مدن الطبيعة بقيم محافظة

الابنية الخضراء والسيارات الهجينة

 

شبكة النبأ: تنعم بلدة غراند رابيدز بولاية مشيغان التي يرأس جورج هارتويل بلديتها منذ العام 2004 بمساحات وفيرة من الخضرة. ويود رئيس البلدية الذي يهوى صيد السمك والتجديف والتجول في البراري والأرياف أن تظل بلدته على هذا المنوال إلى ما شاء الله.

يقول هارتويل: "منذ نعومة أظفاري وأنا أتذوق وأقدر البيئة الطبيعية، وقد شاهدت بأم عيني العواقب الوخيمة لاستغلال الطبيعة".

ينفق رئيس بلدية غراند رابيدز أموال المدينة حيث يجب أن تُنفق. فحينما يتجول المرء في شوارع تلك المدينة، سيشاهد حدائق تتوسد أسطح المنازل وصهاريج لخزن مياه الأمطار ولوحات تلتقط حرارة الشمس لتحولها إلى طاقة مفيدة ومستجدات أخرى في المباني الخضراء، من بينها متحف جديد للفن ومقصف ومستشفى ومكاتب للشركات. وتمتاز غراند رابيدز بأعلى نسبة من المباني التي تلتزم بالمعايير المرجعية التي حددها المجلس الأميركي للبناء الأخضر، كما أنها تعتزم بناء 50 بناية أخرى من هذا القبيل.

ولو قدر لك أن تركب سيارة أجرة أو حافلة ركاب فسوف تجد أن كلتيهما سيارة هجينة. وتعتزم المدينة أيضا شق خط لحافلات الترام. بحسب موقع أميركا دوت غوف.

جدير بالتنويه أن غراند رابيدز تستهلك 20 بالمئة من طاقتها الكهربائية من مصادر متجددة، وتنوي زيادة هذه النسبة إلى مئة بالمئة بحلول العام 2020، على أن يتحقق لها ذلك من مراكز تشغيل ألواح (مراوح) الرياح.

وبفضل هذه المبادرات الخضراء، أغدق الخبراء والمجلات وحتى الأمم المتحدة بالثناء العاطر على المدينة وصنفوها بين أكثر المدن الأميركية استدامة وخبرة في ممارسات الطاقة النظيفة.

ويبدو أن هارتويل لا يقل عن معظم مواطني الشطر الغربي لولاية ميشيغان فطنة وحصافة. فهو ينادي بصيانة البيئة والاقتصاد في استهلاك الطاقة والاهتمام بالطاقة المتجددة لاستيلاد المزيد من الأعمال والوظائف وتشغيل أموال القطاعين العام والخاص لخدمة الاقتصاد المحلي.

بنايات خضراء بقيم محافظة

يلاحظ أن سكان المدن الأميركية الرائدة في المبادرات الخضراء— سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، بورتلاند بولاية أوريغون، ونيويورك— يميلون إلى اعتناق القيم الليبرالية. ولكن سكان غرب مشيغان هم محافظون في الأغلب الأعم ويستوحون حرصهم على البيئة من تعاليم الكتاب المقدس الذي يحض المؤمنين على رعاية بعضهم البعض والاهتمام بأمّنا الأرض.

يقول ديف رينارد، مدير شعبة الأداء العالمي من أجل البيئة في شركة ستيل كيس للمفروشات، إن مكارم الأخلاق وروح الخير والإحسان في المنطقة ترتكز إلى مفاهيم دينية قوامها التراحم والتعاطف وعدم التفريط في الموارد الطبيعية. أما دبرا ستكيتي، المديرة التنفيذية لمركز الاستدامة في كلية القديس توما الأكويني، فتزيد على ذلك بقولها: " إن مكارم الأخلاق المحافظة والمتجذرة تهيب بنا أن نطرح شتى الأسئلة ونجد حلولا لم تتوصل إليها بعد أماكن أخرى".

ويبدو أن رئيس بلدية غراند رابيدز يجسد هذه الروح والمواقف المستلهمة منها. فالسيد هارتويل يتحدر من أسرة متدينة كانت تمتلك شركة صغيرة. وبعد أن انكب على إدارة الشركة لبضع سنين، رُسّم هارتويل قسيسا بروتستنتيا وتولى إدارة برنامج يُعنى بالمشردين والمتشردين في مدينته.

