استراليا... محن سياسية وكوارث طبيعية

شبكة النبأ: بعيدا على اطراف كوكبنا تقبع قارة استراليا بهدوء ملحوظ، آمنت الى حين من مخاطر الحروب والصراعات السياسية والنزاعات الاقليمية، الا ان ذلك الانزواء لم يعزلها عن مشاركة المجتمع الدولي بعض همومه، او التأثر بالتغييرات المناخية الاخيرة التي تسود كوكبنا.

فيما لم يعتقها الارهاب العالمي من سياق اهدافه الاجرامية، كما اثبتت الوقائع مؤخرا.

أمن استراليا

فقد أدانت محكمة استرالية ثلاثة استراليين من أصل عربي بتهمة التآمر والتخطيط لشن هجوم انتحاري على قاعدة للجيش في مدينة سيدني. شارك في القبض على المشتبه بهم 400 عنصر أمن قاموا بتفتيش 19 مكانا.

وقالت المحكمة، ومقرها في مدينة ملبورن، إنها وجدت أن الثلاثة مذنبون بتهمة التآمر للقيام بعمل إرهابي. إلاَّ أن المحكمة برَّأت اثنين من الأشخاص الخمسة الذين كانوا قد اعتُقلوا في ملبورن في شهر أغسطس آب عام 2009 في القضية، وهم جميعهم مواطنون استراليون من أصل صومالي أو لبناني.

وقد غادر عبد الرحمن محمود أحمد يسار ويعقوب خير مبنى المحكمة العليا في ملبورن بعد تبرئتهما من تهمة التخطيط لشن الهجوم.

وقد بدأت محاكمة المشتبه بهم إذ تداولت هيئة المحلفين على مدى خمسة أيام في القضية قبل أن تعيد أحكام الإدانة الصادرة بحق كل من وسام محمود فتال 34 عاما وساني عيدو عويس 27 عاما ونايف السيد 26 عاما.

وقال مسؤولون استراليون إن دافع المدانين، وبعضهم على صلة بالجماعات المسلحة بالصومال، للتخطيط للهجوم هو اعتقادهم بأن الإسلام مستهدف من قبل الغرب.

وقال الادعاء العام إن الأشخاص الثلاثة كانوا قد دبَّروا المؤآمرة ما بين شهري فبراير شباط وأغسطس آب من العام الماضي قبل أن يُلقى القبض عليهم في عملية أمنية كبرى.

وأضاف الادعاء أن المعتقلين كانوا يخططون لإرسال مجموعة من الرجال المسلحين بمسدسات وبنادق أتوماتيكية إلى القاعدة المذكورة، وهناك يبدأون بإطلاق النار على من يصادفونه ويواصلون العملية حتى يلقون حتفهم.

وقال المدعي العام، نِك روبنسون، إن واحدا من المتهمين كان قد زار الصومال سعيا لاستصدار فتوى تتيح للمجموعة تنفيذ الهجوم الذي كانوا يخططون له. وفي نسخة من الاعترافات التي أدلى بها وتُلي نصها أمام المحكمة، يقول المعتقل فتال إن وجدت طريقة لقتل العسكريين، فأقسم بالله العظيم سوف أفعل ذلك.

هذا ولم يتم بعد تحديد تاريخ لإصدار حكم نهائي بحق المدانين الذين أمرتهم المحكمة بالعودة إليها لحضور جلسة استماع إدارية. وكان الادعاء الاسترالي قد وجَّه ضد ثلاثة من المعتقلين لائحة اتهام بشبهة التخطيط للقيام بهجوم ضد قاعدة هولثوورثي العسكرية في مدينة سيدني، تقول الشرطة إنه كان سيكون الأسوأ في تاريخ استراليا لو وقع.

عبد الرحمن محمود أحمد يسار ويعقوب خير يغادران مبنى المحكمة العليا في ملبورن بعد تبرئتهما. وقد وجَّه الادعاء التهم ذاتها لمعتقل آخر في وقت سابق، إلاَّ أن المعتقل الخامس انضم إلى قائمة المتهمين لاحقا. وقالت الشرطة الاسترالية في حينها إن المجموعة التي ألقي القبض عليها كانت قد بلغت مرحلة متقدمة من الإعداد للهجوم على القاعدة المذكورة.

