تونس... انتفاضة من تحت الرماد

 

شبكة النبأ: ككرة ثلج متدحرجة، انطلقت في تونس انتفاضة شعبية غير مسبوقة يرى منظموها انها جاءت بسبب الاوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها تلك البلاد، وتفاقم معدلات البطالة.

فيما كان لمحاولة السلطات التونسية قمع التظاهرات بالقوة ردة فعل عكسية، تسببت في اندلاع سلسلة تظاهرات عنيفة اسفرت عن سقوط بعض الضحايا والخسائر المادية.

وتتهم السلطات الحكومية خصومها في تأجيج العنف ضدها، في استغلال مريب للأدوات السياسية بحسب الرئيس التونسي، الذي يهيئ نفسه لولاية سادسة لحكم البلاد.

الاستغلال السياسي

 فقد اكد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي انه "يتفهم" الحوادث التي شهدتها منطقة سيدي بوزيد، لكنه رأى انها اتخذت "ابعادا مبالغا فيها" بسبب "استغلالها سياسيا" من قبل اطراف لم يسمهم.

كما اتهم الرئيس في كلمة وجهها الى الشعب التونسي مساء الثلاثاء وبثتها محطات الاذاعة والتلفزيون، "اقلية من المتطرفين والمحرضين المأجورين" بالتسبب باعمال العنف.

ويأتي خطاب الرئيس التونسي بعد اكثر من اسبوع على الاشتباكات التي جرت في 19 كانون الاول/ديسمبر في مدينة سيدي بوزيد الواقعة على بعد 265 كلم عن العاصمة تونس في وسط غرب البلاد.

واندلعت الصدامات بعد احراق شاب تونسي يعمل بائعا متجولا، نفسه احتجاجا على منعه من ايصال شكواه الى المسؤولين في البلدية اثر مصادرة البضاعة التي كانت في حوزته لعدم امتلاكه التراخيص اللازمة. واتسعت دائرة التظاهرات لتشمل مدنا مجاورة.

وادت المواجهات بين المتظاهرين والقوى الامنية الى سقوط قتيل وجريحين واضرار مادية جسيمة، بحسب وزارة الداخلية التونسية.

وبعد ان اكد انه تابع "بانشغال ما شهدته سيدي بوزيد من احداث خلال الايام المنقضية"، قال بن علي ان "هذه الاحداث منطلقها حالة اجتماعية نتفهم ظروفها وعواملها النفسية كما ناسف لما خلفته من اضرار".

واضاف انه يدين "الابعاد المبالغ فيها التي اتخذتها الاحداث بسبب الاستغلال السياسي لبعض الاطراف الذين لا يريدون الخير"، بدون ان يسميهم.

واتهم بن علي هؤلاء الاطراف بانهم "يلجأون الى بعض التلفزات الاجنبية (...) التي تبث الاكاذيب والمغالطات دون تحر بل باعتماد التهويل والتحريض والتجني الاعلامي العدائي لتونس".

ولم يسم الرئيس التونسي محطات التلفزيون، لكن البرلمان التونسي دان الاثنين "الحملات الاعلامية المغرضة" التي تشنها قناة الجزيرة القطرية بهدف "تشويه سمعة تونس" في تغطيتها لاحداث سيدي بوزيد.

وعبر مجلس النواب في بيان عن "بالغ الاستياء من الحملات الاعلامية المغرضة التي تشنها قناة الجزيرة بهدف تشويه سمعة تونس وبث روح الحقد والبغضاء".

واتهم الجزيرة ب"توظيف مجريات الاحداث لغايات مشبوهة واختلاق الاستنتاجات المضللة والمزاعم الواهية (...) والمغالطة الرامية الى بث الفوضى وزعزعة الاستقرار والتشكيك في المنجز" في البلاد.

