افغانستان... دولة تنخرها الحروب والفساد

شبكة النبأ: لأفغانستان تاريخ طويل من الحروب الداخلية (الأهلية) والخارجية، وفي العصر الحديث كانت أفغانستان السبب الرئيسي في تفكيك الاتحاد السوفيتي. ومنذ رحيل السوفييت عام 1989، دارت رحى العديد من الحروب الداخلية في البلاد لم تکن الحروب الداخلية.

ويعتنق معظم السكان الديانة الإسلامية، بالإضافة إلى وجود أقليات دينية أخرى مثل السيخ والهندوس وكان يوجد تواجد اقلية يهودية قبل الحروب الأهلية الأفغانية في سبعينيات القرن الماضي.

معظم سكان أفغانستان من المزارعين، ولكن فقط 12% من الأرض صالحة للزراعة، والمنتوجات الزراعية تشمل الحنطة، البندق والفواكه التي تنمو وبشكل رئيسي في وديان الأنهار، الشياه والماعز والدجاج هي الدواب المرباة عادة.

أفغانستان غنية بالمعادن، ولكن العديد من مصادرها غير مطورة ،أهم المصادر هي الغاز الطبيعي، النحاس، والذهب، زمرد.

الصناعة غير متطورة، النسيج والصناعات الحرفية كتشكيل المعادن, دبغ الجلود, الحلي, المجوهرات وصناعة البسط هي الصناعات الشائعة.

تمر افغانستان بمشاكل واضحة وفي مجالات عديدة التقرير التالي يوضح ابرز هذه المشاكل واتجاهها.

انهيار حكومة كرزاي

فقد تحطمت مصداقية الرئيس الافغاني حامد كرزاي بعد انتخابات رئاسية وأخرى برلمانية شهدت تلاعبا جسيما بالاصوات ويرى البعض أنه قد يضع النهاية لحكمه ان هو أصر على رحيل القوات الاجنبية.

وتواجه حكومة كرزاي أزمة شرعية بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت في أغسطس اب عام 2009 وتم ابطال ثلث الاصوات التي حصل عليها بوصفها مزورة كما شهدت انتخابات برلمانية جرت في سبتمبر ايلول الماضي تزويرا واسعا.

وأعلنت أفغانستان في الاول من ديسمبر كانون الاول اخر دفعة من نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 18 سبتمبر مع حرص المنظمين على انهاء عملية شابها الكثير من التزوير لتمهيد الطريق امام برلمان جديد.

ويرسم المحللون صورة قاتمة لحكومة متداعية معتمدة على الغرب وتبدي في ذات الوقت حرصا على رحيل القوات الاجنبية ولحلفاء يشعرون باحباط متزايد ازاء الفساد وبناء المؤسسات الديمقراطية بشكل غير سليم. حسب رويترز

كل هذا يأتي في وقت يطلب فيه كرزاي من زعماء الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي الذين دعموا حكومته بمليارات الدولارات من المساعدات والمعدات والاموال منذ عام 2001 البدء في خفض أعداد قواتهم وانهاء العمليات القتالية بحلول عام 2014 . لكن البعض يرى أن هذا قد يرسم النهاية لحكم كرزاي.

قالت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات بدون دعم خارجي ستنهار حكومة كرزاي. ستسيطر طالبان على معظم أنحاء البلاد وسيتفاقم الصراع الداخلي مما يزيد احتمال العودة الى حرب التسعينات الاهلية المدمرة.

وسيكون لهذه الاعتبارات ثقل كبير حين يراجع الرئيس الامريكي باراك أوباما استراتيجيته للحرب في أفغانستان هذا الشهر كما سيكون هناك تأثير كبير لارتفاع الخسائر البشرية والشكوك بشأن استعداد قوات الامن الافغانية لتسلم المسؤولية الامنية.

وقالت نورين ماكدونالد رئيسة المجلس الدولي للامن والتنمية وهي جماعة متخصصة في الابحاث السياسية المجتمع الدولي أبدى مرونة شديدة تجاه عملية الديمقراطية في أفغانستان ومن الاسئلة الجيدة المطروحة.. الى أي مدى يمكن أن يمتد هذا قبل أن تنهار كل الحجج.