وقال بيان الشرطة إننا نعتقد أن جماعة تقيم في ملبورن كانت تخطط لتنفيذ عملية إرهابية في استراليا، كما يقال إنها متورطة أيضا في أعمال عدائية في الصومال. وقالت الشرطة إنها تعتقد أن الذين اعتقلوا لهم علاقة بجماعة الشباب في الصومال والتي تسعى لإسقاط الحكومة الصومالية الضعيفة المدعومة من الأمم المتحدة، وإن لهم علاقة بتنظيم القاعدة.

وقال الادعاء العام الاسترالي إن لديه أدلة على أن المعتقلين قد تلقوا تدريبا في الصومال وشاركوا في عمليات قتالية فيه. وأضاف الإدعاء أن بحوزته تسجيلا لمحادثات هاتفية ورسائل نصية وشرائط حصلوا عليها من تعقب المشتبه بهم، بما فيها شريط لأحدهم أمام قاعدة هولثوورثي، مما يربط بين المشتبه بهم والهجوم المزمع على القاعدة.

كما جاء في جلسة المحكمة أن المشتبه بهم سعوا للحصول على فتوى تؤيد هجومهم على القاعدة المذكورة. وكشفت الشرطة أن المداهمات حدثت بعد عملية مراقبة دامت سبعة أشهر وشملت عدة ولايات وهيئات اتحادية.

فيضانات كوينزلاند

من جهةً اخرى لا تزال الفيضانات الهائلة التي شهدتها الجهة الشمالية الشرقية من أستراليا وهي الأسوأ منذ عقود تتسبب في شل مرافق الحياة في المنطقة. وأجلت السلطات الأسترالية نحو ألف شخص في كوينزلاند بما في ذلك سكان بلدة ثيودور.

وأعلنت الحكومة بلدة ثيودور وبلدتان أخريان مناطق منكوبة، وتقول مراكز الأرصاد الجوية إن المنطقة ستشهد المزيد من الفيضانات. وتشير التوقعات إلى أن الأضرار التي خلفتها الفيضانات ستصل إلى مليار دولار أسترالي أي نحو 650 مليون جنيه إسترليني.

وتضررت الأعمال التجارية في ولاية كوينزلاند المشهورة بأنها تحتل المركز الأول في إنتاج الحديد على مستوى البلد. كما غمرت المياه بلدات شيشيلا ودالبي ووارا وألفا وجيريكو الواقعة غربي إيميرالارد والتي أُعلنتها السلطات أيضا مناطق منكوبة بعدما غمرت مياه الفيضانات مئات المنازل.

ويقول مراسل بي بي سي في سيدني، ستيف مارشال، إن طوابير طويلة في حركة السير تشكلت خارج البلدات المنعزلة، وتقدم الشرطة مساعدات للسائقين الذين علقت سياراتهم في المناطق التي غمرتها المياه. وقالت مجموعات زراعية إن الفيضانات قد تدمر محاصيلهم.

وذكرت مجموعات القطن بأستراليا إن نحو 7500 هكتار من المحاصيل المزروعة بالقطن بالقرب من ثيودور قد دمرت.

انقلاب قارب

الى ذلك انقلب قارب يقل العشرات من طالبي اللجوء" قرب الشواطئ الأسترالية، ولم ترد تقارير عن وقوع إصابات. وكان القارب قد اصطدم بصخور بالقرب من شواطئ جزيرة كريسماس الواقعة في المحيط الهندي حيث يقيم في العادة طالبو اللجوء السياسي في معسكرات خاصة، حسب ما أفادت إحدى الصحف المحلية.

وقد انقلب القارب بشكل كامل وتبعثرت الشظايا على سطح المياه، حسب ما قال أحد سكان الجزيرة ويدعى سايمون فوستر للصحيفة المشار إليها. وأضاف فوستر ان أشياء كثيرة شوهدت على سطح المياه ولم يستطع تبين ما إذا كانت حطاما أم بشرا.

ورفضت أجهزة الشرطة وخفر السواحل التعليق، ولكن جوردون تومسون، أحد المسؤولين في جزيرة كريسماس قال لقد وقعت مأساة مروعة.

