شبكة النبأ: اسقط بن علي بالضربة
القاضية، لتطوى صفحة جديدة من صفحات العهود الديكتاتورية في الدول
العربية، وتكون ذات الوقت تذكرة لأقرانه من زعماء المنطقة، بعد ان
استطاع الشعب الاعزل تحدي همجية النظام في تلك البلاد.
وتعد تونس هي الدولة الاولى التي تمكنت من الاطاحة بالنظام
الديكتاتوري كسابقة امام شقيقاتها من الدول العربية، بعد ان رفض الشعب
جميع محاولات الاخير في التهدئة والتنازلات المذلة التي عرضها على
المنتفضين، بعد ان عجزت اجهزته القمعية في كبح جماح الشعب الثائر.
وعلى الرغم من المواقف الغربية المتزنة، ساد الصمت معظم الحكومات
العربية، وهي تتطلع بحذر وقلق ما آل اليه نظام بن علي، والابتهاج الذي
بدى جليا لدى الشعوب الاخرى مع فرحة التونسيين.
الاقصاء النهائي
فقد اقصي زين العابدين بن علي نهائيا من السلطة في تونس حيث اعلن
المجلس الدستوري "شغور السلطة" وعين رئيس البرلمان التونسي فؤاد المبزع
رئيسا للبلاد بالوكالة كما ينص عليه الدستور.
وافادت وكالة الانباء الرسمية ان المجلس الدستوري اعلن "شغور منصب
رئيس الجمهورية" وان "الشروط الدستورية توفرت لتولي رئيس مجلس النواب (فؤاد
المبزع) فورا مهام رئيس الدولة بصفة موقتة".
واستند هذا التغيير المفاجئ الى الفصل 57 من الدستور وذلك بناء على
طلب من رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد الغنوشي الذي اعلن الجمعة
توليه الرئاسة بالوكالة بعد فرار زين العابدين بن علي نزولا عند ضغط
الشارع. بحسب فرانس برس.
وياتي هذا التطور المفاجئ السبت في حين بدا التحضير لمسيرات في عدة
مدن تونسية للمطالبة بتنحي محمد الغنوشي من رئاسة الدولة التي لم
يتولاها سوى اقل من 24 ساعة.
ويجري الاعداد لهذه المسيرات رغم فرض حالة الطوارئ التي تحظر اي
تجمع على الطريق العام وتسمح لقوات الامن باستعمال الرصاص ضد الذين
ينتهكون هذا القرار.
وقد تم تعيين الغنوشي بناء على الفصل 56 من الدستور والذي يترك
الباب مفتوحا لعودة زين العابدين بن علي لكن طعن فيه القانونيون وقسم
من المعارضة والشارع.
ويحدد الفصل 57 من الدستور بشكل دقيق الاجراءات الانتقالية على قمة
هرم الدولة وينص على انتخابات تشريعية في مدة اقصاها ستين يوما بينما
لا ينص الفصل 56 على انتخابات ولا يعطي الرئيس بالوكالة صلاحيات الترشح
الى الرئاسة.
وبالفعل لم يتطرق محمد الغنوشي الى انتخابات في اعلانه بعد تعيين
واقتصر على الوعد "بتطبيق القرارات" التي اتخذها بن علي لا سيما
انتخابات مبكرة في غضون ستة اشهر.
وفر زين العابدين بن علي (74 سنة) الذي حكم البلاد 23 سنة الجمعة
الى السعودية، نزولا عند حركة احتجاج عمت مختلف انحاء البلاد واسفرت عن
سقوط عشرات القتلى برصاص قوات الامن، واستمرت شهرا ضد نظامه.
واعلن رئيس الوزراء التونسي المنتهية ولايته محمد الغنوشي السبت ان
بامكان المعارضين والمنفيين التونسيين العودة الى البلاد بعد الاطاحة
بالرئيس زين العابدين بن علي بفضل ضغط الشارع.