من جهة اخرى، دان بن علي "لجوء اقلية من المتطرفين والمحرضين المأجورين ضد مصالح بلادهم الى العنف والشغب في الشارع كوسيلة للتعبير"، مؤكدا انه "امر مرفوض في دولة القانون مهما كانت اشكاله".

وتابع ان هذا "مظهر سلبي وغير حضاري يعطي صورة مشوهة عن بلادنا تعوق اقبال المستثمرين والسواح بما ينعكس على احداثات الشغل التي نحن في حاجة اليها للحد من البطالة". واكد ان القانون "سيطبق على هؤلاء بحزم".

من جهة ثانية، اكد بن علي "تفهمه لصعوبة وضع البطالة وتأثيرها النفسي على صاحبها"، مؤكدا "اننا متمسكون دوما بالبعد الاجتماعي لسياستنا التنموية حتى لا تحرم جهة او فئة من حظها في التشغيل والاستثمار".

وجاءت تصريحات الرئيس التونسي خلال زيارة قام بها لمحمد البوعزيزي الشاب الذي اقدم على احراق نفسه واصيب بحروق خطيرة نقل على اثرها الى مستشفى الحروق البليغة في بن عروس في الضاحية الجنوبية للعاصمة. وقالت وكالة الانباء الرسمية التي نقلت تصريحات بن علي ان الرئيس التونسي عاد المصاب في المستشفى "للاستفسار عن تطور وضعه الصحي".

واضافت ان بن علي استقبل في القصر الرئاسي في قرطاج في الضاحية الشمالية للعاصمة والدة المصاب وعائلتين من منطقة سيدي بوزيد.

وقد ذكرت صحيفة الشروق التونسية ان الكاتب العام لبلدية سيدي بوزيد وثلاثة من مساعديه تم ايقافهم عن العمل. واوضحت الصحيفة ان قرار الايقاف عن العمل شمل امرأة حصلت مشادة كلامية حادة بينها وبين البوعزيزي الذي عجز عن مقابلة اي مسؤول في بلدية سيدي بوزيد (على بعد 265 كلم من تونس) لابلاغ شكواه.

وكان الرئيس التونسي سمح بزيادة الاعتمادات المخصصة للصندوق الوطني للتشغيل لتبلغ 225 مليون دينار (116,6 مليون يورو) لسنة 2011.

وقال بيان رسمي ان هذا الاجراء يهدف الى "دعم الجهود المبذولة لادماج طالبي الشغل وخاصة منهم خريجو منظومة التعليم العالي والتكوين المهني في الحياة المهنية".

وقالت وكالة الانباء التونسية الرسمية ان بن علي بحث الثلاثاء مع وزير الداخلية رفيق بلحاج قاسم في "الوضع الامني" اثر احداث سيدي بوزيد.

واضافت انه اصدر تعليمات في وسط غرب تونس "بتعزيز الصلة بالكفاءات ومكونات المجتمع المدني في مختلف الجهات للاصغاء الى مشاغلها وتطلعاتها والاستئناس بارائها ومقترحاتها".

وكانت الحكومة التونسية التي دانت "محاولات بعض الاطراف استغلال الاحداث لاغراض سياسية غير شريفة"، اعلنت عن مشاريع لصالح المنطقة.

وزار وزير التنمية محمد نوري الجويني الخميس المنطقة حيث اعلن عن اجراءات رئاسية لاستحداث وظائف واطلاق مشاريع بقيمة 15 مليون دينار (7,86 مليون يورو).

تجدد المواجهات

وتجددت المواجهات العنيفة ولاية سيدي بوزيد في وسط تونس، وذلك على خلفية احتجاجات على مستويات البطالة المرتفعة، ما اسفر عن اصابة شخص بالرصاص وخسائر مادية جسيمة، كما افادت مصادر نقابية.

واكد النقابي المنجي الرنيمي ان مئات المتظاهرين خرجوا في مدينة السوق الجديد على بعد 15 كلم جنوب سيدي بوزيد التي تشهد اضطرابات اجتماعية منذ اكثر من اسبوع على خلفية بطالة كثيفة.