بسبب حرب العراق

من جهته عبّر استرالي عن احتجاجه على حرب العراق عبر القذف بفردتي حذائه على رئيس الوزراء الاسترالي السابق جون هاوارد خلال برنامج تلفزيوني تعرضه قناة آي بي سي الاسترالية.

وأعاد هذا المشهد إلى الأذهان واقعة الصحفي العراقي منتصر الزيدي الذي ألقى عام 2008 فردتي حذاء على الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش خلال مؤتمر صحفي في بغداد مع رئيس الوزراء نوري المالكي.

وسئل هاوارد، الحليف السابق لبوش في حربه على العراق خلال برنامج سؤال وجواب عن قرار المشاركة في حرب العراق.

وقال أظنها كانت مبررة. لقد تم ارتكاب بعض الأخطاء عند انتهاء العمليات العسكرية. اعتقد ان عدد الفرق العسكرية كان صغيراً جداً واظن انه كان خطأ حل الجيش العراقي. لكني سأستمر في الدفاع عن القرار.

عندها، نهض بيتر جراي ورمى بفردتي حذائه على هوراد، وطلب منه تبرير قراره ارسال ألفي جندي استرالي لدعم القوات الأمريكية عند غزو العراق عام 2003. وصاح جراي وهو يرمي الحذاء هذا لقتلى العراق، فيما صاحت امرأة يداك ملطختان بالدماء .لكن جراي اخطأ الهدف، وأخرج من الاستوديو وكذلك المرأة.

وكان رد جون هاوارد أن ضحك وسعى إلى تهدئة المذيع الذي راح يعتذر. وقال له انس الأمر، انس الأمر. تجدر الاشارة الى أن هوارد ألقى دعابة في حوار آخر أجري معه عبر الاذاعة. وقال هل من شخص آخر سيرمي بحذائه؟.

لكن جراي قال إن فعلته مبررة. وأضاف فعلت ذلك لأن الفرصة سنحت لآلاف الأشخاص، عشرات الآلاف من الأشخاص في سائر انحاء العالم، في الشرق الاوسط، لعرفة ان ليس كل الاستراليين وراء قرار غزو العراق.

يشار إلى ان رئيس وزراء استراليا السابق أصدر سيرته الذاتية في كتاب يركز فيه على حياته الشخصية ودوافعه السياسية التي قادته إلى حكم استراليا 11 عاما.

مقاتلون أفغان يدربون قوات أستراليا

على صعيد شبيه يوجد فريق من المقاتلين الأفغان في إستراليا قصد تدريب قوات أسترالية خاصة على أساليب التصدي لحركة طالبان.

وقال قائد أركان الجيش الأسترالي إن ستة من عناصر الميليشيا الموالية لمطيع الله خان أحد قادة الحرب يدربون جنودا أستراليين من المنتظر أن يتوجهوا إلى أفغانستان.

وأوضح قائد القوات الجوية المارشال أنجوس هيوستن قائلا إن المقاتلين الأفغان الستة ينتمون إلى وحدات الاحتياط في قوات الشرطة ببلدهم، وإنهم سيعملون على تعزيز كفاءات القوات الأسترالية لمواجهة مقاتلي طالبان. وقد أكدت مصادر أفغانية هذا الخبر بحسب البي بي سي.

وأضاف كذلك أن هؤلاء المقاتلين سيكونون إلى جانب القوات الأسترالية في الميدان. وينتشر حوالي 1550 جنديا أستراليا في إقليم أوروزجان، وتنحصر مهمتهم في تدريب القوات الأفغانية.

ويقول المعترضون إن خان حليف مثير للجدل، رفضت الاقوات الهولندية التعامل معه بسبب الاشتباه في قيامه بعمليات ابتزاز.

احتجاج على مشروع إسلامي

من جهةً اخرى بينما يعتقد المعترضون على المشروع أنه سيؤثر على السياحة يرى القيمون عليه أن المركز مكان للعبادة صغير الحجم أنشأت مجموعة من سكان جولد كوست بأقليم كوينزلاند الأسترالي حركة ضغط احتجاجا على مشروع لإقامة مركز إسلامي.