وادلى الغنوشي بهذا التصريح في حديث لقناة الجزيرة بصفته رئيسا
بالانابة قبيل ان يقرر المجلس الدستوري تعيين فؤاد المبزع محله.
وقال ان "بوسع كل المعارضين السياسيين المهجرين العودة إلى بلدهم،
دون أن يتعرضوا لملاحقات قضائية أو تضييقات".
واكدت الجزيرة انه "كان يشير بوضوح إلى ناشطي حركة النهضة بمن فيهم
رئيسها الحالي راشد الغنوشي، الذي قد يعود قريبا إلى تونس وفقا لمصدر
إعلامي". وأكد الغنوشي في الأثناء "إطلاق كل الموقوفين في الاحتجاجات".
السعودية تستقبل الطاغية
على الصعيد ذاته وبعد ساعات من فرار بن علي، وهو اول زعيم عربي تطيح
به انتفاضه شعبية، حطت الطائرة التي اقلته في مطار جدة غربي المملكة
العربية السعودية، بحسب ما اعلن مصدر سعودي.
واعلنت الحكومة السعودية رسميا استضافة بن علي واسرته. وقال الديوان
الملكي في بيان نشرته وكالة الانباء السعودية الرسمية (واس) "رحبت
حكومة المملكة العربية السعودية بقدوم فخامة الرئيس زين العابدين بن
علي واسرته الى المملكة".
واكد البيان على "تقدير حكومة المملكة العربية السعودية للظروف
الاستثنائية التي يمر بها الشعب التونسي الشقيق وتمنياتها بأن يسود
الامن والاستقرار في هذا الوطن العزيز على الامتين العربية والاسلامية
جمعاء، وتأييدها لكل اجراء يعود بالخير للشعب التونسي الشقيق".
وقبل وصوله الى جده سرت شائعات مفادها ان بن علي قد يكون توجه الى
فرنسا او ايطاليا او مالطا الا ان هذه الدول سارعت الى النفي.
وسادت حالة من الفلتان الامني في عدة مدن تونسية مساء الجمعة حيث
قامت عصابات باعمال نهب، مما دفع العديد من المواطنين الى توجيه نداءات
عبر التلفزيون لطلب تدخل عاجل من الجيش لحمايتهم.
ووضع الجيش التونسي في تصرف المواطنين رقم هاتف للتبليغ عن هجمات،
في حين بثت مروحيات عبر مكبرات للصوت نداءات تطلب من المواطنين الهدوء
والبقاء في منازلهم.
وسمع صوت اطلاق رصاص من اسلحة رشاشة مساء الجمعة في تونس العاصمة
بعيد مغادرة بن علي الا انه لم يكن بالامكان معرفة مصدر اطلاق النار
بدقة في العاصمة التي خلت الا من قوات الامن. بحسب فرانس برس.
وهتف كهل تونسي في قلب العاصمة المقفر "الشعب هب وبن علي هرب" و"عاش
الشعب التونسي العظيم" قبل ان يمسك به عناصر الامن. وتوالت ردود الفعل
في العواصم العالمية على فرار بن علي.
ففي واشنطن اشاد الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمعة ب"شجاعة"
وكرامة" الشعب التونسي داعيا الى اجراء انتخابات نزيهة وحرة في البلاد.
اما الرئاسة الفرنسية فاعلنت ان باريس "اخذت علما بالعملية
الدستورية الانتقالية" في تونس مؤكدة انها "تقف الى جانب الشعب التونسي
في هذه المرحلة الحاسمة" فيما دعا الاتحاد الاوروبي الى "حل ديموقراطي
دائم" في تونس.
وفي لندن طلب وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ من السلطات
التونسية بذل ما في وسعها لايجاد حل "سلمي" للازمة، داعيا الى اجراء
انتخابات حرة والى مزيد من الحريات السياسية في هذا البلد.
وقد تواصلت منذ صباح الجمعة التظاهرات والتجمعات في وسط تونس
بمشاركة الاف المتظاهرين قبل ان تفرقهم قوات الامن بالهراوات والقنابل
المسيلة للدموع.
