البدانة... داء ينهك الجسد ويهتك الجيب!

علي مزهر

 

شبكة النبأ: يشغل الاهتمام بصحة الانسان اكثر الدراسات العلمية التي يعكف الاطباء حول العالم على تطويرها، والوصول الى ارقى درجات النجاح في هذا المجال، فيما تعتبر البدانة الهم الأكبر في العالم اليوم.

وهي أحد العوامل الجسدية الاكثر ضررا بالصحة حسب رأي الكثير من العلماء المختصين، وتشير العديد من الدراسات العلمية الى تسبب البدانة في ارتفاع معدلات الوفيات بين الافراد، وعاملا مهما في انتشار بعض الامراض المزمنة. والتي تنامت في العديد من المجتمعات وباتت تشكل احدى الظواهر السلبية التي يتوجب مكافحتها. كما يؤكد المختصون ان العامل النفسي، العادات الغذائية الخطأ، وقلة ممارسة الرياضة لها السبب الرئيس وراء تنامي الظاهرة.

الفقر يساوي البدانة

فقد قال باحثون حكوميون في الولايات المتحدة في تقرير يتناقض مع بعض المفاهيم المتعارف عليها ان النساء الفقيرات أكثر عرضة للبدانة بينما لا ينطبق هذا على الرجال. وتوصل الباحثون الى ان الدخل لا يؤثر بشكل كبير على اصابة الرجل بالبدانة ولكن يبدو أن التعليم هو الذي يؤثر على كلا الجنسين.

وكتب الفريق من المركز الوطني لاحصاءات الصحة بين الرجال تتشابه معدلات انتشار البدانة بشكل عام لدى جميع مستويات الدخل مع ميل الى الارتفاع الطفيف لدى اصحاب الدخول المرتفعة.

والبدانة مشكلة متصاعدة لصناع السياسة الامريكيين. ويعاني ثلثا الامريكيين من الوزن الزائد او البدانة وهناك 72 مليون بالغ امريكي او 26.7 بالمئة بدناء اذ يصل مؤشر كتلة الجسم او بي.ام.اي لديهم الى 30 او أكثر.

وربطت عدة دراسات بين البدانة من جانب ومستوى الدخل والتعليم من جانب أخر. واستخدم باحثو المركز الوطني للاحصاءات الصحية بيانات دراسة محلية تشمل 5000 شخص وتجرى كل عام.

ومن بين البدناء البالغين هناك 41 بالمئة يعيشون في منازل ثرية ويحصلون على 77 ألف دولار سنويا على الاقل في اسرة من اربع أفراد أو 350 بالمئة من مستوى دخل الفقراء.

ووجدوا ان 39 بالمئة يعيشون في منازل تشكل بين 130 بالمئة و350 بالمئة من مستوى خط الفقر ويعيش 20 بالمئة في منازل أكثر فقرا مع دخول تقل عن 130 بالمئة عن مستوى خط الفقر أو 29 الف دولار لعائلة تتكون من اربعة أفراد. ووجدوا ان 33 بالمئة من الرجال الذين يعيشون في اسر ثرية تبلغ دخولها 350 بالمئة من مستوى خط الفقر بدناء مقارنة مع 29 بالمئة من الرجال الذين يعيشون على اقل من 130 بالمئة من مستوى خط الفقر.

ولكن يبدو ان الدخل يؤثر على وزن المرأة. فقد وجد الباحثون ان 29 بالمئة من النساء اللاتي يعشن في أسر ثرية بدينات ولكن ارتفعت هذه النسبة الى 42 بالمئة بين النساء اللاتي يعشن تحت مستوى خط الفقر.

والزيادة في الوزن او البدانة ترفع خطر الاصابة بمرض القلب والبول السكري وبعض انواع السرطانات والتهاب المفاصل وأكدت دراسة نشرت هذا الشهر في دورية نيو انجلند الطبية ان البالغين الذين يصل مؤشر كتلة جسمهم الى 25 أو أكثر هم أكثر عرضة للموت مقارنة مع اقرانهم من نفس العمر ولكن الاقل وزنا.

انعدام الامان الاقتصادي

 الى ذلك قال باحثون بريطانيون ان الخوف من العيش في انعدام أمان اقتصادي قد يعني زيادة فرص بدانة من يعيشون في الدول صاحبة ما يعرف باقتصادات السوق الحرة.

