تقرير شبكة النبأ الدوري حول حقوق الانسان في العراق

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تصر الحكومة العراقية على نفيها المتواصل للاتهامات التي تسوقها المنظمات الحقوقية والانسانية حول ما يتعرض له المعتقلين في سجونها من انتهاكات. وتؤكد تلك المنظمات المعنية بحقوق الانسان على التردي المستمر في العراق للحريات العامة والشخصية ايضا، بعد ما اعتبرته قرارات تعسفية بحق المواطنين تمارسها بعض الشخصيات والجهات الحكومية بغير وجه حق، وبشكل يتعارض مع الدستور العراقي الذي كان كافل في بنوده لحقوق المواطنة التي اقرت مؤخرا.

وتشير تلك المنظمات في تقاريرها المتتابعة الى ان المواطن العراقي لا يزال يعاني من تأثير الجماعات المسلحة ونفوذها المستمر بالرغم من عمليات المكافحة التي تقوم بها السلطات الامنية للحد نشاطاتها في اغلب مناطق البلاد.

فيما كان لتعثر جهود الحكومة العراقية في تحسين اوضاع النازحين داخليا والمهاجرين للخارج اثرا واضحا ممن شملتهم تلك المعاناة، خصوصا على الصعيد المعنوي والنفسي، بعد ان اشارت تقارير مفوضية اللاجئين الى الوضع الحرج الذي تمر به اعداد كبيرة من العوائل العراقية داخل وخارج العراق.

معتقلون يعانون ظروفا قاسية

فقد نفى مسؤول رفيع المستوى في وزارة العدل العراقية تقريرا لصحيفة اميركية حول معتقلين يعانون ظروفا قاسية جدا وتمنع عنهم زيارة اقاربهم ووكلاء الدفاع عنهم.

وقال وكيل وزارة العدل لشؤون السجون والمعتقلات بوشو ابراهيم ان "هذا الامر عار عن الصحة جملة وتفصيلا لا يوجد سجن كهذا في المنطقة الخضراء" الشديدة التحصين في وسط بغداد. واضاف ان "الوزارة لديها سجن واحد هو (معسكر الشرف) داخل المنطقة الخضراء وهو معروف من قبل وزارة حقوق الانسان والصليب الاحمر الدولي". واكد ابراهيم "وجود 270 معتقلا حاليا في معسكر الشرف وغالبية هؤلاء تابعين لجهاز مكافحة الارهاب وقيادة عمليات بغداد".

وقد كتبت صحيفة "لوس انجليس تايمز" ان جهازا امنيا مرتبطا برئيس الوزراء نوري المالكي يعتقل سجناء منذ اشهر في ظروف قاسية جدا ولا يسمح لأسرهم او محاميهم بزيارتهم. ونقلت الصحيفة عن مصادر رسمية عراقية ودبلوماسية قولها ان بعض هؤلاء الاشخاص معتقلون منذ عامين. بحسب وكالة انباء فرانس برس.

واضافت الصحيفة نقلا عن دبلوماسي كبير قوله انه "لا يمكن لاحد الوصول" الى المكان الذي يعتقل فيه هؤلاء السجناء. وقال المصدر انه "لا يمكن للأسر ولا للمحامين زيارة المعتقلين". لكن بوشو نفى ذلك مؤكدا ان "بإمكان عائلات المعتقلين ووكلاء الدفاع عنهم زيارتهم كما يحدث في اي سجن اخر خاضع لوزارة العدل". كما نفى ما ذكرته الصحيفة حول سيطرة المالكي على السجن.

من جهته، رفض منسق اللجنة الدولية للصليب الاحمر روبرت زيمرمان ان يؤكد ما اذا كانت اللجنة تقوم بزيارات الى السجن قائلا "لا نكشف عن الزيارات التي نقوم بها". ويقع السجن ضمن مجموعة مبان تابعة لوزارة الدفاع في المنطقة الخضراء.

