المسلمون في المانيا وحرب التيارات المتطرفة

 

شبكة النبأ: مما لا يخفى عن الجميع هو التوجه المتصاعد الى اعتناق الدين الاسلامي في الكثير الدول الأوربية، وهذا امر أكدته الدراسات التي اجريت مؤخراً ، والتي اشارت نتائجها الى زيادة عدد المسلمين مقارنةً بمعتنقي الديانات الاخرى.

وبين القائمون على الدراسة ان زيادة عدد الولادات لدى الجالية المسلمة وتنامي حالة الهجرة هو السبب الرئيسي في هذه التحول. فيما يذهب البعض في اراءهم حول هذا الامر الى كون الدين الاسلامي سيكون هو الديانة الرسمية للكثير من الدول المسيحية خلال العقود القادمة.

الا ان ذلك لا يخلو من السلبيات وردود افعال معاكسة في تلك الدول، خصوصا في ما يتعلق بالحملات المتطرفة التي تشنها بعض الجهات المعادية للإسلام.

التيار المناهض

فيرى باحثان ألمانيان أن موجة من العداء للإسلام تشمل مفكرين ورؤساء تحرير صحف في البلاد وأن هذا التوجه أدى الى أن أكثر من نصف الشعب الالماني يعتبرون الاسلام وأغلب المسلمين خطرا يهدد أمنهم.

يقول كاي حافظ الباحث في العلوم السياسية وأستاذ الاعلام المقارن بجامعة ايرفورت بشرق ألمانيا ان الخطاب الاعلامي الراهن في ألمانيا حول الاسلام يدفع المشاهدين لربط الاسلام بقضايا سلبية وان صورة الاسلام كعدو ترتبط أكثر بالمراحل التي تشهد انتشارا للإسلام السياسي بحسب رويترز.

ويضيف في دراسة عنوانها(صورة الاسلام في الاعلام الالماني مجتمع الاعلام ومجتمع المعرفة) أن "أزمة الرسوم الكاريكاتيرية وما بعد عمليات 11 من سبتمبر (أيلول 2001") جعلت رؤساء تحرير الصحف الكبرى يتبنون خطابا ينتقد الاسلام وينطلق من صيغة تعميمية تهدف الى تثبيت الصورة الذهنية السلبية عن الاسلام وأغلب المسلمين.

ونشرت الرسوم المسيئة للنبي محمد لأول مرة في صحيفة دنماركية عام 2005 ثم أعيد نشرها في صحف في أوروبا واسيا والولايات المتحدة رغم احتجاجات من المسلمين في معظم أنحاء العالم. وزاد عدد الصحف والمجلات التي نشرتها على الخمسين.

ويقول حافظ في الدراسة التي ترجمها الكاتب المغربي رشيد بوطيب ان كثيرا من الصحفيين والكتاب الذين عرفوا في السابق بدفاعهم عن قيم التسامح والتحرر يميلون حاليا الى تبني مواقف يمينية محافظة حتى ان استطلاعات الرأي تؤكد بأن الخوف من الاسلام ورفضه منتشر عند ما يقرب من ثلثي المجتمع الالماني.

ونشرت ترجمة دراسة حافظ في العدد الجديد من مجلة (فكر وفن) وهي مجلة ثقافية تقع في 80 صفحة وتصدر ثلاث مرات في السنة عن معهد جوته ويشارك في تحريرها وترجمة موادها ألمان وعرب مقيمون في ألمانيا وتضم هيئة التحرير الكاتبين السوري أحمد حسو والالماني شتيفان فايدنر.

ويقول فايدنر في مقال عنوانه (جدل جديد حول الاسلام.. لماذا يتملق الاعلام الالماني الحركة المعادية للإسلام؟) ان ألمانيا مثل هولندا تكونت فيها "حركة جيدة التنظيم تقاوم الاسلام وتكن له العداء... حققت الحركة نجاحا معتبرا في حشد وسائل الاعلام لمراميها وأهدافها حتى ان 50 بالمئة من أفراد الشعب الالماني يعتبرون الاسلام وأغلب المسلمين خطرا يهدد أمنهم.

ويضيف أن الحركة المعادية للإسلام رغم ما تتسم به من ضعف سياسي واصلت التنفيس عن سخطها من خلال وسائل الاعلام الجماهيرية في ظل تعريض المناخ الاجتماعي لسموم تنتشر وتتزايد في أحشائه شيئا فشيئا.