واعلن المتظاهرون عزمهم على مواصلة الاحتجاج "لحين سقوط النظام"
ورفعوا لافتات كتب عليها "بن علي ارحل" و"خبز وماء بن علي لا".
وطالبت احزاب المعارضة الرئيسية المعترف بها والمحظورة، ب"تنحي بن
علي وتشكيل حكومة موقتة تكلف خلال ستة اشهر اجراء انتخابات حرة"، وذلك
في بيان مشترك صدر في باريس.
وكان بن علي القى خطابا مساء الخميس حاول فيه نزع فتيل الاحتجاجات.
وطلب التوقف عن اطلاق النار على المتظاهرين واعلن عدم ترشحه مجددا
للرئاسة في 2014 كما اعلن عن اجراءات لضمان الديموقراطية وحرية الاعلام
وتدابير اخرى لخفض الاسعار.
الا ان المواجهات استمرت بعد هذا الخطاب موقعة 13 قتيلا مدنيا برصاص
قوات الامن، اضافة الى 66 اخرين قتلوا منذ بدء المواجهات بحسب الاتحاد
الدولي لروابط حقوق الانسان.
واندلعت الثورة الاجتماعية في تونس في 17 كانون الاول/ديسمبر ضد
غلاء المعيشة والبطالة والفساد اثر انتحار الشاب التونسي محمد
البوعزيزي (26 عاما) باضرام النار في نفسه في سيدي بوزيد (265 كلم جنوب
تونس) احتجاجا على مصادرة عربته لبيع الخضار.
وقال شقيقه سالم البوعزيزي بعد الاعلان عن مغادرة بن علي "الحمد لله
ظهر حق اخي، ولم يذهب دمه هدرا".
واضاف في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس "هم الذين قتلوه، النظام
والسلطة" مؤكدا ان "اخي اصبح رمزا وانا لا اجد الكلمات للتعبير عما حصل
اليوم".
وكانت الحكومة التونسية حاولت عبثا تهدئة الاوضاع باقالة العديد من
المسؤولين آخرهم وزير الداخلية واعلان الافراج عن جميع الموقوفين "باستثناء
المتورطين في اعمال نهب".
وكان بن علي يحكم تونس منذ الانقلاب الابيض الذي قام به في 1987
واطاح سلفه الحبيب بورقيبة. واعيد انتخابه في العام 2009 لولاية رئاسية
خامسة.
وكان حلفاء بن علي الغربيون يرون فيه ضامنا للاستقرار من اجل تدفق
الاستثمارات على تونس التي يزورها سنويا ملايين السياح الاوروبيين. لكن
الاحتجاجات الاخيرة ومحاولة قوات الامن قمعها بعنف دفعت هذه الدول الى
مراجعة مواقفها.
وقد وصف قسم من المعارضة ومنظمات للدفاع عن حقوق الانسان النظام
التونسي في عهد بن علي بانه "تسلطي" و"بوليسي" واتهمته بالتعدي على
الحريات بحجة مكافحة الاسلاميين.
وهو متزوج وله ستة ابناء هم ثلاث بنات من زواج اول وابنتان وابن من
زوجته ليلى بن علي الحاضرة بقوة في الحياة الاجتماعية والسياسية.
اما محمد الغنوشي (69 عاما) الذي تولى الحكم بالانابة فهو تكنوقراطي
وخبير اقتصادي يشهد له بالكفاءة ونظافة اليد. وعين رئيسا للوزراء في
العام 1999 بعد تسلمه مناصب وزارية عدة.
ليالي مرعبة
من جهة اخرى وعاشت عدة احياء قريبة من وسط العاصمة ليلة من الرعب
بسبب اعمال تخريب ونهب قامت بها عصابات ملثمين بحسب شهادات سكان
مذعورين نقلتها القنوات المحلية طوال الليل.
