تركيا تتمرد على اتاتورك وتستعيد بعض حيائها

حكومة اردوغان تنجح في رفع جزئي لحظر الحجاب

 

شبكة النبأ: في الواقع قضية الحجاب في تركيا هي قضية قديمة بدأت كمشكلة مع سلسلة الإجراءات التي صدرت في عهد مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك عندما اتجه إلى فرض مجموعة من الجوانب المظهرية المتعلقة بالثياب على المواطن التركي، وذلك في إطار تطلعه إلى قطع صلة بلاده بالإسلام كهوية حضارية وإلحاقها بالغرب فكانت سلسلة الأوامر المتعلقة بمنع ارتداء الطربوش والحجاب وأنواع من اللباس الطويل لصالح أنواع أخرى تظهر التركي بالمظهر المنسجم مع ما هو سائد في الغرب باعتبار أن الأخير هو النموذج الحضاري المنشود والنهائي.

ففي الوقت الذي باتت فيه قضية حل مشكلة الحجاب ممكنة وخصوصا بعد سعى الحزب الحاكم في تركيا لالغاء الحظر على ارتداء الحجاب في المؤسسات التعليمية، غير أن هذه الفرحة لا تزال ممتزجة بغصة ومخاوف. فقد قفزت قضية الحجاب إلى واجهة المشهد التركي من جديد والسبب هذه المرة كان التعميم الذي أصدره رئيس مجلس التعليم العالي الدكتور يوسف ضياء أوزجان والذي يمنع أساتذة الجامعات من طرد المحجبات من قاعات الجامعة وحلّ المسألة عبر تنظيم محضر من قبل رئاسة الجامعة، وذلك خلافا لقرار المحكمة الدستورية الصادر في عام 1997 والذي يقضي بطرد المحجبات من الجامعات حتى ولو لم يبق على تخرجهن سوى ساعات.

وعليه فإن التعميم الذي أصدره مجلس التعليم العالي بشأن الحجاب فتح جدلا واسعا بين القوى السياسية التركية لتثير سجالات سياسية في المرحلة المقبلة حيث تستعد الحكومة برئاسة رجب طيب أردوغان لإعداد دستور جديد شامل للبلاد بعد الانتخابات البرلمانية المقررة في يوليو/تموز المقبل.

اخفاق في رفع حظر الحجاب

فقد حصل حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا على تأييد محدود من منافسيه على رفع حظر على ارتداء الطالبات والموظفات الحكوميات للحجاب بينما حذرت محكمة من انتهاك الدستور العلماني.

ولم يتمكن حزب العدالة والتنمية من اقناع حزب الشعب الجمهوري العلماني بالانضمام الى لجنة لحل واحدة من أكثر القضايا الخلافية في البلاد قبل انتخابات متوقعة في يونيو حزيران المقبل في تركيا المرشحة للانضمام للاتحاد الاوروبي.

وقال بكير بوزداج رئيس الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية في مؤتمر صحفي  طالبنا بتشكيل لجنة دون أي شروط مسبقة أو تحيزات. حسب رويترز

وتتعلق قضية الحجاب بشدة بالهوية الوطنية في تركيا التي تسكنها أغلبية مسلمة والتي تطبق دستورا علمانيا منذ قيام الدولة التركية الحديثة من تحت عباءة الامبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الاولى.

ومنعت المحكمة الدستورية محاولة من حكومة العدالة والتنمية لرفع الحظر المفروض على الحجاب قبل ثلاث سنوات وكانت هذه المحاولة على وشك أن تؤدي الى حل الحزب بسبب مزاولة أنشطة منافية للعلمانية.

وعقب اجتماع للاحزاب السياسية أصدرت محكمة الاستئناف العليا بيانا على موقعها على الانترنت تحذر فيه من التلاعب بالمباديء العلمانية للدولة التركية الحديثة التي أسسها كمال أتاتورك عام 1923 .

وقالت المحكمة الاعتراف باستخدام الحجاب على أساس المعتقدات الدينية عند تحديد المظهر اللائق لدى طلبة الجامعات ينتهك مباديء العلمانية من خلال استخدام المباديء الدينية كأساس لتنظيم متعلق بجهة حكومية.

