اقتصاد الحج... اضخم تداول نقدي خلال خمسة ايام

 

شبكة النبأ: قدرت دراسة سعودية أجراها معهد "لأبحاث الحج" متوسط إنفاق الحاج الواحد بنحو 7.15 ألف ريال (1906 دولارات) هذا العام.

ووفقاً لصحيفة "الوطن" السعودية، يتوزع المبلغ على مؤشرات القدرة الإنفاقية على السكن والطعام والشراب، إضافة إلى الهدايا والاتصالات.

وبحسب تقارير، تستقبل المملكة نحو أربعة ملايين حاج في موسم الحج هذا العام، ويعد هذا رقماً قياسياً إذا ما قورن بموسم العام 2009، حيث تراجعت أعداد الحجاج إلى نحو 2.5 مليون حاج.

وقال رئيس الشؤون الإعلامية بالمعهد الدكتور عثمان قزاز إن الدراسة أوضحت أن 75 بالمائة من الحجاج يتراوح إنفاقهم بين 6 آلاف (نحو 1600 دولار) حتى 18.63 ألف ريال (4968 دولار).

وذكرت صحيفة "الوطن" اليومية، أنه نظراً لارتفاع مستوى التقلب في الإنفاق الكلي للحجاج في العينة التي أجريت عليها الدراسة، تم تقسيم الإنفاق إلى شرائح مع تقدير وسطي داخل كل شريحة.

وبلغ متوسط تكلفة السفر من الخارج 5.2 آلاف ريال، فيما كان متوسط الإنفاق على المواصلات الداخلية 531 ريالاً. والسكن 4.6 آلاف ريال، والطعام والشراب 1.71 ألف ريال، والهدي والأضاحي 524 ريالاً.

وأظهرت نتائج الدراسة أن متوسط الإنفاق على السلع الكهربائية 555 ريالاً والهدايا 930 ريالاً والعلاج الطبي 65 ريالاً، والاتصالات 390 ريالاً، والأدوات المنزلية 408 ريالات والملابس 767 ريالاً، والمزارات 37 ريالاً. ويكون بذلك متوسط الإنفاق الكلي نحو 15.7 ألف ريال تقريباً. بحسب رويترز.

وذكر "قزاز" أن الدراسة شملت تأثير مستوى دخول حجاج الخارج على معدل إنفاقهم، فقد أظهرت أن نحو 24 بالمائة منهم يصل دخلهم شهرياً إلى ألف ريال بمتوسط إنفاق 9.43 آلاف ريال تقريباً، فيما كانت نسبة من يزيد دخلهم عن 5 آلاف ريال نحو 13 بالمائة،أنفقوا حوالي 19.6 ألف ريال.

أما نسبة من كان يفوق دخلهم 15 ألف ريال تقريباً، فقد وصلت إلى 4 بالمائة، بمتوسط إنفاق 27.76 ألف ريال، أما من يقل دخلهم عن ألف ريال من حجاج الخارج فقد مثلت نسبتهم 59 بالمائة.

بدورهم قال بائعو ذهب ان موسم الحج انعش الطلب على الحلي الذهبية في السعودية لكن النشاط مازال ضعيفا نتيجة ارتفاع الاسعار. وقال علي الاسدي وهو بائع ذهب في مكة "الحج هو الموسم الرئيسي وبعد ذلك سيكون النشاط ضعيفا." وأضاف أن العملاء يشترون 80 جراما الى 100 جرام في المتوسط مقارنة مع 200 جرام في مواسم سابقة قبل ارتفاع أسعار الذهب. بحسب رويترز.

وقال تجار ان الطلب على الذهب يرتفع حوالي عشرة بالمئة خلال موسم الحج لكن الاسعار المرتفعة ستؤدي لاحجام عن الشراء باقي العام. وقال عبد الله المالكي الذي يبيع الذهب أمام المسجد الحرام "رغم ارتفاع أسعار الذهب كل عام اعتقدنا أن المبيعات ستنخفض لكن هناك زيادة في المبيعات مع تزايد عدد الحجاج وهناك مشتريات جيدة والحمد لله." لكن المالكي وتجار اخرين قالوا ان كثيرا من الناس يحجمون عن شراء كميات كبيرة. وقال أحد تجار الذهب ويدعى عبد اللطيف "الطلب ضعيف بعض الشيء هذا العام. هناك قدر من النشاط الان أثناء الحج."