وفي الوقت نفسه، تضاربت المعلومات عن موعد انتهاء حظر التجول الذي
قالت وكالة تونس افريقيا للانباء الحكومية انه سيرفع عند الساعة 06,00
(05,00 تغ) بينما قال التلفزيون الحكومي انه ينتهي في الساعة 07,00
(06,00 تغ). واطلقت نداءات الى الجيش الذي يحمي بموجب حالة الطوارئ
المعلنة الجمعة المباني العامة للتدخل العاجل ضد هذه العصابات بينما
حلقت مروحيات للجيش ليلا فوق العاصمة.
وقد تعددت الروايات بشأن هوية المسؤولين عن اعمال العنف والنهب.
واشار بعض السكان الى عناصر ميليشيات سابقة على علاقة بمقربين من بن
علي بينما قال آخرون انها من فعل مساجين حق عام فروا من مراكز اعتقالهم،
واتهم البعض الاخر عناصر من الشرطة.
وقال محمد الغنوشي الرئيس التونسي بالانابة في تصريحات الليلة
الماضية لقناة تونس7 العامة ان اعادة النظام العام تشكل "اولوية قصوى".
ولاحقا وردا على سؤال لقناة الجزيرة القطرية عن هوية المخربين الذين
اشير الى تحركهم في عدة مدن تونسية اخرى، قال الغنوشي ان كل
السيناريوهات ممكنة في ما يتعلق بانتماء تلك العصابات. بحسب فرانس برس.
وغادر بن علي تونس بعد شهر من حركة احتجاج شعبية اطلق عليها
التونسيون اسم "ثورة الياسمين" وقمعت بشراسة مما ادى الى سقوط عشرات
القتلى.
وفي الوقت نفسه تقريبا اعلن رئيس الوزراء محمد الغنوشي في كلمة بثها
التلفزيون توليه سلطات رئيس الجمهورية حتى اشعار آخر. وافادت وكالة
الانباء الرسمية ان الغنوشي تولى مهامه بناء على "امر تفويض" من بن علي.
وبلهجة جدية، دعا الغنوشي "كافة ابناء الشعب من مختلف الحساسيات
الفكرية والسياسية والفئات والجهات" الى "التحلي بالوحدة لتمكين بلادنا
التي تعز علينا جميعا من تخطي هذه الصعاب".
واعلن اثنان من قادة المعارضة مصطفى بن جعفر زعيم المنتدى
الديموقراطي للعمل والحريات، ونجيب الشابي الزعيم التاريخي للحزب
الديموقراطي التقدمي استعدادهما للتعاون مع الغنوشي.
وقال زكي العائدي مدير الابحاث في معهد الدراسات السياسية في باريس
لمحطة فرانس-24 "انه اول رئيس عربي يدفع الى الهرب من السلطة تحت الضغط
الشعبي". واكد "انه حدث كبير في منطقة في العالم تتسم بطول امد انظمة
غير ديموقراطية".
وقبيل ذلك، اعلنت الرئاسة الفرنسية ان فرنسا "اخذت علما بالعملية
الدستورية الانتقالية" في تونس. وقالت في بيان ان "فرنسا اخذت علما
بالعملية الدستورية الانتقالية التي اعلنها رئيس الوزراء الغنوشي"،
مؤكدة انها "تأمل بالتهدئة وانهاء العنف".
وفي فرنسا عبر تونسيون عن فرحهم، لكن ببعض الحذر. وفي القاهرة انضم
عشرات المصريين الى مجموعة من التونسيين يحتفلون برحيل بن علي، داعين
مصر الى ان تحذو حذو تونس.
وكان بن علي ضاعف منذ الخميس من دون جدوى الاعلانات لانهاء شهر من
اعمال الشغب والتظاهرات التي قمعت بعنف. لكن المتظاهرين طالبوا برحيل
الرئيس فورا ولم ترضهم وعوده بمغادرة السلطة مع انتهاء ولايته الرئاسية
الحالية في 2014.