ويوما بعد يوم تتبدد الامال في التوصل الى تسوية سلمية عن طريق التفاوض وبناء المؤسسات الافغانية مثل القضاء وقوات الامن التي دمرتها ثلاثة عقود من الحرب.

وقالت المجموعة الدولية لمعالجة الازمات في ظل التشكيك في شرعيته وازدياد ضعف سيطرته على السلطة يوما بعد يوم يمضي كرزاي الان معظم وقته في محاولة التوفيق بين المصالح المتضاربة لعائلته والقادة الاقليميين والاثرياء ذوي النفوذ وأصحاب المصالح الدوليين.

وأضافت هذه المحاولة المهتزة للموازنة بين الامور والتي يؤثر عليها الفساد والمحسوبية بقوة حيدت قدرات الرئيس وعرقلت اصلاح الحكومة.

وانعكس هذا في برقيات دبلوماسية نشرها موقع ويكيليكس ووصفت كرزاي بأنه رجل ضعيف لا ينصت للحقائق.

وتقول المجموعة الدولية لمعالجة الازمات ان كرزاي بات عبئا بعد أن كان وجوده يعتبر ضروريا ذات يوم رغم أن واشنطن ما زالت تدعم نخبة انتهازية لاغراض مخابراتية قصيرة المدى وذلك على حساب بناء القدرات على المدى الطويل. وبين المطرقة والسندان يقف المواطن الافغاني العادي.

وقالت ماكدونالد لا شك أن هناك اهتماما في أفغانستان بالانتخابات على مستوى القاعدة العريضة وبين أبناء الاجيال الاصغر سنا. بحسب رويترز.

وأضافت من ناحية أخرى فان من يجاهدون للاحتفاظ بالسلطة لن يترددوا في التلاعب بالعملية لاضفاء شرعية على قبضتهم بينما يفتقر المجتمع الدولي للارادة السياسية والمهارة اللازمة للتغلب عليهم.

وانتخابات 18 سبتمبر مثال على هذا. فقد كان من المقرر ظهور النتائج النهائية في 30 اكتوبر تشرين الاول لكنها تأجلت الى أن تفحص جهة لمراقبة الانتخابات تدعمها الامم المتحدة الاف الشكاوى.

وأبطل مسؤولو الانتخابات نحو ربع الاصوات من بين 5.6 مليون صوت تم الادلاء بها.

ويدير وزراء لتسيير الاعمال العديد من وزارات كرزاي بعد أن رفض البرلمان السابق بعض من اختارهم الرئيس لشغل مناصب وزارية. وقالت ماكدونالد نرى من جديد سؤالا أساسيا يطرح بشأن شرعية الهيكل البرلماني ككل.

وأضافت نتيجة لهذا يستطيع المرء أن يقول بمصداقية ان لدينا رئاسة ومجلس وزراء وبرلمانا بموقف دستوري هش على أفضل تقدير.

التنمية البشرية

وفي أطار التنمية صعدت أفغانستان عدة مراتب في مؤشر التنمية البشرية الذي يصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث كانت تحتل مرتبة 181 من أصل 182 بلداً في عام 2009 لترتفع إلى المرتبة 155 من أصل 168 بلداً في مؤشر هذا العام.

ويقيس مؤشر التنمية البشرية معدل الإنجازات في كل بلد وفقاً للعناصر الأساسية للتنمية البشرية وهي: الحياة الطويلة والصحية، وإمكانية الحصول على المعرفة والمستوى المعيشي اللائق.