ومع أن قيام متطرف يميني باغتيال المواطنة المصرية مروة الشربيني في قاعة محكمة في مدينة دريسدن كان صرخة مدوية تحذرنا من خطر هذه السموم الا أن هذا الحادث سرعان ما جرى تجاهله في النقاشات الدائرة بزعم أنه لا يوجد رابط بين هذه الجريمة الشنعاء والحركة المعادية للإسلام. الا أن واقع الحال يشهد فعلا على وجود هذا الترابط."

وكان الالماني من أصل روسي أليكس فاينز قتل مروة الشربيني (31 عاما) حيث طعنها 16 طعنة بسكين داخل قاعة المحكمة أمام زوجها وابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات في يوليو تموز 2009 وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.

ويعترف فايدنر في المقال الذي ترجمه العراقي عدنان عباس علي بأن "الحركة المعادية للإسلام في ألمانيا خلقت مناخا يعطي لكل مجرم غاشم الانطباع بأنه محق فيما يقترف من عمليات اجرامية وأنه يتصرف باسم أغلبية المواطنين."

ويركز أحمد حسو على أحد مظاهر التسامح مسجلا أن رئيس وزراء ولاية سكسونيا السفلى كريستيان فولف قام بتعيين ايجول أوزكان وهي من أصل تركي وزيرة للاسرة والشؤون الاجتماعية والصحة والاندماج في حكومة الولاية وهي أول مسلمة تتقلد منصبا وزاريا في ألمانيا من قبل حزب محافظ هو الحزب الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل مفسرا ذلك بأنه حصيلة مشاركة سياسية طويلة.

ويبدي في مقال عنوانه (النقاب يسرق الاضواء..ماذا يحدث في أوروبا؟) استغرابه من ربط بعض الساسة الاوروبيين بين الاسلام والنقاب وكأن هذا من ذاك موضحا أن عدد المنتقبات في أوروبا لا يزيد على أربعة الاف وأن النقاب موضع جدل في العالم الاسلامي حتى ان "شيخ الازهر السابق (محمد سيد طنطاوي) منع ارتداءه في المدارس التابعة لمؤسسته المسلمون أنفسهم يضيقون ذرعا بالنقاب ويعتبرونه رمزا لعادات محافظة في مجتمعات محددة كمجتمعات الخليج."

حملات متواصلة

في نفس السياق سجل كتاب مناهض للإسلام في المانيا ارقام مبيعات ضخمة تجاوزت المليون نسخة حتى الان بمعدل بيع يصل الى عشرة الاف نسخة يوميا، واثار جدلا في هذا البلد الذي يضم اكثر من اربعة ملايين مسلم.

ويحمل الكتاب عنوان "المانيا تتجه نهو هلاكها" وهو من اعداد المدير السابق للمصرف المركزي الالماني ثيلو سارازان، ويركز فيه على الاربعة ملايين مسلم تقريبا الذين يعيشون في المانيا والذين يتهمهم بانهم يرفضون الاندماج.

وقال ماركوس ديزيغا المتحدث باسم دار النشر "دي في اي" التي طبعت الكتاب لاسبوعية فوكوس "اننا حاليا نبيع ما معدله عشرة الاف كتاب يوميا".وكان الكتاب نزل الى الاسواق وباع حتى الان نحو 1,25 مليون نسخة حسب المصدر نفسه. واثار هذا الكتاب جدلا كبيرا في المانيا شاركت فيه الطبقة السياسية التي اعتبر بعض منها ان سارازان العضو في الحزب الاشتراكي الديموقراطي لم يكشف سوى عن الحقيقة المؤلمة التي هي فشل سياسة اندماج المسلمين في المجتمع الالماني. ويدرس الحزب الاشتراكي الديموقراطي حاليا امكانية طرد سارازان من الحزب، وهو كان اجبر قبلا على الاستقالة من البنك المركزي.

وقال سارازان انه تحول الى مليونير بسبب مبيعات كتابه. وردا على سؤال لصحافي تلفزيوني حول ما اذا كان جنى ثلاثة ملايين يورو من كتابه، قال سارازان "فاوضت لاحصل على اكثر بقليل من نسبة ال12% من حقوق البيع".

ويعتبر ثيلو سارازان ان عبء المهاجرين المسلمين "يرهق" المانيا. ويصف المسلمين الذين يعيشون في برلين بانهم ليسوا سوى "بائعي خضار وفاكهة يلدون بنات صغيرات محجبات".

