى سبب ظهور شراكات بين الطرفين قائلاً: "الشركات الوطنية الصينية والروسية تنتج الكثير من الأموال، ولكن المشكلة أنهم يعجزون عن استثمارها بالسرعة الكافية، لذلك يقومون بالاستعانة بطرف ثالث."

وبالفعل فإن آثار هذه الشراكات بدأت تظهر للعيان، مثلاً باتت شركات برازيلية تحتل المرتبة الرابعة في العالم على صعيد خبرات التنقيب تحت البحر، أما "بترونوس" الماليزية فهي من بين أكبر شركات إنتاج الغاز المسال في العالم. أما شركة CNPC الصينية فقد تمددت في كازاخستان وأفريقيا، وكذلك "سينوك" الصينية الحكومية التي دخلت مجال الاستثمار في كندا وحتى في ولاية تكساس الأمريكية. بحسب وكالة انباء السي ان ان.

ولكن هذه الشركات تمتاز بأنها تنافس الشركات العالمية، ولكنها تتعاون معها في الوقت عينه، كما يحصل مع "ايني الإيطالية." وفي هذا السياق، قال كلوديو ديسكالزي، مدير العمليات في ايني، بحديث لبرنامج : "الشركات الصينية مملوكة للحكومات لكنها قوية ومستقلة ولديها قدرات مالية ولذلك نقوم بشراكات معها."

أما شكري غانم، أمين لجنة إدارة المؤسسة الليبية للنفط، فقال: "هناك توجه للدمج بين الشركات الوطنية والعالمية، وبعض الشركات الوطنية باتت مطروحة في البورصات وهناك تعاون متزايد بين الجانبين سيظهر في السنوات العشر المقبلة."

ويرى الخبراء أنه مع تراجع حجم مخزونات النفط العالمية وندرة الاكتشافات الجديدة وارتفاع تكاليف الإنتاج، فمن المتوقع أن تتجه الشركات الوطنية والدولية إلى المزيد من التعاون والاندماج مع الوقت.

وصول النفط الى مئة دولار يضر

بينما تبدو بريطانيا وأضعف اقتصادات أوروبا هي الاكثر عرضة للتضرر من ارتفاع أسعار النفط التي اقتربت من مئة دولار للبرميل والتي تهدد الانتعاش الوليد.

فارتفاع تكاليف كل شيء من البنزين الى وقود التدفئة ووقود الطائرات ونطاق واسع من المنتجات ذات المكون النفطي يشكل عبئا على النمو في وقت تبدو فيه افاق النمو ضعيفة للغاية في هذه الدول.

وفي حين لا يتوقع سوى قله من الاقتصاديين أن تعود أسعار النفط للارتفاع لمستواها القياسي البالغ 147 دولارا للبرميل الذي سجلته في 2008 -بسبب وفرة الطاقة الانتاجية غير المستغلة لدى المنتجين- فان أسعار النفط تشكل بالفعل خطرا على الاقتصاد العالمي وبوجه خاص على أوروبا حتى عند مستويات أقل من ذلك بكثير.

وقالت سابين سشيل محللة السلع في ميريل لينش "كلما بلغ حجم قطاع الطاقة تسعة بالمئة من الاقتصاد العالمي دخلنا في أزمة." وأضافت "حدث ذلك في ثمانينات القرن الماضي وفي عام 2008. والان تبلغ هذه النسبة 7.8 بالمئة واذا تجاوز سعر النفط مئة دولار الى 120 دولارا للبرميل نصل الى نسبة التسعة بالمائة."

وقال بعض الاقتصاديين ان ارتفاع أسعار النفط قد يزيد الضغوط على بنك انجلترا لرفع سعر الفائدة لتعويض أثر التضخم المرتفع بالفعل. وضعف اليورو نتيجة أزمة ديون منطقة اليورو سيصعب تحمل أسعار أعلى للنفط في اقتصادات ضعيفة مثل اليونان وأيرلندا والبرتغال واسبانيا.

