ما كان على المعتصم العباسي بعد ترشيحه رئيساً للوزراء إلا ان يقتل
الامام الجواد؛ التزاماً بما تعهد به جده المنصور عندما قتل الامام
الكاظم واكمالاً لما قام به ابيه هارون(الغبي وليس الرشيد) من اغتياله
للامام الصادق، ووفاء لجريمة اخيه المامون الذي دس السم للامام الرضا.
فقتل الامام الجواد (تاسع أئمة اهل البيت) وهو في سن الخامسة
والعشرين من عمره يعتبر تطبيقا صارما للبرنامج السياسي للاحتلال الاموي
الذي تنص بعض فقراته على ابقاء الشعوب العربية تحت حكم السلطان البدوي
الجائر والذي حددت مهمته بقتل عترة نبي الرحمة خوفا من تأليب الناس على
مصدر الظلم والجور والفساد، ومن ثم التأسيس المبرمج للخطة الألفية
لمبدأ النيل من أتباعهم بشتمهم في المنابر او تشويه عقائدهم عن طريق
الانترنيت والفضائيات، او الافتاء بالتخلص منهم نهائيا؛ لانهم السبب
الرئيس في الازمة الاقتصادية العالمية !!
والامويون نفذوا هذه البنود بالسيف والنار والحديد والسيارات
المفخخة وعلى مرأى من البيت الدموي انتصاراً (لهبل)، حيث رفعوا شعار (لا
خبر جاء ولا وحي نزل)، اما العباسيون فكانوا اكثر معرفة باللعبة
السياسية فانهم تبنوا ظاهرا شعار الحملة الايمانية كما رفع لواءها (اخو
هدلة) المنحل في نهايات القرن العشرين، فكانت اهم منجزاته المقابر
الجماعية في الجنوب ومجازر حلبجة في الشمال اضافة الى التوسع العمراني
الكبير في بناء السجون والمعتقلات والقصور الرئاسية.
والطغاة لا يحتاجون الى حجة تبرر لهم تنفيذ جرائمهم، فالحسين بزعمهم
خرج على إمام زمانه، والامام الكاظم كان يطيل السجود على التربة،
والامام الجواد أحرج فقهاء الامة وعلى رأسهم رئيس المحكمة الاتحادية
للقصر العباس يحيى بن اكثم عندما افتى الامام بقطع مفصل الاصابع في
الحد على السارق ما كشف جهلهم وثقافتهم المنحرفة.
والعباسيون – والحقيقة تقال- كانوا يقرّبون أئمة اهل البيت وخاصة
الامام الرضا والكاظم والجواد، ليس لاكرامهم والسماح للامة من
الاستفادة منهم في انصاف المظلومين وتخليص التاريخ من وساخة الطغاة
وحكمهم الظالم ؛ وانما ليكونوا قريبين من بيت السلطان فاذا ما ارادوا
قتلهم فلا يحتاجون شيئا سوى كمية صغيرة من السم لدسها في طعامهم.
وتاريخنا (للاسف الشديد) ملىء بقذارة الحكام واساليبهم المتوحشة ضد
اهل البيت بالذات ومواليهم لارغامهم على القبول بسلطانهم الجائر، فتأبى
نفوسهم الابية الا الشروع بالمعارضة المصلحة حتى وان كان الثمن هو
الموت، فقد قال الامام الحسين امام اساطيل الاحتلال الاموي وجيوشه
المدججة بالسلاح: (إن كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي ياسيوف خذيني)..
وقال لاصحابه قوموا الى الموت الذي ينتظركم، وقال الامام الكاظم
لاصحابة: ان الفرج يوم الجمعة على الجسر(وكانت جنازته المقدسة التي
يفوح منها عبق الإمامة والفضيلة والإباء)، وقال الامام الجواد لاصحابه:
ان الفرج بعد المأمون بثلاثين شهرا (وكان موته بالسم).
وعزاؤك وعزائي اننا لانرى الطغاة والفراعنة بعد موتهم بل حتى في
حياتهم، ولكنك ما أن تحلق روحك في فضاءات ضريح الاماميين الكاظمين حتى
تسمع *
هذهِ الجنّةُ لا جنةُ عادْ............... هذهِ جنةُ موسى والجوادْ
أُزلفتْ للمؤمنينَ المتقينْ
(فأدخلوها بسلام آمنينْ)
هيَ حصنٌ وملاذٌ للعبادْ....... هذهِ جنةُ موسى والجوادْ
*************
روضةٌ زينّها ربُّ رؤوفْ...... دانياتٌ للملا فيها القطوفْ
انبياءُ اللهِ تأتيها صفوفْ..... وبها الاملاكُ تسعى وتطوفْ
صُنتَ يا زائرُ قدرَكْ..... (ورفعنا لكَ ذكركْ)
زرتَ روضاً زُيّنتْ فيها البلادْ.......هذهِ جنةُ موسى والجوادْ
* مقطع من قصيدة النشيد الوطني في الاماميين
للشاعر جابر الكاظمي
hamedalhumraney@yahoo.com |