التغييرات المناخية... مخاطر جدية على ديمومة البشرية

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: تتزايد المخاوف والتحذيرات التي يؤكد عليها علماء المناخ مرارا وتكرارا خلال هذه الأيام بسبب ما سجلته البيانات والأرقام التي خرج بها العلماء من دراسة للسنوات الماضية وبالأخص خلال هذا العام، لاسيما وانه شهد العديد من التغيرات المناخية المرعبة والتي سجلت لأول مرة خلال تاريخ الدول التي حدثت على أرضها.

سيول، براكين، عواصف وغيرها من الظواهر الطبيعية التي دمرت ملايين الأراضي الزراعية التي كانت تمثل لملايين من البشر المصدر الوحيد للغذاء وبسبب فقدانها أدت هذه  الكوارث الى انتشار الأمراض والفقر واضطراب الأوضاع في العديد من البلدان، ولكن هذا كله لم يكفي لان ما تذكره الدراسات من ارتفاع في درجات الحرارة خلال الأعوام القادمة شيء مرعب خاصة وان هذا الارتفاع سيؤدي الى جفاف المياه في الأرض مما يسبب جفاف كبير الى درجة يضطر الإنسان الى الاختيار بين الري او الشرب لاستخدام المياه.

زيادة الوفيات بسبب المناخ

حيث ذكرت منظمة اوكسفام الخيرية ان الكوارث المناخية قتلت 21 ألف شخص في الشهور التسعة الأولى من العام الحالي بما يزيد على مثلي العدد عام 2009.

واستشهد تقرير للمنظمة تزامن صدوره مع انطلاق محادثات دولية في كانكون بالمكسيك تتركز على التغير المناخي بفيضانات باكستان وبالحرائق وموجات الحر في روسيا وارتفاع منسوب مياه البحر في جزيرة توفالو بالمحيط الهادئ كأمثلة على العواقب المدمرة للتغير المناخي.

وتهدف الجولة الجديدة من مفاوضات الأمم المتحدة حول المناخ الى التوصل الى اتفاق حول مجموعة محدودة من الموضوعات التي تسبب انشقاقا بين الاقتصادات الغنية والاقتصادات الفقيرة لا سيما بشأن التمويل وحماية الغابات المطيرة والاستعداد لمناخ عالمي أكثر حرارة. كما سيسعى المشاركون في المحادثات للخروج بصيغة رسمية للأهداف الحالية للحد من انبعاثات الغازات المسببة لارتفاع درجة الحرارة.

وانتهت مفاوضات حول المناخ في كوبنهاجن العام الماضي باتفاق عالمي غير مُلزم والتوقعات ضعيفة لمحادثات العام الحالي. ومن غير المُرجح أن يبحث مشرعون أمريكيون تشريعا يخلق نظاما لتداول الانبعاثات الكربونية للحد من الانبعاثات المُسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض.

وقال واضع التقرير تيم جور في بيان "يتعين على الدول أن تحدد طرقا جديدة لجمع ملايين الدولارات المطلوبة مثل فرض ضرائب على الانبعاثات غير المنظمة بلوائح في مجالي الملاحة الجوية الدولية والشحن وفرض ضريبة تعاملات مالية على البنوك. وكلما تمت عملية جمع المال بسرعة انخفضت تكلفة التعامل مع التغير المناخي."

وجاءت الأحداث المناخية التي شهدها عام 2010 منسجمة مع التوقعات التي حواها تقرير عام 2007 للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التي تنبأت بمزيد من الموجات الحارة وحرائق الغابات والفيضانات الحادة وارتفاع منسوب سطح البحر. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقالت اوكسفام ان الفيضانات في باكستان أغرقت نحو خمس مساحة البلاد وقتلت 2000 شخص وأثرت على 20 مليون آخرين ونشرت الأمراض ودمرت المنازل والمحاصيل والطرق والمدارس وقدرت قيمة الخسائر بنحو 9.7 مليار دولار أمريكي.

وأضافت اوكسفام أنه في روسيا تجاوزت درجة الحرارة متوسطها طويل الأجل بنحو 7.8 درجة مئوية في يوليو تموز واغسطس اب وارتفع معدل الوفيات اليومي في موسكو الى مثلية ليصل الى 700 شخص. ودمرت نحو 26 الف حريق 26 في المئة من حقول محصول القمح مما دفع البلاد لفرض حظر على صادراته.