وفي دراسة نشرتها دورية الاقتصاد وعلم الاحياء البشري Economics and Human Biologyتوصل باحثون في جامعة أوكسفورد الى أن الامريكيين والبريطانيين معرضون للبدانة أكثر بكثير من النرويجيين والسويديين وأشاروا الى أن ضغوط الحياة في نظام اجتماعي تنافسي دون رعاية اجتماعية قوية قد يدفع الناس للافراط في في الاكل.

وقال افنر اوفر أستاذ التاريخ الاقتصادي الذي قاد الدراسة تميل سياسات تقليل معدلات البدانة الى التركيز على تشجيع الناس على الاعتناء بأنفسهم الا أن هذه الدراسة تقول ان للبدانة أسبابا اجتماعية أكبر. ربما تكون المكاسب الاقتصادية للاسواق المرنة والمفتوحة تأتي على حساب الصحة الشخصية والعامة التي نادرا ما تؤخذ في عين الاعتبار بحسب رويترز.

وتناول فريق اوفر في بحثه 11 دولة غنية ووجدوا أن الدول التي تتبنى نظام السوق الحرة بما فيه من حوافز قوية وعدم توفر رعاية اجتماعية قوية عانت من نسبة بدانة أكبر بمقدار الثلث في المتوسط.

وبمقارنة أربع دول ناطقة بالانجليزية وتتبنى اقتصاد السوق الحرة وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا واستراليا بسبع دول أوروبية غنية نسبيا وتقدم نظام حماية اجتماعية أقوى وهي فنلندا وفرنسا وألمانيا وايطاليا والنرويج واسبانيا والسويد تبين للفريق أن انعدام الامان الاقتصادي يرتبط بشكل كبير بنسب البدانة.

وقال الباحثون ان الدول التي توجد فيها مستويات أعلى من الامن الوظيفي والامان الاقتصادي ظهرت فيها معدلات أقل من البدانة.

وكان ارتفاع مستويات البدانة في المجتمعات الغنية كثيرا ما يعزى للطعام الرخيص عالي السعرات في منافذ بيع الوجبات السريعة والمتاجر الكبرى وهي الظاهرة التي تعرف باسم صدمة الوجبات السريعة لكن فريق اوفر وجد أن التأثيرات الاقتصادية لها دور أكبر في ذلك.

42 مليون طفل سمين في العالم

في سياق متصل أعلنت منظمة الصحة العالمية أن نسبة الأطفال الذين يعانون من زيادة في الوزن أو السمنة المفرطة قد زادت بنسبة 60% في العقدين الأخيرين في العالم. ووفقاً لتقارير المنظمة بلغت نسبة الأطفال الذين يعانون السمنة 4.2% في عمر تحت خمس سنوات عام 1990، وقد ارتفعت هذه النسبة إلى 6.7% عام 2010.

والشيء المؤسف هو اعتقاد الباحثين أن النسبة قد ترتفع إلى 9.1% عام 2020، والمشكلة تزداد حدتها في الدول المتقدمة عنها في الدول النامية. وتصل النسبة في الدول المتقدمة إلى 11.7% بالمقارنة بـ6.1% في الدول النامية، إلا أن النسبة قد تزيد بسرعة في المناطق النامية خلال السنوات العشر القادمة.

ومن النتائج الهامة التي أكدتها الدراسة أن شمال إفريقيا بها أعلي نسبة من الأطفال الذين يعانون السمنة 17%، وذلك لزيادة النسبة في مصر إلي 20.5% عام 2008، و22.4% في ليبيا عام 2007، وأن الأعداد الأكبر من الأطفال الذين يعانون زيادة في الوزن عام 2010 يعيشون في جنوب وسط آسيا بعدد يقارب 6.6 مليون طفل.

متوسط وزن الرجال

الى ذلك زاد متوسط وزن الرجال البريطانيين 7,7 كيلوغرامات في غضون 14 عاما في مقابل 5,4 كيلوغرامات للنساء على ما اظهرت دراسة اعدتها جامعة اكسفورد. والسبب في زيادة الوزن لدى النساء عائد فقط الى الافراط في الاكل اما لدى الرجال فالوزن الزائد عائد الى هذا السبب والى قلة الحركة والتمارين الرياضية.

واظهرت الدراسة التي اجريت بين العامين 1986 و2000 ونشرت في مجلة بريتيش جورنال اوف نوتريشن ان وزن الرجال البريطانيين زاد 4,7 كيلوغرامات بسبب الحمية الغذائية غير المتوازنة و3 كيلوغرامات بسبب قلة الحركة وممارسة الرياضة.