ويحظر ارتداء الحجاب في الجامعات لكن بعض الجامعات بدأت تخفف من القيود في السنة الدراسية التي بدأت في سبتمبر أيلول وكذلك في المدارس الحكومية لكن الطالبات في المدارس الدينية غير الحكومية يمكنهن ارتداؤه.

كما ان الموظفات الحكوميات ممنوعات من ارتداء الحجاب الذي بخلاف ذلك يعتبر شائعا في تركيا ومن أشهر الشخصيات التي ترتديه زوجة كل من رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان والرئيس عبد الله جول. ويعتقد منتقدون أن حزب العدالة والتنمية يسعى لتحقيق أهداف اسلامية. وينفي الحزب ذلك ويشبه نفسه بالاحزاب المسيحية الديمقراطية في أوروبا المحافظة في القضايا الاجتماعية والليبرالية في القضايا الاقتصادية.

وسيسعى حزب العدالة والتنمية للفوز بفترة ولاية ثالثة في الانتخابات المقررة في 2011 . واستنادا الى الاغلبية التي حصل عليها الحزب والتي بلغت 58 في المئة في استفتاء حول مجموعة من الاصلاحات الدستورية في الشهر الماضي فان أمامه فرصا طيبة للفوز.

ومن تلك الاصلاحات التي صدرت موافقة بشأنها الطريقة التي يجري بها تعيين كبار القضاة.

ويتعهد أردوغان باعادة صياغة الدستور التركي ككل اذا ظل متوليا للمنصب في العام القادم وقال ان الدستور الجديد سيكون انعكاسا للحقوق والحريات لكل قطاعات المجتمع.

تخفيف حظر الحجاب

وفي أطار تخفيف حظر الحجاب فأن بشرا جونجور الطالبة في السنة الأولى بالجامعة لن تضطر لوضع شعر مستعار على رأسها لإخفاء حجابها مثلما فعلت كثيرات من قريباتها وصديقاتها المتدينات لتجنب طردهن من الجامعة.

ففي قرار تاريخي أمر المجلس الأعلى للتعليم في تركيا في وقت سابق من الشهر الجاري جامعة اسطنبول وهي واحدة من أكبر الجامعات في البلاد بمنع المدرسين من طرد الطالبات اللائي لا تلتزمن بحظر الحجاب من الفصول الدراسية.

ويمثل هذا القرار أحدث حلقة في نزاع سياسي وقانوني في تركيا بين من يعتبرون الحجاب رمزا لعقيدتهم الإسلامية ومن يعتبرونه تحديا للدستور العلماني للبلاد.

قالت جونجور 18 عاما التي غطت شعرها بحجاب أخضر اللون كنت مستعدة لوضع شعر مستعار تماما مثلما فعلت ابنة خالتي... هذا الأمر يتعلق بالحرية. لا أرى سببا يجعل حجابي يمثل تهديدا لأي أحد.

وهذا الجدل لا يقتصر على تركيا فحسب .. ففي فرنسا وكوسوفو على سبيل مثال هناك حظر على ارتداء الحجاب في المدارس الحكومية وفي أجزاء من المانيا هناك أوامر بمنع المدرسات من ارتدائه.

لكن القضية تتعلق بجوهر الهوية الوطنية في هذا البلد الذي يقطنه 75 مليون مسلم والذي تأسست الدولة الحديثة به كجمهورية علمانية متشددة بعد الحرب العالمية الأولى.

ويمثل النزاع حول الحجاب وغيره من الرموز الاسلامية الظاهرة جزءا من جدل أوسع نطاقا حول الطريقة التي يمكن بها التوفيق بين الحداثة والتقاليد في الوقت الذي تحاول فيه تركيا تحقيق طموحها الذي يعود الى عشرات السنين في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وإلى جانب النظام القضائي فإن الجيش التركي -ذا التاريخ الطويل من التدخل في السياسة والذي أطاح بأربع حكومات منتخبة- يعتبر نفسه منذ فترة طويلة حائط الصد في مواجهة أي عودة لمظاهر إضفاء الطابع الاسلامي على البلاد. لذلك فإن التخفيف من غلواء القوانين العلمانية في تركيا لم يكن واردا قبل عدة سنوات.

لكن الإصلاحات التي تهدف إلى تقريب تركيا من الاتحاد الأوروبي أدت إلى الحد من سلطات قادة الجيش. وفي مؤشر على مدى التغير الذي يحدث للتأثيرات والمواقف العامة فإن أحدث تغيير فيما يتعلق بارتداء الحجاب في الجامعة لم يصاحبه صخب عال كالمعتاد بل مجرد اعتراضات محدودة.