وذكرت اوكسفام أن سكان جزيرة توفالو التي يزيد فيها مستوى سطح البحر بمعدل 5 الى 6 ملليمترات سنويا يجدون صعوبة في زراعة المحاصيل التي يعتمد عليها السكان كغذاء نتيجة لغزو المياه المالحة للحقول. وطبقا للتقرير يتزايد اعتماد السكان هناك على الأغذية المصنعة المستوردة للبقاء على قيد الحياة.

اتجاهات التغير المناخي

من جانبه قال مركز هادلي التابع لهيئة الأرصاد الجوية البريطانية ان المتوسط العالمي لدرجات الحرارة ارتفع خلال 160 عاما مضت ولكن الاتجاهات قصيرة الأجل بالنسبة لدرجات الحرارة ومستويات الجليد في البحار تتعارض مع بعضها على ما يبدو وتحتاج الى قدر أكبر من الدراسة.

ووجد مركز هادلي في تقرير حول الاتجاهات المناخية في الاجلين الطويل والقصير عددا من العوامل التي تشير الى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض وقال المركز ان عام 2010 كان واحدا من أكثر الأعوام دفئا الى الان منذ بدء تسجيل درجات الحرارة.

واعتمد التقرير على عمل أكثر من 20 مؤسسة في أرجاء العالم واستخدم مجموعة من القياسات الواردة من الأقمار الصناعية وبالونات الطقس ومراكز الطقس وعوامات المحيطات والسفن ومسوحا ميدانية.

وكشف التقرير عن زيادات في درجات حرارة الجو في البر والبحر وزيادات في درجات حرارة ورطوبة المياه وارتفاع في مستويات المياه في البحار وتقلص مساحة الجليد القطبي. وقال التقرير "متوسط درجات الحرارة خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين كانت أعلى على نحو كبير من أي عقد مضى في السجل المدون والذي يعود الى أكثر من 160 عاما." بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وأضاف التقرير أنه على الرغم من التقلب من عام الى اخر ومن أن بعض الاعوام كانت أكثر دفئا والبعض الأخر كان أكثر برودة الا أنه يمكن ملاحظة اتجاه واضح لارتفاع درجات الحرارة العالمية منذ أواخر السبعينات وما بعدها بنحو 0.16 درجة كل عشر سنوات.

وقال مات بالمر المتخصص في ملاحظة المحيطات في هيئة الأرصاد البريطانية " واضح من الأدلة المستمدة من الملاحظة عبر مجموعة واسعة من المؤشرات أن العالم يصبح أكثر دفئا." وقال "بالإضافة الى زيادة واضحة في درجة الحرارة جرت ملاحظتها على البر والبحر نرى كذلك ملاحظات تتسق جميعا مع الزيادة في الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري." ومع هذا فان الاتجاهات قصيرة الأجل في درجات الحرارة ومستويات الجليد في البحار تتعارض مع بعضها البعض على ما يبدو. وتباطأ معدل الزيادات في درجات الحرارة خلال السنوات العشر الماضية بينما تزايد مستوى الجليد في البحار.

وقال التقرير ان النماذج المناخية تشير الى أن التقلب الداخلي للنظام المناخي قد يكون مسئولا عن التراجع في معدل ارتفاع درجة حرارة الكوكب. وأضاف التقرير أن التغيرات في النشاط الشمسي وتبخر المياه وانبعاثات الهباء الجوي المتزايدة من آسيا والتغيرات في طريقة قياس درجات حرارة سطح مياه البحار خلال العقد الماضي ربما ساهمت في قدر من البرودة المصطنعة.

وقال معدو التقرير "نتوقع أن تزداد سخونة الكوكب في السنوات القليلة القادمة... ومع هذا يمكن لعوامل خارجية مستقبلية مثل الانفجارات البركانية أو التغيرات في النشاط الشمسي أن تطيل أمد التراجع الحالي في سخونة الكوكب."

وهناك حاجة الى اجراء مزيد من البحوث في بعض العوامل التي تؤثر على الاتجاهات المناخية قصيرة الاجل التي لم يتم فهمها بشكل كامل أو غير ممثلة بشكل كامل في النماذج المناخية.

أربع درجات مئوية بحلول 2060

فيما أشارت دراسات إلى أن درجات حرارة الأرض قد ترتفع بمقدار اربع درجات مئوية بحلول الستينات في أسوأ حالات تغير المناخ العالمي ويتطلب ذلك استثمارا سنويا يبلغ 270 مليار دولار فقط لاحتواء ارتفاع منسوب مياه البحر.

ومثل هذا الارتفاع السريع الذي سيكون اثناء حياة الكثير من الشباب الان ضعف سقف الدرجتين الذي وضعته 140 حكومة في قمة الامم المتحدة بشأن المناخ في كوبنهاجن العام الماضي وسيعطل امدادات الغذاء والماء في أجزاء كثيرة من العالم.