ولتفسير هذا النقص في الحركة، يقول بيتر سكاربورو الذي اجرى الدراسة ان الرجال يمضون القسط الاكبر من حياتهم المهنية وهم جالسون وراء مكتب. ويضيف من الواضح ان الناس يأكلون اكثر والاطعمة تتوافر بكميات اكبر واكبر بحسب فرانس برس.

ويعتبر الطبيب مايك نابتون الذي يعمل لحساب مؤسسة القلب البريطانية التي طلبت اجراء الدراسة ان قلة التمارين والافراط في تناول الاغذية يشكلان قنبلة موقوتة لصحة الرجال.

وتفيد اخر الارقام المتوافرة حول البدانة في انكلترا والتي تعد الى العام 2008 ان 25 % من الرجال في مقابل 7 % من النساء كانوا بدينيين في العام 1986-1987. وتشدد جمعية القلب البريطانية على ان البدانة تزيد مخاطر الاصابة بالسكري وامراض القلب.

تقصر العمر

على صعيد شبيه يبدو أن السمنة أو الوزن الزائد تعمل على تقصير العمر، حتى لو لم يكن المصابون بها يعانون أمراض القلب أو السرطان، وفقا لبحث تناول حالات نحو 1.5 مليون شخص.

ومن الواضح أن الوزن الزائد يمكن أن يشكل مخاطر صحية، ويسهم في حدوث حالة وفاة في عمر مبكر، إلا أنه في السنوات الأخيرة، أشارت بعض الدراسات إلى أن الوزن الزائد ليس له أي تأثير على معدل الوفيات.

إلا أن نتائج الدراسة الجديدة، التي أجراها باحثون في المعهد القومي للسرطان، ونشرت في مجلة نيو انغلاند الطبية، ينبغي أن تحسم الجدل حول العلاقة بين زيادة الوزن وخطر الوفاة المبكرة، وفقا لما يؤكده علي مقداد أستاذ الصحة العالمية في جامعة واشنطن في سياتل.

ويقول مقداد الذي درس السمنة والوفيات ولكن لم يشارك في البحث نأمل أن نتمكن من حسم الجدل والتركيز على ما يتعين علينا القيام به من أجل مساعدة الناس على العيش حياة وصحية ولمدة أطول بحسب السي ان ان.

وعمل معدو الدراسة، التي تقودها أخصائية الأوبئة الدكتورة آمي بيرنغتون، على جمع بيانات من 19 دراسة سابقة شملت 1.46 مليون من الرجال والنساء البيض الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و84 عاما.

وكان من الصعب على الباحثين تحديد العلاقة بين الوزن وخطر الوفاة بسبب أن العديد من الدراسات حول هذا الموضوع شملت المدخنين والأشخاص الذين يعانون أمراض القلب والسرطان، أو لديهم تاريخ مع السكتة الدماغية، وكلها عوامل ترتبط بكل من السمنة والوفاة المبكرة.

ومن أجل العمل على المصابين بالسمنة فقط، عمدت بيرنغتون وزملاؤها إلى استبعاد المدخنين الحاليين أو السابقين والناس الذين يعانون أمراض القلب والسرطان. يشار إلى أن ما مجموعه 160087 شخصا توفوا خلال الدراسات التي استمرت لمدة متوسطها 10 أعوام.

وكانت النساء البدينات أكثر عرضة للوفاة خلال فترة الدراسة، في حين أن النساء اللواتي يعانين البدانة المفرطة كن أكثر عرضة للوفاة بنحو مرتين ونصف، ويعد هذا النمط مماثلا بالنسبة للرجال.

الصحة والجيب

فيما ذكرت دراسة أمريكية أن الزيادة في الوزن لدى الرجال والنساء لا تؤثر فقط على الصحة، بل على ما في الجيب من نقود. وأكدت الدراسة الحديثة، أن أكثر من ثلث الأمريكيين يعانون من هذه المشكلة جراء الإصابة بالسمنة.

فبالنسبة للنساء، تصل كلفة الإصابة بالسمنة إلى ما يقرب 4879 دولار سنويا، وأما عند الرجال، فالكلفة تصل إلى 2646 دولارا سنويا، وفق للدراسة.

الدكتور أفي دور، أستاذ الاقتصاد والسياسات الصحية في جامعة واشنطن، المشرف على الدراسة، قال قارنا في الدراسة الكلفة الصحية وغير الصحية، والتي تضمنت الكلفة في الوظائف، كخسارة الراتب، وقلة الإنتاجية، والغياب المتكرر عن العمل، والزيادة في كلفة الوقود بحسب السي ان ان.

أما الكلفة الصحية، وفقا لدور، فهي تتضمن الزيارات للمستشفى، وتكاليف غرفة الطوارئ، وزيارة الطبيب، وشراء الأدوية.