قال الكاتب محمد علي بيراند في مقال بعنوان "دعهم يرتدين ما يردن" معلقا على الأمر إنها نفس المعركة التي تجري في تركيا منذ 80 عاما حول قضية العلمانية والتدين.

وأضاف بيراند لقد تغير العالم. لقد تغيرت تركيا. لابد من طي هذه الصفحات القديمة والتطلع للمستقبل.

وأشعلت محاولة من حزب العدالة والتنمية الحاكم لرفع الحظر المفروض على الحجاب قبل ثلاث سنوات أزمة سياسية كبرى وكادت أن تؤدي إلى إصدار المحكمة الدستورية أمرا بحل الحزب بسبب ممارسته أنشطة مخالفة للدستور.

لكن صعود طبقة جديدة من المسلمين المتدينين أصبحت تشكل الركيزة الأساسية لحزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية الذي يتولى السلطة منذ عام 2002 ساعد على ضعف الأفكار القديمة.

ويقول معارضو حظر الحجاب -المطبق منذ انقلاب عسكري في 1982- إنه انتهاك للحريات الشخصية ولا يتوافق مع الديمقراطية الحديثة. في حين يقول أنصاره إن هذا الحظر ضروري بالذات للدفاع عن القيم الديمقراطية لتركيا.

وقال ارجون أزبودون وهو خبير دستوري في مأدبة غداء أقميت مؤخرا مع سفراء الاتحاد الأوروبي والصحفيين تحتاج تركيا لإيجاد علاقة جديدة بين الدولة والدين.

وأعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان -الذي فاز في استفتاء في الشهر الماضي على إصلاحات دستورية ترعاها الحكومة- خططا لقانون أساسي جديد تماما.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن يحاول حزب العدالة والتنمية الذي ينظر له على أنه الأوفر حظا في انتخابات 2011 مرة أخرى إلغاء حظر الحجاب. ومن بين الإصلاحات التي تمت الموافقة عليها في الاستفتاء الذي أجري الشهر الماضي إصلاح المحكمة الدستورية التي يهيمن عليها في العادة قضاة علمانيون.

وقبل أن يتخذ المجلس الأعلى للتعليم قراره كانت الفتيات من الأسر المحافظة تقول إنهن اضطررن لوضع قبعات أو شعر مستعار لإخفاء الحجاب لحضور الفصول الدراسية في حين قررت أخريات البقاء في المنزل.

ومع حدوث التحولات يخشى بعض العلمانيين أن يؤدي تنامي التيار المحافظ في المجتمع والضغوط الاجتماعية إلى إجبارهم على تغيير نمط حياتهم وأيضا تبني الحجاب.

وقالت بيجوم يلدز 18 عاما التي كانت تدخن سيجارة أمام مدخل الجامعة لا أعتقد أننا سنشعر بضغط لتغطية رؤوسنا هنا في اسطنبول لكني أعتقد أنه ربما يكون هناك احتمال في أغلب الجامعات بمدن الأناضول.

وقالت طالبة أخرى لم تذكر اسمها لا أريد رفع الحظر. أعرف الكثير من الفتيات اللائي تجبرهن أسرهن على ارتداء الحجاب ويخلعنه في الجامعة. بالنسبة لهن الجامعة مكان للشعور بالحرية.

وقالت بينار جيديك التي تدرس اللغة العربية وتضع حجابا وردي اللون إن هذا الحظر ما زال مطبقا في بعض الكليات.

ومضت تقول يمكن أن أحضر فصولا دراسية بالحجاب الآن لكنه ما زال محظورا في الكثير من الأقسام. ما زال الضغط قائما.

وعلى الرغم من أن رموز الإسلام أصبحت أكثر شيوعا في الحياة العامة فإن الحساسيات ما زالت قائمة. على سبيل المثال فإن حديث الساعة في الوقت الراهن هو ما إذا كان القادة العسكريون والساسة العلمانيون سيحضرون حفل استقبال يوم 29 أكتوبر تشرين الأول في القصر الرئاسي بمناسبة العيد الوطني.

