انتفاضات الحقوق تطيح بعروش وتهدد ما تبقى منها

 

شبكة النبأ: ادت سياسات الدول المستبدة واصرارها على استلاب الحقوق والحريات العامة من مواطنيها في اغلب بلدان الشرق الاوسط ودول شمال افريقيا الى ثورات غير مسبوقة بالاضافة الى حراك حقوقي فاعل، بات يهدد ما تبقى من الانظمة الديكتاتورية بشكل جدي.

سيما بعد عقود من الكبت والقمع التي مورست بحق الشعوب المنتفضة حاليا، بعد ان ظن رؤساء الدول ان سلوكياتهم كانت تمر على بمعاناة الامم مرور الكرام، غير مدركين ان هناك من يرصد ويتابع وينشر ما يقع من انتهاكات او مصادرة لحقوق الانسان، غير مبالية في عملها الانساني بالاعتبارات السياسية او الاقتصادية التي تراعيها معظم حكومات العالم الديمقراطي في انتقاداتها الخجولة تجاه تلك الانظمة الشمولية.

الاتحاد الاوروبي

فقد قالت منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بحقوق الانسان في تقرير ان الاتحاد الاوروبي لا يقرن أقواله بالافعال لاجبار الانظمة القمعية على احترام حقوق الانسان.

وخصت المنظمة في تقريرها السنوي الحادي والعشرين حول الحقوق في العالم بالذكر الاتحاد الذي يضم 27 دولة وحثته على دعم تصريحاته الدبلوماسية بالافعال.

وقال كينيث روث المدير التنفيذي لهيومان رايتس ووتش في بيان ان دعم الحوار والتعاون مع الانظمة القمعية يستخدم في كثير من الاحيان "كذريعة لعدم فعل شيء ازاء حقوق الانسان". وأضاف قائلا ان "حوارات الاتحاد الاوروبي "البناءة" من أبرز الامثلة الصارخة لهذا الاتجاه العالمي."

وفي تقريرها لعام 2011 أعطت المنظمة التي يقع مقرها بالولايات المتحدة مثالا بتعامل الاتحاد الاوروبي مع أوزبكستان وتركمانستان وقالت ان الاتحاد لم يمارس ضغوطا كافية على حكومتيهما للتغيير.

وتوجد في تركمانستان مخزونات هائلة من الطاقة وتوفر أوزبكستان طرقا لنقل الامدادات العسكرية للقوات في أفغانستان. والدولتان لهما سجل في استخدام القوة لقمع المعارضة.

وقالت المنظمة "على الرغم من أن اتفاقيات التعاون التي يبرمها الاتحاد الاوروبي مع الدول الاخرى عادة ما تشترط احترام حقوق الانسان فانه أبرم اتفاقية تجارية مهمة... مع تركمانستان وهي حكومة قمعية بشدة."

وتعرض جوزيه مانويل باروزو رئيس المفوضية الاوروبية لانتقادات من جماعات معنية بحقوق الانسان بينها هيومان رايتس ووتش لموافقته على لقاء رئيس أوزبكستان اسلام كريموف في بروكسل. ويشمل جدول أعمال اللقاء محادثات حول الطاقة والامن وحقوق الانسان.

وقالت المنظمة ان مصداقية الاتحاد تتوقف أيضا على اتباع نهج أكثر حسما تجاه انتهاك حكوماته نفسها للحقوق. وحثت المنظمة الاتحاد على فعل المزيد لحماية حقوق المهاجرين غير الشرعيين وتوفير ظروف لجوء أفضل والاهتمام بحقوق الانسان بشكل أكبر عند استخدام أساليب مكافحة الارهاب.

وتأمل حكومات الاتحاد الاوروبي في تغيير سياسات الهجرة بها بحلول عام 2012 لكن المناقشات تسير ببطء بسبب الخلافات العميقة حول التكاليف والمسؤوليات.

وانتقدت هيومان رايتس ووتش أيضا الرئيس الامريكي باراك أوباما لانه لم يتخذ اجراءات ملموسة ضد الانظمة القمعية لكنها قالت ان تركيز ادارته على حقوق الانسان تحسن في السنة الثانية من توليه السلطة.

