العراق وفوضى الاعمار الوهمي

عصام حاكم

 

شبكة النبأ: أفشلت زخات المطر المتساقطة على أرض كربلاء المقدسة في اربعينية الإمام الحسين عليه السلام كل التصريحات المجانية التي كانت تتسم كعادتها بحسن الصياغات النحوية والبلاغية وهي تدخل في خانة التكنيك والتكتيك العالي الذي استندت اليه الحكومة المحلية وهي تدعم سلامة موقفها العمراني والخدمي فيما يتعلق بعمل الشركات المحلية وعزوف الشركات الاجنبية عن القدوم الى العراق تحت مسمى هشاشة الوضع الامني وغياب قانون الاستثمار، هذا مما شجع الكثير الكثير من أصحاب المال والمقاولين الاهليين غير المختصين للدخول في عملية تنفيذ المشاريع المتوسطة والكبيرة وعلى مدى السنوات الماضية التي اعقبت دخول القوات الامريكية الى العراق وفي اغلب محافظات الجنوب والوسط حيث اخذت على عاتقها مسئولية أقامت الجسور ورص الارصفة وتعبيد الطرقات الرئيسية والفرعية وتنفيذ لاسيما على صعيد تهيئة الانابيب الناقلة لمياه الامطار وانابيب الصرف الصحي ورص الطرق الجانبية وتعبيد الطرقات الفرعية والرئيسية وبناء المدارس والمستشفيات والمنشاءات والمرافق الرياضية وما الى ذلك من المشاريع الاستراتيجية العمالقة التي كان من المفترض ان تزخر بها مدينة كربلاء لمكانتها الاسلامية والسياحية. ولكن ما يعيننا الان هو اخذ راي المواطن الكربلائي بمجمل المشاريع المنفذة في المحافظة ومدى قدرة الشركات المحلية على النهوض بالواقع الخدمي، واليكم ما قاله المواطنين بهذا الخصوص.

الحقوقي حسين رعد الغزالي تحدث الينا قائلا: بما ان مدينة كربلاء هي مدينة مقدسة فيجب أن تكون شوارعها أفضل الشوارع وخدماتها أفضل الخدمات لان هذه المدينة يتوافد عليها الزائرون من كافة أنحاء العالم.

ولكي نجعل خدمات كربلاء أفضل وشوارعها مثالية تعكس قدسية المدينة ومكانتها يجب أن تتولى أعمار المدينة بكاملها الشركات الاجنبية كون الشركات العراقية الخاصة أثبتت فشلها خلال السنيين الماضية، وربما يتفق معي أغلب الكربلائيين بهذا الخصوص.

 المواطن علي حسين عبيد من جهته يؤكد على ان كل مدن العراق تعاني الان من مشاريع الشركات العراقية غير المتخصصة واقول غير المتخصصة لانها فشلت فشلا ذريعا وواضحا أمام أبصار الجميع، وذلك من خلال عدم تنفيذ تلك المشاريع بالشكل المطلوب من جهة وعدم مطابقتها للمواصفات العالمية من جهة اخرى سواء كانت في مجال شبكة المجاري او المجسرات او غيرها فهذه المشاريع في اغلب الاحيان تتوقف في منتصف عملية الانجاز وبدلا من ان تكون في خدمة المواطن تصبح عبئا ثقيلا عليه ومعطلا لحركته ولاعماله وكل هذا يجري أمام أنظار السادة المسئولين الذين فضلوا الصمت المطبق وهذا ما يثير علامة استفهام فلماذا يصمت المسئولين على هذا التلكؤ في انجاز المشاريع (هل هم متواطئون مع هذه الشركات) واذا لم يكن الامر كذلك فلماذا لا تحاسب تلك الشركات على عدم التنفيذ وما تسببه من اذى للمواطن.

 أحمد السلطاني، أعلامي، يقول بالحرف الواحد: لا توجد لدينا شركات مساهمة في العراق بالمعنى الحقيقي ولا توجد شركات وطنية مع شديد الاسف وهذا مؤشر خطر ومؤشرسلبي على الحكومة مراجعة موقفها من ذلك وعلى وزارة الصناعة ووزارة الاسكان مراجعة ما يجري ووزارة البلديات هي الاخرى مدعوة لمراجعة خططها فنحن والى وقت قريب جدا كانت لدينا شركات وطنية وفيها الكثير من الامكانيات والخبرات العالية وكان لها دور كبير في تنفيذ العديد من المشاريع العملاقة في العراق مثل شركة الفاروق وشركة حمورابي وهذه الشركات كانت لها بصمه في بناء العراق وأتمنى على المسئولين وكذلك الصحافة ان تفتح تحقيق اين ذهبت هذه الشركات؟ واين ذهبت المعدات التي كانت بحوزتها؟، اما بخصوص ما نشاهده اليوم فهو لا يتعدى ستراتيجية طرح اسماء لمقاولين مبتدئين لا يجيدون فن الاعمار مع شديد الاسف وهناك تواطؤ كبير من قبل الحكومات القائمة على تنفيذ هذه المشاريع والغريب في الامر بان العطاء قد يرسي على شركة معينة تقول عن نفسها هي من الدرجة الاولى الا اننا حينما ننزل لمعاينة المشروع نجد بان هناك شركة اخرى تنفذ العمل وهي مصنفه من الدرجة الرابعة او الخامسة او حتى السادسة وهذا يعني بان المقاولة قد خضعت لسماسرة السوق وبيعة الى شركات اخرى وهذا ايضا مؤشر خطر جدا وعلى لجنة النزاهه الانتباه الى هذه المسألة، فعندما عندما ترصد الحكومة مبلغ معين لتنفيذ هذا المشروع على اعتبارات هندسية الا انها تكتشف بعد فوات الاوان بان المشاريع حصل فيها تلاعب كبير ولم تكن بمستوى ما موجود على الخرائط لذى نرى من وجهة نظرنا المتواضعة بان جميع المشاريع المنفذة من قبل الشركات العراقية الخاصة كلها غير صالحة ولا توافق الضوابط.