وحصل سارازان على تأييد غالبية الالمان الذين يبلغ عددهم نحو 82 مليون نسمة بينهم 16 مليونا من اصل مهاجر من ضمنهم اربعة ملايين مسلم.

النظر بسلبيه

والى ذلك أظهر استطلاع للرأي ان نحو ثلث الالمان فقط لهم رأي ايجابي تجاه جيرانهم المسلمين وهذه نسبة تقل كثيرا عن باقي شعوب دول غرب أوروبا. وعلى النقيض من ذلك أظهر المسح الذي أجراه معهد تي.ام.اس امنيد لقياس الرأي العام ان 62 في المئة من الهولنديين و56 في المئة من الفرنسيين لهم اراء ايجابية تجاه المسلمين.

وعزا ديتليف بولاك عالم الاجتماع في جامعة مونستر وقائد فريق البحث الذي أجرى الاستطلاع رأي الالمان الى قلة اتصالهم بالمسلمين مقارنة مع شعوب الدول الاخرى التي أجري فيها الاستطلاع. وقال "كلما التقيت أكثر بالمسلمين كلما زادت نظرتك لهم بايجابية بوجه عام." بحسب رويترز.

وعكس الاستطلاع تباين اراء مواطني شرق وغرب ألمانيا تجاه المسلمين. وجاء بالاستطلاع ان 34 في المئة من الغرب و26 في المئة فقط من الشرق لديهم انطباعات ايجابية تجاه المسلمين.

وأظهر الاستطلاع ايضا تباينا في الاتصال مع المسلمين حيث قال 40 في المئة من سكان غرب ألمانيا و16 في المئة فقط من سكان شرقها انهم يلتقون مع مسلمين بين حين واخر.

وبدا ان الفرنسيين هم الاكثر اتصالا بالمسلمين حيث قال 66 في المئة منهم ان لهم اتصالات بهم.

وقال بولاك "اذا وقع هجوم ارهابي في ألمانيا الان وهو ما يخشاه البعض فانه سيكون مأساويا فيما يتصل بالمسلمين. معظم الناس سيشعرون ان رأيهم السلبي في المسلمين له ما يبرره."

وأجري استطلاع الرأي قبل ان يتسبب عضو مجلس ادارة البنك المركزي الالماني تيلو زاراتسين في احتدام الجدل في البلاد بشأن اندماج المسلمين في كتاب نشر في أغسطس اب وحقق أعلى المبيعات. وقال بولاك ان تكامل المسلمين لم يناقش بشكل جدي على غرار دول أخرى الامر الذي يفسر الاراء السلبية للالمان تجاه المسلمين. وقال أكثر من نصف الالمان الذين استطلعت اراؤهم انهم يربطون بين الاسلام والتمييز ضد المرأة والتشدد وعدم التسامح.

وأجري المسح على عينة من ألف شخص في كل من شرق ألمانيا وغربها والدنمرك وفرنسا وهولندا والبرتغال.

نشاط المتطرفون

في شأن متصل ستظل المانيا معرضة لخطر التعرض لهجوم على أيدي متشددين اسلاميين يحاولون القضاء على الدعم المتذبذب للتدخل العسكري في أفغانستان وضرب قلب الاقتصاد الاوروبي.

وعلى مدى الشهر شق الالمان طريقهم وسط الثلوج تحت حراسة المئات من قوات الشرطة الاضافية التي تمركزت في مراكز النقل والاماكن العامة الاخرى بعد أن رفعت الحكومة مستوى التأهب الامني على غير المتوقع.

ولم تحدد الحكومة تهديدا معينا لكن مسؤولي أمن تحدثوا عن سلسلة من السيناريوهات المحتملة التي قد تحدث في المانيا ومن بينها هجمات مسلحة مشابهة لتلك التي وقعت في مدينة مومباي الهندية عام 2008 بحسب رويترز.

جاء رفع مستوى التأهب الامني بعد العثور على طرد ملغوم أرسل من اليمن الى هدف أمريكي مر عبر المانيا فضلا عن طرد ملغوم اخر أرسله من يشتبه أنهم متشددون يونانيون ووصل الى مكتب المستشارة الالمانية انجيلا ميركل.