تعلم درس تونس ومصر

فيما دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" حكومات دول الشرق الاوسط لتعلم الدروس من الانتفاضة في تونس ومصر وان تعمل على تحسين اوضاع الحريات فيها.

وقالت مسؤولة في المنظمة: "سيكون من الحكمة، ومن اجل بقائها واستمرارها، ان تحترم حكومات المنطقة الحقوق الانسانية لشعوبها".

واضافت ان عناصر الشرطة التونسية لا يزالون يتصرفون كما لو انهم فوق القانون، داعية الى "التخلص من كل وسائل الماضي القمعية".

ونقلت وكالة الانباء الفرنسية عن سارة وايتسون، مديرة قسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا في هيومن رايتس ووتش، قولها في بيان لها ان "عناصر الشرطة لا يزالون يتصرفون كما لو انهم فوق القانون على الرغم من رحيل زين العابدين بن علي". ورأت المسؤولة الحقوقية ان "هذه الوحشية تزيد من التوتر" بين الشرطة والمحتجين.

واعتبرت ان "عنف الشرطة الاخير ضد المتظاهرين في تونس العاصمة يؤكد حاجة حكومة تونس الانتقالية للقطيعة مع وسائل الماضي القمعية والوحشية".

واضافت المنظمة، إن التعذيب في مصر يمثل مشكلة مزمنة واعتبرت أن المطالبة بإنهاء انتهاكات الشرطة كان عنصرا مُحفزا للمظاهرات الشعبية الضخمة التي اجتاحت مصر خلال الأسبوع الماضي.

وأضافت المنظمة في تقرير لها أن محاكمة المسؤولين عن التعذيب وإلغاء قانون الطوارئ "الذي يكرس ثقافة إفلات قوات الأمن من العقاب ينبغي أن تكون أولوية للحكومة المصرية".

ووثق التقرير -الذي يقع في 106 ‏صفحات- كيفية تغاضي حكومة الرئيس حسني مبارك عن إساءات الشرطة بعدم التحقيق والمقاضاة الجنائية للمسؤولين عن إنفاذ القانون المتهمين بالتعذيب، وترك الضحايا بدون علاج. بحسب الجزيرة نت.

ومن بين الحالات التي وثقها التقرير حالة الشاب خالد سعيد (28عاما) الذي تعرض للضرب حتى الموت على يد اثنين من ضباط الشرطة السريّين في أحد شوارع الإسكندرية في يونيو/حزيران الماضي، وفجرت مظاهرات في جميع أنحاء البلاد.

‏وأغلق المدعي العام التحقيق وأمر بدفن سعيد لكن تصاعد الاحتجاجات الشعبية دفع المدعي العام إلى إعادة فتح التحقيق وإحالته إلى المحكمة.

وأطلق ناشطون مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك "كلنا خالد" ساعدت في اندلاع مظاهرات حاشدة في 25 يناير/كانون الثاني الماضي.

وقال نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة جو ستورك "إن سجل الحكومة المصرية الشنيع في هذه القضية هو جزء كبير مما يُبقي الحشود في الشوارع اليوم".

وقالت المنظمة إن الغالبية العظمى من شكاوى التعذيب لا تصل المحكمة بسبب تخويف الشرطة للضحايا وللشهود الذين يتقدمون بشكاوى، وعدم ملائمة الإطار القانوني، والتأخير في إحالة الضحايا على الفحص الطبي.

وأضافت "ثمة عامل آخر هو أن الشرطة من نفس وحدة الجلاد المزعوم هي المسؤولة عن جمع الأدلة واستدعاء الشهود".

ونبهت إلى أن المسؤولين عن إنفاذ القانون بشكل روتيني وتلقائي يستخدمون التعذيب وسوء المعاملة في قضايا جنائية عادية كما في حالة المُعارضين السياسيين والمحتجزين لأسباب أمنية لانتزاع اعترافات تحت الإكراه، وانتزاع معلومات أخرى، أو ببساطة لمعاقبة معتقلين.

وقالت إن الإطار القانوني المصري فشل في تجريم التعذيب تماما تماشيا مع القانون الدولي، وهو عامل آخر يُسهم في الإفلات من العقاب.

