جورج بوش في محكمة التاريخ

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: بعد ان شهدت فترة حكمه كرئيس اكبر دولة في العالم العديد من الأحداث التي طبعت في أذهان العالم وحفظها التاريخ، بالإضافة الى الأزمات التي مرت بها دولته وتلك التي تسببت بها ومن ضمنها أحداث 11 سبتمبر وإعصار كاترينا والأزمة الاقتصادية والكثير من السياسات الخاطئة التي قام بها.

واكبر تلك الأخطاء هي الحرب على العراق حيث أكد الرئيس الأمريكي السابق بوش انه مازال يشعر بأسف كبيرا على اتخاذه هذا القرار خاصة بعد أن جاءت المعلومات التي زوده بها جهاز الاستخبارات بالفشل حيث لحد الآن لم يستطيعوا أن يجدوا أي أسلحة دمار شامل مع العلم إنها كانت الحجة التي استخدمها الجيش الأمريكي لشن الحرب على العراق.

ويذكر ذلك من خلال كتاب تنتظر الأسواق نشره يجمع فيه بوش مذكراته خلال فترة الحكم كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، وتأتي هذه المذكرات كوسيلة دفاع عن نفسه بسبب ما تلقاه من انتقادات وهجوم من قبل الكثيرين بسبب ضعف قراراته وما سببته من خسائر كبيرة لأمريكا من الناحية المادية والناحية الأهم هي الضحايا من الجنود الذين قتلوا خلال حرب العراق وتدخله في المنطقة كما فعل ذلك في أفغانستان والأكبر من هذا هو ان هذه القضايا مازالت مستمرة لحد الآن ولم تنتهي.

كما يحاول الرئيس السابق من خلال كتابة مذكراته من ان يبرر أعماله التي قام بها وقراراته التي عرف الآن إنها كانت غير صائبة وكان لابد التأني فيه اتخاذها، فيما يرى البعض من المتابعين والمحللين ان هذا الكتاب هو للترويج والفائدة المادية التي ستعود على بوش بأرباح نقدية كبيرة.

وبين هذه وذاك يستمر الرئيس السابق بالدفاع عن نفسه وتوضيح الأمور عسى ولعل ان يفهمه الشعب الأمريكي ويصحح الآراء التي كانت ضده في الآونة الأخيرة مما جعل هذا تسجيل تراجع كبير لشعبيته بين عامة العالم.

بوش يدافع بشدة

ومن ضمن القرارات التي يحاول توضيحها، هي حينما طلب من الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش أثناء ولايته الموافقة على أسلوب قاس عرف باسم محاكاة الغرق لاستجواب خالد شيخ محمد العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر أيلول لم يضيع وقتا طويلا في اتخاذ قرار.

وموافقة بوش على استخدام محاكاة الغرق وهو أسلوب انتقده نشطاء في مجال حقوق الإنسان باعتباره شكلا من أشكال التعذيب في محاولة لانتزاع معلومات من أعضاء تنظيم القاعدة المحتجزين كانت من أكثر القرارات إثارة للجدل التي اتخذها أثناء الاعوام الثمانية التي أمضاها في البيت الأبيض.

ودافع بوش بشدة في مذكراته التي تصدر بعنوان "لحظات القرار Decision Points" عن استخدام أسلوب محاكاة الغرق باعتباره أسلوبا حاسما في جهوده لمنع تكرار هجمات 11 سبتمبر أيلول عام 2001 على الولايات المتحدة. ويقول ان استخدام هذا الأسلوب اقتصر على ثلاثة من المحتجزين وأدى الى الحصول على معلومات سمحت بتحقيق تقدم في إحباط هجمات.

وحظر الرئيس الامريكي باراك أوباما الذي خلف بوش بمجرد توليه منصبه في عام 2009 أسلوب محاكاة الغرق الذي تعارضه الجماعات المدافعة عن حقوق الإنسان باعتباره غير مشروع بموجب اتفاقيات جنيف. ويتعين على المحققين الآن إتباع القواعد الإرشادية للاستجواب التي وضعت في الدليل الميداني للجيش الأمريكي.