وكتب فريق دولي أن ارتفاع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري هذا العقد يعني أن هدف الدرجتين "صعب للغاية ويمكن القول بأنه مستحيل مما يرفع احتمال ارتفاع درجات حرارة العالم ثلاث أو اربع درجات مئوية خلال هذا القرن." بحسـب وكالة الأنباء البريطانية.

وكتب مارك نيو الذي قاد الفريق الدولي من جامعة أكسفورد البريطانية "عبر العديد من القطاعات -المدن الساحلية والزراعة وندرة المياه والنظم البيئية أو الهجرة - ستكون الاثار أكبر." واعطت واحدة من الدراسات ما وصفته بأنه "تقدير عملي" بأن مستويات البحار قد ترتفع بنسبة تتراوح بين 0.5 متر ومترين بحلول 2100 اذا ارتفعت درجات الحرارة أربع درجات مئوية.

الحذر من ارتفاع درجات حرارة

بينما قالت الوكالة الأوروبية للبيئة ان الأطفال الذين يولدون اليوم في دول مثل اسبانيا وايطاليا سيشهدون ارتفاعا في درجات حرارة فصل الصيف تصل الى سبع درجات مئوية في اواخر حياتهم.

وذكرت الوكالة الاوروبية للبيئة ان الوفيات جراء ضربة الشمس سترتفع وان محاصيل جنوبية مثل العنب ستتجه الى الشمال وستتعرض مجموعة من النباتات الاوروبية النادرة للانقراض.

وقالت جاكلين مكجليد مديرة الوكالة الاوروبية للبيئة بمناسبة نشر الوكالة تقييمها لأوضاع البيئة في اوروبا الذي تصدره كل خمس سنوات "في كل أنحاء اوروبا يمكن ان نبدأ في رصد علامات التحذير من التغير المناخي."

وفي مقابلة قالت "يمكننا رؤية التعارض بين ظهور الطيور والاغذية التي تتغذى عليها بشكل طبيعي وتسلل بعض انواع الاسماك القادمة من الجنوب الى مصايد الاسماك وبعض انواع المحاصيل وهي تكافح بالفعل من اجل البقاء."

وجاء في التقرير ان انهار الالب الجليدية ستذوب في غضون عقود وسيزيد هطول الامطار على دول الشمال بنسبة 20 بالمئة بحلول نهاية هذا القرن وسيتضاعف عدد الأيام التي تتجاوز فيها درجة حرارة الطقس 40.7 درجة مئوية على سواحل المتوسط بحلول عام 2080 .

وقالت مكجليد "مع مرور الوقت فان الاطفال الذين يولدون اليوم عندما يبلغون سن السبعين او الثمانين سيكون عليهم بالفعل التأقلم مع درجات حرارة متزايدة. "خلال فصل الصيف سيعانون بشكل يومي من درجة حرارة تتجاوز 40 درجة مئوية في جنوب اوروبا."

ويقول خبراء في الوكالة الاوروبية للبيئة انه بحلول نهاية القرن سيصل عدد الوفيات السنوية ذات الصلة بارتفاع درجة الحرارة الى ضعف العدد الذي شهدته اوروبا خلال موجة حر عام 2003 والبالغ 70 الف حالة وفاة.

وقالت مكجليد "سيكون الاختيار بين تخصيص المياه للزراعة او للشرب...اليوم تستهلك بعض البلدان بالفعل 80 بالمئة من المياه التي تصل الى أراضيها في الزراعة." وستتأثر بشدة محاصيل لها أهمية زراعية كبيرة مثل البرتقال الاسباني ونبات الخزامى العطري في فرنسا والعنب الايطالي. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقالت مكجليد "الزيتون اليوناني على سبيل المثال من المحتمل ان يكون قادرا على مقاومة درجات الحرارة الأعلى لكن بعض البساتين التي تزرع العنب اليوم قد تضطر الى تغيير بعض العينات والأنواع التي تستخدمها."

وأضافت في إشارة الى زهرة الألب البيضاء التي تظهر على عملات معدنية نمساوية وهي رمز غير رسمي لسويسرا "في المناطق الجبلية توجد عينات فريدة مثل الاديلويس التي ستكافح من اجل البقاء."

وأصدر تقييم الوكالة الاوروبية للبيئة لخمس سنوات تحذيرات للأقاليم القطبية الشمالية بان "بيانات أعوام 2007 و 2008 و 2009 توضح ان الغطاء الثلجي للبحر المتجمد الشمالي ينكمش على نحو متزايد بصورة أسرع من تصورات النماذج المناخية."