وبينما تزعم هذه المجموعة أن بناء هذا المركز من شأنه أن يؤدي إلى هبوط حاد في أسعار العقارات، كما سيؤثر سلبا على الأمن، أعربت الجالية المسلمة عن خيبة أملها لرد فعل مثل هذا.

ويقول زعماء هذه الجالية أن العدد المتزايد لأفرادها في كوينزلاند يحتم بناء مزيد من أماكن العبادة. وقد تقدم هؤلاء لهذا الغرض بطلب من أجل تحويل منزل إلى مقر مركز إسلامي.

ويقع هذا المنزل على مساحة هكتار بوورونجاري، في ضاحية جولد كوست التي تبعد بحوالي 16 كلم عن منتجع للتزلج على الموج.

ويقول مراسل بي بي سي في سيدني إن العديد من سكان المنطقة أعربوا عن ضيقهم لعدة أسباب منها ما يتعلق بحركة السير، ومنها ما يحمل طابعا عدائيا. فقد تعرض معلم أقامه المجلس البلدي على الموقع إلى التشويه بكتابة شعارات عنصرية، كما نشرت تعليقات معادية للمسلمين على الإنترنت.

وقال حسن غوس رئيس الجمعية الإسلامية في جولد كوست، لبي بي سي إن رد فعل السكان غير عادي. وطلب من المعترضين على المشروع أخذ حمام بارد مضيفا أن المركز الذي سيقام هو مجرد مركز ديني صغير غير بارز. وتسعى مجموعة من الملاك العقاريين إلى الضغط من أجل وقف المشروع.

ويبقى أمام السكان أقل من أسبوعين من أجل رفع اعتراضاتهم على المشروع إلى السلطات المحلية. بعدها ستستغرق عملية الترخيص حوالي سنة. وتناهز نسبة المسلمين إلى سكان أستراليا نحو 2 في المئة، غير أن جاليتهم تعد الأسرع تكاثرا في هذا البلد القارة.

تأثر أسواق المال

الى ذلك تأثرت أسواق المال الاسترالية بنتائج الانتخابات البرلمانية غير المحسومة مع بداية تعاملاتها. فقد فقد الدولار الاسترالي نحو 1% من قيمته امام الدولار الأسترالي في بداية التعاملات الصباحية قبل أن يتعافى في وقت لاحق.

ويرى خبراء أن الوضع السياسي وجه ضربة قوية إلي العملة الوطنية الاسترالية، ويخشى المحللون قيام حكومة ائتلافية ضعيفة لا تملك سوى غالبية ضئيلة بعد اشهر او حتى اسابيع من المفاوضات, ما سيرغم على تنظيم انتخابات جديدة وينعكس على اللأسواق المالية.

جاء ذلك فيما بدأ كل من رئيسة الوزراء الاسترالية جوليا ديلارد و منافسها توني آبوت زعيم حزب المحافظين الليبرالي مشاوراتهما مع النواب المستقلين و الأحزاب الصغيرة لحشد الأغلبية الكافية لتشكيل ائتلاف حاكم بعد إخفاق حزب العمال الحاكم وائتلاف المحافظين المعارض في الحصول على أغلبية واضحة في الانتخابات التشريعية.

وتوجهت جوليا جيلارد, التي تعرضت لانتكاسة في الانتخابات, وزعيم المعارضة توني ابوت, الى كانبيرا حيث سيلتقيان النواب المستقلين الثلاثة الذين سيقررون ايا من الحزبين سيتولى الحكم.

وسيجري صانعو الملوك الثلاثة بوب كاتر وتوني ويندسور وروب اوكشوت, الذين كانوا في الماضي على صلة بالمحافظين الاستراليين, محادثات بعدما تعهدوا بدعم جهود تشكيل حكومة مستقرة.

وقال ويندسور متحدثا لشبكة ايه بي سي العامة يمكننا نحن الثلاثة أن نجعل العملية تنجح، مشيرا إلى ضرورة تغليب المصلحة الوطنية على مشاعر الخصومة التي استمرت طوال الحملة الانتخابية.

ويقول مراسل بي بي سي في سيدني نك براينت انهم سيحاولون الحصول على أفضل صفقة ممكنة لفائدة دوائرهم الانتخابية، كما من المتوقع أن يعمد الطرفان إلى تقديم تنازلات في محاولة للحصول على تسوية وتشكيل ائتلاف فضفاض يمكنهم من الحكم.