وكانت منظمة العفو الدولية اعلنت منتصف ايلول/سبتمبر الماضي ان "التقديرات تؤكد وجود ثلاثين الف معتقل في العراق دون محاكمة، ولم تقدم السلطات ارقاما دقيقة حول اعدادهم". وافادت ان "حوالى عشرة الاف من هؤلاء سلمتهم الولايات المتحدة الى العراقيين في الآونة الاخيرة مع انتهاء المهمة القتالية" لجنودها مشيرة الى احتمال "تعرضهم للإساءة وانتهاك حقوقهم".

وندد "بالتوقيف غير القانوني والتعذيب والاعتقالات التعسفية التي قد تمتد لسنوات في بعض الحالات دون توجيه اتهام او المثول امام القضاء". واشار التقرير وهو بعنوان "نظام جديد والاساءة ذاتها" الى احتجاز اشخاص في "معتقلات سرية للحصول على اعترافات يتم انتزاعها بالقوة فضلا عن الاختفاء القسري". وقال مالكولم سمارت مدير المنظمة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا ان "الاجهزة الامنية العراقية مسؤولة عن انتهاك حقوق المعتقلين بشكل منهجي وتم السماح لها بذلك مع الافلات من العقاب".

حالات الاختفاء القسري

من جهتها تقول أسماء الحيدري، وهي محللة وناشطة عراقية في مجال حقوق الإنسان تعيش حالياً في عمّان، أن ظاهرة الاختفاء القسري في العراق تؤثر على جميع السكان بغض النظر عن السن أو الجنس أو العرق أو المعتقد الديني.  ويتراوح عدد المفقودين في العراق بين 250,000 وأكثر من مليون شخص، وفقاً للجنة الدولية لشؤون المفقودين IMCP.

وتجعل طول الفترة الزمنية التي وقعت خلالها حالات الاختفاء القسري في العراق، بدءاً من الحرب العراقية الايرانية (1980-1988) هذه المسألة معقدة بشكل خاص، وفقاً للمتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العراق ليال حورانية. كما يمثل الاختفاء القسري في البلاد "تحدياً كبيراً على المدى الطويل"، وفقاً للجنة الدولية لشؤون المفقودين. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

ويعرّف الاختفاء القسري في المادة الثانية من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري بأنه "الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل آخر من أشكال الحرمان من الحرية بواسطة موظفي الدولة أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصيره أو مكان وجوده والذي يضع مثل هذا الشخص خارج نطاق حماية القانون".

وقد دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في 23 ديسمبر 2010، وقبل ذلك بثلاثين يوماً، أصبح العراق الدولة رقم 20 التي تصادق عليها وذلك في 23 نوفمبر. وتنص الاتفاقية على أنه "لا يجوز إخضاع أي شخص للاختفاء القسري" وأنه "لا توجد ظروف استثنائية أياً كانت، سواء حالة حرب أو تهديد بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة طوارئ عامة أخرى، تصلح كمبرر للاختفاء القسري". كما "يرقى الاعتقال السري إلى حالة من حالات الاختفاء القسري" وفقاً لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.

لا يوجد مكان آمن

وقدم ديرك أدريانسينز، الخبير في شؤون العراق وعضو جماعة مناهضة الحرب الدولية "براسلز تريبيونيل"، عرضاً خلال مؤتمر في لندن ونظمته اللجنة الدولية لمناهضة الاختفاء (إيكاد) ركز فيه على حالات الاختفاء القسري في العراق منذ عام 2003. وقال أدريانسينز نقلاً عن الدراسات الاستقصائية التي أجرتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عام 2009، أن 20 بالمائة من النازحين داخلياً و5 بالمائة من الأسر العائدة أبلغت عن حالات فقدان أطفال.