مع ذلك، ما تزال أفغانستان واحدة من البلدان الـ 23 الأقل نمواً في العالم، وفقاً لتقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إذ أن 42 بالمائة من الأفغان فقراء ويصل معدل العمر المتوقع عند الولادة في البلاد إلى 44.6 عاماً في الوقت الذي يوجد فيه طبيب واحد وسريرا مستشفى فقط لكل5,000 أفغاني. في الوقت ذاته، يصل معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة في البلاد إلى 275 لكل 1,000 ولادة حية ومعدل الوفيات النفاسية إلى 1,400 لكل 100,000 ولادة. كما لا يستطيع أكثر من نصف الأفغان الحصول على مياه الشرب المأمونة ولا يتمتع 63 بالمائة منهم بخدمات الصرف الصحي المحسنة. حسب شبكة إيرين

ويفيد التقرير أنه على الرغم من الصعوبات العديدة، يشعر أكثر من نصف الأفغان بالرضا عن ظروف معيشتهم. وقد صنفت منظمة الشفافية الدولية، وهي منظمة متخصصة في مراقبة الفساد تتخذ من برلين مقراً لها، أفغانستان الدولة الثالثة الأكثر فساداً في العالم في عام 2010.

معاناة ملايين النساء والفتيات

وعلى الصعيد الانساني قالت الامم المتحدة إن ملايين النساء والفتيات الافغانيات يعانين من الممارسات التقليدية مثل الزواج في سن مبكرة للغاية وجرائم الشرف مع عجز السلطات عن تنفيذ القوانين التي تكفل لهن الحماية.

وكشف تقرير بعثة الامم المتحدة للمساعدة في افغانستان (يوناما) ان حقوق النساء تنتهك في أنحاء البلاد بعد نحو عشر سنوات من الاطاحة بنظام حركة طالبان.

وكانت طالبان تحظر على النساء التعليم وامتهان معظم الاعمال مع الزامهن بارتداء النقاب خارج المنزل وتقييد تحركاتهن.

وقال التقرير إن أفغانستان بدأت في أغسطس اب 2009 تطبيق قانون القضاء على العنف ضد النساء الذي يجرم الكثير من الممارسات لكن بعض السلطات لا تعرف شيئا عن القانون فضلا عن أن الكثير منها اما لا يرغب أو أنه يعجز عن تطبيقه.

وقالت جورجيت جاجنون مديرة قسم حقوق الانسان في بعثة يوناما في بيان ضمان حقوق المرأة في أفغانستان... لا يتطلب ضمانات قانونية ودستورية على الورق وحسب بل الاهم تطبيقا سريعا كافيا. حسب رويترز

وأضافت الشرطة الافغانية والنظام القضائي في حاجة أكبر بكثير للتوجيه والدعم والاشراف من جانب السلطات على المستوى الوطني بشان كيفية تنفيذ القانون بشكل سليم.

واعتمد التقرير على بحث جرى عام 2010 في 29 من بين 34 اقليما في البلاد.

ويحظر القانون ممارسات تتضمن بيع وشراء النساء للزواج والزواج القسري وزواج الاطفال والحرمان من حق التعليم والعمل والحصول على الخدمات الصحية.

وقال التقرير ان عدد النساء اللائي يقدمن على الانتحار باشعال النار في أنفسهن يتزايد في بعض مناطق أفغانستان. وقال الطبيب المسؤول عن وحدة الحروق الوحيدة في أفغانستان والواقعة بمدينة هرات بغرب البلاد ان السبب الرئيسي هو اجبارهن على الزواج.

أسعار الأفيون

وفي من جانب آخر قال رئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات في أفغانستان ان أسعار الأفيون الافغاني تشهد ارتفاعا كبيرا مما أثار مخاوف من ان يتحول المزارعون الى زراعة القنب وإهدار المكاسب التي ترتبت على خفض الانتاج.

وقال جان لوك ليماهيو رئيس مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في كابول ان أفغانستان تنتج 90 بالمئة من الافيون العالمي الذي يستخدم في صناعة الهيروين وان الأسعار قفزت الى أعلى مستوى في ست سنوات مع تزايد التكهنات في السوق بشأن محصول 2011.

وقال اننا نرسل تحذيرات لكل من له علاقة من ان هذا العام ليس عاما عاديا لتجارة (الافيون). بحسب رويترز.