وعلى العكس فان سويسرا وبعض دول شرق أوروبا ستتمكن من تحمل الضغوط بسبب ارتفاع عملاتها الذي يخفف من أثر ارتفاع أسعار النفط المقوم بالدولار. وقال الان كلارك المحلل في بي.ان.بي باريبا "قبل عامين عندما كانت معدلات التضخم مرتفعة للغاية بسبب تكاليف النفط والمرافق تمكن بنك انجلترا من تجاهل ذلك."

وأضاف "لكن من الصعب للغاية تجاهلها الان في الوقت الذي تجاوز فيه التضخم الرئيسي ثلاثة بالمئة." واستندت أحدث تقديرات بنك انجلترا للتضخم في عام 2011 الى سعر للنفط أقل من 90 دولارا للبرميل. ومؤخرا سجل سعر العقود الآجلة لمزيج برنت خام القياس الاوروبي 99 دولارا للبرميل والخام الامريكي نحو 90 دولارا وتوقع المحللون أن يبلغ سعر الخام الامريكي مئة دولار خلال الربع الأول من 2011.

ووصول سعر النفط الى مئة دولار سيزيد تضخم أسعار المستهلكين في بريطانيا بنحو نقطة مئوية وسيأتي أغلب التأثير من ارتفاع كبير في تكاليف المرافق اذ أن اسعار الغاز الطبيعي مرتبطة بسعر النفط. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وعلى العكس فان مؤشر اسعار المستهلكين في ايطاليا يتحرك بوتيرة أبطأ منها في أغلب الدول الاوروبية بسبب الاهمية غير المتناسبة للرسوم الجمركية. وأسعار الكهرباء والغاز تتحكم فيها الدولة جزئيا في حين بلغ التضخم الايطالي 2.1 بالمائة العام الماضي.

وبالنسبة لدول الاطراف الاوروبية بشكل عام لن يؤدي ارتفاع اسعار النفط الى زيادة مخاطر احتياجها لخطط انقاذ اذ ان ارتفاع التضخم قد يرفع الناتج المحلي الاجمالي الاسمي ما قد يساعد في خفض نسبة الدين السيادي الى الناتج المحلي الإجمالي. غير أنه سيقود محاولات استعادة القدرة التنافسية في دول مثل البرتغال واسبانيا.

وقال ماركو فالي كبير الاقتصاديين المختصين بمنطقة اليورو في اوني كريديت " القوة الشرائية ستنخفض وهي تعاني بالفعل من ضعف افاق نمو سوق العمل." وقال وزير الاقتصاد الالماني راينر برودرله يوم الجمعة الماضي انه لا يتوقع تهديدا مباشرا على المانيا أو أوروبا بشكل عام.

وجاء ذلك تكرارا لوجهة نظر رئيس البنك المركزي الاوروبي الذي قال ان أسعار الفائدة مازالت ملائمة على الرغم من الضغوط التضخمية ومنها ارتفاع اسعار الطاقة. وقال جوليان كالو الاقتصادي في باركليز كابيتال ان الناتج المحلي الاجمالي لمنطقة اليورو قد ينكمش بمقدار 0.2 بالمئة اذا بقيت اسعار النفط عند مستوياتها الراهنة.

وأضاف "غير أننا من المستبعد أن نشهد نهاية ارتفاع الاسعار اذ ان ذلك يحدث عندما يكون هناك كساد أو تشديد كبير للسياسة النقدية وكلاهما غير متوقع في وقت قريب." ويقول الاقتصاديون ان سويسرا من بين الدول الاقل تضررا من ارتفاع أسعار النفط وشهدت البلاد ارتفاعا بنسبة 16 بالمئة في قيمة الفرنك السويسري مقابل الدولار في الاشهر الستة الماضية ومع معدل تضخم منخفض.

وقال اليساندرو بي المحلل في بنك ساراسين "الاقتصاد السويسري بالتأكيد من الاقتصادات التي تعاني أقل من غيرها." وستدعم العملات القوية بولندا والمجر وسلوفاكيا وجمهورية التشيك. وقال كون تشو المحلل في باركليز "هناك قوة دفع ايجابية قوية فيما يتعلق بالنمو خاصة في أوروبا الناشئة التي تستفيد بدرجة كبيرة من النمو الألماني."