سيرة الرئيس المخلوع
الى ذلك حكم زين العابدين بن علي الذي غادر تونس الجمعة تحت ضغط
تظاهرات احتجاجية على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، هذا
البلد 23 عاما منذ الانقلاب الابيض الذي قام به في 1987 واطاح سلفه
الحبيب بورقيبة.
ففي السابع من نوفمبر 1987 رحب التونسيون بمن فيهم الاسلاميون،
بتولي بن علي السلطة «دون عنف واراقة دماء» واشاد به انصاره معتبرين
انه «منقذ» للبلاد التي كانت على حافة الهاوية واعترفوا له بوضعه اسس
اقتصاد ليبرالي وبالقضاء على مخططات حزب النهضة الاسلامي الذي اتهم
بالتخطيط لانقلاب مسلح.
وقد بقي على رأس السلطة اربع ولايات كاملة وكان في طريقه لاكمال
ولايته الخامسة، مع انه الغى فور توليه السلطة في تونس «الرئاسة مدى
الحياة» التي كان ارساها بورقيبة وحدد الولايات الرئاسية بثلاث. وقد
اتاح له تعديل الدستور التونسي في 2002 في استفتاء، البقاء في السلطة.
وخلال رئاسته تونس التي حكمها بيد من حديد، فاز بن علي وحزبه في كل
الانتخابات التي خاضها بنسبة فاقت %90. بحسب فرانس برس.
واتبع هذا العسكري الذي تلقى تعليمه في مدرسة سان سير في فرنسا
والمدرسة العليا للامن والاستخبارات في الولايات المتحدة، سياسة
اجتماعية قائمة على مبدأ «التضامن» كما توصف رسميا، لكنها لم تحقق
اهدافها وكان تردي الاوضاع الاجتماعية السبب الرئيسي للحركة الاحتجاجية
التي بدأت منتصف ديسمبر وادت الى تنحيه.
وقد اكد بن علي الذي شغل منصب وزير الداخلية ثم رئاسة الحكومة قبل
ان يقصي بورقيبة، ايمانه بالتحول الديموقراطي «المتدرج» وادخل التعددية
بجرعات محسوبة في البرلمان في 1994 ونظم في 1999 اول انتخابات رئاسية
تعددية في تاريخ تونس.
إلا ان معارضيه اكدوا مرارا انها تعددية «شكلية» وانتقدوا الرقابة
على الاعلام والجمعيات المدنية.
ومع انه اكد «تفهمه» لاسباب التظاهرات ووعد بعدم الترشح لولاية
سادسة كانت ستتطلب تعديل الدستور الذي لا يسمح بالترشح بعد سن 75 عاما،
وبارساء ديموقراطية حقيقية، لم تتوقف التظاهرات، فيما شكك المعارضون في
قدرته على الوفاء بوعوده هذه.
وكان حلفاء بن علي الغربيون يرون فيه ضامنا للاستقرار من اجل تدفق
الاستثمارات على تونس التي يزورها سنويا ملايين السياح الاوروبيين.
لكن الاحتجاجات الاخيرة ومحاولة قوات الامن قمعها بعنف دفعت هذه
الدول الى مراجعة مواقفها، بدءا بالولايات المتحدة التي اكدت فور
مغادرته البلاد «حق الشعب التونسي «في اختيار زعمائه» بينما لم تكف
فرنسا عن ممارسة الضغوط عليه ليحقق بعض الانفتاح.
وقد وصف قسم من المعارضة ومنظمات للدفاع عن حقوق الانسان النظام
التونسي في عهد بن علي بانه «تسلطي» و»بوليسي» واتهمته بالتعدي على
الحريات بحجة مكافحة الاسلاميين.
ففي يونيو وتحت شعار اولوية الامن والاستقرار، استخدمت السلطات
التونسية الجيش للقضاء على اضطرابات على خلفية البطالة والمحسوبية في
الحوض المنجمي في جنوب تونس.