وكتب بوش في مذكراته أنه تمت الموافقة على أسلوب محاكاة الغرق أولا أثناء استجواب أبو زبيدة وهو عضو في القاعدة اعتقل في باكستان في عام 2002 والذي اشتبه في مشاركته في مؤامرة لمهاجمة مطار لوس أنجلس الدولي. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وعندما امتنع أبو زبيدة عن الرد على أسئلة مكتب التحقيقات الاتحادي أبلغ جورج تينيت مدير وكالة المخابرات المركزية آنذاك بوش بأنه يعتقد أن لدى المحتجز مزيدا من المعلومات. وكتب بوش أن محامي وكالة المخابرات المركزية ووزارة العدل أجروا مراجعة قانونية دقيقة وتوصلوا الى "برنامج محسن للاستجواب" قال انه يتماشى مع الدستور الأمريكي وجميع القوانين المطبقة بما في ذلك القوانين التي تحظر التعذيب.

وقال بوش انه أمر بعدم استخدام أسلوبين آخرين لم يصفهما وشعر بأنه مبالغ فيهما بدرجة كبيرة رغم أنهما قانونيان. ولكنه وافق على استخدام أسلوب محاكاة الغرق. وكتب بوش "لا شك في أن الاجراء كان قاسيا ولكن خبراء في الطب أكدوا لوكالة المخابرات المركزية أنه لا يسبب ضررا مستمرا." ويقول بوش انه ثبت أن الأساليب الجديدة كانت "على قدر كبير من الفاعلية" وان أبو زبيدة كشف عن قدر هائل من المعلومات عن تنظيم القاعدة وكذلك عن مكان رمزي بن الشيبة الذي وصفه بأنه مخطط الإمداد والتموين لهجمات 11 سبتمبر.

وقال بوش في الكتاب ان أبو زبيدة فسر في وقت لاحق للمحققين لماذا بدأ في الإجابة على الأسئلة من جديد. وكتب بوش ان فهم أبو زبيدة "للإسلام يقضي بأنه يتعين عليه مقاومة التحقيق حتى لحظة معينة. ومحاكاة الغرق كان الأسلوب الذي سمح له بأن يصل الى تلك اللحظة وأن يفي بواجبه الديني ويبدأ في التعاون." وقال بوش أنه كان من الصعب كسر مقاومة محمد (أبو زبيدة) "لكن عندما تم ذلك قدم لنا الكثير."

وأضاف بوش انه كشف عن خطط لمهاجمة أهداف أمريكية بالجمرة الخبيثة "ووجهنا الى ثلاثة أشخاص منخرطين في برنامج الأسلحة البيولوجية في تنظيم القاعدة" ضمن معلومات أخرى سمحت بتحقيق تقدم كبير. وكتب بوش أن خلاصة القول ان برنامج وكالة المخابرات المركزية للاستجواب أنقذ حياة الكثيرين.

يرفض اتهامه بالعنصرية

كما يقول الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ان الانتقادات التي يوجهها البعض ومن بينهم مغني الراب الشهير كاني وست -بأن معالجته لآثار الإعصار كاترينا في عام 2005 أظهرت أنه لم يهتم بالسود- بلغت "أدنى مستويات الانحطاط".

وكتب بوش في مذكراته التي تحمل عنوان "لحظات القرار Decision Points" ان الاتهامات التي وجهت له بأنه كان عنصريا أثناء أزمة كاترينا "كانت أسوأ لحظة في رئاستي". وفي مقتطفات من مقابلة أجرتها معه شبكة ان بي سي التلفزيونية سئل الرئيس الأمريكي السابق عن تعليق لمغني الراب وست بأن "جورج بوش لا يهتم بالسود."

وثار الاتهام لان كثيرا من السود تضرروا من الإعصار الذي اجتاح ولاية لويزيانا وعدد من الولايات المطلة على خليج المكسيك وتعرض بوش لانتقادات حادة لأسلوب معالجته للكارثة. وقال بوش ان الاتهام الذي وجهه وست له يرقى الى حد أن يوصف بأنه عنصري. وتابع بوش "لم أقدر له ذلك (الاتهام) في حينه. ولا أقدره له الآن. يمكن أن تقول (لا أقدر الطريقة التي عالج بها شؤونه). وأمر آخر أن تقول (هذا الرجل عنصري)."