وقالت مكجليد ان ذوبان المناطق دائمة التجمد سبب بالفعل مشاكل لسكان الاقليم. وقالت "في الشمال يبدو الموقف شديد الوضوح... فالأشخاص الذين يقطنون هذه الأقاليم يعانون من انخفاض مستوى الأرض في مدنهم وبلداتهم وتتعطل الطرق وتتغير طرق الحياة بصورة كبيرة."

ويقول التقرير ان درجة حرارة أوروبا ارتفعت أكثر من المتوسط العالمي وان متوسط درجات الحرارة الحالي ارتفع 1.3 درجة مئوية مقارنة بمتوسطها في الفترة بين عامي 1850-1899 مقارنة بزيادة في المتوسط العالمي بلغت نحو 0.7 درجة مئوية.

وتوقعت مكجليد ان تعاني شمال أفريقيا هي الأخرى. وقالت "اذا لم تحل هذه الدول في الجزء الجنوبي من البحر المتوسط أزمة المياه على وجه خاص فان أجيالا ستلجأ الى أماكن أخرى تكون فيها اكثر امنا بالنسبة للغذاء وفي نهاية المطاف العمل."

العالم لا يقلل الانبعاثات الكربونية

كما أظهرت قياسات للحرارة أجراها باحثون في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) عبر الأقمار الاصطناعية ان اكبر البحيرات في العالم تشهد ارتفاعا في حرارتها منذ 25 عاما خصوصا في النصف الشمالي من الكرة الأرضية.

وبشكل وسطي ارتفعت حرارة المياه 1,23 درجة مئوية في كل عقد على سطح 167 بحيرة وصولا الى ثلاث درجات مئوية في البحيرات الواقعة على خطوط العرض في أعلى نصف الكرة الشمالي وفق علماء "جيت بروبلشن لابورارتوي" (جاي بي ال) التابع لوكالة الفضاء الأميركية في باسادينا (كالفورنيا في غرب الولايات المتحدة).

وشدد فيليب شنايدر من مختبر "جاي بي ال" المشرف الرئيسي على هذه الدراسة التي نشرت في العدد الأخير من مجلة "جيوفيزيكال ريسيرتش ليترز" ان "تحليلنا يوفر مصدرا جديدا مستقلا للبيانات لتقييم تأثير التغير المناخي".

واضاف "ان مشاهداتنا لها تأثيرها على الانظمة البيئية للبحيرات التي يمكن ان تتأثر سلبا بتغيرات طفيفة جدا حتى في حرارة المياه". وانطلاقا فان ارتفاعا طفيفا في الحرارة من شأنه ان يؤدي الى تكاثر في الطحالب مما قد يجعل البحيرة سامة للأسماك او قد يسمح بدخول انواع دخيلة تسهم في قلب النظام البيئي الطبيعي فيها.

وشمال اوروبا هي المنطقة الاكبر التي شهدت اعلى درجة احترار بشكل متواصل على ما افاد الباحثون. والاحترار كان اقل بشكل طفيف في اوروبا الجنوبية حول البحر الاسود وبحر قزوين فضلا عن كازاخستان. وكان ارتفاع الحرارة اكبر في الشرق مثل سيبيريا ومنغوليا وشمال الصين.

وفي اميركا الشمالية كان ارتفاع درجات الحرارة اكبر بقليل في السنوات الخمس والعشرين الاخيرة في جنوب غرب البلاد منه في منطقة البحيرات العظمى على ما لاحظ الباحثون. ونتائج قياس الحرارة بواسطة الأقمار الاصطناعية شبيهة تماما بالقياسات التي تتم عبر أجهزة موضوعة على عوامات في البحيرات العظمى التي تشكل اكبر خزان للمياه العذبة في العالم من حيث المساحة وكمية المياه. بحسب وكالة انباء فرانس برس.

وفي بعض المناطق مثل البحيرات العظمى وشمال أوروبا بدا ان ارتفاع الحرارة في البحيرات كان أسرع من ارتفاعها في الاجواء المحيطة. وسجل اصغر ارتفاع في دراجات الحرارة في المدارات وفي خطوط العرض المتوسطة في نصف الكرة الارضية الجنوبي على ما اظهرت الدراسة.

ومجمل هذه المشاهدات تذهب في اتجاه تغيرات متوقعة في درجات الحرارة مرتبطة بالتغير المناخي الحاصل في العالم. وقد لجأ لعلماء لفترة طويلة الى قياس حرارة الجو قرب التربة لتقييم توجهات الاحترار المناخي.