وخلال الحركة الاحتجاجية الاخيرة على البطالة وغلاء الاسعار، لم
تتوان قوات الامن عن التصدي للمتظاهرين مستخدمة الغاز المسيل للدموع
والهراوات، ما ادى الى سقوط 66 قتيلا بحسب منظمات غير حكومية.
وعلى الرغم من محاولته الاخيرة الخميس نزع فتيل «ثورة»، تحدى الاف
التونسيين مشاعر الخوف وطالبوا بـ«رحيله».
وبن علي الذي كان يظهر احيانا مرتديا «الجبة التونسية» اللباس
التقليدي الرجالي في تونس، شجع اسلاما معتدلا وووفر الحماية لممارسة
مختلف الاديان في تونس.
وهو متزوج وله ستة ابناء هم ثلاث بنات من زواج اول وابنتان وابن من
زوجته ليلى بن علي الحاضرة بقوة في الحياة الاجتماعية والسياسية.
السلطة المؤقتة
من جهته يشغل الغنوشي الذي ولد في محافظة سوسة (وسط) وهي نفس
المحافظة التي ولد فيها زين العابدين بن علي، منصب الوزير الأول منذ
عام 1999. وقد عينه بن علي في هذا المنصب خلفا لحامد القروي بعد
الانتخابات الرئاسية التي اجريت في ذلك العام.
ويحمل الغنوشي الذي أتمّ تعليمه الثانوي في سوسة درجة الاجازة في «العلوم
السياسية والاقتصادية» من جامعة تونس. ويعتبر من التكنوقراط ويسميه
البعض باسم مهندس الاقتصاد التونسي.
وشغل الغنوشي عدة مناصب في كتابة الدولة للتخطيط والاقتصاد الوطني.
وقد تم تعيينه عام 1975 مديرا للادارة العامة للتخطيط وعام 1987 وزيرا
للتخطيط ثم وزيرا للتخطيط والمالية (1989) ثم وزيرا للاقتصاد (1990) ثم
وزيرا للمالية (1991) ثم وزيرا للتعاون الدولي والاستثمار الخارجي
(1992).
وكان زين العابدين بن علي الرئيس الأول للحزب الحاكم (التجمع
الدستوري الديموقراطي) عين في 2008 الغنوشي نائبا لرئيس الحزب.
في الوقت ذاته ذكرت أنباء أنه سمع صوت اطلاق رصاص من اسلحة رشاشة في
العاصمة التونسية التي تخضع لحالة طوارىء، وذلك بعيد مغادرة الرئيس زين
العابدين بن علي البلاد وتولي رئيس الوزراء السلطة مؤقتا.
وأكد المجلس -وهو أعلى سلطة قانونية في تونس- أن رئيس البرلمان فؤاد
المبزع هو الذي يجب أن يتولى مهام الرئيس بصورة مؤقتة وليس رئيس
الوزراء.
وأضاف المجلس أن الدستور ينص على أن تجرى انتخابات رئاسية جديدة في
موعد أقصاه 60 يوما من الآن حسبما نقل التلفزيون التونسي الحكومي.
في هذه الاثناء دعت الجامعة العربية تونس إلى التوصل إلى إجماع وطني
للخروج من الأزمة واحترام رغبة الشعب.
وأفادت الانباء أن المجال الجوي والمطارات التونسية قد أعيد فتحها
السبت بعد يوم من رحيل الرئيس السابق زين العابدين بن علي إلى السعودية
إثر احتجاجات شعبية بدأت في 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
محطات في تاريخ تونس
- 20 مارس 1956: اعلان استقلال تونس بعد حماية فرنسية دامت 75 عاما.
عين الحبيب بورقيبة الذي عاد من المنفى في يونيو 1955 رئيسا للوزراء.
- 25 يوليو 1957: اعلنت الجمهورية وانتخب بورقيبة رئيسا.
- 01 يونيو 1959: تبني اول دستور لتونس.