وعادة ما ينظم الرئيس عبد الله جول -الذي ترتدي زوجته الحجاب وكذلك زوجة اردوغان- حفلي استقبال منفصلين للضيوف الذين لا ترتدي زوجاتهم الحجاب والآخرين الذين ترتدي زوجاتهم الحجاب. أما في العام الحالي فإنه يعتزم تنظيم حفل واحد فقط.

ويقول محرم إينجي وهو نائب رفيع في البرلمان من حزب الشعب الجمهوري العلماني إن حزبه سيقاطع حفل الاستقبال.

ومضى يقول سيغير الرئيس تقليد تنظيم حفلين. هذا لأن حزب العدالة والتنمية يريد أن يفرض الحجاب ليس فقط في الجامعات بل من قمة المجتمع وحتى قاعدته.

تشاجر بسبب الحجاب

من جانب آخر أوقفت جامعة تركية 26 من طلابها ومنعتهم من الدخول بسبب مشاجرات وقعت بينهم حول مسألة رفع الحظر المفروض على الحجاب بالجامعات.

وقررت إدارة جامعة يلديز التقنية منع الطلاب من الدخول حتى انتهاء التحقيقات فى المشاجرات التى وقعت بينهم الأسبوع الماضي داخل حرم الجامعة بسبب انقسامهم حول قرار رئيس مجلس التعليم العالي بالسماح للطالبات المحجبات بدخول قاعات الدراسة بالحجاب ومنع الأساتذة من طردهن من قاعات المحاضرات .

وفوجئ الطلاب لدى توجههم إلى الجامعة، بمنعهم من الدخول من جانب الحرس الجامعي، وتسليمهم خطابات مفادها أنهم لن يتمكنوا من دخول الجامعة أو مواصلة الدراسة قبل انتهاء التحقيق بشأنهم .

واحتج الطلاب مؤكدين أن قرار منعهم من الدخول غير قانوني بسبب عدم انتهاء التحقيقات معهم، وأن الأمر يعد تعسفا من جانب إدارة الجامعة، وأن من حقهم حتى فى حالة بدء التحقيقات أن تكون لهم فرصة الدفاع عن أنفسهم. حسب أ.ش.أ

وأشار الطلاب إلى أن منعهم من الدخول أعاقهم عن خوض بعض الامتحانات التى ستؤثر على نتيجتهم هذا العام محملين إدارة الجامعة المسئولية عن ذلك .

معاناتها بسبب الحجاب

ونقلت الصحافة التركية تصريحات لزوجة الرئيس التركي عبد الله غول قالت فيها إنها عانت كثيرا من الظلم بسبب ارتدائها الحجاب. يأتي ذلك في الوقت الذي يحتدم فيه الجدل في تركيا حول رفع الحظر المفروض على الحجاب خاصة في الجامعات.

ونقل موقع أخبار العالم التركي الصادر بالعربية عن زوجة الرئيس قولها في معرض ردها على أسئلة للمدير العام لوكالة جيهان الإخبارية التركية: إنها مستاءة من كثرة الجدال حول مسألة الحجاب، مشيرة إلى أنها صبرت كثيرا على ما وقع عليها من ظلم في تركيا بسبب ارتدائها الحجاب.

وأوضحت أنها كانت قد رفعت دعوى لدى محكمة حقوق الإنسان الأوربية بسبب الظلم الذي لحق بها جراء تحجبها، غير أنها سحبت القضية عندما تولى زوجها عبد الله جول رئاسة الجمهورية.

وعبرت عن استيائها من الحديث حول الحجاب قائلة: "لنكف عن الحديث في تلك المسألة، فقد تعبنا، وفقدنا الكثير من الطاقة، ولم أتحدث عن هذا الموضوع من قبل، حيث كان من الضروري أن أتحلى بالصبر، لإنه الأجدر والأنفع لمستقبل تركيا".

وكان حجاب زوجة الرئيس غول موضع امتعاض من جانب علمانيي تركيا إبان ترشح جول للرئاسة، حيث عبر عدد من الساسة العلمانيين عن رفضهم أن تكون السيدة الأولى للبلاد محجبة. ووصل الأمر إلى مقاطعة بعض العسكريين للاحتفالات الرسمية التي تحضرها السيدة الأولى في تركيا. حسب (دي برس)

وكانت النائبة التركية السابقة مروة قاوقجي قد لاقت معارضة شديدة من جانب العلمانيين عندما حاول مجلس الأمن القومي التركي إبطال عضويتها البرلمانية بسبب ارتدائها الحجاب، لكنة أخفق في ذلك أولا لعدم اعتبارها من موظفي الدولة وإنما من ممثلي الشعب. لكن العلمانيون لم يهدأ لهم بال حتى أبطلوا عضويتها استناداً إلى جنسيتها الأمريكية.