وأثارت الانتخابات التي بلبلة سياسية غير معهودة في استراليا المعروفة باستقرارها والتي لم يسبق ان عرفت مجلس نواب بدون أغابية واضحة منذ عام 1940.

وقد أعلنت اللجنة الانتخابية الاسترالية أن حزب العمال الحاكم حصل على 71 مقعدا في البرلمان، وفاز ائتلاف المحافظين بالعدد نفسه، بينما فاز افادت عن فوز حزب الخضر المدافع عن البيئة بمقعد واحد. وأكدت اللجنة أن أربعة مقاعد غير محسومة بعد. واحصى المسؤولون مليوني صوت بالاقتراع الغيابي او البريدي, ما قد يتطلب أكثر من اسبوع لفرز الاصوات.

وقالت جيلارد انها ستستمر في بذل كل الجهود من اجل تشكيل حكومة تضمن الاستقرار السياسي في البلاد، مشيرة الى ان حزب العمال حصل على أكبر نسبة من الأصوات على المستوى الوطني بشكل عام. لكن توني أبوت يرى في المقابل أنه بات من الواضح أن العمال قد فقدوا أغلبيتهم البرلمانية وشرعيتهم في نفس الوقت.

وجرت الانتخابات بعد شهرين من الإطاحة بكيفين رود على يد جيلارد في نزاع على الزعامة أثار جدلا.

بفضل الثروة المعدنية

من جهةً اخرى في حين خيمت أجواء الأزمة الاقتصادية على موسم تسوق أعياد الميلاد في أغلب الدول الغربية، فإن الصورة تبدو مختلفة تماماً في أستراليا حيث تمتلئ المتاجر الشهيرة التي تبيع السلع غالية الثمن بالزبائن وكذلك يصطف المئات من أجل الحصول على تذاكر حضور حفلات الفرق الغنائية الكبيرة رغم ارتفاع أسعار هذه التذاكر.

والحقيقة أن كلمة السر وراء كل هذه الأموال التي تتدفق على جيوب الأستراليين هي الارتفاع الكبير في أسعار الخامات المعدنية التي تنتجها أستراليا وبخاصة الفحم وخام الحديد حيث زادت هذه الأسعار 3 أضعاف.

وقد نشرت مجلة فاينانشال ريفيو الاقتصادية الأسترالية تقريراً حمل عنوان كيف أصبحنا أثرياء بهذه الطريقة؟، حمل التقرير الكثير من الأدلة المدهشة على قوة الموقف المالي لأستراليا.

على مدى العقد الماضي ظل نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في أستراليا أعلى منه في اليابان ويقترب من المعدل في الولايات المتحدة. وقد تضاعف هذا النصيب تقريبا خلال عشر سنوات من 21770 دولارا أستراليا إلى 42280 دولارا أستراليا 42420 دولارا أميركيا.

وعندما استضافت مدينة سيدني الأسترالية دورة الألعاب الأولمبية عام 2000 كان في أستراليا 8 مليارديرات فقط. ولكن الرقم ارتفع الآن إلى 31 مليارديراً. كما زاد متوسط ثمن خاتم الزواج إلى 15 ألف دولار.

وقد ظهرت بوضوح علامات البذخ في الإنفاق من جانب هؤلاء الأثرياء الجدد حيث يمتلك على سبيل المثال كلايف بالمر إمبراطور التعدين في أستراليا عدداً من الطائرات الخاصة وقد اشترى لابنته يختاً طوله 30 متراً مقابل 3,3 مليون دولار أسترالي كهدية في عيد ميلادها رقم 15.

يقول دينيس جلوفر الباحث في معهد بير كابيتا للأبحاث الاقتصادية إن أجداد الطبقة العاملة اليوم لا يمكن أن يصدقوا مستوى معيشة الطبقة العاملة الآن فقد ارتفع مستوى معيشتهم خلال العقود القليلة الماضية بأكثر مما ارتفعت به خلال قرون خمسة مضت.

ويمكن ملاحظة ظواهر الإنفاق الكبير أيضاً في سلاسل مطاعم الوجبات السريعة ماكدونالدز، حيث تزدهر بشدة مبيعات الوجبات غالية الثمن مقارنة بالوجبات منخفضة الأسعار.