مشترو النفط الايراني في اسيا

كما يجد معظم المشترين الكبار للنفط الايراني في اسيا طرقا لتجاوز الصعوبات التي تواجه تمويل تجارة النفط ويستبعدون تأثر الامدادات في 2011 بشكل كبير بعد انخفاضها في العالم الحالي وذلك رغم نزاع حول طرق السداد يهدد بوقف المبيعات للهند.

وايران هي ثاني أكبر مصدر للنفط في منظمة أوبك وترسل نحو ثلاثة أرباع صادراتها التي تبلغ مليوني برميل يوميا الى اسيا. وتم تشديد العقوبات الدولية على ايران بسبب برنامجها النووي في العام الحالي لكن اجراءات الامم المتحدة لا تحظر شراء النفط الايراني. وتحظر الولايات المتحدة فقط على شركات النفط شراء الخام الإيراني.

غير أن العقوبات المفروضة على القطاع المالي جعلت كل المعاملات بما فيها تلك المتعلقة بالنفط أكثر صعوبة ومارست الولايات المتحدة ضغوطا على البلدان التي تتعامل مع الجمهورية الاسلامية لكي تكف عن تعاملاتها. وتهدد قواعد جديدة للسداد فرضتها الهند واردات النفط الايراني الى البلاد التي يبلغ حجمها 400 ألف برميل يوميا.

لكن مصادر في قطاع النفط تقول ان الصين واليابان وكوريا الجنوبية التي تشتري مجتمعة نحو مليون برميل يوميا من النفط الايراني تتوقع استمرار الشحنات كالمعتاد في العام المقبل. وقد تفاوض بعضها بالفعل بشأن عقود لعام 2011. وقال تشانغ ليو تونغ المحلل لدى فاكتس جلوبال انرجي في سنغافورة "ايران مصدر كبير جدا للنفط الخام. يستحيل تقريبا أن تكف الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية عن شراء النفط الإيراني." بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وقال مصدر في شركة نفط صينية رفض ذكر اسمه "من وجهة نظري الشخصية لا أرى أي داع لان توقف الصين تجارة النفط مع ايران.. على الاقل في الوقت الحالي لا سيما أن تجارة النفط ليست مشمولة بالعقوبات."

وقال مصدر في اس.كيه انرجي أكبر شركة تكرير كورية جنوبية "لا نرى أي أثر على واردات الخام من ايران." وتابع "رغم أنه لا يمكننا الافصاح عن حجم الواردات المتعاقد عليها لعام 2011 الا أنني يمكن أن أقول أن الواردات النفطية من ايران في العام المقبل ستستمر كما هي في العام الحالي." وقال مسئول في هيونداي أويل بنك أيضا ان حجم امدادات 2011 لن يتغير عنه في 2010.

السلع الاولية

من جانب اخر قد تبقي وفرة الإمدادات الامريكية وضعف الطلب أسعار النفط عند قاع مكاسب السلع الاولية في 2011 مما ينزل بمكانة سوق كانت تقود القطاع يوما.

وحقق النفط الخام الامريكي مكاسب بأقل من ثلاثة بالمئة هذا العام في حين صعد الذهب 20 بالمئة الى مستويات قياسية مرتفعة وتقدم النحاس 13 بالمئة. بل ان بعض الاسواق مثل القطن قفزت أكثر من 60 بالمئة.

ولا يعتقد المحللون أن حظوظ النفط ستتغير كثيرا العام القادم اذا استمر التعافي المتقطع من الازمة المالية في الولايات المتحدة أكبر اقتصاد وأكبر مستهلك للطاقة في العالم. وبلغ متوسط السعر المتوقع للخام الامريكي في استطلاع أجرته رويترز لآراء المحللين فوق 83 دولارا للبرميل في 2011 وذلك بزيادة متواضعة تبلغ سبعة بالمئة عن متوسط العام الحالي البالغ 78 دولارا ودون تغير يذكر بالمقارنة مع الاسعار الحالية فوق 80 دولارا.