ولكن السؤال هنا، لماذا ترتفع كلفة السمنة لدى النساء عن الرجال؟ والإجابة تكمن في أن السمنة لدى الرجال لا تؤثر على رواتبهم، وفقا للدكتور كريستين فيرغسون، المشاركة في الدراسة. وتضيف، أما بالنسبة للنساء فالغالبية ممن أصبن بالسمنة لا يحصلن على رواتب عالية.

غير أن الدراسة، ووفقا لدور وفيرغسون، لم تتضمن تكاليف أخرى، مثل احتياجات الثياب، أو الأطعمة، أو السيارات الأكبر حجما، لعدم توافر بيانات موثوقة في هذا الإطار. والأخبار الجيدة المتعلقة بهذا الشأن هو أن تخفيف الوزن يؤدي أيضا إلى تخفيف المصاريف، إذ أنه يؤدي إلى صحة أفضل، وإنتاجية أكثر فاعلية.

الضغوط غير مسؤولة

الى ذلك اشارت دراسة جديدة ربما لا تكون الضغوط النفسية وما تؤدي اليه من التكاسل عن أداء التمرينات الرياضية أو الميل لاكل الشوكولاتة هي المسؤول الاول.

وعلى الرغم من الاعتقاد السائد بأن الضغوط النفسية تجعل الناس يكتسبون أوزانا زائدة من خلال الاقبال على الاكلات السريعة أو تجنب التمرينات الرياضية فان دراسة جديدة أظهرت أن الضغوط تأثيرها محدود فيما يبدو في أغلب الاحيان على المدى الطويل.

وأظهرت مراجعة لست وثلاثين دراسة نشرت سابقا عن الضغوط النفسية وزيادة الوزن بقيادة جين واردل من الكلية اللندنية أن أغلبيتها لم تظهر ارتباطا بين مستويات الضغوط النفسية لدى الناس وزيادة الوزن على مدى عدة سنوات بحسب رويترز.

وعندما جمعت الدراسة التي نشرت في دورية السمنة Obesity نتائج الابحاث كان هناك ارتباط عام محدود بين الضغوط والوزن الزائد.

وقال اندرو ستبتو الذي شارك في الدراسة افترضنا أنه سيكون هناك ارتباط كبير بين الضغوط والسمنة بما أن الرأي السائد هو أن الضغوط تساهم في زيادة الوزن. لكن عندما بحثنا بعناية الدراسات العلمية المحكمة كانت الاثار محدودة لدرجة تثير الدهشة.

وحللت الدراسة الشاملة 36 دراسة دولية أجريت أساسا في التسعينات وفي العقد التالي. وكانت جميعها تقيم مستويات الضغوط النفسية لدى المشاركين ثم تابعت الموضوع بمرور الوقت لمعرفة ما اذا كانت هناك علاقة بين الضغوط النفسية وما يلي ذلك من زيادة في الوزن.

وتابعت أغلب الدراسات الحالات بين سنة وسبع سنوات لكن عددا محدودا منها استمر لسنوات طويلة وتابع الناس لما يصل الى 38 عاما. وركزت بعض الدراسات على ضغوط العمل في حين غطت أخرى ضغوط الحياة العامة.

وفي المجمل لم تتوصل 69 في المئة من الدراسات الى ارتباط واضح بين مستويات الضغوط وزيادة الوزن في حين أن 25 في المئة ربطت بينها. في حين توصلت الستة في المئة المتبقية من الدراسات الى أن المستويات الاعلى من الضغوط مرتبطة بزيادة قليلة في الوزن بمرور الوقت.

ولدى توفر كل النتائج كان هناك ارتباط محدود بين المستويات الاعلى من الضغوط والزيادة الاكبر في الوزن وهي صلة تزيد لدى الرجال عنها لدى النساء.

73 مليار دولار كلفة الموظفين البدناء

على صعيد اخر يكلف الموظفون الأميركيون البدناء أرباب عملهم حوالي 73,1 مليار دولار سنويا، نتيجة انخفاض في إنتاجيتهم الناجمة عن صحة أكثر عرضة للمشاكل بحسب الدراسة

وهذا الرقم يساوي كلفة توظيف 1,8 مليون شخص إضافي سنويا مع أجر سنوي للفرد يبلغ 42 ألف دولار، وهو متوسط الأجر السنوي لمواطن أميركي، بحسب إيريك فينكلشتاين الباحث في جامعة ديوك ناشونال يونيفرسيتي في سنغافورة.