وحذر قائلا لدينا موقف غير عادي لأسعار شديدة الارتفاع مضيفا ان الانتاج سيزيد اذا لم نتخذ إجراءات وفقا لذلك.

ومحصول العام الماضي دمر بسبب إصابة النبات بفطر القنب الذي خفض الانتاج بنسبة 48 في المئة الى 3600 طن مما أدى الى زيادة الاسعار وفقا لاحصائيات الامم المتحدة.

ويتركز انتاج الافيون في الاقاليم الجنوبية والغربية وخاصة معاقل طالبان في هلمند وقندهار ويساعد في تمويل التمرد.

وقال ليماهيو ان متوسط سعر الافيون في سبتمبر ايلول بلغ 207 دولارات للكيلوجرام في افغانستان وهي زيادة نسبتها 165 في المئة عن العام السابق وثلاثة بالمئة عن سعره في اغسطس اب.

وارتفع سعر القنب بأكثر من المثلين الى 125 دولارا للكيلوجرام في سبتمبر ايلول من 52 دولارا في العام السابق.

وتقوم حكومة كابول ووكالات المساعدات الاجنبية والوكالات الدولية بحملة منذ سنوات لابعاد المزارعين عن زراعة القنب وتدمير هذه الحقول والمخدرت ومحاكمة التجار.

وتراجعت المساحات المزروعة بالقنب الى 304 الاف فدان هذا العام بانخفاض نسبته 36 بالمئة عن عام 2007 وفقا لاحصائيات مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة. و20 اقليما من اقاليم افغانستان البالغ عددها 34 خالية من زراعات الافيون.

لكن ليماهيو قال ان المزارعين يمكن ان يتحولوا الى زراعة القنب بسبب ارتفاع الاسعار والضغوط من جهات الإقراض وتجار المخدرات. وقال يصبح لدى المرء نوع من إدمان هذا الدخل من الافيون.

وأضاف في السعر العادي للافيون والقنب فاننا نخشى بالتأكيد من ان يقرر كثير من المزارعين زراعة الافيون والقنب بدلا من المحاصيل المشروعة.

وأفغانستان واحدة من أفقر دول العالم بعد أكثر من ثلاثة عقود من الحروب والاضطرابات الاهلية.

وتشير التقديرات الى ان المزارعين سيجلبون 604 ملايين دولار من الدخل من الافيون هذا العام بزيادة 38 بالمئة عن العام الماضي وفقا لتقرير مكتب الامم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في سبتمبر ايلول.

الموارد الطبيعية

وفي ظل الموارد الطبيعية فالتلال المحيطة بقرية نور ابا الافغانية مليئة بالذهب لكن سكانها اوقفوا العمل في منجم جديد بسبب نزاع على الوظائف محذرين من أن خطط الحكومة لزيادة عمليات استخراج المعادن ربما تسبب المشاكل مثلما تجلب الثروة.

وتجعل مشكلات الامن والفساد من قتال التمرد وتشكيل حكومة مركزية أمرا بالغ الصعوبة تماما مثل الوصول الى هذا الوادي المنحدر المعزول الذي يقع في اقليم طخار على بعد اميال قليلة فقط من الحدود من طاجيكستان.

ويعد عقد المنجم بتوفير فرص العمل وبناء الطرق والمدارس والعيادات الطبية للمنطقة الفقيرة وفي نهاية المطاف عائدات ضريبية للحكومة تتراوح ما بين اربعة وخمسة ملايين دولار في السنة. لكن لم يتحقق أي من هذه الوعود الامر الذي أثار حفيظة السكان المحليين في هذه المنطقة الهادئة نسبيا.

وقال مير أحمد مسؤول احدى القرى الناس غاضبون من الحكومة... من الشركة ونحن قررنا الا تجري عمليات تنقيب الى ان تلبى مطالبنا. بحسب رويترز.

واضاف وسط تصفيق من مئات القرويين من نور ابا والقرى المحيطة بها الحكومة والشركة هنا من اجل الذهب لا لمساعدتنا.