السعودية

وفيما يخص السعودية، قالت المنظمة أن بعض السعوديين تمتعوا بقدرة محدودة على تبادل الآراء بحيوية، خلال عام 2010، حصل أغلبه على الإنترنت، غير أن الحكومة ضايقت واعتقلت المنتقدين، وتبدو التشريعات الجديدة أكثر تقييداً للاتصالات الإلكترونية.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "في عام 2010، كان بإمكان النشطاء التعبير عن آرائهم عن أوجه تقصير الحكومة، على الإنترنت، ولكن في ظل القوانين الجديدة، فإن هذا ممنوع رسمياً. هل سيقبل سعوديون اعتادوا الوصول إلى الأخبار والآراء من جميع أنحاء البلاد والعالم حقاً بهذه المحاولة الجديدة لتكميم الأفواه؟".

وكرد على توسّع تبادل الآراء عبر منتديات النقاش على الإنترنت، والمدونات، والمواقع الإخبارية، ولا سيما في عام 2010 عبر مواقع التواصل الاجتماعية مثل فيس بوك وتويتر، أصدرت وزارة الثقافة والمعلومات السعودية في 1 يناير/كانون الثاني 2011، اللائحة التنفيذية لتنظيم أنشطة النشر الإلكتروني. تُخضِع اللائحة الجديدة جميع أشكال الأخبار الإلكترونية وتبادل المعلومات للأحكام الفضفاضة الواردة في نظام الصحافة والمطبوعات لعام 2000، بما في ذلك الفرض على المنشورات الترويج للإسلام، وعدم الإضرار بالأمن القومي أو المصالح الاقتصادية، والصحة، والنظام العام، أو الإساءة إلى كرامة الأفراد.

وبموجب القواعد الجديدة، سوف يحتاج مشغلو المواقع الإخبارية، ومنتديات النقاش، والمدونات، والمواقع الشخصية، أو تلك التي تنشر المعلومات عبر الرسائل النصية للهاتف المحمول أو رسائل البريد الإلكتروني الجماعية، سيحتاجون إلى ترخيص أو تسجيل لدى الوزارة. تشدد هذه الأحكام نظام الجرائم الإلكترونية لعام 2007، الذي يفرض عقوبات جزائية قاسية على الأشخاص الذين يدانون بالتشهير بالآخرين على الإنترنت أو بإنشاء مواقع إلكترونية لا تتفق مع الإسلام.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن توافر الأخبار والمعلومات من مختلف أنحاء العالم أدى كذلك إلى زيادة الوعي بحقوق الإنسان. وقد زاد هذا الوعي إلى حد كبير منذ تولي الملك عبد الله بن عبد العزيز العرش في أغسطس/آب 2005 وإنشاءه في ذات العام هيئة حقوق الإنسان الحكومية، التي عززت حقوق الإنسان من خلال مناهج التعليم والتلفزيون.

ارتفع كذلك عدد منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية والتي ينشط معظمها على شبكة الإنترنت. لا تملك المملكة العربية السعودية قانوناً لتنظيم هذه المنظمات، على الرغم من أنها يجب أن تتقدم للحصول على تراخيص للعمل. وافق مجلس الشورى المعين، والذي يستوفي بعض وظائف البرلمان، على مشروع قانون لتنظيم المنظمات غير الحكومية عام 2007، غير أن مجلس الوزراء لم يمرره حتى الآن.

تضم المنظمات الجديدة حقوق الإنسان أولاً في السعودية، وجمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية، ومراقبة حقوق الإنسان السعودية، وصوت المرأة السعودية. رفضت الحكومة الترخيص لهذه المنظمات، رغم ذلك، اعترفت بمنظمة غير حكومية واحدة فقط، هي الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان التي تأسست عام 2004.

ومع ذلك، أصدرت المنظمات التي تنشط على الإنترنت بانتظام بيانات عن الحالات الفردية لانتهاكات حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. أدت حملة أطلقت على تويتر وفيس بوك في أكتوبر/تشرين الأول للمطالبة بإطلاق سراح امرأة سجنت لعدم طاعة والدها، إلى لفت انتباه الحكومة، مما أدى إلى إطلاق سراحها.