الصناعات التقليدية

وهناك تاريخ طويل يسرد اهتمام الأهالي بالبيئة المستدامة. فمنذ عهد بعيد يعود إلى العام 1931، أراد مؤسس شركة هرمان ميلر للمفروشات أن تصبح شركته راعية للبيئة. وفي التسعينيات من القرن المنصرم، صاغ بيتر ويج، رئيس شركة ستيل كيس، تعبير "الاقتصاد البيئي" لكي يحدد التوازن بين حركة الاقتصاد والبيئة. صحيح أن هذا التعبير لم تتناقله الألسن على نطاق واسع، ولكن مؤسسته أنفقت بسخاء على المشاريع الخضراء.

والواقع أن شركات هرمان ميلر وستيل كيس وهيوارث وكاسكيد للهندسة كانت من بين أوائل الشركات التي تبنت كفاءة الطاقة وممارسات الإنتاج المستدام. وبهذا الخصوص، قال رينارد: " إنها تربط بين الإنتاج الناجع والمنتجات الخضراء".

وقد شرع بعض شركات الإنتاج المحلية في تبادل الأفكار وأفضل الممارسات ضمن شبكة غير رسمية تطورت لتصبح منتدى غرب مشيغان للأعمال المستدامة. ولأن قادة المنتدى قريبون من الأهالي، فإن مواقفهم تجاه البيئة واستخدام الطاقة ألهم منظمات وجماعات وأفرادا آخرين. وقام قادة الأعمال أيضا بتمويل مبادرات محلية. على سبيل المثال، قدمت مؤسسة ستيل كيس في العام 2003 منحة لكلية القديس توما الأكويني من أجل إنشاء برنامج جامعي في إدارة الأعمال المستدامة، وهي أول مبادرة من هذا القبيل تشهدها البلاد.

ويتذكر رئيس البلدية هارتويل أن مقترحاته لصون البيئة جوبهت أولا بالتشكك والارتياب. وقد اضطر إلى الاستنجاد بمجلس البلدية ليتغلب على المواقف المعارضة من " جهات معينة من السكان كانت تتساءل: لماذا نهدر الوقت والمال من أجل مسألة مناخية؟؟". غير أن هذه المعارضة ما لبثت أن خفتت وتلاشت مع بروز مخاطر الاحترار الكوني ومزايا التكنولوجيا النظيفة. وقد انتخب هارتويل فترة ثانية لرئاسة البلدية، كما أن اقتصاد غراند رابيدز مضى قدما وبخطى ثابتة مرتكزا إلى نموذج المعرفة.

صحيح أن المدينة فقدت آلافا من الوظائف في قطاع صناعة المفروشات والسيارات في السنوات الأخيرة ولكنها في الوقت ذاته أوجدت وظائف جمة في قطاعات أخرى.

تقول بريجيت كلوز، رئيسة شعبة "المكان الصحيح" في وكالة التنمية الاقتصادية لغرب مشيغان، إن توقيت الحملة الخضراء للمدينة كان ممتازا لأن الخبرة والمعرفة في مسائل البيئة أصبحتا ذات أهمية مطردة بالنسبة لاجتذاب الأعمال والشركات في السنوات الأخيرة. وتضرب مثلا على ذلك بقولها إن سمعة غراند رابيدز كمدينة صديقة للبيئة درت عليها أموالا طائلة بفضل المؤتمرات العديدة التي استضافتها.

وتسطع أهمية هذا الإنجاز حينما نقارنه بشركات صناعة السيارات الثلاث الكبرى في الجزء الشرقي من الولاية التي تجاهد لتنجو من الإفلاس بسبب فشلها في المضي قدما نحو الاقتصاد في استهلاك الطاقة وعجزها عن الابتكار.

يتوفر المزيد من المعلومات عن مدينة غراند رابيدز على الشبكة العنكبوتية للمدينة. كما تتوفر معلومات أخرى عن المبادرات الخضراء للمنطقة على الشبكة العنكبوتية لمركز الاستدامة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 30/كانون الأول/2010 - 23/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م