وتعول افغانستان على احتياطيات المعادن الضخمة- التي تضم بعضا من أكبر الاحتياطيات غير المستغلة من النحاس والحديد في اسيا- في التوقف عن الاعتماد على المعونات الأجنبية. ومن المقرر ان يبدأ انتاج الحديد عام 2013 وان يستخرج الذهب من نور ابا قبل ذلك.

لكن في كثير من الدول النامية يؤدي اكتشاف النفط او المعادن الثمينة الى نشوب نزاعات محلية وتفشي الفساد وتدهور مستوى معيشة ملايين المواطنين مقابل مراكمة النخبة للثروات.

وقال وزير التعدين الافغاني وحيد الله شهراني انه يدرك مخاطر "لعنة الموارد الطبيعية" وانه واثق من قدرته على وضع البلاد على الطريق الصحيح مثلما فعلت بوتسوانا حيث ادت مناجم الالماس الى تحسن كبير في مستوى المعيشة في البلاد.

لكن هناك عقبات كبيرة منها تمرد متزايد يجعل العبور والأمن أمرا بالغ الصعوبة فضلا عن بنية تحتية ضعيفة تعيق شحن الحديد الخام ومراقبة المواقع النائية مثل نور ابا وضعف حكم القانون وهو ما يعني ضعف حماية المواطنين وتفشي الفساد في كل من القطاع الخاص والحكومة.

وطبقة الذهب في نور ابا غنية وكثيفة. وقد جرفتها صخور بركانية منذ ملايين السنين لتترسب في قاع بحيرة اختفت منذ فترة طويلة وتحولت الان الى طبقات جديدة من الصخور التي نشأت عليها القرية وقاع نهرها.

وقبل ان يتوجه شهراني جوا ليتفقد التقدم في المشروع وصفه بانه من اكثر مشروعات التعدين الواعدة على الامد القصير في افغانستان وانه سيتحول قريبا من الاختبار الى الانتاج في ظل احتياطيات بالمنطقة تصل الى 24 طنا من الذهب.

لكن طائرة الهليكوبتر التي كان يستقلها شهراني وصلت في مطلع الاسبوع وصعد الناس الحريصون على نقل مظالمهم وشكاواهم للوزير الممرات الجبلية للوصول الى مكان اللقاء الذي اختير بجانب المنجم.

وحذر مولاي عظيم الله امام مسجد القرية من انه يتعين على الشركة ان تعين اشخاصا من القرية هم بحاجة للوظائف والا فلن ندع احدا يعمل في هذه المناجم.

وقال هو واخرون ان العمال يجلبون من مناطق اخرى لخفض الاجور التي تبلغ بالكاد 100 دولار شهريا ولتخفيف قبضتهم على المنجم. كما قالوا ان الشركة بدأت التعدين على نطاق واسع بصورة غير قانونية الى ان تم وقف العمل.

ورغم الفقر الشديد -حيث يعيش اغلب السكان على ما يزرعون او يعتمدون على تحويلات الاقارب في الخارج- الا أن القرويين واثقون فيما يبدو من قدرتهم على وقف العمليات الى ان تلبى مطالبهم.

وقال لشهراني بعد الاجتماع اذا لم نتدخل فان الناس لن يسمحوا للشركة حتى بتشغيل الالات.

وانحى الوزير باللائمة في المشكلات في نور ابا على عيوب في العقد ونقص رؤية الوزارة عندما كان يديرها سلفه الذي اتهم بالفساد.

وقال شهراني لدى عودته الى كابول وتكليفه فريقا من خبراء الصناعة بالعمل مع مالك المنجم حاجي عبد الكبير المنحدر من اصل اوزبكي العمل الفني جيد واعتقد الان انه ينبغي لنا التركيز على القضايا الاجتماعية.

كما استأجر عبد الكبير خبراء في تعدين الذهب من روسيا لتحديث أعمال المسح القديمة للموقع. وقال عند المنجم على الحكومة ان تدعمني...فلقد استثمرت 3.5 مليون دولار هنا.

لكن عبد الكبير كان غير نادم على العمل وممارسات التشغيل لشركته وستلاند جنرال تريدينج قائلا انه كان يدفع 200 دولار في الشهر للعامل وهو مرتب جيد في المناطق الريفية بافغانستان.