وعادت قضية الحجاب في تركيا إلى الواجهة مجددا بعد أن نجح حزب العدالة والتنمية ذو الخلفية الإسلامية الذي يوقد الحكومة في استفتاء على تعديل الدستور لتوسيع الحريات الدينية والمدنية وإجراء المزيد من الإصلاحات.

الأسبوع الماضي نجحت طالبة تركية محجبة في الحصول على قرار من مجلس التعليم العالي التركي بمنع التعرض لأية طالبة محجبة أو طردها من المحاضرات، مستندة بذلك على تصويت الشعب بقبول التعديلات الدستورية للحصول على مزيد من الحقوق والحريات الشخصية.

وقالت الطالبة زينب إنجي كارا إنها قررت الثورة على قرار منع الطالبات التركيات المحجبات من دخول المؤسسات التعليمية، موضحة أنها طردت من عدة محاضرات بسبب حجابها، حتى أن أحد المدرسين انسحب من المحاضرة وخرج من قاعة الدرس في إحدى المرات بعد أن امتنعت عن الخروج من الصف.

استياء الجيش التركي

من جهته رفض الجيش التركي المشاركة في حفل استقبال أقيم في القصر الرئاسي بسبب الحجاب الذي كانت ترتديه السيدة الأولى، في قرار انتقده رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي ترتدي زوجته الحجاب أيضاً.

وكان كبار مندوبي الجيش أبرز المتغيبين عن حفل الاستقبال الذي أقامه الرئيس عبدالله غول في مناسبة عيد الجمهورية للاحتفال بذكرى إنشاء تركيا الحديثة والعلمانية في 1923.

ووفقاً لمصادر إعلامية فقد أقام الجيش احتفالاً منفصلاً في الموعد المحدد للاحتفال في القصر الرئاسي، فتوافرت للجنرالات ذريعة حتى لا يلبوا دعوة رئيس الدولة. وذكرت الصحف أن حزب الشعب الجمهوري "اجتماعي ديموقراطي" أبرز أحزاب المعارضة العلمانية، لم يلب أيضاً دعوة الرئيس. حسب (دي برس)

وترتدي غول الحجاب الذي يغطي الرأس والعنق منذ مراهقتها، ويعتبر العلمانيون ومنهم الجيش أن الحجاب تحد للعلمانية ويتخوفون من أي تدبير قد يضعف حظره في الإدارات والمدارس. وترتدي خير النساء غول وأمينة أردوغان وزوجات عدد من قياديي حزب العدالة والتنمية الحجاب.

وانتقد أردوغان الذي يترأس حكومة إسلامية محافظة منذ 2002 الجنرالات، مؤكداً أن القوات المسلحة كان يجب أن تكون حاضرة هنا" في القصر الرئاسي.

وكان الجنرالات يشاركون في السابق في احتفال عيد الجمهورية، لكن الرئيس وجه هذه السنة دعوة لزوجات المشاركين، مما يعني أنه كان في استطاعة المحجبات المشاركة في الاحتفال. وغول مسؤول سابق في حزب العدالة والتنمية الذي يسعى منذ وصوله إلى الحكم إلى رفع الحظر المفروض على الحجاب في الإدارات العامة والجامعات.

وقد خفف مجلس التعليم العالي الذي كان يعتبر معقلاً للتيار العلماني والذي بات يرأسه أحد المؤيدين لأردوغان، حظر الحجاب في الكليات في الأسابيع الأخيرة.

احتجاجاً على حظر الحجاب

واتهم أحمد قوزو رئيس حزب تركيا في محافظة سيواس حزبي الحكومة والمعارضة بعدم الرغبة الصادقة في حل مشكلة الحجاب. ونقل موقع أخبار العالم عن قوزو قوله: إذا كنتم صادقين فدعوا كل امرأة ترتدي ما تريد. واستنكر قوزو قصر الأحزاب السياسية مشكلة الحجاب على طالبات الجامعة بقوله: إن أمر الله بالحجاب ليس موجها لفتيات الجامعة فحسب، وصرح بأنه يبنبغي رفع الحظر والقيود عن الحجاب في كل مكان في تركيا وأن ترتدى المرأة ما تريد سواء كانت معلمة أو طبيبة أو ممرضة، أو محاسبة أو غير ذلك من الوظائف في مؤسسات الددولة العامة.

