الحكومة الجديدة... مهام جسيمة ومسؤولية تاريخية

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: أخيراً... تحط الرحلة الماراثونية في تشكيل الحكومة العراقية رحالها، وتتوضح الخطوط العريضة لها، فقد تم اختيار قادة المؤسسات المهمة، كرئاسة البرلمان، والجمهورية، وتكليف الاستاذ نوري المالكي برئاسة الوزراء في الدورة الجديدة.

وعلى الرغم من حدوث العقبة التي شرخت الصفاء السياسي المسبق بين الكتل السياسية ممثلة بانسحاب العراقية قبل التصويت على رئاسة الجمهورية، إلا أن العالم كان يتابع ما حدث في جلسة البرلمان المخصصة لتشكيل الحكومة ورحب عدد من زعماء العالم بهذه الخطوة، منهم أمريكا وايران والاتحاد الاوربي وبعض الدول العربية كما حدث مع الرئيس المصري الذي بعث للقادة العراقيين رسائل تهنئة.

الآن يمكن القول أن مشوار الشهور الثمانية قد انتهى وبدأنا مشوارا جديدا أمده شهرا واحدا يمنحه الدستور للمالكي لكي ينتهي من تشكيل حكومته، ونأمل أن يكون القادة السياسيين قد تعلموا الدرس الكافي الذي يساعدهم على عدم وضع العراقيل بوجه تشكيل الحكومة على نحو سلس يعوّض العراقيين على الزمن المهدور (8 شهور) لتبدأ الحكومة الجديدة مهماتها الكبيرة والعريضة حيث الآفاق تنفتح واسعة امامها سواء في الجانب السياسي كي تعمل الحكومة بصورة جدية على اخراج العراق من تكبيل البند السابع لانطلاقته نحو حياة جديدة، أو في المجال الاقتصادي لمضاعفة الايرادات من الانتاج النفطي وغيره من اجل تحقيق النقلة المرتقبة في حياة العراقيين الذين صبروا طويلا وقدموا كثيرا من التضحيات التي تتطلب تعويضهم عنها، كما هو الحال في الملف الامني الذي لايزال بحاجة الى التثبيت والمعالجة والترميم من اجل ترسيخ الامن في عموم انحاء البلاد وهو شرط هام وأساسي لانطلاق حملات الاعمار الكبرى والاستثمار الاقتصادي الأمثل، وهذا ما يحتاجه العراق في الوقت الراهن بعد كبوات كثيرة ومتعاقبة في ملفات السياسة والاقتصاد والامن والسبب كما هو معروف تلك العراقيل الكثيرة التي وضعتها الجهات المناهضة لتطور العراق وتقدمه واستثماره لتجربته السياسية في تكريس النهج الديمقراطي المتحرر.

من هذا المنطلق تبدو مهمات الحكومة العراقية الجديدة كبيرة، بل ومن العيار الثقيل، لكنها من جانب آخر مهمات واضحة جدا لمن يريد أن يبحث فيها بجدية ويدرسها بعناية، فالعراق الجديد الذي عانى طيلة السنوات السبع الماضية من شبكات الارهاب ومافيات القتل والسطو واجندات الدول الاقليمية والحسابات الدولية وغيرها، لابد أن يعوض ما فاته ويعيش عصره الجديد المعافى الذي يتيح له القفز على كل الكبوات التي رافقت مسيرته الجديدة، وهذا الكلام لا يأتي من باب التمنيات فحسب، إنما لابد أن تخطط الحكومة في دورتها الجديدة بإحكام ومهنية ودراية لتحقيق ما ينتظره العراقيون منها، فبلد له مثل امكانيات العراق الاقتصادية (ثروات النفط والمعادن الاخرى) والكفاءات المركونة جانبا وغيرها من العوامل الداعمة، لابد أن يحقق قفزته المرجوة سواء في مجال التنمية أو التعليم او قطاع الصحة والضمان الاجتماعي وما شابه.

حيث يتطلب من الحكومة الجديدة أن تستفيد جديا من اخطاء المرحلة الماضية وأن تتعامل مع الواقع الراهن بخطوات علمية مهنية مدروسة، وأن تضع في حساباتها ما يريده المواطن والشعب العراقي عموما، وليس هذا مستحيلا، وإن كان صعبا بعض الشيء، فكل متطلبات النهوض المجتمعية متوافرة في العراق، ولكننا بحاجة الى البرمجة والتخطيط السليم في عموم المجالات واعتماد العلمية والمهنية في التخطيط، على أن يكون الهاجس الاول والشعار الاهم هو بناء العراق الجديد وفقا لمبادئ الأنظمة الديمقراطية التي تنتهج الحرية في الرأي والتعايش والانفتاح والابداع عموما.

لذا فإننا نتطلع بقوة الى ما ستقدمه الحكومة العراقية الجديدة لمواطنيها، ومع أننا نسمع هنا وهناك بعض الاصوات التي تذهب الى كفة التشاؤم أكثر من غيرها وترجح الفشل على النجاح (نتيجة للتلكؤ الحكومي السابق) إلا أن العراقيين يأملون أيضا من الحكومة الجديدة أن تحقق لهم آمالهم وطموحاتهم التي لا تعدو كونها حقوقا مشروعة وسهلة التحقيق فيما لو انتهجت الحكومة ومؤسساتها المناهج العلمية والمهنية والتخطيط المسبق بقيادة ارادات مؤمنة ومخلصة تستمد قوتها ونجاحاتها من خلال رعايتها لطموحات واحتياجات الشعب الواضحة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 13/تشرين الثاني/2010 - 6/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م