وقالت واحدة من الحجاج تدعى نجية "قررت شراء بعض الهدايا الصغيرة التي لا تتكلف كثيرا للاطفال خلال موسم الحج." وأضافت أثناء تفاوضها مع البائع على السعر "المرء يحتاج لشراء هدايا ذهبية أثناء الحج."

السياحة الدينية

من جهتها نشرت الغارديان تقريرا موسعا حول الحج، موضوعه الاساسي هو "السياحة الدينية" كمدخل مهم في الاقتصاد السعودي.

وتكتب مراسلة الشؤون الدينية في الصحيفة من مكة عن الابراج الشاهقة والفنادق الفاخرة التي تحيط بالحرم والكعبة.

وينقل التقرير عن الارقام الرسمية السعودية ان عائد السياحة هذا العام يصل الى 17.6 مليار دولار، ويتوقع ان يتضاعف بحلول عام 2015. وتشير التقديرات الى زيادة السعة الفندقية الى 319 الف غرفة من 218 الف غرفة العام الماضي.

ومع ان موسم الحج يجذب حوالى 2.5 مليون مسلم الى مكة والمدينة، وعبر مدينة جدة، الا ان السياحة الدينية مستمرة على مدار العام.

وهناك 1.8 مليار مسلم في العالم، يزيدون بمعدل 6.7 في المئة سنويا، واغلبهم يتطلع لاداء فريضة الحج او العمرة. ويبلغ عدد الزوار للسعودية سنويا 12 مليون يتوقع ان يزيد عددهم الى 17 مليون بحلول عام 2025.

تصف المراسلة تغير مشهد مدينة مكة تماما، وتصف مجمع الفنادق الفخمة "ابراج البيت" الذي تكلف 3 مليارات دولار ويضم 15 الف وحدة سكنية و70 الف متر مربع من المحال التجارية.

وتنقل عن احد مسؤولي التسويق في الابراج اشارته الى التغير في سلوكيات الحجيج، فاذا كان "الباكستانيون مثلا لا يهتمون بالاقامة الفخمة فان الحجيج من بريطانيا وجنوب افريقيا وتركيا وتونس وغيرها يهتمون بالراحة والفخامة". ويصل ايجار الجناح الفخم في المجمع الى 5880 دولار في الليلة، ومع ذلك فنسبة الاشغال 100 في المئة.

ويقول مسؤول التسويق ان السياحة في السعودية تختلف عن دبي، فليس هناك ترفيه في مكة "لكن الناس ياتون الى هنا للحج، ولن يمكنهم الحج الا في مكة على اي حال".

وتقول الصحيفة انه رغم ازدهار الفندقة لخدمة السياحة الدينية تظل المرافق السياحية في السعودية اقل من جارتها الاماراتية دبي.

ويمضي تقرير الغارديان موضحا اهمية الحج، والسياحة الدينية عموما، في تنويع الاقتصاد السعودي بعيدا عن النفط والغاز.

وفي هذا السياق تستثمر الحكومة السعودية بكثافة في قطاع السياحة الدينية، واولها ما يبدو في مكة من بنيان يغير معالمها حتى ان جبال المدينة الثلاثة الرئيسية على وشك الاختفاء تماما. كما ان النزل والبيوت القديمة اختفت لتحل محلها الابراج والفنادق الفخمة.

وتصف المراسلة مشهد الرافعات ومعدات البناء وهو يختلط بسعي الحجيج حول الكعبة وفي نطاق الحرم المكي.

ومن بين الاستثمارات في مرافق السياحة الدينية، خط السكك الحديد بين مكة والمدينة بطول 276 ميلا وبكلفة 6 مليارات دولار.

