رأي عام.. ويكيليكس ووثائقة الباردة

إعداد: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: إختلفت ردود الافعال التي اعقبت نشر بعض وثائق ويكليكس المتعلقة بالعراق بين مطبل لها لاغراض سياسية، وبين مكذب لما ورد فيها، فيما دعت الحكومة الى تشكيل لجنة لدراسة الوثائق.

الصحف العراقية انقسمت في تناولها للموضوع حسب الانقسام السياسي الحاصل حولها، فصحف سارت مسيرة الجزيرة القطرية وقبلت بما ورد فيها دون تدقيق او تمحيص وأخرى رفضت ذلك، وثالثة ليست معنية بها.

الوثائق بطبيعة الحال لم تتح للجمهور للاطلاع عليها مترجمة سواءا عبر الصحافة المطبوعة او الالكترونية، والحديث يدور عما نشرته الصحف العالمية ومحطات التلفزة العربية وعلى رأسها الجزيرة.

تلك الوثائق يضاف اليها عدم تشكيل الحكومة بعد رقم قياسي في التاخير وقضايا الفساد المالي وغيرها الكثير من القضايا، تقدم مؤشرا خطيرا عن غياب رأي عام ضاغط في العراق، فماهو الرأي العام وكيف يتشكل؟

عرّفه (جيمس برايس) بانه: (الرأي العام هو اصطلاح يستخدم للتعبير عن مجموع الآراء التي يدين بها الناس إزاء المسائل التي تؤثر في مصالحهم العامة والخاصة).

- ويعرفه ليونارد توب: (الرأي العام يشير إلى اتجاهات وأفكار الناس حول موضوع ما حينما يكونون أعضاء في نفس الجماعة الاجتماعية).

- ويعرفه فلويد البورت: (إن الرأي العام تعبير صادر عن مجموعة كبيرة من الناس عما يرونه في مسألة ما، إما من تلقاء أنفسهم أو بناء على دعوة توجه إليهم تعبيرا مؤيدا أو معارضا لحالة معينة أو شخص معين أو اقتراح ذي أهمية جماهيرية، بحيث تكون نسبتهم في العدد من الكثرة والاستمرار كافية للتأثير على أفعالهم بطريقة مباشرة تجاه الموضوع محل الرأي).

أما جيمس يانج فيعرفه على الشكل التالي: (الرأي العام هو الحكم الاجتماعي الذي يعبر عن مجتمع واع بذاته وذلك بالنسبة لمسألة عامة لها أهميتها، على أن يتم الوصول إلى هذاالحكم الإجتماعي عن طريق مناقشة عامة أساسها العقل والمنطق، وأن يكون لهذاالحكم من الشدة والعمق ما يكفل تأثيره على السياسة العامة).

وقد تناولت المؤلفات العربية ظاهرة الرأي العام، من ذلك تعريف الدكتورإسماعيل علي مسعد (الرأي العام هو حصيلة أفكار ومعتقدات ومواقف الأفراد والجماعات، إزاء شأن من شؤون تمس النسق الاجتماعي كأفراد أو منظمات ونظم والتي يمكن أن يؤثر في تشكيلها من خلال عمليات الاتصال التي قد تؤثر نسبيا أو كليا في مجريات أمور الجماعة الإنسانية على النطاق المحلي أو الدولي).

ويعرفه مختار التهامي: بأنه (الرأي السائد بين أغلبية الشعب الواعي في فترة معينة بالنسبة لقضية أو أكثر يحتدم فيها الجدل والنقاش وتمس مصالح هذه الأغلبية أو قيمها الأساسية مساً مباشراَ).