وواجه عدد من الناشطين في مجال حقوق الإنسان ومنتقدي الحكومة المضايقة والسجن، غالباً دون محاكمة، خلال عام 2010 لانتقاداتهم المستمرة لفشل سياسة الحكومة، بما في ذلك انعدام التسامح الديني في البلاد، ولمطالبتهم باحترام حقوق الإنسان.

ألقت السلطات القبض على الشيخ مخلف بن دهام الشمري، وهو ناشط سني في مجال حقوق الإنسان، في 15 يونيو/حزيران، بسبب مقالات كان قد نشرها على الإنترنت انتقد فيها الآراء الدينية المتطرفة، وانتقد الحكومة التي لم تحقق وعودها بتطوير البنية التحتية والسياحة. وجهت إليه تهمة "إزعاج الآخرين"، لكنه بقي في السجن لأكثر من ستة أشهر دون محاكمة.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2009، اعتقلت الاستخبارات السعودية منير الجساس، وهو ناشط في مجال حقوق الشيعة، لنشره على شبكة الإنترنت مطالب بحقوق متساوية للشيعة السعوديين، الأقلية في البلاد ذات الغالبية السنية. هو أيضاً لا يزال في السجن دون محاكمة.

أمضى هادي آل مطيف، أحد أتباع المذهب الإسماعيلي الشيعي السائد في نجران، في جنوب المملكة العربية السعودية، 18 عاماً في السجن بموجب حكم بالإعدام، إثر الإدانة بالإساءة إلى النبي محمد. في أغسطس/آب 2009 حكمت محكمة سعودية على آل مطيف بالسجن لخمس سنوات إضافية لإرساله من السجن لقناة الحرة الفضائية فيديو لنفسه يصف محنته.

وقالت سارة ليا ويتسن: "النشطاء الشجعان مثل الشمري رواد في قيادة السعوديين إلى مجتمع أكثر عدلاً وانفتاحاً. إنهم يدافعون عن كل ما هو صائب في المجتمع السعودي- كرامة واحترام جميع السعوديين- لكن الحكومة السعودية تدافع عما هو خاطئ عندما تسجن الناس لتعبيرهم عن آرائهم".

لا يستطيع النشطاء الاعتماد على الضمانات القانونية أو القضائية لحمايتهم من الاعتقال التعسفي. استثمرت المملكة العربية السعودية مليارات الريالات لتحسين نظامها القضائي منذ عام 2007، في تدريب القضاة وبناء محاكم جديدة، لكن البلاد لا تملك قانون عقوبات لتعريف الجرائم. تعتقل قوات الأمن وتسجن الأشخاص بشكل تعسفي، بما في ذلك آلاف المشتبهين المتشددين، لسنوات، ولا تزال المحاكمات غير عادلة بوضوح.

فشلت إحدى المحاولات لمساءلة قوات الأمن في 28 أغسطس/آب عندما رفض ديوان المظالم، وهو المحكمة الإدارية، دعوى قضائية ضد قوات المخابرات لاعتقالها القاضي السابق والناشط السياسي الإصلاحي سليمان الرشودي دون تهمة أو محاكمة منذ فبراير/شباط 2007.

ودعت هيومن رايتس ووتش الحكومة السعودية إلى إضفاء الطابع المؤسسي على ضمانات حقوق الإنسان للحفاظ على المكاسب التي تحققت في زيادة الوعي بحقوق الإنسان. ينبغي بصفة خاصة على المملكة العربية السعودية تكريس الحماية القانونية لحرية التعبير والتجمع السلمي، وإصدار قانون عقوبات وقانونٍ لتنظيم المنظمات غير الحكومية، بما يتفق مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتحسين المساءلة الحكومية عن انتهاكات لحقوق الإنسان.

وقالت سارة ليا ويتسن: "كل الأموال التي أنفقت على المحاكم لن تحقق العدالة طالما بقيت القوانين السعودية تعسفية نصاً وممارسةً. يتحمل الإصلاحيون الشجعان وطأة القمع دون وجود وسائل قانونية للإنصاف".

الأردن وخنق المعارضة

في سياق متصل دعا تقرير منظمة هيومان الأردن على التوقف عن خنق المعارضة والسماح للمواطنين بالتعبير عن مظالمهم بحرية.