اما في مكة فهناك مترو المشاعر المقدسة الذي سينقل الحجيج ما بين المزدلفة ومنى وجبل عرفات، ويتوقع ان ينقل 72 الف حاج في موسم الحج الحالي.

كما ان هناك مشروع تطوير مطار المدينة بكلفة 2.4 مليار دولار لزيادة طاقته الاستيعابية من 3 مليون الى 12 مليون مسافر سنويا.

وسيتم توسعة مطار الملك عبد العزيز في جدة لزيادة طاقته من 30 مليون مسافر عام 2012 الى 80 مليون مسافر لدى اتمام التوسعات.

ارتفاع مستمر والاسعار

الى ذلك تسجل كلفة الحج الذي يؤدي شعائره حوالى 2,5 مليون مسلم هذه السنة، ارتفاعا سنويا مستمرا في ظل طلب يتعدى العرض، فيما تلتهب اسعار المساكن في مكة المكرمة خصوصا بالقرب من الحرم الشريف.

وترتفع اسعار رحلة الحج بنسبة 3 الى 5 بالمئة سنويا الا ان الاسعار ارتفعت بنسبة 15% هذه السنة في بعض الحالات بحسب مسؤولين ووكلاء سفر.

وقال شاه نواز المدير في وكالة اطلس للسفريات في بومباي بالهند ان "اسعار ايجار المساكن في مكة والمدينة ارتفعت بشكل كبير، كما ان اسعار الغذاء مرتفعة جدا ايضا".

وبالرغم من ان شعائر الحج تتطلب عامة خمسة ايام، الا ان غالبية الحجيج يمضون في الاراضي المقدسة اسبوعين او اكثر، فيما تستمر رحلة الحج بالنسبة للبعض اكثر من اربعين يوميا تتم تمضيتها بين مكة المكرمة والمدينة المنورة في غرب المملكة العربية السعودية.

ويمكن لرحلة الحج ان تكلف الاف الدولارات الا انه في الدول التي تحظى بكثافة سكانية اسلامية عالية، تقوم جهات حكومية بدعم هذه الرحلة المقدسة خصوصا بالنسبة للفقراء.

ويحظى 75% من الحجاج الهنود البالغ عددهم 175 الفا هذه السنة، باسعار مدعومة لرحلة الحج. بحسب فرانس برس.

وتصل كلفة رحلة الحج مع الهيئة الرسمية للحج في الهند الى 2700 دولار، وهي رحلة تستمر 45 يوميا، فيما تؤمن وكالات سفر خاصة هذه الرحلة مقابل 6700 دولار.

وقال محمد خان المسؤول في بعثة الحج الهندية ان "كلفة الحج ترتفع بنسبة 3 الى 5 بالمئة سنويا، الا ان السنوات ال15 الاخيرة شهدت ارتفاعات كبيرة".

وفي اندونيسيا التي يؤدي 220 الف شخص من مواطنيها الحج هذه السنة، لم يتغير سعر الرحلة المدعومة وبقي عند 3200 دولار، وهو سعر يشمل تذكرة السفر والاقامة والوجبات، وذلك بالرغم من ارتفاع الكلفة على المنظمين بنسبة 3 بالمئة.

وتساهم الحكومة الاندونيسية ب670 دولارا من كلفة الرحلة لكل حاج، وكان هذا المبلغ 555 دولارات العام الماضي، حسبما افاد مدير بعثة الحج في وزارة الاوقاف الاندونيسية عبدالغفور جواهر.

لكن رحلة الحج بالنسبة للباكستانيين، وبالرغم من من الدعم الحكومي، فقد ارتفعت كلفتها بنسبة 16% هذه السنة مقارنة بالعام الماضي ووصلت الى 2800 دولار. وتستمر رحلة الحج بالنسبة للبعثة الباكستانية 40 يوما.

ويستفيد نصف الحجيج الباكستانيين البالغ عددهم 160 الفا من دعم حكومي. فرحلة الحج غير المدعومة التي تقدمها وكالات خاصة تكلف 4100 دولار.