أما مصادر تكوين الرأي العام في المجتمعات فأهمها:

1- السمات الوراثية

2- الانتماء الديني

3- البيئة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية

4- الميزات الذاتية للفرد والجماعة

5- التقاليد والتصورات والموروثات الثقافية

6- وسائل الإعلام "الأداة الإعلامية "من تلفاز وراديو وصحيفة ومجلة

وقد ميز الباحثون بين عدد من الانواع للرأي العام وصنفوها على الشكل التالي:

1- الرأي الشخصي: هو الرأي الذي يكونه الفرد لنفسه بعد تفكير في موضوع معين ويعبر عنه من وجهة نظره دون أن يخشى من الجهر به شيئاً.

2- الرأي الخاص: هو الرأي الذي يحتفظ به الفرد لنفسه، ولا يبوح به لغيره خشية تعريض نفسه لضرر، ويظهر أثره في الرأي العام في حالة التصويت السري في الانتخابات.

3- رأي الأغلبية: هو تجمع وتكرار الرأي الشخصي لأغلبية الجماعة الفعالة ذات التأثير بما يزيد عن 50%.

4- رأي الأقلية: يمثل ما يقل عن 50% من أعضاء الجماعة.

5- الرأي العام الكامن: هو الذي لم يظهر بعد صراحة وبوضوح وإيجابية.

6- الرأي العام الفعلي: وهو الذي يتحول إلى سلوك فعلي واقعي كإحداث تغير إجتماعي أو كما يحدث في إضراب أو ثورة.

7- الرأي العام المستتر: هو الذي لا يفصح عنه و لا يعبر عنه نتيجة خوف الجماعة من عواقب التعبير لتعارضه مع الأوضاع الدستورية أو القانونية أو مع المعايير الاجتماعية المتعارف عليها.

8- الرأي العام الصريح: هو الذي يعبر عنه صراحة في رأي الناس واتجاهاتهم، ويعبر عنه جهراً في حرية ودون خوف.

9- الرأي العام الثابت نسبياً: هو الذي ينبع من العادات والتقاليد ويكون ثابتاً نسبياً بمعنى أنه يستمر ولا يتغير إلا بعد وقت طويل.

10- الرأي العام الكلي: وهو الرأي العمومي الجامع الجامع المتوارث عن العوامل الحضارية.

11- الرأي العام الوقتي: هو الذي يظهر حيال مشكلة وقتية وهو غير مستمر.

12- الرأي العام الرائد: هو الذي يؤثر في الإعلام والإعلان ولا يتأثر بها.

13- الرأي العام القائد: هو الذي يمثله القادة والصفوة والمفكرون.

14- الرأي العام المنقاد: وهو رأي السواد الأعظم الذي ينساق للرأي العام المثقف.

15- الرأي العام في المناخ الديموقراطي: هو الذي يقوم في إطار من الحرية والمناقشة والقرارات الجماعية.

16- الرأي العام في المناخ الأوتوقراطي (التسلطي): هو الذي يقوم في إطار استبدادي ويوجهه عنصر دخيل على الجماعة، أو له مصلحة تتعارض مع مصلحة الجماعة.

17- الرأي العام المضلل: هو الذي يتكون بتأثير الدعاية والشائعات ودس معلومات غير صحيحة.

وهناك عدة عوال تحدد العلاقة بين تأثير الإعلام على الرأي العام، وهي:

1 - مصدر الرسالة الإعلامية أو الذي يتحكم فيها.

2 - محتوى الرسالة الإعلامية ومضمونها.

3 - وسيلة نقل هذه الرسالة الإعلامية ونشرها على الجمهور.

4 - الجمهور المستهدف بهذه الرسالة.

5 - الظروف المحيطة (المستوى الاجتماعي والثقافي، إلخ).

6 - الهدف المقصود من الرسالة الإعلامية.

7 - التأثير المتوقع والعوامل المختلفة الداخلة في عملية الاتصال.

وهناك عدة وسائل للتاثير في الراي العام سواءا بصورة ايجابية او سلبية، من ذلك:

وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، والصحف والمطبوعات والنشرات، ويلحق بذلك المسرح.