انه انحدار كبير بالنسبة لسوق قفزت نحو 80 بالمئة في 2009 لتقود انتعاشا حاد في السلع الاولية بعد انهيار الاسعار جراء الازمة المالية. وبين عامي 2004 و2008 - أطول فترة طفرة للسلع الاولية - ارتفع النفط تسعة بالمئة سنويا في المتوسط.

ولكي يتحسن أداء أسعار النفط ينبغي أن تنخفض مخزونات الخام الامريكية أو أن تتحسن توقعات الطلب بفعل مؤشرات على أن مزيدا من الامريكيين يعثرون على وظائف أو أن المصانع الامريكية ترفع الانتاج. وفي الوقت الحالي تبدو سوق العمل راكدة أما الانتاج الصناعي فقد تراجع للمرة الاولى في أكثر من عام في سبتمبر أيلول.

وقال جين مكجيلان المحلل لدى تراديشن انرجي في ستامفورد بولاية كونيتيكت "الى أن ترى بالفعل علامات على أن سوق العمل تتحسن وأن الطلب الصناعي يبدأ بالتحسن فقد تستمر (الاسعار) على ما هي عليه لبعض الوقت."

وتراجع الطلب الامريكي على النفط نحو مليوني برميل يوميا منذ بلغ ذروته في 2007 ويقول محللون من بينهم ادارة معلومات الطاقة الحكومية انه قد لا يعود أبدا الى مستويات الذروة تلك مع سعي المستهلكين للاقتصاد في الوقود أو تحولهم الى بدائل أخرى. وبحسب تقرير سبندنج بلس الذي تصدره ماستركارد أدفيزورز فان الطلب الامريكي على البنزين متراجع نحو ثلاثة بالمئة على أساس سنوي.

وحدا الاداء الضعيف نسبيا للنفط والغاز الطبيعي بعض مديري الصناديق الى توجيه الزبائن الجدد صوب قطاعات غير الطاقة في مجال السلع الأولية. لسنوات كان النفط هو الخيار المفضل للباحثين عن موطئ قدم في السلع الاولية باعتباره سوق الموارد الطبيعية المتداولة الأهم في العالم. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقال مايك هينيسي العضو المنتدب في مورجان كريك لإدارة رأس المال وهو صندوق صناديق في تشابل هيل بولاية نورث كارولاينا يدير نحو عشرة مليارات دولار "مجال صناديق التحوط كان يتعلق دائما بالتنوع لكن بعض المديرين يعطون اهتماما أكبر في الاونة الاخيرة للسلع الاولية غير الطاقة."

وقال ادم سرحان من سرحان كابيتال للأبحاث في نيويورك انه ينصح العملاء بتكوين مراكز دائنة في المعادن النفيسة والسلع الغذائية أي "أشياء غير الطاقة بالأساس". وقال سميث "البن والقطن من أفضل السلع الاولية أداء منذ عام بسبب عوامل أساسية أفضل بكثير من تلك الخاصة بالنفط .. لا أعتقد أن القطن بلغ أعلى ارتفاع بعد. الانتاج في أمريكا الجنوبية تراجع 50 بالمئة على مدى الاثنى عشر عاما الاخيرة."

وتحرك النفط داخل نطاق ضيق معظم العام الحالي وذلك بين 75 و85 دولارا للبرميل منذ مايو أيار على أقرب تقدير. وأي خروج عن هذا النطاق جرى تصحيحه سريعا مما ينال من جاذبية الخام للمستثمرين الذين يبحثون عن فرص لارتفاع كبير في الاسعار أو حتى عن تقلبات حادة يمكن استغلالها لجني المال باستراتيجيات تداول ذكية.