فقالت، على الرغم من سماحها بالمظاهرات الأخيرة ضد التضخُّم والبطالة المتفشية في البلاد، فقد لاحقت السلطات (الأردنية) في عام 2010 المعارضين وحظرت التجمعات السلمية التي تُنظَّم احتجاجا على السياسات الحكومية .

وأضاف التقرير أن أشخاصا اعتُقلوا على أيدي السلطات الأردنية بسبب إهانتهم الملك عبد الله الثاني وقوات الأمن، أو لتنظيمهم تجمعات سياسية معارضة.

وتعليقا على تصريحات الملك عبد الله الأخيرة، والتي قال فيها إنه يجب الاستماع إلى كافة أفراد ومكونات المجتمع، قال الباحث المختص بالشؤون الأردنية كريستوفر ويلك: لا أعتقد أن سجن من يوجهون انتقادات مسالمة هي طريقة جيدة للاستماع إليهم .

يُشار إلى أن الأردن كان قد شهد تظاهرات خلال الشهر الجاري احتجاجا على غلاء المعيشة والسياسات الاقتصادية لحكومة رئيس الوزراء سمير الرفاعي.

فقد نظمت الحركة الإسلامية والنقابات المهنية والأحزاب اليسارية تظاهرة في العاصمة، شارك فيها قرابة خمسة آلاف شخص، وذلك على الرغم من إعلان الحكومة إجراءات جديدة لخفض الأسعار وزيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين في القطاع العام.

ورفع المتظاهرون لافتات كُتبت عليها شعارات من قبيل: لا لسياسات الإفقار والتجويع ، و نريد خبزا وحرية وعدالة اجتماعية .

وكان طلاب جامعات ويساريون ونقابيون وناشطون قد شاركوا في وقت سابق أيضا باحتجاجات شهدتها خمس مدن رئيسية هي العاصمة عمان وإربد والكرك والسلط ومعان، حيث طالب المحتجون برحيل حكومة الرفاعي.

وتُقدَّر الجهات الرسمية نسبة البطالة في الأردن، الذي يبلغ عدد سكانه حوالي ستة ملايين نسمة، بـ 14.3 بالمائة، بينما تقول مصادر مستقلة إن النسبة تصل إلى 30 بالمائة.

وأعلنت الحكومة الأردنية رصد 283 مليون دولار أمريكي لزيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين، وذلك إضافة إلى مبلغ الـ 169 مليون دولار الذي كانت قد رصدته أوائل الشهر وسط تزايد الاستياء الشعبي من تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

سوريا بين أسوأ الدول

الى ذلك قالت منظمة هيومان رايتس ووتش في تقريرها ان السلطات السورية كانت بين أسوأ منتهكي حقوق الانسان في العام الماضي فحبست محامين وعذبت معارضين واستخدمت العنف في قمع الاكراد.

ونوه التقرير السنوي للمنظمة بمحاميين هما هيثم المالح (80 عاما) ومهند الحسني (43 عاما) اللذان صدر بحقهما حكم بالسجن ثلاث سنوت لكل منهما - لانهما ضحيا بحريتيهما من أجل الدفاع عن السجناء السياسيين في سوريا.

وقالت سارة ليا ويتسون في بيان متعلق بالتقرير ان السجل الكئيب لحقوق الانسان في سوريا يقف في منطقة تركز للدول التي لديها سجلات سيئة في هذا المجال.

ويواجه محام اخر هو رديف مصطفى وهو عضو في اللجنة الكردية لحقوق الانسان اجراءات تأديبية من جانب نقابة المحامين التي تسيطر عليها الحكومة.

وقال التقرير "حتى الان رفض المسؤولون السوريون كل طلبات التسجيل لجماعات حقوق الانسان." بحسب رويترز.

ولم تعلق السلطات السورية على التقرير. وقال مسؤولون ان السجناء السياسيين في البلاد انتهكوا الدستور الذي جرى تعديله كثيرا خلال فترة حكم الرئيس الراحل حافظ الاسد من أجل ترسيخ احتكار حزب البعث للسلطة.

ويحكم حزب البعث الذي يرأسه الرئيس بشار الاسد في سوريا منذ عام 1963 اثر انقلاب عسكري. وحظر البعث المعارضة وسن قانونا للطوارئ ما زال مطبقا منذ ذلك الحين.

