الحكومة.. إغراء لا يقاومه إلا الأنبياء

زاهر الزبيدي

كم هو كبير هذا الأغراء الذي تقدمه المناصب الرئاسية والوزارية السيادية منها والخدمية وحتى الأدنى منها، انه الأغراء الذي لا يقاومه أحد وأضعفهم طبعاً.. السياسي.. أما لماذا هو أضعفهم ؟ فذلك لكون الوطنية قد انتزعت منه كما تنتزع الروح من الجسد ولكون العراق خلال السبع سنوات الماضية أصبح ساحة لتنفيذ الرغبات وتحقيق الأمان العراض في الحصول على كل أنواع المنافع التي توفرها المنصب والكثير منهم قد ذاق حلاوة "البلوكات" الحمر منها والخضر التي يتقاضها، والمئات من حاشيته، بعد طول حرمان أمام إداء سياسي وحكومي لا يصل في درجته الى مستوى الطموح الشعبي لأبناء العراق.

الكثير من الكتل السياسية كانت لها مواقف متشددة على شخصيات معينة وترفض رفضاً مطلقاً وقاطعاً ونهائياً وحاسماً وبلا رجعة، في المشاركة في حكومة تشكلها كتلة أخرى وعندما أزفت ساعة الاعتراضات وانزوى المتحدثون الإعلاميون الى المقاعد الخلفية ليشغل السياسيون "الكبار" كل شاشات العرض ولتبان بعد اتضاح صورة الحكومة بتشكيلتها التي ستخوض بها الى المباراة النهائية في الخميس الأول من شهر تشرين الثاني..

نعم كتل صمدت بوجه التغيرات السياسية بكل الوسائل المتاحة لها للصمود وكل أنواع أسلحة حرب البقاء السياسي حفاظاً على الأمانة التي ائتمنوا عليها عندما خطتها الأصابع البنفسجية.. ونافست حتى الرمق الأخير على الصمود والأطباق على مبادئها والحفاظ على خط سير معتدل مقاوم لكل التغيرات التي أحدثتها المفاوضات والسياحة السياسية الكبيرة التي قامت بها الكتل الأخرى.

وكتل أخرى في طريقها الى التمزق التام وتشرذم أعضاءها بين مؤيد ورافض بين صامد ومتقهقر ومن يغمز للخندق الأخر من بعيد حالماً بمنصب ما يكمل به مشواره المالي والسياسي لأربعة أعوام تالية فمن يضمن في العراق من السياسيين بقاءه على قيد الحياة انتظارا للدورة الانتخابية التالية في عام 2014.. انهم يعرفون كيف تؤكل الكتف.. وهذا الوقت المناسب بعد ما تحقق في السنوات الماضية من استقرار نسبي يشوبه اهتزاز أمني بين الحين والآخر، فما حققته الحكومة الماضية ساهم بشكل واضح في ذلك الثبات على الرغم من أن الأخطاء واردة جداً في وضع مثل وضع العراق.

أن الثبات السياسي المبدئي على منهاج الحزب أو الكتلة أمام مغريات الحكومة أصبح أمراً مبهماً إزاء كل تلك التغيرات التي طرأت خلال سبعة أيام فبين آذار وتشرين الثاني 2010 كانت هناك معارك سياسية كبيرة لم تظهرها شاشات التلفاز ولم يحدثونا عنها المتحدثين الإعلاميين، والسبب في عدم الثبات هو أن الانتماء لتلك الكتل لم يكن بالمبدئية المعروفة في كل أحزاب العالم أنها المبدئية المهزوزة التي أخترعها الساسة العراقيون في القرن الواحد والعشرين.. كما أن ضعف الثقافة السياسية لهم دفعتهم للاهتزاز بشدة أمام المناصب وهذا خلل كبير يعتري العملية السياسية في البلاد علينا أن نجد الحل له.

مع وصول تلك المسرحية الممتعة المحزنة الى فصولها الأخيرة والبدء في عرض المشهد الأخير منها في اجتماع البرلمان في خميس الأمل العراقي.. ندعوا الله أن يلقي عليكم أمنه وأمانه وأن يغرس فيكم كل نبت طيب يحبه شعبكم أولاً لا ذلك الذي يحبه الآخرون.. وأبعدوا عن مناضدكم كل الأجندات التي حاولت دفعكم بكل الطرق واتركوا عليها أجندة واحدة هي أجندة الوطن وتقويم المستقبل المحفوف بآمال كل فرد من أبناء شعبكم الصابر.. وتناسوا ما حدث وأطووا الصفحة الغابرة وأفتحوا صفحة جديدة بيضاء أكتبوا عليها كلكم بقلم واحد " معنا فداء للوطن " معاً فداءاً لشعب العراق.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 20/تشرين الثاني/2010 - 13/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م