وقال بوش "إنني مستاء من هذا .. ذلك ليس صحيحا." وأضاف "كانت تلك واحدة من أسوأ اللحظات في رئاستي." وتابع ان سجله قوي. "فيما يتصل بالعلاقة بين الأعراق وإعطاء الناس فرصة." وكتب بوش في مذكراته ان خطأه المبدئي فيما يتعلق بالإعصار كاترينا هو إخفاقه في أن ينقل شعوره بالقلق لضحايا الإعصار. وقال انه ما كان ينبغي له أن يحلق بطائرة الرئاسة الامريكية فوق مدينة نيو اورليانز بينما معظم المدينة غارق في المياه. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وأضاف "صورة تحليقي فوق الدمار خلقت انطباعا بأنني كنت منفصلا عن المعاناة على الأرض. لم يكن ذلك ما شعرت به. لكن بمجرد أن تكون انطباع لدى الجمهور لم استطع تغييره." وأشار بوش الى أنه حاول إقناع كاثلين بلانكو حاكمة لويزيانا آنذاك بقبول قوات أمريكية للمساعدة في الحفاظ على النظام لكنها رفضت مرارا. وقال انه كان يرغب في أن يتجاوز سلطاتها ببساطة ولكنه خشي أن يؤدي ذلك الى أزمة دستورية.

وعن تصريحه الذي أشاد فيه بجهود مايكل براون مدير الوكالة الاتحادية لإدارة الطوارئ أثناء كارثة كاترينا والذي أثار الكثير من السخرية قال بوش انه كان يحاول بهذه الكلمات رفع معنويات براون. وقال "لم أتخيل قط أن هذه الكلمات ستصبح سيئة السمعة في القاموس السياسي."

استبدال تشيني

فيما كشف الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في مذكراته انه فكر ذات مرة في تغيير نائبه ديك تشيني كما قدم خلال المذكرات نصائح بشأن الاقتصاد الأمريكي واعترف بارتكاب أخطاء في العراق والتعامل مع الإعصار كاترينا.

وكتاب بوش "نقاط حاسمة" مليء بالنوادر والتفاصيل الخفية لثماني سنوات في الرئاسة مكتظة بالأحداث بدأت بهجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 وانتهت بانهيار اقتصادي قال عنه بوش "شعرت مثل ربان سفينة تغرق." وتحدث بوش عن كثير من الأخطاء تشمل الحرب على العراق والفشل في العثور على أسلحة دمار شامل هناك برغم إشارة عدد كبير من تقارير الاستخبارات الى وجودها.

وكتب بوش "لم يصدم او يغضب أحد أكثر مني عندما لم نجد أسلحة. كان ينتابني شعور بالغثيان كلما أفكر بالامر. ولا أزال." ويتضمن الكتاب الكشف عن ان تشيني وهو شخصية مثيرة للجدل تطوع بالتنحي عن منصبه عام 2003 حتى يستطيع بوش اختيار شخص اخر كمرشح لنائب الرئيس في حملته للفوز بولاية ثانية عام 2004 . وكتب بوش انه فكر في الامر وقال انه بينما "ساعد تشيني بأجزاء مهمة في قاعدتنا الا انه أصبح هدفا مستمرا للانتقاد من جانب الإعلام واليسار."

وبينما لم يتفق بوش مع صورة تشيني التي رسمها له المنتقدون فان قبول استقالته كان سيساعد على "توضيح إنني كنت أتولى المسؤولية." وصرح بوش بأنه تشاور مع مساعديه بشأن طلب من السناتور بيل فريست الترشح معه بدلا من تشيني ولكنه في النهاية استقر على تشيني. وظل بوش (64 عاما) بعيدا عن الأنظار بشكل كبير واحتفظ بآرائه لنفسه منذ ترك واشنطن وعاد الى تكساس في مطلع 2009 . وتدنت شعبيته في نهاية ولايته الى نحو 30 بالمائة. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

ولم يصدر بوش اي أحكام على خليفته باراك أوباما الذي هاجم مرارا سياسات بوش الاقتصادية هذا العام. ولكن بوش يرفض الاتهامات - التي قال انها استمرت لسنوات من الديمقراطيين والجمهوريين - بأنه "اهدر" فائض الميزانية الذي تركه له سلفه الديمقراطي بيل كلينتون عندما تولى الرئاسة في 2001 .

