مسلمو الغرب في مواجهة الكراهية والتعصب

 

شبكة النبأ: بأسلوب استفزازي تقوم بعض الجهات الرسمية وشبة الرسمية في بعض الدول الغربية باستفزاز الجاليات المسلمة المقيمة هناك، عبر نشاط محموم ينم عن العنصرية ومعاداة الاسلام بشكل متعصب يخالف جميع الاعراف الوضعية والديانات السماوية.

حيث كشفت التقارير الاعلامية المتواترة عن استمرار النهج التحريضي تجاه المسلمين بشكل مكثف، سيما بعد ان قامت بعض الدول هناك بسن قوانين تصادر حقوق المواطنة والحريات العامة والخاصة، بتأثير مباشر من لوبيات ضغط عنصرية، تسعى الى تهجير ومحاصرة المسلمين والتضييق عليهم.

مسلمو اوروبا

فقد ندد مفوض حقوق الإنسان في مجلس اوروبا توماس هاماربرغ بالخطابات الشعبوية في عدد من الدول الأوروبية معتبرا انها تستهدف المسلمين وتغذي التعصب.

وقال هاماربرغ ان "استطلاعات الرأي تظهر ان صورة المسلمين والثقافة الاسلامية سيئة وتحض على الكراهية والحذر". واضاف ان استطلاعا للرأي أجرته منظمة فريدريخ-ايبيرت الألمانية اظهر ان 58% من الذين استطلعت آراؤهم يؤيدون تقييد حرية "الممارسات الدينية للمسلمين"، معتبرا ان هذا الامر يبرهن عن "رفض لحرية الدين لمجموعة بعينها هي المسلمون".

وندد المفوض أيضا بـ"التمييز العنصري في سوق العمل وفي القطاع التعليمي" وكذلك بعمليات "التدقيق في الهوية" و"التفتيش المعمق" التي يتعرض لها المسلمون. وفي مواجهة النجاحات الانتخابية التي أحرزها مؤخرا اليمين المتطرف، ندد المفوض ب"قصور او ارتباك" الأحزاب الديمقراطية التي "بقبولها بعض الترتيبات تضفي نوعا من الشرعية على أحكام مسبقة تبسيطية معادية للأجانب".

واخذ المفوض على هذه الأحزاب الديمقراطية خصوصا عدم تمكنها من "التنديد بصورة منهجية بالخلط بين القتلة والغالبية العظمى من المسلمين" بعد الاعتداءات التي حصلت في كل من نيويورك ومدريد ولندن وأمستردام وموسكو، إضافة الى عملية خطف الرهائن في بيسلان.

وعن المانيا تحديدا اكد المفوض انه "في بعض الدول، فان بعض الاطراف السياسيين يأخذون اليوم على المجموعات الإسلامية المختلفة عدم تشبهها" بالمجتمع الغربي. واضاف ان "الاندماج ليس عملية أحادية الاتجاه بل مسار يرتكز الى التبادل والفهم المتبادل". بحسب وكالة أنباء فرانس برس.

كما هاجم المفوض وبشكل مباشر كلا من فرنسا، التي صادقت على قانون يحظر النقاب في الأماكن العامة، وسويسرا التي حظرت بناء المآذن. وقال "عوضا عن التفكير بجدية في هذه المشاكل، نتساءل عن كيفية قمع النساء اللواتي يرتدين النقاب ومنع بناء المآذن. قطعا ليس بهذه الطريقة نعطي معنى لقيمنا الأوروبية".

الألمان أكثر الشعوب سلبيا

فيما أظهر استطلاع للرأي ان نحو ثلث الالمان فقط لهم رأي ايجابي تجاه جيرانهم المسلمين وهذه نسبة تقل كثيرا عن باقي شعوب دول غرب أوروبا.

وعلى النقيض من ذلك أظهر المسح الذي أجراه معهد تي.ام.اس امنيد لقياس الرأي العام ان 62 في المئة من الهولنديين و56 في المئة من الفرنسيين لهم آراء ايجابية تجاه المسلمين. وعزا ديتليف بولاك عالم الاجتماع في جامعة مونستر وقائد فريق البحث الذي أجرى الاستطلاع رأي الألمان الى قلة اتصالهم بالمسلمين مقارنة مع شعوب الدول الأخرى التي أجري فيها الاستطلاع.