ويفيد التقرير بأن هيومان رايتس ووتش تلقت "تقارير موثوقا منها مفادها أن أجهزة الامن اعتقلت معارضين ومتهمين جنائيين بصورة تعسفية واحتجزتهم في معزل.. معرضة اياهم لسوء المعاملة والتعذيب".

وأضاف التقرير "توفي خمسة محتجزين على الاقل في عام 2010 من دون أن تجري السلطات تحقيقات جادة في وفاتهم."

وتعرض أكراد سوريا البالغ تعدادهم مليون نسمة من أصل 21 مليون سوري "لتمييز منهجي" بما في ذلك رفض اعطاء الجنسية لنحو 300 ألف كردي مولود في سوريا.

وأفاد التقرير أن قوات الامن أطلقت النار على حشد من الاكراد يحتفلون ببداية السنة الكردية في مدينة الرقة في شمال البلاد لتفريقهم مما أدى الى مقتل شخص واحد على الاقل.

وأضاف "لا يمكن أن تكون هناك سيادة للقانون في سوريا ما دامت أجهزة الامن المرهوبة الجانب فوق القانون."

الامارات والتضييق على الناشطين

واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش ايضا السلطات الاماراتية بالتضييق على الناشطين الحقوقيين وعلى حرية التعبير.

وقالت المنظمة في تقريرها السنوي ان حكومة الامارات منعت جمعية الحقوقيين في البلاد من المشاركة في "لقاءات خارج البلاد والغت منتديات في الداخل اعتبرتها مثيرة للجدل".

وذكر التقرير ان الرئيس السابق للجمعية، محمد المنصوري، تعرض "لمضايقات طوال سنوات" واقيل من منصبه كمستشار قانوني لحاكم راس الخيمة بعد ان انتقد "التضييق على حرية التعبير". وشارك المنصوري في المؤتمر الصحافي الذي قدمت فيه هيومن رايتس ووتش تقريرها السنوي، الى جانب المدون الاماراتي احمد منصور.

ودعا المنصوري السلطات في بلاده الى رفع حظر السفر عنه. وقال "ليس هناك قضية ضدي" مشيرا الى انه لم يتم تجديد جواز سفره منذ العام 2007. واضاف "لدي قائمة اسماء ... لن اكشف عنها" لناشطين ممنوعين من السفر.

ولا يخفي المنصوري، وهو محام، انه اسلامي من جمعية الاصلاح "المتأثرة بفكر الاخوان المسلمين" على حد قوله، واكد انه يحترم قوانين الامارات. وقال المنصوري لوكالة فرانس برس "نحن نحترم الدستور، وغيرنا لا".

اما المدون والناشط في مجال حقوق الانسان احمد منصور فقال ان حرية التعبير غير محمية في الامارات بالرغم من انه في الواقع تمكن من المشاركة في المؤتمر الصحافي. وقال في هذا السياق "هل تعتقدون انه كان يمكن ان نعقد مؤتمرا صحافيا لو لم نكن جالسين مع هيومن رايتس ووتش؟".

وبحسب هيومن رايتس ووتش، اعتقلت السلطات الاماراتية في تموز/يوليو الماضي اربعة مواطنين بعد ان حاولوا تنظيم تجمع سلمي رفضا لرفع اسعار البنزين، بينما فصل احدهم من وظيفته في القطاع العام.

الكويت تحت الهجوم

اما فيما يخص الكويت فقالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات الكويتية نفّذت حملة موسعة على حرية التعبير وحرية التجمع خلال عام 2010.

وشددت الحكومة من رقابتها على التجمعات العامة وبدأت في استخدام أساليب عنيفة للسيطرة على التجمعات. وأضافت إن على الكويت أن تسمح للنشطاء بالتجمع السلمي وأن تُسقِط قضايا أمن الدولة والتشهير الجنائي ضد النشطاء السياسيين السلميين.

وقالت سارة ليا ويتسن، "هذا العام، ارتاحت الحكومة الكويتية أكثر فأكثر في مضايقة الكويتيين الذين تجرأوا على إنتقادها. مشاهِدةً ما يحدث في شوارع مصر وتونس، على الحكومة الكويتية أن تفكّر عميقاً وبجدّية حول حرمان الناس من حقوقهم الإنسانية لجهة حرية التعبير والتجمّع."

