خلل كبير آخر!!!

جواد العطار

تشكلت الحكومة الجديدة برئاسة السيد نوري المالكي؛ أخيرا، بعد أن أكملت الكتل السياسية تقديم قوائم مرشحيها، وبعد أن منحها البرلمان العراقي الثقة، وان كان ذلك يعد إنجازا كبيراً لصالح السيد رئيس الوزراء الذي تمكن من تحقيق مفهوم الشراكة الوطنية بإشراك كل الكتل الفائزة في وزارته، غير إن هذا لا يخفي حقيقة مهمة وجوهرية تمثلت في أن جل أعضاء وزارته هم نواب ومنتخبون من قبل الشعب في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في 7/3/2010.

وهذا يعني من الناحية العملية انتقال النواب أو تخليهم عن مهامهم في التشريع والرقابة تحت قبة البرلمان، وهي المهمة التي أوكلها لهم الناخبون، إلى العمل التنفيذي والحرفي والتخصصي في الوزارات.

هذه النقلة لا تشكل من الناحية القانونية خرقا، ولكن نعتقد أنها في الوقت نفسه تعد اخلالا وتنصلاً أخلاقياً من بعض النواب؛ إذا كان الهدف من ورائها طلب المنصب، وهي بذلك نقضا للعهود التي قطعت للناخبين اثناء الحملات الانتخابية ، وذلك للأسباب التالية:

1. النائب المنتخب الذي أصبح وزيرا يمثل في الأساس شريحة واسعة من ناخبيه في دائرة معينة (محافظة على سبيل المثال). وعلى ضوء قانون الانتخابات المعمول به؛ وبعيد استيزاره، لم يعد من الناحية العملية ممثلاً لناخبيه ولا لدائرته، وهذا خلل في التمثيل الحقيقي لرغبة الناخبين داخل قاعة البرلمان.

2. البرامج والمشاريع الانتخابية والوعد بانجازها، كانت الاساس في الاختيار والفيصل بالمنافسة الديمقراطية على مقاعد البرلمان. وعلى ضوء تلك البرامج والمشاريع تم انتخاب ( زيد بدلا من عمر ) نائبا من قبل الناخبين. واليوم، وبعد أن أصبح النائب وزيراً، كيف يتسنى له أن يفي بوعوده وينجز مشروعه وبرنامجه الذي وعد به ناخبيه؟..ألا يعد ذلك نقضا للعهود؟

3. قانون الاستبدال المتبع الذي أوكل مهمة ابدال (الوزراء - نواب رئيس مجلس النواب - رئيس الوزراء ونوابه) لم يحتكم الى عدد الاصوات او التسلسلات التي تعقب الفائزين بل استندت إلى زعيم الكتلة دون ضوابط تحفظ حقوق المشاركين بالانتخابات او ما يطلق عليه الخاسر الاكبر، مما زاد الطين بلة؛ وعقد الأمور. وكانت نتيجة ذلك خللا على مستوى تمثيل الدوائر، كما حصل في صلاح الدين وذي قار، وكذلك هضم وتجاوز لحقوق الخاسر الأكبر وناخبيه في كربلاء. 

الأسباب المتقدمة أعلاه وغيرها جعلت شكل الوزارة الحالية ذا صفة برلمانية، وبالتالي يتحمل رئيس الوزراء فيها المسؤولية كاملة عن عمله من جانب؛ وأفعال وأعمال وزرائه من جانب آخر. لأن صبغة المسؤولية في هذه الوزارة تشاركية تضامنية، ليس كالوزارة السابقة. عليه فان الوزير لا تحميه حصانة من الخطأ او المسائلة او المحاسبة كما لا تحميه اصوات ناخبيه التي تخلى عنها طواعية، لكن تحميه قدرته في تحقيق التوازن المطلوب بين ما قطعه من وعود لأبناء محافظته أو دائرته وقضايا ومهام الوزارة والمصلحة العامة، حتى يكون قادرا على تحقيق جزء مما وعد به، وان كان ذلك غاية في الصعوبة.

 كما ان مجلس النواب مطالب بتحقيق المعالجة القانونية اللازمة لموضوع الاستبدال، لأنه شكل غبنا لا لبس فيه للكثير من المحافظات والمناطق.

اما الناخب العراقي الذي أدلى بصوته وفقا لنظام الدوائر والقائمة المفتوحة بدافع الطموح وتحقيق المطالب والتطلعات والتي على أساسها ينتظر من النائب الذي انتخبه تلبيتها، فان الاخير وبعدما أصبح وزيراً لن يكون باستطاعته الاستجابة في الفعل والوظيفة لناخبيه ولأبناء دائرته ومطالبهم؛ بحكم انشغاله التنفيذي بوزارته، وبذلك انقطعت الصلة والتفاعل والتعاطي بين الناخب والنائب، وهذا خلل كبير آخر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/كانون الثاني/2011 - 30/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1432هـ  /  1999- 2011م