يقصد بالارشاد النفسي تلك العملية التي تتم بين فردين احدهما قلق
مضطرب بسبب بعض المشكلات الانفعالية التي لا يستطيع ان يواجهها او
يتغلب عليها بمفرده، والثاني اخصائي يستطيع بحكم اعداده المهني وخبرته
العملية ان يقدم المساعدات الفنية التي تمكن الفرد من ان يصل الى حل
لمشكلاته.
والمشكلات التي يتعرض لها الارشاد النفسي هي المشكلات التي لم تصل
بعد بالفرد الى حد الانحراف الذي يهتم به العلاج النفسي والتي تظهر في
الامراض النفسية على اختلاف انواعها.
واذا حللنا هذا التعريف بشيء من الدقة نجد ان الهدف الاول من
الارشاد النفسي هو مساعدة الفرد الذي يطلب المساعدة كي يتغلب على
مشكلاته او ان يخفف منها بقدر الامكان.
وهي في ذلك تتفق من حيث الهدف مع التوجيه، غير ان الارشاد النفسي
بمعناه المحدود يختلف عن التوجيه في انه – اي الارشاد- اكثر تاكيدا
للعملية التعليمية التي يجب ان يمر بها الفرد اثناء عملية الارشاد، حيث
يتم تنظيم الموقف الاستشاري بحيث يصبح موقفا تعليميا يؤدي بالفرد الى
تنمية الابصار، سواء كان ذلك فيما يتعلق بدوافعه وافكاره وقيمه او فيما
يتعلق بانماط سلوكه واساليبه في التعامل مع الاخرين او مع نفسه، او
الارشاد النفسي من هذه الناحية يتفق مع العلاج النفسي.
وفي الوقت الذي نجد ان هناك اكثر المشاكل الاجتماعية بحاجة الى
حلول نفسية، وكون بلدان العالم الثالث لا تعطي اهمية كبيرة الى الجانب
النفسي على خلاف البلدان المتقدمة خصوصا على المستويات التعليمية
والتربوية والصحية. وينبغي ان يلم المرشد النفسي بالأساليب والمهارات
التي تمكنه من تحقيق هذا الهدف، وهو بهذا المعنى ان يكون ملما الماما
كافيا بعلوم مختلفة تتعلق باوجه النشاط الانساني مثل علم النفس وعلم
الاجتماع والتربية والصحة والعلاقات الانسانية والاقتصادية، وبعبارة
اخرى يكون ملما بكل النواحي التي تمس حياة الانسان وتكيفه واعتقد ان
الارشاد النفسي، في الوقت الحاضر، له دور كبير في تحسين المجتمع وتحويل
الكثير من اجياله الفتية الى طاقات شابة قادرة على فهم معنى الحياة
ومجابهة مصاعبها والخروج من التخندقات المجتمعية ذات الموروث المتأصل
وتحفيزهم للتفكير والابداع لا سيما وان التقدم التعليمي والتكنلوجي
الحاصل في الغرب يستثمر في البلدان بصورة عكسية.
ويتميز الارشاد النفسي بانه يتركز حول الفرد اكثر مما يدور حول
المشكلة التي يعرضها، بمعنى ان حل المشكلة الراهنة في ذاته ليس خدمة
استشارية في الاستبحار الذي يحققه المرشد للفرد بما يساعده على ان يغير
من مشاعره واساليب سلوكه ومن اتجاهه بالنسبة لموضوع المشكلة، مما يكفل
له الواحة والرضا والقدرة على مواجهة المشكلات بطريقة سليمة.
واذا ما تسألنا عن الفرق بين التوجه والارشاد النفسي نجد ان الفروق
يبينهما ضئيلة وان البعض ينكر هذه الفروق، ويعتبر الارشاد النفسي نوعا
من التوجيه. ومن الممكن القول ان الفرق بينهما فرق في المجال والدرجة
التي يتناول بها كل منهما الفرد... ففي حين يتسع المجال في التوجيه
بحيث يشمل التوجيه التربوي والاداري والصحي والقانوني والهندسي وتوجيه
الجمعي، نجد ان الارشاد النفسي قاصر على النواحي التي يمر بها الفرد
عند تفاعله مع بيئته والتي تسبب له في بعض الاحيان قلقا واضطرابا
واضحين.
اما من ناحية الدرجة فإننا نجد ان التوجيه اثناء معالجة اتجاه
الفرد وقيمة مشكلاته النفسية لا يصل في تعمقه وبحثه الى الدرجة التي
يصل اليها الارشاد النفسي. ويرى الباحث ان الارشاد النفسي خطوة من
خطوات التوجيه التربوي او المهني، ولكن الاستشارة او الارشاد النفسي
المقصود في هذا المجال لا يتجاوز تخفيف حالات القلق والاضطراب النفسي
لدى الفرد ونحتاج في البلدان النامية الى فتح مراكز او مؤسسات تعنى
بالتوجيه والارشاد بصورة عامة لخلق مجتمع مبني على التسامح والعفو
وتقديم النصح للآخرين.
* استاذ وباحث |