واضاف الناس هنا هادئون ورجال الدين هم من يثيرون القرويين. انهم يريدون نصيبا من الذهب.

وتابع بقوله سنتصرف وقفا لشروط العقد. اذا انتهكوا الاطار المتفق عليه او حادوا عنه فستطبق ساعتها الشروط الجزائية مضيفا انه سيجري ارسال مراقبين لبحث مخاوف القرويين.

أقلية الكوتشي

اجتماعيا، أوت أسر من قبائل الكوتشي إلى هذا قصر مهجور الذي يعود لعام 1920 في جنوب كابول، على عكس العديد من الأفغان الذين تحسنت ظروفهم المعيشية على مدى السنوات التسع الماضية، يقول العديد من أفراد قبائل الكوتشي، وهي أقلية بدوية معظمها من البشتون، أن أحوالهم قد تدهورت.

فبعد أشهر من تعرض أكواخ الطين التي يسكنون فيها في الضواحي الجنوبية الغربية لكابول لحريق مزعوم خلال مناوشات مع قبائل الهزارة (وهي أقلية يعيش معظمها في وسط أفغانستان) على ممتلكات وأراضي الرعي، ارتفع عدد أسر الكوتشي التي تبحث عن اللجوء في الأحياء الفقيرة في جميع أنحاء كابول.

ووفقاً لمسؤولين حكوميين، يشكل الكوتشي غالبية سكان الأحياء العشوائية الفقيرة الستة عشر المنتشرة في كابول، والذين يقدر عددهم بحوالي 14,000 نسمة. وقد حاولت العديد من أسر الكوتشي البحث عن ملاجئ في القصور المهدمة في جنوب كابول وحولها. ومع حلول فصل الشتاء القاسي، فإن الكثير من هذه الأسر، ولاسيما أطفالها، تواجه مشاكل متزايدة.

أسوأ المؤشرات

ويقدر المكتب المركزي للإحصاء عدد أفراد قبائل الكوتشي بثلاثة ملايين نسمة (وهو ما يشكل أكثر من 10 بالمائة من مجموع سكان البلاد). حسب شبكة إيرين

وعلى الرغم من أن أكثر من 30 بالمائة من سكان أفغانستان (تسعة ملايين نسمة) يعيشون في فقر مدقع، بينما يعيش غير الفقراء البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة على 2,100 أفغاني (43 دولاراً) في الشهر، إلا أن غالبية قبائل الكوتشي (أكثر من 54 بالمائة) يعيشون في فقر مدقع، وفقاً للتقييم الوطني لقابلية التعرض للمخاطر لعام 2008.

وفي هذا السياق، ذكر تقرير صادر عن مركز تقنية المعلومات الخاصة بالموارد الطبيعية بجامعة تكساس في عام 2009 أن قبائل الكوتشي تعتبر واحدة من المجتمعات الأكثر فقراً وتهميشاً في أفغانستان، واصفاً ما بين 55 و78 بالمائة من أسر الكوتشي بالأسر الفقيرة.

وأفاد مسؤولون في وزارة الصحة أنهم لا يملكون معلومات حول تمكن أفراد الكوتشي من الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، كما أكدت وزارة التربية والتعليم أن نسبة الأمية بين قبائل الكوتشي تعتبر الأعلى في البلاد. وحسب عزة الله أحمدزاي، رئيس المديرية المستقلة لشؤون الكوتشي، لا أحد يتهم بنساء وأطفال الكوتشي الذين يموتون بسبب أمراض يمكن علاجها والوقاية منها.

ويعتمد معظم قبائل الكوتشي على تربية المواشي لكسب رزقهم، ولكن إمكانية وصولهم إلى أراضي الرعي تضاءلت بسبب الصراع والعوامل البيئية والديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية على مدى العقود الثلاثة الماضية، مما أدى إلى حدوث مواجهات عنيفة ومتكررة بين رعاة الكوتشي ورعاة الهزارة، على مدى السنوات القليلة الماضية باستثناء عام 2009. ويتهم الهزارة الذين يقطنون مناطق وارداك وباميان رعاة الكوتشي بغزو قراهم وإلحاق أضرار بالمزارع والممتلكات.