وأضاف كذلك، أن المفوضية نشرت نتائج دراسات في عام 2009 تبين أن "العديد من المجتمعات قد أبلغت عن فقدان أفراد من أسرها - 30 بالمائة من النازحين، 30 بالمائة من النازحين العائدين، و27 بالمائة من اللاجئين العائدين - مشيرة إلى أنهم كانوا في عداد المفقودين بسبب عمليات الاختطاف والاحتجاز، وأنهم لا يعرفون ما حدث لأفراد أسرهم المفقودين".

وأفاد أدريانسينز في محاضرته: "تشير التقديرات التقريبية إلى أن عدد المفقودين بين اللاجئين والنازحين بعد عملية 'الصدمة والرعب' [العملية العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة لغزو العراق في 2003] قد بلغ 260,000 شخص، معظمها حالات اختفاء قسري".

وأضاف أنه من خلال استقراء أرقام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لتغطية العراقيين الذين لم يعانوا من التشريد، قد يبلغ العدد الإجمالي للأشخاص المفقودين منذ 2003 "أكثر من نصف مليون شخص".

لا يمكن لدولة ان تفعل ذلك

وقالت الحيدري المقيمة في الأردن أنها تعتقد أن الرقم الصحيح أعلى من تلك التقديرات، وتقدره في حدود الـ 800,000 إلى مليون شخص. وأوضحت بالقول: "لا يوجد مكان آمن في العراق، إذ يمكن أن يتم إخفاء الناس وإرسالهم إلى مراكز احتجاز غير قانونية وسرية في أي مكان في البلاد، من دون علم الأسرة أو محامي الشخص. وقد اغتيل العديد من الأشخاص ودفنوا سراً، واتهم كثيرون آخرون اتهامات ملفقة بممارسة الإرهاب".

ويقدر تقرير صدر عن منظمة العفو الدولية مؤخراً "وجود نحو 30,000 معتقل محتجزين دون محاكمة من قبل السلطات العراقية، على الرغم من أن العدد الدقيق غير معروف لأن السلطات لا تكشف عن هذه المعلومات". بالإضافة إلى ذلك، يوجد محتجزون في معتقلات سرية حيث التعذيب أمر شائع.

كما يوجد 23,000 أخرين احتجزوا في وقت سابق من قبل القوات الأمريكية دون تهمة أو محاكمة، ويجري حالياً نقلهم إلى السلطات العراقية أو الإفراج عنهم، على الرغم من أن منظمة العفو الدولية تعتقد أنه "[لا يمكن لدولة] أن تدعي أنها تعامل المعتقلين معاملة إنسانية بينما تسلمهم إلى من تعرف أنه يعذبهم، تماماً كما لا يمكنها الإفراج عنهم في مكان تعلم أنه حقل ألغام، ثم تدعي أنها لم تعد مسؤولة عن سلامتهم".

من جانبها نظرت المحكمة العليا في لندن في شهادات ل140 مدنيا عراقيا على الاقل يطالبون بفتح تحقيق رسمي شامل عن التعذيب الذي يقولون انهم تعرضوا له على يد جنود بريطانيين في العراق. وعرضت على القضاة افلام فيديو معززة بشهادات عن التعذيب في مراكز اعتقال بريطانية خلال الفترة من اذار/مارس 2003 الى كانون الاول/ديسمبر 2008.

واستنادا الى هذه الشهادات فان معتقلين عراقيين ارغموا على خلع ملابسهم والبقاء عراة بسبب عدم تعاونهم او تعرضوا لتجاوزات جنسية. واشارت شهادات اخرى الى الحرمان من المياه والطعام ومن النوم واخضاعهم لعمليات اعدام صورية.

وكان القضاء اعتبر في تموز/يوليو الماضي ان هؤلاء المدنيين العراقيين بإمكانهم اللجوء الى المحكمة العليا. وقال مقدم الشكوى الرئيسي علي زكي موسى وهو من سكان البصرة انه تعرض للضرب ولأنواع اخرى من سوء المعاملة عندما كان معتقلا لدى جنود بريطانيين عامي 2006 و2007. بحسب وكالة انباء فرانس برس.