وبهدف التوصل إلى هذا الرقم، عمد فينكلشتاين وفريقه إلى احتساب المصاريف الطبية للموظفين البدناء وانخفاض إنتاجيتهم وتغيبهم عن العمل. فمن خلال هذه العوامل الثلاثة تمكنوا من الحصول على الخلاصة الآتية16900دولار سنويا للنساء اللواتي يعانين من زيادة في الوزن تبلغ 45 كيلوغراما وما فوق و15500 دولار لزملائهن الذكور.

وإذا ما احتسبت تلك العوامل الثلاثة فإن الكلفة السنوية للموظفين أصحاب الأوزان العادية هي حوالى 10 آلاف دولار. وبحسب الدراسة التي نشرت في مجلة جورنال أوف أوكيوبيشونال أند إنفايرمنتال ميديسين، فإن الانخفاض المسجل على صعيد إنتاجية الموظفين البدناء هو العامل الذي يولد الكلفة الأكبر.

ويقاس انخفاض الإنتاجية عبر احتساب الوقت بين وصول الموظف إلى مركز عمله وبدئه بأداء مهامه. إلى ذلك يضاف الوقت الذي لا يقوم خلاله الموظف بالمهام الموكلة إليه بسبب عدم التركيز أو التعب أو الإلتهاء.

والبيانات التي ارتكزت عليها الدراسة جمعت من خلال إجابات للموظفين أنفسهم حول أسئلة تناولت أيام تغيبهم أو انخفاض إنتاجيتهم لأسباب تتعلق بمشاكل صحية.

وبحسب دراسة تم نشرها الشهر الماضي، تكلف البدانة الاقتصاد الأميركي سنويا 215 مليار دولار على أقل تقدير، سواء كان ذلك تكاليف مباشرة ترتبط بالمصاريف الطبية أو تكاليف غير مباشرة مثل تلك المرتبطة بخسارة في الإنتاجية.

جراحات السمنة عشرة اضعاف

من جهتهم قال علماء ان جراحات انقاص الوزن ارتفعت بنسبة عشرة اضعاف في المستشفيات البريطانية منذ عام 2000 وان هؤلاء الذين يجرون عمليات تدبيس المعدة يمكنهم تقليل خطر الموت المبكر وخفض نفقاتهم الصحية.

وفي دراسة نشرت في المجلة الطبية البريطانية British Medical Journal قال الباحثون ان سبب هذا الارتفاع السريع في عمليات انقاص الوزن او عمليات تدبيس المعدة هو الطلب المتزايد من مرضى السمنة حيث اصبحوا اكثر وعيا بان الجراحة هي الخيار العلاجي الحيوي.

وجراحة تدبيس المعدة تجرى لمرضى السمنة المفرطة كطريق لمساعدتهم على انقاص اوزانهم. وفكرة هذه الجراحة هي تقليل حجم المعدة عن طريق رباط معدي او عن طريق تحويل المسار حيث يجرى تحول مسار الامعاء الصغيرة الى جراب صغير في المعدة او عن طريق استئصال جزء من المعدة.

وحلل فريق من الباحثين من جامعة امبريال كوليدج لندن بيانات جراحات انقاص الوزن لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في انجلترا في الفترة من ابريل نيسان 2000 حتى مارس اذار 2008 ووجدوا انه تم اجراء 6953 عملية تدبيس معدة خلال هذه الفترة.

وقال الفريق في تقرير بشأن نتائج دراسته ان عدد العمليات ارتفع عشرة اضعاف من 238 عملية في عام 2000 الى 2543 عملية في عام 2007.

البدناء يواجهون تمييزا

الى ذلك قد يواجه الابناء البدناء تمييزا في المدرسة او في العلاقات لكن دراسة أمريكية وجدت أنهم قد يلقون معاملة أقسى في المنزل من آبائهم.

وأظهرت دراسات احتمالا أقل لان يساعد الاباء ابناءهم البدناء او من يعانون من السمنة المفرطة او أن يدفعوا مصروفات تعليمهم الجامعي لكن باحثين من جامعة نورث تكساس في دنتون وجدوا ايضا أن الاباء ربما يكونون اقل رغبة في مساعدة ابنهم البدين في شراء سيارة.

وقال الباحث ادرييل بولز لن يندهش أحد من أن المجتمع يميز ضد البدناء لكنني أعتقد أن من المدهش أن هذا يمكن ان يأتي من ابويك. وأضاف على غرار مصروفات الكلية فان شراء سيارة خلال سنوات الكلية تكلفة واستثمار كبيران يستطيع الاباء أن يختاروا ان كانوا سيساعدون فيه ام لا بحسب رويترز.