وقد علق غلام ساخي، أحد وجهاء الهزارة في كابول، على ذلك بقوله أن الكثير قد تغير في أفغانستان على مدى العقود الماضية، فلم يتبق أية أراضي للرعي في هازاراجات وسط أفغانستان لقبائل الكوتشي. أما قبائل الكوتشي فتتهم قبائل الهزارة بحرمانها من حقها، الذي تمتعت به منذ قرون طويلة، في الاستفادة من أراضي الرعي لأسباب عرقية. وحسب أحمدزاي، فإن الحكومة شكلت لجنة لحل قضية أراضي الرعي ولكن هذا سيستغرق وقتاً. ويتهم كل من وجهاء قبائل الكوتشي وقبائل الهزارة الحكومة بعدم رغبتها في إنهاء النزاعات الدائرة بينهما.

وفي عام 2009 ، لم يتم التبليغ عن أي صراعات بين قبائل الكوتشي والهزارة في المرتفعات الوسطى التي يشكل الهزارة أغلبية سكانها.

وحسب فابريزيو فوشيني، وهو باحث في الشؤون السياسية لدى شبكة محللي أفغانستان، وهي مؤسسة فكرية مقرها كابول، دفعت الحكومة سراًّ ما بين 2 و3 مليون دولار لقائد ميليشيا تابعة لقبائل الكوتشي لضمان عدم دخول أفراد الكوتشي إلى مناطق الهزارة. وعزا السبب في ذلك إلى الانتخابات الرئاسية في سبتمبر 2009 عندما حصل الرئيس الأفغاني حامد كرزاي على دعم حاجي محمد محقق، أحد زعماء الهزارة. وهذا ما أكده أحمدزاي بقوله أن "الحكومة دفعت أموالاً لبعض قبائل الكوتشي لشراء الأعلاف حتى تحول دون حدوث أي صراع آخر على المراعي". كما قامت القوات الأمريكية بالتدخل لتخفيف حدة التوتر بين قبائل الهزارة وقبائل الكوتشي في عام 2009 عن طريق المساعدات الإنسانية.

وعلى الرغم من أن قبائل الكوتشي تملك عشرة مقاعد في مجلس النواب وتحظى بمديرية عامة لتمثيل مصالحها، إلا أن بعض الخبراء يقولون إنها لا تزال تعاني من التهميش في عملية صنع القرار.

وأوضح فوشيني أن لقب الكوتشي أصبح الآن لقباً ازدرائياً، مشيراً إلى أن النواب والسياسيين الآخرين الذين يمثلون هذه القبائل لا ينتمون فعلاً إليها لأن معظمهم كان قد استقر في كابول والمدن الرئيسية الأخرى.

وتحاول الحكومة، تمشياً مع الدستور، أن تقوم بتوزيع الأراضي ومساعدة قبائل الكوتشي على إنهاء حياة الرحل التي يعيشونها. ولكن حل مشاكل قبائل الكوتشي أو تغيير نمط حياتها يتطلب أكثر من مجرد قطعة من الأرض وإرادة أقوى من قبل الحكومة، حسب الخبراء.

الازياء العسكرية

الى ذلك يبيع محمد زابي في المتجر الذي يملكه أزياء عسكرية وأزياء الشرطة في السوق ولكن بشرط ألا يكون زبائنه ملتحين أو يتحدثون بلكنة ريفية خشية أن يكونوا من المتشددين.

كثيرا ما يتنكر المتشددون في زي جنود أو رجال شرطة أثناء شن هجمات وشراء زي عسكري كامل من السوق لا يتكلف أكثر من 800 أفغاني (17 دولارا).

وعلى بعد مئات من الامتار فقط من القصر الرئاسي الواقع تحت حراسة أمنية مشددة تبيع المتاجر كل شيء من جراب المسدسات الى زي الشرطة والزي العسكري.