ومن المقرر ان تستغرق الجلسة ثلاثة ايام تحدد المحكمة بعدها ما اذا كان الامر يستدعى فتح تحقيق رسمي شامل عن وقائع تعذيب وهو ما تعارضه وزارة الدفاع. وقال مايكل فوردهام احد محاميي رافعي الشكاوى "توجد شهادات صادقة عن ممارسات خطيرة ولا انسانية في العديد من مراكز الاعتقال البريطانية في العراق في تواريخ مختلفة". وتساءل "هل نحن امام (ابو غريب) بريطاني؟" في اشارة الى السجن الخاضع لسيطرة اميركية والذي شهد تجاوزات وحالات تعذيب للمعتقلين.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية "انها مزاعم غير مثبتة" رافضة فتح تحقيق شامل بدعوى ان هناك بالفعل تحقيقين عن حالات خاصة اضافة الى عملية استجواب تقوم بها لجنة خاصة بهذا الامر. الا ان فوردهام محامي الطرف العراقي اعتبر ان اللجنة الخاصة ليس لديها الاستقلالية المطلوبة. وقال امام المحكمة "انهم عسكريون يحققون بشان عسكريين".

مرصد حقوقي يحمل الحكومة مسؤولية الانتهاكات

الى ذلك ذكر مرصد الحقوق والحريات الدستورية أن ما وصفها بالانتهاكات بحق السجناء والمعتقلين بلغت “ذروتها”، وتتحمل الحكومة المسؤولية عنها، مطالبا جميع المؤسسات القضائية والتنفيذية ومؤسسات حقوق الانسان بالتدخل لوقفها.

وجاء في تقرير للمرصد حول أوضاع السجناء في العراق “باتت انتهاكات حقوق السجناء والمعتقلين من قبل الجهات الحكومية أمراً مسلم به حيث اقرت القواعد النموذجية والمبادئ الاساسية لمعاملة السجناء التي تجد اساسها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية”.

واستدرك المرصد في تقريره بالقول “على الرغم من جميع الضمات الدولية والدستورية اعلاه  كشفت حوادث وقوع الضحايا من السجناء والمعتقلين بين قتيل ومصاب، والتي تمثل احدى الانتهاكات الجسيمة والمتعمدة لحقوقهم وحرياتهم كالسجون السرية التي وجدت مؤخرا وحالات التعذيب، فضلا عن تسجيل وفاة لمعتقلين اثنين في كل من سجون محافظتي الانبار وديالى وفي ظروف غامضة خلال هذا الشهر”.

وأشار التقرير إلى “حادثة وفاة سبعة معتقلين بسبب نقص الهواء أثناء نقلهم في عربتين للسجناء من سجن التاجي شمال بغداد للمثول امام لجنة تحقيق في سجن تسفيرات الرصافة والذين وجد على جثث البعض منهم اثار للتعذيب والتي تدل على تعرضهم للتعذيب في السجون سابقا  فضلا عن اصابة 15 آخرين بسبب ضيق تنفس وإعياء شديدين ورضوض في مناطق من اجسادهم نتيجة تدافع داخل تلك العربات، والذي يشير إلى مدى اهمال حقوقهم القانونية والانسانية من قبل جميع مؤسسات القضائية والتنفيذية”.

ولفت ايضا إلى “حالات التغييب والخطف للسجناء والمعتقلين في السجون السرية والذين لا تعرف عوائلهم شيئا عنهم، حيث اقيم على البعض منهم مجالس عزاء فضلا عن ازدياد الفساد الاداري والمالي داخل السجون، واستمرار عرض المتهمين في وسائل الاعلام بأوضاع مهينة لا تتفق مع حق المتهم في احترام كرامته وقاعدة إن المتهم بريء حتى تثبت ادانته”.