وتتلخص نصيحة بوش لإعادة الاقتصاد الأمريكي الى وضعه القوي الذي يخلق فرص عمل في خفض الإنفاق الحكومي والتعامل مع ديون التأمين الاجتماعي والرعاية الطبية غير الممولة وخلق الظروف المناسبة للقطاع الخاص وخاصة المشاريع الصغيرة من أجل إتاحة فرص عمل جديدة. وبرغم ان كتابه هو بشكل واضح محاولة من جانبه لتحسين صورته الا انه يرى ان الأمر سيستغرق عقودا حتى يمكن إصدار حكم على فترة رئاسته. وكتب بوش في الكتاب "ايا كان الحكم على رئاستي فأنا مرتاح لحقيقة إنني لن أكون موجودا حينها لأسمعه."

مهاجمة منشأة سورية

من جانب آخر، يقول الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش انه فكر في إصدار الأمر للقوات الأمريكية بشن هجوم على موقع يشتبه في أنه موقع نووي في سوريا بناء على طلب إسرائيلي عام 2007 لكنه في النهاية اختار ألا يفعل. ودمرت إسرائيل المنشأة بنفسها في النهاية بينما نفت سوريا أنها كانت ترمي الى تطوير قدرة نووية عسكرية.

وفي مذكراته يقول بوش انه بعد وقت قصير من تلقيه تقريرا من المخابرات عن "منشأة مريبة مخفاة بشكل جيد في صحراء سوريا الشرقية" تحدث الى رئيس الوزراء الاسرائيلي حينها ايهود اولمرت. ويقول ان اولمرت قال لبوش "جورج إنني أطلب منك أن تقصف المجمع." ويقول بوش انه ناقش الخيارات مع فريقه للأمن القومي. أضاف أيضا انه قد جرى التفكير في عملية قصف "لكن قصف دولة ذات سيادة دون تحذير أو إعلان أو تبرير سيؤدي الى رد فعل حاد."

كما جرت مناقشة توجيه ضربة سرية لكن دخول فريق سري الى سوريا وتدمير الموقع والعودة دون ان يكتشفه احد اعتبر مخاطرة كبيرة. وتلقى الرئيس الامريكي السابق تقييما من المخابرات من مايك هايدن الذي كان في ذلك الوقت رئيسا لوكالة المخابرات المركزية الامريكية الذي قال ان المحللين كانت لديهم ثقة عالية في ان المنشأة كانت تضم مفاعلا نوويا لكنهم اقل ثقة في وجود برنامج أسلحة نووية سوري. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

ويقول بوش انه قال لاولمرت "لا يمكنني أن أبرر هجوما على دولة ذات سيادة ما لم تقف وكالات المخابرات عندي لتقول انه برنامج أسلحة." وأمر بوش قواته بغزو العراق عام 2003 بناء على معلومات مخابرات تفيد بامتلاك النظام العراقي لأسلحة دمار شامل وهو ما لم يعثر عليه في العراق حتى اليوم. وشعر أولمرت بخيبة الأمل بسبب قرار بوش باقتراح إستراتيجية تستخدم الدبلوماسية مع التهديد باستخدام القوة للتعامل مع سوريا بشأن المنشأة المشتبه بها. ويقول الكتاب ان اولمرت قال لبوش "سياستك مزعجة جدا لي."

وينفي بوش ما شاع في ذلك الوقت انه أعطى إسرائيل "الضوء الأخضر" لشن الهجوم على المنشأة. وكتب بوش يقول "رئيس الوزراء أولمرت لم يطلب ضوءا أخضر ولم أعطه ضوءا أخضر. لقد فعل ما حسب أنه ضروري لحماية إسرائيل." وأضاف بوش ان تنفيذ اولمرت للضربة ضد المنشأة السورية عوض الثقة التي فقدها من الإسرائيليين خلال حرب 2006 ضد حزب الله في لبنان.

بوش وتشيني وماضيهما

حيث ان هذا الكتاب سيركز على 14 قراراً تاريخياً وحاسماً اتخذها الرئيس الأمريكي السابق في حياته وأثناء وجوده في البيت الأبيض، وفقاً لما ذكرته تينا كونستابل، نائب رئيس دار "كراون ببلشرز" إحدى فروع شركة "راندوم هاوس."

يشار إلى بوش لم يظهر سوى في عدد محدود من المناسبات منذ خروجه من البيت الأبيض قبل 15 شهراً، وينتظر منه أن يجري مقابلة إعلامية رسمية، غير أنه بدلاً من ذلك، كان يقضي معظم يومه في مراجعة فترة رئاسته ويكتب مذكراته التي ستصدر قريباً، بحسب دار "كراون". ومن المنتظر أن يحتوي الكتاب على بعض تفاصيل حياة بوش في منزله بولاية تكساس عشية الانتخابات الحامية التي جرت أحداثها في العام 2000، وأثناء وجوده على متن الطائرة الرئاسية في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001.