أنمار البصري مواطن: وهو يصف الموضوع بأنه اوسع مما نتصور فهناك قصور واضح من قبل المؤسسات الحكومية على صعيد التخطيط العمراني والقسم الموجود الان هو عبارة عن بناية لا دور لها واذا ما ساهمت بشىء فهي لا تتعدى ستراتيجية التسليم بالمخططات على الورق، اضف الى ذلك فان هيئة الاستثمار هي الاخرى دائرة مشلولة بكل ما تعني الكلمة من معنى وموظفيها ليس لهم شغل الا السفر والتنقل بين البلدان وحضور المؤتمرات علما بان الدوائر الهندسية في المحافظة لا تمتلك العناصر الجيدة والكفؤة، واذا ما حاولنا ان نضع كل تلك العناصر على الارض سنجد بان الاعمار هو مجرد تسلية وصرف للاموال ففي محافظة كربلاء على سبيل المثال تم تنفيذ مجسر من قبل شركة عراقية ما وبلغت كلفة ذلك المجسر اربعة مليارات دينار عراقي ومدة تنفيذه استغراقه اكثر من سنتين وانى متاكد بان بنفس المبلغ ونفس الوقت يتم تنفيذ اربعة جسور من قبل الشركات الاجنبية وبجودة افضل، اضف الى ذلك فان عملية تنقل المشاريع من مقاول الى اخر اصبحت شائعة ومعرفة لكل المواطنين وكنت اتمنى ان ترفع الحكومات المحلية شعار(أعمار ما وراه اعمار) ففي منطقة حي العامل على سبيل المثال هناك شارع رئيسي وهو منذ ثلاث سنوات والى الان لم يكتمل فما بين الفينة والاخرى يعاد تهيئته لأسباب هندسية فعندما يكتمل تبليط الشارع ترجع الحكومة المحلية وتدعو المقاولين لازالت التبليط واقامت مجاري وبعد فتره قليلة تطرح مزايدة او مناقصة من اجل مد انابيب الصرف الصحي وهذا دليل واضح على عدم وجود منهاج وخطط عمرانية وتخطيط سليم وكل ما يجري الان هو هدر للمال العام علما بان الشركات الاجنبية تعتمد على الية عمل حديثة وهي تاخذ بنظر الاعتبار وضع التصاميم الرئيسية موضع التنفيذ من دون الحاجة الى المخادعة والمواربة ومن ثمة الانتقال الى ما فوق الارض اضف الى ذلك فان وجود الشركات الاجنبية يساهم بحل معضلة البطالة وتشغيل اليد العاملة العراقية وتوفير الخبرات العلمية واعتقد بان الحكومات المحلية هي المعطل الحقيقي لمشروع الاستثمار ففي اوقات سابقة جاءت احدى الشركات الاجنبية الى كربلاء من اجل استثمار منطقة الرزازة ودعت الى بناء منتجع سياحيي وترفيهي يشتمل على فنادق سياحية وشقق الا ان مجلس المحافظة السابق وضع شروط تعجيزية امام تلك الشركة ليس من اجل الصالح العام بل في حدود المصالح الشخصية لاعضاء الحكومة المحلية السابقة عموما.

 الا ان الاستاذ علي فاخر وهو المدير الاداري لإذاعة كربلاء فيعتقد بأن الخلل الاساسي يكمن في تشكيلات الدولة الوزارية وخصوصا وزارة التخطيط غير المفعلة وهي لا تستقطب الخبرات العلمية من الاساتذة والمختصين في مجال التخطيط العمراني على ارض الواقع من اجل ان يلبي ذلك التخطيط عنصر اكمال البنى التحتية اولا ومن ثمة التفكير بما فوق الارض ففي فرنسا على سبيل المثال لم تزال الشوارع رغم مضى مئات السنيين صامدة ولم تتعرض للتلف او الازالة لانه التخطيط العمراني كان سليما وعلميا وقد أستحضر في الاساس حالة النمو السكاني والتطور الحضاري هذا مما جعل المدن الفرنسية في منأى عن التضحية بالمال والجهد والوقت، المهم ان الشركة المحلية غير مؤهلة في الوقت الحاضر لبناء العراق ومن الضروري الاستعانة والتعاون مع الشركات العالمية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 12/شباط/2011 - 8/ربيع الأول/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م