ولم تتعرض المانيا لهجوم كبير من قبل متشددين اسلاميين منذ الهجمات على الولايات المتحدة عام 2001 غير أنه تم احباط عدة محاولات كما أن وجودها العسكري في أفغانستان جعلها تتحسب اي هجمات. وقال رولف توبهوفن مدير معهد ايسن لابحاث الارهاب والسياسة الامنية "بوصفها صاحبة ثالث اكبر قوة في افغانستان لازالت المانيا هدفا رئيسيا للارهابيين."

وأضاف "خطر شن هجوم لا يزال شديدا جدا" ومضى يقول "الهجوم الذي وقع في السويد أظهر أنه لا يمكن احتواء كل المخاطر لان من المستحيل أن تراقب كل شخص."

وقتل انتحاري مشتبه به من أصول شرق أوسطية في ستوكهولم بعد انفجار واحدة من عدة عبوات ناسفة كان يحملها في العاصمة السويدية. وتم الربط بين الانفجار والوجود العسكري السويدي في أفغانستان. ويقول خبراء أمن ان الفرقة العسكرية الالمانية التي تتكون من 4500 جندي في أفغانستان ساعدت في تجنيد عناصر بشكل مطرد لصفوف المتشددين الاسلاميين في المانيا.

ومما يعقد مشاكل ميركل استطلاعات الرأي التي تظهر أن أغلبية الالمان لا يعتقدون أنه يجب أن يكون جنودهم في أفغانستان مما يشجع بعض المتشددين الاسلاميين على أن يعتبروا برلين حلقة ضعيفة في ائتلاف حلف شمال الاطلسي يجب استهدافها.

وقال برنت جورج تام خبير التشدد الاسلامي المقيم في برلين "ليست عزيمة الجنود هي المتذبذبة بشأن أفغانستان انه الشعب الالماني." وأضاف أن من خلال التهديد بشن هجمات يستطيع المتشددون الضغط على الساسة لانهاء التدخل في صراع يتشكك الكثير من الناخبين بالفعل فيه.

وقال تام "يستطيعون أن يواصلوا ممارسة الضغط وهم يعلمون أن هذا سيسفر عن رد فعل في المقابل."

وزادت ثقة المتشددين في قدرة العنف على التأثير في السياسة الخارجية الغربية عام 2004 حين وقعت تفجيرات مدريد التي أسفرت عن مقتل 191 شخصا وأسقطت الحكومة التي وافقت على مشاركة اسبانيا في حرب العراق. وتلقى عدة متشددين اسلاميين من أصول ألمانية تدريبا في معسكرات بجنوب اسيا لقتال ما يعتبرونها قوات الاحتلال التابعة لحلف شمال الاطلسي في أفغانستان.

ويقول محللون ان الدعم للمهمة في أفغانستان يعاني ايضا من انعدام الثقة الالمانية في العمليات العسكرية بالخارج بسبب الدمار الذي وقع على أيدي النازيين في الحرب العالمية الثانية. وتبحث برلين بالفعل عن سبل للخروج من أفغانستان. أظهر تقرير حكومي أن المانيا تريد بدء سحب قواتها قريباً.

ويقول محللون ان أحدث تهديدات ظهرت في المانيا التي تعتقد الشرطة أنه يعيش بها اكثر من متشدد اسلامي محتمل أن يمارسوا أعمال عنف وربما تكون جزءا من خطة للمتشددين لالحاق أضرار بأوروبا من خلال استهداف أهم اقتصاداتها.

وقال تام "تبدو الطرود الملغومة جزءا من استراتيجية للقيام بعمليات صغيرة ومؤثرة" مشيرا الى أن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن قال ان القوى الغربية نهبت موارد الشرق الاوسط معقل الاسلام لسنوات.

وأضاف هذا له معنى من وجهة نظر جهادي ارهابي. بمعنى انه بأقل تكلفة يستطيع الارهابيون الحاق أضرار اقتصادية بمليارات الدولارات. ومضى يقول "نستطيع أن نتوقع كما اكبر بكثير من هذه التهديدات في الاعوام القليلة القادمة. وعلقت برلين لفترة قصيرة الشحن الجوي حين تبين أن أحد الطردين الملغومين اللذين أرسلا من اليمن وصل الى كولونيا.