حتى تجدد ضعف الدولار الامريكي لم يقدم دعما يذكر للنفط في 2010 رغم تراجع الدولار لتوقعات بمزيد من التيسير النقدي من جانب الولايات المتحدة لمساعدة التعافي الاقتصادي. وارتفع سعر النفط نحو ستة بالمئة منذ العاشر من سبتمبر أيلول عندما بدأ الدولار يضعف بسرعة مقابل اليورو. وقفز القطن 30 بالمئة على مدى الفترة ذاتها.

وقال انتوان هاف من نيو-ادج "اغراء النفط كأداة تحوط من ضعف الدولار ينطوي على تفاؤل معين بشأن الفرص الكامنة للنفط .. لكن في ظل سوق تحصل على امدادات جيدة جدا ونمو للطلب قد يكون مخيبا للآمال فانه يصبح من الصعب المحافظة على تلك العلاقة."

وحتى اذا صعدت أسعار النفط العام القادم فان أحدا لا يتوقع أن تقترب من مستواها القياسي الذي سجلته في 2008 عند حوالي 150 دولارا للبرميل. وقال مكجيلان من تراديشن انرجي "السوق قامت بثلاث محاولات هذا العام للارتفاع فوق 85 دولارا وفي كل مرة واجهت حائطا من المقاومة. من المرجح أن يستمر نطاق الخمسة وسبعين دولارا الى حوالي 90 دولارا حتى العام القادم .. سيكون من الصعب القفز فوق المئة دولار."

حصص الانتاج

في حين تجنبت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في اجتماعاتها الواحد تلو الآخر مناقشة مسألة قد تكون مثيرة للخلاف تتعلق بكيفية اعادة توزيع حصص مستويات الانتاج المستهدفة للمنظمة.

ولم يكن اجتماع أوبك السابع والخمسين بعد المئة الذي عقد مؤخرا في فيينا استثناء من ذلك حتى بعدما أعلن العراق أن احتياطياته أعلى بنسبة 25 بالمئة من التقديرات السابقة وهو ما دفع ايران الى تفنيد هذا الزعم لاستعادة مركزها كصاحبة ثالث أكبر احتياطيات في أوبك. ومازال العراق يجري مسوحا وقد يرفع تقديره للاحتياطيات مرة أخرى. وقالت ايران أيضا ان من المرجح أن ترفع حجم ثروتها النفطية.

وتسلط الاسئلة التالية الضوء على مسائل رئيسية.

ما أهمية مراجعة احتياطيات العراق في اطار أوبك؟

شكك المحللون مرارا في تقديرات دول أوبك لحجم احتياطياتها النفطية على أساس أن لها مصلحة في رفعها الى أعلى ما يمكن لتصير مؤهلة لحصص انتاجية أعلى. وبعد خلافات سابقة أصبح نظام المستويات المستهدفة للانتاج الحالي قائما على الانتاج الفعلي للدول الاعضاء بدلا من الاحتياطيات. غير أن زعم العراق بشأن احتياطياته يعتبر ترسيخا لمكانته مع بدء انتعاش انتاج البلاد بعد سنوات من الحرب والعقوبات.

وينبغي النظر اليه أيضا في سياق العقود المبرمة مع الشركات العالمية العام الماضي التي قد ترفع طاقة العراق الانتاجية الى 12 مليون برميل يوميا في غضون سبع سنوات مما يرفعها الى مصاف السعودية أكبر مصدر للخام.

والعراق هو الدولة الوحيدة من دول أوبك الاثنتي عشرة التي لا تلتزم بسقف إنتاج في الوقت الراهن. وقال وزير النفط العراقي انه ينبغي ألا يبدأ النقاش بشأن وضع سقف لانتاج العراق قبل أن يصل الانتاج الى أربعة ملايين برميل يوميا بحلول عام 2013 تقريبا ارتفاعا من نحو 2.5 مليون برميل يوميا في الوقت الراهن.

هل يمكن التعجيل بإثارة المسألة؟

مازال العراق يواجه تحديات ضخمة تتمثل في غياب الحكومة والمشكلات الامنية لكن الشركات العالمية تريد العمل بسرعة لتحقيق عوائد في أقرب وقت ممكن بينما يرى محللون أن استغلال بعض امكانات البلاد يمكن أن يؤثر تأثيرا كبيرا على سوق النفط.