وعقد وقفة احتجاجية ارتددى فيها هو وأعضاء الحزب رجالا ونساء الإيشارب، للتعبير عن تضامنهم ورغبتهم في حل مشكلة الحجاب في تركيا.

القضاء يرد على أردوغان

وعلى الصعيد القضائي تعرضت جهود حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا لتشريع الحجاب إلى انتكاسة بإخفاقه في الحصول على دعم أحزاب المعارضة لمشروعه تشريع الحجاب في المؤسسات الرسمية وفي الجامعات، بينما كان القضاء يحذر مرة أخرى من أن السماح بالحجاب يمس بعلمانية الدولة.

فقد أعلنت النيابة العامة بالقضاء العالي التركي أن إجراء أي تعديل قانوني استنادا إلى المعتقدات والأسس الدينية يعد منافيا لمبدأ العلمانية. وقالت: لأن هذه التعديلات تخل بقوانين ومبدأ العلمانية، وأن ما قام به البرلمان من تعديلات تسمح بحرية ارتداء الحجاب في مؤسسات التعليم العالي من منطلق المعتقدات الدينية، وربط هذا الأمر بالأسس الدينية يعتبر منافاة صريحة لمبدأ العلمانية.

كما أصدرت محكمة الاستئناف العليا الخميس 21-10-2010 بيانا على موقعها على الإنترنت تحذر فيه من التلاعب بالمبادئ العلمانية للدولة التركية الحديثة. وقالت المحكمة: الاعتراف باستخدام الحجاب على أساس المعتقدات الدينية عند تحديد المظهر اللائق لدى طلبة الجامعات ينتهك مبادئ العلمانية من خلال استخدام المبادئ الدينية كأساس لتنظيم متعلق بجهة حكومية. حسب (دي برس)

وكان نواب من حزب العدالة والتنمية الحاكم التقوا أمس بممثلين عن الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري المعارض الأم في البرلمان لمناقشة قضية الحجاب، كما التقوا بممثلين عن حزب الحركة القومية للهدف نفسه. ونقل عن نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، كمال أناضول، أن حزب العدالة والتنمية ليس صادقا في دعوته لحل مشكلة الحجاب، حيث اقترح تأسيس لجنة مشتركة بين الأحزاب البرلمانية لمتابعة المسألة، ولكنه يعرف - الحزب الحاكم - جيدا استحالة التوصل إلى حل مناسب بمنأى عن تسوية مشكلة هيئة التعليم العالي.

وأضاف: إن حزبنا الشعب الجمهوري لا يقف ضد رفع حظر الحجاب، ولكنه ضد ارتدائه في مؤسسات الدولة. وقد سألنا حزب العدالة: (هل سيتم دخول المؤسسات الحكومية بالحجاب في حال موافقتنا على رفع حظره من الجامعات؟)، فكان الرد: (الأمر ليس بينا بعد) ، معتبرا أن هذا جزءا من عملية تشويه لصورة تركيا.

اشتعال جدل

من جهتها حذّرت محكمة الاستئناف العليا فى تركيا، الحكومة من تخفيف الحظر المفروض على ارتداء الحجاب فى الجامعات وطالب البرلمان التركى المدعى العام بأن يتراجع عن تحذيره للسياسيين الذين يحاولون تسوية مسألة الحجاب من خلال وفاق برلمانى.

وأكد رئيس البرلمان التركى محمد على شاهين، أن لا سلطة تملك حق التأثير على إرادة الشعب أو توجيهها أو إعطاء تعليمات لممثلى الشعب.

كما طالب شاهين المدعى العام بـ الاعتذار رسميا للبرلمان التركى الذى يمثل إرادة الشعب.

جاء ذلك بعد أن حذّرت محكمة الاستئناف العليا فى تركيا الحكومة من تخفيف الحظر المفروض على ارتداء الحجاب فى الجامعات والدوائر الحكومية، معتبرةً أنّ ذلك يُعَدّ انتهاكًا لمبادئ الدولة العلمانية التى وضعها مصطفى كمال أتاتورك عام 1923.