وتعتمد المانيا اكبر اقتصاد في اوروبا بدرجة كبيرة على الطلب الخارجي. نتيجة لهذا فان الشركات في مختلف قطاعات الاقتصاد الالماني تشعر بأي تعطل. وكان الاقتصاد الالماني المحرك لتعافي اوروبا من الازمة المالية. وقالت الغرفة الالمانية للصناعة والتجارة انه اذا تم تعليق توصيل الطرود والخطابات فان الاقتصاد سيتكلف 300 مليون يورو الاضرار المصاحبة فستكون أعلى بكثير. وأضافت الازمة المالية ضغطا على الميزانيات العامة وقال توبهوفن مدير معهد ايسن لابحاث الارهاب والسياسة الامنية ان المانيا لن تستطيع الاستمرار في وضع قوات الامن في حالة تأهب تحسبا لوقوع اي مشاكل الى ما لا نهاية. وتابع قائلا "لكن من المؤكد أن حالة التأهب القصوى ستظل مستمرة لبضعة أشهر كنوع من الردع."

هامبورج

على صعيد شبيه قد تصبح هامبورج قريبا أول ولاية ألمانية تعترف رسميا بالمسلمين كطائفة دينية وتمنحهم نفس الحقوق القانونية التي يتمتع بها المسيحيون واليهود في التعامل مع الادارة المحلية.

وتقترب مفاوضات تجرى في هدوء منذ اربع سنوات بشأن بناء مساجد وفتح مقابر للمسلمين وتدريس الاسلام في المدارس العامة من نهايتها في الوقت الذي تخوض فيه ألمانيا جدلا صاخبا بخصوص الاسلام واندماج المهاجرين المسلمين.

وقال ساسة وزعماء مسلمون انه يبدو من المؤكد ان يكتمل الاتفاق لكن النقاش الدائر على المستوى الوطني بشأن الاسلام والتغييرات السياسية المحلية قد تجعل اقراره اكثر صعوبة من المتوقع بحسب رويترز.

وقال زكريا ألتوج رئيس فرع هامبورج التابع لهيئة الاتحاد التركي الاسلامي (ديتيب) وهي احدى المنظمات الاسلامية الكبرى في ألمانيا من المهم لنا ان يوضح هذا الاتفاق اننا جزء من هذا المجتمع. وقال نوربرت مولر وهو ألماني اعتنق الاسلام وعضو مجلس جماعة شورى كبرى الجمعيات الاسلامية في هامبورج بشمال ألمانيا "نحن قريبون من اختتام هذا."

ويقدر عدد المسلمين في ألمانيا بنحو اربعة ملايين اغلبهم من اصل تركي بين سكانها الذين يبلغ عددهم 82 مليون نسمة. وقد ظلوا يعاملون لفترة طويلة على انهم عمال مهاجرون سيعودون في نهاية الامر الى بلدانهم الاصلية لكنهم صاروا الان أقلية ذات وجود راسخ ويريدون ان يتمتعوا بالمساواة في الحقوق.

وسيحدد الاتفاق في هامبورج وهي ثاني اكبر مدينة في البلاد وولاية في النظام الاتحادي الالماني حقوق المسلمين وواجباتهم مثل التشاور مع سكان الاحياء قبل بناء مساجد او تشييد ماذن.وقال ألتوج ان كثيرا من الحقوق متاح بالفعل بموجب قوانين اتحادية مختلفة أو منح كاستثناءات على المستوى المحلي. وقال "هذا الاتفاق يجمع كل هذا معا في نص واحد."

وقد تكون المساواة في الوضع مع المسيحيين واليهود اكثر اثارة للجدال عندما يطرح الاتفاق للنقاش في البرلمان المحلي في هامبورج وهي مدينة أغلب سكانها مسيحيون لوثريون تاريخيا ويمثل المسلمون قرابة خمسة في المئة من سكانها البالغ عددهم 1.7 مليون نسمة.

وفجر الرئيس كريستيان فولف نقاشا محتدما بقوله في خطاب عيد الوحدة الالمانية ان البلاد جذورها مسيحية ويهودية لكن وجود اقلية مسلمة كبيرة يعني ان الاسلام بات الان "ينتمي لالمانيا" ايضا. وقال زعماء محافظون ان ألمانيا لها "تراث يهودي مسيحي" لا يشاركها فيه المسلمون وطالبوا المسلمين ببذل مزيد من الجهود للاندماج في المجتمع.