واضاف انه شاهد رجال الحرس الوطني يطلقون النار في الهواء لتفريق المتظاهرين الذين طوقوا مركز البريد واحرقوا مقر معتمدية تلك المدينة التي تعد 19 الف نسمة. وتابع الرنيمي ان احد رجال الحرس اصيب خطأ في ساقه بالرصاص.

ومن جهة اخرى، اعلنت مصادر متطابقة ان شابا تونسيا انتحر الاحد في منطقة سيدي بوزيد. وقالت ان لطفي غوادري (34 عاما) رمى بنفسه في بئر في منطقة قديره التي تبعد 5 كلم من سيدي بوزيد.

وقال المنجي الرنيمي ان الوضع الاجتماعي الصعب للشاب المنتحر وهو جامعي عاطل عن العمل منذ خمس سنوات، دفعه الى الانتحار.

ومن ناحيته، قال بلقاسم قوادري وهو احد اقارب الضحية لوكالة فرانس برس ان "الضحية كان يعاني من مشاكل جسدية وقد اضطرته هذه المشاكل الى عدم متابعة دروسه منذ بعضة اعوام". واوضح ان الضحية كان سيبدأ العمل مطلع كانون الثاني/يناير.

كذلك دارت مواجهات عنيفة بين نحو الفي متظاهر والشرطة خلال اكثر من ست ساعات من 20,30 الى 02,00 (19,30 الى 01,00 ت غ) في مدينة الرقاب على بعد 37 كلم جنوب شرق سيدي بوزيد مخلفة خسائر مادية جسيمة، كما اكد النقابي كمال العبيدي.

واوضح العبيدي ان شبانا يطالبون بحقهم في العمل اضرموا النار في مصرف ومحكمة ودمروا مقهى يملكه احد اعيان الحزب الحاكم، التجمع الدستوري الديموقراطي. ولم يوفر اي مصدر رسمي معلومات حول هذه الاحداث على الفور. بحسب فرانس برس.

وتشهد ولاية سيدي بوزيد اضطرابات اجتماعية منذ 19 كانون الاول/ديسمبر بعد يومين من محاولة انتحار اقدم عليها بائع متجول احتجاجا على مصادرة الشرطة لعربته التي يستخدمها لبيع الخضر والفواكه في مدينة سيدي بوزيد.

وقد قام محمد بوعزيزي وهو شاب يعمل بائعا متجولا باحراق نفسه احتجاجا، ما اسفر عن اصابته بحروق يعالج منها في المستشفى قرب العاصمة تونس.

قال سالم بوعزيزي شقيق المصاب لفرانس برس الاحد اثر زيارته له في مستشفى الاصابات والحروق البليغة في منطقة بن عروس في الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس "ان اخاه لا يزال على قيد الحياة لكن وضعه الصحي لا يزال حرجا وهو يرقد في العناية المركزة". واضاف ان "جسمه تفاعل ايجابيا مع عملية نقل الدم ما اعتبره الاطباء مؤشرا ايجابيا".

وكتبت صحيفة الشروق المحلية ان حالة الشاب محمد بوعزيزي "مستقرة وفي تحسن"، مشيرة الى ان "كليتيه قد عادتا الى العمل بشكل عادي".

وايضا تظاهر عشرات المواطنين في منطقة بن قردان الواقعة على الحدود مع ليبيا للاسباب ذاتها، ولم تسجل خلال التظاهرة اي اشتباكات مع قوات الشرطة.

اللجوء الى القوة

من جهتها انتقدت حركة التجديد التونسية المعارضة المشروعة لجوء السلطات التونسية الى استخدام القوة ضد المتظاهرين في ولاية سيدي بوزيد (وسط الغرب) التي تشهد اضطرابات اجتماعية.

وقالت الحركة في بيان انها "تدين بشدة استخدام الاسلحة لمواجهة الاحتجاجات الشعبية وتحذر من اللجوء الى الحلول الامنية بدلا من تبني الحوار".