- 19 يوليو 1963: الحبيب بورقيبة يطالب بجلاء القوات الفرنسية عن
قاعدة بنزرت البحرية شمال البلاد.
قطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
في 20 و21 يوليو اسفرت معارك رسميا عن سقوط الف قتيل معظمهم من
المدنيين التونسيين وثلاثين عسكريا فرنسيا.
انسحب الفرنسيون من بنزرت في اكتوبر 1963.
- 1964: تأميم الاراضي الزراعية للمستعمرين الاوروبيين.
- 18 مارس 1975: انتخاب بورقيبة رئيسا مدى الحياة.
- يناير- فبراير 1978: اضراب عام قاده الاتحاد العام للشغيلة
التونسيين.
اعلنت حالة الطوارئ بعد صدامات اسفرت عن سقوط 51 قتيلا و325 جريحا.
- يناير 1984: صدامات عنيفة بسبب ارتفاع اسعار الخبز.
الغاء بورقيبة قرار رفع الاسعار واقالة وزير الداخلية.
- يوليو 1986: اقالة رئيس الوزراء محمد مزالي ومغادرته الى اوروبا.
- 07 نوفمبر 1987: اقالة بورقيبة بسبب «عجزه» عن الحكم من قبل رئيس
الوزراء زين العابدين بن علي الذي تولى الرئاسة خلفا له.
- 25 يوليو 1988: تعديلات دستورية تلغي الرئاسة مدى الحياة وتحدد
عدد الولايات الرئاسية.
- 09 ابريل 1989: انتخاب بن علي رئيسا بالاقتراع العام.
- 1992: منع حزب النهضة الاسلامي.
- 20 مارس 1994: اعادة انتخاب بن علي رئيسا لتونس.
- 17 يوليو 1995: توقيع اتفاق للشراكة والتبادل الحر مع الاتحاد
الاوروبي.
- 25 سبتمبر 1999: اعادة انتخاب بن علي رئيسا بـ99، 44 % من الاصوات.
- 06 ابريل 2000: وفاة بورقيبة عن 96 عاما.
- 11 ابريل 2002: اعتداء على كنيس في جزيرة جربة (جنوب) تبناه تنظيم
القاعدة (21 قتيلا).
- 27 مايو 2002: اصلاح دستوري اقر باستفتاء يسمح لرئيس الدولة
بالترشح لولايات جديدة.
- 03 يوليو 2005: انتخاب مجلس للمستشارين، ما يجعل البرلمان يتألف
من مجلسين.
- 16 يوليو 2008: اجراءات اقتصادية ومالية لمنطقة المناجم في قفصة
بعد حركة احتجاج على البطالة والفساد، قمعت بقسوة.
- 14 يناير 2011: الرئيس بن علي يغادر تونس بعد صدامات استمرت شهرا
واسفرت عن سقوط 66 قتيلا على الاقل بحسب منظمات غير حكومية. رئيس
الوزراء محمد الغنوشي يتولى الرئاسة بالانابة.
أول رد فعل عربي
أول رد فعل عربي حول احداث تونس كان من الدوحة حيث اعلنت قطر عبر
مصدر مسؤول في وزارة الخارجية القطرية انها تراقب الاحداث الجارية في
تونس، وتحترم ارادة الشعب التونسي وخياراته.
ونقلت وكالة الأنباء القطرية الرسمية عن المصدر تأكيده التزام قطر
«بعلاقتها المتينة مع الشعب التونسي العزيز وحرصها على علاقاتها
المميزة مع الجمهورية التونسية».
تمنيات مصرية
تظاهر المئات من الناشطين المصريين أمس الجمعة امام السفارة
التونسية في القاهرة تأييدا للانتفاضة التي قام بها الشعب التونسي ضد
نظام الرئيس زين العابدين بن علي.
وتجمع الناشطون المصريون امام السفارة في حي الزمالك بعد ساعات من
الاعلان عن خروج بن علي من تونس وهم يحيون الشعب التونسي على انتفاضته
ضد النظام. |