وسار اجتماع أوبك بسلاسة نظرا لضعف الدولار الامريكي الذي يدعم سعر النفط المقوم بالدولار في الوقت الذي تدرس فيه الولايات المتحدة تحفيز اقتصادها من خلال تيسير كمي اضافي مما يعزز سوق النفط بالدرجة التي تحول دون أن يصبح انخفاض الالتزام بسقف امدادات أوبك مشكلة.

ويرى البعض أن تأثير الدولار سيواصل تعزيز أسعار النفط لكن اخرين يرون أن احتمال ضخ العراق امدادات أكثر مما تستوعبه السوق في ظل استمرار بطء الانتعاش الاقتصادي سيؤدي الى اضعاف الطلب وسيجعل مستويات المخزونات مرتفعة.

وقال ديفيد كيرش من بي.اف.سي انرجي "مسألة الاحتياطيات لم تعد مشكلة لان الحصص لم تعد تستند الى الاحتياطيات لكن العراق سيضخ بالتأكيد امدادات جديدة." وتابع "في نهاية المطاف لن يكون هناك طلب كاف لاستيعاب الانتاج الاضافي."

ما أهمية الخلافات؟

كانت التوترات بشأن الاحتياطيات وحصص الانتاج من العوامل الاضافية التي تسببت في غزو العراق للكويت في عام 1990 بعدما أدت مراجعة كبيرة لاحتياطيات الكويت الى اندلاع جولة مزايدة على حجم الاحتياطيات وأثارت غضب العراق من زيادة الامدادات الكويتية.

وعدل العراق احتياطياته مؤخرا الى 143 مليار برميل بينما عدلت ايران احتياطياتها الى 150.31 مليار برميل. وفي وقت سابق من هذا العام قالت فنزويلا ان احتياطياتها تبلغ 211 مليار برميل وقالت السعودية ان احتياطياتها تتجاوز 260 مليارا.

وتتضمن احتياطيات فنزويلا خاما ثقيلا يصعب استخراجه ويأتي انتاجها بعد انتاج كل من ايران والسعودية أكبر منتجين في أوبك في الوقت الراهن. ويختلف السياق الحالي كثيرا عما كان عليه الحال في أواخر الثمانينات لكن المحللين مازالوا يرون احتمالات للتوتر.

وبالرغم من أن الاحتمال الاكبر هو حدوث خلاف مع ايران الا أن السعودية قد تشعر بالغضب أيضا. وعندما كان العراق ملتزما بحصة انتاجية في أوبك قبل 1990 كان انتاجه مساويا لانتاج ايران لكن بغداد أوضحت عقب جولة التراخيص العالمية التي نظمت في العام الماضي ان طموحها أن تبلغ مستوى انتاج السعودية.

وقال مندوب ايران الذي يجاور مندوب العراق على طاولة اجتماع أوبك وفقا للترتيب الأبجدي للصحفيين "ليست هناك منافسة مع العراق." واستفادت السعودية من العوائد المرتفعة من أسعار النفط القوية بينما يواجه انتاج العراق معوقات بسبب الحرب وقد تقبل المملكة السماح بفترة ينمو فيها العراق بقوة بينما يبقى انتاجها مستقرا. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

لكن محللين يقولون ان من غير الواضح ان كانت السعودية ستعارض فقدان جانب من مكانتها التي تستمدها من كونها القائد الفعلي لاوبك وصاحبة طاقة انتاجية فائضة تمكنها من رفع أو خفض الامدادات الى السوق وفقا للطلب.

وقال صامويل ستشوك من اي.اتش.اس للاستشارات "نفوذ السعودية داخل أوبك وجانب كبير من مكانتها السياسية العالمية مستمد من احتفاظها بطاقة انتاجية فائضة." وأضاف "اذا حذا العراق حذوها في امتلاك طاقة فائضة كبيرة فان تأثيره العالمي على الاسعار سيقل بشكل كبير." في الوقت نفسه ستتراجع ايران الى المركز الثالث داخل أوبك بافتراض أنها حتى اذا عدلت احتياطياتها مجددا بالرفع فان انتاجها لن يرتفع بالمثل.