وقال "كلما التقيت أكثر بالمسلمين كلما زادت نظرتك لهم بايجابية بوجه عام." وعكس الاستطلاع تباين اراء مواطني شرق وغرب ألمانيا تجاه المسلمين. وجاء بالاستطلاع ان 34 في المئة من الغرب و26 في المئة فقط من الشرق لديهم انطباعات ايجابية تجاه المسلمين.

وأظهر الاستطلاع ايضا تباينا في الاتصال مع المسلمين حيث قال 40 في المئة من سكان غرب ألمانيا و16 في المئة فقط من سكان شرقها أنهم يلتقون مع مسلمين بين حين وآخر. وبدا ان الفرنسيين هم الأكثر اتصالا بالمسلمين حيث قال 66 في المائة منهم ان لهم اتصالات بهم. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقال بولاك "اذا وقع هجوم إرهابي في ألمانيا الآن وهو ما يخشاه البعض فانه سيكون مأساويا فيما يتصل بالمسلمين. معظم الناس سيشعرون ان رأيهم السلبي (في المسلمين) له ما يبرره." وأجري استطلاع الرأي قبل ان يتسبب عضو مجلس ادارة البنك المركزي الألماني تيلو زاراتسين في احتدام الجدل في البلاد بشأن اندماج المسلمين في كتاب نشر في أغسطس اب وحقق أعلى المبيعات.

وقال بولاك ان تكامل المسلمين لم يناقش بشكل جدي على غرار دول أخرى الأمر الذي يفسر الآراء السلبية للألمان تجاه المسلمين. وقال أكثر من نصف الألمان الذين استطلعت آراؤهم انهم يربطون بين الإسلام والتمييز ضد المرأة والتشدد وعدم التسامح. وأجري المسح على عينة من ألف شخص في كل من شرق ألمانيا وغربها والدنمرك وفرنسا وهولندا والبرتغال.

أسلمة أوروبا

الى ذلك تظاهر نحو 200 شخص في باريس احتجاجا على عقد ندوة أطلق عليها "ضد اسلمة أوروبا".

وانتشرت أعداد كبيرة من قوات الامن حول القاعة التي تعقد فيها الندوة حيث قامت بالتحقق من شخصية كل من يريد دخول المبنى.

وخلف لافتة حمراء كتب عليها "لا نريد فاشيين في أحيائنا" تجمع المتظاهرون بالقرب من المكان استجابة لدعوة منظمات وأحزاب يسارية قبل ان يتفرقوا في هدوء. وشارك مئات الاشخاص في الندوة التي نظمتها مجموعة "كتلة الهوية" اليمينية المتطرفة والتي توالت فيها المداخلات التي تركزت كلها على الإسلام و"خطورته" وسط تصفيق الحاضرين. بحسب وكالة أنباء فرانس برس.

وقد لقي السويسري اوسكار فريسينجر العضو البارز في الحزب الشعبوي، الاتحاد الديموقراطي المسيحي، واحد منظمي الاستفتاءات الشهيرة ضد بناء المآذن في سويسرا او طرد المجرمين الأجانب، استقبال الأبطال وتصفيقا حادا لدى وصوله الندوة لإلقاء كلمته. وقال ناشط أميركي يدعى توم ترينتو ان خطر "الإسلام السياسي" يفوق خطر هتلر.

من جانبه اشاد زعيم "الكتلة المتجانسة الهوية" فابريس روبير بهذا "النجاح الحقيقي". وقال ان "الرسالة هي إظهار خطورة الإسلام على العلمانية وعلى قيم الحضارة الأوروبية" مضيفا ان "المشكلة ليست في عدم وجود ما يكفي من مساجد ولكن في وجود الكثير من المسلمين". وكان رئيس بلدية باريس قد طلب منع هذه الندوة فيما وجه رئيس الشرطة "تحذيرا رسميا" للمنظمين من اي تجاوزات.

الدنمرك تنفي اعتذارها

من جهتها نفت وزيرة الخارجية الدنمركية انها اعتذرت أثناء جولة في الشرق الأوسط عن الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد التي نشرتها في بادئ الأمر صحيفة دنمركية عام 2005 وأثارت غضب كثير من المسلمين.