وأشارت الدراسة التي أجراها بولز وزميلته الباحثة اماندا كراها ونشرت في دورية السمنة اوبيستي الى أن اكثر من ثلثي البالغين الامريكيين اصحاب وزن زائد او يعانون من السمنة وأن من المعروف أن أصحاب الاوزان الثقيلة يواجهون تمييزا في العمل والمدرسة وفي العلاقات. وعادة يكسبون مالا أقل وتقل احتمالات زواجهم.

وتوجد أدلة على أن العواقب النفسية السلبية المرتبطة بالوزن الزائد والسمنة مثل الاكتئاب وقلة احترام الذات ربما تكون نتيجة لهذا النوع من التحامل. ولاجراء هذه الدراسة عن مساعدة الاسرة في شراء سيارة وعلاقتها بالوزن استطلع الباحثان اراء 379 طالبا جامعيا تتراوح أعمارهم بين 17 و26 عاما 30 بالمئة منهم ذكور.

ووجد الباحثان أن الطلبة الذين اشتروا سياراتهم دون مساعدة كان متوسط مؤشر كتلة الجسم الذي يقيس العلاقة بين الوزن والطول الخاص بهم أعلى ممن تلقوا مساعدة من ابائهم. وبلغ متوسط مؤشر كتلة الجسم الخاص بهم 25 مقابل 23 لمن حصلوا على مساعدة.

ويعبر مؤشر كتلة الجسم فوق 25 عن وزن زائد بينما يعد فوق 30 معبرا عن السمنة.

الجينات تتحكم في البدانة

من جهةً اخرى اكتشف العلماء اكثر من 30 جينا جديدا له صلة بالسمنة والبدانة في دراسة قالوا انها قد تساعد على فهم السبب وراء زيادة وزن بعض الناس بشدة وسبب اتخاذ بعض الاجسام شكل ثمرة التفاح او الكمثرى.

وقال فريق دولي مكون من أكثر من 400 عالم ينتمون الى 280 مؤسسة بحثية ان النتائج التي توصلوا اليها تلقي المزيد من الضوء على العمليات الحيوية التي يمكن أن تؤدي الى السمنة وان من شأن هذه النتائج أن تؤدي في المستقبل الى اكتشاف طرق جديدة لعلاجها او الوقاية منها.

لكنهم قالوا انه بينما تلعب الجينات دورا في البدانة ومشكلات زيادة الوزن فانه يمثل جزء صغيرا من السبب الذي من أجله تزيد أوزان الناس عن المعتاد لتظل الاسباب الرئيسية للبدانة هي النظام الغذائي السيئ أو عدم ممارسة التمارين الرياضية.

وقالت روث لوز من وحدة علم الاوبئة التابع لمجلس الابحاث الطبية في كمبردج والتي شاركت في هذه الدراسة علينا ألا ننسى ذلك فعلى الرغم من أن مساهمة الجينات في البدانة جوهرية فجزء كبير من القابلية للبدانة يبقى رهنا بنظام حياتنا بحسب رويترز.

وفي الدراسة الاولى من دراستين نشرتا في مجلة نيتشر جينيتيكس Nature Genetics حدد العلماء 13 منطقة جينية جديدة حيث يمكن الربط بين تغييرات في تتابع الحمض النووي وما اذا كان جسم الشخص البدين سيتخذ شكل الكمثرى او التفاح اي ان تكون زيادة الوزن مركزة في النصف السفلي او في منتصف الجسم.

وقال العلماء ان أغلب هذه التغييرات لها تأثير أقوى بشكل واضح على النساء بالمقارنة بالرجال. ووجدت دراسات سابقة ان المكان الذي نخزن فيه الدهون في اجسادنا يمكن ان يؤثر على صحتنا.

فتخزين مزيد من الدهون حول الخصر ليتخذ الجسم شكل التفاحة يرتبط بزيادة خطر الاصابة بالنوع الثاني من مرض السكري وامراض القلب في حين ان تراكم الدهون في العجيزة والارداف ليتخذ الجسم شكل الكمثرى اشار في بعض البحوث الى تقديم بعض الحماية ضد السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت الدراسة الثانية الجينات المرتبطة بمؤشر كتلة الجسم وهو مقياس لنسبة الوزن الى الطول يستخدم لتصنيف البالغين كأصحاب وزن زائد او بدناء.