وقال زعيم كاثوليكي كبير ان المسلمين لا يمكن ان يصبحوا شركاء في اتفاق مع الولاية لان الاسلام ليس له بنية كهنوتية هرمية مثل الكنائس. واضاف ألويس جلوك رئيس اللجنة المركزية للكاثوليك الالمان لاذاعة المانيا للمسلمين الحق في أن يمارسوا دينهم بطبيعة الحال ويجب على الولاية ضمان حريتهم الدينية. لكن الاسلام يخلو من كنيسة او سلطة منظمة يمكن أن تكون شريكا.

وسيدمج الاتفاق المسلمين بعدة طرق عملية فعلى سبيل المثال سيكون على مدارس المدينة الاستعانة بمسلمين لتدريس الاسلام في حصص الدين التي يحضرها جميع التلاميذ. ويقوم بهذا الان مدرسون من الكنيسة اللوثرية المحلية. وسيضمن لهم حقوق الدفن في المقابر البلدية حيث يمكن دفن المسلم في كفن وليس في نعش ودون وجود رموز دينية اخرى قرب مدفنه. ويفضل كثير من المهاجرين ان يدفنوا في بلدانهم الاصلية لضمان دفن اسلامي.

وسيكون للتلاميذ المسلمين حرية التغيب عن المدرسة في اثنتين او ثلاث من العطلات الاسلامية وقد يعين رجال دين مسلمون في السجون. وتدرس ولايتا سكسونيا السفلى ونورد راين فستفاليا أيضا الاعتراف بالاسلام. ولما كان الاعتراف بالاديان مسألة تخص كل ولاية بموجب القانون الالماني فقد لا تحذو ولايات اخرى حذو هامبورج.

ويقول ساسة محليون ان النقاش المحتدم على المستوى الوطني بشأن الاسلام قد يبعث على تردد بعض اعضاء المجلس المحلي عند مناقشة النص النهائي. كما خسر المشروع اقوى مؤيد له عندما استقال رئيس بلدية المدينة اولي فون بيوست. وقال فولفجانج بيوس المتحدث في الشؤون الدينية باسم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الحاكم في هامبورج "اتوقع اقراره. لكن التوقعات ليست جيدة كما كانت من قبل."

الف متشدد

على الصعيد نفسه قال المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة ان ألمانيا بها على الارجح أكثر من الف اسلامي ممن يحتمل ان يستخدموا العنف وان عدد المتشددين المعروفين ارتفع باطراد في السنوات الاخيرة.

وأضاف المكتب أن عدد التحقيقات في الانشطة الارهابية المرتبطة بالاسلاميين في ألمانيا ارتفع باستمرار منذ عام 2001 وأن عدد التحقيقات الجارية حاليا 352 تحقيقا. وذكر المكتب وهو جهاز للشرطة يعمل في كل أنحاء المانيا في بيان لمؤتمره الذي يعقد في الخريف يعتقد المسؤولون الامنيون في المانيا أن هناك ما يزيد على ألف اسلامي مستعدون لارتكاب أعمال عنف. وقال المكتب ان السلطات تعتبر 131 اسلاميا في المانيا محرضين على الارهاب وتحتفظ بسجلات بشأن 274 شخصا اخر تعتبرهم ذوى صلة.

وسلطت الاضواء في ألمانيا من جديد على التشدد الاسلامي بعد أن قال مسؤولون أمنيون ان مؤامرة لشن هجمات في أوروبا أحبطت بفضل معلومات تم الحصول عليها من ألماني يشتبه بأنه متشدد القي القبض عليه في افغانستان. وتفيد تقارير اخيرة بأنه قد يحدث ارتفاع في التشدد الاسلامي بالترافق مع زيادة في كراهية الاجانب.

وأظهرت دراسة أجرتها مؤسسة فريدريك ايبرت القريبة من الحزب الديمقراطي الاشتراكي المعارض أن 58 في المئة ممن استطلعت اراؤهم يرون ضرورة الحد من حق المسلمين في ممارسة شعائر دينهم في المانيا.

وقالت الدراسة ان نسبة من يتفقون مع العبارة "لا أحب العرب" ارتفعت من 44 في المئة في استطلاع أجري عام 2003 الى 55 في المئة هذا العام. كما أظهرت أن اراء كانت تقتصر من قبل على النازيين الجدد تنتشر الان في المجتمع الالماني على نطاق أوسع.

وقال المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة ان احتمال لجوء اليمين المتطرف الى العنف تضاعف تقريبا منذ التسعينات ويشمل نحو تسعة الاف شخص.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/كانون الثاني/2011 - 2/صفر/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م