وتقول وزارة الداخلية ان هذه التجارة غير مشروعة الا ان ملاك المتاجر يصرون على أنهم يقدمون فقط خدمة للمشترين المشروعين مثل أفراد الامن الذين يفقدون أو يلحقون ضررا بزيهم.

وقال زابي (44 عاما) لرويترز وهو يقف وسط صفوف من الزي الرسمي للجيش والشرطة الافغانيين اذا لم يكن المشتري يحمل بطاقة هوية يمكنني أن أعرف من مظهره لماذا يريد شراء هذا الزي... اذا جاءني زبائن ملتحين ولا يتحدثون بلكنة كابول أو لا يحملون أي بطاقة هوية أرفض البيع لهم. بحسب رويترز.

ويحمل زابي تصريحا رسميا عبارة عن عقد بتزويد الزي الرسمي لوزارة الداخلية ويقول انه لا يواجه أي قيود من الشرطة أو الاجهزة الحكومية.

وأضاف أنه مثل كثير ممن يعملون في هذه التجارة يحمل أيضا ترخيصا من نقابة الحرفيين المستقلة التي يبيع العشرات من أعضائها الزي العسكري في كابول.

الا أن هذه التجارة تنطوي على مخاطر ومحظورة رسميا لاسباب أمنية مع بلوغ أعمال العنف في البلاد أعلى مستوياتها منذ الاطاحة بحركة طالبان من السلطة عام 2001 .

وقال زيماري بشاري المتحدث باسم وزارة الداخلية شراء أو بيع المعدات العسكرية وزي الشرطة غير مشروع وستستمر الحكومة في اغلاق مثل هذه المتاجر.

وكان رد فعل ملاك المتاجر سيئا ازاء مساعي تصوير سلعهم وقالوا انه بعد تقارير اعلامية سابقة حضر مسؤولون لمصادرة بضائعهم حيث اضطروا لدفع أموال مقابل استردادها.

وقال شخص وسط الحشود الغاضبة الصور التي تلتقطونها جذبت أنظار الحكومة لاعمالنا وهو ما لا نريده.

ويشتهر متمردو حركة طالبان بارتداء السراويل الفضفاضة والقمصان الطويلة وهو زي شبيه بما يرتديه الكثير من الرجال الافغان الا أنهم كثيرا ما يشنون هجمات على مبان حكومية ومؤسسات عسكرية ومنظمات اغاثة وهم متنكرون في زي نساء أو زي مسؤولي الشرطة أو الجيش.

والنقاب التقليدي الذي ترتديه النساء ولا يكشف عن وجوههن أو الزي العسكري يجعل من السهل على المتشددين الاقتراب من أهدافهم ومفاجأة قوات الامن الحقيقية.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي هاجم نحو ثمانية من مقاتلي حركة طالبان جنودا أفغانا في مطار جلال اباد باقليم ننكرهار بشرق البلاد والذي يعد أحد أكبر القواعد العسكرية للقوات الامنية.

ورغم أن الهجوم جرى صده بنجاح ولم يقتل أي من القوات الافغانية أو الاجنبية الا أنه أثار مخاوف بشأن مدى توفر الازياء العسكرية وزي الشرطة في الاسواق. ولا يقلد الزي الرسمي الافغاني فقط..

في سوق بوش الذي يحمل اسم الرئيس الامريكي السابق جورج بوش تبيع عشرات المتاجر الصغيرة العديد من السلع الامريكية المقلدة مثل الزي العسكري الامريكي والنظارات المعظمة وأنواع مختلفة من المدي وحتى نظارات الرؤية الليلة.

وقال مالك متجر اخر اكتفى بذكر اسمه الاول وهو عبيد ان زبائنه المدنيين يمكنهم الشراء منه اذا قالوا انهم أقارب أحد أفراد قوات الامن. واستطرد اذا لم أبع فسيشترون نفس الشيء من متاجر أخرى ومن ثم لا يمكن أن أصدهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 14/كانون الأول/2010 - 7/محرم/1432

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م