وباستخدام حوالي 250 الف شخص في دراسة على مستوى الجينوم تضمنت مسح خرائط جينية بالكامل بحثا عن دلائل مرتبطة بالحمض النووي اكتشف الباحثون 18 منطقة جينية جديدة مرتبطة بمؤشر كتلة الجسم مما يزيد لاكثر من المثلين التغييرات في الحمض النووي المكتشفة حتى الان الى 32 .

وقالوا ان بعض النتائج الجديدة تشير الى دور لجينات نشطة في المخ تؤثر على الشهية في حين اشارت بعض النتائج الى دور للجينات في التحكم في الانسولين والتمثيل الغذائي.

الإضاءة قد تسبب السمنة

في نفس الصدد أكدت دراسة أمريكية أن الإضاءة الليلية المستمرة يمكن أن تؤدي إلى زيادة الوزن، حتى وإن كانت ضعيفة، وحتى وإن حرص الشخص على اتباع نظام غذائي سليم وتحرك كثيراً.

وتوصل باحثو جامعة أوهايو الأمريكية إلى هذه النتيجة بعد تعريض فئران صغيرة لضوء خافت ليلاً، حيث وجدوا أنَّ وزن هذه الفئران ارتفع خلال ثمانية أسابيع بواقع 50% مقارنة بالفئران التي تعرضت لضوء النهار اليومي ثم ظلام الليل. وبرر الباحثون هذه الزيادة بأن الفئران تتناول غذاءها في الأوقات الخاطئة في حالة تعرضها للضوء ليلاً.

وقال راندي نيلسون، المشرف المساعد على الدراسة هناك شيء ما جعل الفئران التي شملتها دراستنا تأكل في الأوقات الخاطئة التي كان من المفترض أن تهضم فيها غذاءها الذي تناولته في وقت سابق، وعندما رفضنا تقديم الغذاء لهذه الفئران في الأوقات الخاطئة وجدنا أن وزنها قد تراجع بحسب السي ان ان.

ويعتقد فريق الباحثين بأن الضوء المستمر الصادر عن مصادر الضوء الكهربائي في الشوارع والمساكن، مثل ضوء أجهزة الكمبيوتر والتلفاز على سبيل المثال من الممكن أن يكون أحد أسباب البدانة المنتشرة بين سكان الدول الغربية.

غير أن الفئران لها روتين يومي للاستيقاظ يختلف عن نظام الإنسان في نومه ليلاً واستيقاظه نهاراً، حيث تنشط الفئران بطبيعتها ليلاً ولا تتناول من غذائها اليومي سوى بنسبة نحو 36% نهاراً.

الأسوأ مازال في الطريق

فقد يعاني ثلث البالغين في الولايات المتحدة من البدانة، ورغم بقاء هذا المعدل المرتفع ثابت نسبياً على مدى العقد الماضي، إلا أن علماء حذروا من أن الأسوأ مازال في الطريق.

ولفت باحثون من جامعة هارفارد الأمريكية أنه في حال استمرار هذا النمط، فإن معدل السمنة في البلاد لن يستقر حتى يصل إلى ما لا يقل عن 42 في المائة حوالي عام 2050.

وقالت أليسون هيل، من كلية الفيزياء الحيوية بالجامعة التباطؤ الأخير في ارتفاع معدل انتشار السمنة هو جزء طبيعي من بلوغ وباء البدانة مرحلة التشبع، ونوهت معدلات البدانة سوف لا تزال تستمر في الزيادة، وإن كان بمعدل أبطأ، ما لم يحصل أي تدخلات.

وتستند هذه التوقعات القاتمة، على بحوث عن الشبكات الاجتماعية قام بها دكتور نيكولاس كريستاكيس، أستاذ علم الاجتماع الطبي في كلية الطب بجامعة هارفارد ، في بوسطن.

وفي دراسة أجريت عام 2007 نشرت في دورية نيو انغلاند الطبية توقع كريستاكيس إمكانية انتشار البدانة من خلال الشبكات الاجتماعية، على غرار الأنفلونزا، وذهب العالم في دراسة أخرى، باستخدام هذه النظرية والأمراض المعدية كنموذج للسمنة للتنبؤ بالاتجاهات المستقبلية.

ووجدت الدراسة أن البدانة ككرة الثلج، كبرت كلما تدحرجت، وتزداد احتمالية التحول نحو السمنة مع كل فرد إضافي مصاب بها سواء في العائلة أو الأصدقاء أو الزملاء، كما وجدت أن من يعانون من السمنة المفرطة يبدو لديهم تأثير أقوى على الأصدقاء والعائلة عما كان عليه الوضع عام 1971.