في أبريل/نيسان، قبض رجال الأمن على 30 مصرياً من المقيمين في الكويت، كانوا قد تجمعوا في مقهى لمناقشة دعم الإصلاحي المصري محمد البرادعي، وتم ترحيلهم بإجراءات ترحيل موجزة.

وفي سبتمبر/أيلول، أصدرت وزارة الداخلية قراراً يحظر التجمعات العامة دون موافقة مسبقة. وقالت الوزارة فيما بعد أن الحظر يشمل التجمعات في الأماكن العامة، لاسيما التجمعات أمام الديوانيات أو صالونات المناقشة التقليدية الكويتية التي تنعقد في البيوت الخاصة، والتي تحصل بشكل يومي تقريباً في الكويت. انتقد نشطاء المجتمع المدني الكويتيون هذا القرار كونه يفرض قيوداً ثقيلة على حرية التجمع السلمي.

وفي ديسمبر/كانون الأول، فرّقت قوات الأمن باستخدام القوة ديوانية انعقدت لمناقشة إصلاحات دستورية في بيت نائب كويتي، هو جمعان الحربش، مما ألحق الإصابات بالمشاركين، ومنهم أربعة أعضاء في البرلمان وأستاذ قانون بجامعة الكويت، هو د. عبيد الوسمي. الصدام بين قوات الأمن والحضور أصاب المجتمع الكويتي بصدمة، وقال عدة نشطاء لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لم يشهدوا هذا المستوى من عنف الدولة في حياتهم. وقال متحدث باسم وزارة الداخلية أن الحضور خالفوا الحظر المطبق في سبتمبر/أيلول على التجمعات في الأماكن العامة عندما تجمعوا في حديقة منزل الحربش. وبعد أيام، أغلقت وزارة الإعلام مكتب قناة الجزيرة في الكويت بسبب تغطيتها للأحداث.

وقالت ويتسن: "إذا كانت الحكومة ترى تهديداً على الأمن الوطني عندما يتجمع الكويتيون في بيوتهم لمناقشة الدستور، فلديها مشكلة". وتابعت: "وكأن إسكات الكويتيين غير كافٍ، الحكومة تحاول أن تمنعهم من المشاهدة والسمع بإغلاق مكتب الجزيرة".

رغم هذه النكسات، فقد ظل النشطاء الكويتيون مصممون على المجاهرة بالتعبير عن مطالبهم بنيل الحقوق. النشطاء مثل الصحافي والمعارض محمد الجاسم، والأمين العام السابق للتحالف الوطني الديمقراطي الكويتي، خالد الفضالة، واجها إجراءات حكومية مشددة بعد انتقاد رئيس الوزراء الكويتي. تم اتهام الاثنين بالتشهير والسب والقذف، بحق رئيس الوزراء. وفي يونيو/حزيران اتهم مكتب  المدعي العام الجاسم بجرائم بحق الدولة منها "التحريض على قلب نظام الحُكم" و"المس بالذات الأميرية".

أمرت المحكمة بالإفراج عن فضالة بعد أن أمضى عشرة أيام رهن الاحتجاز، مقررة أنه احتُجز لوقتٍ كافٍ، بينما تم الإفراج عن الجاسم بكفالة. لكن في نوفمبر/تشرين الثاني، وجدت المحكمة بأن الجاسم مذنباً بالسب والقذف بناءً على مقال انتقد فيه رئيس الوزراء، فحكمت عليه بالسجن لمدة عام، تمّ تخفيضها لثلاثة أشهر في محكمة الإستئناف. وتمّ إطلاق سراح الجاسم يوم الإثنين 24 يناير/كانون الثاني، بعد أن نقضت محكمة التقض الكويتية الحكم الصادر بحقّه.

وقالت ويتسن: "القوانين التي تسجن الناس لإهانة المسؤولين الحكوميين لا مكان لها في القرن الحادي والعشرين، ولا مكان لها في الكويت". وتابعت: "على السلطات الكويتية أن تعمل على حظر قضايا التشهير الجنائية، لا أن تضع الناس في السجون لأنهم يخوضون حوار سياسي".