وفي بنغلادش، تصل كلفة رحلة الحج المدعومة الى 3238 دولار، مع ارتفاع بنسبة 2,7% عن العام الماضي، الا ان سبعة الاف شخص فقط من اصل 94 الف حاج من بنغلاديش يستفيدون من هذا السعر المدعوم، حسبما افاد المتحدث باسم وزارة الاوقاف والشؤون الدينية البنغلادشية انور حسين.

وقال حسين "كل سنة ترتفع الاسعار بشكل طفيف ولم يكن هناك ارتفاع غير اعتيادي هذه السنة (...) ارتفعت كلفة رحلة الطائرة كما ان الاقامة في السعودية باتت غالية اضافة الى التأمين والغذاء".

اما بالنسبة لحوالى مئتي الف شخص من سكان السعودية ومواطنيها يؤدون الحج هذه السنة، فان الكلفة ارتفعت بنسبة 20% بحسب سعد القرشي المسؤول في غرفة التجارة في مكة.

والسعر الاكثر انخفاضا لاداء الحج هو 500 دولار، ويشمل الاقامة في خيام بعيدة لمدة خمسة ايام اضافة الى وجبات غذائية هي كناية عن الارز والدجاج فقط.

ومقابل الفي دولار، يمكن للحاج السعودي ان يحظى بشقة في منى اثناء الحج اضافة الى وجبات غذائية متنوعة وذات نوعية جيدة.

وتبقى الاسعار مرتبطة خصوصا بمكان الاقامة خلال الحج، وغالبية البعثات المدعومة تسكن الحجاج في مخيمات او مساكن في منى وليس في مكة.

وترتفع اسعار الاقامة كلما اقترب المسكن من الحرم، والغرف الفندقية الملاصقة للحرم هي الاغلى طبعا، وتبلغ كلفة الليلة فيها الف دولار على الاقل.

وتقدم وكالة السفر الفرنسية "غو مكة دوت كوم" رحلة الحج للفرنسيين والمقيمين في فرنسا مقابل مبلغ يتراوح بين 3500 و5000 يورو (بين 4800 و6855 دولار).

وبحسب المسؤول في البعثة الاندونيسية جواهر، فان الحكومة في جاكرتا تزيد دعمها المالي لكي يحظى الحجاج الاندونيسيون بمكان اقرب الى الحرم.

وقال "الحكومة لا تشتكي من ذلك وهي سعيدة لانها تتيح لمواطنيها ان يكونوا في مكان اقرب ويحتاجون الى وقت اقل للوصول الى الحرم، اذ يمكنهم ان يصلوا اليه سيرا على الاقدام".

تنشيط السياحة

من جانبه يعرض راشد عبد الله عطورا شرقية على مائدة زجاجية للمتسوقين الساهرين الذين يأتون لمتجره الصغير في مكة التي تستعد لما يأمل أن يكون موسما منتعشا للمبيعات خلال الحج هذا الشهر.

وهو يثق في القدرة على اجتذاب زبائن بعد مخاوف من تفش لانفلونزا الخنازير التي جعلت كثيرين احجموا عن الحج العام الماضي.

ومضى يقول "سيكون هذا العام الافضل. هناك طلب قوي حقا" وكان يقف وراء مجموعة من أصناف البخور في واحد بين عشرات من المتاجر المحيطة بالحرم المكي. وانتعشت أسواق مكة منذ رمضان.

وفي 2009 تراجعت أعداد الحجاج الى نحو 2.5 مليون لكن من المتوقع هذا العام مجيء أربعة ملايين حاج وهو رقم قياسي عندما يبدأ موسم الحج الاسبوع المقبل.

وقال شيخ حبيب وهو حاج من الهند جاء ومعه أربعة من أفراد عائلته "كنا نريد المجيء العام الماضي لكن أصدقاء نصحونا بالتأجيل لذلك جئنا هذا العام."