ودعت حركة التجديد في بيانها الى "مراجعة الخيارات الاقتصادية والسياسية لتحقيق تنمية شاملة وعادلة في كل المناطق".

وانتقد الحزب الاجتماعي الليبرالي من المعارضة الشرعية والذي يمثله ثمانية نواب في البرلمان، في بيان لجوء "اطراف غير مسؤولة" الى العنف والفوضى بدلا من الحوار من اجل الدفاع عن المطالب الاجتماعية.

كذلك انتقدت احزاب معارضة شرعية اخرى ليست ممثلة في البرلمان استعمال الاسلحة ضد المتظاهرين بينما بررت وزارة الداخلية ذلك "بالدفاع المشروع عن النفس".

وكان دعا الحزب الديموقراطي التقدمي (معارضة مصرح لها) دعا الى وضع حد لحملة الاعتقالات وفتح حوار مع مكونات المجتمع المدني والعاطلين عن العمل الشباب.

وقال بعض السكان المحليين ان هذه القضية أطلقت غضبا مكبوتا بسبب البطالة في تونس التي شهدت تباطوء النمو الاقتصادي بسبب الركود في الاتحاد الاوروبي الشريك التجاري الرئيسي لها. وفي أول رد فعل رسمي نقلت وكالة تونس افريقيا للانباء عما وصفته بأنه مصدر رسمي قوله انه تمت المبالغة في هذا الحادث.

ونقلت الوكالة عن المصدر قوله "اننا بقدر ما نأسف لهذه الحادثة المؤلمة نستغرب محاولات بعض الاطراف الانحراف بهذه الحادثة الشخصية المعزولة عن سياقها الحقيقي واستغلالها لاغراض سياسية غير شريفة وربطها بغرض التضليل والاثارة بحقوق الانسان والحريات والتشكيك في مقومات التنمية بالجهة التي عرفت كبقية جهات البلاد جهودا تنموية غطت سائر القطاعات باستثمارات بلغت بولاية سيدي بوزيد منذ التحول 2350 مليون دينار وأسهمت في التخفيض من نسبة البطالة والتحكم فيها بما لا يتجاوز المعدل الوطني بما في ذلك أصحاب الشهادات العليا".

وتونس من أكثر الدول استقرارا وازدهارا في المنطقة. وتتهم بعض المنظمات الحقوقية الدولية الحكومة بسحق المعارضة وهو زعم تنفيه.

كما دان الحزب الديموقراطي التقدمي (معارض معترف به) الجمعة حملات المناشدة للرئيس التونسي زين العابدين بن علي للترشح لفترة ولاية سادسة بعد أربعة أعوام، واعتبر انها "تضرب في العمق اسس النظام الجمهوري".

وقالت مية الجريبي،الامينة العامة للحزب، في افتتاح اعمال مجلسه الوطني الذي اختار شعار "لنفرض خيار التداول" ان "المناشدات للتقدم لولاية سادسة رغم الحاجز الدستوري ضرب في العمق لاسس الجمهورية".

واعتبرت الجريبي هذه المناشدات "التفافا على ما تبقى من الدستور وايذانا صريحا باقرار نظام الرئاسة مدى الحياة التي خبر التونسيون ويلاتها المدمرة ابان الحكم البورقيبي" في اشارة الى الحبيب بورقيبة، اول رئيس للجمهورية في تونس الذي حكم البلاد طيلة ثلاثين عاما.

ودعت الجريبي خلال اللقاء الذي جرى في مقر الحزب بمشاركة شخصيات حقوقية ومعارضين الى "ضمان حق الترشح وتحديد عدد ولايات رئيس البلاد باثنتين لا ثالث لهما".

وقد اعيد انتخاب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي (74 عاما) في تشرين الاول/اكتوبر الماضي لولاية خامسة واخيرة نظريا، لان الدستور التونسي حدد سن الرئيس ب 75 عاما كحد اقصى لدى بداية ولايته.