ما مدى اهتمام الدول الاخرى في أوبك؟

دعت دول أخرى في أوبك أيضا الى رفع حصص الانتاج. وأصدرت فنزويلا العام الماضي بيانات النفط الخام وصادرات المنتجات المكررة في محاولة لتوضيح مستويات انتاجها بعدما قالت الحكومة ان بعض المصادر تورد بيانات أقل مثل وكالة الطاقة الدولية التي تمثل البلدان المستهلكة.

ونتيجة للخلافات السابقة بشأن مستويات الانتاج التي تعلنها الدول الاعضاء فان أوبك لا تقدم بيانات رسمية للانتاج وتستخدم مصادر بديلة لمراقبة انتاجها. واجتذبت أنجولا التي تنفض عن نفسها اثار سنوات من الحرب مثل العراق شركات عالمية لتطوير حقول بحرية مرتفعة التكلفة وتحتاج الى ضخ أكبر قدر ممكن من الامدادات لتحقيق عوائد سريعة.

وتجاوز انتاج نيجيريا اثار عنف الجماعات المسلحة وهي من أبرز دول أوبك التي تتخطى سقف الامدادات. وقالت وزيرة النفط النيجيرية انها تريد أن تحصل بلادها على سقف انتاج أعلى. وتمتلك نيجيريا مثل أنجولا مشروعات مشتركة مع شركات أجنبية تحرص على تحقيق عوائد سريعة من الاستثمار وتحجم عن ابقاء طاقة انتاجية غير مستغلة.

كيف ستحسب أوبك تخفيضات الانتاج في المستقبل؟

تميل أوبك الى تجنب الافصاح عن منهجها في تحديد أهداف انتاج الدول الاعضاء لكن مندوبيها أقروا في عام 2007 بأن المنظمة تحولت الى نظام يحدد أهداف الانتاج بناء على الانتاج الفعلي بدلا من الاحتياطيات.

وقال وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني انه قد يتم تغيير النظام مجددا. وقال للصحفيين "في الماضي كانت الحصص تقوم على الطاقة الانتاجية وعلى الاحتياطيات وعلى الاحتياجات الاقتصادية للدولة. "في المستقبل.. نحتاج الى تعديل هذه المعايير وتحديد الوزن الذي نمنحه لكل من هذه المحددات."

هل يمكن ألا تثار المسألة مطلقا؟

بعد مناقشات ساخنة في الماضي أرجأت أوبك مسألة تعديل تخفيضات الانتاج أطول فترة ممكنة ويقول البعض انها قد لا تضطر الى مناقشتها مطلقا اذا زاد النمو الاقتصادي وتناقصت الاحتياطيات النفطية بأكثر مما تشير اليه مزاعم دول أوبك الطموح. ويعتقدون أن الدول داخل وخارج أوبك على السواء ستضطر الى ضخ أكبر انتاج ممكن لسد الطلب.

وقال كولين كامبل أحد أنصار نظرية الذروة النفطية التي تقول ان احتياطيات النفط التقليدية في العالم عند ذروتها "أوبك تفقد أهميتها لان الطبيعة تقوم بعملها نيابة عنها." وقال مرارا ان بيانات احتياطيات أوبك غير حقيقية. ماذا يحدث اذا أنتجت أوبك حسب رغبتها..

اذا ضخ كل المنتجين كل امداداتهم الممكنة فان هذا سيحرم أوبك التي تضخ حاليا أكثر من ثلث النفط في العالم من نفوذها العالمي. وقال ستشوك من اي.اتش.اس "سيعني ذلك فعليا أنها فقدت قدرتها على تشكيل السوق وأنها فقدت قدرتها على التحكم في الاسعار." وأضاف "لكن عندما يمتلكون طاقة انتاجية فائضة يمكنهم تقييد (الانتاج).. والتحكم في السعر العالمي."

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 15/شباط/2011 - 11/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م