أزمة القراءة في المجتمعات العربية

آل حمادة: لا ازال مصراً على مقولة «أمة اقرأ.. لا تقرأ»

 

شبكة النبأ: واصل الكاتب والقاص حسن آل حمادة إصراره على صحة مقولة «أمة إقرأ.. لا تقرأ»، رغم أن أدباء ومثقفين رفضوا إطلاق هذه المقولة على الأمة العربية. وقال آل حمادة، خلال أمسية قدم خلالها ورقة أقامها المقهى الثقافي بنادي المنطقة الشرقية الأدبي مساء الثلاثاء الماضي وأدارها القاص عبد الله النصر: «قلت بصوت مسموع في أكثر من مناسبة ثقافية أن «أمة اقرأ.. لا تقرأ»، ولا زلت مصراً على هذه المقولة، وإن كانت تحمل الكثير من القسوة، ولكم أن تحسبوها صرخة إنسان يقف على الجمر، ويُراد منه مع كل الآلام التي يتجرعها، أن يتظاهر بالسكينة والوقار، وأنَّى له ذلك؟ فالصرخة هي أضعف الإيمان».

وأثارت الورقة، المعنونة بـ«سؤال القراءة في زمن متغير»، نقاشاً كان حاداً في بعض الأحيان بين الحضور، الذي أثرت مداخلاته الأمسية، حتى امتدت أكثر من الوقت المحدد لها.

وكان آل حمادة استهل الأمسية بالحديث عن الأمية، التي أوضح أنه لا يقصد بها من لا يقرأ ولا يكتب، بل يقصد المثقف الذي لا يترجم ما يقرأه إلى سلوك حضاري في البيت أو الشارع أو العمل.

وأضاف: «عندما نود الحديث عن العلاقة المتبادلة بيننا وبين الكتاب الثقافي بشكله التقليدي، فأظن بأننا سنخلص إلى كونها علاقة سلبية، تتمثل في عزوف معظم الشرائح الاجتماعية عنه، وهي في الجيل الجديد من المتعلمين واضحة جليّة»، مشدداً على أن «من أراد أن يتأكد من صحة هذا الادعاء؛ فليسأل أقرب طالب إليه، من الطلبة الذين لا يزالون يدرسون في المرحلة الثانوية أو الجامعية، ليسمع الحقيقة المرة بنفسه».

وقال: «بلغة الأرقام تقول إحصائية قديمة منشورة في صحيفة يومية، أن معدل إنفاق بعض الشباب الجامعي في بلدٍ عربي على الكتب لا يتجاوز عشرة في المائة».

وتطرق آل حمادة إلى دور التقنية الحديثة وعلاقتها بالكتاب، وقال: «جاءت التقنية الحديثة، لتكون حاضنة للكتاب، لذا لا مخافة عليه من الانترنت، ونقول بوضوح إننا نظل بحاجة إليهما معاً، إذ لا يمكن أن يدعي إنسان بأنه قادر على الاستغناء عن أحدهما دون الآخر، فلكل وعاء فائدته، ولكل ورد رائحته»، مؤكداً: «على الفرق الواضح بين من يأخذ زاده الثقافي والمعرفي عبر الكتاب، عمن يقتصر على تصفّح الإنترنت لوحده». رغم توضيحه أن «الإنترنت هو الوسيلة الأسرع والأسهل للحصول على أي معلومة يحتاجها الباحث والمتابع، ومع ذلك، على ما أظن، فإنه لا يعد الوسيلة المثلى للبناء الثقافي الرصين والجاد، خاصة إذا استخدم في التصفّح السريع والعابر».

وبعد أن أبدى إصراره على صحة مقولة «أمة اقرأ.. لا تقرأ»، قال آل حمادة: «بداهة إن ممارسة إنسان مجتمعاتنا للقراءة الحرة، التي يفترض أن يقوم بها بمحض اختياره، تمثل نسبة ضئيلة للغاية، ولا يخفى إننا نقصد بالقراءة، أي مطالعة الكلمات المكتوبة بغرض فهمها. أو هي بمعنى آخر عملية فكرية عقلية يتفاعل القارئ معها، ويفهم ما يقرؤه وينقده ويستخدمه في حل ما يواجهه من مشكلات والانتفاع بها في المواقف الحيوية».

وأضاف: «هذا المعنى غير متحقق لدينا، كما أزعم. فتربيتنا، في البيت والمدرسة، أهلتنا لنوع وحيد من القراءة، وهو القراءة من أجل تحقيق النجاح في المراحل الدراسية المختلفة، من الابتدائية وحتى الجامعة، ثم علينا، مع استلام وثيقة التخرّج، أن نقرأ سورة الفاتحة على سنوات قضيناها في حفظ المقررات الدراسية، وآمل أن أكون مخطئًا».

وأوضح أن د. فهد العرابي الحارثي تحدث حول هذه الإشكالية في كتابه «المعرفة قوة.. والحرية أيضًاً»، الذي قال فيه: «وفي الجامعة أنت أيضًا أمام مدرس يتسيّد على طلابه، فهم لا يسهمون بشيء في المادة الدراسية، ... وهو في الوقت ذاته، لا يفرِّق بعد بين المدرسة المتوسطة والجامعة. فيفتح الكتاب الوحيد في المادة، ثم يقرأ منه، وأحيانًا يعلق، ... وغالبًا ما يكون الكتاب المقرر على الطلاب من تأليفه أو «تلفيقه»، وغالبًا ما يجبر الطلاب على شرائه».

وأشار آل حمادة إلى أن د. الحارثي يؤكد أن «النتيجة النهائية، كما يمكن أن نتصورها، هي تعطيل كامل لدور الجامعة الحقيقي في تنمية القدرات البحثية لدى الطالب، والإسهام في خلق فكر منظم مستقل لديه. وأبعد من هذا؛ فهي ستساعد على إضعاف الحماسة للتعلم. وأستطيع أن أراهن، بحكم تجربتي الشخصية في التدريس في الجامعة، أن هناك طلابًا تخرجوا، ونالوا الشهادة، وهم لا يعرفون الطريق إلى المكتبات الجامعية التي تشغل مساحات ليست بالهينة في أكثر جامعاتنا».

وبعد أن انتهى آل حمادة من تقديم ورقته، تم فتح المجال للمداخلات التي انصب معظمها حول القراءة وأسباب الإعراض عنها، والمسؤول عن تدني مستواها في الوطن العربي.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 6/تشرين الثاني/2010 - 29/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م