ومنذ فترة قصيرة اعتمدت تقنية أخرى تستند الى قياس للحرارة عبر الأقمار الاصطناعية تستخدم نظاما للأشعة ما دون الحمراء الحرارية قادرا على مسح مناطق اكبر مساحة بطريقة ادق. واستخدم الباحثون في اعمالهم اقمارا اصطناعية تابعة للوكالة الاميركية للمحيطات والاجواء ووكالة الفضاء الاوروبية.

عدم القلق على مستقبل الأرض 

في حين يدعو الفيلم الوثائقي "كول إت" في صالات العرض الأميركية الى عدم القلق على مستقبل الحياة على الارض، اذ ان البشر سيتكيفون مع ارتفاع حرارة الكوكب.

ويشير هذا الفيلم الذي اعده خبير المناخ المثير للجدل بيورن لومبورغ الى بعض الاقتراحات في هذا المجال، مثل طلي مباني المدن باللون الأبيض بهدف عكس أشعة الشمس لعدم امتصاصها وخفض حرارة الأرض، والاستفادة من طاقة امواج المحيطات، والحصول على الطاقة من الطحالب، وصولا الى تبريد الكوكب اصطناعيا من خلال توليد سحب في الجو.

وقال لومبورغ "كل النقاش حول المناخ تلوث من واقع ان موقفين فقط هما المقبولان، فإما ان تكون منكرا لظاهرة الاحتباس الحراري او ان تكون مثل ال غور فترى نهاية العالم قريبة. المشكلة تكمن في ان ايا من الموقفين صحيح"".

واضاف الخبير الذي يعتبر الولد الشقي في مسألة المناخ "لا يوجد موقف وسطي، ونحن بحاجة الى هذا الموقع الوسطي". فهذا الوثائقي يطرح نفسه كرد على الوثائقي الذي انجزه نائب الرئيس الاميركي السابق ال غور تحت عنوان "حقيقة تزعج"، ليجيبه "كول ات" (هدئ من روعك)، قائلا ان آثار الاحترار المناخي لن تكون كارثية كما تصور عادة، بل ستكون محدودة، وانه يمكن الارتكاز الى العلم من اجل التوصل الى حلول في المدى الطويل.

واضاف لومبورغ "هذا الفيلم يشكل امتدادا لفيلم ال غور. ففيلمه ينبهنا جميعا الى التغير المناخي، لكنه يفعل ذلك من خلال بث الذعر فينا، علينا ان نجتاز هذه المرحلة، فالخوف ليس حالة ذهنية جيدة لاتخاذ قرارات صائبة". والهدف الاساسي هو تخفيض انبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون.

وبحسب لومبورغ، فإن الكلفة الاجمالية لبروتوكول كيوتو تصل الى 180 مليار دولار سنويا. اما خطة الاتحاد الأوروبي لتقليص انبعاثات دوله من ثاني اكسيد الكربون بنسبة 20% بحلول العام 2020، فتؤدي الى تخفيض اجمالي الناتج المحلي بقيمة 250 مليار دولار سنويا، اي خمسة اضعاف من الكلفة التي كان تتوقعها في بروكسل.

لكن المشروعين، وفقا للومبورغ، لن يؤديا سوى الى خفض الحرارة 0,05 درجة مئوية فقط بحلول العام 2100. والهدف الرسمي الذي أعلنته الامم المتحدة هو تحديد ارتفاع الحرارة درجتين خلال القرن الحالي.

ويرى لومبروغ ان الأولى انفاق هذا المال على استثمارات ضخمة في مجال التكنولوجيا الخضراء، على ان ينفق المال الباقي على مكافحة المشكلات الأكثر إلحاحا في البلاد الأشد فقرا، مثل مكافحة الايدز، والملاريا وتأمين مياه الشرب.

في العام 2001 أصبح لومبورغ العدو اللدود لعدد من الخبراء بعد صدور كتابه "البيئي المشكك" الذي رأى فيه ان من يدق ناقوس الخطر البيئي، يرتكب خطأ. وينتقد لومبورغ هؤلاء العلماء البيئيين الذين يعتقدون ان الرسالة "المثيرة" تصل بشكل أفضل. بحسب وكالة انباء فرانس برس.

ويقول "لم يجد هذا الامر نفعا في حرب العراق، ولن يجدي نفعا للتوصل الى حلول طويلة الامد". يرتكز هذا الفيلم الوثائقي "كول إت" وهو من اخراج الأميركية اوندي تيمونير، على شهادة عدد من المختصين ذوي الشهرة، ومنهم عالم الفيزياء فريمان ديزون من جامعة برينستون.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/كانون الأول/2010 - 7/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م