الحق في حرية التعبير والحق في حرية التجمع محميّان بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صدّقت عليه الكويت في عام 1996. بعض أعضاء البرلمان الكويتي دعوا إلى تعديل قانون الجزاء الكويتي بإلغاء جميع الإجراءات التي تجرّم التعبير السياسي السلمي.

ويسمح القانون الدولي للأفراد بهامش أكبر من الحرية في انتقاد المسؤولين الرسميين، ولا يطبق معايير التشهير نفسها المنطبقة على عموم المواطنين، على المسؤولين العامّين. حرية انتقاد المسؤولين، أو حتى اتهامهم بارتكاب مخالفات، جزء لا يتجزأ من محاسبة المسؤولين على أعمالهم ودعم الحوار العام، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

وأبدت الكويت التزاماً قوياً بالإصلاح في عام 2010 في مجالين هامين: حماية حقوق العمالة الوافدة وحقوق البدون (من هم دون جنسية ويطالبون بالجنسية الكويتية)، على حد قول هيومن رايتس ووتش. تعهدت الحكومة بالقضاء على نظام الكفالة القمعي وإصدار قانون عمل جديد يحمي العمالة المنزلية. كما وعدت بحلّ مشكلة البدون في الكويت، خلال السنوات الخمس المقبلة. وقالت هيومن رايتس ووتش إن التعهدات خطوة إيجابية، ودعت إلى الإسراع بالتحرك لتنفيذ الوعود في عام 2011.

وقالت ويتسن: "إصلاح نظام الكفالة يسمح لجميع العمال بالاستقالة من أعمالهم دون الخوف من عقوبات جنائية أو الاحتجاز من طرف الشرطة". وأضافت: " على الحكومة أن تسارع بإصدار قانون عمل للعمالة المنزلية، التي ظلت لمدة طويلة الفئة الأكثر عرضة للأذى، رغم دورها الهام في البيوت الكويتية".

ايران ستعدم اكثر من الف شخص

وجاء في تقرير المنظمة ان عدد الذين سيتم اعدامهم في ايران التي اثارت استياء شديدا بشنقها امرأة هولندية ايرلندية، سيبلغ الالف في نهاية 2011 اذا استمر تنفيذ الاحكام بالوتيرة نفسها، ما سيشكل رقما قياسيا.

وقالت المنظمة ان اعدام زهراء بهرامي هو المثال الاخير "للغياب الكامل للشفافية" في ايران بشأن اللجوء الى عقوبة الاعدام.

وكانت زهرة بهرامي (46 عاما) التي تحمل الجنسيتين الايرانية والهولندية اعتقلت في كانون الاول/ديسمبر 2009 بعد انضمامها الى احتجاج مناهض للحكومة بينما كانت تزور اقاربها في الجمهورية الاسلامية.

واعلنت هولندا "تجميد اتصالاتها" مع ايران اثر اعدام زهراء بهرامي الهولندية من اصل ايراني في طهران لادانتها بتهريب المخدرات، منددة ب"عمل ارتكبه نظام همجي". وطلبت ايران من هولندا عدم التدخل في شؤونها الداخلية وقالت ان الشرطة عثرت على كوكايين في منزلها.

وحسب منظمات غير حكومية، يسجل في ايران اكبر عدد من الاعدامات في العالم. وتقول منظمة العفو الدولية ان ايران اعدمت 388 شخصا على الاقل في 2009 وجاءت بعد الصين في عدد الاعدامات.

ورأت المنظمات غير الحكومية ان وتيرة تنفيذ احكام الاعدام تسارعت بشكل كبير منذ مطلع السنة في ايران.

وقالت هيومن رايتش ووتش ان 74 شخصا اعدموا في ايران منذ الاول من كانون الثاني/يناير. وحسب حصيلة اعدتها وكالة فرانس برس، بلغ عدد الذين اعدموا في الفترة نفسها 66 شخصا.

وصرحت ساره لي ويتسن، سيبلغ عدد الذين تم اعدامهم حتى نهاية العام 2011 اكثر من الف شخص".

وتابعت، ان الاعدامات "تدل على تفاقم ازمة حقوق الانسان في البلاد منذ الاقتراع الرئاسي المثير للجدل في 2009" الذي اعيد انتخاب الرئيس محمود احمدي نجاد على اثره.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 2/شباط/2011 - 28/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م