وحمل مرصد الحقوق والحريات الدستورية MRFC  “الحكومة العراقية كامل المسؤولية تجاه المعتقلين”، وطالب “بالتحقيق العلني في حادث وفاة سبعة معتقلين ومعاقبة المسؤولين عن هذه الجريمة سواء تمت بشكل عمدي او غير عمدي ومنع الاعتقالات العشوائية للمواطنين بشكل مطلق وتحت أية ذريعة أو حجة ما لم تكن عملية الاعتقال بموجب أمر قضائي صادر من المحاكم المختصة”. بحسب وكالة انباء اصوات العراق.

وطالب المرصد “مجلس القضاء الأعلى بالإسراع بتنفيذ مشروع التكامل العدلي الإلكتروني الخاص بتداول وتبادل المعلومات بين الجهات التنفيذية والقضائية والذي ستشارك به كل من وزارات الداخلية والدفاع والعدل وحقوق الإنسان والعمل وجهاز المخابرات والأجهزة الاستخباراتية”.

كما طالب بـ”العمل على انشاء قاعدة بيانات تابعة لوزارة العدل تتضمن أعداد المعتقلين والتهم الموجهة لهم ونشرها عبر جميع وسائل الاعلام ليتسنى لذوي المعتقلين معرفة مكان تواجدهم وتوكيل محامي للدفاع عنهم، حيث أن التحرك على السجون اصبح أمراً ملحاً في الوقت الحالي من قبل منظمات حقوق الانسان للكشف عن مصير آلاف المفقودين وآلاف الانتهاكات”.

وطالب المرصد ايضا بأن “تزود وزارة العدل نقابة المحامين العراقيين بقوائم احصائية وتفصيلية عن اعداد المعتقلين والموقوفين في اماكن الاحتجاز لدى الوزارة ليتسنى لها معرفة اسماء المعتقلين والموقوفين واماكن احتجازهم واسباب عدم الاحالة إلى المحاكم او عدم توجيه تهمة واجراء التحقيق رغم مرور سنوات طويلة على الاحتجاز للعمل على  ضمان حقوقهم المكفولة بالقواعد الدستورية”.

واخيرا طالب مرصد الحقوق والحريات الدستورية “وزارة حقوق الانسان بتفعيل وثيقة الشراكة الاستراتيجية للتنسيق في مجال مكافحة الفساد الإداري في السجون وضمان حقوق المعتقلين التي تم توقيعها مؤخرا وادخالها في اطار التنفيذ”.

العراق يغلق سجنا سريا

من جهته اعلن متحدث باسم وزارة حقوق الانسان العراقية ان سجنا سريا مارست فيه القوات الامنية عمليات تعذيب ضد معتقلين بحسب الصحافة ومنظمة العفو الدولية، اغلق منذ اكثر من مؤخرا.

وقال كامل امين "اثر شكاوى تحدثت عن سوء معاملة في سجن تابع لوزارة الدفاع، طلبنا من رئيس الحكومة ان نتمكن من دخوله للتحقيق في 30 اذار/مارس". واضاف "لقد لاحظنا حدوث انتهاكات ووافقت الحكومة على طلبنا بأقفال السجن، ولأسباب ادارية استلزم الامر 15 يوما".

وبحسب كامل امين، فقد تم الافراج عن 100 معتقل، وسلم عشرون الى السلطات في محافظة نينوى (شمال) لانهم يتحدرون منها، وتوزع الباقون في مراكز احتجاز تابعة لوزارة العدل.

ونقلت صحيفة لوس انجليس تايمز التي كشفت القضية، عن مسؤولين عراقيين قولهم ان اكثر من 100 من 431 سجينا في هذا المعتقل، تعرضوا للتعذيب. بحسب وكالة انباء فرانس برس.

واضاف امين "اثناء زيارتنا، عرض سجناء اثار تعذيب من دون التمكن حاليا من تحديد ما اذا كانت عمليات التعذيب هذه جرت في هذا السجن او في سجون نينوى التي يتحدر منها السجناء". وكشف ان ثلاثة ضباط يخضعون للتحقيق.