وكانت شخصيات تونسية من بينها رجال اعمال وفنانون ورياضيون ومطربون وحقوقيون قد ناشدت مرارا الرئيس التونسي الترشح لولاية رئاسية سادسة في 2014.

وطالبوا بن علي بالاستمرار "تجذيرا للارادة الشعبية التي هي أساس كل نظام ديموقراطي ونظرا للدور التاريخي للرئيس زين العابدين بن علي في الارتقاء بتونس الى مراتب متقدمة على كل المستويات".

غير ان الحزب الديموقراطي التقدمي قدم حصيلة سلبية ل23 عاما من حكم الرئيس بن علي واعتبر ان "المناشدات الاخيرة لا تزيدها الا خطورة".

وتزامن هذا الاجتماع للحزب الديموقراطي التقدمي مع بدء احتفال تونس بالذكرى ال23 لوصول بن علي الى سدة الحكم الذي يوافق السابع من من تشرين الثاني/نوفمبر 1987.

وفي سياق متصل عبر ناشطون حقوقيون ومعارضون من تونس وخارجها في عريضة تحمل عنوان "لا للتمديد ولا للتوريث" عن "رفضهم المطلق" لاي محاولة لتحوير الدستور والرفض "القطعي غير القابل للنقاش او التفاوض لاي مسعى لتوريث الحكم" في تونس.

قناة الجزيرة والتضليل

في سياق متصل شن مجلس النواب التونسي وخمسة احزاب سياسية هجوما كاسحا على قناة الجزيرة القطرية يوم الاثنين واتهموها بتشويه سمعة البلاد والتضليل بهدف بث الفوضى خلال تغطيتها لاحتجاجات سيدي بوزيد على تفشي البطالة.

واندلعت منذ عشرة ايام اشتباكات بمدينة سيدي بوزيد الواقعة على بعد 210 كيلومترات من العاصمة تونس احتجاجا على اقدام شاب تونسي على احراق نفسه بسبب البطالة رغم انه من حملة الشهادات العليا.

وقال بيان للبرلمان ان "الجزيرة تسعى لتشويه سمعة تونس وبث روح الحقد والبغضاء وتوظيف مجريات الاحداث لغايات مشبوهة واختلاق الاستنتاجات المضللة والمزاعم الواهية وفسح المجال للمناوئين والمشككين للاساءة لتونس على أساس التلاعب بالمشاعر والمغالطة الرامية الى بث الفوضى وزعزعة الاستقرار".

وبثت قناة الجزيرة القطرية تقارير عديدة عن الاشتباكات بين الشرطة ومحتجين كما بثت صورا منقولة من هواتف محمولة.

وتصدرت ما اصبح يعرف بأحداث سيدي بوزيد الصفحات الاولى لاغلب وسائل الاعلام العالمية في بلد تندر فيه مثل هذه الحركات الاحتجاجية. من جهته اعرب حزب الوحدة الشعبية عن اليقين بأن "مزاعم (الجزيرة) وبعض وكالات الانباء التي حذت حذوها دون ان تذكرها باتت مكشوفة امام الرأي العام الوطني وكل القوى الوطنية."

وقال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ان التناول الاعلامي لقناة الجزيرة مع أحداث سيدي بوزيد وعدد من المدن الاخرى "لم يكن تعاطيا محترفا وملتزما بقيم ومبادئ العمل الصحفي بل كان في جوهره تعاطيا سياسيا يدفع في اتجاه مزيد توتير الوضع من خلال أسلوب التهويل والتضخيم."

اما الحزب الاجتماعي التحرري فوصف تغطية قناة الجزيرة بانها " حملة اعلامية مشبوهة تنطلق من أهداف مغرضة وساعية الى خدمة أهداف تتقاطع مع مصالح المواطن وتتعارض مع خدمة الوطن."