وذلك بعد أن شرع وفد من حزب العدالة والتنمية الحاكم فى لقاءات مع أحزاب المعارضة الممثلة فى البرلمان، من أجل التوصل إلى صيغة مشتركة لتسوية مشكلة الحجاب.

وانتقدت الحكومة التركية تحذير مكتب الادعاء، معتبراً ذلك تدخلاً واضحاً فى النظام الديمقراطى البرلمانى.

وقالت الحكومة فى بيان: إن وظيفة القضاء ليست سنّ القوانين، ولكن تطبيق القوانين التى يوافق عليها البرلمان، مشيراً إلى أن "المحكمة لا تمتلك سلطة احترازية، ولا يمكنها إعطاء التعليمات للبرلمان.

وكان المسئول فى حزب العدالة والتنمية بكير بوزداغ قد اقترح إنشاء لجنة عمل مشتركة مع أحزاب المعارضة لمناقشة قضية الحجاب من دون أحكام وشروط مسبقة.

غير أن المتحدث باسم حزب الشعب الجمهورى المعارض كمال أناضول رفض تعيين أى ممثل له فى اللجنة التى اقترحها الحزب الحاكم، ودعا إلى مناقشة القضية فى البرلمان.

وشدد على أن حزبه يرفض إنهاء الحظر المفروض على الحجاب فى المدارس الابتدائية والثانوية والمؤسسات العامة والمحاكم والمستشفيات.

لكن حزب السلام والديمقراطية دعا إلى حلّ القضية فى إطار أزمة ديمقراطية تشمل الحرية الدينية، مشيراً إلى أنه سيدرس الانضمام إلى اللجنة التى اقترحها حزب العدالة والتنمية.

تأجيل الغاء حظر الحجاب

من جهته اعلن الحزب الحاكم في تركيا اليوم تخليه عن جهود لالغاء الحظر على ارتداء الحجاب في المؤسسات التعليمية في المرحلة الحالية بعد رفض احزاب المعارضة دعم مثل هذه الخطوة.

وقال نائب حزب العدالة والتنمية الحاكم ذي الميول الاسلامية سعاد قليج في تصريحات للصحافيين ان الحزب قرر تأجيل تقديم قوانين تتعلق بتعزيز الحريات العامة في البلاد الى ما بعد الانتخابات العامة المقررة في يونيو من عام 2011 بسبب غياب الدعم من المعارضة لمثل هذه القوانين. حسب كونا

ويأتي ذلك بعدما سعت الحكومة اخيرا للتشاور مع حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية المعارضين الرئيسيين في البرلمان حول اقرار تعديل دستوري يقضي بالغاء حظر ارتداء الحجاب داخل المواقع التعليمية والمطبق منذ 13 عاما.

واثارت هذه المحاولة الحكومية استنفارا لدى اوساط التيار العلماني خصوصا في السلطة القضائية التي حذر فيها المدعي العام عبدالرحمن يالتشينكايا الحكومة من ان هذه المحاولة تتعارض مع النصوص الدستورية التي تحظر أي رموز دينية في المؤسسات العامة.

كما وبخ يالتشينكايا المعارضة العلمانية لاستجابتها للمساعي الحكومية بشأن الحجاب ما جعل هذه المعارضة تتراجع عن موقفها السابق المؤيد لخطوة السماح بالحجاب داخل الجامعات.

وكان الحزب الحاكم قد مرر تعديلا دستوريا في عام 2008 يلغي الحظر عن الحجاب لكن المحكمة الدستورية وبناء على طعن من حزب الشعب الجمهوري ابطلت التعديل.

ويأمل الحزب بأن يتلقى دعما شعبيا كبيرا في الانتخابات المقبلة بسبب برامجه الاصلاحية وان يحظى بفترة ثالثة في السلطة كي يمضي في التعديل الدستوري المتعلق بالحجاب.

ورغم ان نسبة كبيرة من النساء يرتدين الحجاب في تركيا فانه غير مسموح لهن بدخول المراكز الحكومية والمستشفيات العامة ومرافق الجيش بهذا الغطاء كما لا يحظين بفرصة الحصول على وظيفة حكومية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 10/تشرين الثاني/2010 - 3/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م