وكانت حسيبة حاج صحراوي المسؤولة في منظمة العفو اعربت عن اسفها وقالت "ان وجود سجون سرية يكشف ان وحدات عسكرية سمح لها في العراق بتنفيذ انتهاكات لحقوق الانسان من دون ان يكون عليها تقديم حسابات".

وقال البيان ان السجناء "تعرضوا للتعذيب بالصدمات الكهربائية والخنق بأكياس بلاستيكية والضرب. واعلن معتقلون ان رجلا توفي اثر اعمال تعذيب في كانون الثاني/يناير". وعبرت المنظمة "عن قلقها بعدما اكد رئيس الوزراء نوري المالكي ان لا علم له بالانتهاكات التي ارتكبت في هذا السجن".

ممارسات معتادة

كما قالت منظمة هيومان رايتس ووتش إن ممارسات مثل تعذيب السجناء وضربهم وهتك عرضهم كانت ممارسات معتادة في سجن غير شرعي تابع لوحدة عسكرية تحت قيادة مكتب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.

ودعت هيومان رايتس ووتش الى تحقيق شامل حول مركز الاحتجاز الذي تم الكشف عنه وأغلقته وزارة حقوق الانسان العراقية وحثت العراق على محاكمة المسؤولين. ونفى المالكي وهو شيعي أي صلة بمركز الاحتجاز الذي كان يضم أساسا سجناء من السنة من مدينة الموصل المضطربة في شمال البلاد حيث تنشط جماعات مثل القاعدة.

وأجرت منظمة هيومان رايتس ووتش مقابلة مع 42 ضمن 300 رجل كانوا محتجزين في قاعدة عسكرية في مطار المثنى القديم ببغداد بعد القاء القبض عليهم في الموصل واتهامهم بالإرهاب.

وقالت المنظمة "كانت القصص التي سردها الرجال ذات مصداقية ومتسقة. أغلب السجناء الثلاثمئة أظهروا ندوبا واصابات حديثة قالوا انها نتيجة التعذيب الروتيني والمنظم الذي تعرضوا له على أيدي المحققين في المثنى."

وقال المحتجزون ان الكثير منهم كانوا مقيدي اليدين ومعصوبي العينين وكانوا يعلقون ورؤوسهم الى أسفل. كما أن المحققين كانوا يركلونهم ويجلدونهم ويضربونهم. وذكرت المنظمة أن المحققين كانوا يغطون رؤوسهم بأكياس بلاستيكية قذرة لمنع وصول الهواء اليهم. وعندما كان المحتجزون يغيبون عن الوعي كانوا يفيقونهم بصدمات كهربائية في أعضائهم التناسلية أو في أماكن أخرى من الجسم.

وقال أحد المحتجزين وهو لواء سابق بالجيش العراقي كان يعيش في لندن لكنه عاد الى الموصل بعد احتجاز ابنه ان حراس السجن رفضوا أن يقدموا له الدواء الذي يتناوله لمرض السكري وضغط الدم المرتفع وكانوا يضربونه بقسوة. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وحكى للمنظمة أن الحراس كانوا "يوصلون الكهرباء بأعضائي التناسلية وهتكوا عرضي بعصا." وأضاف اللواء السابق وهو مقعد الان "أجبروني على التوقيع على اعتراف لم يدعوني أقرأه." وقال محتجز اخر عمره 21 عاما ان المحققين هددوا بأنهم سيغتصبون أمه وأخواته اذا لم يعترف. وخلال احدى جلسات التحقيق أجبروا محتجزا اخر على اغتصابه. وذكر محتجز اخر أن الحراس هتكوا عرضه بمسدس.

وتقول وزارة حقوق الانسان انه ألقي القبض على ثلاثة ضباط بالجيش العراقي لاستجوابهم. وهذا السجن غير مشروع لأنه غير خاضع لسلطة وزارة العدل ولعدم اخطار وزارة حقوق الانسان به. والاحوال في السجون العراقية المشروعة ليست أفضل كثيرا. ويقوم النظام القضائي على الاعتراف وليس على وجود أدلة لمحاكمة المحتجزين.