وسائل الاتصالات الخلوية والسلكية واللاسلكية، والرسائل القصيرة (SMS) وما شابهها، ويلحق بذلك رسائل البريد الإلكتروني (E-mail).

الإشاعة؛ سواء كانت الصماء أو المرحلية الموجّهة.

المناظرات والمساجلات المتلفزة أو الصحفية.

المسجد، ومن خلال الخطب والدروس والمحاضرات والعلاقات والصداقات بين المصلين، وكذلك من خلال التواصل والزيارات بينهم.

الوعود والأُعطيات، وتقديم العون والخدمات الموجهة، ويمكن أن يكون هذا بهدف المساعدة والعون بشكل مجرّد.

التضليل والتدليس، وإخفاء الحقائق أو تشويهها.

التخويف والترهيب، ومصادرة الإرادات، والتهديد.

الكذب المباشر وغير المباشر، وقد يُدعّم ذلك بإحصاءات وأرقام ورسومات بيانية وتحليلية.

الأحاديث والتصريحات للرموز الاجتماعية والشخصيات الاعتبارية: اجتماعياً، وسياسياً، وأكاديمياً، وتخصصياً.

مؤسسات المجتمع المدني؛ كالنقابات المهنية، والجمعيات، والروابط، والمنظمات غير الحكومية، وجماعات الضغط والتأثير.

التوظيف الموجّه للصدمات والإخفاقات والارتكاسات على الصعيد العام وعلى صعيد المجتمع والأمة، وكذلك للإنجازات المتميزة والإبداعات في الجانب المقابل لذلك.

التوظيف المبرمَج للمفاجآت والانعطافات الحادة على الصعيد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.

كشف عوامل الفساد والإفساد وتعريتها

بين الفترة من 21 و22 أكتوبر 2010 نظمت مجموعة البحث حول الإدارة والسياسات العامة التابعة لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض في مراكش؛ ندوة دولية في موضوع: (أي دور للإعلام و الصحافة في التأثير على أجندة السياسات العمومية؟)، وقد اصدرت عددا من التوصيات:

الاقرار بتأثير الإعلام في السياسات العمومية باعتباره سلطة رابعة مفترضة إلى جانب السلطات الثلاث التقليدية؛ يتطلب توافر شروط مهنية ذاتية مرتبطة بالكفاءة وأخلاقيات المهنة؛ وأخرى موضوعية مرتبطة بالإطار القانوني وهامش الحرية المتاح للإعلام.

 التأكيد على أن التأثير على أجندة السياسات العامة ليس من مهمة الإعلامي لوحده وإنما هي عملية تشاركية تتطلب تفاعلا إيجابيا بين مختلف الفاعلين المعنيين بهذا الأمر من مؤسسات الدولة ذاتها وصحافة وأحزاب سياسية ومجتمع مدني.

 الدعوة إلى تعزيز آليات تواصل منفتحة ومسؤولة بين الفاعلين السياسيين ووسائل الإعلام على مستوى السياسات العمومية.

المطالبة بتطوير الاجتهادات في المجالات المرتبطة بالإعلام السياسي بمنأى عن كل التيارات والأجهزة الرسمية وغير الرسمية داخل الدولة.

التأكيد على أن تفعيل قوانين حرية تلقي المعلومات يحتاج إلى تغيير في العقليات والثقافة السياسية.

التأكيد على دور الجامعة في تعزيز دور الإعلام في جانب البحوث العلمية المتخصصة وفتح وحدات للبحث والتكوين يدعم الإعلام المتخصص.

التنويه إلى ضرورة تمكين الإعلام من رؤية واضحة حول الإستراتيجات التي تتوخّى الحكومة تطبيقها في مجال السياسات العمومية.

التنويه بالدور الهام الذي يمكن أن يلعبه الإعلام الإلكتروني في تشكيل الرأي العام والتأثير في السياسات العمومية والمطالبة بوضع تشريعات تدعم مصداقيته وفاعليته.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 28/تشرين الأول/2010 - 20/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م