ويقول كلايف هاميلتون، مؤلف كتاب عن اتجاهات المستهلكين في أستراليا، إن تسونامي الأموال الذي هب على أستراليا مع إقبال الصين وكوريا الجنوبية والهند واليابان على الخامات المعدنية التي تمتلكها أستراليا فارتفعت الأسعار أدى إلى ارتفاع كبير في مستويات المعيشة بالبلاد.

إن انهيار الفوارق بين الطبقات الغنية والمتوسطة والفقيرة يرتبط بتنامي الرغبة في شراء المنتجات الراقية. كما أن الأمر لا يرتبط فقط بشراء المنتجات ذات الأسماء الشهيرة وإنما أيضاً بسلوكيات أخرى تدل على الثراء مثل الاتجاه نحو التعليم الخاص وقضاء العطلات خارج أستراليا وشراء المنازل الفارهة.

وخلال عطلة عيد الميلاد العام الحالي غادر أكثر من مليون شخص أستراليا لقضاء العطلة في الخارج مقارنة بعدد الذين سوف يأتون لقضاء العطلة فيها.

وهناك مخاوف من الإقبال على السياحة في الخارج حيث يرى المعارضون لهذا التوجه أن سفر الأستراليين إلى الخارج يعني خروج أموال من البلاد سيكون من الأفضل بقائها في أستراليا. ويقول ماثيو هينجرتي رئيس مجلس تصدير السياحة في أستراليا إن قطاع السياحة يسجل حالياً عجزاً قدره 3 مليارات دولار وهو الفارق بين عائدات السياحة القادمة إلى أستراليا ونفقات السائحين الأستراليين الذين يسافرون إلى الخارج.

ورغم ذلك فإن باقي قطاعات الاقتصاد الأسترالي تسجل فوائض كبيرة في تعاملها من الأسواق الخارجية وذلك بفضل الإقبال الآسيوي الكبير في المعادن الأسترالية. ويقول وزير الخزانة الأسترالي ويني سوان إن الاقتصاد الأسترالي أصبح موضع حسد من الاقتصادات المتقدمة الأخرى في العالم حيث إنه لم يفلت فقط من فخ الركود الذي أصاب أغلب هذه الاقتصادات ودفعها إلى تبني إجراءات تقشفية صارمة وإنما يمكنه أيضا زيادة مخصصات الرفاه الاجتماعي للأستراليين.

فرص عمل في أستراليا

الى ذلك في ظل أزمة البطالة في الولايات المتحدة، يتوجه المزيد من المواطنين الأميركيين إلى أستراليا، التي يعمل فيها حاليًا 7 آلاف أميركي بتأشيرات عمل طويلة الأجل.

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن عدد الأميركيين في أستراليا، بحسب بيانات رسمية أسترالية، قفز بنسبة 80 % خلال السنوات الخمس الماضية، ليشكلوا الآن ثالث أكبر مجموعة تتقدم بطلبات للحصول على تأشيرة عمل، وراء البريطانيين والهنود.

وقالت الصحيفة إن معدل البطالة في الولايات المتحدة، الذي يصل الى 10%، يدفع الكثير من مواطني البلاد إلى البحث عن وظائف في أستراليا، حيث تسبب تعطش الصين للحديد الخام والطاقة إلى تحويل تلك البلاد الواقعة بالمحيط الهادئ إلى قوة اقتصادية.

وأوضحت الصحيفة أن الأميركيين من أصحاب الدرجات العلمية في مجالات المحاسبة وهندسة التعدين وكذلك العمالة الماهرة يستطيعون الحصول على تصريح لمدة ثلاث سنوات غير قابل للتجديد، وبعدها يمكنهم التقدم للحصول على تأشيرة عمل قابلة للتجديد، بما تسمح لهم بالبقاء لمدة أربع سنوات أخرى.

كما ارتفع عدد الطلبة الأميركيين في الجامعات الأسترالية بحوالي 10% في العامين الماضيين، بعد تراجعه بشكل مضطرد خلال العقد الماضي، وذلك وفقًا لإدارة الهجرة الأسترالية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 17/كانون الثاني/2011 - 11/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م