وقال جو ستورك نائب مدير الشرق الاوسط في هيومان رايتس ووتش "ما حدث في المثنى مثال على التجاوزات المروعة التي يقول زعماء العراق انهم يريدون تركها وراءهم." وأضاف "لابد من محاسبة كل المسؤولين من أعلى القيادات الى أصغرها."

وضغطت قوى غربية على العراق لتطهير سجله في مجال حقوق الانسان بالتحقيق في مزاعم التعذيب ووقف قتل النساء في جرائم الشرف وإلغاء عقوبة الإعدام. وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا والمانيا من بين الوفود التي نددت باستمرار الانتهاكات في العراق خلال مناقشة في مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة.

وقال بيتر جودرهام سفير بريطانيا لدى الأمم المتحدة في جنيف للمجلس الذي يضم 47 دولة إضافة الى مراقبين "مزاعم التعذيب هي مبعث قلق ولا يجب التسامح مع الحصانة من العقاب. نظل قلقين من مواصلة تطبيق العراق لعقوبة الإعدام ومن زيادة حالات الإعدام في العامين الأخيرين." وحث العراق على تعليق عقوبة الاعدام.

وقال السفير الفرنسي جان باتيست ماتي ان نحو 79 شخصا اعدموا شنقا في العراق العام الماضي. واضاف "زهاء 900 شخص ينتظرون تنفيذ احكام بالإعدام. فرنسا تحث العراق على البدء في طريق الغاء عقوبة الاعدام بتبني تعليق لها بأسرع ما يمكن وبتخفيف الاحكام التي صدرت بالفعل." ونددت كندا وفرنسا والمانيا بالقتل في جرائم الشرف والتي وقال مندوب المانيا مايكل كليبش انها كثيرة على ما يبدو.

واضاف "الملكية السياسية والهجمات على الصحفيين والضغط الديني تقوض حرية الصحافة في البلاد وبالتالي تفرض قيودا على حرية الرأي والتعبير." وفي خطابه تعهد العراق بتعزيز احترامه لحقوق الانسان أثناء تعامله مع " جماعات ارهابية" يتهمها بإشاعة عدم الاستقرار في البلاد. ودافعت وجدان ميخائيل وزيرة حقوق الانسان العراقية عن سجل حكومتها الذي يخضع لأول مراجعة يقــــوم بها مجـــلس حقـــــوق الانـــــسان الـتابع لـلأمم المتـحدة. بحسب وكالة الانباء البريطانية.

وقال يولي جارفيلد كوفود مندوب الدنمرك في المحادثات الجارية في جنيف "نحن قلقون بشكل خاص من الفترة القصيرة بين صدور الحكم والاعدام. كما يجب التصدي للجوء الى تعذيب المحتجزين الذي يجري على نطاق واسع بما في ذلك المحتجزات." وقالت وجدان ميخائيل ان التعذيب خلال الاستجواب منع وان عقوبة الاعدام تطبق فقط على الجرائم الكبرى مثل القتل.

وقال دوجلاس جريفيث القائم بالأعمال الامريكي في جنيف "اضافة الى ذلك نوصي بأن يواصل العراق تحسين الاوضاع في المنشات التابعة للوزارة وان يحاسب اي مسؤول عن انفاذ القانون يشتبه في تورطه في التعذيب والانتهاك والاعترافات القسرية."

كما أعربت واشنطن عن قلقها ايضا بشأن حماية الاقليات الدينية والعرقية والنساء والمثليين وحثت بغداد على حماية تلك الجماعات من "هجمات تستهدفها". وقال جريفيث انه على العراق ان ينهي "ترويع وانتهاك حقوق الصحفيين من جانب مسؤولي الحكومة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 14/شباط/2011 - 10/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م