وفي حين أن نسبة الاشغال في فنادق مكة ومدينة جدة القريبة كانت محدودة العام الماضي فان الفنادق هذا العام محجوزة بالكامل تقريبا.

وقال وليد أبو سبعة رئيس لجنة السياحة والفنادق بالغرفة بالتجارية والصناعية في مكة ان الناس يحاولون تعويض ما فاتهم العام الماضي وأضاف أن الاوضاع ستكون أفضل هذا العام.

ونقلت صحيفة الوطن السعودية يوم الاربعاء عن الامير خالد الفيصل أمير منطقة مكة قوله أن 1.5 مليون حاج أجنبي وصلوا بالفعل.

وقال صلاح المقداد الذي يبيع السبح والعطور "المبيعات لا بأس بها.. وصل كثيرون مبكرا."

وقال جون سفاكياناكيس كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي ان من المتوقع أن ينفق الاجانب ثمانية مليارات ريال (2.1 مليار دولار) خلال موسم الحج بعد أن كان المبلغ 7.2 مليار في العام الماضي في حين أن السعوديين سينفقون 3.6 مليار ريال مقابل 3.3 مليار ريال العام الماضي.

ومضى يقول أن الايرادات التي ستدخل الاقتصاد السعودي اجمالا بفضل موسم الحج "قد تتجاوز 35 مليار ريال هذا العام وحده" مضيفا أنه في العام الماضي كان العائد 31 مليار ريال. بحسب رويترز.

كما يتوقع أن يتجاوز الناتج المحلي للسياحة 7.2 في المئة من الناتج المحلي للقطاعات غير النفطية هذا العام ارتفاعا من 6.8 في المئة عام 2009 و2.8 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي بعد أن كانت النسبة 2.6 في المئة العام الماضي.

وعلى الرغم من أن ايرادات الحج صغيرة مقارنة بثروة المملكة العربية السعودية بسبب مواردها من النفط والغاز فانها تساعد قطاعا تعمل الحكومة على تنميته.

وفي ظل ارتفاع معدل المواليد بين السعوديين البالغ عددهم 18 مليون نسمة تحتاج المملكة لتوفير فرص عمل وتعتبر تنمية القطاع السياحي من وسائل ذلك.

وقال بول جامبل رئيس البحوث في شركة جدوى الاستثمار في الرياض "الامكانيات الاقتصادية الاساسية للحج هي تشجيع الحجاج على زيارة أماكن أخرى بالمملكة."

وحتى الان تقتصر تأشيرة الحج على زيارة مكة والمدينة لكن مسؤولين يقولون انهم يعكفون على خطط للسماح بزيارة مواقع سياحية كذلك.

ومضى جامبل يقول "هناك مجموعة متنوعة من المواقع السياحية المحتملة في محيط منطقة مكة."

ويتدفق كثيرون طوال ساعات اليوم للصلاة في الحرم المكي بينما يفضل البعض أخذ استراحة أو التنزه في الشوارع المجاورة.

وقال فيروز شقيق شيخ حبيب بعد أداء صلاة المغرب في الحرم "نريد البقاء أطول فترة ممكنة كما نريد أن نزور المدينة."

الاسكان الفاخر

من جهة أخرى يجد المدير المصرفي المغربي محمد حمدوش حين يجلس في بهو يكسو الرخام ارضيته في فندق فخم في مكة فرصة لالتقاط الانفاس بعيدا عن زحام الحجاج الذين يعج بهم المسجد الحرام.

وقال حمدوش الذي كلفته رحلة الحج 12 الف يورو (16545 دولارا) "كل حاج يأتي طبقا لقدرته. الحمد لله أتاني المال فلماذا لا أقيم في هذا الفندق." وأضاف "الحج مرهق لذلك من الجيد الحصول على غرفة للراحة" قرب الحرم المكي.

وأقيمت حول المسجد الحرام مجموعة من الفنادق الشاهقة فئة الخمس نجوم تتيح للاثرياء أن ينعموا برؤية الكعبة على مدى 24 ساعة في اليوم.