وذكرت وسائل إعلام في الشرق الأوسط من بينها صحيفة اجيبشيان جازيت المصرية التي تصدر بالانجليزية وتلفزيون العربية ان الوزيرة لين اسبرسن اعتذرت عن الرسوم خلال زيارتها للقاهرة. لكن اسبرسن قالت لتلفزيون (تي في 2 نيوز) الدنمركي انها لم تقدم أي اعتذار عن الرسوم.

وقالت "بمقدوري أن أنفي بكل وضوح أنني قدمت أي اعتذار. لكن بوسعي أن أؤكد أنني قلت ان حرية التعبير ليست واسعة بلا حد." ونقلت صحيفة اجيبشيان جازيت عن شيخ الأزهر أحمد الطيب قوله ان اسبرسن كررت اعتذار بلدها عن نشر هذه الرسوم وأشارت الى جهود الدنمرك لسن قانون يجرم ازدراء الأديان. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقالت اسبرسن انها أبلغت شيخ الأزهر ان حكومة الدنمرك ترى ان من المؤسف ان كثيرين شعروا بالاهانة بسبب الرسوم وانها تدين تشويه سمعة مجموعات من الناس بسبب دينهم أو عرقهم.

وذكر موقع (تي في 2 نيوز) على الانترنت ان اسبرسن التي تواجه انتخابات عامة قبل نهاية نوفمبر تشرين الثاني العام المقبل قالت ان المواطنين لهم الحق في التعبير عن أنفسهم في إطار القانون ودون تدخل من الحكومة.

انتخاب أول مسلم

في سياق متصل انتخب سكان كالغاري الاستاذ الجامعي ناهد نينشي رئيسا لبلدية مدينتهم، ليكون اول مسلم يصبح رئيسا لبلدية مدينة كبرى في كندا، حسب نتائج التصويت.

وحصل نينشي الذي يبلغ من العمر 38 عاما، خريج جامعة هارفرد والأستاذ في جامعة مونت رويال على حوالي أربعين بالمائة من الأصوات، أي أكثر من 72 الف ناخب. وقد تقدم بذلك على احد قدامى المحافظين كان يتمتع بفرص كبيرة للفوز وشخصية إعلامية محلية.

وخاض نينشي حملته معتمدا بشك أساسي على الانترنت فأطلق ترشيحه عبر موقع تويتر للمدونات القصيرة. والى جانب الرسائل على موقعي يوتيوب وفيسبوك، قدمت حملة نينشي تطبيقا ملائما للآيفون يمكن لمؤيديه تحميله. وقد ترجمت كتيباته الاعلانية الالكترونية الى عشر لغات وساهمت في تأمين قاعدة دعم مهمة له بين المهاجرين في اكبر مدينة نفطية في كندا. بحسب وكالة أنباء فرانس برس.

من جهة اخرى، رفض نينشي وهو اسماعيلي، خوض حملة سياسية تقليدية ودان إنفاق الإدارة السابقة وركز في الوقت نفسه على أصوله كمهاجر. ومن القضايا الأساسية في الحملة مواجهته مع قائد شرطة كالغاري بشأن زيادة كبيرة لميزانية الشرطة. وقد هنأه رئيس الوزراء ستيفن هاربر المتحدر من كالغاري وعدد من القادة المحافظين.

500 ألف مسلم و300 مسجد

من جهة اخرى يعيش في بلجيكا حاليا زهاء نصف مليون مسلم حسب تقديرات المشرفين على المركز الإسلامي والثقافي في بلجيكا معظمهم من المنتمين إلى الجالية الوافدة من البلدان الإسلامية وتحديدا من المملكة المغربية وتركيا وألبانيا إلى جانب عدد من الجنسيات الأخرى.

ويعد المركز الإسلامي والثقافي في بلجيكا أحد أهم المراكز الإسلامية في غرب أوروبا وأحد المنارات المتقدمة للدين الإسلامي في أوروبا. وقد أنشئ المركز عام 1936م في مبنى صغير مستأجر في أحد أحياء بروكسل‌ المتواضعة .

ثم في عام 1967م قام الملك البلجيكي الراحل بودوان الأول بإهداء الملك ‌فيصل رحمه الله جزءا من متحف الآثار الدائم لمدينة بروكسل الذي يقع في أحد أهم مواقع العاصمة البلجيكية وعلى بعد أمتار معدودة من مقر المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبى ليكون بعد ذلك مسجدا ومقرا للمركز الإسلامي والثقافي.