وسيتناول بوش في مذكراته مشاكله مع الإدمان على الخمر وقراره الذي اتخذه في العام 1986 بالتوقف عن تعاطي الكحول نهائياً، وهو القرار الذي قال عنه في وقت سابق إنه جاء نتيجة لإعادة تقييم قام به بعد أن أصبح في الأربعين من عمره. بحسب وكالة انباء السي ان ان.

ولكن لم يعرف ما إذا كان سيتناول حادثة "حذاء الزيدي" المشهورة في الأيام الأخيرة لحكمه. ويتوقع أن ينهمك الرئيس الأمريكي السابق في حملة ترويج لمذكراته بعد صدوره، رغم أنه لم يتم الكشف عن أية تفاصيل حتى الآن. ويبدو أن نائب الرئيس الأمريكي السابق، ديك تشيني، يعكف هو الآخر على كتابة مذكراته، حيث وقع عقد بملايين الدولارات مع دار "سيمون آند شوستر" للنشر العام الماضي، سيتناول فيها أكثر من 40 عاماً قضاها في العمل الحكومي. وينتظر أن يطرح تشيني كتابه في ربيع عام 2011. أما كبير مساعدي بوش، كارل روف، فقد أصدر مذكراته بعنوان "شجاعة وتوابعها" وطرح في الأسواق خلال الفترة السابقة.

"مصاص دماء"

من جانبه وصف النائب الأمريكي، آلان غريسون، نائب الرئيس الأمريكي السابق، ديك تشيني، بمصاص الدماء رداً على انتقادات الأخير لإستراتيجية إدارة واشنطن في أفغانستان. وكان تشيني قد عاود هجومه على الرئيس باراك أوباما، متهماً إياه بـ"الخوف" من  تبني إستراتيجية واضحة تجاه أفغانستان، وخذلان القوات الأمريكية في ساحة المعارك وذلك بالإخفاق في تحديد مهام أو أهداف بعينها هناك.

ورد النائب الديمقراطي عن فلوريدا على هجوم تشيني بتوجيه نقد لاذع قائلاً: "أجد صعوبة في الاستماع إلى ما يقوله تشيني، أحياناً بسبب الدماء التي تقطر من أسنانه أثناء الحديث." وتابع غريسون، ويعرف بمعارضته القوية لخطة الجمهوريين للرعاية الصحية: "أرد على ذلك بالقول.. إنه غاضب لأن الرئيس لا يطلق النار على وجوه المسنين." وأكمل مستهزئاً: "وبالمناسبة عند إكماله حديثه (تشيني) هل تحول إلى خفاش وطار بعيداً."

وذاع صيت النائب الديمقراطي بعد أن وصف أثناء جلسة لمجلس النواب الشهر الماضي، خطة الجمهوريين للرعاية الصحية قائلاً إنها تعني "لا تسقط مريضاً، وإذا حدث فعليك التعجيل بالموت"، وتمسك بتصريحه الذي رفض الاعتذار عنه. هذا وقد جدد نائب الرئيس الأمريكي السابق هجومه على سياسة إدارة أوباما مهاجماً إستراتيجيته في أفغانستان قائلاً: "على البيت الأبيض أن يكف عن الارتعاد فيما القوات المسلحة الأمريكية في خطر.. مؤشرات تردد واشنطن تؤدي حلفائنا وتقوي أعدائنا." بحسب وكالة أنباء السي ان ان.

وفي رد البيت الأبيض على انتقادات تشيني، قال السكرتير الصحفي، روبرت غيبس: "ما يدعوه نائب الرئيس بـ"الارتعاد" يدعوه الرئيس أوباما بمسؤولياته الرزينة تجاه الجنود الأمريكيين والشعب الأمريكي." وواصل هجومه اللاذع: "أعتقد أن جميعنا قد شاهد نتيجة ما يحدث عندما لا يأخذ أحدهم تلك المسؤولية على محمل الجد." في إشارة إلى "مأزق" الحرب التي ورثتها إدارة أوباما عن الرئيس السابق، جورج بوش، وتدخل عامها التاسع دون ظهور بوادر في الأفق بتحقيق قوات التحالف النصر في حرب تقودها الولايات المتحدة ضد الإرهاب هناك.