وعقبت هيل على تلك الدراسة قائلة على مدى السنوات الأربعين الماضين، كانت هناك زيادة مطردة في معدل العدوى، وهي الآن أعلى كانت عليه ما يتغير مع مرور الوقت هو مقدار تأثير كل صديق بدين عليك. وتقول الدراسة إن التأثير ينصب على الجانب السلبي وهو كسب المزيد من الوزن، وليس نقصانه، فهو معد

هذا وقد كشفت دراسة أجرتها دائرة الرقابة على الأمراض والوقاية ومؤسسة آر تي آي الدولية، وهي مؤسسة غير ربحية، في عام 2009 أن إجمالي الإنفاق السنوي للولايات المتحدة المباشر وغير المباشر على معالجة السمنة يصل إلى 147 مليار دولار.

واعتمدت الدراسة على أرقام تم جمعها خلال العام 2006. وكشفت أرقام العام 2006 أن مرضى السمنة ينفقون على العلاج في المتوسط ما يزيد على 1429 دولار عما ينفقه الإنسان ذو الوزن الطبيعي، أي أن نفقات علاج المريض بالسمنة تزيد على متوسط نفقات العلاج لمواطن الطبيعي بنسبة 42 في المائة.

وكان تقرير أمريكي نشر مؤخراً قد كشف المزيد من الآثار السلبية لظاهرة السمنة الواسعة الانتشار، وأنها تقف وراء أكثر من 100 ألف إصابة بالسرطان في الولايات المتحدة.

من جهةً اخرى وفي صحيفة الاندبندنت تقرير علمي يشير الى ان العلماء باتوا قاب قوسين او ادنى من حل اللغز الذي يجعل بعض الناس يحافظون على نحافة اجسامهم من دون بذل اي مجهود بينما يكافح آخرون بلا طائل من اجل تقليل وزنهم.

فقد وجد العلماء دليلاً مقنعاً على وجود جين خاص بالبدانة يؤثر على شعور الشخص بالجوع وبالتالي على مقدار الطعام الذي يتناوله ذلك الشخص ومقدار الدهون المتراكمة في جسمه.

وتوصل العلماء الى هذا الدليل من خلال دراسة اجروها على فئران معدلة وراثياً اضيفت عدة نسخ من جين البدانة الى الحامض النووي الـ دي ان ايه الخاص بها. ولاحظ العلماء زيادة في الدهون لدى تلك الفئران، التي زادت شهيتها للطعام وبالتالي زادت كميات الطعام الذي تتناوله.

لكن العلماء الذين قاموا بالدراسة، وهم من جامعة اوكسفورد، لا يعرفون حتى الآن كيفية تأثير الجين على زيادة الوزن في الفئران او البشر، غير انهم يعتقدون ان ذلك يتم من خلال التاثير على مستويات هرمون في الجسم يدعى لبتين، يعرف عنه تاثيره على الشهية للطعام.

مشكلة لشركات دفن الموتى!

حيث تطرح بدانة النيوزيلنديين مشكلة لها وزنها على شركات دفن الموتى العاجزة عن ادخال جثث الاشخاص البدناء الى المرمدة التي تلجأ احيانا الى بيع موقعي دفن لهؤلاء الاشخاص على ما ذكرت معلومات صحافية.

وقال توني غارينغ مدير جمعية دفن الموتى في نيوزيلندا ان الحجم العادي للنعش زاد بسبب ارتفاع نسبة البدانة في صفوف السكان. واوضح لوكالة الانباء النيوزيلندية ان النعوش باتت اعرض تماشيا مع حجم الناس. العرض هنا يطرح مشكلة مضيفا ان النعش العادي بات عرضه الان 58 سنتمترا عند مستوى الكتفين في مقابل 48 سنتمترا في السابق.

وافادت نولين مادغواي، وهو مدير شركة لدفن الموتى في اوكلاند، ان حرق الجث لا يشكل خيارا لبعض العائلات التي تودع فردا بدينا بحسب فرانس برس.

واوضحت افران حرق الجثث لدينا ليست عريضة بما يكفي لاستقبال الاشخاص الذين يعانون من بدانة مفرطة. وقالت ان المقابر تحاول دفن النعوش الكبيرة في مواقع عند نهاية الصف حيث لا تتعدى على مدافن اخرى. لكنها اشارت الى ان الحل يكون احيانا ببيع موقعين محاذيين بكلفة 1865 دولار اميركي لكل منهما. ويعاني نيوزلندي واحد من كل اربعة من البدانة على ما تفيد وزارة الصحة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18/كانون الثاني/2011 - 12/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م