ويمثل هذا جزءا من مشروع أكبر لتوسعة الحرم المكي واتاحة الفرصة امام أعداد اكبر من المسلمين للتوافد على مكة لاداء الحج وهو ما تعتبره السعودية واجبها.

وافتتحت مكة اكبر ساعة في العالم على غرار ساعة بيج بن الشهيرة على واجهة فندق شاهق يطل على الحرم في حين تعمل نحو 20 رافعة بجوار الحرم لبناء المزيد من الفنادق الفاخرة.

ويقول البنك السعودي الفرنسي ان حجم ما يتم انفاقه في مكة والمدينة سيبلغ نحو 120 مليار دولار على مدى العقد القادم وفي الوقت الحالي يجري العمل في مشاريع قيمتها 20 مليار دولار بمكة وحدها. ويبلغ سعر المتر المربع من الارض في مكة نحو 50 الف ريال (13333 دولار).

وقال فرهد يفتلي (25 عاما) وهو حاج من عائلة تجارية أفغانية من خمسة أفراد في دبي دفع كل منهم 15 الف دولار "اذا كان الناس في وضع جيد فيجب أن يمكثوا بالقرب من المسجد."

وأضاف وهو يرتشف الشاي في مقهى نفس الفندق ذي الخمس نجوم "من الجيد أن تكون لديك غرفة للاستراحة والوضوء."

ويشعر الكثير من المثقفين السعوديين خاصة من منطقة مكة بالانزعاج بسبب خطط الحكومة التي يقول دبلوماسيون في الرياض ان كبار رجال الدين أقروها بعيدا عن التدقيق العام.

وانخرطت الصحف السعودية ومدونات لاسلاميين في جدل بشأن موجة البناء لكن كبار علماء الدين السعوديين لا ينتقدونها.

وتقول الروائية رجاء عالم التي تكشف روايتها الاخيرة طوق الحمام عن تدمير مناطق تاريخية وفساد وانتهاكات "لا يستطيع المرء سوى أن يشعر بالحزن لرؤية الكعبة في حجم نقطة بين كل هؤلاء العمالقة من الزجاج والحديد."

وأضافت "قبل ظهور الاسلام بكثير لم يجرؤ العرب على العيش في محيط ما نسميه الحرم وهو ما يعني المنطقة المقدسة (للمسجد)."

ومضت تقول "كانوا يمضون النهار في المدينة المقدسة ويخرجون مع حلول الليل. كانوا يعتقدون أن أنشطتهم البشرية تدنس بيت الله."

ويقول عاملون بمجال الفنادق ان الحكومة تحظر بعض مظاهر الترف مثل أحواض السباحة غير أن فندق برج ساعة مكة الملكي الجديد سيكون به ناديان صحيان على أحدث طراز.

ويقول الكاتب السعودي محمود الصباغ "فكرة ملء أفق مكة بناطحات السحاب الحديثة لا تقوض الكعبة وحسب وانما هي رمز مادي واضح لشطب ثقافي واجتماعي هائل شهدته المدينة."

ومضى يقول "استبدال المدينة القديمة أخذ معه تراثا من الانظمة والاليات الاكاديمية والاجتماعية والثقافية التي تم الحفاظ عليها لقرون. لحق الضرر بالنموذج الثقافي بالكامل."

وفي العقود القليلة الماضية تم هدم الكثير من المنازل القديمة في مكة لتسهيل الوصول الى الحرم وافساح المجال للمراكز التجارية والفنادق ومناطق صف السيارات الضخمة تحت الارض. وتقدم تعويضات للسكان عن المنازل التي يفقدونها.

وقال عرفان العلوي استاذ الدراسات الاسلامية المقيم في لندن ان الفاتيكان ما كان ليسمح ابدا بمثل هذا في منطقته المقدسة.

وأضاف أن على الحكومة أن تستخدم المساحات خارج المدينة لبناء فنادق. وقال "لا يجب أن تبدو مكة مثل مانهاتن او نيويورك."

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 20/تشرين الثاني/2010 - 13/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م