تسميم الرئيس

ومن جانبها كشريكة حياته ومرافقته الدائمة وكونها تعتبر احدى الجوانب الرئيسية في حياته، لمحت سيدة أمريكا الأولى السابقة، لورا بوش، إلى إمكانية تعرضها وزوجها الرئيس السابق، جورج بوش، وعدد من أعضاء الوفد الأمريكي، التسمم خلال زيارة إلى ألمانيا للمشاركة في قمة مجموعة الثماني عام 2008. والحادثة واحدة من العديد من التفاصيل الجديدة التي كشفتها عنها بوش في مذكراتها بعنوان "حديث من القلب."

وتسرد في بوش في كتابها تفاصيل المرض الغامض الذي أصيبت به وزوجها والوفد الأمريكي، ودفعت حدته بالرئيس الأمريكي السابق لملازمة الفراش. وتحرى أطباء بوش إلى جانب عملاء الخدمات السرية احتمال تعرضهم إلى التسمم، إلا أنهما لم يصلوا إلى استنتاج نهائي في هذا الصدد.

وحينها، نقلت تقارير إخبارية عن البيت الأبيض كشفه عن تغيب بوش عن سلسلة من الجلسات الصباحية للقمة، نظراً لإصابته بفيروس، دون تقديم المزيد من التفاصيل في ذاك الوقت.

وجاء في الكتاب: "شعر أكثر من عشرة من أفراد الوفد بالمرض، حتى جورج، الذي بدأ يشعر بالمرض أثناء جلسة إحاطة مع موظفيه في الصباح الباكر.. أحد مساعدينا العسكريين عاني من صعوبة في المشي، وأحد موظفي البيت الأبيض فقد السمع تماماً في إحدى أذنيه." وتابعت "جزع  فريق الخدمات السرية وتأهب حيث قام بتمشيط المنتجع بحثاً عن سموم محتملة." واسترسلت في تفاصيل الحادثة، كما في الكتاب: "جورج كان من المرض لدرجة لم تمكن من الوقوف لتحية (الرئيس الفرنسي) ساركوزي، أثناء اجتماعهما." بحسب وكالة انباء السي ان ان.

وأضافت: "لم يتسن لنا قط معرفة إذا ما أصيبت وفوداً أخرى بالمرض، أم إذا ما كنا  الوحيدين الذين أصيبنا بهذا المرض الغامض." ويذكر أن صحيفة "نيويورك تايمز" كانت أول من نشر مقتطفات من الكتاب. وتستذكر بوش في كتابها  المكون من 432 صفحة تجربة نادرة بكونها سيدة أمريكا الأولى وانعكاس السنوات الثمانية التي قضتها في البيت الأبيض وهي تشهد تراجع شعبية زوجها.

ومن بين المقاطع الأكثر تأثيراً، تلك التي تتطرق فيها بوش إلى حادثة اصطدام سياراتها عام 1963 في تكساس، أسفرت عن مصرع قائدة السيارة الأخرى، اتضح لاحقاً أنها من  صديقاتها في المدرسة. ويذكر أن معارضي بوش استخدموا الحادثة ضد الرئيس الأمريكي السابق أثناء حملته الرئاسية الأولى، وهي حادثة تحيطها بوش بالكتمان الشديد ونادراً ما تتحدث عنها.

الترويج لكتابها

لكن هذا الكلام لم يتقبله الفندق حيث نفى نفيا قاطعا ان يكون الرئيس الأميركي السابق وزوجته تعرضا لمحاولة تسميم متهما السيدة الأميركية الأولى السابقة بالترويج لكتاب مذكراتها.

وقال كريستيان بلوغير الناطق باسم مجموعة فوندوس مالكة فندق "غراند هوتيل" في هايليغندام (شمال ألمانيا) الذي نزل فيها بوش وزوجته "ليس من عنصر يدعم (هذه الاتهامات)" الواردة في سيرة لورا بوش الذاتية موضحا "أظن انها محاولة لبيع نسخ أكثر من الكتاب". وفي الكتاب وهو بعنوان "سبوكين فروم ذي هارت" (من القلب) الذي يصدر في الولايات المتحدة عن دار نشر سايمون اند شوستر. بحسب وكالة أنباء فرانس برس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 9/تشرين الثاني/2010 - 2/ذو الحجة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م