واتهم حزب الخضر للتقدم الجزيرة "بتضخيم الاحداث والتركيز على البث المتكرر طيلة أيام عديدة لصور غير موثوقة المصدر ومعتمدة التركيب الموجه لهذه الصورة لاجل وضع الاحداث خارج اطارها ولايهام الناس بوقائع ترتكز على الاثارة." وينظر الى هذه الاحزاب على انها مقربة من الحكومة.

.ومن ناحية أخرى قال الحزب الديقراطي التقدمي في تونس ان السلطات صادرت العدد 275 من صحيفة الموقف الناطقة بلسانه بسبب تغطيته لاحداث سيدي بوزيد التي شهدت اشتباكات اندلعت قبل نحو 10 أيام وتسببت في سقوط قتيل.

وأضاف الحزب المعارض في بيان ان كل الاعداد سحبت من الاكشاك بعد وقت قصير من توزيعها. وقال التقدمي ان هذا الاجراء يمثل "تعديا جديدا لحرية التعبير."

واستغرب رئيس تحرير الموقف رشيد خشانة من ان تصادر السلطات الصحيفة بسبب مقالات عن احداث سيدي بوزيد بينما تتصدر اخبار المنطقة العناوين الاولى لوسائل الاعلام الاجنبية.

وتطبع صحيفة الموقف حوالي 8 الاف نسخة اسبوعيا وهي من اكثر صحف المعارضة جرأة وانتقادا للحكومة.

المافيا الرئاسية

من جهة اخرى كشفت برقيات دبلوماسية اميركية سرية نشرها موقع ويكيليكس ونقلتها صحيفة "لو موند" الفرنسية ان المحيط العائلي للرئيس التونسي زين العابدين بن علي "اشبه بالمافيا" وان النظام التونسي "لا يقبل لا النقد ولا النصح".

وفي البرقية المؤرخة في حزيران/يونيو 2008 بعنوان "ما هو لكم هو لي"، ساقت السفارة الاميركية اكثر من عشرة امثلة عن اساءة استخدام النفوذ لدى اقرباء الرئيس التونسي. وكتبت على سبيل المثال ان زوجة الرئيس حصلت من الدولة على ارض كمنحة مجانية لبناء مدرسة خاصة، ثم اعادت بيعها.

وفي صيف 2009، ذكرت برقية اخرى، تحدثت عن النمو الاقتصادي القوي الذي بلغ 5% وعن الوضع المتقدم للمرأة، ان "الرئيس بن علي يتقدم في العمر" وان "نظامه متصلب" وانه "ليس لديه خليفة معروف".

واضافت البرقية ان "التطرف لا يزال يشكل تهديدا. في مواجهة هذه المشكلات، لا تقبل الحكومة لا الانتقاد ولا النصح، سواء جاء من الداخل او الخارج. على العكس، انها لا تسعى سوى الى فرض رقابة اكثر تشددا، وغالبا ما تعتمد على الشرطة".

واعتبر الدبلوماسيون، كما اكدت السفارة الاميركية في تونس، ان العمل في تونس يزداد صعوبة. فالقيود "التي تفرضها وزارة الخارجية" ترغمهم على الحصول على اذن خطي قبل اي اتصال مع اي مسؤول حكومي. كما ان كل طلب لقاء ينبغي ان يرفق بمذكرة دبلوماسية، "يبقى العديد منها بلا اجابة" كما جاء في البرقية.

واضافت البرقية ان على الولايات المتحدة ان تطلب ايضا من الدول الاوروبية تكثيف جهودها "لاقناع الحكومة التونسية بتسريع الاصلاحات السياسية".

وقالت ان المانيا وبريطانيا تؤيدان هذه الفكرة "ولكن دولا رئيسية مثل فرنسا وايطاليا تتردان في ممارسة ضغوط" على تونس، وفق الملاحظات الاميركية التي سربها موقع ويكيليكس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 30/كانون الأول/2010 - 23/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م