اعترفت الحكومة البلجيكية إثر هذه المبادرة عام 1968م بالدين الإسلامي دينا رسميا في البلاد مما يعد سابقة في تاريخ تعامل الحكومات والدول الأوروبية مع الحضور الإسلامي في أوروبا.

وصادقت مملكة بلجيكا عام 1975م على إدخال دروس التربية الإسلامية ضمن البرامج المدرسية لأبناء الجالية مما زاد من ثقل ومسؤوليات المركز الإسلامي والثقافي في بروكسل‌. وفي عام 1978م افتتح الملك خالد بن عبد العزيز ال سعود رحمه الله المركز الإسلامي الجديد الذي بدأت رابطة العالم الإسلامي الإشراف عليه اعتبارا من عام 1982م‌ . بحسب وكالة الأنباء السعودية.

وشهدت بروكسل في نطاق تطوير نشاطات المركز افتتاح أول معهد إسلامي اوروبي عام 1983م وفي عام 1986م تم افتتاح أول مسجد في مطار العاصمة البلجيكية تحت إشراف المركز الإسلامي0 ويوجد في بلجيكا زهاء ثلاثمائة مسجد موزعة في مختلف أنحاء البلاد. ويشهد الدين الإسلامي اقبالا متصاعدا لاعتناقه والدخول فيه من قبل أبناء الشعب البلجيكي وقطاعات واسعة من الأوروبيين المقيمين في بلجيكا.

ويعلق المسلمون في بلجيكا أهمية خاصة لأداء مناسك الحج حيث تنتشر الملصقات في المساجد والمراكز الإسلامية التي تحث المسلمين على أداء هذه ‌الفريضة كما أن وكالات السفريات المختلفة تنظم رحلات خاصة بهذه المناسبة.

وتقوم سفارة خادم الحرمين الشريفين في بروكسل بتيسير إجراءات الحجاج عبر منح تأشيرات الدخول للراغبين في أداء مناسك الحج وفق‌ تعليمات حكومة خادم الحرمين الشريفين في التيسير على الحجاج والمعتمرين‌.

 ويبلغ عدد الحجاج الذين يؤدون فريضة الحج من بلجيكا نحو 2000 حاج تقريبا من مختلف الجنسيات والأعمار. الجدير بالذكر أن بلجيكا مملكة تقع في الشمال الغربي من أوروبا ومساحتها 513 ر30 كيلو مترا مربعا وعدد سكانها أكثر من عشرة ملايين نسمة.

إلغاء قرار حظر بناء المآذن 

من جانبه أعلن المجلس الإسلامي المركزي في سويسرا مبادرة شعبية تهدف الى إلغاء قرار حظر بناء المآذن في هذا البلد.

وقد نظم الاستفتاء حول حظر بناء المآذن قبل سنة بمبادرة من اتحاد الوسط الديمقراطي (يمين متطرف) الذي حقق فوزا جديدا بإقرار ترحيل المجرمين الأجانب تلقائيا من خلال استفتاء جديد. وأوضح اعضاء المجلس الاسلامي المركزي في بيان "اذا أردنا إلغاء حظر بناء المآذن في سويسرا فيجب سلوك نفس الطريق التي تم بها الحظر".

واضاف البيان انه يجب تشكيل "أوسع لجنة مبادرة ممكنة" في موعد أقصاه آخر كانون الاول/ديسمبر. وان اتصالات تمت مع عدة شخصيات في الأوساط السياسية والثقافية والعملية.

وبيان المبادرة الذي يجب ان يحصل على مئة ألف توقيع على الأقل في مهلة 18 شهرا، يجب عرضه على الإدارة الفدرالية اعتبارا من كانون الثاني/يناير 2011 للنظر فيه. بحسب وكالة أنباء فرانس برس.

وأوضح المجلس الإسلامي السويسري ان هذا التحرك "يهدف الى استعادة المبادرة حول المآذن لكن هذه المرة في الاتجاه الصحيح أي استعادة المساواة في الحقوق الدستورية بغض النظر عن الانتماء الديني". وتشكل الجالية الإسلامية في سويسرا نحو خمسة بالمائة من إجمالي عدد السكان (7,5 مليون نسمة).

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 23/كانون الأول/2010 - 16/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م