جرذ آخر يفر مذعورا من قبضة الجياع والمحرومين, هكذا كان هروب طاغية
تونس الذي كان يمثل شكلا من أشكال الدكتاتورية الحاكمة لبلدان الأمة
العربية المغلوبة على أمرها.
جرذ جعل أساتذة تونس يلوكون الصبر خبزا.. أستاذ جامعي يقول لمذيعة
الأخبار في قناة فضائية إنه لايجد الخبز في بيته! ترى ما الذي يقوله
الفقير الكحيان الذي لايملك قوتا ولايجد عملا غير أن ينظر بعينين
حائرتين لطغاة بن علي وعائلته وصهره الطرابلسي وزوجته الدلوعة المفعوصة
وهي تتلذذ كبقية زوجات حكام العرب بجوع وحرمان الشعوب المقهورة ؟
بلدان عربية عديدة لايجد أبناؤها الخبز ولا فرص الحياة الكريمة
بإستثناء أن يهتفوا للزعيم الأوحد الذي يسرق منهم حتى أعمارهم ويبقى في
السلطة لعقدين وثلاثة وأربعة بحسب رغبته وسطوته أو بسبب عوامل سماوية
تؤجل في قبض روحه لمشيئة إلهية.
لافرق بين جرذ وآخر. فهذا يفر من أمام الثائرين وذاك يفر من مواجهة
المحتلين. ولافرق فلولا المحتل لبقي العراقيون نياما الى يوم الدين
ولولا الخبز والذل ولولا بطولة الشاب محمد بو عزيزي في سيدي بو زيد لما
تحرك الشعب التونسي. وآخر مشدوه لايدري مايفعل فتجد إنه يتخذ خطوات غير
محسوبة أو يقيل حكومة معطوبة لعل فرجا يطيل من عمر بقائه على سدة الحكم.
الحكام العرب الفرحين بصمت الغرب على جرائمهم طالما ظلوا أوفياء
خانعين لسياسات واشنطن والعواصم الاوربية فوجئوا بتململ الشارع وهيجان
العواطف وثورة الأرواح رفضا لذل راتب أراد له هؤلاء أن يدوم ولاينجلي
وأن يقبل الشعب به لكنهم نسوا أن دعم الغرب سيكون في مواجهة تمرد محدود
أو لتصفية معارض أو ردع حزب من الاحزاب حين يطالب بالتغيير وليس في
مواجهة الشعب الجائع أو الذليل.
ومثلما حدث في العراق عام 2003 حين فر صدام حسين وخرج الشعب الى
الشوارع يبحث عن فرص تدمير الذات الذليلة وتخريب ماأمكن من خرائب هي في
الأصل مخربة.. هاج شعب تونس وماج وصرنا نشاهد من شاشات التلفاز صور
المتظاهرين والناقمين والمشردين ينهبون المتاجر والمحال ويحرقون مبان
ودوائر الدولة في مدن تونس بما فيها العاصمة.
حتى رجال الشرطة الفاسدين أصلا سارعوا الى كسر أقفال المحال
التجارية وسرقوا ما استطاعوا وصار العراقيون يؤشرون بأيديهم الى حوادث
تونس ويقولون. كلنا في الهواء سواء وكلما ثار شعب عربي على طاغيته
فسيفعل مافعل الناس وليس كلهم في بغداد أو تونس وربما سنشهد ذلك في
بلاد عربية أخرى بمجرد أن تشتعل حرائق الكبت والضغينة للدكتاتورية
البغيضة.
أيتها الشعوب العربية أنت معنية بالثورة والتغيير فهولاء الحكام
متواطئون مع واشنطن وعواصم الغرب وكلما إشتعلت الحرائق كانت دفئا لهم
في صقيع يعيشونه.
وطاغية بعد آخر يسقط تحت وطأة الضربات الموجعة التي يوجهها لهم
جوعكم وفقركم وحرمانكم وذلكم وألمكم وقهركم.. واحدا بعد واحد. سينتهون
ولكن عليكم أن تقتدوا بتونس الحمراء ولاتتجاهلوا صرخات المظلومين الذين
لايجدون عونا على الطغاة إلا الله سبحانه.
عاشت تونس الحمراء والخزي والعار لكل الطغاة في مغرب الوطن العربي
ومشرقه والى أمام.
[email protected] |